المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ميرَاثُ المَرأة في الفِقه الإِسْـلاَمي ..



قرآن الفجر
03-19-2007, 12:29 AM
ميرَاثُ المَرأة في الفِقه الإِسْـلاَمي ..
شبهات باطلة وحقائق ناصعة
.....................
إهداء
إلى كل غيورة على دينها و أمتها و وطنها ..
إليك ياحفيدة "خديجة" و"عائشة" ..
مقدمة:

من النادر أن نجد قضية اختلفت فيها وجهات النظر بمثل ما اختلفت وتعددت في ( قضية المرأة ) ، هذه القضية التي تعددت فيها التشريعات ووجهات نظر المفكرين والفلاسفة ودعاة الإصلاح ( ومدعيه أيضا ) على مر العصور حتى وصل التعدد إلى مستوى التناقض والاختلاف الجذري الذي لا إمكان معه للقاء أو اتفاق أو تقارب ... ولا عجب في هذا التعدد والاختلاف وكثرة الكاتبين ، فقضية ( المرأة ) إنما تعني وتخص نصف البشرية ، تعني نصف العمران الإنساني في ماضيه وحاضره ومستقبله ، بل تعني عند التحقيق أكثر من ذلك لأن أوضاع المرأة تؤثر بالسلب والإيجاب على كافة أوضاع العمـران البشري في عمومه ، لأن المرأة لا تعيش منفردة فيه ، إنما هي ( الأم ) لابنها ، و( البنت ) لأبيها ، و( الأخت ) لأخيها ، و( الزوجة ) لزوجها ، وهي تؤثر في هؤلاء جميعهم وتتأثر بهم ، فقضية المرأة ( عند التحقيق ) إنما هي قضية المجتمع البشري كله. و ليس العجب في هذا ، إنما العجب في الضجيج و التهريج المثار حول قضيـة المرأة التي ألقت الجهالة المفرطة بها لدى كثير من الناس ، تحميل الشريعة الإسلاميــــة الغراء أعباء ظلم شنيع ، ونسجت " وهماً " لا أصل له – عند الحديث عن قضية المرأة – في ميراث المـــرأة وعلاقتــه بميراث الرجــل ، وجعــل هـــؤلاء الجهـــّال من قوله تعالى :] لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ [النساء : 11 . قاعدة مطردة نافذة في حال كل رجل و امرأة يلتقيان على قسمة ميراث ...
بل ربما جعلوا من هذا الجزء من آية من كتاب الله تعالى ، ساحة تفكه وتندر ، فيما تقرره الشريعة الإسلامية طبق وهمهم ، من أن الرجل يفوز دائما بضعف ما تفوز به المرأة من حقوق .
وإزاء ذلك رفع " المتباكون " على المرأة شعار المساواة في الميراث و المناداة بتعديل أو قل إلغاء البقية الباقية الصالحة من قانون الأحوال الشخصية في العالم العربي - ومنها قانون الأسرة الجزائري - ، لتساير " موضة " العولمة والنظام العالمي الجديد .
لذلك كله أردنا – من خلال هذه المذكرة – أن ندلي بدلونا ، مع محاولة فهم " القضية " من زاوية علمية موضوعية ، إيمانا منّا لما لهذا الموضوع من أهمية بالغة في الساحة النسوية اليوم .
أولا : أهمية الموضوع
1- تصحيح الفكر المتشتت بالطرح الغربي وتنوير الطريق المظلم بشبهات العلمانيين الذين سيطروا على صناعة العقول من وقت مبكر ، وتفنيد شبهاتهم الباطلة حول ميراث المرأة .
2- يعتبر طرح مثل هذا الموضوع طرحا جديا متكاملا أمرا ذا بال في تصحيح مسار البحوث العلمية في هذا المجال .
3- يعتبر هذا الموضوع ضرورة ثقافية وفكرية تهدف إلى إنصاف المرأة المسلمة من جاهليتي التغريب والتشدد معا ، وتنقية مسيرتها من الشوائب التي عطلت حركتها ، وقيـدت دورها ، وحرمتها حقوقها التي كفلها لها الإسلام ، لتشارك في نهضة مجتمعها وتقدمه.
4 – استنهاض همم المثقفين واستنفار عزائمهم للمشاركة في قضايا المرأة التي تشابكت حولها التحديات وتفاقمت عليها المشكلات ، وذلك بإيقاد شرارة الفكر السليم والطرح المنير عسى أن يكون ذلك سببا في وعي يرفع عن الأمة هذه الغمة.
ثانيا : مبررات اختيار الموضوع
1- النقص الموجود حول هذا الموضوع المهم ، الذي يعد مفصلا من مفاصل قضايا عصرية مطروحة على ساحة التشكيك والتشويش.
2- الرغبة في تنوير أبصار المخدوعين بالحضارة الغربية والباغين – دوما – للإسلام العيوب.
3- النية في وضع لبنة في جدار الدفاع عن الإسلام المنيع ، وحث ذوي الفكر والرأي على الكتابة في هذا الموضوع .
ثالثا : الدراسات السابقة
في الحقيقة موضوعنا يعد جزئية من قضية كبرى اسمها " قضية المرأة " والتي ثار حولها اللغط والجدل في العصر الحديث ، وقد أشبعت هذه القضية مؤلفات وأبحاثا إلى حد التخمة !!.
ورغم ذلك فإن موضوعنا لم نجد فيه بحثا أو دراسة مستقلة فأغلب الكتابات إما عن المرأة بصفة عامة مع تناول جزئية الميراث بصفة مقتضبة وسريعة ، وإما كتابات عن الميراث ككل دون الغوص – بجدية – في أعماق هذه النقطة الحساسة '' ميراث المرأة '' .
من هنا جاءت محاولتنا تداركا لهذا النقص الموجود ، وإثراء لما سبق ، وتوضيحا لحقائق أساسية قد تعالج هذه القضية من منظور علمي حديث .
وبالتالي فبحثنا ليس تكرارا للبحوث السابقة أو ترداداً للألفاظ والمسائل بلا فهم ولا فقه ، بل محاولة لفك الغموض الذي يكتنف ميراث المرأة في أوساط عديدة ...
- وانطلاقا من هذا فإن عدة إشكاليات تفرض نفسها علينا في معالجة قضية يركز عليها الإعلام الصهيوصليبي والطابور الخامس ، ويجعلها مصدر اهتمامه وانشغالاته بنفث سمه الزعاف في جسد الأمة المسلمة.
رابعا : مشكلة البحث
1- هل للمرأة – ككائن بشري له ميولاته وغرائزه الفطرية – أهلية مالية بالتملك والتصرف؟
2- كيف نظرت التشريعات القديمة والحديثة إلى ميراث المرأة ؟
3- وما هي وضعيتها في نظام الإرث الإسلامي ؟
4- ما هي الشبهات و المزاعم التي أثارها " أدعياء " تحرير المرأة في قضية ميراثها وما الردود عليها ؟
خامسا : حدود المشكلة
بحثنا ليس عن الميراث وتفاصيله وتفريعاته الكثيرة ، ولا عن المرأة كقضية متشعبة الحقوق والمتطلبات ، بل إشكالية بحثنا محصورة في ميراث المرأة وما يتعلق به . ولصعوبة الموضوع ، وقلة الكتابات القانونية فيه أو ندرتها هذا من جهة، فإننا لم نكثر من النصوص القانونية التي قد لا تعنينا في بحثنا هذا إلا بقدر الحاجة.
وبالتالي لن نتعرض لأي نقطة خارج موضوعنا إلا بما يخدم البحث ويزيده قيمة..
سادسا : المنهجية
- المنهج التاريخي ، باستعراض المراحل والمقاطع التاريخية لميراث المرأة ، والحالات المختلفة فيها.
- المنهج الاستقرائي المقارن ، باستقراء النصوص والأفهام والحجج المتنوعة ، مع محاولة المقارنة بينها بكل موضوعية إنصافا للمرأة وإحقاقا للحق .. وقدعالجنا البحث بدءا بــــ :
الفصل التمهيدي:
- إطلالة عامة ومسح مكبر للميراث ، كحالة لصيقة بالكائن البشري (المرأة) ، تعريفه ، أهميته...الخ.
- ومن ثم إشكالية إثبات الأهلية المالية للمرأة التي تسمح لها بالميراث أم لا ؟!
الفصل الأول:
- المبحث الأول: استقرأنا التاريخ القديم ، وماذا قدم لنا من إجابات حول الإشكالات المطروحة، ثم عرجنا على التاريخ الحديث ( فرنسا أنموذجا – باعتبارها أم الحضارة المعاصرة المقننة- ) وكيف ورّث المرأة.
- المبحث الثاني : رأينا كيف نظر الإسلام إلى ميراث المرأة واستعرضنا المراحل المتدرجة لتوريثها.
الفصل الثاني:
- المبحث الأول: أثرنا الشبهات والأباطيل التي يرددها أدعياء تحرير المرأة ، لنقض قواعد الميراث الإسلامي ، وتسوية المرأة بالرجل ، واستطعنا أن نحصر ست شبه ينطلق منها هؤلاء، ثم حاولنا نقضها وهدمها بالدليل الساطع والبرهان القاطع ، وهنا نعتذر عن عدم إمكانية ترجمة الشخوص الواردة لصعوبة البحث عنها ، وربما قد يشفع لنا أننا وثقنا المصادر المستلة منها أقوالهم.
- المبحث الثاني: أجلينا فيه لكل ذي بصيرة حقيقتين مهمتين في الميراث وفي توريث المرأة في الإسلام.
وفي الأخير ختمنا بحثنا بالنتائج المتوصل إليها وجملة من الاقتراحات والتوصيات المفيدة في هذه القضية.

سائلين الله عزوجل أن تكون محاولتنا خطوة جادة وهادفة في طريق الأفكار والرؤى التي تخدم ديننا ووطننا.

18 ربيع الأول 1426 هـ
26 أبريل 2005 م

قرآن الفجر
03-19-2007, 10:55 PM
الفَصْل التَّمْهيدي
الْميرَاث وأهلِية المَرأة

المبحث الأول : الميراث بصفة عامة
المطلب الأول : تعاريف
المطلب الثاني : أهمية الميراث
المبحث الثاني : الأهلية المالية للمرأة
المطلب الأول : أهلية المرأة بالتملك والتصرف


الفَصْل التَّمْهيدي
الْميرَاث وأهلِية المَرأة

المبحث الأول : الميراث بصفة عامة
الميراث نظام فطري يعتبر سببا من أسباب انتقال ملكية الأموال بعد موت المالك إلى ورثته ، وهذا النظام عرفته أمم الأرض قديمها وحديثها ، وقد وضع له الإسلام نظاما من أحسن النظم المالية وأعدلها على وجه الأرض ، بل هو أحسنها وأعدلها.

المطلب الأول : تعــــــاريــــــــف
نذكر هنا جملة من التعاريف المختلفة للميراث :
أولا- الميراث في اللغة : مصدر لفعــل واحـد هو : ورث ، يرث ، إرثا ، وميراثا .
قال تعالى : {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} النمل :16. و" الوارث " اسم من أسماء الله الحسنى الذي يعني الباقي بعد فناء خلقه.

ويأتي الميراث بمعانى أخرى هي : (1)
الإرث الفطري : وهو انتقال الخصائص والصفات البدنية والطابع النفسي و الأحوال الصحية من الآباء إلى الأبناء ، فهذا يرث من والديه تقاسيم الوجه أو القامة أو لون البشرة وغيرها ، وهذا يرث الذكاء أو البلادة أو اللين أو الشدة ، وآخر يرث أحوالا صحية أو سيئة ...الخ.

الإرث المعنوي : لقوله صلى الله عليه وسلم : « العلماء ورثة الأنبياء » أي يرثون عنهم العلم يتعلمون شرائعهم ويقومون بالدعوة إلى الله نيابة عنهم

الإرث المادي : بمعنى انتقال المال ويسمى المال المنتقل ميراثا ، أي انتقال تركة الميت بوفاته إلى ورثته.

ثانيا- الميراث في الاصطلاح :
عند الفقهاء اسـم لما يستحقـه الوارث من مورثه بسبب من أسباب الإرث سواءً كان المتروك مالاً أو عقاراً أو حقاً من الحقوق الشرعية (2).
أما علم الميراث أو علم الفرائض فهو علم من العلوم الشرعية يحتوي مجموعة من القواعد الفقهية والحسابية التي يعرف بها حق أو نصيب كل وارث شرعي من التركة ، ويسمى علم الفرائض ، وذلك أن الفريضة مأخوذة من الفرض أي التقدير وهو النصيب المقدر للوارث قال تعالى : ] مَا فَرَضْتُم [ البقرة:237 . أي ما قدرتم ، ولذلك يسمى العلم بها : علم الفرائض أو علم الميراث (3) .

المطلب الثاني : أهمية الميــــــراث
يكتسي الميراث أهمية بالغة في حياة الناس ، لعل أبرزها :
أولا- الأهمية الاجتماعية
يعتبر الميراث نظاما اجتماعيا يغرس روح المحبة والترابط الوثيق بين الأقارب وينزع جذور الحسد من النفوس وبذلك يتمنى كل قريب لقريبه نماء ماله ، وكثرة خيره ، لأنه حين يعلم أن له نصيبا في ذلك المال تزداد أواصر الخير ، وروابط الإخاء ، ويعيش المجتمع كله في بوتقة التكافل الاجتماعي .

ثانيا- الأهمية الاقتصادية
قسمة التركة ليست مما يهم علماء الفرائض ( = المواريث ) والفقهاء فحسب ، بل لهذه القسمة أهمية خاصة عند المهتمين بالاقتصاد الإسلامي ، أو المهتمين بالاقتصاد المعياري ، أو اقتصاديات الرفاه أو التوزيع .
وليس من شأن التركة توزيع الثروة بين النــاس ( الورثة ) ، بل من شأنهــا أيضــا توزيــع الثروة بين الجنســين : الذكور و الإناث . ولا تخفى حساسيــــة هـــذا الموضـــوع اليــــوم ، في سيـــاق مؤتمرات المــــرأة وقوانين الأحوال الشخصيــة
ومقتضيات التنمية والتحضير.
إن توزيع التركات ليس إلا ضربا من ضروب توزيع الثروات ، التوزيع العادل المبرأ من الهوى والتحيز والاستئثار مع ما لهذا من أثر في توزيع السلطات الاقتصادية ، وفي توزيع السلطات السياسية ، ومن أثر لاحق في توزيع الدخول الناشئة من المال.
وإذا كان هناك توزيع للثروات بين الأمم ، وتوزيع للثروات بين الأفراد ( ضمن الأمة الواحدة ) ، و توزيع للثــروات بين الأجيال ، فهذا التوزيع الذي نحــن بصــدده إنما هــو توزيع للثــروات بين الجنسين ، توزيع '' جنسي '' إذا جاز التعبير ، أي بين جنس الذكور وجنس الإناث . ولا يجوز للدولة ، ولا الأفراد ( إلا المورث في حدود الثلث ، وهي الوصية ) ، أي تدخل في تغيير أحكام الميراث أو التحايل عليه ، لأنه نظام شرعي ، قرآني في معظمه ، والله تعالى لم يعط قسمة التركة لأحد ، بل تولى سبحانه قسمتها بنفسه ، فبين المستحقين والأولويات والنسب ، بتفصيل لم يعهد في أي باب آخر من أبواب العلاقات المالية.
والميراث في الإسلام يعدّ من الأدلة التي استدل بها العلماء على إقرار الملكية الفردية ( = الخاصة ) ، فهي في الأصل ملكية خاصة ، ولم تتحول بعد وفاة صاحبها إلى ملكية دولة ، بل بقيت ملكية خاصة ، ضمن نطاق أسرة المتوفى . ويعتبر نظام الملكية ونظام الميراث في الإسلام من أهم العوامل المساعدة على تحقيق العدالة الاجتماعية والكفاءة الاقتصادية ،ورعاية مبدأ المادية.(5)

المبحث الثاني : الأهلية المالية للمرأة
الأهلية هي صلاحية الشخص لكسب الحقوق وتحمل الالتزامات ، وأهليته لمباشرة التصرفات القانونية ، التي ترتب الحقوق أو الواجبات ، فالأهلية القانونية نوعان : أهلة الوجوب وهي صلاحيته لكسب الحقوق وتحمل الالتزامات وأهلية الأداء وهي صلاحيته لمباشرة التصرف القانوني الذي من شأنه أن يكسبه الحقوق أو يحمله بالالتزام.(6)ومناط الخلاف بين التشريعات المختلفة في ميراث المرأة يرجع جزء كبير منه إلى أهلية المرأة (تملكا وتصرفا)بالإثبات أو النفي كما سنرى .

المطلب الأول : أهلية المرأة بالتملك والتصرف
لقد سوى الإسلام بين الــمرأة والرجـل فيمـا يتعلق بالأهليـة ، وجعل المرأة تتمتع بها منذ الولادة ، بل وقبل الولادة ( أهلية الوجوب فمن حقها التملك ، مع مراعاة وجود القيم على أموالها إلى تمام الأهلية ، أهلية التصرف ) ، ولا فرق بين عنصر الذكورة و الأنوثة في هذا ، ومنحها الشخصية القانونية الكاملة بتمام بلوغها سن الرشد . فلها أن تتصرف في مالها كيف تشاء سواء كان مصدره الإرث أو الهبة أو العمل أو غيرها قال تعالى : {لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا} النساء:7
فلها أن تتصرف فيما تملك دون إذن أو إشراف سواء كان ذلك بالبيع أو الهبة أو الوصية أو الإيجار أو التوكيل أو الرهن وسائر التصرفات المالية الأخرى مثلها مثل الرجل تماما.فلا سلطة لأب أو زوج أو ابن أو أخ في أن يمنعها من شيء في هذا ، إلا ما تعارض مع الأخــلاق و المبادئ العامة للإسلام والالتزامات الزوجية .
في حين أن التشريعات الغربية لا تجيز للمرأة المتزوجة مزاولـــة التصرفات المالية دون الحصول على إذن من زوجها(7) '' ولابد هنا من وقفة عند أمرين بشأن حق الملكية و التصرف حيث كانت شرائع أوربا تحرم المرأة من كل هذه الحقوق إلى وقت قريب وتجعل سببها الوحيد إليها عن طريق الرجل زوجا كان أو ولي أمر ، أي أن المرأة كانت لا تملك من الحقوق ما أعطى الإسلام لها '' (8).
بينما منحها الإسلام الذمة المالية المستقلة بعد الزواج ، قال تعالى : {لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا} النساء:7
فالإسلام منذ أربعة عشر قرنا نادى بالاستقلال المالي للمرأة ، وحرم على الزوج أن يأخذ شيئا من المهر الذي دفعه إلى زوجته ولو كان هذا المهر مبلغا ضخما قال تعالى : {وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً} النساء: 20
فإذا كان هذا مع المهر الذي نحلـه إياها فمابالك في ما يدخل في ذمتها الماليــة من أمـوال ، سواء كان ذلك بالهبـة أو الوصية أو الكسب ...الخ.

يتبع

قرآن الفجر
03-23-2007, 01:10 AM
الفصل الأول
نُظُم إِرث المَرأة المُختلفَة

المبحث الأول : نظام الإرث غير الإسلاميالمطلب الأول : نظام الإرث قديما
المطلب الثاني : نظام الإرث حديثا
المبحث الثاني : نظام الإرث الإسلامي
المطلب الأول : تدرج التشريع الإسلامي في الميراث
المطلب الثاني : ميراث المرأة في الفقه الإسلامي


الفَصْلُ الأَوَّل
نُظُم إِرث المَرأة المُختلفَة
المبحث الأول : نظام الإرث غير الإسلامي
كان الميراث عند الأمم القديمة مختلف الأحوال ، مضطرب الأوصال ، لا تراعى فيه الحقوق ، و لا يتلمسون فيه مواضع الحق والعدالة ، ولا يميزون بين القريب و الأقرب ، و البعيد و الأبعد ، والنسيب و الأجنبي ، ومن هو حق بالميراث من سواه.. ، فالميراث عندهم إن كان جاريا بينهم ، و متعارفا فيهم كان على حسب هواهم ، و كان تصرفهم فيه وفق ميولهم ، فيعطونه لمن شاءوا ، ويمنعونه عمن أرادوا ، فيحرمون من يستحقه ، و يأخذه من لا يستحقه .

المطلب الأول : نظام الإرث قديمــــــــــــا
أولا- عند البابليين :
يعتبر قانون حامورابي ( 1728 – 1676 ق.م ) المرأة كالماشية مملوكة لصاحبها محرومة من الميراث . ولا يستفيد من هذا الحق إلا الذكور و في حال عدم وجود أحدهم تؤول التركة إلى أخ المتوفى . هذا طبقا للمواد 170-171-178-180 من قانون حامورابي (12).

ثانيا- عند الهنود :
ورد في مدونة مانو سنة 2000 ق.م أن المرأة ممنوعة من جميع الحقوق بما فيها الميراث باعتبارها كإنسان . بل الأكثر من ذلك أن الهندوس يعتبرون أن الريح السموم و الموت المسموم و الجحيم المحتوم و الأفاعي ليست أسوأ من المرأة . (13)

ثالثا- عند الصينيين :
سميت المرأة عندهم بالمياه المؤلمة و اعتبرتها شرا يستبقيه الرجل و يتخلص منه بالطريقة التي يرتضيها، فأنى لها أن ترث؟.(14)

رابعا- عند المصريين :
كانت الأرض عندهم ملكا للفراعنة ، وكانت طريقة التوريث في عهد بوخاريس سنة 731 ق.م أن يحل أرشد الأسرة محل المتوفى في زراعة الأرض و الانتفاع بها ولا يفرقون بين الذكر والأنثى و يورّثون الأم والأخوات والعمات (15)

خامسا- عند الكلدانين و السريان و الفينيقيين :
يحل البكر من الأولاد محل أبيه و عند عدم وجود البكر يقوم مقامه أرشد الذكور من الأولاد . ثم الإخوة ثم الأعمام و هكذا إلى أن يدخل الأصهار و سائر العشيرة . أما النساء فهن محرومات من الميراث . (16)

سادسا- عند الساسانيين :
الفتاة التي تتزوج لا ترث أباها أو كافلها الأول و إذا قصَّر الأب في تزويجها عند البلوغ يكون لها الحق في أن تبادر إلى زواج غير مشروع ، وليس لها الحق في الميراث ، و تعتبر أحط نوع من النساء(17) .

سابعا- عند اليونان :
يعتبرون المرأة مخلوقا منحطا لا تصلح إلا للإنجاب .محرومة من الميراث ممنوعة من التصرف ورغم تطور القانون اليوناني على يد صولون إلا أنه كان يحرم البنات من الميراث و يحصره في الأبناء الذكور فقط . و عندما منحت مدينة اسبرطا الحق في الميراث للمرأة أعاب أرسطو ذلك و اعتبر أن سبب سقوط هذه المدينة هو منح المرأة بعض الحق في الميراث (18).

ثامنا- عند الرومان :
قانون الألواح يعتبر المرأة مساوية للرقيق و مملوكة مثله لرب الأسرة و ليس لها ذمة مالية مستقلة بل الأكثر من ذلك لزوجها الحق في أن يبيعها و يتم الإرث بموجب تصريح من الموصي الذي يعين الوارث أو الورثة علنا أمام الناس .
و في عصر قسطنطين (سنة 543) تقرّر ميراثها . و في عهد جوستينيان ظلت قاصرة الأهلية. و قد سَوَّى هذا القانون ميراثها بميراث الذكور دون مراعاة للواجبات والتكاليف. (19)

تاسعا- عند اليهود :
اليهود يقدسون المال و يتمسكون به و يمنعون تسربه إلى غير أسرته ( الفروع ) و ( الأصول ) و من أجل ذلك كانوا يحرمون البنت من الميراث إذا كان للميت ولد ذكر كما يمنعون الأم و الزوجة و الأخت من الميراث .
فإذا مات الأب و ترك ذكورا و إناثا كانت التركة من حق الذكور و للبنات حق النفقة حتى الزواج أو سن البلوغ ، فإن لم يوجد يجعلون للبنت حظا ، على أن تتزوج من رجل من بين أفراد الأسرة حتى لا يؤول الميراث إلى أجنبي .
أما الزوجة فلا ترث زوجها و لكن لها الحق في أن تعيش من تركة زوجها . والمرأة التي يموت زوجها تعتبر جزءا من ميراث أخ الزوج يتزوجها و إن كانت كارهة ، وبمعنى أدق لا يعتبر هذا الزواج زواجا بل هو ميراث أو بالأحرى إغتصاب ، فهؤلاء اليهود جعلوها مجرد حيوان يرثه أهل المتوفى و لهم مطلق الحرية في التصرف فيه.و قد ذكر مثل هذا الكلام في سفر العدد : '' و تكلم بنو إسرائيل قائلا : أيما رجل مات و ليس له ابن تنقلون ملكه إلى ابنته و إن لم تكن له ابنة تعطوا ملكه إلى اخوته و إن لم يكن له اخوة تعطوا ملكه إلى اخوة أبيه .'' (20) .

عاشرا- عند المسيحيين :
تعتبر المرأة جسما نجسا و خطيئة ملعونة و الابتعاد عنها حسنة و اليد التي تلمسها نجاسة لا تطهر أبدا ، إلا أن الإنجيل لم يتعرض للميراث لذلك اتبعوا نفس النظام المعمول به في شريعة اليهود و ما ورد في الشرائع القديمة (21).

حادي عشر- عند العرب :
كانت محرومة من جل حقوقها و من بينها الميراث ، بل الأكثر من ذلك كانت تعتبر متاعا يورث كما تورث الدابة. عن ابن عباس رضي الله عن قال : '' كان الرجل إذا مات أبوه فهو أحق بامرأته ، إن شاء أمسكها أو حبسها حتى تفتدي بصداقها أو تموت فيذهب بمالها ''.
و قال السدّى : '' إن الرجل في الجاهلية كان يموت أبوه أو أخوه أو ابنه فإذا مات و ترك امرأته فإن سبق وارث الميت فألقى عليها ثوبه فهو أحق بها أن ينكحها بمهر صاحبه أو يُنكِحها فيأخذ مهره و إن سبقته فذهبت إلى أهلها فهي أحق بنفسها'' . بل الأكثر من ذلك كانوا يقتلون البنات و يئدونهن مخافة لحوق العار بهم ، إلا أن هذا الوضع لم يكن سائدا عند كافة قبائل شبه الجزيرة العربية و لم تكن كل النساء تورث ، و أول من ورّث المرأة في الجاهلية للذكر مثل حظ الأنثيين هو عامر بن جشم ابن غنم اليشكري فقد ورّث ماله لأبنائه للذكر مثل حظ الأنثيين فوافق الإسلام في ذلك(22).

المطلب الثاني : نظام الإرث حديثــــــــا
تميز العصر الحديث بظهور مدارس و أنظمة مجحفة فالنظام الاشتراكي الشيوعي في مبادئه وأصوله الأولى التي وضعها " كارل ماركس " يمنع الملكية الفردية وينكر الميراث ويعتبره ظلما يتنافى مع مبادئ العدالة فلا يعطي أبناء الميت أو أقرباءه شيئا ذكورا أو إناثا .
ثم عدل عن هذا واعترف بالحق في الميراث وقد أورد ذلك في الدستور الروسي لسنة 1945 من خلال المادة 10 التي تعتبر أن حق الملكية الشخصية للمواطنين في دخلهم وتوفيرهم وكذلك حقهم في إرث الملكية الشخصية حق مضمون بموجب القانون (23).

أما الرأسمالية فقد أعطت الحرية المطلقة للرجل يتصرف بماله كيف يشاء ، فله أن يحرم أقرباءه من الميراث ويوصي به إلى غريب أو خادم أو حتى حيوان .
والذي يعنينا في هذا كيف نظرت القوانين الغربية الحديثة إلى ميراث المرأة ،'' فالنظام الألماني سوى بين الذكر والأنثى ، والنظام الأنجليزي قدم الذكور على الإناث ، والإبن الأكبر يقدم على الذكور والإناث'' (24).

ونظرا لمحدودية المراجع وقلتها فإننا نعتمد في هذا المجال على القانون الفرنسي باعتباره مصدرا لكثير من القوانين الغربية و العربية ، و قبل ذلك نشير إلى أن المرأة في فرنسا إلى غاية الثورة الفرنسية كانت تعتبر إنسانا بلا روح باستثناء السيدة مريم عليها السلام ، و قد اعتبرها آخرون جسما تقمص روح شيطان بل الأكثر من ذلك منهم من شكك في آدميتها ، واعتبرها حيوانا نجسا و مع قيام الثورة الفرنسية نص القانون الفرنسي على أنها ليست أهلا للتعاقد و استمر هذا الوضع إلى غاية 1931 (25) .
و لعل أهم النصوص التي تعرضت لميراث المرأة في القانون المدني الفرنسي المادة 731 التي جعلت فئات الورثة أربعة :الدرجة الأولى : أولاد المتـوفى ذكـورا أو إناثـا .
و فصلت المادة 745 ق . م فرنسي هذه الفقرة بقولها :
يرث الأولاد و أبناؤهم ، والدهم ووالدتهم ، وجدهم وجداتهم دون أي تمييز بين الوارث الذكر و الوارث الأنثى.
أي أن للذكر مثل حظ الأنثى .الدرجة الثانية : والد الميت ووالدته ، إخوته و أخواته عند عدم وجود أولادله ذكورا أو إناثا .
فإذا توفي المورث تاركا أخا أو أختا ، إخوة أو أخوات أو أبا أو أما فالتركة تقسم إلى قسمين ، فيأخذ الاخوة والأخوات أو هما معا النصف ، و يأخذ الأب الربع و الأم الربع .الدرجة الثالثة : الأعمام و الخالات و أبناء العمومة في حال عدم وجود وارث شرعي غيرهم
و نصت أيضا المادة 754 ق.م فرنسي على توريثهم.الدرجة الرابعة : بقية الأقارب .

و الملاحظ أن القانون المدني الفرنسي منع الزوجة و الزوج من الميراث إلا في حال عدم وجود الفئات السابق ذكرها (26).
حيث نصت المادة 765 ق.م فرنسي على أنه عندما لا يـترك المتوفى أقارب يرثونه تعود التركة إلى الزوج غير المطلق وعلى قيد الحياة أو الذي لم يصدر أي حكم - حائز لقوة الشيئ المقضي به - ضده بالانفصال الجسماني .

ولعل ما يمكن تسجيله على القانون الفرنسي في ميراث المرأة ما يلي :
1- سوى بين الذكور و الإناث . إذ لا فرق بين ذكر و أنثى دون النظر إلى واجبات الذكور المالية .
2- حجب الأصول بالفروع فالبنت تحجب الأم.
3- سوى بين ميراث الأم و الأب.
4- ورث الإخوة و الأخوات مع الأب.
5- سوى في الميراث بين الإخوة الأشقاء أو لأب ذكورا أو إناثا دون مراعاة لقوة القرابة.
6- حرم الزوج من حق ميراث زوجته و حرم الزوجة من ميراث زوجها إلا في غياب الأقارب الوارثين .


المبحث الثاني : نظام الإرث الإسـلامي
جاء الإسلام بعدله وإنصافه وبحكمته الرشيدة ، فناصر النساء اللائي حرمن من الميراث زمانا طويلا ، وكان التشريع الإسلامي على غاية من الحكمة والعقلانية إذ تخلص من الجاهليات السابقة وعاداتها رويدا رويدا ليسهل قبوله والقيام به حينا بعد حين.

المطلب الأول : تدرج التشريع الإسلامي في الميراث
مر تشريع الميراث بمراحل عديدة مراعاة لسنة التدرج المألوفة في الإسلام ، وكانت مراحل تشريعه كالآتي :

المرحلة الأولى : لما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة هو وصحبه الكرام ، تركوا أموالهم و أملاكهم في مكة فتلقاهم إخوانهم الأنصار من أهل المدينة فآووهم ونصروهم وقاسموهم أموالهم ، فصار التوريث بالهجرة والتحالف و الأخوة التي آخاها النبي صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين و الأنصار ، قال تعالى : [ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُم مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُواْ وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ] الأنفال : 72 (27)

المرحلة الثانية : ثم شرع الميراث بالوصية الواجبة للوالدين والباقي للأقربين من الولد وغيره .
قال تعالى : ] كُتِبَ عَلَيْكُمْ إذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ إنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} سورة البقرة : 181(28)

المرحلة الثالثة : ثم نسخ التوارث بالمؤاخاة والتحالف ، بالقرابة والرحم قال تعالى : ] وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} الأنفال :75 (29)
المرحلة الرابعة : وفيها شرع الميراث بالقرابة دون تفصيل ، وجعل للنساء حظوظا في ذلك ، قال تعالى : {لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا} النساء : 7 "...روي أن أوس بن ثابت الأنصاري توفي وترك امرأة يقال لها أم كجة وثلاث بنات له منها، فقام رجلان هما أبناء عم الميت ووصياه يقال لهما : سويد وعرفجة ، فأخذا ماله ولم يعطيا امرأته وبناته شيئا .وكانوا في الجاهلية لايورثون النساء ولا الصغير وإن كان ذكرا ويقولون : لانعطي إلا من قاتل على ظهور الخيل ، وطاعن بالرمح ، وضارب بالسيف ، وحاز الغنيمة .فذكرت أم كجة ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاهما فقالا : يا رسول الله ولدها لايركب فرسا ولا يحمل كلا ولا ينكأ عدوا فقال : « انصرفا حتى أنظر ما يحدث الله لي فيهن » فأنزل الله هذه الآية ...

وفي هذه الآية ثلاث فوائد :
إحداها : بيان علة الميراث وهي القرابة .
والثاني : عموم القرابة كيفما تصرفت من قرب أو بعد.
والثالث : إجمال النصيب المفروض ...'' (30)

وقد كانت هذه الآية كالمقدمة ، إذ جاءت مجملة وما تلاها مفصلا لقصد تهيئة النفوس.المرحلة الخامسة : وكان بينها وبين المرحلة السابقة أيام معدودة فقط ، وكان في هذه المرحلة تعيين الورثة وتحديد الأنصبة فنزل قوله تعالى :{يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيما حَكِيمًا وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ فَإِن كَانُوَاْ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَآ أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ } النساء :11 ، 12

وروي في سبب نزولها: ''..أن امرأة سعد بن الربيع قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن سعدا هلك وترك ابنتين وأخاه فعمد أخوه فقبض ما ترك سعد ، وإنما تنكح النساء على أموالهن فلم يجبها في مجلسها ذلك ، ثم جاءته فقالت يا رسول الله ابنتا سعد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ادع لي أخاه فجاءه ، فقال ادفع إلى ابنتيه الثلثين وإلى امرأته الثمن ولك ما بقي ، ونزلت آية الميراث : [ يوصيكم ... ] ..'' (31)

ويستغرق هذا التفصيل آيتين : أولاهما خاصة بالورثة في الأصول والفروع والثانية خاصة بحالات الزوجية والكلالة ، ثم تجئ بقية أحكام الميراث في آخر آية في السورة استكمالا لبعض حالات الكلالة وهي قوله تعالى : {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَآ إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ فَإِن كَانَتَااثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} النساء : 176 .

ونلاحظ أن آية الميراث ، أنزلها الله عز وجل إنصافا للمرأة المظلومة ، وأغلب من ذكر فيها من الورثة هم من النساء بل السورة بأكملها سميت سورة النساء ولا توجد في القرآن سورة واحدة تسمى سورة الرجال ، فهل بعد هذا البيان من بيان ؟! ..

وابتدأت الآيات بالتنويه بالوصية وأن الله هو الذي أوصى وليس غيره، وأوصى من؟أوصى الوالدين،أوصاهم بماذا ؟ بأولادهم ! فقال : [ يوصيكم الله في أولادكم ] وقال: '' في أولادكم ولم يقل في أبنائكم لأن لفظ الولادة هو الذي يليق بمسألة الميراث ففي تخصيص هذا اللفظ فقه وتنبيه ، أما الفقه فإن الأبناء من الرضاعة لا يرثون لأنهم ليسوا بأولاد وكذلك الابن المتبنى فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم تبنى زيدا قبل نسخ التبني فكان يقول أنا ابن محمد ولا يقول أنا ولد محمد ولذلك قال سبحانه :{وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ }النساء: 23 . لأن الولد لا يكون إلا من الصلب أو أن لفظ الأولاد يقع على الذكور و الإناث حقيقة فلذلك عدل عنه إلى لفظ الأبناء في آية التحريم و أما في آية المواريث فجاء بلفظ الأولاد تنبيها على المعنى الذي يتعلق به حكم الميراث وهو التولد فالماء حياة البشر كما أن الماء حياة
الشجر'' (32).
و '' ( في ) هنا للظرفية المجازية ، جعلت الوصية كأنها مظروفة في شأن الأولاد لشدة تعلقها به كاتصال المظروف بالظرف ، وجملة [ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ ] بيان لجملة ( يوصيكم ) لأن مضمونها هو معنى مضمون الوصية ... وتقديم الخبر على المبتدأ في هذه الجملة للتنبيه من أول الأمر على أن الذكر صارله شريك في الإرث وهو الأنثى لأنه لم يكن لهم به عهد من قبل ، إذ كان الذكور يأخذون المال الموروث كله ولاحظ للإناث ...

وقوله تعالى: [ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ ] جعل حظ الأنثيين هو المقدار الذي يقدر به حظ الذكر ، ولم يكن قد تقدم تعيين حظ الأنثيين حتى يقدر به ، فعلم أن المراد تضعيف حظ الذكر من الأولاد على الأنثى منهم ، وقد كان هذا المراد صالحا لأن يؤدى بنحو : للأنثى نصف حظ ذكر ، أو للأنثى مثل حظ ذكر ، إذ ليس المقصود إلا بيان المضاعفة ، ولكن قد أوثر هذا التعبير لنكتة لطيفة وهي الإيماء إلى أن حظ الأنثى قد صار في اعتبار الشرع أهم من حظ الذكر ، إذ كانت مهضومة الجانب عند أهل الجاهلية فصار الإسلام ينادي بحظها في أول ما يقرع الأسماع'' (33)

وتختم الآيــة بقولـــه تعالى : [ تتِلْكَ حُدُودُ اللّـــهِ وَمَن يُطِـــعِ اللّـــهَ وَرَسُولَـهُ يُدْخِلْهُ جَنَّـــاتٍ تَجْـــرِي مِن تَحْتِهَـــا الأَنْهـــَارُ خَالِــدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفـــَوْزُ الْعَظِيــــمُ وَمَن يَعْصِ اللّــهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ ] النساء :13 ، 14 :( أي تلك الفرائض وتلك التشريعات ، التي شرعها الله لتقسيم التركات ، وفق علمه وحكمته ، ولتنظيم العلاقات العائلية في الأسرة ، والعلاقات الاقتصادية والاجتماعية في المجتمع .. تلك حدود الله .. حدود الله التي أقامها لتكون هي الفيصل في تلك العلاقات ، ولتكون هي الحكم في التوزيع والتقسيم ، ويترتب على طاعة الله ورسوله فيها الجنة والخلود والفوز العظيم ، كما يترتب على تعديها وعصيان الله ورسوله فيها النار والخلود والعذاب المهين ) .

ويجدر التذكير أيضا بأن " الزوجة " كانت تورث ولما جاء الإسلام أبطل هذه العادة ، '' ..أخرج البخاري عن ابن عباس قال : « كانوا إذا مات الرجل كان أولياؤه أحق بامرأته إن شاء بعضهم تزوجها ، وإن شاءوا زوجوها ، وإن شاءوا لم يزوجوها ، فهم أحق بها من أهلها فنزلت هذه الآية : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهًا وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} النساء : 19 ... وروى الطبري من طريق ابن جريج عن عكرمة أنها نزلت في قصة خاصة قال : نزلت في كبشة بنت معن بن عاصم من الأوس وكانت تحت أبي قيس بن الأسلت فتوفي عنها ، فجنح عليها ابنه ، فجاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا نبي الله لا أنا ورثت زوجي ولا تركت فأنكح فنزلت هذه الآية'' (34)
وهكذا تقرر ميراث الميراث بتدرج وحكمة ، بعد أن كانت المرأة من سقط المتاع صارت وارثة ونصيبهامحدد ومقدر، ومن يتعدى عليها في ذلك فمصيره النار..

المطلب الثاني : ميراث المرأة في الفقه الإسلامي
بداية نشير إلى أن فئة من الوارثات ثبت إرثهن بنصوص القرآن أو السنة أو إجماع الصحابة ، بالإضافة إلى فئة أخرى اجتهد الفقهاء في توريثها في حالات معينة ، وهذه الفئات ترث بثلاث حالات هي : الفرض و التعصيب والرحم . وفيما يلي بيان ذلك :


أولا : ميراث المرأة بالفرض: (35)
الفرض ، لغة : مأخوذ من التقدير : ما فرضتم أي ما قدرتم .
واصطلاحا : هو سهم مقدر شرعا للوارث ، و الأسهم عبارة عن كسور قابلة للتجزئة و المضاعفة .
والفروض الواردة في القرآن ستة :
3/2 ، 3/1 ، 6/1 ، 2/1 ، 4/1 ، 8/1
وهي كما ترى كسور عادية ، فيهـا انتظام وترتيب ، فالثلثــان ضعف الثلث ، والثلث ضعـف السدس . كذلك النصف ضعف الربع ، والربع ضعف الثمن ، فهما إذا مجموعتان ، كل مجموعة منهما تضم فروضــا متساويــة في العدد : ثلاثة فروض ، تشكل فيما بينهما متوالية هندسية.

ومن هذه الفروض فروض فردية كفرض النصف للبنت ، وفروض جماعية كفرض الثلثين للبنات ، فإنهن يأخذن الثلثين سواء كان عددهن اثنتين أو أكثر . فالبنت وحدها تأخذ النصف ، فإذا اجتمعت مع بنت أخرى نزل فرضها إلى الثلث ، وينزل فرضها أكثر كلما كثر عدد البنات . ولو لم يكن الأمر كذلك لأجهزت بنتان فقط على التركة كلها ، إذا أعطيت كل واحدة منهما النصف.

وتتأثر هذه الفروض بالولد ، فتنقص بوجوده وتزداد بغيابه ، فالأم لها الثلث إن لم يكن هناك ولد ، والسدس إن كان هناك ولد .كذلك الزوج له النصف إذا لم يكن هناك ولد ، والربع إذا كان هناك ولد ... الخ
ويلاحظ أن أكثر أصحاب الفروض هم الإناث : بنات ، أخوات ، أمهات ، زوجات.
وأصحاب الفروض يرثون قبل العصبة ، فإذا بقي شيء بعدهم ذهب إلى العصبة .
وقد تأتي الفروض على التركة كلها فلا يبقى منها شيء ، فتسمى الفريضة هنا « عادلة » ، أو تبقى منها شيء فتسمى « رَدّية » أو « قاصرة » ، أو تنوء بهم فتسمى « عائلة » .

واللواتي يرثن بالفروض هن :

1- ميراث الزوجة أو الزوجات :
قال تعالى : ] وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ [ النساء : 12.
لقد بينت هذه الآية فرضيين للزوجة :
- فرض الربع ( 4/1 ) إذا لم يكن للزوج فرع وارث.
- فرض الثمن ( 8/1 ) إذا كان للزوج فرع وارث .
وترث الزوجـة المطلقة طلاقا رجعيا من زوجها إذا مات قبل انتهاء عدتها ، بل وترث الزوجة حتى بعد انتهاء عدتها إذا طلقها في مرض الموت فرارا من توريثها معاملة له بنقيض مقصوده (36) .

2- ميراث البنت الصلبية :
قال تعالى : ] يـُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ [ النساء : 11 .
بينت هذه الآية أن البنت ترث بفرضين :
- النصف ( 2/1 ) عند الانفراد ، وعدم وجود معصب لها .
- الثلثين ( 3/2 ) عند التعدد و عدم وجود معصب لهن.

3- ميراث بنت الابن :
دليل ميراثها نفس دليل ميراث البنت ، إذا لم يكن للميت بنت صلبية نزلت بنت الابن منزلتها و تحجب بوجود الابن لأنه الأقرب إلى الميت فهي تدخل باسم الأولاد دخولا مجازيا لا حقيقيا . وتأخذ :
- النصف ( 2/1 ) عند الانفراد ، وعدم وجود معصب لها ، وعدم وجود البنت
- الثلثين ( 3/2 ) عند التعدد و عدم وجود معصب لهن. ( أي تأخذ بالفرضين السابقين للبنت الصلبية )
- السدس ( 6/1 ) للواحدة فأكثر مع البنت الصلبية الواحدة تكملة للثلثين ( 3/2 ) مع عدم وجود معصب لها في درجتها .

4- ميراث الأخوات :
و تشمل الأخوات الشقيقات و الأخوات لأب والأخوات لأم .
أ- الأخت الشقيقة :
قال تعالى : ] يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَآ إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ [ النساء :176 .
وقد بينت هذه الآية فرضين لها:
- النصف ( 2/1 ) للواحدة إذا لم يكن معها أصل مذكر و فرع وارث مطلقا ولا إخوة أشقاء ولا جد.
- الثلثين ( 3/2 ) عند التعدد و ليس معهن من يحجبهن .
تكلمت عن فرض الثلثين لاثنين فأكثر .
ب- الأخت لأب:
هي كل أنثى تدلي إلى الميت بجهة الأب ، ودليل ميراثها نفس دليل ميراث الأخت الشقيقة ، وتأخذ:
- النصف ( 2/1 ) للواحدة إذا لم يكن معها أصل مذكر و فرع وارث مطلقا ولا إخوة أوأخوات أشقاء ولا جد.
- الثلثين ( 3/2 ) عند التعدد و ليس معهن من يحجبهن .
- السدس ( 6/1 ) مع الأخت الشقيقة الواحدة تكملة للثلثين ( 3/2 )، ومع عدم وجود معصب لها ( أخ لأب ).
و تسقط بالأخت الشقيقة الواحدة إذا كانت عصبة مع البنت أو بنت الابن لأنها في هذه الحال تقوم مقام الأخ الشقيق ، وسنوضح ذلك لاحقا.
جـ- الأخت أو الأخوات لأم :
و هي التي تدلي إلى الميت بجهة واحدة و هي الأم ، ولاترث إلا كلالة(37) . ودليل ميراثها قوله تعالى :{وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ فَإِن كَانُوَاْ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَآ أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ [ النساء : 12 .
و قد بينت هذه الآية فرضين لها :
- السدس(6/1) إن كانت واحدة كلالة.
- الثلث ( 3/1 ) عند التعدد . إذ لا فرق بين الذكور والإناث يقتسمون الثلث بالتساوي .

5- ميراث الأم :
هي كل أنثى لها على المتوفى ولادة مباشرة (38) و لها ثلاث حالات في الميراث :
قال تعالى : { وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ } النساء :11 .
بينت هذه الآية فرضين ( حالتين ) هما :
- السدس (6/1) عند عدم وجود الفرع الوارث مطلقا ، أو تعدد الاخوة و الأخوات من أي جهة كانوا ، سواء كانوا وارثين أو محجوبين .
- الثلث ( 3/1 ) وتأخذ ثلث المال كله عند انعدام الفرع الوارث مطلقا أو عدم تعدد الإخوة.
أما الحالة الثالثة : فهي ترث ثلث الباقي من التركة بعد نصيب أحد الزوجين عند اجتماعهما بالأب وهي ماتعرف بمسألة الغراوين ( المسألة العمرية ) (39) .

6- ميراث الجدات :
والمقصود بهن الجدات الوارثات ، الجدة لأم ، والجدة لأب وأمهاتهما ، ودليل توريثهن هو ما رواه الإمام مالك عن قبيصة بن ذؤيب أنه قال:'' ثم جاءت الجدة إلى أبي بكر الصديق تسأله ميراثها فقال لها أبو بكر مالك في كتاب الله شيء وما علمت لك في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا فارجعي حتى أسأل الناس فسأل الناس فقال المغيرة بن شعبة أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاها السدس فقال أبو بكر هل معك غيرك فقام محمد بن مسلمة الأنصاري فقال مثل ما قال المغيرة فأنفذه لها أبو بكر الصديق ثم جاءت الجدة الأخرى إلى عمر بن الخطاب تسأله ميراثها فقال لها مالك في كتاب الله شيء وما كان القضاء الذي قضى به إلا لغيرك وما أنا بزائد في الفرائض شيئا ولكنه ذلك السدس فإن اجتمعتما فهو بينكما وأيتكما خلت به فهو لها'' (40) .
ترث الجدة فرض السدس (6/1) للواحدة فأكثر بشرط التساوي في الدرجة . وتحجب بالأم ، وتحجب الجدات الأبويات بالأب ، وتحجب الجدة البعيدة بالقريبة من أي جهة كانت .

ثانيا : ميراث المرأة بالتعصيب: (42)
العاصب و العصبة : هم قرابة الرجل لأبيه و هي مأخوذة من الإحاطة به ، وهم الذين يصرف لهم باقي التركة بعد أخذ أصحاب الفروض فروضهم . والعصبة ثلاثة أنواع :
العصبة بالنفس ولا يرث بها إلا الذكر.
العصبة بالغير ويرث بها الإناث مع الذكور ( الأولاد ، الإخوة الأشقاء أولأب )
العصبة مع الغير ولا يرث بها إلا الإناث ( الأخوات مع البنات )
فالعصبة ورثة أقوياء ، وهم كذلك متفاوتون في القوة ، فالإبن في المقدمة ، وهو أقوى من الأب ، والأب أقوى من الأخ... إلى آخر الترتيب المعروف للعصبات في علم الميراث .
والعاصب قوي ، يشد التركة كلها إليه ، إذا لم يوجد معه أصحاب فروض ، ولا يوجد صاحب فرض واحد يرث أكثر من ربع التركة في حال وجود الولد ، ونصفها في حال عدمه ، مثال : الزوج . فلولا أصحاب الفروض لكانت التركة كلها لأقرب عاصب . ومع وجود أصحاب الفروض تقدم معنا أن العاصب كلما كان أقرب إلى المتوفى كان أقوى وزاد مقدار ميراثه.

لقد أراد الله سبحانـــه ألا ينفـــرد العاصـــب بالإرث ، حتى لو كان قويـــا كالإبن ، بـل أراد أن يرث معه بعض الورثة ، إذا وجدوا : الزوجان ، الأبوان ، لاسيما وأنهم قريبون من المتوفى ، ويتصلون مباشرة ، كالإبن ، بلا واسطة ولهم فضل لا ينكر في تكوين ثروة المتوفى ، فأعطى هؤلاء نسبا محددة ، ليبقى الباقي للعاصب ، مع ملاحظة أن هذه النسب تنقص بوجود الولد ، وتزداد بغيابه ، وذلك كما قلنا لزيادة نصيب العاصب إذا قرب ، وتقليله إذا بَعُدَ .

وجعــل الولد ، برغم قوته الإرثية ، لا يحجب الزوجين ولا الوالدين ، إنما يحجب الإخـــوة . فإرث الـــزوجين والوالدين ، مع الولد ، إرث قوي غير قابل للسقوط ( غير قابل لحجب الحرمان ) ، وإن كان قابلا للنقصان . أما الإخوة فإرثهم ضعيف ( كَلاَلة ) قابل للسقوط ( لحجب الحرمان ) .

بقي أن الأبناء إذا تعددوا توزعوا التركة ، أو نصيبهم منها ( بعد الفروض ) ، على عدد رؤوسهم ، لأنهم متساوون في القوة الإرثية ، وإذا وجد معهم بنات ، فإن الأبناء يشدُّونهن إليهم ، من نظام الإرث بالفرض إلى نظام الإرث بالتعصيب ، وتكون القوة الإرثية للبنات بمقدار نصف القوة الإرثية للبنين ، لأنهم مكلفون بالإنفاق وهن غير مكلفات ، فيرث الذكر مثل حظ الأنثيين . فهذا هو نظام التعصيب بالغير ، وهذا هو قبله نظام التعصيب بالنفس . فالتركة للعاصب ، وتوريث غير العاصب ( مع العاصب ) هو الذي فرض نظام الإرث بالفرض . فهذا الذي اقتضى تعدد النظم ، وهذا الذي اقتضى كل نظام بعينه من هذه النظم.

وعادة لاترث المرأة بهذا النوع إلا لماما، ولذلك فهذا النوع من الميراث-بالنسبة للنساء- يختص بالبنات أو الأخوات الشقيقات أو الأخوات لأب فقط ، على حسب الحالة.
واللواتي يرثن بهذا النوع هن:

1- البنات :
قال تعالى : ] يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ [ النساء :11.
تكون البنت عصبة بأخيها و هو الإبن ، و تكون بنت الإبن عصبة بأخيها أو ابن عمها ، ويكون إرثها كما بينت الآية للذكر مثل حظ الأنثيين .

2- الأخوات :
وتكون عصبة بالغير و مع الغير وتشمل الأخوات الشقيقات و الأخوات لأب .
قال تعالى : ] وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْن ِ [النساء :176. فتكون الأخت الشقيقة عصبة بأخيها الشقيق وكذلك الأخت لأب عصبة بأخيها لأب ، للذكر مثل حظ الأنثيين كما بينت الآية .

و ترث الأخوات الشقيقات أو لأب مع الغير أي مع البنات ، وتصير الأخت في مرتبة الأخ فتحجب ما يحجبه الأخ لذلك نجد أن الأخت الشقيقة تحجب الأخت لأب إذا كانت عصبة مع الغير إلا إذا كان لها أخ يعصبها .

ودليل ميراثها أن : '' أبا موسى سئل عن بنت و بنت ابن و أخت فقال : للبنت النصف وللأخت النصف وأت ابن مسعود فسيتابعني فسئل ابن مسعود و أخبر بقول أبي موسى فقال : ضللت إذا وما أنا من المهتدين أقضي فيها بما قضى النبي صلى الله عليه وسلم للبنت النصف و لبنت الإبن السدس تكملة للثلثين ، و ما بقي فللأخت ، فأتينا أبا موسى فأخبرناه بقول ابن مسعود فقال : لا تسألوني ما دام هذا الحبر فيكم '' (43).

مقارنة بين ميراث المرأة بالفرض وميراثها بالتعصيب :
1- أغلب من يرث بالفرض نساء ، وأغلب من يرث بالتعصيب ذكور

2- في تقسيم التركة يبدأ بأصحاب الفروض قبل أصحاب العصبات .

3- نلاحظ أن المرأة بميراث الفرض لا يتغير فرضها بعكس التعصيب فيتغير زيادة أو نقصا حسب الوارث ( كما إذا كان ابن لوحده يرث كل التركة، أو ابنا مع بنت فإنه يعصبها ويأخذان للذكر مثل حظ الأنثيين أو إذا كان هناك أخ شقيق وبنت فإنه يأخذ ما يبقى بعد أخذ صاحبة الفرض ).

4- صاحب الفرض لا ينقص فرضه إلا في حال ما إذا كانت المسألة عائلة فيدخل النقص على السهم من التركة لاعلى الفرض .
بينما في العصبة ، '' فكلما تباعد العصب ينقــص الباقي من التركة ، فالإبن إذا كان هو العاصب ، ولا توجد بنت ، فإن مقدار إرثه يكون كبيرا نسبيا ، لأن وجوده يؤثر بالنقص على إرث الوالديـــن ، والزوجــين ، كمــــا أوضحنا . وإذا وجد الإبن ، وكانت معــه بنت ، فإنــه لا يـــدعها ترث النصـــــف ، بــل يجعلهـــا تـرث معـــه على توزيــع آخر : سهمين له ، وسهم لها .

وإذا كان الأب هو العاصب ، فإن مقدار ما يرثه تعصيبا يكون أقل نسبيا من الابن ، لأن البنت إذا وجدت مع الأب ، ترث النصف ، وكذلك الزوجان ينقصان بالولد ، ولا ينقصان بالأب ، أي الولد يحجبها حجب نقصان ، ولا يفعل الأب ذلك.

وإذا كان الأخ هو العاصب ، فالزوجان يرثان حظهما الأعلى ( لا الأدنى كما هو الحال مع الولد ) ، والأخ لا يرث إلا إذا غاب الولد والوالد ( وهو معنى الكلالة ) ، فما يصل إذن إلى الأخ بطريق التعصيب سيكون منسجما في المقدار مع شركائه في الإرث . وإذا وجدت معه أخت فإنه سيعصّبها ليرثا معا : سهمين له ، وسهما لها ، كما أوضحنا في مجال الإبن والبنت .
ألا ترى إلى هذا الإعجاز الفني في الميراث ، وإلى هذه الحركة ( الدينامية ) اللافتة في نظام عمل الإرث ؟'' (44).

5- المرأة لا تكون عصبة بالنفس ، بل قد تكون عصبة بالغير كالبنت مع الإبن و الأخت مع الأخ . كما قد تكون عصبة مع الغير( الأخوات مع البنات ). فالذكر قد يرث كل التركة ، أو الباقي منها بعد أصحاب الفروض ، ولا تتمتع الأنثى بهذا المركز . لكن بالمقابل تتمتع الأنثى بمركز أقوى من الذكر ، من حيث أنها من أصحاب الفروض : بنت ، أم زوجة ، أخت شقيقة ، أخت لأب ، أخت لأم . ''

فالعصبات إذا كانوا أقوى من حيث :
- أنهم قد يرثوا كل التركة .
- أو الباقي منها بعد أصحاب الفروض .
إلا أن ذوي الفروض أقوى من العصبات من حيث :
- تقدمهم على العصبات في مراتب الإرث ، فقد يرثون ولا يبقى شيء بعدهم للعصبات .
- عدم سقوطهم من الميراث ، فلا تضيق عنهم التركة ، حتى لو عالت المسألة .
كأن يكون هناك زوج وأختان شقيقتان أو لأب فللزوج ( 2/1 ) و للأختين ( 3/2 ) ، فيكون :
2/1 + 3/2 = 6/3 + 6/4 = 6/7 .فعندئذ توزع التركة على 7 لا على 6 فيدخل النقص على جميع أصحاب الفروض كل بحسب فرضه ، ولا يحرم أي منهم من الميراث '' (45)

يتبع

قرآن الفجر
04-12-2007, 10:42 PM
الفصل الثاني
شبهات باطلة وحقائق ناصعة

المبحث الأول : شبهــــــــــات باطلـــــــــــــة
المطلب الأول : الشبهات المثارة
المطلب الثاني : الرد على الشبهات
المبحث الثاني : حقائق ناصعة
المطلب الأول : فلسفة التوريث في الإســـــــلام ( معايير وأسس )
المطلب الثاني : الميراث العادل بين الذكروالأنثى ( حالات ونتائج )


الفَصْل الثَّاني
شبهات باطلة وحقائق ناصعة
المبحث الأول : شبهات باطلـــــة
سنحاول في هذه الأسطر بيان وحصر شبهات كثيرة اكتنفت ميراث المرأة في الإسلام ليسهل تصورها ، ومن ثم الرد عليها واحدة واحدة لتتهاوى تحت مطرقة الحجة والدليل .

المطلب الأول : الشبهات المثارة
تعريف الشبهات :
أ- لغة : الشبهات : جمع شبهة و هي واحدة من شبه عليه الأمر: أبهمه عليه حتى اشتبه بغيره ، وشبه عليه وله: لبس ، قال تعالى : { وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ } النساء :157. و اشتبه عليه الأمر : اختلط ، و في المسألة : شك في صحتها ، و تشابه الشيئان : اشتبه كل منهما بالآخر حتى التبسا .
قال تعالى : { إِنَّ البَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا}البقرة : 70. و الشبهة الالتباس .

ب- اصطلاحا : كل تصور من شأنه أن يمنع صاحبه من القناعة التامة بأمر ما لعدم وضوح ذلك الأمر عنده بقطع النظر عن صدق هذا التصور أو خطئه (51) .
و بالنسبة لما نحن بصدده تكون الشبهات عبارة عن كل تصور من شأنه أن يمنع صاحبه من القناعة التامة بعدالة ميراث المرأة في الإسلام .
و الشبهات بهذا المعنى تصدق على كل من لم تتضح له الحقيقة من المسلمين و غيرهم ، وإن كان المسلم مطالبا بمعرفة الحقيقة و البحث عنها ، ولكن شتان بين مسلم باحث عن الحقيقة ، ومخادع يلوي أعناق النصوص ليثير زوبعة على شمس الإسلام الساطعة. فمثيرو هذه الشبهات من أعداء الإسلام و المنتسبين إليه نشك في أنهم يعرفون الحقيقة كاملة ، و إلا فلا نسميها شبهات ، بل هي أكاذيب و افتراءات و صدق الله العظيم : {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} البقرة :146
و من هنا فإننا نحاول استقراء الماضي و الحاضر ، لإبراز الشبهات المثارة حول ميراث المرأة في الإسلام ، و ينبغي أن نلاحظ هنا أن بعض شخوص تلك الشبهات قد هلكت في الدهر الأول ، و بقيت مزاعمهم الباطلة إلى اليوم يحمل إصرها كل دعي شقي :

أولا- الشبهات التاريخيــــــــــــــــــــــة :
أ- شبهة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم:
'' ..عن مجاهد عن أم سلمة أنها قالت يا رسول الله أيغزو الرجال ولا نغزو ولا نقاتل فنستشهد وإنما لنا نصف الميراث فأنزل الله :{وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا}النساء:32
وقال قتادة : كان الجاهلية لا يورثون النساء فلما ورثوا وجعل للذكر مثل حظ الأنثيين تمنى النساء أن لو جعل أنصباؤهن كأنصباء الرجال و قال الرجال إنا لنرجو أن نفضل على النساء بحسناتنا في الآخرة كما فضلنا عليهن في الميراث فنزلت :{وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا}النساء:32 '' (52) ، وسرعان مازالت تلك الشبهة من قلوب المؤمنات الطاهرات ، وحل محلها الرضى والتسليم لأمر الله :{فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا} النساء: 65
ويبدو لنا من خلال هذه القصة روح التنافس بين الرجال و النساء والتي لعلها قد أثارتها تلك الحريات والحقوق الجديدة التي علمها الإسلام للمرأة ، تمشيا مع نظريته الكلية في تكريم الإنسان بجنسه ، وفي إنصاف كل جنس فيه وكل طبقة وكل أحد ، إنصافـه حتى من نفسه التي بين جنبيه ، ولكن الإسلام إنما كان يستهدف من هذا كله تحقيق منهجه المتكامــل بكــل حذافيره لا لحســـاب الرجـــال ولا لحساب النســـاء ، ولكن لحســـاب الإنســـان ولحســـاب المجتمــع المسلم ، ولحساب قيم الحق والعدل :{أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} الملك :14

ب - شبهة في العهد العباسي :
في العصر العباسي - عصر التفتح على الحضارات الأخرى – ثارت الشبهة من جديد ، ليس لتوضيح اللبس بل للطعن في الإسلام ، وكان الذي تولى كبرها رجل يقال له ابن أبي العوجاء ، و كان يأتي إلى المسجد الحرام و المسجد النبوي ليناقش و يجادل و يفتري ، وقد كان أحد اعتراضاته على الإسلام : ما بال المرأة – الضعيفة – تأخذ سهما و يأخذ الرجل سهمين ؟ ؟ !..
فانبرى للإجابة عليه الإمام جعفر الصادق : إن ذلك كان بسبب أن الإسلام قد أعفى المرأة من الجهاد في سبيل الله و فرض لها على الرجل المهر و النفقة ، كما أنه في بعض الجنايات غير العمدية حين يجب على أقارب الجاني أن يدفعوا الدية تعفى المرأة من الاشتراك في الدفع لهذا جعل سهم المرأة في الإرث أقل من سهم الرجل (53).

ثانيا- الشبهات الحديثـــــــــة :
ظهرت مع القرن الماضي شبهات كثيرة حول الإسلام بصفة عامة للنيل منه وللأسف حمل لواءها بعض أبناء الإسلام الذين خدعوا بالحضارة الغربية و شعاراتها البراقة ، و لم يجدوا في سبيل تحقيق مآربهم الخسيسة أحسن من قضايا المرأة يمتطونها ، فاقتدوا ببعض مفكري الغرب (54) ، الذين قالوا : '' إن قضية الإرث و نصيب المرأة منه نصف نصيب الرجل لهو بدون شك سبب مهم بالنسبة لدونية المرأة العربية المسلمة '' ، '' إن حكم الوراثة في الإسلام هو حكم الدونية الشرعية للمرأة '' ، فأثاروا الشبهات حولها من مثل أنها مظلومة في الشهادة و الطلاق و الميراث ... وغيرها من القضايا المزعومة التي تتهاوى عند أول بحث دقيق و جاد ، و يهمنا هنا شكوكهم حول ميراث المرأة في الإسلام .

أ- الشبهة الأولى :
عدم المساواة بين المرأة و الرجل في الميراث يحول دون النهضة في الأسرة و البلاد .
و قال بهذه الشبهة عالم الاجتماع التركي ضياغوك آلب (1924) حيث قال : '' كيف يمكن للشريعة المقدسة أن تعتبر هذه المخلوقات الجميلة "النساء" كائنات محتقرة ؟ !.لا شك أن الفقهاء قد أخطأوا في تفسير القرآن ، إن الأسرة دعامة الأمة والدولة ، و إن حياة الأمة ستبقى ناقصة حتى تدرك القيمة الكاملة للمرأة ، يجب أن يتفق بناء الأسرة مع العدالة وما دام الأمر كذلك فالمساواة ضرورية في أمور ثلاثة : الطلاق ، و الافتراق ، و الإرث.وطالما أن المرأة تساوي نصف الرجل في الإرث و ربعه في الزواج فلن تستطيع الأسرة و لا البلاد أن تنهضا'' (55).

ب- الشبهة الثانية :
عدم المساواة بين المرأة و الرجل في الميراث أدت إلى إحجام كثير من الشباب عن الزواج .
و قد أثار هذه الشبهة الكاتب سلامة موسى سنة 1929(56)

جـ - الشبهة الثالثة :
كان يجب أن تأخذ مثل الرجل – على الأقل – في الميراث لكون الأصل فيها أن تلزم البيت و لا تمتهن حرفة للكسب كالرجل و لأن منعها من الاحتراف حق للزوج(57)

د- الشبهة الرابعة :
يقول أصحابها : ما الذي يدعونا إلى أن نجعل سهم المرأة في الإرث أقل من سهم الرجل ثم نجبر النقص بالمهر؟ ! لماذا نلف وندور في الأعمال ، ونريد أن نضع اللقمة في الفم من خلف العنق ؟! فلنسو بين سهم المرأة و الرجل في الميراث ثم لا نضطر إلى جبران هذا النقص بالمهر(58).

هـ - الشبهة الخامسة :
أنها لم تعمل و لم تشارك في تنمية هذا المال ، فالذكور أحق به لأنهم هم الذين نموه و كثروه...الخ فكيف تنتقل ثروتهم إلى عائلة أخرى غريبة حتى ولو كانت مصاهرة لهم ، وهذه الشبهة نجد لها تطبيقات عملية في كثير من ديار الإسلام ، التي ما زالت تحرم المرأة من بعض حقها في الميراث سيما في الأرض الفلاحية ...

و- الشبهة السادسة :
أننا أصبحنا في عصر خرجت فيه المرأة للعمل و الكسب ، مثل الرجل دونما فارق بينهما ، و أصبحت تسهم مع زوجها بنصيب في نفقات البيت و الأولاد ... فزالت الظروف التي كانت تجعلها ربة بيت فقط معفاة من أي التزام، و بزوال هذه الظروف التي كانت يزول المقتضى الـذي يجعل للذكر من التركة مثل حظ الأنثيين وتصبح التسوية بينهما في الميراث واجبة(59).
وهذا كلام يتردد مضمونه بعبارات متقاربة ( مع اختلاف في بعض التفصيلات و الاستدلالات ) . و من الذين قالوا بذلك الطاهر الحداد الذي قال في كتابه " امرأتنا في الشريعة و المجتمع " : '' إن المرأة ذاتها كانت من الموروث الذي يورث في الجاهلية و لا يرث فرفع الإسلام من مكانتها بأن جعلها من الوارثين و أعطاها من الميراث نصيبا مفروضا لكن لما كان هذا شديد الوطأة على أخلاق الجاهلية جعل الإسلام نصيبها نصف الرجل غالبا ، و سواها به في بعض الحالات .. لكن مهما كان الإسلام حكيما في التدرج بحقوق المرأة حتى لا يبلغ بها الكمال بسرعة خطرة ، فقد كان هذا شديد الوقع على المسلمين غير محتمل ... ''

و يقول : '' للإسلام عذره إذا قرر حظ المرأة دون حظ الرجل '' و يقول : '' فالإسلام يقرر نزول ميراث المرأة عن الرجل كأصل من أصوله التي لا يتخطاها '' ثم يقول : '' و قد عدل الفقهاء نقص ميراثها عن الرجل بكفالته لها و لا شيء يجعلنا نعتقد خلود هذه الحالة دون تغيير '' ثم يقول : '' إن المرأة اليوم - بتأثير روح العصر في تربيتها و تعليمها- قد أخذت تكافح الحياة في كل ميدان لتنال المساواة الكاملة مع الرجل و تحقق استقلالها في الحصول على عيشها ، و التعاون معه في الإنفاق على ما يلزمها '' و هو يرى '' أن الإسلام في جوهره لا يمانع في تقرير المساواة الكاملة بينها و بين الرجل متى انتهت أسباب تفوقه عليها .'' وينتهي في ذلك كله إلى القول : '' لقدحكم الإسلام في آيات القرآن بتمييز الرجل عن المرأة في مواضع صريحة منها الميراث و ليس هذا بمانع أن يقبل بمبدأ المساواة الاجتماعية بينهما عند توفر أسبابها بتطور الزمن ما دام يرمي في جوهره إلى العدالة التامة وروح الحق الأعلى . وهو الدين الذي يدين بسنة التدرج في تشريع أحكامه ..و ليس هناك ما ينص أو يدل على أن ما وصل إليه التدرج في حياة النبي هو نهاية المأمول الذي ليس بعده نهاية ...'' (60).


و هكذا فتح الباب للتسوية الكاملة بين المرأة و الرجل في الميراث ، ومثل شنشنة '' الطاهر حداد'' يرددها أيضا الدكتور '' نصر حامد أبو زيد '' في كتابه ( دوائر الخوف ) قراءة في خطاب المرأة ، عام 1999 الذي نادى بمساواة المرأة بالرجل في الميراث ، و إعطاء الولد المتبنى مثل الولد الشرعي في الميراث ، و بنى فهمه هذا على اعتبار القرآن الكريم نصا تاريخيا و دعوته إلى ضرورة فهم النصوص في سياق إنتاجها الاجتماعي و التاريخي .

و قال معللا فهمه هذا : '' بأن الواقع الذي يخاطبه الوحي ويتوجه إليه النص يقوم على الاعتداد بعلاقات الدم والنسب الأبوية على وجه الخصوص ، إنه مجتمع العصبية الذكورية ، و هو من جهة أخرى مجتمع يقوم على الصراع على منابع المياه و الكلأ ، في مثل هذا المجتمع يتحدد دور الأنثى و مكانتها في الخلفية لذلك عندما أعطاها الوحي نصف حظ الذكر اعتبرت هذه الخطوة تقدمية ، لذلك علينا أن نمضي في السياق نفسه ، و بعد مرور أربعة عشر قرنا على ذلك الحكم فنجعل الآن ميراث المرأة مساويا لميراث الرجل ''.


و قال في موضع آخر : '' الآن السياق اختلف و المجتمع اختلف أنا مثلا أستاذ في الجامعة و ابتهال زوجتي أستاذة في الجامعة أناقش طلبة الدكتوراه و هي كذلك إذن هل هناك وجه للأفضلية بيني و بينها و السياق كما أقول اختلف الآن وتطور الوعي ؟ وحين نقول:إذا كان القرآن و الإسلام قد أعطاها النصف في سياق لم تكن تحصل فيه على شيء فهل لو جاء مجتهد اليوم وقال:ننزل الحكم على الوقائع و نعطيها مثل الرجل يكون قد خالف القرآن ؟ ! '' (61)

- ولم تبق محاولات أدعياء تحرير المرأة و المساواة حبيسة أدراج المكاتب و رهينة الصحف و المجلات ، بل تعدتها إلى محاولة فرض تلك الآراء و المفاهيم على الأمة بتشريعها وتقنينها وقد نجحت في البعض و فشلت في الكثير .

نجحت شبهاتهم وآراؤهم في تركيا . ففي 3 مارس 1924 ( و هي نفس السنة التي توفي فيها ضياغوك آلب الذي مر معنا في الشبهة الأولى ) ألغيت الخلافة الإسلامية على يد مصطفى كمال أتاتورك ، و أصبحت الدولة التركية علمانية لا تستقي تشريعها من الدين ، و ألغت قوانين الميراث المستمدة من الإسلام ، و فرضت المساواة الكاملة بين الرجل و المرأة في الميراث و غيره ! .


وفي الضفة الغربية من العالم الإسلامي انتقلت عدوى هذه الضلالة إلى الصومال ، حيث استبدل شرع الله و قد حصل في إثر ذلك ما حصل من قتل و إحراق العلماء المسلمين الذين فضلوا المنية على الدنية ، و آثروا الفضيلة والنعش على الرذيلة و العيش ..

و قد صرح المدعو زياد بري رئيس الصومال في 21 – 10 – 1970 بواسطة الإذاعة باعتناق حكومته المبدأ الماركسي اللينيني و جاء بعد ذلك على لسانه في الجريدة الرسمية قوله : '' كنا نسمع عن أقوال تقول الربع و الثلث والخمس و السدس فإنا نقول : إن ذلك لا وجود له بعد اليوم وإن الولد و البنت متساويان في الميراث '' (62).

و في تونس اتهم الرئيس بورقيبة الشريعة الإسلامية بالنقص و الخطأ في معاملة المرأة وعزم على سن قانون يسوي بين الذكور و الإناث في الميراث ، و لكن الله سلم فبقى قانون الميراث إسلامي النزعة إلى اليوم.


- و آخر محاولة كانت في مصر ، وهي'' عبارة عن مشروع قرار بالمساواة بين الرجل و المرأة في الميراث ولكن قيض الله لها الأزهر الشريف الذي رفض بقوة هذا المشروع ، الذي اعتبره خضوعا من بعض الجهات للضغوط الأمريكية خاصة في الأمور التي تتناقض مع ثوابت الدين و قيم المجتمع المسلم و أن هذا المشروع يؤكد وجود مخطط شامل لاقتلاع الإسلام من جذوره و فصل المسلمين نهائيا عن دينهم ، و أن هذا المخطط لا يقتصر على الغزو و الاحتلال أو تغيير المناهج و إدخال القيم الغربية على المجتمعات الإسلامية بل هناك ضغوط على البلاد الإسلامية لإقرار قوانين تخالف الشريعة الإسلامية و فرض هيمنة المرأة على الرجل'' (63).

ولعل من بين هذه المخططات الخبيثة التي تستهدف الإسلام والمسلمين مشروع الشرق الأوسط الكبير ، والذي جاء في أحد بنوده : ''أن المرأة المسلمة مظلومة بتعدد الزوجات وميراثها نصف ميراث الرجل ... ويطالبون بتحريرها من الشرائع التي يصفونها بالعادات والتقاليد البالية'' (64)


ولم يقف الأمر عند هذا الحد ، بل ألفوا قرآنا جديدا – زعما – سموه الفرقان الحق وجاء فيه : '' ... فالمرأة بشرعتكم نصف وارث فللذكر مثل حظ الأنثيين وهي نصف شاهد فإن لم يكن رجلان فرجل وامرأتان فللرجال عليهن درجة ، وهذا عدل الظالمين .. وإذا خشيتم عليهن الفتنة غيرة احتبستوهن بقولكم : قرن في بيوتكن ألا ساء حكم الظالمين قرارا .. فأي سلعة تبتاعون وأي بهيمة تقتلون وتسوسون ؟ '' (65)


هذا بالإضافة إلى عشرات المؤتمرات والندوات والتقريرات التي تدعو بشكل مبطن إلى إلغاء الخصوصية الحضارية للمسلمين ، بتحديد كافة الأشكال المفرقة بين الرجل والمرأة ، من مثل ما ورد في تقرير منظمة التنمية الإنسانية في العالم العربي للأمم المتحدة لعام 2004 والذي جاء فيه : '' ... عدم المساواة بين المرأة والرجل في العالم العربي" ، وطالب "بإزالة جميع مظاهر التمييز بين المرأة والرجل و المساواة التامة في كل شيء '' (66) .

وفي الجزائر وإن كانت المعركة تختلف عما ذكرنا ، فهي أقل حدة وشراسة ، إلا أن نار العلمانيين لا تخبو ، فهي تضطرم بين الحين و الحين مطالبة بإلغاء قانون الأسرة لأنه أرجع المرأة إلى القرون الوسطى(67).

المطلب الثاني : الرد على الشبهـــــات المثارة
و الرد على هذه الشبهات جهاد فكري مطلوب يسفر في المحصلة النهائية عن تكريس فقه التحرير الإسلامي للمرأة وإزالة الحواجز المعيقة لهذا التحرير ، التي يحسبها غلاة العلمانيين عقبات إسلامية تحول دون اكتمال أهليتها وتجعل منها نصف إنسان ، و لذلك يدعون إلى إسقاط الحل الإسلامي لتحرير المرأة و التماس هذا الحل في النموذج الغربي لهذا التحرير .

أ - الرد على الشبهة الأولى :
" عدم المساواة في الميراث تؤدي إلى التخلف و عدم التطور " .
الشبهة التي أثارها العالم التركي ضياغوك آلب تتضمن كثيرا من الخطأ و الخلط و سوء الفهم ، فمن الذي قال أن الإسلام يعتبر النساء كائنات محتقرة ؟!.. لا يقول هذا من فقه حقيقة الإسلام ، الإسلام الذي رفع من شأن المرأة وجعل الجنة تحت أقدام الأمهات و كرر الوصية بإكرام الأم "ثلاثا" قبل الأب و كرر الوصية بالنساء و إكرامهن في مواطن عديدة و جعل المرأة الصالحة خير كنز المسلم ، فكيف يصح القول بعد هذا بأنهن في الإسلام كائنات محتقرة ؟
و على خلاف ما يقوله ضياغوك آلب و أمثاله يقول الكاتب و الرحالة الفرنسي جيراردي ترفال :'' إن الإسلام قد وضع المرأة في موضع كريم و ضرب القرآن الأمثلة للناس بالنساء الصالحات مثل آسيا امرأة فرعون و مريم أم المسيح ، و في حين استبعد التلمود اليهودي النساء من الطقوس الدينية و حرم عليهن دخول المعبد فإن الإسلام قد أباح لهن الصلاة في المساجد''.
أما ما ذكره ضياغوك آلب من أن الأسرة و البلاد لن تنهضا إلا بالمساواة الكاملة في الإرث و الطلاق و كافة الحقوق والأوضاع ، فلنا أن نتساءل : في 03-03-1924 ( و هي نفس السنة التي مات فيها ضياغوك ) ألغيت الخلافة الإسلامية في تركيا على يد مصطفى كمال أتاتورك و أصبحت الدولة التركية علمانية لا تستقي تشريعها من الدين ، فما الذي أفادته تركيا من ذلك ؟!
هل أصبحت بعد ثمانين سنة دولة عظيمة كما كانت أيام الخلافة ؟
وما الذي أفادته من تقدم حقيقي بعد أن ألغت قوانين الميراث أو الزواج و الأحوال الشخصية المستمدة من الإسلام وحرمت تعدد الزوجات و سلبت الرجل حق الطلاق و ساوت الذكر و الأنثى في الميراث ؟!
لقد أحالت خطة مصطفى كمال أتاتورك تركيا إلى مزرعة يهودية تتحكم فيها الدولارات اليهودية ذات الوجه الأمريكي وبعد أن نزع عنها ثوب الإسلام الذي أوصلها إلى ذروة المجد و السؤدد غدت تركيا غير ذات وزن كبير في الميزان الدولي ..."(68)

ب - الرد على الشبهة الثانية :
" عدم المساواة في الميراث تؤدي إلى الإعراض عن الزواج"
وهي الشبهة التي أثارها الكاتب "سلامة موسى" - كما رأينا – و قد ردت على هذه الشبهة ، زعيمة الحركة النسائية في الشرق ( و شهد شاهد من أهلها ) قالت :
'' أما القول بأن عدم المساواة في الميراث من دواعي إحجام كثير من الشباب عن الزواج في الشرق فغير وارد لأننا نشاهد في أوروبا انتشار هذا الداء في عصرنا الحالي انتشاراً أشد خطورة منه في الشرق بالرغم من أن المرأة الأوروبية ترث بمقدار ما يرث الرجل فضلا عن أنها ملزمة بدفع المهر ومكلفة بالتخلي عن إدارة أموالها لزوجها.
ولو سلمنا بنظرية الأستاذ سلامة موسى وجاريناه في طلب تشريع جديد فهل لا يخشى أن يؤدي ذلك إلى إسقاط الواجبات الملقاة على عاتق الزوج نحو زوجته و أولاده بإلزام الزوجة بالاشتراك في الصرف و في ذلك ما فيه من حرمان يعود بالشقاء و البؤس على الزوجات الفقيرات اللاتي لم ينلن ميراثا من ذويهن . وهذه الطبقة تشمل أغلبية الزوجات ولا يخفى ما هن عليه من جهل و أمية لا تسمحان لهن بمقاومة هذا الشقاء أو تلطيفه ، بخلاف مثيلاتهن في الفقر في أوروبا لأن التعليم هناك يشمل كل الطبقات .
ترى الغربية أكثر حظا منها لأنها تظهر لنا حائزة لقسط كبير من الحرية المدنية المساوية لحرية الرجل بيد أنها أقل حظا من أختها الشرقية في الحرية الاقتصادية بينما الشرقية غير المتساوية بالرجل في حق الميراث تتمتع بكافة أنواع الاستقلال في إدارة أعمالها و أموالها نجد الغربية المساوية لأخيها في الميراث محرومة من هذه النعم إذ لا يمكنها أن تنفق أي مبلغ من مالها و لا أن تتعاقد مع الغير و لا أن تحترف حرفة دون تصديق زوجها و موافقته لذلك نراها ثائرة في جميع بلدان أوروبا على تلك القيود التي تحول بينها و بين الحرية الحقيقية و الاستقلال اللذين تتمتع بهما المرأة الشرقية منذ عصور طويلة ''.
ثم قالت ملخصة مشكلة المرأة الحقيقية :
'' إن أهم ما يشغلها اليوم في الوصول بالمرأة إلى المركز اللائق لها ليس هو السعي في تغيير القوانين أو قلب الشريعة ، فلله الحمد لم تجد في هذه و لا تلك من الأحكام ما يحملها على التذمر و الشكوى بل كل ما تسعى إليه هو حسن تطبيق هذه القوانين بما يطابق غرض الشارع و حكمه'' (69).

جـ - الرد على الشبهة الثالثة :
"لابد من المساواة لأن المرأة حبيسة البيت و لا تعمل".
أما كونها حبيسة البيت (70) فذلك لأمر أهم من خروجها و هو صناعة الرجال فكان لابد من توفير الراحة والطمأنينة الكاملة لها لتقوم على حراسة الرصيد البشري الثمين الذي لا يقوم بمال ، فـ'' المرأة التي تلد لنا رجلا يطير خير من التي تطير بنفسها ''. ثم القول بأنها لا تعمل قول باطل ، فإن المرأة في البيت تؤدي عملا كذلك و لو قومت الأعمال التي تقوم بها في الدار بالمال ، لأربى أجرها في كثير من الحالات على ما ينفقه الرجل!.وإذا كان كذلك فإن الرجل يعمل أيضا خارج البيت ويزيد عليها بالإنفاق عليها وعلى أولاده فكيف نسوي بينهما ؟ ! .

د - الرد على الشبهة الرابعة :
" المساواة في الميراث و سقوط المهر "
و هذا من قبيل وضع العلة بدل المعلول و المعلول مكان العلة ، إنهم تصوروا أن المهر نتيجة لوضع المرأة الخاص في الإرث و غفلوا عن أن الوضع الخاص للمرأة في الإرث هو نتيجة المهر و النفقة . ثم إنهم ظنوا أن المسألة هنا هي مسألة مالية و اقتصادية صرفة . بديهي أنه لو كانت المسألة ذات جانب اقتصادي محض لما كان هناك سبب لوضع المهر و النفقة و لا لتقليل سهم المرأة في الإرث . فكما قلنا في المقالات السابقة أن الإسلام قد أخذ في نظر الاعتبار جوانب متعدد لهذه المسألة منها طبيعية و نفسية . فمن ناحية نظر إلى احتياجات ومشاكل المرأة الكثيرة فيما يخص إنجاب الأطفال في الوقت الذي يكون الرجل فيه متحررا من ذلك . و من ناحية ثانية قدرتها التي تقل عن قدرة الرجل في الإنتاج و اكتساب المال . و من ناحية ثالثة فإن إنفاق المرأة للمال أكثر من إنفاق الرجل له ، بالإضافة إلى الملاحظات النفسية و الروحية المتعلقة بكــــل من المــــرأة و الرجــل . و بتعبير آخر ما يرتبط بعلم نفس المرأة والرجل وإن الرجل يجب أن يمثل دور المنفق بالنسبة للمرأة . و أخيرا هناك ملاحظات دقيقة نفسية و اجتماعية ضرورية لإحكام العلاقة العائلية ، فالإسلام قد أخذ كل هذه الأمور بنظر الاعتبار و قرر ضرورة وجود المهر و النفقة . هذه الأمور الضرورية اللازمة أدت بشكل غير مباشر إلى الضغط على ميزانية الرجل ، و لهذا أمر الإسلام – من أجل جبران ما فرض على ميزانية الرجل – أن يكون سهم الرجل من الإرث ضعف سهم المرأة . إذا فالمسألة اقتصادية ومالية بحتة كي لا يقال ما الداعي لتقليل سهم المرأة في جانب ومن ثم تعويضها في جانب آخر(71).

هـ - الرد على الشبهة الخامسة :
" أن الذكور أحق به لأنهم هم الذين نموه و كثروه...الخ فكيف تنتقل ثروتهم إلى عائلة أخرى غريبة حتى ولو كانت مصاهرة لهم..."
أولا المرأة ليست مكلفة بالنصب على تنمية المال و المضاربة به في الأسفار و التجارات ...و مع ذلك فلها دورها الخاص في تنميته ، أو ليس للإخوة أخوات هن اللواتي يطبخن و يغسلن وينسجن... الخ ! . إذن هذا كله مشاركة منها في تنمية مال أبيها ، و بالتالي فلها حق في ذلك .
ثم القول بأن المال ينتقل إلى عائلة أخرى غريبة...قول فاسد لأن المال مال الله و ليس مال هذه العائلة أو تلك . وفلسفة الإسلام تقوم على توريث و انتقال الثروة وعدم تكديسها و إبقائها في يد واحدة و الله يقول : { كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ } الحشر :07
ومثل هذا التصرف مخالف لشريعة الإسلام ، وهذه العائلة التي انتقل إليها الميراث ليست غريبة عن العائلة ، بل يربطها رباط مقدس وهو رباط الزواج :{وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا} النساء:21
ثم إن الأنثى و الذكر سواء في انتسابهما إلى أب واحد و أم واحدة فإذا ورثت البنت من أبيها الحالات الجسمية من لون و كلام ، و حالات عقلية و نفسية...الخ ، فكيف لا ترث من ماله ؟!.

و - الرد على الشبهة السادسة :
" لابد من المساواة لأن الأوضاع تغيرت ، فالمرأة صارت تعمل و تنفق مثل الرجل "
القول بأن المرأة أصبحت عاملة مثلها مثل الرجل و بالتالي لابد من مساواتها مع الرجل في الميراث ،هذا القول نظر أصحابه إلى خروج المرأة للعمل - وقد أباحه الإسلام بضوابط و شروط معينة - ولم ينظروا إلى مل ينطوي عليه ذلك من مشاكل جمة على الأسرة و الأولاد و الزوج. و أدعياء هذه الشبهة عللوا ذلك بأن الواقع قد تغير و لم يعد كما كان عليه أيام نزول الوحي . و قد وقع الطاهر الحداد صاحب هذه الشبهة في أخطاء ومغالطات كبيرة (72):

"فمن ذلك تعليله لكون الإسلام قد أعطى المرأة غالبا نصف الرجل ، بأن ذلك كان مراعاة منه لشدة وقع تسويتها في كل حالة على المسلمين ( إلى حد غير محتمل ) لأنهم كانوا حديثي عهد بجاهلية تعودت على أن تكون المرأة موروثا لا وارثا ، وقد وصل به الأمر إلى أن يقول : إن الإسلام '' كان معذورا فيما فعله '' لشدة الأمر على الجاهليين الذين أسلموا . و هذا الكلام غاية في البطلان ، لأن الله تعالى ( جل شأنه و تقدست أسماؤه ) أعظم من أن يراعي باطلا يريد تغييره في حياة الجاهلين حتى يتوقف عما يريده مراعاة لمشاعرهم و استبقاء لهم . كيف و قد عاب عليهم بأشد عبارة وأدهم الأنثى و كراهية مولدها ، و قتلهم أبناءهم سفها بغير علم ، وتحريمهم بعض ما رزقهم الله افتراء عليه و ضلالا . و هل كان هوان المرأة عندهم أعز عليهم من أوثانهم التي سفههم القرآن عليها و على عبادتها و هي لا تعقل و لا تبصر و لا تسمع و لا تغني عنهم شيئا؟.

إن من أبعد الأمور عن كل عقل سليم ما يشير إليه الطاهر الحداد من أن القرآن الكريم لم يسو المرأة بالرجل في كل حالات الميراث ''خوفا من السرعة الخطرة شديدة الوقع على المسلمين إلى حد غير محتمل ''! فماذا عن عشرات الأوضاع التي تعودها الجاهليون أجيالا متتابعة ، ثم غيرها الإسلام في كلمة حاسمة ، فقال الذين آمنوا به ( سمعنا وأطعنا ) و ما كان الله تعالى ليقبل منهم ما دون ذلك . و ما زلنا نذكر كلمة عمر بن الخطاب ( جبار الجاهلية ) حين قال : '' كنا في الجاهلية لا نعد النساء شيئا ، فلما جاء الإسلام و ذكرهن الله ، رأينا لهن بذلك علينا حقا '' فهذا الجبار حين أسلم و بايع على السمع و الطاعة في المنشط و المكره ، رأى أن للنساء عليه الحق الذي ذكره الله تعالى ، كما ذكر و كيف ذكر ، و ما كان له ولا لغيره إلا أن يسمع و يطيع طاعة مطلقة ولو ورث الله المرأة أضعاف الرجل! كما قال تعالى : {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} النــور:51
. لذلك يبدو أن الطاهر الحداد لم يعرف شيئا صحيحا عن حدود طاعة المؤمنين لله و لرسوله صلى الله عليه وسلم في عصر الرسالة ! .

أما قوله: " إن الإسلام لم يقرر نزول ميراث المرأة عن الرجل كأصل من أصوله التي لا يتخطاها "
فهو زعم كاذب وادعاء على الله تعالى باطل ، لأنه بعد أن ورث الرجل و المرأة ما قضى به ، قال :{تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ} النساء:13،14

فهل بعد هذا التحذير الجسيم يزعم زاعم أن النصيب الذي فرضه الله لكل وارث في كتابه لم يكن من أصوله الثابتة التي لا يتخطاها أحد ؟ و ما معنى ( الحدود ) إذن في الآية ، تلك التي وعد الله من يتخطاها بنار يخلد فيها وله عذاب مهين ؟! .

أما ما يستدل به من الحالات التي سويت المرأة فيها بالرجل أو زادت عليه فهي جميعها مع حالات ( للذكر مثل حظ الأنثين ) حدود الله التي لا يتخطاها بالزيادة أو بالنقص إلا ظالم معتد ، لأن الله تعالى هو :{الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} طـه :50 ، وهو الذي :{أَنزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ} الشورى :17 ، وأمرنا :{أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ} الرحمن :08،09

أما ما يزعمه من أنه '' ليس في الإسلام ما يمنع من تقرير المساواة الكاملة بين المرأة و الرجل متى انتهت أسباب تفوقه عليها و عملا بمبدأ التدرج في التشريع '' فهو تكذيب واضح و إنكار صريح لمعنى قوله تعالى : {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا } المائدة :03، وهو حكم على نصوص القرآن و السنة بأنها جاءت ناقصة عن المطلوب الذي لن يكملها بل سينقصها و يلغي بعض أحكامها و هو رفض لما أجمع عليه المسلمون منذ عصر الصحابة بأنه لا نسخ للأحكام بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم؛ إذ أن " الطاهر الحداد " و صحبه يريدون نسخ أحكام الميراث و إحلال غيرها محلها بعد أربعة عشر قرنا من وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ...

و هم يريدون هنا تغيير أحكام ( الميراث ) و( نظام النفقات ) في الإسلام معا لإزالة أسباب تفوق الرجل على المرأة و نقض كل أحكام القوامة و ما ترتب عليها من تشريعات ، و يريدون ذلك في كل مجال لينهدم النظام التشريعي الإسلامي بأكمله ، فلا يبقى منه شيء ، و قد أطلوا برؤوسهم في قضايا ( المرأة ) و قضايا ( الاقتصاد و الربا) وقضايا ( العبادات ) و ( الحدود و العقوبات ) ... الخ ، لأنهم يقصدون هدم ( الإسلام ) بأكمله عقيدة و شريعة ونظام حياة ! ...
و نفس هذا الرد يقال للدكتور '' نصر أبو حامد '' الذي استقى شبهته من نفس المعين الذي استقى منه الطاهر الحداد (73).

- إن الإسلام كرم المرأة أعظم التكريم حين أعطاها حق الميراث و غاية ما في الأمر أن تقسيم التركات هو تقسيم للأموال ، و من الأمور المنطقية و العقلية أن يكون التوزيع المالي بين الأشخاص متوائما مع طبيعة مسؤولياتهم ، وتفاوتها من ناحية الإنفاق لاغير قلة وكثرة . و سيأتي تفصيل هذه النقطة في المبحث الآتي.

يتبع

قرآن الفجر
04-13-2007, 11:50 PM
المبحث الثاني : حقائـــــق ناصعـــــــة
وبعد أن أثرنا تلك الشبهات المهترئة و المترهلة ، ونقضناها واحدة واحدة ، فإننا نعقد هذا المبحث لإجلاء حقائق ناصعة ، -وإن تعامى عنها من تعامى ، فالشمس تشرق رغم أنف الأرمد- ، نبين من خلالها الفلسفة التي قام عليها نظام الإرث عموما وإرث المرأة خصوصا ، ثم نبرز حالات مختلفة لميراث المرأة نرى من خلالها عدالة الإسلام في توريث المرأة .


المطلب الأول : فلسفة التوريث في الإسلام ( معايير وأسس )
إن نظام التوريث في الإسلام هو النظام العادل المتناسق مع الفطرة ابتداء ومع واقعيات الحياة العائلية والإنسانية في كل حال ، يبدو هذا واضحا حين نوازنه بأي نظام آخر عرفته البشرية.
إن الفقه الحقيقي لفلسفة الإسلام في الميراث تكشف عن أن التمايز في أنصبة الوارثين و الوارثات لا يرجع إلى معيار الذكورة و الأنوثة – كما يدعي عبثا أدعياء المساواة - ، و إنما لهذه الفلسفة الإسلامية في التوريث حكم إلهية ومقاصد ربانية ، ذلك أن التفاوت بين أنصبة الوارثين والوارثات في فلسفة الميراث الإسلامي إنما تحكمه ستة معايير وأسس هي :


المعيار الأول : مراعاة تكوين الأسرة البشرية
( يراعي الإسلام أصل تكوين الأسرة البشرية من نفس واحدة فلا يحرم امرأة ولا صغيرا لمجرد أنه امرأة أو صغير لأنه مع رعايته للمصالح العملية يرعى كذلك مبدأ الوحدة في النفس الواحدة فلا يميز جنسا على جنس إلا بقدر أعبائه في التكافل العائلي والاجتماعي )


المعيار الثاني : موقع الجيل الوارث
(موقع الجيل الوارث من التتابع الزمني للأجيال ، فالأجيال التي تستقبل الحياة ، و تستعد لتحمل أعبائها ، عادة يكون نصيبها في الميراث أكبر من نصيب الأجيال التي تستدبر الحياة ، وتتخفف من أعبائها ، بل وتصبح أعباؤها عادة مفروضة على غيرها و ذلك بصرف النظر عن الذكورة و الأنوثة للوارثين والوارثات).

أمثلـــة :
1- مات عن : بنت ، أم
2/1 ، 6/1
فنلاحظ أن بنت الميت أخذت نصف التركة كاملا و هو أكثر من السدس الذي أخذته أم الميت. لأن البنت تستقبل الحياة و الأم تستدبرها.
2- مات عن : بنت ، أب
2/1 ، 6/1 + الباقي تعصيبا
ومع أن البنت أخذت النصف و أخذ الأب السدس فرضا و ما بقي تعصيبا ، وهو النصف ، أي أنها تساوت مع نصيب الأب ، ولكن نصيب الأب معرض للنقصان في حال دخول وارث آخر كزوجة مثلا إذ يأخذ : ( 9 ) أسهم مقابل( 12 ) سهما للبنت ، لأن البنت تستقبل الحياة والأب يستدبرها.3- مات عن : ابن ، أب
الباقي تعصيبا 6/1
فالابن أخذ أكثر من الأب ، لأنه يستقبل الحياة و يتحمل أعباءها، بعكس الأب .

المعيار الثالث : تفتيت الثروة المتجمعة
( نظام يضمن تفتيت الثروة المتجمعة ، على رأس كل جيل وإعادة توزيعها من جديد ، فلا يدع مجالا لتضخيم الثروة وتكدسها في أيد قليلة ثابتة – كما يقع في الأنظمة التي تجعل الميراث لأكبر ولد ذكر ، أو تحصره في طبقات قليلة – وهو من هذه الناحية أداة متجددة الفعالية في إعادة التنظيم الاقتصادي في الجماعة ، ورده إلى الاعتدال دون تدخل مباشر من السلطات ، هذا التدخل الذي لا تستريح إليه النفس البشرية بطبيعة ما ركب فيها من الحرص والشح فأما هذا التفتيت المستمر والتوزيع المتجدد ؛ فيتم والنفس راضية ، لأنه يماشي فطرتها وحرصها وشحها!. وهذا هو الفرق الأصيل بين تشريع الله لهذه النفس وتشريع الناس !!.)
إذن فبعد وفاة المورث قلما ترتكز الثروة بين يدي وارث واحد ( يقع هذا عندما يكون الابن هو الوارث الوحيد ليس معه بنت ولا أب ولا أم ولا زوج ) .
فالغالب أي الثروة تتفتت وتنتشر بين أفراد العائلة فإذا كان هناك أبناء وبنات ، وأب و أم وزوج فإن كلا من هؤلاء تكون له حصة في الإرث.

المعيار الرابع : المحافظة على أموال العائلة
وإذا كنا قد رأينا في المعيار السابق أن الإسلام جاء بمعيار تفتيت الثروة حتى لا تتركز في يد واحدة فهذا لا يعني إلغاءها بالكلية ، بل جاء بمعيار آخر وهو المحافظة على أموال العائلة دوت المساس بحق من لهم قرابة ، والتركة ليست أموالا نقدية فحسب ، بل هي عقارات ومنقولات ... الخ . فقد يضن بعض الورثة ببعض الممتلكات الغالية و العزيزة على العائلة كالأراضي الفلاحية – مثلا - ، ولا يحبون انتقالها إلى وارث آخر من عائلة أخرى ، فحسما لهذا النزاع أوجد الإسلام آلية فعالة للخروج من هذه المشكلة وهي : التخارج ( التصالح ) ، وهو إمكان الاتفاق بين الورثة على خروج بعضهم من ملكية بعض الأموال ( أرض فلاحية ، بيت ، سيارة ،...) في مقابل مبلغ معلوم وفي هذا ما يحفظ أموال العائلة وعدم ضياعها .
ويلاحظ أن المرأة – في هذا المعيار – '' تأخذ نصف أخيها الرجل فإن ذلك يربط العلاقة بينها و بين باقي الورثة فلا تنقطع هذه العلاقة بوفاة مورثها و هي في النهاية كرامة لها من العلي القدير.

و إن الرجل إذ يأخذ ضعف المرأة فإنه بذلك يحتفظ بأكبر قدر ممكن في أصول ممتلكات العائلة ليوزع هذا النصيب من بعده على مستحقيه من أفراد عائلته أي ورثته من بعده .
و الدليل على ذلك قاعدة '' للذكر مثل حظ الأنثى '' و ليس الأنثيين في نصيب الإخوة لأم .
فالإخوة لأم متى كانوا اثنين فأكثر يرثون الثلث فرضا ، وبالتساوي بين الذكر و الأنثى ، و السبب في ذلك يرجع إلى أن كلا من الأخ لأم و الأخت لأم أجانب عن عائلة أخيهم للأم المتوفى . فقاعدة إرث الإخوة للأم مبنية على قاعدة مفادها أنه إذا انتفى السبب انتفى الحكم.
فإذا طبقنا قاعدة السبب على قاعدة'' للذكر مثل حظ الأنثيين'' اكتشفنا السبب في توريث الذكر ضعف الأنثى عند التعصيب و اكتشفنا أيضا مساواة الرجل للأنثى في قاعدة إرث الاخوة للأم.

و بالتالي فإن قاعدة إرث الاخوة للأم بالفرض و بالمساواة و التنصيص عليها في القرآن الكريم تعتبر جوابا عن التساؤل و الجدل الحاصل في قاعدة توريث العصبة ، للذكر مثل حظ الأنثيين'' (74) .

المعيار الخامس : درجة القرابة
درجة القرابة بين الوارث – ذكرا أو أنثى – و بين المورث – المتوفى – فكلما اقتربت الصلة زاد النصيب في الميراث وكلما ابتعدت الصلة قل النصيب في الميراث دونما اعتبار لجنس الوارثين .أمثلـــة :
1- مات عن : بنت ، بنت ابن
2/1 ، 6/1

ونلاحظ أن البنت أخذت نصف التركة كاملا لأنها أقرب إلى الميت من بنت الابن التي أخذت سدس التركة .

2- مات عن : ابن ، أخ شقيق
كل التركة تعصيبا محجوب
ونلاحظ أن الابن أخذ التركة كاملة " تعصيبا " و لم يأخذ الأخ الشقيق شيئا لأنه محجوب بالابن ، ذلك أن صلة الابن بالميت أقرب و أوثق من صلة الأخ.

3- مات عن : أخت شقيقة ، أخ لأم
6/1

ونلاحظ هنا : أن الأخت الشقيقة أخذت نصف التركة " فرضا " و هي أنثى . و أخذ الأخ لأم السدس " فرضا " لانفراده وعدم وجود الأصل الوارث المذكر و الفرع الوارث مطلقا رغم أنه ذكر .
و لكن لأن الأخت الشقيقة أقرب إلى الميت من جهتين ( الأب و الأم ) ورثت أكثر من الأخ لأم وهو ذكر الذي ينتسب إلى الميت بجهة واحدة ( الأم ).


المعيار السادس : العبء المالي
العبء المالي الذي يوجب الشرع الإسلامي على الوارث تحمله و القيام به حيال الآخرين ، و هذا هو المعيار الوحيد الذي يثمر تفاوتا بين الذكر و الأنثى ، لكنه تفاوت لا يفضي إلى أي ظلم للأنثى أو انتقاص من حقها ، بل ربما كان العكس هو الصحيح ! .
ففي حالة ما إذا اتفق و تساوى الوارثون في درجة القرابة ، واتفقوا و تساووا في موقع الجيل الوارث من تتابع الأجيال مثل أولاد المتوفى ذكورا و إناثا ، يكون تفاوت العبء المالي هو السبب في التفاوت في أنصبة الميراث .

ولذلك لم يعمم القرآن الكريم هذا التفاوت بين الذكر و الأنثى في عموم الوارثين ، و إنما حصره في هذه الحالة بالذات فقال تعالى : ] يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ [ النساء:11. و لم يقل يوصيكم الله في الوارثين... و الحكمة في هذا التفاوت في هذه الحالة بالذات ، هي أن الذكر مكلف دون المرأة بأعباء مادية كالنفقة و غيرها فالغنم بالغرم.ذلك أن الذكر مكلف بأن ينفق على المرأة زوجة كانت أو بنتا أو أما أو أختا ، بينما المرأة لا تكلف بالإنفاق على أي أحد زوجا كان أو أبا أو ابنا أو أخا !.

مثال :
نبين في هذا المثال- على وجه التقريب لا على وجه التدقيق- كيف يتفاوت العبء المالي بين الرجل و المرأة.
مات وترك : ابنا وبنتا وتركة قدرها 3.000.000.00 دج
فيكون :
نصيب الابن 2.000.000.00 دج
نصيب البنت 1.000.000.00 دج

و لنتتبع الآن خطوات حياة الوارثين بما تمليه طبيعة الأشياء فنضع الحسابين تحت النظر و نتتبع حركة سحب و إيداع المبالغ في كلا الرصيدين .
لنفرض أن : الابن و البنت توفي عنهما أبوهما و هما صغيرين يحتاجان لتربية وعناية من طرف قريب لهما يصرف عليهما معا شهريا مبلغ : 5000.00 دج .
وبعد كبرهما - مثلا بلوغهما عشرين- ( 20 ) سنة : سيكون رصيد كل منهما :

رصيد الابن : = (5000.00 × 12 × 20) - 2000.000.00/2 = 1.400.000.00 دج
رصيد البنت : = (5000.00 × 12 × 20) - 1000.000.00/2 = 400.000.00 دج
إلى هذا السن ( 20 سنة ) فإن نصيب البنت تناقص طرديا بالنظر إلى رصيد أخيها .
كان رصيدها يمثل بالنسبة لرصيد أخيها ( 2/1 ) و صار يمثل ( 7/2 ) أي أن : 7/2 < 2/1
يعني أن المركز المالي للبنت أضحى ضعيفا مما كان عليه يوم وفاة أبيها.

و في هذه المرحلة سيدخل الوارثان ( الابن و البنت ) الحياة من بابها الواسع فيكون على الابن أن يتزوج و على البنت أن تتزوج أيضا .
- إن على الابن أن ينفق ما يقارب 200.000.00 دج على زواجه .
أما البنت فيضاف إلى رصيدها مهر قيمته مثلا 100.000.00 دج .
- ثم لنفرض أن الابن بدون عمل و يحتاج إلى إنفاق : 10.000.00 دج على نفسه و زوجته شهريا
أما البنت فلا تحتاج لشيء لأن نفقتها على زوجها .
- وبعد مرور 10 سنوات نكشف عن الرصيدين لنرى الآتي :
-رصيد الابن :
1400.000.00 – [ ( 200.000.00 ) + ( 10.000.00 × 12× 10 ) ] = 0 دج
-رصيد البنت :
400.000.00 + 100.000.00 = 500.000.00 دج (75)
- إذن أيهما أفضل ؟!

إذن بعد مرور ثلاثين ( 30 ) سنة ، صار الابن لا يملك شيئا من تركة أبيه ، وصارت البنت تملك 500.000.00 دج تستطيع أن تستثمرها كما تشاء!.
هذا في ظل قاعدة '' للذكر مثل حظ الأنثيين '' .
- فماذا يكون الأمر لو كانت البنت مساوية للابن – كما يطالب بذلك أدعياء تحرير المرأة –؟.

لنفرض المثال السابق و نلاحظ :
تركة الأب : 3000.000.00 دج
- نصيب الابن : 1.500.000.00 دج
- نصيب البنت : 1.500.000.00 دج
لنفرض أنهما يحتاجان لرعاية من طرف قريب لهما يصرف عليهما شهريا : 5000.00 دج
أي أنه ينفق على البنت : 2500.00 دج شهريا.

بعد مرور عشرين ( 20 ) سنة يكون رصيدها :
1500.000.00 – ( 2500.00 × 12 × 20 ) = 900.000.00 دج
و في ظل المساواة لابد أن تدفع مهرها و تكاليف زواجها و لنفرض أنه : 200.000.00 دج .

ثم لنفرض في ظل المساواة أنها بدون عمل و تحتاج إلى إنفاق : 10.000.00 دج شهريا على نفسها .
بعد مرور( 10 ) سنوات يكون رصيدها كالآتي :
900.000.00 – [(200.000.00) + (10.000.00×12×10) ] = - 500.000.00 دج

إذن تكون البنت بعد ( 30 ) سنة من أخذها ميراثها - في ظل المساواة – مدينة بــــ : 500.000.00 دج.
فأيهما أفضل : 500.000.00 دج في رصيدها . أم 500.000.00 دج دينا عليها ؟!..

- و بعد هذا فأين ما يسمى بتفضيل الذكر على الأنثى ، إن الطعن في قاعدة '' للذكر مثل حظ الأنثيين '' ينبع من نظرة سطحية لا تفتأ أن تتكشف عن وحدة متكاملة في أوضاع الرجل و المرأة ، وتكاليفهما فالغرم بالغنم قاعدة ثابتة متكاملة في المنهج الإسلامي . " إن ميراث البنت في الشريعة الإسلامية لم يقصد لذاته ، بل هو مرتب على نظام الزواج فيها ، وهو كعملية الطرح بعد عملية الجمع لإخراج نتيجة صحيحة من العملين معا ، فإذا وجب للمرأة أن تأخذ من ناحية وجب عليها أن تدع من ناحية تقابلها" (76) . فالرجل يؤدي للمرأة صداقها ابتداء و لا تؤدي هي له صداقا و الرجل ينفق عليها و على أولادها منه و هي معفاة من هذا التكليف ولو كان لها مال خاص ، وأقل ما يصيب الرجل من هذا التكليف أن يحبس فيه إذا ماطل ، و الرجل عليه في الديات و الأرش و التعويض عن الجراحات ، متكافلا مع الأسرة ، و المرأة منها معفاة . و الرجل عليه النفقة على المعسرين و العاجزين عن الكسب في الأسرة الأقرب فالأقرب ، و المرأة معفاة من فريضة التكافل العائلي العام حتى أجر رضاع طفلها من الرجل وحضانته عند افتراقهما في المعيشة أو عند الطلاق يتحملها الرجل و يؤديها لها كنفقتها هي سواء بسواء ، فهو نظام متكامل توزيع التبعات فيه هو الذي يحدد توزيع الميراث و نصيب الرجل من التبعات أثقل من نصيبه في الميراث.

يتبع

قرآن الفجر
04-16-2007, 12:38 AM
المطلب الثاني : الميراث العادل بين الذكر والأنثى ( حالات ونتائج )

–نذكر حالات عدة يختلف فيها ميراث الذكر عن الأنثى تفاوتا وتساويا (77)...ومن ثم نتائج مهمة ، لنـــرى بعين الإنصــــاف كيـــف حكــــم اللطيــــف الخبير وعـــدل بين الأنثى والــذكر : { أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} الملك :14

أولا : حالات ترث فيها المرأة نصف ميراث الرجل ( قاعدة للذكر مثل حظ الأنثيين )
وهي القاعدة التي ثارت حولها كل تلك الشبهات والافتراءات التي ذكرناها ، وهي تتلخص في أربع حالات محصورة في الزوجية والبنوة والأبوة والأخوة ( الأسرة ) :
1- إذا كان للمتوفى : أبناء و بنات ( يرثون بالتعصيب : للذكر مثل حظ الأنثيين )
البنت ، الابن
(01) سهم ، (02) سهمان
قال تعالى : ] يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ [ النساء : 11

2- إذا كان للمتوفى : إخوة و أخوات ( أشقاء أو لأب ) ما لم يحجبهم حاجب ، فالأخت تأخذ نصف أخيها الذي في درجتها
أخت شقيقة ، أخ شقيق
(01) سهم ، (02) سهمان
قال تعالى : {وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} النساء : 176

3- إذا كان للمتوفى : أم و أب ، ولم يكن للميت فرع وارث أو زوجة
أم ، أب
3/1 ، ( الباقي تعصيبا وهو: 3/2 )

4- ترث الزوجة من زوجها نصف ما يرثه هو منها في حال وجود الفرع الوارث أو عدمه.
مات عن : زوجة
4/1

ماتت عن : زوج

2/1

مات عن : زوجة ، ابن
8/1 ، الباقي تعصيبا
ماتت عن : زوج ، ابن
4/1 ، الباقي تعصيبا


- إذن قاعدة '' للذكر مثل حظ الأنثيين '' محصورة في هاته الحالات الأربعة فقط التي تمثل العصبات باستثناء الزوجين وليس في ذلك مايهون من شأن هذه القاعدة ، لأن هؤلاء الورثة من درجة واحدة ويبقى التفاوت يخضع للاعتبارات المالية التي سبق ذكرها .

ثانيـــــــا: حالات ترث فيها المرأة مثل ميراث الرجل :
أو ما تسمى مجازا ( قاعدة للذكر مثل حظ الأنثى ) وهي تكون في :
أ- حالة الأبوين ( أب ، أم )
1- أب ، و أم ، و ابن

6/1، 6/1، الباقي تعصيبا
قال تعالى : ] و لأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد [ النساء : 11
نلاحظ أن الأب تساوى ميراثه مع الأم لوجود عاصب أقرب وأقوى منه وهو الإبن

2- أب أم أكثر من بنت
6/1 + الباقي تعصيبا، 6/1 ، 3/2

نلاحظ أن الأب تساوى ميراثه مع الأم هنا أيضا لوجود بنتين فأكثر وهما يأخذان أكبر فرض في المواريث ، ولم يبق له شيئا يأخذه بالتعصيب .

- وفي غير هاتين الحالتين يرث الأب ضعف الأم أو أكثر منها كما في :

1- أب أم بنت
6/1 + الباقي تعصيبا ، 6/1 ، 2/1

2- أب أم أكثر من أخ
6/1 + الباقي تعصيبا ، 6/1 ، محجوب

- نلاحظ مما سبق أنه عندما ترث الأم السدس ( 6/1 ) يكون الاحتمال قائمابأن تتساوى في ميراثها مع الأب ، أم عندما ترث الثلث فيكون ميراثها أفل من الأب للاعتبارات التي ذكرناها في الحالة السابقة.

ب - حالة الإخوة والأخوات لأم
إذا لم يوجد من يحجبهم ، فإنهم يرثون الثلث ( 3/1 )فرضا بالتساوي للذكر مثل حظ الأنثى ، لأنهم يدلون إلى الميت بأنثى (الأم) ، وليسوا عصبة ، وقد رأينا أن حالة التفاوت – غالبا- تكون في العصبات.
إخوة لأم ، أخوات لأم
3/1 بالتساوي ( نصيب المرأة مثل نصيب الرجل )
قال تعالى :] فَإِن كَانُوَاْ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَآ أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ }النساء12

جـ - حالات أخرى ( ورثة ليسوا من درجة واحدة ، أو مسائل خاصة )
1- إذا مات عن : زوج ، أخت لأم ، أخوين شقيقين
2/1 ، 6/1 ، الباقي تعصيبا
أصل المسألة 6
الأسهم 3 1 2
إذن : الأخ الشقيق =01
الأخت لأم =01

2- في المسألة المشتركة (78) : زوج ، أم ، أخ لأم ، أخت لأم ، أخ شقيق، أخت شقيقة

2/1 ، 6/1 ، 3/1 بينهم بالتساوي

الأخ الشقيق = الأخت الشقيقة

3- في مسألة اليتيمتان (79): زوج ، أخت شقيقة
2/1 ، 2/1
زوج أخت لأب
2/1 ، 2/1

4- حال الأخت الشقيقة مع عاصب أقل منها في الدرجة
مثال : مات عن : أخت شقيقة ، أخ لأب

2/1 فرضا ، الباقي تعصيبا وهو ( 2/1 )

5- حال انفراد البنت الصلبية أو بنت الإبن مع عاصب أقل منها درجة
مثال1 : مات عن : بنت ، ابن ابن
2/1 ، الباقي تعصيبا وهو ( 2/1 )

مثال 2 : مات عن : بنت ابن ، ابن ابن ابن
2/1 ، الباقي تعصيبا وهو ( 2/1 )


ثالثا: حالات تأخذ فيها المرأة أكثر من ميراث الرجل :
نذكر منها :1- مات عن : زوج ، أم ، بنت ، بنت ابن
4/1 ، 6/1 ، 2/1 ، 6/1

أصل المسألة من : 12 و عالت إلى 13
الأسهم : 3 2 6 2
تأخذ : بنت الابن : 13/2

و لو فرضنا أن مكانها أخوها : ابن ابن فيكون:
زوج ، أم ، بنت ، ابن ابن
4/1 ، 6/1 ، 2/1 ، الباقي تعصيبا
أصل المسألة من : 12
الأسهم : 3 2 6 1
يأخذ ابن الابن : 12/1

- إذن تأخذ بنت الابن : 13/2 و ابن الابن : 12/1 ( 13/2 > 12/1 )

2- مات عن : زوج ، أخت شقيقة ، أخوين لأم ، أخ لأب

2/1 ، 2/1 ، 3/1 ، الباقي تعصيبا

أصل المسألة من : 6 عالت إلى 8
الأسهم : 3 3 2 لم يبق له شيئا

ولو فرضنا أن مكان الأخ لأب ، أنثى :
زوج ، أخت شقيقة ، أخوين لأم ، أخت لأب
2/1 ، 2/1 ، 3/1 ، 6/1

أصل المسألة من : 6 عالت إلى 9
الأسهم : 3 3 2 1
- إذن نلاحظ أن الأخت لأب أخذت ( 9/1 ) ولم يأخذ الأخ لأب شيئا.

3- مات عن : زوج ، أم ، إخوة لأم ، أخ شقيق
2/1 ، 6/1 ، 3/1 ، الباقي تعصيبا

أصل المسألة : 6
الأسهم : 3 1 2 لم يبق له شيئا

ولو فرضنا أن الأخ الشقيق أنثى لكان :
زوج ، أم ، اخوة لأم ، أخت شقيقة
2/1 ، 6/1 ، 3/1 ، 2/1

أصل المسألة : 6 وعالت إلى 9
الأسهم : 3 1 2 3
- نلاحظ : أن الأخت الشقيقة أخذت ( 9/3 ) ولم يأخذ الأخ الشقيق شيئا

4- مات عن : بنت ، زوجة ، جدة ، أخ شقيق
2/1 ، 8/1 ، 6/1 ، الباقي تعصيبا

أصل المسألة من : 24
الأسهم : 1 2 3 4 5
ولاشك أن نصيب البنت ( 12 ) أكثر من نصيب الأخ الشقيق ( 5 )

5- مات عن : بنت ، أم ، أب
2/1 ، 6/1 ، 6/1 + الباقي تعصيبا

أصل المسألة من : 6
الأسهم : 3 1 1 + 1
البنت أخذت 3 أسهم و الأب أخذ 2 سهمان . وهي أكثر منه.

6- مات عن : زوج ، بنت ، أم ، أخ لأب
4/1 ، 2/1 ، 6/1 الباقي تعصيبا

أصل المسألة من : 12
الأسهم : 3 6 2 1
نصيب البنت ( 6 ) أكثر من نصيب الأخ لأب ( 1 )

7- حال وجود الأخت الشقيقة مع الزوجة والأخ لأب
2/1 ، 4/1 ، الباقي تعصيبا
نصيب الأخت شقيقة ( 2/1) أكبر من نصيب الأخ لأب وهو ( 4/1 )

8- حال وجود البنت أو بنت الابن وزوج أو زوجة وعاصب أو أكثر من الرجال
بنت ابن ، زوج ، عم
2/1 ، 4/1 ، الباقي تعصيبا

نصيب بنت الابن ( 2/1 ) أكبر من نصيب العم وهو ( 4/1 )

9- حال انفراد البنت الصلبية أو بنت الإبن مع أكثر من عاصب من الرجال ليسوا في درجتها
مثال : بنت ، أخوين فأكثر
2/1 الباقي تعصيبا
نصيب البنت ( 2/1 )أكثر من نصيب الأخ الواحد ( 4/1)

10- إذا انحصرت التركة في : أم ، زوج ، جــد
2/1 ، 3/1 ، الباقي تعصيبا
نصيب الأم ( 2/1 ) أكبر من نصيب الجد وهو ( 4/1)

رابعا: حالات ترث فيها المرأة و لا يرث فيها الرجل :
ونذكر منها:1- مات عن : زوج ، أخت شقيقة ، أخ لأب ، أخت لأب .
2/1 ، 2/1 ، البـاقـي تعصيـبا
الأخت الشقيقة أخذت نصف التركة 2/1 بينما لم يبق للأخ لأب شيء لأنه عصبة .

2- إذا وجد مع الورثة زوج وشقيقة أو أخت لأب مع عاصب من الرجال أقل درجة
مثال 1 : زوج ، أخت شقيقة ، و أخ لأب
2/1 ، 2/1 ، الباقي تعصيبا
تأخذ الشقيقة النصف ( 2/1 ) ولم يبق شيء للأخ لأب.

مثال 2 : زوج ، أخت لأب ، ابن أخ شقيق
2/1 ، 2/1 ، البـــاقـــي تعصيــبا
تأخذ الأخت لأب النصف ( 2/1 )ولم يبق شيء لابن الأخ الشقيق.

3- إذا وجد من الورثة : زوج ، أم ، أخ لأم ، وعاصب من الرجال على أن لا يكون فرعا أو أصلا .
مثال : زوج ، أم ، أخ لأم ، ابن أخ شقيق أو عم مثلا
2/1 ، 3/1 ، 6/1 ، البـــاقـــي تعصيــبا
ففي هذه الحالة تأخذ الأم الثلث 3/1 ولا يبقى شيء لابن الأخ الشقيق أو العم

4- إذا وجد من الورثة مثلا : أختين شقيقتين أو لأب أو أكثر مع الأم ، و أخ أو أخت لأم وعاصب من الرجال شريطة ألا يكون أصلا أو فرعا .
مثال : أختين شقيقتين ، أم ، أخ لأم ، ابن عم
3/2 ، 6/1 ، 6/1 ، البـــاقـــي تعصيــبا
ففي هذه الحالة تأخذ الأختان ثلثيهما 3/2 ، وتأخذ الأم سدسها 6/1 ولا يبقى شيء لابن العم

5- إذا صارت الأخت الشقيقة أو لأب عصبة مع الفرع الوارث المؤنث ، وكان معها عاصب من الذكور أقل منها درجة فإنه يحجب بها أي بالأخت التي صارت عصبة مع الغير .
مثال1 : بنت ابن ، أخت شقيقة ، أخ لأب
2/1 ، الباقي تعصيبا ، محجوب بالأخت الشقيقة التي صارت عصبة مع الغير

مثال2 : بنت ، أخت لأب ، ابن أخ شقيق
2/1 ، الباقي تعصيبا ، محجوب بالأخت لأب التي صارت عصبة مع الغير

يتبع

iiinana
04-17-2007, 04:48 PM
مرحبا, مشكورة على المعلومات عن ميراث المرأة ولكن لم اجد كيف تكون الورثة في هذه الحالة :
اب مات عن زوجة , ابنتان, حفيد و حفيدة غير شرعيين (يحملان اسم الام أي الاب) و اخ وابن اخ
و شكرا جزيلا اذا افدتني

قرآن الفجر
04-22-2007, 08:49 PM
نتــــــائـــــج :
1- أغلب الورثة بالفرض نساء ( إناث ) ولا يوجد من الذكور إلا القليل ومعنى كونها ترث بالفرض أي أن نصيبها ثابت لها دائما ، بعكس التعصيب الذي يخضع لمسألة الباقي بعد أصحاب الفروض.

2- الإسلام انتقل بالأنثى من كونها لا ترث شيئا إلى أن ترث النصف (2/1) فرضا، وهذا ما لم يصله ذكر أبدا إلا الزوج.

3- أنها غالبا ترث بالفرض ، ولا يرث بالفرض من الذكور إلا الأضعف ميراثا ( أب ، جد وهما في حال إدبار عن هذه الحياة أو لأخ لأم . وهو يعد بمثابة أنثى لأن قاعدة '' للذكر مثل حظ الأنثيين '' لا تطبق عليه).

4- الإسلام ضمن لها في حال كونها اثنين فما فوق ( بنتان ، بنتا ابن ، أختان شقيقتان ، أولأب فأكثر ) فرض الثلثين (3/2) وهذا ما لم يضمنه لأي ذكر.

5- بعد أن كانت المرأة من سقط المتاع ، صارت في ظل الإسلام وارثة ، لها نصيبها المحدد . بل إن هناك من النساء من لا يحرمن من الميراث أبدا مهما كان في المسألة وهن : الأم و البنت و الزوجة . وهؤلاء الثلاثة يشكلن العمود الفقري للميت ( الذكر) .

6- في المسائل العائلة لا يكون فيها ذكر إلا الأضعف كزوج ( علاقة سببية ) أو أخ لأم .

7- في المسائل الردية لا يكون فيها ذكر إلا الأضعف ( الأخ لأم ).

8- قاعدة '' للذكر مثل حظ الأنثيين '' محصورة في أقرب أقرباء الميت وهم ( الأب، الابن ، الزوج ، الأخ ، الأم ، البنت ، الزوجة ، الأخت ) وهؤلاء يشكلون العمود الفقري لأسرة الميت(المورث)، ويـتحملون بنسب متفاوتة تشكيل ثروته ( التركة ) ، فكان لابد من ميراثهم دائما ، وعدم سقوطهم من التركة مهما كان ، عدا الإخوة والأخوات ( الأشقاء ، أولأب ) لأن هناك من هو أقرب وأولى منهم ومن هنا يختلف ميراثهم بحسب ما أنفقوا وساهموا في تأسيس ثروة المورث ، ولذلك كانوا كلهم وارثين لأنهم من درجة قرابة الميت ، بينما يختلف نصيبهم بحسب أعبائهم المالية .

9– ما دام أنهم من درجة قرابة واحـــدة ( أب ، أم ) ، ( ابن ، بنت ) ...الخ فــلا يعقــــل أن يكون ميـــراث من تحمل أكثر ، أدنى ممن تحمل أقل.. فهب لو أن البنت أخذت (2/1) في وجود الابن ، فماذا يكون نصيب الابن ؟ هل يرث ضعفيها ( نصفين ) وبالتالي تكون التركة ثلاثة أنصاف وهذا لا يعقل أيضا ؟!.
فكان من الحكمة أن يرث ضعفها لهذه التبعية التي يحملها . وما قيل في الإبن والبنت يقال في غيرهما.

10- المفاضلة بين الذكر والأنثى ( قاعدة للذكر مثل حظ الأنثيين ) تكون في حالتي:
1) الذكر الذي يدلي إلى الميت بنفسه ( أب ، ابن ، زوج )

2) من يدلي بعاصب ( أخ ش ، أخ لأب )

11- المماثلة بين الذكر والأنثى ( قاعدة للذكر مثل حظ الأنثى ) تكون في حالتي:
أ - كل من يدلون إلى الميت عن طريق أنثى ( عدا الجدة ) فإنه يتساوى ميراثهم مع بعضهم البعض ، لافرق بين الذكر والأنثى ( الإخوة والأخوات لأم ) .


ب - يتساوى ميراث الأم والأب في حال وجود فرع وارث مذكر ( ابن ) ، أو في حال وجود فرع وارث مؤنث متعدد ( بنتان فأكثر ).


12- بقية الحالات الأخرى قد تكون المرأة فيها ترث أفضل من الرجل .


شهادات
- و بعد هذا التحليل بلغة الأرقام - والرقم أصدق لغة كما يقال- ، بقي أن نضيف إلى هذا الفصل أقوالا من شهادات علماء غربيين اعترفوا و اقتنعوا بنظام المواريث في الإسلام العادل ، وذلك من باب وشهد شاهد من أهلها.

1- تقول " أنا بيزنت " في كتابها الأديان المنتشرة في الهند : '' إن قاعدة الإرث في الإسلام للمرأة ، أكثر عدلا وأوسع حرية من ناحية الاستقلال الذي يمنحها إياها القانون المسيحي الإنجليزي و ما نسبه الإسلام للمرأة يعتبر قانونا نموذجا إذ تكفل بحمايتها في كل ما تملك من أقاربها و أزواجها .. '' (80)

2- و يقول "غوستاف لوبون : '' تعد مبادئ المواريث التي نص عليها القرآن بالغة العدل و الإنصاف ... ويظهر من مقابلتي بينها و بين الحقوق الفرنسية و الإنجليزية ، أن الشريعة الإسلامية منحت الزوجات اللائي يزعمن أن المسلمين لا يعاشروهن بالمعروف ، حقوقا في المواريث لا تجد لها مثيلا في قوانيننا '' (81)

3- و يقول " لويس سيديو : '' إن القرآن وهو دستور المسلمين ، رفع شأن المرأة بدلا من خفضه .. فجعل حصة البنت في الميراث تعدل نصف حصة أخيها مع أن البنات كن لا يرثن في زمن الجاهلية .. '' وهو '' وإن جعل الرجال قوامين على النساء بين أن للمرأة حق الرعاية و الحماية على زوجها . و أراد ألا تكون الأيامى جزءا من ميراث رب الأسرة فأوجب أن يأخذن ما يحتجن إليه و أن يقبضن مهورهن و أن ينلن نصيبا من أموال المتوفى '' (82)

4- و يقول " ول ديورانت : '' رفع الإسلام من مقام المرأة في بلاد العرب وقضى على عادة وأد البنات وسوى بين الرجل و المرأة في الإجراءات القضائية والاستقلال المالي وجعل من حقها أن تشتغل بكل عمل حلال ، وأن تحتفظ بمالها ومكاسبها ، وأن ترث وتتصرف في مالها كما تشاء ، وقضى على ما اعتاده العرب في الجاهلية من انتقال النساء من الآباء إلى الأبناء فيما ينتقل لهم من متاع ، وجعل نصيب الأنثى في الميراث نصف نصيب الذكر ، ومنع زواجهن بغير إرادتهن ... '' (83)

هذه بعض النماذج من اعترافات الغربيين المنصفين بتعاليم الإسلام ، ونظام الإرث الإسلامي ، فهل يبقى بعد ذلك حجة للمتباكين على المرأة ؟!!..

يتبع

قرآن الفجر
04-26-2007, 01:34 AM
خاتِمَـــــــٌة

..وهكذا طوفنا في نظام إرث المرأة من منطلق تجلية الحقائق ، فما الذي وجدناه من ذلك؟
1- لقد تبين لنا - بصورة مفصلة بعد التحليل والمقارنة والاستدلال - بطلان تلك الشبهات والافتراءات وعدم قدرتها على الوقوف أمام آيات الإسلام الدامغة ، وصدق الله العظيم {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ } الأنبياء : 18

2- كانت المرأة من سقط المتاع ، فجاء الإسلام وجعل لها نصيبا مفروضا ، وحدا مقدرا بدقة لا يتعداه إلا من ظلم نفسه ، وحفظ الإسلا م للمرأة حقها حتى وهي في بطن أمها (ميراث الحمل) ، بينما نجد في بعض التشريعات من حرمها وضيق عليها ، كما يفعل التشريع الفرنسي حيث لايورث الحمل .

3- المرأة في نظام الإرث الإسلامي ترث بكل أنواعه فرضا ، أو عصبة ، أو رحما.{مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا} النساء :7

4- أساس ميراث المرأة في الإسلام يقوم على معيارين :
- معيار المساهمة في تكوين الثروة الموروثة ( معيار درجة القرابة ) ، ولذلك رأينا أن ( الأم ، الزوجة ، البنت ) لا يسقطن أبدا من الميراث لأنهن أقرب إلى الميت وشاركن بطريقة أو أخرى في تكوين هذه الثروة ( التركة ) . وبالتالي فلا عبرة في الإسلام بالذكورة والأنوثة ، بل العبرة بالقرابة ، فمن يدلي بنفسه أو بذكر ( أم ، أخت ، ... ) يكون أقوى في الميراث من غيره الذي يدلي بأنثى مثلا ( أخت لأم ) لأن الأول ضمن دائرة العائلة و الثاني من عائلة أخرى .


- والمعيار الثاني معيار الاحتياج لهذه الثروة ( التركة ) أي معيار ( العبء المالي ) ، فمن كان أكثر تبعية مالية في الإنفاق على هذه الأسرة كان أكثر نصيبا في الميراث.

هذا أساس الميراث في الإسلام ( معيار القرابة ومعيار العبء المالي ) . بينما في غير الإسلام كما في فرنسا فأساس الميراث هو القرابة فقط ، دون النظر إلى الأحق والأولى والأقرب ، ودون النظر إلى من كان سببا في تكوين هذه الثروة.

5- التفاضل الموجود بين المرأة والرجل ، أو ما ينطلق من – المدعون – ( للذكر مثل حظ الأنثيين ) . هو خاص ببعض الورثة ( أب ، ابن ، زوج ، أخ ، أم ، بنت ، زوجة ، أخت ) أوهـم الذيـن كانــوا سبـبا في تكــــوين الثـروة (الــتركة) ، وبالتالي فالتفاضل بينهم على حسب مساهمتهم في هذه الثروة ومدى احتاجهم إليها فالمفاضلة مبنية على التبعات المالية ، ليس إلا ! .

إذا التسوية بين المختلفين ظلم ، والاختلاف بين المتماثلين ظلم ، أما التسوية بين المتساوين فهي عدل ، وكذلك الاختلاف بين المختلفين.

6- حالات ميراث المرأة نصف الرجل محصورة ، كما رأينا في دائرة الأسرة القريبة ( الأبوة ، البنوة ، الزوجية ، الأخوة) . أما حالات ميراثها أكثر منه أو مساواته فهي غير محصورة بل هي تفوق بكثير الحالات الأولى فأين الإدعاء بأن المرأة ترث أقل من الرجل في الإسلام !

7- إن قانون الأسرة في نصوصه عامة وفي الميراث خاصة لم يحد عن أحكام الشريعة الإسلامية ولا يوجد ضمن نصوصه ما يفيد الإساءة للمرأة أو التحقير من شأنها. فلماذا المطالبة بإلغائه ، وفيه من النصوص المكرمة للمرأة مالايوجد في النصوص الغربية التي يحذو –خصومه – حذوها ؟ ! ، وكان الأجدر دراسته بعين الإنصاف والموضوعية ، لا بعين الاستغراب والتبعية !!..


.. وعليه فإننا نقترح جملة من الاقتراحات ، عسى أن تكون نافعة ومفيدة :

1- قيام علماء الدين والأئمة والخطباء بواجب توعية الناس وإجلاء حقائق الإسلام الذي أنصف المرأة سيما في الميراث وحث الناس على عدم ظلم المرأة في ميراثها وأن ذلك تعد على حدود الله وإرشادهم إلى تميز النظام الإرثي في الإسلام وعدالته عن غيره.

2- استنهاض همم رجالات القانون والحقوق ، ليبحثوا ويحققوا ويكتبوا ، في مجال الكتابات القانونية المقارنة وبيان مدى ملاءمة قانون الأسرة للمجتمع المسلم ، وعدالته بالنسبة لميراث المرأة المستمد من الشريعة الإسلامية كل ذلك بالحجة والبرهان ، والمقارنة والبيان .

3- إعداد لجنة علمية على مستوى المعهد مهمتها دراسة وتقييم البحوث الجامعية الجادة والهادفة ، ومن ثم محاولة نشرها وطبعها ، تشجيعا للمادة وللطالب .

4- قيام أساتذة الحقوق بتجلية الحقوق وتوضيحها للطلبة في قالب علمي موضوعي ، سيما فيما يتعلق بمادة '' قانون الأسرة '' وبعض المقاطع فيه التي أثيرت حولها زوابع الشكوك والريب كميراث المرأة ، والتعدد ، والولي...الخ.

5- الإسراع في إيجاد منبر إعلامي '' مجلة مثلا '' على مستوى المعهد ، تناقش فيه القضايا الحقوقية ، وينافح فيه عن قيم الأصالة والحق.

6- الاهتمام بمادة '' البحوث '' وجعل معاملها يعادل أي مادة رئيسة ، لأن ذلك كفيل بشحذ الهمم ، وإيقاد جذوة البحث لدى الطلبة.


وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

إعداد
محمد شريط
محمد ضيف الله

ناصر الشريعة
04-26-2007, 01:46 PM
جزاك الله خيرا ، هذا الموضوع من أروع ما قرأت حول عدل الإسلام وتفوقه في ميراث المرأة ، وينبغي أن يكون مرجعا لكل سائل عنه في هذا المنتدى وغيره ، وحبذا لو استكملت هوامشه وبيانات الكتاب ووضع في ملف وورد وكتاب الكتروني.

وهناك كتاب آخر مثله هو : "أحكام ميراث المرأة‎‎‎ في الفقه الإسلامي .. رسالة ماجستير" لـورود عادل إبراهيم عورتاني.
بإشراف الدكتور محمد الصليبي
http://saaid.net/book/open.php?cat=4&book=440

قرآن الفجر
04-26-2007, 04:46 PM
جزاك الله خيرا ، هذا الموضوع من أروع ما قرأت حول عدل الإسلام وتفوقه في ميراث المرأة ، وينبغي أن يكون مرجعا لكل سائل عنه في هذا المنتدى وغيره ، وحبذا لو استكملت هوامشه وبيانات الكتاب ووضع في ملف وورد وكتاب الكتروني.

جزاك الله الجنة ، ورفع قدرك وأعلى ذكرك
أفعل إن شاء الله

فخر الدين المناظر
04-28-2007, 05:50 AM
شيء جميل ،، جزا الله الأخت فجر على الجهد والنقل الطيب ... وكم هو رائع أن نرى النساء المسلمات حريصات يدافعن ويتصدين للشبهات التي يصدرها المنكوسون الموكوسون حولهن ... هكذا عَوَّدتنا نساء الإسلام عبر الأزمان... سواء في الجهاد أو الدعوة او الإبداع..

قرآن الفجر
04-28-2007, 07:34 PM
شيء جميل ،، جزا الله الأخت فجر على الجهد والنقل الطيب ... وكم هو رائع أن نرى النساء المسلمات حريصات يدافعن ويتصدين للشبهات التي يصدرها المنكوسون الموكوسون حولهن ... هكذا عَوَّدتنا نساء الإسلام عبر الأزمان... سواء في الجهاد أو الدعوة او الإبداع..
جملك الله بالإيمان والعمل الصالح د. المناظر
وجزاك وجزى كاتبي البحث خير الجزاء
"إنما النساء شقائق الرجال ، ما أكرمهن إلا كريم ، وما أهانهن إلا لئيم"
حياك الله

قرآن الفجر
04-29-2007, 09:39 PM
قائِمة المَصادرْ والمَراجِعْ

أ- المصَــــــــــــــــــــــــادر
1- القرآن الكريــــــــــــم

2- الطاهر بن عاشور ، التحرير والتنوير، تونس ، ج4 ، الدارالتونسية للنشر، ( بدون )

3- محمد سيد طنطاوي ، التفسير الوسيط ، ج3 ، مصر، دار المعارف ، ( بدون )

4- الثعالبي ، تفسير الثعالبي ، ج1، ج3 ، بيروت ، دار إحياء التراث العربي مؤسسة التاريخ العربي ، ط1 1418هـ

5- أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ، فتح الباري شرح صحيح البخاري ، ج8 ، ج12، بيروت ، دار المعرفة ( بدون )

6- مالك بن أنس ، الموطأ ، ط3 ، بيروت ، دار الفكر ، 2002

ب - المراجِــــــــــــــــــــــــع
- كتـــب فقهيــــــة
1- أحمد محي الدين العجوز ، الميراث العادل في الإسلام بين المواريث القديمة والحديثة ، ط1 ، بيروت ، مؤسسة المعارف ، 1986

2- بلحاج العربي ،الوجيز في شرح قانون الأسرة الجزائري ، ج2 ،ط3 ،الجزائر ، ديوان لمطبوعات الجامعية 2004

3- محمد حسنين ، الوجيز في نظرية الحق بوجه عام ، الجزائر ، المؤسسة الوطنية للكتاب ، 1985

4- محمد محدة ، التركات والمواريث في الشريعة الإسلامية ، الجزائر ، دار الطباعة الأوراسية ،( بدون)

5- محمد علي فركوس ، ذوو الأرحام في أحكام المواريث ، الجزائر ، دار تحصيل العلوم ، 1987

6- سيد سابق ، فقه السنة ، ج3 ، ط1 ، الرياض ، دار المؤيد ، 2002

7- عبد الرحمن بن عبد الله السهيلي أبو القاسم ، الفرائض ، تحقيق محمد إبراهيم البنا ، ط2 ، مكة المكرمة المكتبة الفيصلية ، 1405 هـ

8- صالح ججيك ، الميراث في قانون الأسرة الجزائري ، ط1 ، الجزائر ، الديوان الوطني للأشغال التربوية ، 2002

9- صالح فركوس ، تاريخ النظم القانونية والإسلامية ، الجزائر ، دار العلوم ، 1999

10- صبحي عراب ، محاضرات في القانون التجاري ، الجزائر ، ديوان المطبوعات الجامعية ، 2000

11- رفيق يونس المصري ، بحوث في المواريث ، ط1 ، سورية ، دار المكتبة ، 1999

12- شحاتة عبد الغني الصياغ ، دروس في الفرائض ، ط1 ، الجزائر ، منشورات وزارة الشؤون الدينية ، 1993

- كتــــب فكريــــــة
1- أبو الحسن الندوي ، ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين ، ط10 ، الجزائر ، مكتبة رحاب ، 1987

2- البهي الخولي ، الإسلام وقضايا المرأة المعاصرة ، بيروت ، دار القرآن الكريم ،
1980

3- محمد أحمد إسماعيل المقدم ، عودة الحجاب ، المدينة المنورة ، دار طيبة للنشر والتوزيع ، ( بدون )

4- محمد بلتاجي ، مكانة المرأة في القرآن والسنة ، ط1 ، مصر ، دار السلام ، 2000

5- محمد نبيل غنايم ، شبهات حول التشريع الإسلامي ، الجزائر ، دار الآفاق ،( بدون )

6- محمد قطب ، شبهات حول الإسلام ، ط13 ، مصر ، دار الشروق ، 1980

7- مرتضى مطهري ، نظام حقوق المرأة في الإسلام ، بيروت ، دار التعارف للمطبوعات ، 1992

8- مصطفى السباعي ، المرأة بين الفقه والقانون ، بيروت ، المكتب الإسلامي ،ط5 ، ( بدون )

9- مصطفى السباعي ، هذا هو الإسلام ، الجزائر ، شركة الشهاب ، 1990 10- مصطفى صادق الرافعي ، وحي القلم ، بيروت ، دار الكتاب العربي ، 2000

- مجــــــلات
1- مجلة المجلس الإسلامي الأعلى ، ع3 ، الجزائر ، 2000

2- مجلة موسوعة الفكر القانوني ، ع4 ، الجزائر ، 2004


- نصوص تشريعية
1- قانون الأسرة الجزائري ، قانون 84/11 مؤرخ في 09- 06- 1984

2- القانون التجاري الجزائري ، أمر 96/27 مؤرخ في 09-12-1996 يعدل ويتمم الأمر 75/59 مؤرخ في: 26 – 09- 1975

3- القانون المدني الجزائري ، أمر 75/85 مؤرخ في 26-09-1975

4- القانون المدني الفرنسي ، باريس ، بورداس ، 1999

- مواقع الكترونية
1- www.aljazeera.net (http://www.aljazeera.net)

2- www.alkalema.net (http://www.alkalema.net)

3- tawhed . ws www.

4- saaid.net/female www. (http://www.5-)

5- sawt alazhar.org www.