المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رجعية الفكر العلماني



حازم
04-27-2007, 08:56 PM
بقلم : خباب بن مروان الحمد

لا يفتأ العلمانيُّون يرسِّخون في أذهان الناس أنَّ الفكر العلماني هو الفكر المتقدم والمتنامي ، المواكب للحضارة ، والساعي للرُّقي والنماء والنهضة !

وليس من شكٍّ أنَّ الدعاوى ما لم تقم عليها الدلائل والحجج لتثبتها ، تكون أقوالاً هلاميَّة كالسراب يحسبه الظمآن ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً !

وفي هذا المقال أزعم بأنَّ حقيقة الفكرة العلمانية لا تنفك عن التراث القديم بكلِّ قيمه ومبادئه وأشكاله ، وأنَّ حقيقة الفكر العلماني وجذوره ترجع إلى ما كانت عليه أيديولوجيَّة القرون اليونانيَّة الإغريقيَّة الكلاسيكيَّة القديمة ، إلاَّ أنَّ العلمانيَّة (تتمظهر) بالروح العصريَّة المتجددة ، فيعطيها أتباعها هالة من النفخ والظهور التنويري!

نعم ! قد يدَّعي العلمانيون خلاف ذلك من ناحية الجذور التأصيليَّة لفكرتهم ، ولا بأس أن نلقي في كلِّ فترة حجراً في البركة العلمانيَّة الآسنة ؛ علَّها تفرز حراكاً ينقذ البعض من رجعية كاسدة .

إذا تتبَّعنا كتب العلمانيين وأفكارهم فلا نجد غالبها يختلف عمَّا كتبه الفلاسفة والمناطقة السابقون ، ذلك أنَّهم حين يستدلون أو يستندون إلى أقوالهم ومبادئهم ، نلحظ أقوال أولئك الأعلام اليونانيين القدماء وغيرهم ممَّن أتى بعدهم ، في رؤوس الاستشهادات في الخطاب العلماني ، وحتماً سنطالع هذه الأسماء في مدوَّنات العلمانيين ( أرسطو ـ فيثاغورس ـ دوركايم ـ هيراقليطس ـ أفلاطون ـ لاماراك ـ دارون ـ كانط ـ فولتير ) كما سنجد كذلك في كتاباتهم أسماء آباء الثورة الفرنسية :(جان جاك روسو ـ دومونتسكيو ـ فولتير) ممَّن يحاولون الاستشهاد بأقوالهم ، ولهذا فإنَّ المطالع لكثير من الكتابات العلمانيَّة الحاملة شعار التجديد والنهضة والتقدم الفكري ، سوف يتفاجأ حين يجد أولئك المجدِّدين العلمانيين ينحصر كلامهم في شرح ما قاله أولئك الفلاسفة اليونانيون ، أو شرح أدبيات المدرسة الأبيقورية ؛ إذ العلمانيون مقلِّدون لتلك المدرسة ، ولم يخرجوا عنها ، وحقاً :(كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم تشابهت قلوبهم) البقرة(118) ولهذا فإنَّا نسائلهم : لقد قلتم في أدبياتكم : إنَّ أعيننا لم تُخلق في أقفيتنا للنظر إلى الوراء ، بل خُلقت في وجوهنا للنظر إلى الأمام ! فلماذا تعتزُّون كثيراً بتراث الإغريق واليونانيين ؟ أليسوا قوماً متخلِّفين حضارياً وتكنولوجياً مقارنة بزمننا المعاصر ؟ فلم الرجوع لأفكارهم والأخذ منها ما دام أنَّكم تقدميُّون ؟! ثمَّ أليس هذا معناه أنَّكم تحجبون أعين الناس عن النور وتريدون إرجاعهم إلى الوراء ؟!

إنَّنا نحاكمكم بالمنطق نفسه الذي تحاكمون فيه المسلمين ، حين تدَّعون زوراً وبهتاناً بأنَّهم متخلفون وظلاميون !

وبالتأكيد فإنَّ بعض الغربيين اليوم مقتنع تماماً أنَّ العالم الغربي ، وإن ادَّعى العلمانيَّة والتقدميَّة ، فما زال يعيش في قرون الظلام وعصور التحجر ، فهذا (هارولد فينك) يقول : " إنَّ العالم الغربي لم يهضم بعد الديانات العظيمة التي نشأت في الشرق الأوسط إنَّه ـ أي : العالم الغربي ـ لم يخرج بعد من العصور المظلمة !".

وسأذكر في ثنايا السطور التالية شيئاً من التلاقح الفكري بين دعاوى العلمانيين الجاهليين (التقدميين) اليوم ، ودعاوى القرون السابقة الجاهلية ( الظلاميَّة) ، فالفكر هو الفكر . فقد التقت العلمانيَّة مع أفكار الجاهلية الرجعية في أشياء كثيرة ، مثلاً :

1ـ حين نقرأ في كتاب ربِّنا ـ جلَّ وتعالى ـ سنجد أنَّه كان يصف الصراع العقدي الدائر بين الأنبياء ومن خالفهم من قومهم أو من بُعثوا إليهم ، ومن ذلك قصَّة الصراع بين نبي الله شعيب ـ عليه السلام ـ وقومه أهل مدين .

لقد آلَ بقومه ، بعد استمراريَّة نبي الله شعيب ـ عليه السلام ـ في الدعوة إلى الله ، إلى أن : (قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء إنك لأنت الحليم الرشيد) وكلَّما قرأتُ هذه الآية ازددتُ عَجَباً ، لأنَّ منطق الجاهلية القديمة هو منطق الجاهليَّة الحديثة بجميع أبعادها ، فقوم شعيب حين دعاهم نبيهم إلى الإسلام ؛ رفضوا أن يكون للعبادة الوثيقة بالله صلة وتأثير على أرض الواقع ، ودنيا الناس، فقالوا:(أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا) . فهم لا يريدون للصلاة أن تحكم عاداتهم وطقوسهم الخاصة بهم ، ولا يريدون كذلك أن يكون للإسلام تأثير في مجرى الحياة الاقتصادية والمعاملات المالية ، ولهذا قالوا : ( أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء ) فهم لا يريدون أن يكون لصلواتهم وعباداتهم تأثير في مجرى السلوك الإنساني ، بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

وهذا أمر بيِّن وهو من الوضوح بمكان ؛ فمنطق العلمانيين اليوم هو منطق أسلافهم بالأمس ، فلم تتغيَّر جاهلية اليوم عن جاهلية القرون المتقدمة!

2ـ يقول ـ تعالى ـ وهو يتحدَّث عن المنافقين :( وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا)الأحزاب(13).

حين يقلِّب المرء ناظريه عن سبب قول المنافقين : يا أهل يثرب ، ولم يتنادوا بالوحدة الإسلاميَّة مثلاً مع ادعائهم بأنهم مسلمون ، لوجد أن السبب في ذلك أنَّ المنافقين كانت الوطنيَّة والانتساب للبلد مقدَّماً عندهم على الدين ، وفي هذا يقول الشيخ عبد الرحمن السعدي :"يريدون يا أهل المدينة ؛ فنادوهم باسم الوطن المنبئ عن التسمية ، فيه إشارة إلى أنًَّ الدين والأخوة الإيمانيَّة ، ليس له في قلوبهم قدر ، وأنَّ الذي حملهم على ذلك ، مجرد الخور الطبيعي" (تفسير الكريم الرحمن : 660) .

وكذلك هم العلمانيون في عصرنا ، تجدهم لا يطلقون ـ ألبتة ـ مصطلح الأُخُوَّة الإسلامية أو الإيمانية ، بل المصطلحات الجاهلية ؛ لأنَّ ولاءهم ليس للدين ، بل للمصالح المشتركة أولاً وآخراً !

3ـ يقول ـ تعالى ـ :(ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ) وأمَّا الليبراليون فسنجد أفكارهم ترسِّخ الأفكار الجاهلية والرجعية القديمة ، والتي تدعو للرذيلة وعدم الطهر وإظهار النساء بمظهر العري والفحش ، ولهذا فإنَّ الله ـ تعالى ـ يقول :(والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيماً) .

بل كانت الجاهليَّة القديمة أعقل حيث كانت المرأة البغي حين تريد الذهاب للحج ، تضع يدها على فرجها وتقول :

اليوم يبدو بعضه أو كلُّه *** وما بدا منه (فلا ) أحلُّه

وأمَّا هؤلاء العلمانيون فإنَّ المرأة عندهم كائن مستخف به ، فتُعْرَض في دور البغاء ، وفي المسلسلات العارية ، وكأنَّ حال تلكم النساء العاريات تقول :

اليوم يبدو بعضه أو كلُّه *** وما بدا منه (فإني) أحلُّه !

وهكذا العلمانيون فإنَّهم لا يريدون للإنسانيَّة إلاَّ أن تنحرف عن مسار ربِّها ، ودينها وشريعتها ، وتتحرر من القيود الفكرية !

إنَّها حريَّة (جون لوك ) تلك الحريَّة المنفرطة عن القيم والمبادئ .

ولو قارنَّا بين بيوت الدعارة في العصور الجاهليَّة القديمة وقت أن كانت تُرتاد ويُصرَّح لها ويدخل فيها السُّقط من القوم ، وكيف هي بيوت الدعارة والفجور في عصر القرن الغربي العلماني ! لوجدنا تشابهاً كبيراً في الأفعال والتصرفات بين علمانيي اليوم والجاهلية القديمة ، وكيف أنَّ الرذيلة والفساد شيئان لا تنفك عنهما تلك الجاهليتين ، بل تسمح لهما وتصرِّح لأوكارهما !

أليس هذا قمَّة التخلف والرجوع لقرون العصور الكهفيَّة التي لم تكن تعبأ بانتشار الرذيلة ، بل تحارب من يحاربها ،كما هو حال القوم العلمانيين في هذه الأزمان المتحضِّرة ! وهذا رجوع إلى الوراء؛ لأن العري بأنواعه كان من مظاهر التخلف الإنساني في العصور القديمة وحقاً : ما أشبه الليلة بالبارحة !

4ـ كثير من العلمانيين حين تقول لهم : قال الله ، وقال رسوله ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ ؛ يقولون ـ عياذاً بالله ـ : دعنا من الله ! هذه الدنيا نشأت مصادفة ، والطبيعة هي التي أوجدتها ، وليس لله دخْل فيها ، وليس هناك إله مفارق للطبيعة ، ويتصرف بها كيف يشاء ، ولن يكون هناك بعث ولا نشور، وإنَّما هي أرحام تدفع وأرض تبلع ! على حدِّ قول الشاعر إيليا أبو ماضي في قصيدة له عنونها بـ (الطلاسم):

جئت لا أعلم من أين ؟ ولكني أتيت

ولقد أبصرت قدامي طريقاً فمشيت

وسأبقى سائراً إن شئت هذا أو أبيت

كيف جئت كيف أبصرت طريقي ؟!

لست أدري !! ...

إلى آخره من التخبط الذي يكشف حالة الضياع التي يعيشها الإنسان عندما لا يدرك الهدف من وجوده !

لقد كان هذا الفكر هو فكر الدهريين ، والفكر اليوناني الرجعي القديم ! فهل يعقل هؤلاء أصول فكرهم التالد ؟!

حقاً ... إنَّه ترداد لقول الله ـ سبحانه وتعالى ـ حين قال على لسان كفَّار قريش: (وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلاَّ الدهر)! الجاثية(24).

5ـ من أشد ما يحاربه العلمانيون اليوم ؛ الحكم بشريعة الإسلام ، والتحاكم إلى النظام الإسلامي ، حيث المبدأ لديهم يقول بالتحاكم إلى الديموقراطية ، وهي الوجه السياسي للفكر العلماني . وحين ندقق في هذه الديموقراطيَّة نجد أنَّها تخلف وتعلق بالماضي ، الذي وضعه ورسمه فلاسفة اليونان قبل أكثر من ألفين وخمسمائة عام ، وبهذا الاعتبار نجد أن نظام الحكم الديموقراطي أقدم من النظام الإسلامي بألف سنة ، فهم ـ إذن ـ بهذا أولى وأحق بكلمة التخلف والرجعيَّة والظلاميَّة التي تعود للقرون القديمة !

6ـ حين كان يدعو نبينا محمد ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ كفار قريش لدين الإسلام، كانوا يرفضون الدخول في هذا الدين ، قائلين :(أجعل الآلهة إلهاً واحداً إنَّ هذا لشيء عجاب) فكفار قريش كانت حرية التدين لديهم مفتوحة ؛ فمنهم من يعبد الكواكب، ومنهم من يعبد الجن، ومنهم من يعبد الأصنام، ومنهم من يعبد الملائكة ... إلخ ، ولكنَّهم حين بيَّن لهم رسول الله ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ أنَّ دين الإسلام هو الدين الحق ، وأنَّ ما عداه باطل ، انتفضوا ورفضوا دعوة الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ وقالوا :(أجعل الآلهة إلهاً واحداً إنَّ هذا لشيء عجاب)!

إنَّ هذا المنطق هو المنطق نفسه التي التقت به العلمانية مع أفكار جاهلية قريش ، حيث إنَّ أقبح شيء لدى العلمانيين اليوم أن تقول : إنَّ دين الإسلام هو الدين الحق، وما عداه من الأديان فهي أديان ضلالة وكفر لا تنفع معتنقها يوم القيامة ! أليس هذا رابط فكري بين جاهلية اليوم وجاهلية الأمس ؟!

نعم ! إنَّها ثقافتكم أيُّها العلمانيون ! وبؤساً لها من ثقافة رجعية كاسدة في سوق المسلمين المتدينين ! فمن الذي يعيش إذاً ـ لا أقول : ـ بعقلية القرون الوسطى ـ ، بل بعقلية القرون الظلاميَّة ؟!

وأخيرا : لقد ذكَّرني العلمانيون بمثل أحفظه من قديم ، ينطبق على حالهم ، إذ يرمون غيرهم بصفات هي ألصق وأولى بهم :( رمتني بدائها وانسلت) !

ناصر التوحيد
05-14-2007, 06:17 PM
تركيا...حينما يحكم الموتى

الكثيرون ممن يحسبون على التيار الليبرالي لا يترددون باتهام الإسلاميين بالوصولية السياسية عبر استغلال الديمقراطية، وأن أولى ضحاياهم - إن وصلوا للسلطة - ستكون الديمقراطية نفسها.
بعيدا عن القراءة الجاهزة، فإن المثال الذي تطرحه التجربة التركية مخالف تماما لهذه المحاكمة المسبقة للنوايا. أولى نتائج استقراء التجربتين في الجزائر وتركيا وأهمها توحي للمتتبع أن النخب التي يقال إنها علمانية-ديمقراطية هي التي ترفض الديمقراطية. بصيغة أخرى علينا أن تصدق أن العسكر يدعون من طرف النخب العلمانية للانقضاض على الديمقراطية!!
في تركيا العلمانية، تظهر الكثير من الأحزاب التي تدافع عن قيم الجمهورية في قمة تناقضاتها. فهي تحاول الظهور بكونها أحزابا ديمقراطية وفي نفس الوقت لا تقبل أبدا فكرة أنها جزء من نظام فكري مغلق. نظام خلق أحزابا يقال إنها ديمقراطية تستنجد بالجيش - في بادرة غريبة في التاريخ المعاصر- ليحمي هذا النظام من خصوم ما زالوا يلعبون لعبة الديمقراطية بامتياز! إنه النظام الذي يجعل الديمقراطيين يستعملون وسائل غير شرعية لإبقاء السلطة حكرا على تيار دون آخر.

هذا النظام الذي أسسه مصطفى كمال قبل 84 عاما لا يزال يرفض حتى النقاش في شرعيته. في الجمهورية الكمالية تبدو "قيم" الجمهورية التركية وكأنها ولدت لتبقى للأبد، وهي فكرة في قمة السخافة . من المثير أن الأمر يبدو مخجلا حقا حينما لا يتوانى الجمهوريون في تركيا عن القبول بل والافتخار بأن العسكر هم حامي قيم العلمانية والديمقراطية. إذ كيف يمكن القبول بأن مؤسسة، من المفترض أن تكون لديها مهمة محددة تقفز على هذا الدور لتتضخم وتصبح هي المفسر لقيم أممت قبل حوالي قرن من الزمان!! هذا الافتراض يسري حتى لو كانت هذه القيم ناجحة وقدمت حلولا حقيقية لمشاكل تركيا المعاصرة. فما بالك إن كانت هذه القيم تزيد من تكريس الأزمة في البلد.
هذا دون التوغل في الحديث عن مشاكل تركيا الكبيرة الأخرى كالهوية الثقافية وبنيتها الاجتماعية ومشاكلها الاقتصادية. الشيء الأكثر إثارة للريبة حول المزاعم التركية هي المظاهرات المليونية التي نظمت خلال الأسابيع الماضية. فالأمر بدا مثيرا للكثير من الدهشة والصدمة. أحزاب علمانية تلعب على وتر الخوف لتجيش الناس للتظاهر ضد إمكانية ترشح رئيس الوزراء لمنصب الرئيس. رئيس الوزراء زعيم لحزب يحكم البلد عبر تفويض شعبي ساحق تم عبر صناديق الاقتراع!!!

النظرة إلى هذا البلد تعطي إحساسا أن تاريخ هذا البلد يبدأ فقط مع ثورة مصطفى كمال في جبال الأناضول مع نهاية الحرب العالمية الأولى أو على الأقل ما تحاول المؤسسة الرسمية الإيحاء به. في تركيا لا يتم استدعاء التاريخ العثماني إلا لشيئين: إما مزيد من النفخ في الشعور القومي التركي والاعتزاز بالإمبراطورية التي هزت عروش أوروبا أو حينما يأتي السائحون الأوروبيون ليختصر التاريخ الشرقي لتركيا فيقدم لهم على شاكلة فلكلور كل ما فيه راقصات شبه عاريات تتمايلن على دقات الطبل أو أنغام الآلات الموسيقية الشرقية! حينما ينظر المرء إلى ضريح مؤسس الدولة التركية والقدسية التي يحاط بها كل ما يتعلق بمصطفى كمال أتاتورك، سيشعر بأن هذا البلد يحكم من هذا الضريح وليس من القصر الجمهوري أو مقر رئاسة الوزراء.

إذ يبدو هذا البلد أنه لم يخرج أبدا من جلباب مؤسس الجمهورية وصوره وأقواله المأثورة وغير المأثورة وكل شيء يتعلق به. إنها تركيا التي تحكم من القبر منذ 1938... تاريخ وفاة أتاتورك. تركيا التي تدق أبوابا الإتحاد الأوروبي منذ زمن ليس بقريب، تعرف جيدا أنها لا يمكن أن تنال بطاقة الانضمام، لأن أسباب الرفض عميقة وهي تتجاوز معطى الديمقراطية. فكثير من النخب الأوروبية لا تتردد في الحديث عن كون الإتحاد الأوروبي نادي مسيحي مغلق.

إذن فليهنأ العلمانيون على الطريقة التركية! ختاما، يبدو لي أن دمج التجربة الجزائرية المجهضة وما يحصل في تركيا، يوحي أن ثمة مشكلة عميقة في العالم الإسلامي على مستوى النخب الحاكمة والفئات الاجتماعية التي تتترس خلفها. هذه النخب، إما من أصول عسكرية أو تستند في حكمها على العسكر. لكن بالتأكيد فإن خلفياتها الاجتماعية تبدو أكثر من مجرد نخب معزولة، والدليل أن هذه النخب نفسها استطاعت أن تخرج للشارع مئات الآلاف من المتظاهرين، وإن كان بمقدور حزب العدالة والتنمية التركي أن يخرج أكثر. هناك فئات اجتماعية متضررة بالتأكيد من التغيير وهي الفئات التي ستفقد امتيازاتها.

اخي الفاضل
العلمانيون وخاصه علمانيو العرب الكذب والانحلال و النصب يجري في عروقهم كما الدم, وما دخل هذا النظام العلماني والديمقراطي على بلد الا دمره مثل السرطان وحالة العرب الان ما هي الا مثال حي .

فخر الدين المناظر
08-14-2011, 08:13 AM
مقال موفق شكر الله للكاتب والناقل ...