المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأخبار المستقبلية في القرآن دليل على أنه وحي من الرحمان



فخر الدين المناظر
02-25-2007, 07:44 PM
لا طالما تغنى اللادينيون والملحدون بمقولة ان القرآن من تأليف بشر ،، ولا طالما غفل إخواننا من طلاب العلم في المنتديات التحدث عن الأخبار المستقبلية التي تحدث عنها القرآن في مناظراتهم مع أهل الغباء.. والذين-أهل الغباء- يعتبرون أنفسهم جهابذة عصورهم ونوابغ زمانهم ،، وأن فكرهم هو الفكر السليم المتنور الحداثي العقلاني،، الذي ما سواه ليس إلا دغمائية ، وثوقية و ظلامية ... والحقيقة أن العكس هو الحاصل.. وهؤلاء كالغراب الذي يقول للبلبل أنا أحسن منك صوتا وأعذبك لحنا ،،، نبدأ الحكاية من أولها ،، رجل يتيم الأبوين ،، لا يقرأ ولا يكتب ،، أتى بقرآن حير الفصحاء ،، وأعجز البلغاء ،، وأذهل العلماء ،، وحد العرب وأقام بمنهجه الإمبراطوريات والحضارات،، تضمن القرآن الذي أتى به أخبارا مستقبلية منها ما حدث في حياته ومنها ما حدث بعد مماته عليه الصلاة والسلام ...هذا ناهيك عن النبوءات الكثيرة الموجودة في السنة المطهرة .... تأمل معي –قارئي العزيز- بعضا من هذه الأخبار المستقبلية الموجودة في القرآن الكريم وحده ،، لكي تتيقن ، يقينا ما بعده يقين أن هذا القرآن هو وحي من رب العالمين ... وكل ما أطلبه منك ،، التجرد من الهوى ،، والبعد عن التعصب ،، وتأمل معي بعقلك وقلبك ما سوف تجده بين ثنايا هذه السطور ،، ولا تكن كالجاهل المتكبر عن الحق الذي لم يتعظ إلا حينما وجد نفسه في قبر بين القبور ،، ولا تكن كالشارد الهيمان الذي ينشد الراحة ولا يجد الظل ويقع في كل محظور ،، ولا تكن كالصوتِ الأصمِّ لا يُرجعه صدى ، ولا كالرّوح الحائر لا يُقرّه هُدى...

*اقرأ معي- يا قارئي- حينما توعد رب العزة الوليد بن المغيرة بتصليته سقر وأنه سيموت على الكفر :

{ ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً } * { وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَّمْدُوداً } * { وَبَنِينَ شُهُوداً } * { وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيداً } * { ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ } * { كَلاَّ إِنَّهُ كان لآيَاتِنَا عَنِيداً } * { سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً } * { إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ } * { فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ } * { ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ } * { ثُمَّ نَظَرَ } * { ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ } * { ثُمَّ أَدْبَرَ وَٱسْتَكْبَرَ } * { فَقَالَ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ } * { إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ قَوْلُ ٱلْبَشَرِ } * { سَأُصْلِيهِ سَقَرَ }....

فالمشركين عندما اجتمعوا في دار الندوة، ليتشاوروا فيما يقولونه فى شأن الرسول صلى الله عليه وسلم وفى شأن القرآن الكريم - قبل أن تقدم عليهم وفود العرب للحج. قال بعضهم: هو شاعر، وقال آخرون بل هو كاهن.. أو مجنون.. وأخذ الوليد يفكر ويرد عليهم، ثم قال بعد أن فكر وقدر: ما هذا الذي يقوله محمد صلى الله عليه وسلم إلا سحر يؤثر، أما ترونه يفرق بين الرجل وامرأته، وبين الأخ وأخيه.. وكان يسمى الوحيد في قومه و مات كافراً ، وتحقق ما جزم به القرآن الكريم .
فمن الذي أبلغ محمدا بن عبد الله عليه السلام أن الوليد بن المغيرة سوف يموت كافرا؟؟؟

*ثم اقرأ معي إخبار القرآن بأن أبو لهب وامرأته سيموتان على الكفر وسيعذبان:

{ تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ } * { مَآ أَغْنَىٰ عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ } * { سَيَصْلَىٰ نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ } * { وَٱمْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ ٱلْحَطَبِ } * { فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ }

ولو أن أبو لهب وقف أمام المسلمين بعد نزول هذه الآية ونطق بالشهادتان ولو نفاقا لهدم الإسلام ،، ولكن هيهات هيهات فهناك رب عليم يعلم أن هذا لن يخطر ببال أبي لهب ولا امرأته وأنهما سيموتان على الكفر .... ثم من أخبر محمدا أن أم جميل وزوجها أبو لهب والوليد بن المغيرة سوف يموتون على الكفر ؟؟ والتاريخ شاهد على أن هناك مشركون أسلموا كخالد بن الوليد وعمرو بن العاص وعمر بن الخطاب وأبا سفيان ؟؟ أليس هذا إعجازا بكل ما للكلمة من معنى ؟؟ فهل يكفيك هذا لتذعن للحق؟؟ أم أن غرورك مازال يشدك عنه ؟؟؟

*اقرأ معي وعد القرآن للنبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه باستخلافهم في الأرض :

لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وآوتهم الأنصار رمتهم العرب عن قوس واحدة فكانوا لايبيتون إلا في السلاح ولا يصبحون إلا فيه فقالوا : أترون أنا نعيش حتى نبيت آمنين مطمئنين لا نخاف إلا الله تعالى ؟ فنزلت هذه الآية { وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا }
وأسألك ألم تتحقق هذه الآية ؟؟ ألا تعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يمت حتى نصره الله وأعلى كلمته وفتح عليه مكة وسائر جزيرة العرب ثم تولى الأمر من بعده الخلفاء الراشدين المهديين ؟؟؟ أليست هذه الآية دليل عَلَى نُبُوَّة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عليه وسلم ; لأن اللَّه عز وجل أَنْجَزَ ذلك الوعد .؟؟؟

*اقرأ معي وعد القرآن للرسول بالتمكين والنصر :

{ قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ }

أي قل يا محمد لهؤلاء الكفار ستغلبون في الدنيا وتحشرون يوم القيامة إلى جهنم وبئس المهاد . ولقد صدق الله سبحانه وتعالى وعده فإنه صلى الله عليه وسلم لم يمت حتى نصره الله سبحانه وتعالى ومكنه من هؤلاء الكفار وطهر الجزيرة العربية من الأصنام والشرك .
ألا يكفيك هذا ؟؟ ألم تقتنع ؟؟؟

*اقرأ معي وعد القرآن بدخول الرسول والمسلمين إلى المسجد الحرام آمنين :

{ لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا }
فقد أخبرت الآية الكريمة المسلمين بأنهم سيدخلون المسجد الحرام ويقيمون الشعائر في منتهى الأمن والأمان في المستقبل القريب بالرغم مما يحمله المشركون من اعتراض على دخول المسلمين إلى المسجد الحرام وأدائهم لمناسك الحج والعمرة ،، فتحقق الوعد ،، وظهر الحق وزهق الباطل ...

*اقرأ معي إخبار القرآن للمؤمنين بأن الروم ستغلب الفرس في بضع سنين :

{ غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ ، بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ، وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ }

والآية بها إعجاز علمي إضافة إلى الأخبار المستقبلية ،، ولكننا في هذا المقال ننظر فقط إلى الأخبار المستقبلية ،، وفعلا حصل ما حصل ....
وأنا أسألك ماذا كان يمكن أن يحدث لو أنه كانت هناك مفاوضات وصلح و لم تحدث معركة بين الروم والفرس ؟؟ أو لو أنه حدثت معركة وهُزم فيها الروم مرة أخرى ؟؟؟ أكان أحد سوف يؤمن بهذا القرآن حينها ؟؟؟ إذن فهناك رب علام للغيوب أوحى القرآن على رسوله صلى الله عليه وسلم...

*الوعد بهزيمة المشركين في معركة بدر :

{أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ . سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ .}

وكما هو معلوم فإن هذه الآية نزلت في مكة عندما كان مشركو قريش في أوج قوتهم ،، فوقع كما وعد الله سبحانه وهُزم المشركون وولوا الأدبار... فكل هذه الأدلة تبرهن أن هذا القرآن لا يمكن ان يكون من صنع بشر وإنما هو كتاب من عند علام الغيوب

والكلام يا قارئي طويل وذو شجون ، وحسبك من القلادة ما يلف العنق ،، ومن البئر ما يروي الظمأ ، ولا أملك إلا ان أقول في النهاية تعسا والله لمن لا يعتبر ..

كمال عزالدين
02-26-2007, 12:42 AM
جزاك الله خيرا أستاذنا المناظر , و الإيمان منحة إلهية , من وجده فليحمد الله , و من وجد غيره فلا يلومن إلا نفسه .

muslimah
02-26-2007, 02:58 PM
جزاك الله خير الجزاء واسمح لي بهذه الإضافة:


معارك مستقبلية
‏(قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا ‏يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْراً حَسَناً وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً) (الفتح:16)‏
أي قل يا محمد لهؤلاء الذين تخلفوا عن الخروج معك إلى الحديبية: سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي ‏بَأْسٍ شَدِيدٍ وقد حدث ذلك فقاتل المسلمون بني حنيفة قوم مسيلمة الكذاب وانتصروا عليهم
وقاتلوا فارس وانتصروا عليهم في عدة معارك أشهرها معركة القادسية
وقاتلوا الروم وانتصروا عليهم في معركة اليرموك


اليهود والنصارى ‏
يقول الله عز وجل في كتابه الحكيم :-‏
‏(لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا إليهودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا ‏الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ) (المائدة:82)‏‎ ‎لقد قامت حروب بين المسلمين من جهة وبين النصارى واليهود من جهة أخرى ، ولكن يبقى ‏اليهود إجمالاً أعداء لدودين للإسلام منذ بعثة نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وإلى ‏يومنا هذا، فاليهود أشد الناس عداوة للذين آمنوا لأن كفرهم كفر عناد وجحود ومباهتة للحق ، ‏وغمط للناس وتنقص لحملة العلم ، ولهذا قتلوا كثيرا من الأنبياء وهموا بقتل رسول الله صلى ‏الله عليه وسلم أكثر من مرة وبوسائل عدة مثل السم والسحر وإلقاء صخرة عليه ومحاربته ، ‏وألبوا عليه أشباههم وأشياعهم من المشركين عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة.‏
الآية الكريمة دليل على صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، فهي فرصة ذهبية لليهود لأن ‏يُثبتوا عدم مصداقية القرآن الكريم، أي إنه ليس وحياً من عند الله وبالتالي إثبات بطلان نبوته ‏عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم . فما عليهم سوى أن يتظاهروا بمودتهم للمسلمين ويعاملونهم ‏معاملة حسنة ولو لفترة قصيرة ليثبتوا عدم صدق نبينا صلى الله عليه وسلم ، لكنهم لم يفعلوا ‏ذلك خلال أربعة عشر قرناً ، وما يزال التحدي قائماً !‏
وفي موضع آخر يقول سبحانه :- ‏
‎)‎وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ اليهودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُو الْهُدَى وَلَئِنِ ‏اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ) (البقرة:120)‏‎ ‎ومعناها : ليس اليهود يا محمد ولا النصارى براضين عنك أبدا فدع طلب ما يرضيهم ‏ويوافقهم وأقبل على طلب رضا الله في دعائهم إلى ما بعثك الله به من الحق وما يزال ‏الفريقان على موقفهما إلى يومنا هذا ويشهد هذا الموقع ومواقع أخرى على مدى الكراهية ‏التي يكنها النصارى لنبي الاسلام.‏
فكيف عرف سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بما سيكون منهم ؟
أم أن القرآن الكريم من عند عالم الغيب والشهادة ؟؟؟


حماية النبي صلى الله عليه وسلم من أعدائه
‏1- (إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئينَ) (الحجر:95) ‏
لما نزلت هذه الآية بشر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بأن الله كفاه شرهم وأذاهم وكان ‏المستهزئون كثيرون من كفار قريش ومنهم الأسود بن عبد يغوث والوليد ابن المغيرة ‏والعاص بن وائل والحارث بن قيس
روي أن جبريل أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يطوف بالبيت فقام وقام رسول الله ‏صلى الله عليه وسلم إلى جنبه فمر به الأسود بن عبد يغوث فأشار إلى بطنه فاستسقى بطنه فمات ‏منه ‏
ومر به الوليد بن المغيرة فأشار إلى أثر جرح بأسفل كعب رجله وكان أصابه قبل ذلك بسنين ‏وهو يجر إزاره وذلك أنه مر برجل من خزاعة يريش نبلا له فتعلق سهم من نبله بإزاره فخدش ‏رجله ذلك الخدش وليس بشيء فانتفض به فقتله
‏ومر به العاص بن وائل فأشار إلى أخمص قدمه فخرج على حمار له يريد الطائف فربض على ‏شبرقة فدخلت في أخمص قدمه فقتلته
‏ومر به الحارث بن قيس فأشار إلى رأسه فامتخط قيحا فقتله

‏2- (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ ‏مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) (المائدة:67)‏
يا أيها الرسول بلغ" جميع "ما أنزل إليك من ربك" ولا تكتم شيئا منه خوفا أن تنال بمكروه "‏
وإن لم تفعل" أي لم تبلغ جميع ما أنزل إليك "فما بلغت رسالته" بالإفراد والجمع لأن كتمان ‏بعضها ككتمان كلها "‏
والله يعصمك من الناس" أن يقتلوك وكان صلى الله عليه وسلم يُحرس حتى نزلت فقال : ‏‏"انصرفوا فقد عصمني الله" ‏
وقد وقع كما أخبر مع كثرة من قصد ضره فعصمه الله تعالى، حتى انتقل من الدار الدنيا إلى ‏منازل الحسنى في العقبى‎.‎‏ ‏
عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قَالَت " مَنْ حَدَّثَك أَنَّ مُحَمَّدًا كَتَمَ شَيْئًا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّه ‏عَلَيْهِ فَقَدْ كَذَبَ وَهُوَ يَقُول " يَا أَيّهَا الرَّسُول بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْك مِنْ رَبّك " ‏
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهَا أَيْضًا أَنَّهَا قَالَتْ : لَوْ كَانَ مُحَمَّد - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَاتِمًا شَيْئًا مِنْ ‏الْقُرْآن لَكَتَمَ هَذِهِ الْآيَة " وَتُخْفِي فِي نَفْسك مَا اللَّه مُبْدِيه وَتَخْشَى النَّاس وَاَللَّه أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ "‏
ذهب رجل عِنْد اِبْن عَبَّاس فَقَالَ لَهُ إِنَّ نَاسًا يَأْتُونَا فَيُخْبِرُونَا أَنَّ عِنْدكُمْ شَيْئًا لَمْ يُبْدِهِ رَسُول اللَّه - ‏صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلنَّاسِ فَقَالَ اِبْن عَبَّاس أَلَمْ تَعْلَم أَنَّ اللَّه تَعَالَى قَالَ " يَا أَيّهَا الرَّسُول بَلِّغْ مَا ‏أُنْزِلَ إِلَيْك مِنْ رَبّك " وَاَللَّه مَا وَرَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَوْدَاءَ فِي بَيْضَاءَ .‏
سئل عَلِيِّ بْن أَبِي طَالِب - رَضِيَ اللَّه عَنْهُ - هَلْ عِنْدكُمْ شَيْء مِنْ الْوَحْي مِمَّا لَيْسَ فِي الْقُرْآن فَقَالَ ‏لَا وَاَلَّذِي فَلَقَ الْحَبَّة وَبَرَأَ النَّسَمَة إِلَّا فَهْمًا يُعْطِيه اللَّه رَجُلًا فِي الْقُرْآن


هزيمة بني بكر
‏(قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ) (التوبة:14) ‏
قاتلوهم يعذبهم الله" يقتلهم "بأيديكم ويخزهم" يذلهم بالأسر والقهر "وينصركم عليهم ويشف ‏صدور قوم مؤمنين" بما فعل بهم وهم بنو خزاعة حلفاء النبي صلى الله عليه وسلم الذين اعتدى ‏عليهم بنو بكر حلفاء قريش وقد وقعت هذه الأحوال كما أخبر سبحانه‎.‎


هزيمة اليهود
‏(لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ) (آل عمران:111) ‏
نزلت الآية الكريمة بحق اليهود وهم الذين نكثوا العهود مع النبي صلى الله عليه وسلم ‏فانحازوا إلى قريش في قتاله وتآمروا على قتله أكثر من مرة .‏
لن يضروكم" أي اليهود يا معشر المسلمين بشيء ‏
‏"إلا أذى" باللسان من سب كالطعن في محمد صلى الله عليه وسلم ‏
أو بتخويف الضعفاء من المسلمين‏
وفي الآية الكريمة نبوءة وهي "وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار" منهزمين
‏"ثم لا ينصرون" عليكم بل لكم النصر عليهم وقد حصل كل ذلك .‏
وفي الآية الكريمة إخبار فيه عن ثلاث مغيبات‏‎:‎
‏1- أن المؤمنين يكونون آمنين من ضرر اليهود‎.‎
‎2- لو قاتلوا المؤمنين ينهزمون‎.‎
‏3- أنه لا يحصل لهم قوة وشوكة بعد الانهزام ‏
وكلها وقع بفضل الله فقد انتصر المسلمون على اليهود وأجلوهم عن الجزيرة العربية.‏


‏(وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) (القمر:17) ‏
ولقد يسرنا القرآن للذكر" أي سهلناه للحفظ وهيأناه للتذكر
‏"فهل من مدكر" متعظ به وحافظ له والاستفهام بمعنى الأمر أي احفظوه واتعظوا به وليس ‏يحفظ من كتب الله عن ظهر القلب غيره
حفظه لمتعلميه بالسهولة، كما قال الله تعالى {ولقد يسرنا القرآن للذكر} فحفظه ميسر على ‏الأولاد الصغار في أقرب مدة ويوجد في هذه الأمة في هذا الزمان أيضاً مع ضعف الإسلام ‏في أكثر الأقطار الملايين من حفاظ القرآن بحيث يمكن أن يكتب القرآن من حفظ كل منهم من ‏الأول إلى الآخر، بحيث لا يقع الغلط في الإعراب فضلاً عن الألفاظ فثبت من الأمور ‏المذكورة أن القرآن معجز وكلام الله، كيف لا وحسن الكلام يكون لأجل ثلاثة أشياء: أن تكون ‏ألفاظه فصيحة وأن يكون نظمه مرغوباً، وأن يكون مضمونه حسناً ‏


‏)إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر:9) ‏
‏ أي سنحفظ القرآن الكريم من التحريف والزيادة والنقصان ، وقد وقع كما أخبر فما قدر أحد ‏من الكفار أن يحرف شيئاً منه، وها هو ما يزال بين أيدينا تماماً كما أنزله الله على نبيه قبل ‏مئات السنين بينما ضاعت جميع الكتب السماوية الأخرى.‏
ولله الحمد والمنة عل هذا وعلى جميع نعمه.‏



فضح المنافقين
في القرآن الكريم كشف أسرار المنافقين الذين كانوا يتواطئون مع بعض ومع الكفار وفي السر ‏على أنواع كثيرة من المكر والكيد، وكان الله يطلع رسوله على تلك الأحوال أولاً بأول ويخبره ‏عنها بالتفصيل، فما كانوا يجدون في كل ذلك إلا الصدق، وكذا ما فيه من كشف حال اليهود ‏وضمائرهم وهذه بعض الأمثلة:-‏
‏1- )وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ ‏مُسْتَهْزِئُونَ) (البقرة:14) ‏‏" وإذا لقوا" أي المنافقين‏
‏ "الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا" منهم
ورجعوا "إلى شياطينهم" رؤسائهم ‏
‏"قالوا إنا معكم" في الدين ‏
‏"إنما نحن مستهزئون" بهم بإظهار الإيمان
‏2- )هَا أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا ‏عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) (آل ‏عمران:119)‏
ها " للتنبيه
‏"أنتم" يا "أولاء" المؤمنين ‏
‏"تحبونهم" لقرابتهم منكم وصداقتهم
‏"ولا يحبونكم" لمخالفتهم لكم في الدين
‏"وتؤمنون بالكتاب كله" أي بالكتب السماوية كلها ولا يؤمنون بكتابكم ‏
‏"وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل" أطراف الأصابع
‏"من الغيظ" شدة الغضب لما يرون من ائتلافكم ‏
ويعبر عن شدة الغضب بعض الأنامل مجازا وإن لم يكن ثم عض
‏ "قل موتوا بغيظكم" أي ابقوا عليه إلى الموت فلن تروا ما يسركم "إن الله عليم بذات الصدور" ‏بما في القلوب ومنه ما يضمره هؤلاء


تخويف المشركين
‏1- (سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَمَأْوَاهُمُ ‏النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ) (آل عمران:151) ‏
لقد وقع الرعب في قلوب المشركين بوجهين كما أخبرت الآية الكريمة:-‏
‏(الأول): أن المشركين لما انتصروا يوم أحد على المسلمين وهزموهم أوقع الله الرعب في ‏قلوبهم فتركوهم وفروا منهم من غير سبب‎.‎
‏(والثاني): أن المشركين أثناء عودتهم من المعركة إلى مكة ندموا فقالوا لبعضهم البعض بئس ‏ما صنعتم إنكم قتلتموهم حتى إذا لم يبق إلا الشريد تركتموهم ارجعوا فاستأصلوهم قبل أن ‏يجدوا قوة وشوكة، فقذف الله في قلوبهم الرعب ولم يعودوا لقتال المسلمين بل واصلوا الطريق ‏إلى مكة.‏

‏2- (وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيّاً ‏عَزِيزاً))وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً ‏تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً))وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَأُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ‏كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً) (الأحزاب 25-27) ‏
الآيات الكريمة تتحدث عن غزوة الأحزاب(الخندق) حيث ‏تحالفت بعض القبائل مع قريش وهاجموا المدينة المنورة ‏وحاصروها
وتواطأ معهم اليهود من داخل المدينة المنورة فقد ‏نقضوا العهد الذي أبرموه مع نبي الله وتآمروا مع ‏الأحزاب عليه وبذلك يتضح معنى الآيات كما يلي:-‏
‏"وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا" هم الأحزاب
‏" بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً" أي أملهم بالقضاء على المسلمين
‏" وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ" وذلك بإرسال الملائكة والريح الشديدة فقرروا الرحيل
‏"وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب" أي بني قريظة ‏من اليهود
‏"من صياصيهم" حصونهم جمع صيصة وهو ما يتحصن به
‏"وقذف في قلوبهم الرعب" الخوف ‏
‏"فريقا تقتلون" منهم وهم المقاتلة
‏"وتأسرون فريقا" منهم أي الذراري
‏"وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَأُوهَا" بعد هي خيبر حيث كان اليهود وقد ‏أُخذت بعد قريظة.‏

‏3- )هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا ‏وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ ‏يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ) (الحشر:2)‏
هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب" هم بنو النضير من اليهود الذين خططوا لقتل نبي ‏الله وذلك بإسقاط صخرة عليه من أعلى بناية كان نبي الله يجلس متكأً على أحد جدرانها ‏
‏"من ديارهم" مساكنهم بالمدينة ‏
‏"لأول الحشر" هو خروج بعضهم في زمن النبي صلى الله عليه وسلم إلى الشام وآخرون إلى ‏خيبر ‏
‏ "ما ظننتم" أيها المؤمنون "أن يخرجوا
‏ وظنوا أنهم مانعتهم" خبر أن "حصونهم" تحميهم "من الله" من عذابه ‏
‏ "فأتاهم الله" أمره وعذابه
‏ "من حيث لم يحتسبوا" لم يخطر ببالهم من جهة المؤمنين ‏
‏"وقذف" ألقى "في قلوبهم الرعب" الخوف بقتل سيدهم كعب بن الأشرف
‏"يخربون بيوتهم" لينقلوا ما استحسنوه منها من خشب وغيره فقد سمح لهم نبي الله بأخذ ما ‏يريدون من أمتعتهم.‏

muslimah
02-26-2007, 03:04 PM
يبقى الحديث عن اليهود وفلسطين إلى وقت آخر بإذن الله

فخر الدين المناظر
02-27-2007, 02:32 AM
حفظ الله أخواي كمال ومسلمة ... وبارك الله في عمركما وأطاله على طاعته وأعانكما عليها...
ولك أن تضيفي ما شئت فبكم والإخوة نثري المواضيع ...

دمتم بخير

muslimah
03-08-2007, 06:55 PM
‏1-‏سورة آل عمران‎ ‎‏:-‏‎

‏(ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ ‏مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ ‏الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ) : -

‏الذلة ملازمة لليهود أينما حلَّوا لا تفارقهم في أي زمان ومكان ،‎ ‎والذي ضربها عليهم هو الله ‏الحكيم، وكذلك المسكنة وهي الهوان والضعف والجبن‎ ‎والإذلال لا تفارقهم سواء كانوا ‏مضطهدين مستضعفين مطاردين أو كانوا في عز وسلطان‎ ‎على أرض فلسطين، ومعنى "ثقفوا" ‏أُمسك بهم وقبض عليهم، فتاريخ اليهود كله يقوم على‎ ‎المطاردة والملاحقة، إنهم قد ينجون من ‏الذلة فترة لكن ذلك موقوت محدد قصير.‏‎ ‎

‏(إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاس ):-‏
إن الذلة والمسكنة تُرفعان عن اليهود في حالة‎ ‎امتداد الحبلان الممتدان لهم من الله ومن الناس، ‏وحبل الله هذا ليس من باب حبه لهم‎ ‎أو رضاه عنهم ، فهم أعداؤه المغضوب عليهم ولكنها ‏حكمة الله التي تقدم لنا عبراً‏‎ ‎ودروساً، وسيقطع هذا الحبل وسيعود اليهود لما ينتظرهم من الذل ‏والمسكنة إن شاء الله‎ ‎تعالى.‏‎
أما حبل الناس فإن اليهود قد اعتمدوا وما يزالون معتمدين على حبال الناس‎ ‎في إقامة دولتهم ‏على أرضنا ، فهم لا يملكون القوة والقدرة الذاتية لتحقيق ذلك

ومن‎ ‎أبرز الحبال البشرية :-‏‎ ‎
‏1- الحبل الأوروبي:- فقد كان لأوروبا الفضل الكبير في‏‎ ‎تمكين اليهود على أرض فلسطين ‏منذ نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين حيث‎ ‎قضوا على الخلافة الإسلامية في ‏تركيا وقسَّم " سايكس " و " بيكو " البلاد إلى دول‎ ‎وأقطار مستعمرة، وتعهدت إنجلترا بإقامة ‏وطن يهودي على أرض فلسطين، فأصدر وزير‎ ‎خارجيتهم بلفور وعده المشئوم لليهود ، ‏وامتد الحبل الإنجليزي واشتد حتى أقام اليهود‎ ‎ما يسمى بدولة " إسرائيل" وما زال هذا الحبل ‏ممتداً إضافة إلى حبال الدول الأوروبية‎ ‎الأخرى.‏‎ ‎
‏2- الحبل الأمريكي:- عمل اليهود على تأمين حبال أخرى لهم بجانب‎ ‎الأوروبي خشية ضعفه ‏أو انقطاعه لمعرفتهم بعجزهم بدون هذه الحبال ، فأوجدوا الحبل‎ ‎الأمريكي الذي يمدهم بكل ‏شيء ، ويتعامل معهم وكأنهم ولاية أمريكية.‏‎ ‎
‏3- الحبل‎ ‎الشيوعي :- إن الشيوعية صناعة يهودية ، وأيدي اليهود في روسيا ودول أوروبا ‏الشرقية‎ ‎والاتحاد السوفيتي السابق واضحة، وقد تمثل هذا الحبل في اعترافهم بإسرائيل ، ‏وبقدوم‎ ‎مئات الآلاف من اليهود من تلك البلاد للاستيطان في فلسطين المحتلة.‏‎ ‎
‏4- الحبل‎ ‎العربي:- ويتمثل بحالة الإنهزامية التي تسود العالم العربي ، وبهرولة الكثيرين ‏نحو‎ ‎الاستسلام لليهود.‏‎
إن جميع هذه الحبال ستتقطع بإذن الله ،وسيعود المسلمون إلى‎ ‎دينهم ، وسينتصرون على ‏اليهود. ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله….وإنهم يرونه بعيداً‎ ‎ونراه قريباً…..
والله تعالى ‏أعلم.‏‎ ‎

muslimah
03-08-2007, 06:57 PM
‏2- سورة الأعراف‎ :-

من السور القرآنية الكريمة الأخرى التي تقرر أن وجود‎ ‎اليهود على أرض فلسطين موقوت ‏وأن كيانهم عليها زائل سورة الأعراف حيث يقول سبحانه وتعالى (إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ ‏سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَبذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ) (لأعراف:152) ‏جاءت هذه الآية بعد ذكر قصة عبادة بني‏‎ ‎إسرائيل للعجل بعد ذهاب موسى عليه السلام ‏لمناجاة ربه على جبل الطور، ولم يستمعوا‎ ‎لهارون عليه السلام وهو ينهاهم عن هذا الكفر ‏الفاجر.‏
وتقرر هذه الآية الكريمة أن‎ ‎اليهود الذين عبدوا العجل من دون الله، ستنالهم الذلة في الحياة ‏الدنيا وهذا بسبب‎ ‎افترائهم وكذبهم على الله سبحانه. إن هذه الذلة تشمل اليهود عموماً لأنهم ‏مستمرون‎ ‎في عبادة " العجل الذهب " ونهمهم في ذلك معروف، وليس شرطاً أن يقدموا له ‏شعائرهم‎ ‎التعبدية، كما فعل أسلافهم السابقون ،فهده صورة ساذجة للعبادة.‏
ورد غضب الله على‎ ‎اليهود في سور وآيات أخرى من القرآن الكريم مثل (وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ ‏اللَّهِ)(آل عمران: من الآية 112) ‏
و( وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ)(البقرة: من الآية61)‏
وهم (الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ)(الفاتحة: من الآية7)‏
إن قوله تعالى (سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ)(لأعراف: من الآية152)‏
يقرر أن‎ ‎اليهود خاسرون ، ويسيرون إلى نهايتهم البائسة التي تنتظرهم، وهي تصيب كل من ‏غضب‎ ‎الله عليه، فلن ينجح من غضب الله عليه، ولن يُوفق، ولن يسعد، فكيانهم ووجودهم إلى‎ ‎زوال.‏‎
قال الله تعالى عنهم (فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ)(البقرة: من الآية90)‏
‎ ‎إن الغضب السمة الرئيسة لتاريخ اليهود، والآية تقرر الحالة الدائمة التي يعيش في‎ ‎ظلالها ‏اليهود، ورحلة الغضب التي يقطعها اليهود، والحصيلة والثمرة والنتيجة التي‎ ‎يخرج بها اليهود ‏من حياتهم وتاريخهم ورحلتهم فكلمة " باءوا " تعني عادوا ورجعوا أي‎ ‎قطعوا مراحل حياتهم ‏وأشواط حياتهم ، ورجعوا يحملون كسبهم وهو الغضب، وأضافوه إلى‏‎ ‎رصيدهم السابق ‏وإرثهم التاريخي، وهو الغضب، وبذلك " باءوا بغضب على غضب ".‏‎
عصى‎ ‎اليهود السابقون أنبياءهم أثناء إقامتهم قديماً في فلسطين، فنالوا بذلك غضب الله ،‎ ‎وشتتهم ومزقهم في الأرض بين الأمم والدول وهو غاضب عليهم، وتنادى اليهود إلى فلسطين‎ ‎وعادوا إليها وهم يحملون معهم غضب الله.‏‎

اليهود ماهرون في إذلال الشعوب، أذكياء‎ ‎في التحكم فيها، وفي امتصاص خيراتها ونهب ‏أموالها، وناجحون في ذلك نجاحاً منقطع‎ ‎النظير، لكن نهايتهم وحتفهم في ذلك، فهم بذلك ‏النجاح -الذي قد يخدعهم ويغرهم-‏‎ ‎يزرعون الغضب عند تلك الشعوب ، وتنمو أشجار ذلك ‏الغضب، وسوف تثمر وتثمر ، وتقدم‎ ‎ثمراً مدمراً يقضي على اليهود.‏‎
إن الشعوب قد تسكن، ولكنه السكون الذي يسبق‎ ‎العاصفة، وإن الشعوب قد تهدأ ، لكنه الهدوء ‏المريب الذي يخفي تحته البراكين، وإنها‎ ‎قد تسكت، لكنه السكوت الذي تعقبه العواصف.‏‎
إن الشعوب تمتلك "ذاكرة" واعية حافظة،‎ ‎وإنها تختزل فيها إساءات اليهود لها، و " ترصد " ‏فيها امتصاص ونهب اليهود لخيراتها،‎ ‎وتجعل هذا الاختزال والرصيد " وقوداً " لبراكين ‏الغضب الهادرة ، تحت قشرتها السطحية‎ ‎الهادئة.‏‎
وعندما يجيء أمر الله ، ويأذن بتفجر هذه البراكين، وبهبوب العاصفة،‎ ‎وإرسال الصواعق ، ‏ستدمر اليهود ولن يتمكنوا من الفرار من أمر الله ، ومن النجاة من‎ ‎تلك " الحمم " البركانية ‏التي ستقذفها الشعوب الإسلامية المزمجرة، وويل لليهود‎ ‎يومئذ، وسيعرف من يسعد بحضور ‏ذلك معنى قوله تعالى " فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ "‏
سنة‎ ‎الله في تعذيب اليهود:-‏‎
قال الله تعالى (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ ‏لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ))وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَماً مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ ‏وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (لأعراف:167-168) ‏تخبرنا الآيتان الكريمتان عن سنة إلهية في تعذيب‎ ‎اليهود، وهذه السنة الإلهية في تعذيب اليهود ‏واقعة لا محالة ، ولن يفلتوا منها، ولن‏‎ ‎ينجيهم ذكاؤهم منها، وهذه السنة مستمرة " إلى يوم ‏القيامة " أي أن هذه السنة ستحل‎ ‎بكيان اليهود المعاصر على أرض فلسطين .‏‎
لقد شاء الله الحكيم أن يعذب اليهود ،‎ ‎عذاباً دائماً مستمراً ، وأعلمنا أنه سيبعث عليهم رجالاً ‏يعذبونهم سوء العذاب، كما‎ ‎أعلمنا أن هذا البعث الإلهي عليهم مستمر إلى يوم القيامة.‏‎
كما تخبرنا الآية أن‎ ‎الله الحكيم شاء وقدر أن يُقَطِّع اليهود وأن يقسمهم ، وأن يحولهم من أمة ‏واحدة إلى‎ ‎أمم شتى ، وأن يفرق هذه الأمم في الأرض، وأن يشتتها في البلدان، وهذه السنة‎ ‎الربانية العادلة عقوبة من الله عليهم جزاء ما ارتكبوه ويرتكبونه من الآثام‎ ‎والمعاصي ، ‏والإجرام والإفساد مما لا يخفى على أحد.‏‎
‏“وإذ تأذن ربك " :-‏‎
معنى "‏‎ ‎تأذَّن " أعلم وأخبر ، وهذا الفعل فيه معنى " القسم " هنا، لهذا دخلت " اللام " على‎ ‎فعل ‏ليبعثن، باعتباره جواباً للقسم المفهوم من فعل تأذن.‏‎
فقوله " وإذ تأذن ربك "‏‎ ‎أي أعلمكم وأخبركم ربكم أيها المسلمون، بهذه السنة الإلهية النافذة ، ‏الواقعة‎ ‎باليهود لا محالة، وجاء إعلام الله وإخباره لكم بما يشبه الحلف والقسم واليمين، أنه‎ ‎سيبعث على اليهود من يسومهم سوء العذاب إلى يوم القيامة.والتلويح بالقسم هنا موجه‎ ‎بالدرجة الأولى لمسلمي هذا الزمان الذين يعيشون فترة انتعاش مؤقت لليهود على أرض‎ ‎فلسطين، وسلطان كبير -مؤقت- لليهود في العالم كله ، فيظنون أن سنة الله في " تعذيب‎ " ‎اليهود قد توقفت ويشكون في مصداق هذه الآية ، فحملت هذه الجملة " وإذ تأذن ربك‎ ‎ليبعثن ‏عليهم " معنى القسم، ولوحت بالقسم حتى لا تتأثر قناعة المسلم الرباني‎ ‎المعاصر بتحقيق هذه ‏السنة الإلهية النافذة!‏‎
والذي يلفت النظر أن الفعل الماضي "‏‎ ‎تأذن " لم يُذكر في القرآن الكريم إلا مرتين ، والمرتان ‏وردتا في سياق واحد ، وهو‎ ‎الكلام عن اليهود ، وتحملان تهديداً وإنذاراً لليهود ، وتقدمان سنة ‏ربانية متحققة‎ ‎باليهود.‏‎
ففي سورة الأعراف أخبرنا الله سبحانه وتعالى أنه سيعذب اليهود (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ ‏إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) ‏‏(لأعراف:167) ‏وفي سورة إبراهيم أمر الله موسى عليه السلام‎ ‎أن يخاطب بني إسرائيل بهذه السنة الربانية ، ‏وأن يقدم لهم الإنذار الرباني الشديد (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي ‏لَشَدِيدٌ) (ابراهيم:7) ‏
وطبعاً كفر اليهود ولم يشكروا ، فأوقع الله بهم عذابه الشديد إلى يوم‎ ‎القيامة".‏‎
‏“ليبعثن عليهم " :-‏‎
العذاب الواقع باليهود مبعوث عليهم بعثاً من الله‎ ، ‎وإسناده إلى الله يقدم لنا " ظلاً " خاصاً ، ‏نلحظ فيه أن الذين يعذبون اليهود ،‎ ‎هم عباد ربانيون مكرمون عند الله ، اختارهم الله اختياراً ، ‏واصطفاهم اصطفاءً ،‎ ‎وبعثهم بعثاً ، ليوقعوا العذاب باليهود ، ويريحوا العالم من شر اليهود .‏‎
لقد فرق‎ ‎القرآن بين ما تعلق به الفعل " بعث " ومشتقاته ، وذلك حسب السياق الذي ورد‎ ‎فيه.‏‎
أحياناً يقول ) وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً)(المائدة: من الآية12)‏
وأحياناً يقول ) إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً )(البقرة: من الآية247)‏
وأحياناً يقول ) إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ )(آل عمران: من الآية164)‏
وهنا يقول ) لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ )‏
وفرق بين التعابير‎ ‎القرآنية الأربعة : بعث منهم ، وبعث عليهم، وبعث لهم ، وبعث فيهم .وهي ‏لطائف قرآنية‎ ‎ليس هنا مجال شرحها ، إن الفاعل الذي يبعث هو الله سبحانه وتعالى .‏‎
تعلُّق‎ ‎الفعل " بعث " بشبه الجملة " عليكم " خاص بالعذاب ، أي أن العذاب يُبعث بعثاً بأمر‎ ‎الله ‏على القوم المُعَذبين . والذين يحملون هذا العذاب ليصبوه على اليهود ، هم قوم‎ ‎مكرمون عند ‏الله، ناسب أن يخبر الله عنهم بالفعل الجميل " بعث " الذي يدل على هذا‎ ‎التكريم .‏‎
تعذيب اليهود على يد غير المسلمين :-‏‎
نعلم أن الله قد عذب اليهود في‎ ‎مراحل مديدة من تاريخهم ، وأنه قد أوقع العذاب عليهم بأيدي ‏أقوام كثيرين ، منهم‎ ‎المسلمون ومنهم غير المسلمين.‏‎
ونلحظ أن فعل " بعث ويبعث "خاص ببعث الله للمسلمين‎ ‎ليعذبوا اليهود ، وأن هذا الفعل لا ‏ينطبق على الأقوام غير المسلمين ، الذين‎ ‎يعذبونهم - والله تعالى أعلم بمراده- .‏‎
فمعلوم أن فرعون وقومه قد عذبوا اليهود ،‎ ‎ولم يسم القرآن تعذيب فرعون وجنوده لهم " بعثاً ‏ربانياً " لأن فرعون وقومه كانوا‎ ‎مجرمين ظالمين جناة وبنو إسرائيل -يومها- كانوا ‏مضطهدين مظلومين ! وعذب أقوام آخرون‎ ‎اليهود قبل الإسلام ، مثل البابليين والرومان ‏والنصارى وليس عذابهم بعثاً ربانياً !‏‎ ‎وقد عذب الله اليهود في هذا العصر على أيدي هتلر ‏والنازيين ، وليس هذا بعثاً‎ ‎ربانياً ! لأن هؤلاء الكافرين الذين عذبوا اليهود لا يستحقون أن ‏ينسبوا إلى الله‎ ‎نسبة تكريم وتشريف وبعث ، مع أنهم سبب ظاهري مادي اختاره الله ليوقع ‏نقمته وعذابه‎ ‎باليهود.‏‎
المسلمون بعث رباني على اليهود :-‏‎
لما أخبر القرآن عن تعذيب المسلمين‎ ‎لليهود اختار لهم "فعلاً" تكريمياً وعبارة تشريفية خاصة ‏بهم ، وذلك في موضعين :-‏
‎ ‎الأول قوله تعالى (لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَاب)‏
وهذا‎ ‎بعث مستقبلي لم يتحقق قبل نزول سورة الأعراف المكية ، وإنما تحقق بعد نزولها ، وتم‎ ‎على أيدي المؤمنين أتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد عرفنا هذا المعنى‎ ‎المستقبلي ‏من الفعل المضارع " ليبعثن "‏
والثاني قوله تعالى (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ ‏الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَفْعُولاً) (الاسراء:5) ‏وهذا بعث مستقبلي أيضاً لم يتحقق قبل نزول سورة‎ ‎الإسراء المكية ، ولكنه تحقق فيما بعد في ‏المدينة المنورة على يد رسول الله صلى‎ ‎الله عليه وسلم ، وصحابته الكرام. وقد عرفنا هذا ‏المعنى المستقبلي من ظرف " إذا "‏‎ ‎الذي هو ظرف لما يستقبل من الزمان .‏‎
إذن العبارتان (بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَنَا)‏
‎ ‎و (لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَاب)‏
خاصتان بالبعث الإسلامي ، الذي يبعثه‎ ‎الله على أيدي العباد المؤمنين الربانيين الذين يعذبون ‏اليهود .‏‎ ‎هذا البعث مستمر‎ ‎إلى يوم القيامة‎ ‎والمسلمون الربانيون هم المرشحون الوحيدون ‏للقضاء على اليهود ،‎ ‎وتعذيبهم وإراحة شعوب العالم منهم ، وهم الذين يبعثهم الله على اليهود ‏، ويسلطهم‎ ‎عليهم ويمكنهم منهم وينصرهم عليهم .‏‎
وأعتقد - من خلال نفحات وأنوار هذه الآية -‏‎ ‎أن تمكين الله لليهود على أرض فلسطين في ‏هذا الزمان ، إنما هو تمهيد وتهيئة للبعث‎ ‎الإسلامي القادم ، الذي يحمل جنوده الربانيون ‏العذاب الإلهي ، ويصبونه على اليهود ،‎ ‎وأرى كل الأحداث والأمور يسيرها الله لتحقيق هذه ‏الغاية الربانية الحكيمة والله‎ ‎تعالى أعلم.‏‎
المسلمون الربانيون هم الذين سيعذبون اليهود ، ولهذا فإن الله يجمع‎ ‎لهم اليهود من بقاع ‏الأرض إلى فلسطين ، ليسهل عليهم تعذيبهم والقضاء على دولتهم.‏‎ ‎وهم الوحيدون الذين ‏اختارهم الحكيم ليستمروا في " سوم " اليهود سوء العذاب إلى يوم‎ ‎القيامة ، " ليبعثن عليهم إلى ‏يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب " .‏‎
إن الحرب في‎ ‎الحقيقة هي بين اليهود - أخبث شعب - وبين المسلمين - خير أمة أُخرجت ‏للناس - لأن‏‎ ‎المسلمين هم أعداء اليهود الذين يعرفونهم على حقيقتهم ، ويكشفون زيفهم ، وهم‎ ‎الوحيدون الذين يملكون القوة للقضاء على اليهود لأن الله معهم ! وهذا ما قرره‎ ‎الصحابة ‏والتابعين - رضوان الله عليهم - أثناء تفسيرهم للآية التي نتكلم عنها‏‎ .
قال ابن عباس رضي الله عنهما : الذين يسومون اليهود سوء العذاب هم محمد صلى‎ ‎الله عليه ‏وسلم وأمته إلى يوم القيامة.‏‎
وقال قتادة : بعث الله على اليهود هذا‎ ‎الحي من العرب ( وهم المسلمون ) فهم في عذاب منهم ‏إلى يوم القيامة ( انظر تفسير‎ ‎الطبري لهذه الآية 13 : 104-207 ). وقد عقب ابن كثير ‏على هذه الأقوال قائلاً : قلت‎ : ‎ثم آخر أمر اليهود أنهم يخرجون أنصاراً للدجال ، فيقتلهم ‏المسلمون مع عيسى ابن‎ ‎مريم ، وذلك آخر الزمان.‏‎

والله تعالى أعلم...

muslimah
03-08-2007, 06:58 PM
‎ 3- سورة الإسراء‎ :-

صراع بين رسالتين‎:-‎
‎ ‎قال تعالى (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا ‏حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ))وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائيلَ ‏أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلاً))ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً) (الاسراء:1-3) ‏لسورة‎ ‎الإسراء اسم توقيفي آخر هو سورة بني إسرائيل ، وقد بدأت بالحديث عن إسراء ‏الرسول‎ ‎صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام في مكة المكرمة إلى المسجد الأقصى في ‏بيت‎ ‎المقدس ، ثم أشارت إلى البركة التي جعلها الله في المسجد الأقصى وما حوله، ثم‎ ‎انتقلت ‏مباشرة انتقالاً تاريخياً من الرسالة الإسلامية إلى رسالة موسى نبي بني‎ ‎إسرائيل عليه السلام، ‏وإلى التوراة وما كلف الله بني إسرائيل فيها. وأخبرتنا عن‎ ‎إفسادين كبيرين مقترنين بالعلو ‏الكبير يقعان على أيدي اليهود، وأطلعتنا على وضع‎ ‎اليهود في كل منهما ، وحددت ملامح ‏الرجال العباد الربانيين ، الذين يزيلون‎ ‎الإفسادين اليهوديين ، وكان تركيزها على الإفساد ‏الثاني اليهودي أكبر.‏‎
إن الله‎ ‎يريد تعريفنا على طبيعة صراعنا مع اليهود وهو صراع بين رسالتين : رسالة الحق ‏التي‎ ‎يمثلها المسلمون ورسالة الباطل التي يمثلها اليهود وسيبدأ على أرض المدينة وينتهي‎ ‎على ‏الأرض المباركة.‏‎ ‎
مظاهر البركة حول الأقصى‎ ‎‏:-‏
قد يخطيء بعض الناس في فهم‎ ‎البركة فيما حول المسجد الأقصى ، فيقصرها على البركة ‏الزراعية فهي الأرض التي تدر‎ ‎لبناً وعسلاً . صحيح أن هذه البركة موجودة لكنها بركة من ‏بركات كثيرة ، ومظهر من‎ ‎مظاهر البركة العديدة، فهي مباركة بركة إيمانية ، فللإيمان فيها ‏وجود راسخ ثابت‎ ‎أصيل ، قبل إبراهيم عليه السلام وبعده ، وهي بلاد نبوات ورسالات ، ‏وهي مباركة بركة‎ ‎إيمانية قديمة ومعاصرة ومستقبلية ، فتاريخها الأصيل هو تاريخ للإسلام ‏والإيمان‎ ‎والعبودية لله ، وهي مباركة بركة جهادية حضارية حركية ، فعليها كان يسجل ‏التاريخ‎ ‎الإيماني منعطفاته الخطيرة وأحداثه العظيمة ، وعليها كان يسجل التاريخ الجاهلي‎ ‎هزائمه ونكساته وزواله .‏‎
التاريخ عليها حي فاعل متحرك لا يتوقف ، وتُقدم أعوامه‎ ‎وشهوره وأيامه مفاجآت عجيبة ‏وأحداثاً خطيرة ومعارك فاصلة ، وزوال دول وأنظمة وولادة‎ ‎أخرى .‏‎
عليها قُصم الرومان والفرس والصليبيون والتتار ، وعليها سيقصم الله‎ ‎اليهود ويدمر كيانهم ، ‏وعليها سيقتل الله المسيح الدجال وعليها سيبيد الله جحافل‎ ‎يأجوج ومأجوج .‏‎
وهي مباركة بركة سياسية ، فهي أرض الإبتلاء والإمتحان ، وهي أرض‏‎ ‎الكشف والفضح ، ‏هي التي تكشف الخونة ، وتفضح العملاء والرايات والشعارات والدعوات.‏‎
سر الربط بين المسجدين‎ ‎‏:-‏‎
ربطت سورة الإسراء ربطاً دقيقاً بين المسجد الحرام‎ ‎والمسجد الأقصى ، وهناك سر بديع ‏لطيف للربط بين المسجدين ، فمن بعض حِكم هذا الربط‎ :- ‎
‏1- المسجد الأقصى وما حوله شهد وجود رسالات سابقة ، منها اليهودية‎ ‎والنصرانية ، كان ‏أصحابها هم الخلفاء على الناس ، والأمناء على الدين والإيمان ،‎ ‎والوارثين للأرض المباركة ‏‏. والمسجد الحرام شهد بداية الرسالة الجديدة الخاتمة ،‎ ‎وولادة الأمة الإسلامية أمة الخلافة ‏والوراثة والأمانة . فبما أن الأمة الجديدة‎ ‎تقيم حول المسجد الحرام ، فلا بد لها كي تحقق ‏خلافتها وأمانتها على البشرية من أن‎ ‎تتملك ما حول المسجد الأقصى ، وأن ترثه هي من ‏الذين يقيمون حوله.‏‎ ‎
‏2- أن السورة‎ ‎تريد من المسلمين أن يُحسنوا النظر للمسجد الأقصى وما حوله فهو مبارك ‏ومقدس كبركة‎ ‎وقدسية المسجد الحرام وما حوله .‏‎ ‎
‏3- تحذير المسلمين من المؤامرات المعادية ضد‎ ‎المسجدين ، ومن أطماع الأعداء الكافرين ‏في المسجدين ، وأن الخطر الذي يتهدد المسجد‎ ‎الأقصى ، هو الخطر الذي يتهدد المسجد ‏الحرام.‏‎
فلما أخذ الصليبيون الأقصى وما‎ ‎حوله ، واستقروا فيه ، توجهت أنظارهم وبرامجهم ‏ومطامعهم نحو المسجد النبوي في‎ ‎المدينة المنورة ، والمسجد الحرام في مكة المكرمة ، فقام " ‏أرناط ، ملك الكرك‎ ‎الصليبي ، بعدة محاولات لاحتلال بلاد الحجاز ، كادت تنجح لولا أن الله ‏هيأ لهذه‎ ‎الأمة صلاح الدين الأيوبي.‏‎ ‎
‏4- أن السورة تقدم للمسلمين المستضعفين في مكة‎ ‎المحاربين هناك بشرى ربانية ، بالفرج ‏والنصر والتمكين ، فستنتهي تلك المرحلة الحرجة‎ ‎التي يعيشونها في مكة ، وسيكتب الله لهم ‏التمكين ، فيفتحون البلاد ، ويصلون للمسجد‎ ‎والأرض المباركة ، متابعين خطى رسولهم صلى ‏الله عليه وسلم ليلة الإسراء ، ويفتحون‎ ‎تلك البلاد ، ويقيمون عليها حكم الله ، ويعيدون تشييد ‏المسجد الأقصى وبناءه .‏‎ ‎فالرسول صلى الله عليه وسلم كان ممهداً لفتح بلاد الشام ، وكان ‏إسراؤه إلى المسجد‎ ‎الأقصى إرهاصاً ربانياً بفتح المسلمين الحقيقي القادم لهذه الأرض .‏‎
إفسادان‎ ‎لبني إسرائيل‎ ‎‏:-‏‎
قال سبحانه (وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرائيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً ‏كَبِيراً) (الاسراء:4) ‏‏(فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً ‏مَفْعُولاً)(ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً)(إِنْ أَحْسَنْتُمْ ‏أَحْسَنْتُمْ لَأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا ‏دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً)(عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ ‏لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً) (الاسراء 5-8) ‏‏ أول مرة " وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً "- "عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ "- "وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ ‏حَصِيراً " (الاسراء: من الآيات 4-8)‏
وقال تعالى في آخر السورة عن الإفساد الثاني )وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرائيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ ‏فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً) (الاسراء:104) ‏اختلف العلماء في تفسيرهم للإفسادين ولكن جميع التفاسير السابقة لا تنطبق‎ ‎عليها الأحداث ‏التي وردت في الآيات فلا بد من إعادة النظر في فهم النصوص وأحداث‎ ‎التاريخ . لقد علا ‏اليهود قديماً وأفسدوا إفسادات كثيرة ، ونظراً لربط الآيات‎ ‎الكريمة بين المسجد الأقصى ‏والتاريخ اليهودي فإننا نؤكد أن الإفسادين متعلقان‎ ‎بالمسلمين بعد بعثة نبينا محمد صلى الله ‏عليه وسلم.‏‎
إفسادهم الأول في المدينة‎ ‎‏:-‏‎
أتى اليهود إلى يثرب هاربين من الإضطهاد الروماني واليوناني الذي صُب عليهم في‎ ‎بلاد ‏الشام ، وأُعجب العرب بما عند اليهود من مال وعلم وثقافة ، وتفنن اليهود في‎ ‎التحكم بالعرب ‏والإفساد بينهم وامتصاص خيراتهم وإخضاعهم ، وكانوا يبشرونهم بقرب‎ ‎ظهور نبي ، ‏ويهددونهم بأنهم سيتبعونه ويقتلون العرب معه ، ولكنهم لما بُعث محمد صلى‎ ‎الله عليه وسلم ‏كانوا أكثر الناس عداوة له ، وتآمروا على قتله وحاربوه مع القبائل‎ ‎العربية الجاهلية .‏‎
‎ ‎‏“فإذا جاء وعد أولاهما….. "‏‎ ‎‏:-‏‎
‎" ‎إذا " ظرف لما يستقبل من‎ ‎الزمان ، أي أن المجيء يأتي بعد نزول آيات الإسراء المكية ، ‏وبالتالي فإن عباد الله‎ ‎الربانيين سيكونون أيضاً بعدها .‏‎
‎ ‎‏“بعثنا عليكم …."‏‎ ‎‏:-‏‎
إن التعبير بالبعث‎ ‎مقصود ومراد ، فالله بعث الصحابة بعثاً من العدم فلم يكن للعرب في ‏الجاهلية أية‎ ‎منزلة. كما أن كلمة " بعثنا توحي أن مجيء هؤلاء الربانيين لم يكن متوقعاً فقد ‏بعث‎ ‎الله الصحابة بعثاً فأزالوا إفساد اليهود وورثوا قوة اليهود ، الصغيرة في المدينة ،‏‎ ‎وقوة ‏فارس والروم الكبيرة في العالم .‏‎
‎" ‎عباداً لنا….."‏‎ ‎‏:-‏‎
هذه الجملة لا‎ ‎تنطبق إلا على الصحابة لأن الله سماهم " عباداً " وأضافهم إليه " لنا "‏‎
إن كلمة‎ " ‎عباد " لا تنطبق على الكافرين السابقين الذين نسب لهم المؤرخون إزالة الإفسادين‎ ‎مثل بختنصر وغيره.‏‎
هناك فرق بين كلمتي عباد وعبيد لأنه لا ترادف في كلمات‎ ‎القرآن ، فكلمة " عبيد " ذُكرت في ‏القرآن الكريم خمس مرات في الكلام عن الكفار‎ ‎ومعظمها بصيغة : " وما ربك بظلام للعبيد " ‏أي أن الله يحاسب الكفار بعدله.‏‎
أما‎ ‎كلمة " عباد " فهي مذكورة خمساً وتسعين مرة منها أكثر من تسعين مرة عن المؤمنين .‏‎ ‎إن الألف في هذه الكلمة توحي بالعزة والكرامة وهي صفات المسلم .‏‎
‏“أولي بأس‎ ‎شديد…."‏‎ ‎‏:-‏
كانت قوة الصحابة وبأسهم في مواجهة اليهود في جانبين : الجانب المادي‎ ‎الذي تمثل في شدة ‏قتالهم لليهود ويشهد عليه حصارهم لبني قينقاع وبني النضير وقتل‎ ‎بني قريظة ومحاربتهم في ‏خيبر وإخراجهم منها .‏‎
والجانب المعنوي الذي تمثل في‎ ‎تحديهم لليهود وإذلالهم لهم ، ويشهد عليه مواقف أبي بكر ‏وعمر وعلي وعبادة بن الصامت‎ ‎وعبدالله بن رواحة وغيرهم .‏‎
لقد حكم " سعد بن معاذ " على بني قريظة حكماً‎ ‎ربانياً بقتل رجالهم وسبي نسائهم وأطفالهم ‏ومصادرة أموالهم واستملاك بيوتهم‎ ‎وأراضيهم وأثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه .‏‎ ‎
‎" ‎فجاسوا خلال الديار…"‏‎ ‎‏:-‏‎
الجوس هو تخلل الشيء والتغلغل فيه، وقد دخل الصحابة ديار اليهود، واحتلوها‎ ‎وجاسوا ‏خلالها في ديار بني قينقاع وبني النضير وبني قريظة وفي خيبر وفي وادي القرى‎ ‎وفدك ‏وتيماء.‏‎
لقد أزالوا كيانهم في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم ، ثم أجلى‎ ‎الفاروق بقاياهم عن جزيرة ‏العرب.‏‎
وقد أشار القرآن الكريم إلى هذا الجوس بقوله‎ ‎تعالى )وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ‏مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً) (الأحزاب:26) ‏‏ )وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَأُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً) ‏‏(الأحزاب:27) ‏نحن نعيش الإفساد الثاني‎ ‎لليهود‎ ‎‏:-‏‎
إذا علمنا أن إفساد اليهود الأول كان في المدينة، وأن المسلمين هم الذين‎ ‎قضوا على ذلك ‏الإفساد ، نعلم أن الكَرّة تعود لليهود في الإفساد الثاني على الأجيال‎ ‎اللاحقة من المسلمين، ‏وهي الأجيال التي تعيش في هذا الزمان :" ثم رددنا لكم الكرة‎ ‎عليهم" . ولم تكن لليهود كرة ‏على الأقوام السابقين الذين حاربوهم .‏‎ ‎
‎" ‎وأمددناكم‎ ‎بأموال وبنين….."‏‎ ‎‏:-‏‎
أي أن قوة اليهود ليست ذاتية بل خارجية، أمدهم الله بها ليقضي‎ ‎عليهم ، ويتم بوسيلتين هما ‏الأموال والبنين، وهذا ما نراه واضحاً في أيامنا هذه ،‎ ‎فالغرب يمدهم بالمال ويسهل هجرة ‏اليهود إلى فلسطين.‏‎ ‎
‎" ‎جئنا بكم لفيفاً….."‏‎ ‎‏:-‏‎
لقد مضى على اليهود أكثر من قرن وهم يأتون ملتفين في هجرات متتابعة إلى فلسطين‎ ، ‎ولن ‏يتوقف ذلك حتى يتم تجميع كل اليهود في هذه المنطقة تمهيداً للقضاء عليهم.‏‎ ‎
‎" ‎وجعلناكم أكثر نفيراً…"‏‎ ‎‏:-‏‎
أي أن الله عز وجل سيجعل اليهود الأكثر أعواناً‎ ‎ومؤيدين ، وهذا يبدو واضحاً من مواقف ‏العالم معهم.‏‎ ‎
‎" ‎إن أحسنتم أحسنتم‎ ‎لأنفسكم…"‏‎ ‎‏:-‏‎
هذا رد على زعم تفرد اليهود على البشرية، وتفضيلهم على باقي الناس ،‎ ‎فهي أوهام ‏اخترعوها ولا أساس لها .‏‎
هذا هو الإفساد الأخير لليهود‎
تحدث‎ ‎القرآن عن الإفساد الثاني لليهود بقوله ( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ )‏
وبقوله ( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً)‏
فكلمة " الآخرة " لا يراد بها‎ ‎يوم القيامة ، فليست هي المقابلة للدنيا ، وإنما الآخرة هنا هي ‏المقابلة للأولى ،‎ ‎الأولى في قوله " فإذا جاء وعد أولاهما " أي المرة الأولى ، والآخرة " فإذا ‏جاء وعد‎ ‎الآخرة " أي المرة الثانية في الإفساد ، وتدل على أنه سيكون الإفساد الأخير .‏‎
لماذا قال : " ليسوءوا وجوهكم " ؟‎
إن المعركة بين المسلمين واليهود لا ينتج‎ ‎عنها إبادة اليهود وإفناؤهم والقضاء عليهم ، وإنما ‏ينتج عنها إزالة فسادهم وتدمير‎ ‎كيانهم ، وتحويلهم إلى مجموعات يهودية ذليلة مهزومة ‏مسحوقة، فإساءة وجوه اليهود لا‎ ‎تعني إفناؤهم .‏‎
اليهود والمسيح الدجال‎ ‎‏:-‏‎
سيظهر الدجال - وهو يهودي - في آخر‏‎ ‎الزمان من أصفهان بإيران ، وسيتبعه منها سبعون ‏ألف يهودي ، ثم يحاربهم المسلمون‎ ‎ومعهم عيسى عليه السلام الذي سيقتل الدجال بيده الشريفة ‏، وسيقضي المسلمون على كل‎ ‎يهودي تحقيقاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " لن تقوم ‏الساعة حتى تقاتلوا‎ ‎اليهود ، فتقتلوهم حتى ينطق الشجر والحجر فيقول :" يا مسلم يا عبدالله : ‏هذا يهودي‎ ‎ورائي تعال فاقتله".‏‎ ‎
‏( وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ )‏‎ ‎‏:-‏‎
يعود الضمير‎ ‎الفاعل في " ليدخلوا " على الضمير الفاعل في " ليسوءوا " ، فالذين يسوءون ‏وجوه‎ ‎اليهود هم الذين يدخلون المسجد كما دخلوه أول مرة ، والمراد بالمسجد هنا المسجد‎ ‎الأقصى ، وهم المسلمون الذين دخلوه فاتحين أول مرة عندما حرروه من الرومان ، وتم‎ ‎لهم ‏فتح الشام ونشر الإسلام فيه.‏‎
فالمعركة عند الإفساد الثاني بين اليهود‎ ‎والمسلمين ستكون معركة إسلامية إيمانية ، وليست ‏معركة قومية أو يسارية أو إقليمية‎ ‎وليست معركة فلسطينية أو عربية أو غير ذلك.‏‎

والحمد لله على نعمة الإسلام