المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشورى.. والسلطة التشريعية / د. بشار عواد معروف



سيف الكلمة
03-10-2007, 10:23 PM
الشورى.. والسلطة التشريعية
د. بشار عواد معروف

ربط المفكرون الإسلاميون فكرة الشورى بالديمقراطية، فمنهم من رفض الديمقراطية وجعل الشورى هي البديل، ومنهم من حاول -في سعيه للتجديد والمعاصرة- محاولة التقريب بينهما، ومنهم من دعا إلى الأخذ بالديمقراطية باعتبارها نظام حكم وآلية للمشاركة، وأن التغاير بين المشروع الحضاري الإسلامي والديمقراطية هو من باب التنوع والتمايز لا التضاد والخصومة.

يقول السيد فهمي هويدي: "لا يحسبن أحد أنه يمكن أن تقوم لنا قيامة بغير الإسلام، أو أن يستقيم لنا حال بغير الديمقراطية، إذ بغير الإسلام تزهق روح الأمة، وبغير الديمقراطية -التي نرى فيها مقابلا للشورى السياسية- يحبط عملها. بسبب ذلك نعتبر أن الجمع بين الاثنين هو من قبيل (المعلوم بالضرورة) من أمور الدنيا".


مفهوم "الشورى" الذي عرفه الإسلام بنصوصه أو تطبيقاته، هو غير مفهوم "الشورى" السائد بين الأوساط السياسية الإسلامية.

ويقول الدكتور حيدر إبراهيم علي معلقا على رأي السيد فهمي بقوله: "يمثل هويدي هنا قمة التوفيقية أو الانتقائية الحائرة، فقد كان بإمكانه التوقف عند الشورى فقط طالما هي مقابل الديمقراطية، ومن صميم الدين، ولكنه يُفصل الديمقراطية على مقاس الشورى على رغم اختلاف السياقين التاريخيين للمفهومين، ويحاول أن يختزل الديمقراطية إلى مفهوم ديني بحيث يقول: الديمقراطية التي نقبلها ونعتبرها مقابلا للشورى، أو ترجمة معاصرة لها، هي تلك التي لا تحل حراما ولا تحرم حلالا، فهذه لغة دينية تطمس السياسي في مفهوم الديمقراطية، فهي لم تأت لتحديد أحكام شرعية أو فقهية، بل لتنظيم العلاقة بين الحكام والمحكومين وتأكيد الحريات وحقوق الإنسان بحسب رؤيتها وتاريخيتها".

ويلاحظ أن السيد فهمي هويدي استخدم الديمقراطية مقابل الشورى، وكأن الشورى نظام حكم واضح المعالم في الإسلام نظريا وتاريخيا. كما أن الدكتور حيدر عد الشورى أمرا دينيا فنعى على السيد فهمي استعماله.

وواضح أن مفهوم "الشورى" الذي عرفه الإسلام بنصوصه أو تطبيقاته غير مفهوم "الشورى" السائد بين الأوساط السياسية الإسلامية، فقد لاحظنا في عصرنا هذا مفهوما مختلفا لهذا المصطلح، فقد أريد له أن يعني ما يتصل بشئون الحكم والمشاركة والعلاقة بين الحاكمين والمحكومين، فوجدنا بعض أنظمة الحكم العربية تستعمل "مجلس الشورى"، بمعنى "مجلس النواب" أو "مجلس الشيوخ"، ووجدنا دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية يعتمد الشورى فيعتبر: مجلس الشورى الإسلامي، ومجلس شورى المحافظة، والقضاء، وأمثالها، من مراكز صنع القرار وإدارة شئون الدولة.

ومع إيماننا بأنه لا مُشاحة في الاصطلاح، لكن يتعين علينا التنبيه إلى أن هذا المفهوم للشورى يخالف المفهوم النظري الذي جاءت به النصوص الإسلامية، وهو غير التطبيق التاريخي العملي لمبدأ الشورى.

"الشورى".. في القرآن

جاء لفظ الشورى في آيتين من القرآن الكريم، الأولى في سورة آل عمران (الآية 159) في قوله تعالى:
{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}.

يقول الطبري في تفسير هذه الآية: "إن الله عز وجل أمر نبيه صلى الله عليه وسلم بمشاورة أصحابه فيما حزبه من أمر عدوه ومكايد حربه، تألفا منه بذلك من لم تكن بصيرته بالإسلام البصيرة التي يؤمن عليه معها فتنة الشيطان، وتعريفا منه أمته مأتى الأمور التي تحزبهم من بعده ومطلبها، ليقتدوا به في ذلك عند النوازل التي تنزل بهم، فيتشاوروا في ما بينهم، كما كانوا يرونه في حياته صلى الله عليه وسلم يفعله.

فأما النبي صلى الله عليه وسلم فإن الله كان يُعرفه مطالب وجوه ما حزبه من الأمور بوحيه أو إلهامه إياه صواب ذلك. وأما أمته، فإنهم إذا تشاوروا مُستنين بفعله في ذلك، على تصادق وتوخ للحق وإرادة جميعهم للصواب، من غير ميل إلى هوى، ولا حيد عن هدى، فالله مُسددهم وموفقهم.

وأما قوله: {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّل عَلَى اللهِ} فإنه يعني: فإذا صح عزمك بتثبيتنا إياك، وتسديدنا لك فيما نابك وحزبك من أمر دينك ودنياك، فامض لما أمرناك به على ما أمرناك به، وافق ذلك آراء أصحابك وما شاوروا به عليك أو خالفها".

وأما الآية الثانية ففي سورة الشورى (الآية 38)، قال تعالى:
{وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ}
يقول الطبري: "وإذا حزبهم أمرٌ تشاوروا بينهم".
وذكر الحافظ ابن كثير في تفسيره أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشاور أصحابه في الأمر إذا حدث؛ تطييبا لقلوبهم، ليكونوا فيما يفعلونه أنشط لهم، كما شاورهم يوم بدر، ويوم أُحد، ويوم الخندق، فكان صلى الله عليه وسلم يشاورهم في الحروب ونحوها".

ويلاحظ من تفسير الطبري للآية الأولى أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما كان يشاور تطييبا لقلوب أصحابه -مع عدم إلزامية هذه الشورى له والمضي فيما أُمر به وإن خالف ما أشار به أصحابه- وتعليما لمن يأتي بعده بضرورة المشاورة.

ومن هنا يتعين الفصل بين الشورى في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وممارسات الشورى لمن جاء بعده،

فالاستشهاد بالتطبيقات العملية للشورى في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم فيه الكثير من عدم الدقة،
ذلك أن شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم شخصية رسالية يصعب التمييز دائما بين تصرفاته الرسالية المتأتية من الوحي، والاجتهادات الشخصية الدنيوية،

فعقد صلح الحديبية -مثلا- كان وحيا من الله مع أنه من الأمور الدنيوية، والتوكل الذي أشارت إليه الآية في سورة آل عمران، سواء أجاء موافقا أم مخالفا لأهل الشورى، هو أمر من الله، ويمكن الاستشهاد بالعديد من الأمثلة المشابهة.

أما الخلفاء الذين جاءوا بعد النبي صلى الله عليه وسلم فكانوا يستشيرون الصحابة، ولكن الآراء لم تكن ملزمة لهم باتباع ما أشير به، والأمثلة على ذلك كثيرة، وهو الموافق لمبدأ الشورى نظريا وعمليا، فكل إنسان قديما وحديثا يستشير، ولكنه غير ملزم باتباع ما أشير إليه دائما، وإلا فلا معنى للفظ "الشورى".


التطبيقات العملية التي مارسها الخلفاء أو الأمراء أو الحكام عبر العصور كانت ملائمة لعصورهم، وليست أموراً دينيّة.

إننا نعتقد أن الإسلام وضع قاعدة كلية اسمها "الشورى" حين أمر بالمشاورة، فالمشاورة بين المسلمين مأمور بها، لكن الإسلام لم يضع التفاصيل، كما هو حاله في كثير من الأمور، لتكون ملائمة لكل زمان ومكان، وليمكن تطوير مؤسساتها بحسب الحاجة. فالمجتمع الإسلامي يستطيع اليوم أن يضع القوانين والنظم والتعليمات الخاصة بالشورى بحسب ما يراه ملائما لعصره دفعا للاستبداد بالرأي، من غير اعتبار للتطبيقات العملية التي مارسها الخلفاء أو الأمراء أو الحكام عبر العصور؛ لأنها كانت ملائمة لعصورهم، وليست أمورا دينية.

إن مفهوم "المستشار" هو الإنسان المتخصص الذي يستعان برأيه في مسألة من المسائل في الشئون العسكرية أو الأمنية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية أو الثقافية ونحوها في كل منحى من مناحي الحياة، ففي جميع الدول اليوم مستشارون، سواء أكانوا على شكل هيئات ومؤسسات أم أفرادا يستعين بهم صاحب القرار عند اتخاذ قراره، ولا شك في أن آراءهم غير ملزمة له؛ لأن صاحب القرار يطلع على مجمل الآراء ويتخذ قراره، وهذه هي الشورى، فلا داعي بعد ذلك إلى الأبحاث التي تحاول أن تدرس إلزامية الشورى أو عدم إلزاميتها.

وأرى أن أهل الشورى هم أهل الذكر {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ} (الأنبياء: 7)، ومع أن الآية المذكورة جاءت في معرض سؤال علماء أهل القرآن أو أهل الكتب من التوراة والإنجيل، لكنها عامة في ضرورة سؤال أهل الاختصاص والمعرفة.

ولما كانت الشورى بطبيعتها غير إلزامية، فإن ربطها بما يساوي البرلمانات في عصرنا فيه تقليل من شأن هذه المؤسسات الضرورية في أي نظام حكم، وحرف لها عن مهماتها في مراقبة السلطة التنفيذية، فالمفروض في مثل هذه المؤسسات أن تكون قراراتها ملزمة، كما أن ربط "الشورى" بالمجالس التي تقترح القوانين وتصادق عليها فيه تقليل من شأن هذه المجالس، فإن الذين يقترحون القوانين والتعليمات هم الفقهاء العلماء المجتهدون العارفون باستنباط الأحكام من الشريعة الإسلامية بعد الاستعانة بالمستشارين، فيبقى المستشار هو المستشار، سواء استشاره رئيس الدولة أو الوزير أو ممثل الشعب أو العالم أو أي هيئة أو شخص يمكن أن يستفيد منه.

مفهوم الحاكمية

ومثلما اختلف الباحثون الإسلاميون في مفهوم نظام الحكم في الإسلام، فإنهم اختلفوا كذلك في مفهوم الحاكمية، فلم يقتصر بعض الكتاب الإسلاميين على أن الله هو المشرع، سواء أكان ذلك عن طريق القرآن الكريم أم السنة المشرفة، ولكنهم ذهبوا إلى أبعد من ذلك حين فسروا شعار الخوارج المشهور "لا حكم إلا لله" بأنه ينطبق على الحُكم والسلطة في اتساعها، مستدلين بقوله تعالى: { وَمَن لَّمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} (المائدة: 44) أو {هُمُ الظَّالِمُونَ} (المائدة: 45) أو {هُمُ الْفَاسِقُونَ} (المائدة: 47)، وقد وصف أبو الأعلى المودودي الدولة الإسلامية بأنها "دولة شاملة محيطة بالحياة الإنسانية بأسرها، تطبع كل فرع من فروع الحياة الإنسانية بطابع نظريتها الخلقية الخاصة، وبرنامجها الإصلاحي الخاص، فليس لأحد أن يقوم بوجهها، ويستثني أمرا من أمورها قائلا: إن هذا أمر شخصي خاص لكيلا تتعرض له الدولة".

لقد حاول الفكر الإسلامي الحديث أن يطور مفهوم الحاكمية بأن يجعل السيادة لله أو للشريعة، وأن يجعل السلطان للشعب أو الأمة، كما هو حال حركة الإخوان وحزب التحرير وغيرهما، وهو ما عبر عنه أحد الكتاب الإسلاميين بقوله في معرض التمييز بين الدولة الدينية والدولة الإسلامية بقوله: "الفارق الأساسي بين الدولة الدينية والدولة الإسلامية هو أن الأولى تقوم على فكرة أن الله هو مصدر السلطة، بينما في الثانية -الإسلامية- فإن الله هو مصدر القانون، بينما الأمة هي مصدر السلطة. ومن ثم فلا حصانة ولا عصمة لحاكم، وإنما القانون فوق الجميع والحاكم في المقدمة منهم".

الشريعة والسلطة التشريعية

وإذا أخذنا بالفكرة الأخيرة ووجدنا الأدلة التي تقوي فكرة كون الأمة هي مصدر السلطة، فلا شك في أن المقصود بالسلطة هنا هو "السلطة التنفيذية": ولم يتمكن الباحثون الإسلاميون من دراسة مفهوم "السلطة التشريعية" ذات المصدر الإلهي دراسة علمية معمقة، فسلم أكثرهم بأن الله هو المشرع، سواء أكان ذلك عن طريق القرآن أم السنة، وأن الفقهاء مجرد مفسرين، وهو أمر يحتاج إلى إعادة نظر، فنحن نعتقد أن الإسلام وضع قواعد كلية ومبادئ عامة ومقاصد لهذه الشريعة تضمنها القرآن الكريم والثابت من السنة النبوية، وهي ما يمكن أن يصطلح عليه "بالبينات"، وأنه قلما تناول القضايا التفصيلية إلا في حالات خاصة في الحدود والإرث ونحوهما، وترك الأمور الأخرى يجتهد فيها الفقهاء، ويضعون القوانين والتعليمات المحققة لمقاصد هذه الشريعة بما يتلاءم ومصالح الناس.


توسيع دائرة الاجتهاد ووضع الأسس الكفيلة بأن يكون ممثلاً لعلماء الأمة هو المفهوم الأمثل لما يسمّى في عصرنا "بالسلطة التشريعية

ومما يؤسف عليه أن بعض الإسلاميين ظنوا -غلطا- أن "الشريعة" هي ما كتبه الفقهاء في الأحكام، وما ارتآه المنظرون الإسلاميون في العصور الإسلامية في أساليب الحكم والإدارة (مثل أبي يوسف والماوردي، وأبي يعلى الفراء، وابن تيمية، وابن خلدون، وغيرهم)، مع أن الفقه بمجمله فكر وليس شريعة، وأن تلك النظريات هي أفكار وليست شريعة واجبة الاتباع، فالفقهاء علماء مجتهدون حاولوا فهم الشريعة وتفسيرها استنادا إلى فهمهم واجتهادهم في زمن معين؛ ولذلك فهم مختلفون فيما بينهم قليلا أو كثيرا، وهو بمجمله رحمة لأنه يوسع دائرة الفهم والتفسير، ويقدم حلولا متنوعة للمسألة الواحدة. ومن ثم فإن تقليص الدور الذي يمارسه أهل العلم في تقنين القوانين والتعليمات المستمدة من روح الشريعة (القواعد والمقاصد) ليس في صالح النظام الإسلامي؛ لأن الذي ذكرت يقدم مرونة في فهم المقصود "بالسلطة التشريعية" عند المُحدثين، وهو يدحض الرأي القائل بأن الفقهاء المجتهدين مجرد مفسرين.

إن توسيع دائرة الاجتهاد، ووضع الأسس الكفيلة بأن يكون هذا الاجتهاد ممثلا لعلماء الأمة الذين توافرت لديهم أدوات الاجتهاد بعد استشارة أهل الذكر، هو المفهوم الأمثل لما يسمى في عصرنا "بالسلطة التشريعية"، مع اختلافنا في المصطلحات؛ لأن المُشرع في الأصل هو الله سبحانه، ونحن نقر بأن الشريعة إلهية بقواعدها ومقاصدها، وأن تفاصيلها تبنى على تلك القواعد وتحقق المقاصد فيما لم يأت به نص صريح؛ فسلطة البناء إنما تقوم على هذه الشريعة الإلهية، وتفصل لها، وتقنن لأصولها وتُفرع لكلياتها. وكذلك فإن لهذا الإنسان سلطة الاجتهاد فيما لم ينزل به شرع سماوي، شريطة أن تظل السلطة التشريعية محكومة بإطار الحلال والحرام الشرعي، أي محكومة بإطار فلسفة الإسلام في التشريع.

إن تحديد المفاهيم في غاية الأهمية لتطبيق الأمر على واقع الحال. وهذا النموذج المقدم لثلاثة من المفاهيم يمكن تطبيقه على الكثير منها؛ بغية توضيح دلالاتها والغاية المرجوة منها.

http://www.islamonline.net/Arabic/contemporary/2005/02/article04.shtml

jass
03-18-2007, 05:16 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,,,

شكراً أخي سيف الكلمة على هذا النقل الجميل أفادنا الله بما فيه من خيرٍ لنا ..

كما أرى أنا - في رأيي المتواضع - فإن فكرتي الشورى والديمقراطية لا ترتبطان ببعض بل لا يمت أي منهما لأخر بصلة

حيث إن نظام الشورى إن صحَّ التعبير يختلف عن الديمقراطية شكلاً وموضوعاً .. فالأول كما قال الدكتور صاحب المقال هو مجرد تشاور أو إبداء الآراء إن استستاغ الحاكم أحدها أخذ بها وهو غير ملزم طبعاً بالأخذ .. ولا ننسى أن الدولة في حقبة الدولة الإسلامية كانت تعتمد على الحكومة المركزية النسبيه المتمثل بأمير المؤمنين و الحكام الذي ولاهم الأمير على بعض المناطق .. ومعنى الشورى قد تغيرت وتحورت الشيء الكثير إبان توسع رقعة الدولة الإسلامية ووقوع السلطة تحت أيادي لا تحترم المبادئ الإسلامية مطلقاً فلا نغفل جانب الدين أيضاً في شأن قبول الشورى ، أي إن الحاكم التقي - صاحب السلطة التشريعية والتنفيذيه و حتى القضائية نادراً في الفكر القديم- ولو إنه ليس مُلزماً بأخذ الآراء أو الاستشارات يعتمد على الأفضل منها أو الأنسب أو الأصح كما يرى !.. فالمعيار الموضوعي ألا وهو فكرة الشورى بحد ذاتها هو الطاغي في هذا النوع من السلطة .. بيد أن الديمقراطية: مجرد مبادئ تعني بسيادة الشعب والمشاركة في السلطة و التشريع -و هو الجانب الموضوعي الأعم - عن طريق المجلس التشريعي- وهو الجانب الشكلي الأمثل و الأقل لتطبيق المبدأ - الذي يعتمد على الشورى و أخذ رأي الأغلبية وليس بالنظر للرأي الأصح كما يعول عليه مبدأ الشورى طبعاً جنباً إلى جنب مع المجلس المنتخب من السلطة التنفيذيه في دولة القانون ذات المجلسين و ما إلى ذلك ..
ولا أرى تضارب بين الفكرتين بل مجردة اختلاف في الطريق تهدف إلى تحقيق المصلحة ذاتها .. وتطبيق مبداً الديمقراطية يستلزم إنشاء هذه المجالس و إجراء الانتخابات لكن لا يعني هذا إن الديمقراطية هي فكرة أو طريقة لا غنى عنها أو هي وجه الشورى الآخر .. فقد نرى عنصر الشورى في السلطة التشريعية أو مجلس النواب بشكل أدق حين يتحاور الأعضاء المنتخبين و يبدون آرائهم التي تكون ملزمة إذا وافق الأغلبية البسيطة في المجلس عليها وذلك لأنه لا وقت للمجادلة أو الاعتماد على شخص واحد قد يخطأ و قد يصيب !!
أي إن الأخذ بشكلية ما يُسمى بالنظام الديمقراطي في شأن المجالس و أعمالها ووظائفها وواجباتها مع اضفاء المبادئ الإسلامية و الشريعة و الشورى على أعمالها و إبدال القوانين الوضعية - ولا اقصد بالقوانين الجنائية أو المدنية أو .. إلخ - التي تنافي الإسلام، قد يكون هو الحل الأمثل و الله أعلم !!

قرآن الفجر
03-18-2007, 07:24 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,,,



أي إن الأخذ بشكلية ما يُسمى بالنظام الديمقراطي في شأن المجالس و أعمالها ووظائفها وواجباتها مع اضفاء المبادئ الإسلامية و الشريعة و الشورى على أعمالها و إبدال القوانين الوضعية - ولا اقصد بالقوانين الجنائية أو المدنية أو .. إلخ - التي تنافي الإسلام، قد يكون هو الحل الأمثل و الله أعلم !!

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ماذا تعني بـ "إضفاء"؟ وإضفاء ماذا؟ ..
المبادئ الإسلامية والشريعة أساس ومنهج

سيف الكلمة
03-19-2007, 02:01 PM
ولا أرى تضارب بين الفكرتين بل مجردة اختلاف في الطريق تهدف إلى تحقيق المصلحة ذاتها .. وتطبيق مبداً الديمقراطية يستلزم إنشاء هذه المجالس و إجراء الانتخابات لكن لا يعني هذا إن الديمقراطية هي فكرة أو طريقة لا غنى عنها أو هي وجه الشورى الآخر .. فقد نرى عنصر الشورى في السلطة التشريعية أو مجلس النواب بشكل أدق حين يتحاور الأعضاء المنتخبين و يبدون آرائهم التي تكون ملزمة إذا وافق الأغلبية البسيطة في المجلس عليها وذلك لأنه لا وقت للمجادلة أو الاعتماد على شخص واحد قد يخطأ و قد يصيب !!
أي إن الأخذ بشكلية ما يُسمى بالنظام الديمقراطي في شأن المجالس و أعمالها ووظائفها وواجباتها مع اضفاء المبادئ الإسلامية و الشريعة و الشورى على أعمالها و إبدال القوانين الوضعية - ولا اقصد بالقوانين الجنائية أو المدنية أو .. إلخ - التي تنافي الإسلام، قد يكون هو الحل الأمثل و الله أعلم !!
شتان بين الفكرين
هنا قضيتان
الأولى هى المنهج
والثانية فى التطبيق
الديموقراطية كمنهج غير ملتزمة بمنهج الله فلا مانع أن يقر الشعب أو ممثليه على سبيل المثال زواج المثل أو إباحة الزنا أو مصادرة الملكيات أو خلافه من المخالفات الشرعية المخربة للمجتمع
فهى بعيدة بعدا تاما هن منهج الله ولا تناسب المسلمين
الثانية من حيث التطبيق
وأنت ركزت على مخالفات بعض ولاة الأمور للشريعة
فأرد عليك بسؤال
هل هناك نظام ديموقراطى واحد فى بلاد المسلمين سمح للمسلمين بحرية الوصول إلى أغلبية تشريعية
أم أن هناك خطا متفقا عليه لمنع ذلك ولو بالتزوير أو القتل أو السجون والمعتقلات ومنع المسلمين من الإدلاء بأصواتهم
وحين أفلتت حالات خاصة كما حدث فى الجزائر تخلصوا من البرلمان ذى الغالبية المسلمة بانقلاب
وحين كانت الأغلبية لحماس تعاون المجتمع الديموقراطى الدولى لإجهاض حكومتها وتعاون الديموقراطيين الفلسطينيين لخنقها

الصراع بين الديموقراطيين القائلين بالديموقراطية وبين المنهج الإسلامى لتسييس أمور الشعوب صراعا من جهة الديموقراطيين غير شريف

فالطعن بسوء التطبيق فى الشورى يقابله الطعن بنزاهة أهل الديموقراطية
وتبقى الميزة للشورى أنها منضبطة مع منهج الله
هذا غير أن التخلف فى بلاد المسلمين يزداد حدة تحت الحكم الديموقراطى المدعم بانتماءات للشرق والغرب والمفتقد للإنتماء للمجتمع المحلى
فالديموقراطيون العرب تستطيع معرفتهم بهويتهم الغربية وبمهاجمتهم للإسلام
نحتاج للعودة إلى هويتنا الإسلامية وللتخلص من سيادة الأفكار الغربية على مقدراتنا وعلى مناهجنا فى تسييس أمورنا
فشل الديموقراطيون فى كسر حلقة التخلف وازدادت الحلقة قوة تحت هذا النوع من الحكم المرتبط بأفكار أجنبية عنا لا تناسب توجهات مجتمعاتنا المتدينة ولو نجح المسلمون فى تولى زمام أمر بلادهم سيكون لهم النجاح
العلمانيون لا يرون ما نراه ولكنهم أثبتوا فشلا كبيرا فى كسر حلقة التخلف وأخذوا فرصة كبيرة ولم ينجحوا
ومن يفشل عليه إفساح المجال لمن يرى أنه يستطيع تقديم الحل
قد تناسب الديموقراطية المجتمعات المسيحية الغربية
ولكنها تتعارض مع قيمنا الدينية ويرفضها المجموع المسلم وتفاعل المسلمين معها محدود وتحكمه اتفاقات عديدة فى المصالح لمن يتفاعلون مع العلمانية والديموقراطية

jass
03-21-2007, 05:23 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,,,

في الحقيقة عندما قرأت تعليقي على الموضوع لم أفهم شيئاً منه!! واسمحوا لي في ذلك لأني كتبته على عُجال وهذا طبعي دائماً .. !!


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ماذا تعني بـ "إضفاء"؟ وإضفاء ماذا؟ ..
المبادئ الإسلامية والشريعة أساس ومنهج

يبدو إنك فهمت خطأً بأني أقصد بإضفاء أحكام شريعتنا الغراء على النظام الديمقراطي المتبع في الدولة .. وأنا لم ارجح أي من الطريقين على الآخر .. بل أردت أن أوضح حسب مفهومي الفرق بيهما ..
والشريعه لا تضاف على شيء ولا غنى عنها ولا تجزء ولا تستبدل .. لكن كما قلت أرى أن الطريقة الديمقراطية التي ظهرت عند الرومان و تطورت إلى أن تبناها العالم القابع الآن تحت جبروت الديكتاتورية الديقراطية الأمريكية، أراها بطريقة شكليه بحته ( نظام المجلسين أو المجلس الواحد و الانتخابات و فكرة النيابه عن الشعب ومايحصل بينهم من مناقشات و حوار (شورى) .. إلخ )
بينما الشورى هي طريقة مثلى في مجتمع إسلامي صرف .. كما كان أيام رسول الرحمة صلى الله عليه وسلم و خلفائه الراشدين رضي الله عنهم و القرون الثلاث بعدهم ، إلا أن تغير كل هذا أصبح من الصعب تطبيق طريقة رائعة - الشورى - على مجتمع وحكام مبتعدون كل البعد عن شرع الله .. فلا نرى ضيراً في تبني شكلية الديمقراطية لتطبيق النظام الأمثل وهو الشورى ..


شتان بين الفكرين
هنا قضيتان
الأولى هى المنهج
والثانية فى التطبيق
الديموقراطية كمنهج غير ملتزمة بمنهج الله فلا مانع أن يقر الشعب أو ممثليه على سبيل المثال زواج المثل أو إباحة الزنا أو مصادرة الملكيات أو خلافه من المخالفات الشرعية المخربة للمجتمع
فهى بعيدة بعدا تاما هن منهج الله ولا تناسب المسلمين


قلت :
فإن فكرتي الشورى والديمقراطية لا ترتبطان ببعض بل لا يمت أي منهما لأخر بصلة ..
نعم يستطيع الشعب أو من ينوب عنهم فعل هذا .. لكن ليس عندنا .. لاتنس إن معظم دساتيرنا تنص على إن دين الدولة هو الإسلام وإن الشريعة الإسلامية مصدر أساسي له .. بذلك إن أي فعل مخالف للشريعة يُعتبر غير دستوري .
فإذا الشعب كان تقياً فإن الدستور سيكون خالياً من هذه المخالفات و سيضمن سير الجميع على النهج الإسلامي. و في الحقيقة فإذا طبقنا فكرة الشورى القديمة الآن فذلك لا يمنع أيضاً من أن يظهر لنا سلطان جائر - كما هو الحال الآن في جميع الدول - ويحكم بما لم ينزل الله عز وجل ..


وأنت ركزت على مخالفات بعض ولاة الأمور للشريعة
فأرد عليك بسؤال
هل هناك نظام ديموقراطى واحد فى بلاد المسلمين سمح للمسلمين بحرية الوصول إلى أغلبية تشريعية
أم أن هناك خطا متفقا عليه لمنع ذلك ولو بالتزوير أو القتل أو السجون والمعتقلات ومنع المسلمين من الإدلاء بأصواتهم

لم أؤيد النظام الديمقراطي أبداً .. بل قلت إن الهيكل الذي ينشأ عن هذا النظام جيد لزماننا هذا. فقد أصبح الشعب أكثر وعياً وأصبح يطالب بحقوقه .. فيحاول قدر الإمكان المشاركة في الحكم ولا يصح ذلك إلا عن طريق الانتخاب للتمثيل وهذا لا تعارض فيه مع الشورى لأن الشورى واقعه واقعه فيما بين النواب والذي يفضل أن يكونوا من تقاة الناس وأكثرهم حرصاً على دين الله واكثرهم علماً ..بينما في السابق فإن السلطان و من معه كانوا يتولون إدراة جميع الشئوون وهم كانوا مؤهلين لذلك أكثر من غيرهم بالتأكيد.



فالطعن بسوء التطبيق فى الشورى يقابله الطعن بنزاهة أهل الديموقراطية

لاتنسى إن هؤلاء الديمقراطين والذين يروجون للديمقراطية و الحرية المزيفة هم أسوأ حالاً من جميع الأنظمة الأخرى لأنهم يتسترون خلف كلمات براقة لتحقيق مصالحهم الدنيئة ..


نحتاج للعودة إلى هويتنا الإسلامية وللتخلص من سيادة الأفكار الغربية على مقدراتنا وعلى مناهجنا فى تسييس أمورنا

ومن أراد بغير الإسلام العزة أذله الله


قد تناسب الديموقراطية المجتمعات المسيحية الغربية
ولكنها تتعارض مع قيمنا الدينية ويرفضها المجموع المسلم وتفاعل المسلمين معها محدود وتحكمه اتفاقات عديدة فى المصالح لمن يتفاعلون مع العلمانية والديموقراطية

كل ماقلته صح .. والله المستعان [/COLOR][/SIZE]

فخر الدين المناظر
04-12-2007, 04:27 PM
للعلم فقط فقد يصادف البعض في كتب بعض المفكرين الإسلاميين الثقات لفظة الديمقراطية ... فلا ينبغي خلطها مع المفهوم الغربي لها ... بحيث أصبح متفقا بين هؤلاء اختزال لفظة الديمقراطية في ثلاث أشياء حرية التعبير السياسي ( عدم رفض المصادقة على أحزاب إسلامية سياسية ،، وحق النداء بالمشروع الإسلامي ) والشورى واختيار الحاكم ...

فهذا فقط من باب العلم بالشيء حتى لا نظن في بعض المفكرين الظنون ...

jass
04-15-2007, 04:47 AM
في الحقيقة لقد تغيرت نظرتي اكثر للديمقراطية و الحياة المدنية بشكل عام .. لكن ماهو النظام الأمثل للشورى ؟!
وهل هو بديل حقيقي كامل للدولة المدنية الحديثة ؟ ( طبعاً لا يمكن إنكار إن أصحاب الفكر الديمقراطي يعزون فكرة الدولة المدنية بمؤسساتها و وزاراتها و سلطاتها الثلاث إليهم )
أتمنى من أحد الإخوة توضيح فكرة الشورى و آلياتها و سبل تطبيقها في الوقت الحاضر ..

ناصر التوحيد
04-15-2007, 04:26 PM
في الحقيقة لقد تغيرت نظرتي اكثر للديمقراطية والحياة المدنية بشكل عام .. لكن ماهو النظام الأمثل للشورى ؟! وهل هو بديل حقيقي كامل للدولة المدنية الحديثة ؟ (طبعاً لا يمكن إنكار إن أصحاب الفكر الديمقراطي يعزون فكرة الدولة المدنية بمؤسساتها ووزاراتها وسلطاتها الثلاث إليهم ) أتمنى من أحد الإخوة توضيح فكرة الشورى وآلياتها وسبل تطبيقها في الوقت الحاضر

السلطات الثلاثة في الدولة , قال بها الاسلام قبل ظهور هذه المصطلحات المدنية والديمقراطية والعلمانية , وفي الاسلام فصل بين هذه السلطات الثلاثة , التنفيذية والتشريعية والقضائية , فهي مستقلة ولا تتدخل سلطة بسلطة اخرى لتفرض عليها شيئا معينا ..


مصطلح الدولة المدنية لا يعني ما تفهمه انت من انه الدولة الحديثة ..بل يعني الدولة العلمانية اللادينية .
مصطلح الدولة المدنية يعني الدولة التي لا يوجد للدين اي تاثير في نظام حكمها وفي تشريعاتها
فمصطلح الدولة المدنية يعني الدولة العلمانية اللادينية
ومن هنا ظهرت تعبيرات جديدة مقتبسة من هذا المعنى مثل مصطلح المجتمع المدني , بل وظهر ما يسمى بالزواج المدني , ويقصد بهذه المسميات ابعاد الدين وتعاليمه عن هذه الامور في الدولة والمجتمع والزواج ..الخ ..
مصطلح الدولة المدنية، له دلالة خاصة، أبرزها نبذ الشريعة ورفض الاحتكام إلى القرآن والسنة المطهرة، كما نص على ذلك من ينظرون ويؤطرون ويفلسفون لهذا المصطلح .
مصطلح الدولة المدنية يعني عدم تطبيق نظام الحكم الاسلامي وعدم تطبيق الشريعة الإسلامية.

وهناك من يظن ان الدولة المدنية تعني الدولة غير العسكرية , وهذا ايضا فهم خاطئ لهذا المصطلح , فكثير من الالدول التي يحكمها العسكر هي دولة مدنية , اي علمانية النظام والتشريع .

وهناك من يظن ان الدولة المدنية تعني دولة المؤسسات , وهذا الظن يستبعد المعنى الحقيقي لها , بقصد التدجيل والتضليل والتحبيب بها , فلا يوجد دولة ليس فيها مؤسسات حكومية او مؤسسات خاصة ..

يُدلّس مثقفو الحظيرة وأشباههم على الإسلام، ونظامه السياسي الذي يقوم على الحرية والعدل والشورى والمساواة .. فالمرددون لمصطلح الدولة المدنية يقولون انهم يريدون بها الدولة التي تساوي بين السكان بصرف النظر عن العرق والجنس والدين . وهم لا يعلمون انه بهذا المعنى , فالدولة الإسلامية هي أول دولة يتمتع فيها الناس بحقوقهم الكاملة , والدولة الإسلامية هي أول دولة بل وهي الدولة الوحيدة التي أسقطت التفرقة العنصرية، وتمتع فيها الإنسان بصرف النظر عن لونه وجنسه بحقوقه كاملة، وفي الوقت الذي كان فيه الرومان يتسلون بإلقاء السود طعاماً للأسود، أصبح بلال سيداً لهذه الأمة كلها عرباً وعجماً وبيضاً وحمراً وسوداً. ولأول مرة في التاريخ يصبح الناس سواسية كأسنان المشط لا فضل لعربي على أعجمي ولا أبيض على أسود إلا بالتقوى، أما المرأة ففي الوقت الذي كان الرومان فيه يتعاملون مع النساء كسلعة، وهي حتى الآن في الغرب تعامل كسلعة جنسية، وحتى القرن السادس عشر كان الأوروبيون يتناقشون حول هل المرأة لها روح، كان الإسلام يعلي مكانة المرأة ويحترم كرامتها ويحمي حرمة جسدها وسمعتها وعرضها، ويفرض عليها واجبات مهمة لصالح الأسرة والمجتمع

معظم العلمانيين يتاجرون بقضية المسيحيين، فبمجرد الحديث عن الدولة المدنية يرفع العلمانيون مصطلح المواطنة، وأنه لكي يتمتع المسيحيون بحقوقهم لابد أن تكون الدولة مدنية يتساوى فهيا المسلم والمسيحي؟ كيف إنهم يجيبون بشكل واضح بأنه لكي تتحقق المساواة بين المسلمين والمسيحيين لابد من إزالة أية صفة إسلامية عن الدولة، وعدم قيام الدولة بأي نشاط إسلامي، وعدم تطبيق الشريعة الإسلامية.
وهذا يعني أنهم يريدون ظلم الأغلبية المسلمة وحرمانها من حقوقها ونزع صفة الإسلاميةعن الدولة، وانتهاك حقوق المسلمين.
احترام حقوق المسيحيين لايعني سلب حقوق المسلمين، وليس من مصلحة المسيحيين منع تطبيق الشريعة الاسلامية.. وهناك الكثير من الوسائل التي يمكن أن تتم بها حماية حقوق المسيحيين في الدول الإسلامية لكن العلمانية لن تكون سوى وسيلة لإثارة الكراهية والفتنة.

إذا درسنا التاريخ فإننا يمكن أن ندرك بوضوح أن الإسلام قد أنقذ المسيحيين في الشام ومصر من ظلم الرومان الذين اضطهدوهم وطاردوهم في الصحاري وانتهكوا حقوقهم وقتلوا الكثير منهم.

الدولة الإسلامية حمت حق الملكية للمسيحيين في مصر والشام في الوقت الذي لم يكن فيه أي مسيحي يتمتع بهذا الحق في أوروبا، ولو استمرت الدولة الرومانية لأبادت المسيحيين في مصر والشام. جاء الإسلام فحرر الشام ومصر وأعاد للمسيحيين حقوقهم وحمى حريتهم الدينية والعقيدية وممارستهم لطقوس دينهم، ولذلك فقد اعتنق الكثير منهم الإسلام حباً واقناعاً وإيماناً، أما من فضلوا التمسك بدينهم فقد آمنوا في ظل الدولة الإسلامية على حقوقهم، وحقق الكثير منهم قدراً كبيراً من الثراء نتيجة ممارسة التجارة.
لقد تمتع المسيحيون في ظل الدولة الإسلامية بحقوقهم بشكل لم يعرفه المسيحيون حتى في دول أوروبا المسيحية التي كان المسيحيون البسطاء فيها يخضعون للإقطاعيين ويعيشون حياة أقرب إلى حياة العبيد، فلايتمتع أحدهم بحق الملكية، فالاقطاعي يملك الأرض ومن عليها.
بهذا المعنى فإن الدولة الإسلامية هي الدولة الوحيدة التي يتمتع فيها الناس بحقوقهم .
مصطلح الدولة المدنية يعني عدم تطبيق نظام الحكم الاسلامي وعدم تطبيق الشريعة الإسلامية. والمدافعون عن الدولة المدنية من مثقفي التبعية يستخدمون كل الحيل لإخفاء الحقيقة، فهم لايقصدون كل هذا الكلام، ولايريدون مصلحة المسيحيين ولا مصلحة المرأة.. فماذا يريدون؟!
انهم بصراحة يريدون الدولة العلمانية الدنيوية، ويستخدمون مصطلح الدولة المدنية للدجل والتزييف وخداع الناس، هم يريدون دولة تقطع علاقتها بالإسلام، ولاتقوم بأي نشاط إسلامي، وتمنع وصول الإسلاميين للحكم حتى باستخدام الحيل القانونية والدستورية، وتقوم باقصاء التيار الإسلامي ونفيه قهراً.
وهم يعرفون أن مصطلح الدولة العلمانية قد أصبح مكروهاً من الجماهير، وأنهم قد فشلوا تماماً في تسويق مصطلح الدولة العلمانية بالرغم من فرض العلمانية قهراً وإجباراً في الكثير من الدول العربية والإسلامية. لذلك فقد تم تغيير المصطلح إلى الدولة المدنية، وهم يحملونه بكل سمات الدولة العلمانية.
ومصطلح الدولة المدنية هو آخر الوسائل التي استخدمها العلمانيون في خداع الجماهير وتضليلها، وباستخدام هذا المصطلح تم تشكيل واقع سياسي يحمل الكثير من المتناقضات والمظالم التي تم فرضها بواسطة قوانين أو نصوص دستورية هدفها مصادرة إرادة الشعب وحقه في الاختيار وحقه في صياغة مستقبله.
وفرض العلمانية مصادرة لحق الشعوب في تقرير مصيرها واختيار المشروع الحضاري الذي يشكل نهضتها، ذلك أن كل الأحزاب العلمانية الليبرالية واليسارية لاتملك مشروعات حضارية وتعرف تماماً أنها لم تعد قادرة على مخاطبة الجماهير أو إقناعها .
والجماهير في الوطن العربي والعالم الاسلامي كله تكره العلمانية باعتبارها أيديولوجية الاستعمار، وقد أصبحت هذه الجماهير تدرك أن العلمانية هي الوسيلة التي يفرض بها الغرب سيطرته على المنطقة.
العلمانية هي أيديولوجية الشر، ولذلك يحاول العلمانيون أن يخفوا وجهها القبيح خلف قناع مصطلح جديد هو الدولة المدنية.
ولذلك يمكننا أن نقول بوضوح إن الدولة الإسلامية دولة غير عسكرية يستخدم فيها الجيش لقتال الأعداء والدفاع عن الوطن، وتستخدم فيها الشرطة لحماية أمن الناس وحماية حقوقهم، وهي دولة تقوم على احترام حقوق الإنسان.
لكن الدولة الإسلامية ليست دولة علمانية، وهناك تناقض واضح بين الإسلام والعلمانية، وفرض هذه العلمانية هو انتهاك لحقوق المسلمين وامتهان لكرامتهم ومصادرة لحريتهم.
والدولة الإسلامية دولة متميزة من يريد أن يفهمها لابد أن يدرسها بمصطلحاتها وبتجربتها التاريخية الإنسانية، وليس بمصطلحات الغرب، وقياساً على تجاربه.
الإسلام وحد الأمة، وبنى دولة الأمة التي يجتمع في ظل عدلها كل الأجناس والألوان والأعراق، وتحمي حقوق كل المواطنين، وتعطي الشورى الشرعية لكل قراراتها.. الإسلام بنى دولة متميزة عن كل التجارب الغربية القديمة والحديثة، ولقد صنع الإسلام حضارة تطور في ظلها عقل الإنسان وفكره وامتلك الأول مرة في التاريخ الحق في التعليم مدى الحياة والحق في الاتصال بدون قيود بكل ما يتضمنه هذا الحق من امكانيات لإدارة المناقشة الحرة.
الدولة الإسلامية دولة متميزة لذلك فإن العلماء لابد أن يدرسوا بعمق هذا التميز لكي يتمكنوا من مواجهة مثقفي التبعية الذين يضللون الجماهير بتلك المصطلحات الغربية ويحتمون بقبضة السلطة الحديدية التي تستأجرهم ليزينوا باطلها، وليثيروا الغبار الذي يحجب مخططاتها.
إن المثقفين الإسلاميين يدركون أن هناك معركة ثقافية قد فرضت عليهم، وهم يواجهونها بتقديم دراسات متعمقة توضح جوانب التميز في الدولة الإسلامية، وتعرض للجمهور تاريخها الصحيح، وبدون استخدام لتلك المصطلحات الغربية التي يحاول المثقفون المتغربون والسلطات التي تمولهم أن يفرضوها علينا.
مصطلحات الغرب غير قادرة على وصف واقعنا والتعامل مع تاريخنا، واستخدامها جزء من التبعية الثقافية والسياسية، ولابد أن ترفض تلك المصطلحات في إطار كفاحنا المشروع للتحرر من الاستعمار الثقافي، وفي إطار كفاحنا لحماية هويتنا وحقنا في الحياة المتميزة .

ناصر التوحيد
04-15-2007, 04:38 PM
الدولة المدنية صورة للصراع بين النظرية الغربية والمُحْكَمات الإسلامية‏

‏(1-2)‏
http://saaid.net/Doat/alsharef/37.htm

‏(2-2)‏
http://saaid.net/Doat/alsharef/38.htm

ناصر التوحيد
04-15-2007, 05:52 PM
لقد تجلت الحرية السياسية في الإسلام من خلال مبدأ «الشورى» الذي نطق به القرآن الكريم بشكل صريح «وأمرهم شورى بينهم»... فلا دكتاتورية ولا استبداد ولا ارادة مفروضة في الإسلام بل هناك تشاور من اجل استخراج الرأي الصائب، والوصول إلى الحكم الافضل. فالاسلام «يعطي للامة صلاحية ممارسة امورها عن طريق الشورى مالم يرد نص خاص على خلاف ذلك». ويكون مبدأ الشورى بذلك «قد أعطى الحرية السياسية في الإسلام الصيغة النظرية الضرورية لممارسة الحريات الفردية والاجتماعية المختلفة في اتجاه المثال الاعلى»، كما يسمح «بالرجوع إلى رأي الاكثرية عند الاختلاف» . وعدا مبدأ الشورى الذي تمارس الاُمّة من خلاله دورها في الخلافة، هناك أيضاً مبدأ «الولاية» الذي تحدثت عنه الآية القرآنية «والمؤمنون والمؤمنات بعضهم اولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر». ويراد بالولاية ان يتولى المؤمن امور المؤمن «بقرينة تفريع الامر بالمعروف والنهي عن المنكر عليه»، الامر الذي يؤدي إلى حدوث حالة من الانسجام والتعادل في المجتمع الاسلامي، والاستقرار السياسي في النظام الحاكم، لكي يُتاح له التفكير والعمل على أحسن وجه.
وقد طبّق الرسول محمد «صلّى الله عليه وآله وصحبه وسلم» مبدأ «المشاورة» استجابة للطلب الالهي الذي عرضته الآية القرآنية «وشاورهم في الأمر فاذا عزمت فتوكّل على الله». وقيام النبي «صلّى الله عليه وآله وصحبه وسلم» وهو المعصوم ـ بمشاورة المسلمين، انما يعبّر عن مدى الاهمية التي يوليها الإسلام للمسلمين ، ومدى احترامه لحرية الرأي ليشعر الجماعة بدورها الايجابي في التجربة والبناء».
كما انّ مبدأ «البيعة» من المبادىء المهمة التي قامت عليها الحرية السياسية في الإسلام وهي من نظام الانتخابات لتنتخب الاُمّة حاكمها الذي يحكمها. والبيعة اجماع جماهيري أو اتفاق الاكثرية الجماهيرية على الحاكم الذي يحكمها. لكي يصبح في مقدور هذا الحاكم ان يؤدي دوره بشكل افضل وإلاّ فقد مصداقيته ونجد مبدأ «البيعة» معمولاً به عند خلفاء الاُمّة ونجد ان بيعتهم واجبة عليها ولا يحق لأحد من افرادها التخلف عنها اشعاراً لها ـ أي الاُمّة ـ بخلافتها العامة وبأنها بالبيعة تحدد مصيرها، وان الإنسان حينما يبايع يساهم في البناء ويكون مسؤولاً عن الحفاظ عليه».
كما انّ الإسلام قد اباح للامة نقد الجهاز الحاكم واعتبره جزءاً اساسياً من عملية اصلاح ذلك الجهاز وتقويمه وحفظه من عملية الانحراف، لمنع الاخطاء المقصودة وغير المقصودة ومنع التنصل عن القوانين والمبادىء، وعندما تكون مراقبة الاُمّة قوية ومحاسبتها شديدة لن يكون بمقدور الحاكم ان يهضم حقوقها وينحرف عن مبادئها.لكن لو انحرف الحاكم عن الخط بحيث لا تبقى له ولاية بالمعنى الشرعي «فانّ من مسؤولية الاُمّة ان تتحرك من اجل العمل على ابعاده عن موقع المسؤولية بالطرق الشرعية انطلاقاً من كل الاحاديث التي تحدثت عن مقاومة السلطة المنحرفة »
ومع انّ الإسلام يبيح للمسلم حرية نقد الجهاز الحاكم بأسره، وبكافة دوائره ومرتكزاته إلاّ انّه وضع لعملية النقد قيوداً لا يجوز اجتيازها ارادها ان تكون عملية تعصب لله لا للنفس والاهواء وان تكون موضوعية صحيحة بعيدة عن التأثيرات العاطفية ومرتكزة إلى قاعدتي «الخوف من الله تعالى» و«طلب رضاه» وبدون ذلك ستكون عملية اضعاف وهدم للجهاز الحاكم بدلاً من أن تكون عملية تصحيح وتقويم، فالأمّة «لا يجوز لها ممارسة هذه الحرية بطريقة التشهير الذي يحاول تسجيل النقاط واظهار العيوب بعيداً عن اسلوب الاصلاح.. لان الهدف من النقد هو تغيير الواقع وليس التنفيس عن عقدة أو التسجيل لنقطة خطأ على الفريق الآخر».

الإنسان في ظل الحضارة الغربية المادية

ومما يؤسف له وقوع الكثير من ابناء العالم الاسلامي تحت تأثير الدعايات الغربية والحملات الاعلامية المكثفة التي تحاول ان تقدم للجيل الاسلامي صورة زائفة براقة عن الغرب على صعيد الحرية الفكرية والثقافية وتملأ اسماعهم بالحديث عن «الديمقراطية» و «العلمانية» و«الليبرالية »و«المجتمع المدني » القائمة على اساس مادي ومنفعي بحت وانقادت مع شهوات الإنسان واهوائه ولذائذه إلى اقصى حد ... واثبتت التجربة العملية التي مرت بها انها حطمت الروح الإنسانيّة والفضائل السامية في الإنسان وانزلته إلى مستوى البهائم والحيوانات، وصدته عن ارتقاء سلم التكامل الذي هيأته له طبيعة الوجود... فالانسان حرية مطلقة لا يقيّدها قيد ولا يكبحها ضابط فلا اله ولا دين ولا اخلاق ثابتة، وهكذا يتمزق الإنسان الاوروبي بين الدعوات المتضادة دون ان يهتدي إلى السبيل القويم».

ففي ظل النظام الرأسمالي الغربي المرتجل انبثقت حلقات متسلسلة من المآسي الاجتماعية بسبب التحكم ومظاهر الاستغلال والاستهتار بحقوق الآخرين ومصالحهم من تلك العقلية الديمقراطية الرأسمالية المادية في اتجاهها ونزعاتها واهدافها واهوائها والتي لا تعرف للقيم الروحية مفهوماً في عقليتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية .
فالحرية الاقتصادية التي تنادي بها الرأسمالية تؤدي إلى حدوث انقسام فظيع بين طبقات المجتمع مما نجم عنه في نهاية الامر سيطرة الاقلية على الموقف والامساك بزمام الامور وقهر الحرية السياسية «فان الفئة الرأسمالية بحكم مركزها الاقتصادي من المجتمع وقدرتها على استعمال جميع وسائل الدعاية وتمكنها من شراء الانصار والاعوان تهيمن على مقاليد الحكم في الاُمّة وتتسلم السلطة لتسخيرها في مصالحها والسهر على مآربها، واصبح التشريع والنظام الاجتماعي خاضعاً لسيطرة رأس المال، بعد ان كان المفروض في المفاهيم الديمقراطية انّه من حق الاُمّة جميعاً، وهكذا تعود الديمقراطية الرأسمالية في نهاية المطاف حكماً تستأثر به الاقلية وسلطانا يحمي به عدد من الافراد كيانهم على حساب الآخرين بالعقلية النفعية التي يستوحونها من الثقافة الديمقراطية الرأسمالية».
وهكذا نرى ان النظام الغربي الرأسمالي قد اقام تشريعه على اساس الفرد ومنافعه الذاتية، فلحق بالمجتمع الوان المآسي والويلات على كافة الاصعدة
ولم يكن المجتمع الذي طبقت فيه التجربة الاشتراكية بأحسن حظاً من المجتمع الرأسمالي، ذلك انها قد الغت الشخصية الفردية وأقامت نظامها على اساس المجتمع الامر الذي ادى إلى تدمير الفرد والمجتمع معاً، وانتهكت فيه حقوق الافراد وسُلبت منهم حرياتهم وارادتهم وقُتلت فيهم تطلّعات الطبيعة فالفرد في ظل النظام الاشتراكي خسر الحرية المهذبة واغرق نفسه في البحر الاجتماعي المتلاطم؟! وكيف يمكن ان يطمع بالحرية انسان حرم من الحرية في معيشته وربطت حياته الغذائية ربطاً كاملاً بهيئة معينة مع ان الحرية الاقتصادية والمعيشية هي اساس الحريات جميعاً».
لقد مني المجتمع الغربي بفجائع وتعرض إلى هزّات عنيفة بفعل الانظمة التي تحكمه، هذه الانظمة التي لا تقيم وزناً للاخلاق، ولا تعترف بالاتزان الفكري وتنطلق مع رغبات الإنسان الجامحة ولا تمتلك رؤية واضحة للحياة ولا تنطلق من قاعدة فكرية صحيحة
اما ما يقال عن الديمقراطية الرأسمالية فهي الاخرى «محكومة عليه بالانهيار والفشل المحقق في نظر الإسلام، ولكن لا باعتبار ما يزعمه الاقتصاد الشيوعي من تناقضات رأس المال بطبيعته وعوامل الفناء التي تحملها الملكية الخاصة في ذاتها... بل انّ مرد الفشل والوضع الفاجع إلى مفاهيمها المادية الخالصة التي لا يمكن ان يسعد البشر بنظام يستوحي جوهره منها ويستمد خطوطه العامة من روحها وتوجيهها».
فالديمقراطية الغربية وهم وسراب في ظل الحضارة الغربية التي عجزت عن وضع الحلول لمشاكل الإنسان المعاصر ويرجع الكثير من عناء الإنسان وشقائه في اقطار الارض إلى القائمين على هذه البلدان التي تتبجح بالتقدم واحترام الإنسان والدفاع عن حقوقه.. ولو افترضنا انها تعترف بحقوق ما، فهي لا تعترف بها إلاّ للانسان الغربي أو لفئة معينة داخل المجتمع الغربي ومن الزاوية المادية بالطبع. اما الإنسان الذي يعيش في الشرق لاسيما الإنسان المسلم فلا حق له ولا قيمة ولا يحظى بأهمية كبيرة في اهتماماتها.. واللافتات التي تُرفع والشعارات التي تردد حول كرامة الإنسان وحريته فقد اثبتت الوقائع والاحداث والمواقف السياسية والعسكرية كذبها وزيفها، وانها لم تكن إلاّ من باب التضليل والخداع، فنحن نجد انّ «الديمقراطية الحديثة ادت إلى تقسيم العالم اليوم إلى كتلتين: كتلة تجمع الدول الكبرى في العالم التي تجد من حقها ان تقرر مصير الإنسانيّة ومصير هذا الكوكب بشكل عام، وكتلة اخرى تجمع الدول الضعيفة والشعوب المتأخرة التي تعيش تحت رحمة الدول الكبرى».
الجرائم التي ارتكبها الغرب في العصر الحديث تؤكد على انّ الإنسان الغربي لازال بعيداً كل البعد عن الإنسان الذي يريده الإسلام الإنسان الذي يحمل انسانيته معه دائما، وتتغلب فيه ارادة الخير على نوازع الشر «ان التاريخ يحكم بصراحة تامّة بانّ جرائم الاستعمار البريطاني في آسيا وافريقيا ومجازر امريكا في فيتنام ومذابح الفرنسيين في الجزائر وجرائم البرتغاليين وسائر الدول الاستعمارية داخل مستعمراتها تفوق ما ارتكبه الاسكندر المقدوني وجنكيز خان المغولي في وحشيتها وبربريتها وسفكها لدماء الابرياء». كما ان «الجرائم المروعة التي مارسها البيض في اوروبا وأميركا بحق الهنود الحمر والزنوج لهي مما يندى لها جبين .
لقد اضحى التفسّخ وانفصام العرى الاجتماعية وضياع القيم وشيوع الامراض النفسية والبدنية لاسيّما الجنسية سمة من سمات المجتمعات الغربية كما أدّى «الانحطاط الثقافي ورواج المفاسد والادمان على المخدّرات وتفاقم المشكلات المعاشية إلى ارهاق اعصاب الرجال في الغرب حيث تراهم عاجزين عن معاملة ازواجهم بالعطف والحنان والمودة وان الخشونة التي يمارسها الرجل الغربي مع زوجته في ذلك المجتمع لا نجد لها مثيلاً حتى في اكثر القبائل توحّشاً في العالم. ان الاحترامات والمجاملات التي يتصور البعض انها موجودة بين الرجل والمرأة في الغرب لا وجود لها إلاّ في الافلام التلفزيونية والسينمائية والمجلات الدعائية فقط. اما في الحياة العائلية داخل المجتمع الغربي فليس لها أي أثر. ان الغربيين لا يزالون يجهلون قيمة المرأة ومكانتها».
لقد اكثر الإنسان الغربي من تشدقه في الدفاع عن حقوق الإنسان ودوخ العالم بالحديث عن رسالته وقيمه... وعندما مارس هذا الإنسان تلك الرسالة التي نادى بها نراه قد «استرقّ وجوّع وسدّ منافذ العلم والحضارة عمّن تسلط عليهم من الناس، وخلف عالماً يئن من الجور والطغيان والعذاب، عالماً تمزّقه البغضاء والحروب»
ورغم وضوح مفاسد الغرب، وشذوذ الحرية الغربية، وضياع الإنسان والقيم الإنسانيّة في مستنقع المادية الغربية، نجد هناك من يدافع عن الديمقراطية الغربية، ويوجه الانتقادات اللاذعة للاسلام.والواقع انّ هؤلاء «لا يريدون من الحرية التي ينعون على الإسلام انّه يفقدها إلاّ هذا اللون من الابتذال والخلاعة الذي يشيع في الاجواء الغربية بصورة واسعة».
ان الإنسان المسلم في مأمن من الكوارث التي يتعرض لها الإنسان الغربي وليس من السهل ان يفقد انسانيته ويتحول إلى موجود لا يفكّر إلاّ بنفسه ومصالحه ورغباته. دون ان يعير اهتماماً لما يلحق بالعالم من ضرر وخسارة ذلك لانّ «العقيدة الإسلامية لم تُضحّ بكيانه الروحي في سبيل ان تيسر له المتاع المادي بل يسّرت له ان يلبي اشواق الـروح، وضرورات الجسد حين اعترفـت بثنائيته وعالجته على هدى هذه الثنائية».
والواقع انّ عجز الحضارة والقيم الغربية وفشل رسالة الغرب ـ بما فيها من مبادىء برّاقة وجذّابة ـ في تحقيق أي دور بناء على الارض ومساهمتها في تضييق الخناق على الإنسان في مناطق كثيرة من العالم وعدم فسح المجال له في ممارسة حريته لا سيما الفكرية والسياسية، ليُبشر بمستقبل الإسلام... النظام الوحيد القادر على فهم الإنسان واستيعابه، وتحقيق رغباته وطموحاته الخيّرة، كما يبشر أيضاً بأنه «سيقود الإنسان من جديد لأنّه لا يخالف طبيعة الإنسان وفطرته وإنسانيته ، ولابدّ ان تعبّر الفطرة عن نفسها في نهاية المطاف، والإسلام هو دين الفطرة في مبناه ومعناه».

منقول للفائدة

jass
05-11-2007, 07:34 PM
بارك الله فيك أخي ناصر التوحيد و جزاك الله خيراً على هذه الإضافات المفيدة

ولي عودة بعد الامتحانات ان شاء الله

نترقب المزيد في شأن الشورى و آليات تطبيقها ( النظام الأمثل للانتخاب في الشورى، سبل تطبيقها، اسئلة تتعلق بالتقنين .. إلخ )