شريف المنشاوى
03-15-2007, 07:16 AM
.. بل النقاب واجب ؛ ( بحث عن الحجاب فى مفهوم السلف الصالح و العلماء المعتبرين و عرض أدلته من الكتاب و السنة فى ضوء فهمهم للأدلة )
بسم الله الرحمن الرحيم وَلِيِّ المتقين ،
و الحمد لله رب العالمين ، لا يهدي كيد الخائنين ،
و أشهد أن لا إله إلا الله وحده ، لا شريك له ، قاسمُ ظهر الماكرين ،
و أشهد أن محمداً عبده و رسولُه سيدُ ولدِ آدمَ أجمعين .
اللهم صَلِّ و سَلِّم و بارك عليه و على آله و صحابته ، و من تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين .
أما بعد
ففي مرحلة الغربة الثانية التي تنبأ بها رسول الله صلى الله عليه و سلم في قوله " بدأ الإسلام غريباً ، و سيعود كما بدأ ، فطوبى للغرباء " رواه مسلم – 145
و في حال انفتاح ما أخبر به الصادق المصدوق صلى الله عليه و سلم فى قوله " سيأتي على النـــــــاس سنواتٌ خَـدَّاعاتٌ ، يُصَدَّقُ فيها الكاذبُ ، و يُكَذَّبُ فيها الصادق ، و يؤتمن فيها الخائن ، و يُخَوَّنُ فيها الأمين ، و ينطق فيها الرُّوَيْبِضَةُ "
قيل : و ما الرويبضة ؟ .
قال : " الرجل التافه ـــ و فى رواية : السفيه ، و فى رواية : الفويسق ـــ يتكلم فى أمر العامة " أخرجه ابن ماجه و أحمد و صححه الحاكم و وافقه الذهبي و حسنه الألباني في الصحيحة رقم 1887
و ما أخبر به صلى الله عليه و سلم فى قوله " إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد ، و لكن يقبض العلم بقبض العلماء ، حتى إذا لم يُبق عالما اتخذ الناسُ رؤساء جُهَّالاً ، فسُئِلوا فَأَفْتَوْا بغير علم ، فضلُّوا و أضلوا " رواه البخاري و مسلم و الترمذي و أحمد .
و ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "يكون في آخر الزمان دَجَّالون كذابون ، يأتونكم من الأحاديث بما لم تسمعوا أنتم و لا آباؤكم ، فإياكم وإياهم لا يُضلونكم و لا يفتنونكم "
رواه مسلم في المقدمة رقم 7 و الطحاوي في المشكل .
و في حال تداعي حملات الغزو الفكري الداخلي و الخارجي من كل حدب و صوب ،
إلى غير ذلك مما يعيشه المسلمون في قالَب ( أزمة فكرية غثائية حادة ) ، أفقتدهم – إلا من
عصم الله - توازنهم ، و زلزلت كيانهم ، و شَوَّهَتْ أفكارهم ، كُلٌّ بقدر ما علَّ من أسبابها و
نَهَل ، فصار الدَّخَلُ ، و ثار الدَّخَنُ ، و ضعفت البصيرة ، و وجد أهل الأهواء و البدع مجالاً
فسيحاً لنشر إفكهم و نثر بدعهم حتى أصبحت في كفِّ كل لاقط ، فاستشرت في الآفاق ، و
امتدت من دعاتها الأعناق ، و عاثوا في الأرض الفساد ، و تجارت الأهواء بأقوام بعد أقوام ،
إلى آخر ذلك من الويلات التي يتقلب المسلمون في حرارتها ، و يتجرعون مرارتها ..
و في غمار ذلك تجسدت الأدلة المادية التي قامت في ساحة المعاصرة على ما ذَرَّ قرنُه من
الخوض في شريعة الله بالباطل ، و ما تولد عن ذلك من فتن تغلي مراجلها ، لذهاب العلماء ،
و قعود المتأهلين عن التحمل و البلاغ ، و تولي ألسنتهم و أقلامهم يوم الزحف على كرامته :
فبقى الذين إذا يقولوا يكذبـــوا ********* و مضى الذين إذا يقولوا يصدقــــوا
و إذا بسرب من المبتدعة يحاولون اقتحام بقايا العقبة لتكثيف الأمية الدينية ، و زيـــادة غربة
الإسلام بين أهله .
و من المضحكات المبكيات
ما يشيع أعداء الإسلام حول الحجاب من أراجيف ينطق بها الشيطان على ألسنتهم ، مثل قولهم : إن الحجاب يُسَهِّل عملية إخفاء الشخصية ، و قد يتستر بعض النساء
اللواتي يقترفن الفواحش ، و يتعاطين المآثم ، { ذلك قولهم بأفواههم يضاهِئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أَنَّى يؤفكون } .
إنه قول بوار لا يصدر إلا ممن أكلهم الهوى ، و أعجزهم البيان ، فغفلوا عن حرمة الحق الذي أنزله علام الغيوب ، و نسوا أن الله سبحانه يحكم و لا معقب لحكمه ، و يقضي و لا رادَّ لقضائه ، { لا يُسْألُ عما يفعل و هم يُسألون } .
فما حكم الله به عَدْل ، و ما أخبر به صِدْق { و تمت كلمة ربك صدقاً و عدلاً } ، فقد حكم سبحانه بوجوب النقاب – كما سأبينه إن شاء الله من خلال البحث – أو إستحبابه على الأقل - كما يقول
به بعض الأفاضل – و أخبر سبحانه أنه أزكى و أطهر لقلوب المؤمنين و المؤمنات .
فحينما يأتى مرضى القلوب و يشغبون بهذه الاراجيف أو غيرها ، فلا يمكن بأى حال أن يسوقنا هذا التخوف المحتمل من سوء إستخدام النقاب إلى التخلي عن حكم الله عز و جل ، و كل عاقل يفهم
من سلوك المرأة التي تبالغ في ستر نفسها حتى أنها لا تبدي وجهاً و لا كفاً ، فضلاً عن سائر بدنها أن هذا دليل الاستعفاف و الصيانة ، قال تعالى بعد الأمر بالحجاب : { ذلك أدنى أن يعرفن } قال
أبو حيان : ( لتَسَتُّرهِنَّ بالعفة ، فلا يُتعرض لهن ، و لا يَلقين ما يكرهن ، لأن المرأة إذا كانت في غاية التستر و الانضمام لم يُقْدَم عليها بخلاف المتبرجة ، فإنها مطموع فيها ) .
و كل عاقل أيضاً يعلم أن تبرج المرأة و إظهارها زينتها يشعر بوقاحتها و قلة حيائها و هوانها على نفسها ، و من ثم فهى الأوْلى أن يساء بها الظن بقرينة مسلكها الوخيم حيث تعرض زينتها كالسلعة ،
فتجر على نفسها وصمة خبث النية ، و فساد الطوية ، و طمع الذئاب البشرية ، و من أوقع نفسه مواقع التهمة ، فلا يلومن من أساء به الظن .
إن هؤلاء المنافقين مرضى القلوب من فساق هذا الزمان الذين يتشدقون بأن الحجاب يمكن أن يكون وسيلة لإخفاء هوية البغي يجب أن يؤدبوا و يعزروا أشد التأديب و أعنف التعزير ، لأن لهم نصيباً
وافراً من قوله تعالى { و الذين يؤذون المؤمنين و المؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً و إثماً مبيناً } .
و لقد كان إخوانهم من منافقي المدينة أفقه منهم و أعقل حينما كانوا يتجرأون على السافرة – مكشوفة الوجه – فإذا أُخِذُوا في ذلك قالوا – تخفيفاً لجريمتهم – حَسِبناها أمَةً ، لأنهم فهموا من المبالغة
في التستر أن صاحبتها عفيفة محصنة
.و اليوم انعكس الحال ، و انقلبت المفاهيم رأسا على عقب ، بفضل أنصار المرأة و محرريها ، فصارت التي تحتجب
مستعبدة ، و صارت المتبرجة امرأة حرة متحررة – من لباسها قطعاً ! – لقد شرع الله سبحانه و تعالى حكمه في مثل هؤلاء المنافقين فقال مباشرة بعد الأمر بإدناء الجلابيب ، { لئن لم ينته
المنافقون و الذين في قلوبهم مرض و المرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلاً ملعونين أينما ثٌّقِفُوا أُخِذوا و قُتِّلوا تقتيلاً سنة الله في الذين خلَوْا من قبلُ و لن تجد لسنةِ الله
تبديلاً } .
ثم إن من المتواتر لدى الكافة أن المسلمة التي تتحجب في هذا الزمان تذوق الويلات من الأجهزة الحكومية ، و الإدارات الجامعية ، و الحملات الإعلامية ، و السفاهات من المنافقين في كل مكان ،
ثم هي تصبر على هذا كله ابتغاء وجه الله تعالى ، و لا يفعل هذا إلا مؤمنة صادقة رباها القرآن و السنة ، فإذا حاولت فاسقة مستهترة ساقطة أن تتجلبب بجلباب الحياء ، و تواري عن
الأعين زلتها
بإرتداء شعار العفاف و رمز الصيانة ، و تستر عن الناس آفتها و فجورها بمظهر الحَصان الرزان فما ذنب الحجاب إذن ؟ .
إن الاستثناء يؤيد القاعدة و لا ينقضها كما هو معلوم لكل ذي عقل ، مع أن نفس هذه المجتمعات التي يروج فيها هذه الأراجيف ، قد بلغت من الإنحدار و التردي في مهاوي التبرج و الفسوق و
العصيان ما يغني الفاسقات عن التستر ، و لا يحوجهن إلى التواري عن الأعين .
و إذا كان بعض المنافقين يتشدقون بأن في هذا خطراً على ما يسمونه الأمن فليخبرونا بالله كيف يهتز الأمن و يتزلزل بسبب المنتقبات مع أنه لم يتزلزل مرة واحدة
بسبب السافرات و المتبرجات ؟
هب أن رجلاً إنتحل شخصية قائد عسكري كبير ، و ارتدى بَزَّته ، و تحايل بذلك ، و استغل هذا الثوب فيما لا يباح له كيف تكون عقوبته ؟
و هل يصلح سلوكه – في نظركم – مُسَوِّغاً للمطالبة بإلغاء الزي الرسمي المميز للعسكريين مثلاً خشية أن يسيء أحَدٌ استعماله ؟
و ما يقال عن البزة العسكرية يقال عن لباس الفتوة أو ما يسمونه بزي الرياضة فإذا وجد في المجتمع الجندي الذي يخون و الفتى الذي يسيء و الرياضي الذي يذنب ، هل يقول عاقل إن على الأمة
أن تحارب شعار العسكر و لباس الرياضة .. لخيانات ظهرت و إساءات تكررت ؟!
فإذا كان الجواب لا
فلماذا يقف أعداء الإسلام من الحجاب هذا الموقف المعادي ؟!
و لماذا يثيرون حوله الشائعات الباطلة المغرضة ؟!
أقول لكم :
إن الهدف البعيد من وراء هذه الأراجيف الكاذبة هو تنفير المسلمات من الحجاب الذي فرضه الله عز و جل ، و ترسيخ روح الإشمئزاز و الكراهية من التجلبب به ، و التحصن بعفافه ، حتى إذا
خلعن الحجاب ظهرن في المجتمع بأقبح ما تظهر به امرأة في تهتكها و انحلالها ،
هذا ما يريدون !.
إن الإسلام كما يأمر المرأة بالحجاب ، يأمرها كذلك أن تكون ذات خلق و دين ،
إنه يربي مَنْ تحت الحجاب قبل أن يسدل عليها الجلباب ،
و يقول لها { و لباس التقوى ذلك خير }
حتى تصل إلى قمة الطهر و الكمال ، قبل أن تصل إلى قمة الستر و الإحتجاب ، فإذا اقتصرت امرأة على أحدهما دون الآخر ، تكون كمن يمشي على رجل واحدة ، أو يطير بجناح واحد .
إن التصدي لهؤلاء المستهترات – إن وجدن – هو سهل
اصدروا قوانين صارمة بتشديد العقاب على كل من تسول له نفسه استغلال الحجاب لتسهيل الجرائم و إشباع الأهواء – هذا إن صدقتم – و هي موجودة لمنتحلي البزات العسكرية .
فمثل هذا التشديد جائز شرعاً في شريعة الله الغراء التي حرصت على صيانة النفس و وقاية العرض و جعلتهما فوق كل اعتبار ، و إذا كان التخوف من سوء استغلال الحجاب مخطرة محتملة ، إلا
أن المخطرة في التبرج و السفور بنشر الفاحشة و فتح ذرائعها مقطوع بها لدى كل عاقل .
فيا أخيتي المنتقبة في عهد الغربة الثانية :
إن الحجاب ليس تشدداً و لا غلواً و لا تعنتاً ، بل هو صبر على الدين و قبض على الجمر ، فاصبري ، و ليكن أقوى رد على هذه الحملات مزيد من التمسك به ، و مزيد من الدعوة
إليه .
الزمي طريق الهدى و لا يضرك قلة السالكين و إياك و طرق الضلالة و لا تغتري بكثرة الهالكين .
أجل ..
لا تغتري باللائي نبذن الحجاب و لتأكل من شجرة الغزو الفكري و العولمة من شاءت التي زينوها و زخرفوها و قالوا إنا لك لمن الناصحين !.
استحضري دوماً قول رسول الله صلى الله عليه و سلم " من أرضى الناس بسخط الله وَكَلَهُ إلى الناس ، و من أسخط الناس برضا الله كفاه الله مؤنة الناس " الألباني 438
و لئن اجتمع عليكِ دعاة السوء و تكاثر أمامك مشاهيرٌ ذوو مناصب و ألقاب :
فاعلمي أن صاحب الحق الفاهم لحقه و المحيط بأطرافه لا يبالي بالمخالفين و إن كثروا أو ضخمت ألقابهم و لا يبالي بكل ما يولدونه من شبهات و إن بدت كبيرة قوية :
تزول الجبال الراسيات و قلبه ***** على العهد لا يلْوي و لا يتغير
و لا يجعل مناط الحق بمركز و لا لقب و لا شهرة
لأنه يعلم أن من سنن الله في الإجتماع و الكون أن يسلط الأضداد بعضها على بعض :
يسلط الباطل على الحق
و الضلال على الهدى
و الخطأ على الصواب
و الجاهل على العالم
و السفيه على الحليم
و الأحمق على الحكيم
و أن هذه ضرورة إجتماعية تخلص الحق من شوائب الباطل و الصواب من متاهات الأخطاء فيمتاز الحق بأهله و يتميز الباطل بأهله
كتلك الضرورة الكونية التي يسلط الله فيها الليل على النهار
ليخرج الفجر ناصلاً من سواد الليل
{ فأما الزبد فيذهب جفاءً و أما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض }
و أبدأ من المداخلة القادمة – إن شاء الله – مستعيناً بالله مناقشة الأدلة معكِ ، لتكوني على بينة ،
فأعيريني السمع و البصر و الفؤاد و العقل يرحمني الله و إياكِ
و كوني معي أنا أخوكِ المسلم لنعبر معاً الصراط إلى الجنة
و ندع هؤلاء على ما هم عليه
هيا هيا لا تتوقفي لا تترددي لا تتأخري عنا
ألا إن سلعة الله غالية
ألا إن سلعة الله الجنة
بسم الله الرحمن الرحيم وَلِيِّ المتقين ،
و الحمد لله رب العالمين ، لا يهدي كيد الخائنين ،
و أشهد أن لا إله إلا الله وحده ، لا شريك له ، قاسمُ ظهر الماكرين ،
و أشهد أن محمداً عبده و رسولُه سيدُ ولدِ آدمَ أجمعين .
اللهم صَلِّ و سَلِّم و بارك عليه و على آله و صحابته ، و من تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين .
أما بعد
ففي مرحلة الغربة الثانية التي تنبأ بها رسول الله صلى الله عليه و سلم في قوله " بدأ الإسلام غريباً ، و سيعود كما بدأ ، فطوبى للغرباء " رواه مسلم – 145
و في حال انفتاح ما أخبر به الصادق المصدوق صلى الله عليه و سلم فى قوله " سيأتي على النـــــــاس سنواتٌ خَـدَّاعاتٌ ، يُصَدَّقُ فيها الكاذبُ ، و يُكَذَّبُ فيها الصادق ، و يؤتمن فيها الخائن ، و يُخَوَّنُ فيها الأمين ، و ينطق فيها الرُّوَيْبِضَةُ "
قيل : و ما الرويبضة ؟ .
قال : " الرجل التافه ـــ و فى رواية : السفيه ، و فى رواية : الفويسق ـــ يتكلم فى أمر العامة " أخرجه ابن ماجه و أحمد و صححه الحاكم و وافقه الذهبي و حسنه الألباني في الصحيحة رقم 1887
و ما أخبر به صلى الله عليه و سلم فى قوله " إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد ، و لكن يقبض العلم بقبض العلماء ، حتى إذا لم يُبق عالما اتخذ الناسُ رؤساء جُهَّالاً ، فسُئِلوا فَأَفْتَوْا بغير علم ، فضلُّوا و أضلوا " رواه البخاري و مسلم و الترمذي و أحمد .
و ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "يكون في آخر الزمان دَجَّالون كذابون ، يأتونكم من الأحاديث بما لم تسمعوا أنتم و لا آباؤكم ، فإياكم وإياهم لا يُضلونكم و لا يفتنونكم "
رواه مسلم في المقدمة رقم 7 و الطحاوي في المشكل .
و في حال تداعي حملات الغزو الفكري الداخلي و الخارجي من كل حدب و صوب ،
إلى غير ذلك مما يعيشه المسلمون في قالَب ( أزمة فكرية غثائية حادة ) ، أفقتدهم – إلا من
عصم الله - توازنهم ، و زلزلت كيانهم ، و شَوَّهَتْ أفكارهم ، كُلٌّ بقدر ما علَّ من أسبابها و
نَهَل ، فصار الدَّخَلُ ، و ثار الدَّخَنُ ، و ضعفت البصيرة ، و وجد أهل الأهواء و البدع مجالاً
فسيحاً لنشر إفكهم و نثر بدعهم حتى أصبحت في كفِّ كل لاقط ، فاستشرت في الآفاق ، و
امتدت من دعاتها الأعناق ، و عاثوا في الأرض الفساد ، و تجارت الأهواء بأقوام بعد أقوام ،
إلى آخر ذلك من الويلات التي يتقلب المسلمون في حرارتها ، و يتجرعون مرارتها ..
و في غمار ذلك تجسدت الأدلة المادية التي قامت في ساحة المعاصرة على ما ذَرَّ قرنُه من
الخوض في شريعة الله بالباطل ، و ما تولد عن ذلك من فتن تغلي مراجلها ، لذهاب العلماء ،
و قعود المتأهلين عن التحمل و البلاغ ، و تولي ألسنتهم و أقلامهم يوم الزحف على كرامته :
فبقى الذين إذا يقولوا يكذبـــوا ********* و مضى الذين إذا يقولوا يصدقــــوا
و إذا بسرب من المبتدعة يحاولون اقتحام بقايا العقبة لتكثيف الأمية الدينية ، و زيـــادة غربة
الإسلام بين أهله .
و من المضحكات المبكيات
ما يشيع أعداء الإسلام حول الحجاب من أراجيف ينطق بها الشيطان على ألسنتهم ، مثل قولهم : إن الحجاب يُسَهِّل عملية إخفاء الشخصية ، و قد يتستر بعض النساء
اللواتي يقترفن الفواحش ، و يتعاطين المآثم ، { ذلك قولهم بأفواههم يضاهِئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أَنَّى يؤفكون } .
إنه قول بوار لا يصدر إلا ممن أكلهم الهوى ، و أعجزهم البيان ، فغفلوا عن حرمة الحق الذي أنزله علام الغيوب ، و نسوا أن الله سبحانه يحكم و لا معقب لحكمه ، و يقضي و لا رادَّ لقضائه ، { لا يُسْألُ عما يفعل و هم يُسألون } .
فما حكم الله به عَدْل ، و ما أخبر به صِدْق { و تمت كلمة ربك صدقاً و عدلاً } ، فقد حكم سبحانه بوجوب النقاب – كما سأبينه إن شاء الله من خلال البحث – أو إستحبابه على الأقل - كما يقول
به بعض الأفاضل – و أخبر سبحانه أنه أزكى و أطهر لقلوب المؤمنين و المؤمنات .
فحينما يأتى مرضى القلوب و يشغبون بهذه الاراجيف أو غيرها ، فلا يمكن بأى حال أن يسوقنا هذا التخوف المحتمل من سوء إستخدام النقاب إلى التخلي عن حكم الله عز و جل ، و كل عاقل يفهم
من سلوك المرأة التي تبالغ في ستر نفسها حتى أنها لا تبدي وجهاً و لا كفاً ، فضلاً عن سائر بدنها أن هذا دليل الاستعفاف و الصيانة ، قال تعالى بعد الأمر بالحجاب : { ذلك أدنى أن يعرفن } قال
أبو حيان : ( لتَسَتُّرهِنَّ بالعفة ، فلا يُتعرض لهن ، و لا يَلقين ما يكرهن ، لأن المرأة إذا كانت في غاية التستر و الانضمام لم يُقْدَم عليها بخلاف المتبرجة ، فإنها مطموع فيها ) .
و كل عاقل أيضاً يعلم أن تبرج المرأة و إظهارها زينتها يشعر بوقاحتها و قلة حيائها و هوانها على نفسها ، و من ثم فهى الأوْلى أن يساء بها الظن بقرينة مسلكها الوخيم حيث تعرض زينتها كالسلعة ،
فتجر على نفسها وصمة خبث النية ، و فساد الطوية ، و طمع الذئاب البشرية ، و من أوقع نفسه مواقع التهمة ، فلا يلومن من أساء به الظن .
إن هؤلاء المنافقين مرضى القلوب من فساق هذا الزمان الذين يتشدقون بأن الحجاب يمكن أن يكون وسيلة لإخفاء هوية البغي يجب أن يؤدبوا و يعزروا أشد التأديب و أعنف التعزير ، لأن لهم نصيباً
وافراً من قوله تعالى { و الذين يؤذون المؤمنين و المؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً و إثماً مبيناً } .
و لقد كان إخوانهم من منافقي المدينة أفقه منهم و أعقل حينما كانوا يتجرأون على السافرة – مكشوفة الوجه – فإذا أُخِذُوا في ذلك قالوا – تخفيفاً لجريمتهم – حَسِبناها أمَةً ، لأنهم فهموا من المبالغة
في التستر أن صاحبتها عفيفة محصنة
.و اليوم انعكس الحال ، و انقلبت المفاهيم رأسا على عقب ، بفضل أنصار المرأة و محرريها ، فصارت التي تحتجب
مستعبدة ، و صارت المتبرجة امرأة حرة متحررة – من لباسها قطعاً ! – لقد شرع الله سبحانه و تعالى حكمه في مثل هؤلاء المنافقين فقال مباشرة بعد الأمر بإدناء الجلابيب ، { لئن لم ينته
المنافقون و الذين في قلوبهم مرض و المرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلاً ملعونين أينما ثٌّقِفُوا أُخِذوا و قُتِّلوا تقتيلاً سنة الله في الذين خلَوْا من قبلُ و لن تجد لسنةِ الله
تبديلاً } .
ثم إن من المتواتر لدى الكافة أن المسلمة التي تتحجب في هذا الزمان تذوق الويلات من الأجهزة الحكومية ، و الإدارات الجامعية ، و الحملات الإعلامية ، و السفاهات من المنافقين في كل مكان ،
ثم هي تصبر على هذا كله ابتغاء وجه الله تعالى ، و لا يفعل هذا إلا مؤمنة صادقة رباها القرآن و السنة ، فإذا حاولت فاسقة مستهترة ساقطة أن تتجلبب بجلباب الحياء ، و تواري عن
الأعين زلتها
بإرتداء شعار العفاف و رمز الصيانة ، و تستر عن الناس آفتها و فجورها بمظهر الحَصان الرزان فما ذنب الحجاب إذن ؟ .
إن الاستثناء يؤيد القاعدة و لا ينقضها كما هو معلوم لكل ذي عقل ، مع أن نفس هذه المجتمعات التي يروج فيها هذه الأراجيف ، قد بلغت من الإنحدار و التردي في مهاوي التبرج و الفسوق و
العصيان ما يغني الفاسقات عن التستر ، و لا يحوجهن إلى التواري عن الأعين .
و إذا كان بعض المنافقين يتشدقون بأن في هذا خطراً على ما يسمونه الأمن فليخبرونا بالله كيف يهتز الأمن و يتزلزل بسبب المنتقبات مع أنه لم يتزلزل مرة واحدة
بسبب السافرات و المتبرجات ؟
هب أن رجلاً إنتحل شخصية قائد عسكري كبير ، و ارتدى بَزَّته ، و تحايل بذلك ، و استغل هذا الثوب فيما لا يباح له كيف تكون عقوبته ؟
و هل يصلح سلوكه – في نظركم – مُسَوِّغاً للمطالبة بإلغاء الزي الرسمي المميز للعسكريين مثلاً خشية أن يسيء أحَدٌ استعماله ؟
و ما يقال عن البزة العسكرية يقال عن لباس الفتوة أو ما يسمونه بزي الرياضة فإذا وجد في المجتمع الجندي الذي يخون و الفتى الذي يسيء و الرياضي الذي يذنب ، هل يقول عاقل إن على الأمة
أن تحارب شعار العسكر و لباس الرياضة .. لخيانات ظهرت و إساءات تكررت ؟!
فإذا كان الجواب لا
فلماذا يقف أعداء الإسلام من الحجاب هذا الموقف المعادي ؟!
و لماذا يثيرون حوله الشائعات الباطلة المغرضة ؟!
أقول لكم :
إن الهدف البعيد من وراء هذه الأراجيف الكاذبة هو تنفير المسلمات من الحجاب الذي فرضه الله عز و جل ، و ترسيخ روح الإشمئزاز و الكراهية من التجلبب به ، و التحصن بعفافه ، حتى إذا
خلعن الحجاب ظهرن في المجتمع بأقبح ما تظهر به امرأة في تهتكها و انحلالها ،
هذا ما يريدون !.
إن الإسلام كما يأمر المرأة بالحجاب ، يأمرها كذلك أن تكون ذات خلق و دين ،
إنه يربي مَنْ تحت الحجاب قبل أن يسدل عليها الجلباب ،
و يقول لها { و لباس التقوى ذلك خير }
حتى تصل إلى قمة الطهر و الكمال ، قبل أن تصل إلى قمة الستر و الإحتجاب ، فإذا اقتصرت امرأة على أحدهما دون الآخر ، تكون كمن يمشي على رجل واحدة ، أو يطير بجناح واحد .
إن التصدي لهؤلاء المستهترات – إن وجدن – هو سهل
اصدروا قوانين صارمة بتشديد العقاب على كل من تسول له نفسه استغلال الحجاب لتسهيل الجرائم و إشباع الأهواء – هذا إن صدقتم – و هي موجودة لمنتحلي البزات العسكرية .
فمثل هذا التشديد جائز شرعاً في شريعة الله الغراء التي حرصت على صيانة النفس و وقاية العرض و جعلتهما فوق كل اعتبار ، و إذا كان التخوف من سوء استغلال الحجاب مخطرة محتملة ، إلا
أن المخطرة في التبرج و السفور بنشر الفاحشة و فتح ذرائعها مقطوع بها لدى كل عاقل .
فيا أخيتي المنتقبة في عهد الغربة الثانية :
إن الحجاب ليس تشدداً و لا غلواً و لا تعنتاً ، بل هو صبر على الدين و قبض على الجمر ، فاصبري ، و ليكن أقوى رد على هذه الحملات مزيد من التمسك به ، و مزيد من الدعوة
إليه .
الزمي طريق الهدى و لا يضرك قلة السالكين و إياك و طرق الضلالة و لا تغتري بكثرة الهالكين .
أجل ..
لا تغتري باللائي نبذن الحجاب و لتأكل من شجرة الغزو الفكري و العولمة من شاءت التي زينوها و زخرفوها و قالوا إنا لك لمن الناصحين !.
استحضري دوماً قول رسول الله صلى الله عليه و سلم " من أرضى الناس بسخط الله وَكَلَهُ إلى الناس ، و من أسخط الناس برضا الله كفاه الله مؤنة الناس " الألباني 438
و لئن اجتمع عليكِ دعاة السوء و تكاثر أمامك مشاهيرٌ ذوو مناصب و ألقاب :
فاعلمي أن صاحب الحق الفاهم لحقه و المحيط بأطرافه لا يبالي بالمخالفين و إن كثروا أو ضخمت ألقابهم و لا يبالي بكل ما يولدونه من شبهات و إن بدت كبيرة قوية :
تزول الجبال الراسيات و قلبه ***** على العهد لا يلْوي و لا يتغير
و لا يجعل مناط الحق بمركز و لا لقب و لا شهرة
لأنه يعلم أن من سنن الله في الإجتماع و الكون أن يسلط الأضداد بعضها على بعض :
يسلط الباطل على الحق
و الضلال على الهدى
و الخطأ على الصواب
و الجاهل على العالم
و السفيه على الحليم
و الأحمق على الحكيم
و أن هذه ضرورة إجتماعية تخلص الحق من شوائب الباطل و الصواب من متاهات الأخطاء فيمتاز الحق بأهله و يتميز الباطل بأهله
كتلك الضرورة الكونية التي يسلط الله فيها الليل على النهار
ليخرج الفجر ناصلاً من سواد الليل
{ فأما الزبد فيذهب جفاءً و أما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض }
و أبدأ من المداخلة القادمة – إن شاء الله – مستعيناً بالله مناقشة الأدلة معكِ ، لتكوني على بينة ،
فأعيريني السمع و البصر و الفؤاد و العقل يرحمني الله و إياكِ
و كوني معي أنا أخوكِ المسلم لنعبر معاً الصراط إلى الجنة
و ندع هؤلاء على ما هم عليه
هيا هيا لا تتوقفي لا تترددي لا تتأخري عنا
ألا إن سلعة الله غالية
ألا إن سلعة الله الجنة