المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : للنقاش (الفرق بين العبادة والطاعة والقربة ).



أبو المنذر المنياوي
02-15-2007, 05:21 PM
فائدة (الفرق بين العبادة والطاعة والقربة):
فسر البعض العبادة بالطاعة([1]) :
قال أبو الوليد الباجي: (العبادة: هي الطاعة والتذلل لله بإتباع ما شرع.
قولنا :"هي الطاعة" يحتمل معنيين:
أحدها: امتثال الأمر.وهو مقتضاه في اللغة . إلا أنه في اللغة واقع على كل امتثال لأمر الآمر في طاعة أو معصية ، لكننا قد احترزنا من المعصية بقولنا "والتذلل لله تعالى" لأن طاعة الباري تعالى لا يصح أن تكون معصية .
والثاني: أن الطاعة إذا أطلقت في الشرع فإنها تقتضي القربة ، وطاعة الباري تعالى دون طاعة

غيره)([2]).
وفرق البعض بين العبادة والطاعة والقربة:
قال زكريا الأنصاري: (العبادة ما تعبد به بشرط النية ومعرفة المعبود ويقال تعظيم الله تعالى بأمره . القربة ما تقرب به بشرط معرفة المتقرب إليه .القربان ما تقرب به من ذبح أو غيره . الطاعة امتثال الأمر والنهي وهي توجد بدون العبادة والقربة في النظر المؤدي إلى معرفة الله تعالى إذ معرفته إنما تحصل بتمام النظر والقربة توجد بدون العبادة في القرب التي لا تحتاج إلى نية كالعتق والوقف)([3]).
ففرق بينهم بأن جعل العبادة يشترط لها النية ومعرفة المعبود ، وجعل الطاعة لا يشترط لها النية ولا المعرفة ومثّل لذلك - تبعاً لأبي إسحاق الشيرازي([4]) – بالنظر المؤدي إلى معرفة الله – عز وجل – وارتضى ذلك ابن عابدين وعللّه بقوله: (وإنما لم يكن النظر قربة لعدم المعرفة بالمتقرب إليه ; لأن المعرفة تحصل بعده ولا عبادة لعدم التوقف على النية)([5]) ، وجعل القربة يشترط لها المعرفة دون النية ، ومثّل لها بالعتق والوقف.
إلا أن ابن النجار الحنبلي خالف في ذلك فجعل القربة لا بد لها من القصد دون الطاعة فقال: ((وكل قربة ) وهي ما قصد به التقرب إلى الله تعالى على وفق أمره أو نهيه ( طاعة ، ولا عكس ) أي وليس كل طاعة قربة ، لاشتراط القصد في القربة دون الطاعة ، فتكون القربة أخص من الطاعة . والله أعلم)([6]).
--------------------------------------------------------
[1]- أنظر لسان العرب مادة: (ع ب د)

[2]- الحدود للباجي (ص/57-58).

[3]-الحدود الأنيقة (1/77). وأنظر حاشية العطار على شرح المحلى على جمع الجوامع (1/139).

[4]- أنظر المنثور للزركشي (3/367) فقد نقل ذلك عن الشيرازي في كتاب الحدود له.

[5]- حاشية ابن عابدين (1/106) . ولاحظ أن الإقرار والاعتراف بالخالق فطري ضروري في نفوس الناس و إن كان بعض الناس قد يحصل له ما يفسد فطرته حتى يحتاج إلى نظر تحصل له به المعرفة و هذا قول جمهور الناس و عليه حذاق النظار أن المعرفة تارة تحصل بالضرورة و تارة بالنظر كما اعترف بذلك غير واحد من أئمة المتكلمين ، وذهب قوم من المتكلمين إلى إيجاب النظر وجعله أول الواجبات ولبيان غلط هؤلاء ومذاهب الناس في النظر أنظر مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام (16/328) وما بعدها.

[6]- شرح الكوكب المنير(ص/120)

ناصر الشريعة
02-18-2007, 03:31 AM
جزاك الله خيرا .

لي إضافة استجابة لطلب النقاش ، وهي أن من الجيد أن يبين معنى العبادة والنية ، إذ العبادة إن عرفت بأنها اسم جامع لما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة فإنها تكون قد استوعبت الطاعة والقربة بخلاف ما لو قيدت بقيود أخرى .
والنية أيضا هل المراد بها نية إخلاص العمل لله تعالى ، أم نية تعيين العمل وتمييزه سواءا تمييز عبادة عن عبادة أو عبادة عن عادة ونحو ذلك ، فنية الإخلاص شرط في العبادة والطاعة والقربة ، ونية تعيين العمل تختلف بحسب العمل سواءا كان عبادة أو طاعة أو قربة ، فيختلف الأمر .

كما أن العمل قد يصح من حيث الإجزاء وإن لم يستحضر فاعله نية الطاعة والتقرب غفلة منه مثلا ، وذلك في بعض الأعمال التي تتعلق بحقوق العباد من أداء النفقات إن قيل بأن نية التعبد بهذا الفعل شرط في حصول الثواب .

ثم القربة قد تكون معنى عاما في جميع العبادات والطاعات كما في الحديث القدسي " وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه " فدل على أن من القرب ما يشمل الفرائض والنوافل دون قصرها على الذبح والمال . وعلى هذا المعنى تكون القربة مرادفة للعبادة والطاعة .
كما أن القربة قد تكون بمعنى خاص وهو التقرب بمال أو دم ونحو ذلك كما جاء في ابني آدم الذين قربا القربان فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر ، وهذا القربان مال أو دم ، وعلى هذا المعنى الخاص تكون القربة أخص من العبادة والطاعة .

فالاختلاف في الفرق بين (العبادة والطاعة والقربة) قد يكون بسبب الخلاف في تعريف كل منها ، والكلام عن اللغة أو الشرع أو عرف المتكلم .

أبو المنذر المنياوي
02-18-2007, 10:07 AM
جزاكم الله خيرا على مرورك واضافتك المفيدة .

قرآن الفجر
02-18-2007, 05:28 PM
جزاك الله خيراً أخي الفاضل
حسب التعريف: يمكننا القول أن القربة لا تنفصل عن العبادة أو الطاعة، حسب نوع القربة أليس كذلك؟
بمعنى قد تكون القربة عبادة وقد تكون القربة طاعة والعكس غير صحيح
كيف تكون القربة بالمعرفة دون النية؟ أليست النية أساس أي عمل؟ "إنما الأعمال بالنيات"

أشرف عبد الله
08-14-2008, 01:47 AM
جزاك الله خيراً أخي الفاضل
حسب التعريف: يمكننا القول أن القربة لا تنفصل عن العبادة أو الطاعة، حسب نوع القربة أليس كذلك؟
بمعنى قد تكون القربة عبادة وقد تكون القربة طاعة والعكس غير صحيح
كيف تكون القربة بالمعرفة دون النية؟ أليست النية أساس أي عمل؟ "إنما الأعمال بالنيات"

السلام عليكم أخي الحبيب
لا يوجد فرق بين تعريف زكريا الأنصاري ومن تبعه للقربة وتعريف ابن النجار الحنبلي من جهة قصد الله تعالى ، فكلاهما يشترط هذا ، وذلك ظاهر من قوله " ما تقرب به " وفي لفظة أخرى لهذا التعريف :"ما يثاب عليه " وهذا لا يكون إلا فيما قصد به وجه الله
أما قوله في القربة : "وإن لم يتوقف على النية " كما نقله ابن عابدين في حاشيته فالقصد بالنية هنا نية التعين ، ويعني ذلك أن من القربات التي يقصد بها وجه الله تعالى ما يحتاج لنية التعيين لأن صورها لا تكفي في حصول المراد ، ومنها ما لا يحتاج لنية التعيين لكونها لا لبس فيها
يقول القرافي : القربات التي لا لبس فيها لا تحتاج إلى نية : كالإيمان بالله تعالى وتعظيمه وإجلاله والخوف من نقمه والرجاء لنعمه والتوكل على كرمه ....(الذخيرة للقرافي : 1/243)
وأما القربات التي تحتاج لنية وهي العبادات من صلاة وصيام .... ؛ لأن صور فعلها ليست كافية في تحصيل المصلحة المقصودة منها .... (الذخيرة : 1/245 ، وانظر المنثور للزركشي : 3/285)
والله تعالى أعلم