ولكنني أفقد جُليبيبا ..

[nour_el_huda]

جليبيب -رضي الله عنه-

قال أنس بن مالك رضي الله عنه : كان رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقال له جُليبيب ، كان في وجهه دمامة و كان فقيراً ويكثر الجلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم : يا جُليبيب ألا تتزوج يا جُليبيب؟ فقال : يا رسول الله ومن يزوجني يا رسول الله؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا أزوجك يا جُليبيب.

فالتفت جُليبيب إلى الرسول فقال: إذاً تجدُني كاسداً يا رسول الله ..

فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: غير أنك عند الله لست بكاسد ، ثم لم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يتحين الفرص حتى يزوج جُليبيا فجاء في يوم من الايام رجلٌ من الأنصار قد توفي زوج ابنته فجاء الى النبي صلى الله عليه وسلم يعرضها عليه ليتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم فقال له النبي : نعم ولكن لا أتزوجها أنا !!
فرد عليه الأب : لمن يا رسول الله !!

فقال صلى الله عليه وسلم: أزوجها جُليبيبا .. فقال ذلك الرجل: يا رسول الله تزوجها لجُليبيب ، يارسول الله إنتظر حتى أستأمر أمها !!

ثم مضى إلى أمها وقال لها أن النبي رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب إليك ابنتك قالت : نعم ونعمين برسول الله صلى الله عليه وسلم ومن يرد النبي صلى الله عليه وسلم
فقال لها : إنه ليس يريدها لنفسه ...!!
قالت : لمن ؟
قال : يريدها لجُليبيب !!
قالت : لجُليبيب لا لعمر الله لا أزوج جُليبيب وقد منعناها فلان وفلان ...
فاغتم أبوها لذلك ثم قام ليأتي النبي صلى الله عليه وسلم فصاحت الفتاة من خدرها وقالت لأبويها : من خطبني إليكما؟؟
قال الأب : خطبك رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
قالت : أفتردان على رسول الله صلى الله عليه وسلم .. أمره ادفعاني إلى رسول الله فإنه لن يضيعني !
قال أبوها : نعم ..
ثم ذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال : يا رسول الله شئنك بها ... فدعى النبي صلى الله عليه وسلم جُليبيبا ثم زوجه إياها ورفع النبي صلى الله عليه وسلم كفيه الشريفتين وقال: اللهم صب عليهما الخير صباً ولا تجعل عيشهما كداً كداً !!

ثم لم يمضي على زواجهما أيام حتى خرج النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه في غزوة وخرج معه جُليبيب فلما أنتهى القتال اجتمع الناس و بدأوا يتفقدون بعضهم بعضاً فسألهم النبي صلى الله عليه وسلم وقال: هل تفقدون من أحد
قالوا : نعم يا رسول الله نفقد فلان وفلان كل واحد منهم إنما فقد تاجر من التاجر أو فقد ابن عمه او أخاه ...
فقال صلى الله عليه وسلم : نعم و من تفقدون قالوا : هؤلاء الذين فقدناهم يا رسول الله ..
فقال صلى الله عليه وسلم: ولكنني أفقد جُليبيبا .. فقوموا نلتمس خبره ثم قاموا وبحثوا عنه في ساحة القتال وطلبوه مع القتلى ثم مشوا فوجدوه في مكان قريب إلى جنب سبعة من المشركين قد قتلهم ثم غلبته الجراح فمات ..

فوقف النبي صلى الله عليه وسلم على جسده المقطع ثم قال : قتلتهم ثم قتلوك أنت مني وأنا منك ، أنت مني وأنا منك ..
ثم تربع النبي صلى الله عليه وسلم جالسا بجانب هذا الجسد ثم حمل هذا الجسد ووضعه على ساعديه صلى الله عليه وسلم وأمرهم أن يحفروا له قبراً ..
قال أنس : فمكثنا والله نحفر القبر وجُليبيب ماله فراش غير ساعد النبي صلى الله عليه وسلم ..
قال أنس : فعدنا إلى المدينة وما كادت تنتهي عدتها حتى تسابق إليها الرجال يخطبونها
( إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون) .

[امجاد]

بارك الله فيك نور الهدى .. رضى الله عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم .. نعم الذكرى ونعم السيرة .. جزاك الله خيرا نور الهدى

[nour_el_huda]

جزاكم الله خيراً علي المرور الطيب و الدعاء امجاد , بارك الله فيكم
فالموضوع على قلة بنيانه لكن فيه من المواقف والعظات ما لا يعلمه إلا الله .....

*أى مربٍ هذا وأى قائد هذا؟؟؟!!!.....صلى عليك الله يا علم الهدى ما هبت النسائم وما لا حت على الأيدى الحمائم

*كما نعلم أن أحد الكفار قال ((ما رأيت أحد قط يحب أحداً كما رأيت أصحاب محمد يحبونه)).....وأنا أقول :: وأيم الله ما رأيت

أحدا قط يحب أحدااا كما رأيت سيدنا محمد يحب أصحابه .....


*أى تواضع هذا !!! قائد الدولة ورسول رب البرية يمازح رجلاً لا يأبه لحاله كثير من الناس!!!!

*أى رحمة هذه وأى حرصٍ على صحابته الكرام ولكنني أفقد جُليبيبا ؟؟؟؟
هل نتخيل يا جماعة الخير كم المهام الملقاة على عاتق رسول الله ؟؟؟!!....ثم هو يذكر أحد صحابته ويفقده ويسأل عنه؟؟؟!!!..يالله!!!

ثم تربع النبي صلى الله عليه وسلم جالسا بجانب هذا الجسد ثم حمل هذا الجسد ووضعه على ساعديه صلى الله عليه وسلم وأمرهم أن يحفروا له قبراً قال أنس : فمكثنا والله نحفر القبر وجُليبيب ماله فراش غير ساعد النبي صلى الله عليه وسلم ..

*قل لى بربك ؟؟؟ ...أى رحمة تملىء هذا القلب الذى وسع العالم كله والذى غمر البشرية كلها ؟؟؟!!!

*بالفعل أحسن الله عزائنا فى فراق حبيبنا وقرة عيوننا .....كل مصيبة بعد رسول الله جلل....

اللهم حرمنا رؤية النبى ومصاحبة فى الدنيا فلا تحرمنا إياها يوم القيامة
....

[امجاد]

وأى رقى انسانى نلتمسه فى رسول الله صلى الله عليه وسلم للاحساس بمشاعر الآخريين فى وسط طبيعة صحراوية قاسية تفتقد لهذا الاحساس الراقى للاهتمام بالآخريين .. بل نفتقد تلك المشاعر والاحاسيس المرهفة حتى فى مجتمعاتنا الحالية والتى نصفها بالتقدم ..
الرسول صلى الله عليه وسلم بفطرته النقية الذكية الصافيه وشفافيته يفطن لحاجة رجل لم يبوح بخلجات نفسه إنشغل عنه من حوله ولم تلتقط عين ما ما تفتقر وتفتقد له نفسه .. واذا بالرسول الكريم يحيطه بالاهتمام ويسأله عن ما يفتقر اليه من الاستقرار والمؤانسة ولم يبوح به .. ويبادر فى سؤاله ويسعى لاسعاده وازاحة الهم والوحدة عنه .. أى مبلغ من الرقى والاحساس هذا اتصف به رسولنا الكريم وسط بيئه فاضت قسوتها على القلوب فغلبها صلى الله عليه وسلم وبدلها وأهلها لينا ومحبة
( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ )

قصة زادتها جمالا ذكاء تلك الفتاه التى ضربت مثلا فى الاسلام والاستسلام فى اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم رغم انها كانت مخيرة فى هذا الامر لكنها ثقة فى الله ورسوله فعكست اجابتها ما تتمتع به من حظ وافر من الفطنة والذكاء والفطرة السليمة والايمان
( قالت : أفتردان على رسول الله صلى الله عليه وسلم .. أمره ادفعاني إلى رسول الله فإنه لن يضيعني ! ) نعم لن يضيعها

وكان رد الصحابى الجليل مؤشر على تأثر التلميذ بمعلمه وبشاير تلك الصحبة التى بدت فى رد جليبيب رضى الله عنه والتى تعكس تأثير تلك الصحبة الطاهرة على الصحابة .. فالرد عاية فى الرقى والايجاز لاشخاص يتصفون بمشاعر واحاسيس يفتقدها الكثيرون .. نلتمسها فى سلوكيات وكلمات اصحابها التى تغلف احزانهم بردود تميزها البساطة والروح الفاكهة رغم معاناتهم حتى لا يضفوا الكأبة والاحزان على من حولهم .. وقليل هم من تلك النوعية البسيطة فى مظهرها العظيمة فى جوهرها فكان رد الصحابى موجز وخفيف وغاية فى الرقى
( فالتفت جُليبيب إلى الرسول فقال: إذاً تجدُني كاسداً يا رسول الله .. ) فكانت اجابة الرسول صلى الله عليه وسلم اكثر منه رقيا واحساسا بمشاعره وتضميدا لجوارحه وجبرا لخواطره .. اجابة بها كل المؤانسة والتثبيت للنفس
( فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: غير أنك عند الله لست بكاسد )

( لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ )

[احمد المنصور]

بارك الله فيكما، والله إني لأجد ريحا طيبة من حديثكما.