المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (( 6 )) أصول يلتقي عليها أهل السنة



أسود التوحيد
05-06-2007, 11:13 AM
(( 6 )) أصول يلتقي عليها أهل السنة



سليمان بن صالح الخراشي


حدد الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - ستة أصول يلتقي عليها أهل السنة ، أحببت التذكير بها :

قال : ( الأصل الأول: الأسماء والصفات: هم فيه وسط بين الممثلة والمعطلة :الممثلة طائفة تقول: صفات الله تعالى كصفاتنا؛ فوجه الله كوجوهنا، وعينه كأعيننا، ويداه كأيدينا، وما أشبه ذلك، والمعطلة –بالعكس- ينكرون ما وصف الله به نفسه، يقولون: ليس له وجه، ولا يد، ولا عين، ويحرفون الكلم عن مواضعه في هذه الأمور.

الأصل الثاني: القدَر: هم فيه وسط بين الجبرية الذين يقولون: إن الإنسان مجبر على عمله ولا اختيار له ولا إرادة، وبين القدرية الذين يقولون: إن الإنسان مستقل بنفسه وليس لله فيه تعلق، يفعل بدون مشيئة من الله وبدون خَلْق. وأهل السنة والجماعة قالوا: إن الإنسان يفعل باختياره وهو مختار مخير، ولكن أي فعل يفعله فهو بمشيئة الله تعالى وخلقه.

الأصل الثالث: أسماء الإيمان والدين: هم وسط فيه بين المعتزلة والخوارج من وجه وبين المرجئة، قالت المعتزلة والخوارج: إن الإنسان إذا فعل كبيرة خرج من الإيمان، ولا يصدق عليه أنه مؤمن أبداً، لكن الخوارج سموه كافراً والمعتزلة قالوا: هو في منـزلة بين منـزلتين. وقالت المرجئة: الإنسان إذا فعل كبيرة فهو مؤمن كامل الإيمان، إيمانه مثل إيمان أطوع الناس لله ! وقال أهل السنة والجماعة: إذا فعل كبيرة فإنه مؤمن ناقص الإيمان، أو مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته.

الأصل الرابع: الأحكام: هم فيها وسط بين المرجئة والوعيدية، فالإنسان ماذا يكون إذا فعل الكبيرة ؟ قالت المعتزلة والخوارج وهم الوعيدية: إنه مخلد في النار مع المنافقين: مع أبي جهل وأبي لهب وغيرهم، وقالت المرجئة: فاعل الكبيرة لا يدخل النار أبداً. وأهل السنة والجماعة قالوا: إنه يستحق العقاب دون الخلود في النار ، وقد يغفر الله له.

الأصل الخامس: في أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم: هم وسط فيهم بين الرافضة والخوارج، فالرافضة كفروهم أو ضللوهم إلا آل البيت، فإنهم غالوا فيهم وأنزلوهم فوق منـزلتهم، فصاروا ضالين في الصحابة من وجهين: من جهة تكفير وتضليل من عدا أهل البيت، ومن جهة الغلو في أهل البيت.
والخوارج وهم النواصب كفروا علي بن أبي طالب وخرجوا عليه وقاتلوه واستحلوا دمه. أما أهل السنة والجماعة فقالوا: الصحابة رضي الله عنهم خير القرون وأفضل الأمة ولهم حقهم الذي يجب علينا، ولآل النبي صلى الله عليه وسلم المؤمنين به حق القرابة مع الإيمان والصحبة، إذا كانوا من الصحابة، ولكننا لا نغلوا فيهم كما فعل الرافضة، ولا نقدح فيهم كما فعلت الخوارج ، بل نعطيهم حقهم من غير غلو ولا تقصير.

ومن الأصول التي يختلف فيها أهل السنة وأهل البدع: الخروج على الأئمة :

أهل السنة والجماعة يقولون: علينا أن نسمع ونطيع لولي الأمر وإن فعل ما فعل من الكبائر والفسق، ما لم يصل إلى حد الكفر البواح، وذلك أن النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن الخروج على الأئمة إلا بشروط وقال: "إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم فيه من الله برهان" أربعة شروط:

الأول: أن تروا؛ يعني: بأعينكم، أو تعلموا ذلك علم اليقين، الثاني: أن تكون معصيته كفراً لا فسقاً؛ فلو كان يزني أو يسرق أو يقتل النفس المحرمة بغير حق دون استباحة لذلك، فإنه ليس كافراً؛ بل هو فاسق من ضمن الفاسقين، ولا يحل لنا أن نخرج عليه، الثالث: أن تكون كفراً بواحاً يعني: صريحاً، لا يمكن فيه التأويل، فإن أمكن فيه التأويل، فإننا لا نكفره ولا نخرج عليه. الرابع: أن يكون عندنا فيه من الله برهان، يعني: ليس الكفر الذي رأيناه بواحاً كفراً بقياس أو ما أشبه ذلك؛ ولكن هو كفر حقيقي عندنا فيه من الله برهان؛ أي: دليل واضح من الكتاب والسنة.

هذه أربعة شروط ، وهناك شرط خامس يؤخذ من الأدلة الأخرى، وهي أن يكون عندنا قدرة على إزاحة هذا الحاكم الكافر الذي كفر كفراً صريحاً، فإن لم يكن لنا قدرة صار الشر الناتج عن إزالته أكثر مما لو تركناه على حاله، وعلى هذا نحاول بطريقة أو بأخرى الإصلاح ما استطعنا ) . ( لقاء الباب المفتوح ، 45/108-109) .


م ن ق و ل

من صيد الفوائد

فخر الدين المناظر
05-06-2007, 03:32 PM
في مسألة العزل هناك خلاف بين أهل السنة والجماعة
فالأصل في البيعة أن تكون على الكتاب والسنة وإقامة الحق والعدل من قِبل الإمام ،، وعلى السمع والطاعة في المعروف من قبل أهل الشورى ،، ومن حق الأمة أن تعزله إذا تغير حاله ، لأن اختياره للخلافة مشروط بتوفر شروط معينة ، فإذا ظلت هذه الشروط قائمة فيه فهو قائم في منصبه ،، وإذا انتفت عنه كان أهلا لأن ينفى عن المنصب ،، وتتغير حال الخليفة أو الإمام الأعظم ، إما بجرح في عدالته أو بنقص في بدنه على ما يرى أبو الحسن الماوردي ...

والجرح في العدالة هو الفسق ،، وهو على ضربين : أحدهما ما تابع فيه الشهوة ، والثاني ما تعلق فيه بشبهة.
فالأول متعلق بأفعال الجوارح ،وهو ارتكابه للمحظورات ، وإقدامه على المنكرات تحكيما للشهوة وانقيادا للهوى ، كالزنا وشرب الخمر والغصب ، فهذا النوع من الفسق يمنع من انعقاد الإمامة ويمنع من استدامتها ، وإذا طرأ على ما انعقدت له الإمامة انعزل بفسقه ، فإذا عاد إلى العدالة لم يعد للإمامة إلا بعقد جديد على رأي الماوردي وبعض الفقهاء ، وإن كان يوجد من يرى أنه يعود للإمامة دون عقد ولا بيعة مادام لم يعزل فعلا.

أما الضرب الثاني من الفسق فمتعلق بالإعتقاد ، والمتأول بشبهة تعترض فيتأول لها خلاف الحق ،، ومن رأي الماوردي وغيره أن فسق الإعتقاد حكمه حكم فسق الجوارح يمنع من انعقاد الإمامة ويمنع من استدامتها ، على حين يرى بعض علماء البصيرة أن الفسق المتعلق بالإعتقاد لا يؤدي عزل الإمام ، بل هناك من يرى أن الفسق بنوعيه لا يترتب عليه العزل ما لم يكن كفرا.

وقد استدل من قال بعزل الخليفة بالكفر دون المعصية بحديث عبادة بن الصامت قال " بايعنا رسول الله ( ص ) على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله قال إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم فيه من الله برهان"

والقائلون بالعزل يرون أن المقصود بالكفر هو المعصية ، خصوصا وقد ذكرت روايات أخرى للحديث بلفظ الإثم والمعصية بدل الكفر ، فما دام الخليفة أو الإمام قد أتى منكرا محققا يعلمه الناس من قواعد الإسلام فلهم أن ينكروا ذلك ، وأن لا ينازعوا ولاة الأمر في ولايتهم وأحقيتهم لها وهذا عين ما جاء في نيل الأوطار ، وكتاب الخلافة ، وكتاب الأحكام ، وكتاب الأحكام السلطانية للفراء، وكتاب المسامرة وغيرهم...

وجمهور الفقهاء يرون كقاعدة عامة ، أن للمسلمين عزل الخليفة للفسق ، وأي سبب آخر يوجب العزل ، مثل أن يوجد منه ما يوجب اختلال أحوال المسلمين ، وانتكاس أمور الدين كما لهم نصبه وإقامته لانتطامها وإعلائها.

وإذا كانت القاعدة العامة عند جمهور الفقهاء أن للأمة خلع الخليفة وعزله بسبب وجيه ، إلا أنهم اختلفوا في حالة ما إذا استلزم العزل فتنة ، فرأى فريق أن يعزل الخليفة لسبب يوجبه ولو أدى ذلك إلى الفتنة ،، ورأى فريق أنه إذا أدى العزل لفتنة احتمل أدنى المضرتين ، ورأى الفريق الثالث أن لا يعزل الخليفة إذا استلزم العزل فتنة ولو أنه مستحق العزل بفعله ، وهذا الخلاف جاء في شرح الزرقاني ، وحاشية ابن عابدين ،و أسنى الطالب وحاشية الرملي ، وكشاف القناع ، والمواقف ، والملل والنحل ، والمحلى.

وحق الإمام على الناس هو حق السمع والطاعة ، ولكن هذا الحق ليس حقا مطلقا وإنما مقيد بقوله تعالى : { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ ذٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً }

فالطاعة واجبة لأولي الأمر ، ولكن في حدود ما أنزل الله ، بدليل أن ما يُتنازع فيه يرد إلى أمر الله ورسوله ( ص ) ، فمن أمر منهم بما يتفق مع ما أنزل الله فطاعته واجبة ، ومن أمر بخلاف ما جاء به الرسول ( ص ) فلا سمع له ولا طاعة.

وقد بين الرسول ( ص ) حدود طاعة الناس لأولي الأمر فقال : " لا طاعة لأحد في معصية الله " [رواه الستة إلا الترمذي]

وقال ( ص ) " إنما الطاعة في المعروف " [رواه الستة إلا الترمذي]

وقال ( ص ) " السمع والطاعة على المرء فيما أحب أو كره إلا أن يُؤمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة " [رواه الخمسة]

وقال ( ص ) " إنه سيلي أمركم من بعدي رجال يطفئون السنة ويحدثون بدعة ، ويؤخرون الصلاة عن مواقيتها . قال ابن مسعود : يا رسول الله كيف بي إذا أدركتُهم ؟ قال : ليس يا ابن أم عبد طاعة لمن عصى الله -قالها ثلاثة مرات- " [ رواه أحمد وابن ماجة ]

وهكذا قطع القرآن والسنة في أن طاعة أولي الأمر لا تجب إلا في طاعة الله وأن ليس لأحد أن يطيع فيما يخالف كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

مع التحيات.

فخر الدين المناظر
06-26-2008, 11:40 PM
قال الإمام أبو محمد بن حزم رحمه الله في كتابه "مراتب الإجماع" ص 274 طـ1 دار ابن حزم: ورأيت لبعض من ينسب نفسه للإمامة والكلام في الدين، ونصب لذلك طوائفه من المسلمين فصولا، ذكر فيها الإجماع، فأتى بكلام لو سكت عنه لكان أسلم له في أخراه، بل الخرس كان أسلم له، وهو ابن مجاهد البصري الطائي – لا المقرئ – فإنه أتى فيما ادعى فيه الإجماع، أنهم أجمعوا أنه لا يخرج على أئمة الجور فاستعظمت ذلك، ولعمري إنه عظيم أن يكون قد علم، أن مخالف الإجماع كافر، فيلقي هذا إلى الناس، وقد علم أن أفاضل الصحابة وبقية الناس يوم الحرة، خرجوا على يزيد بن معاوية، وأن ابن الزبير ومن اتبعه من خيار المسلمين، خرجوا عليه أيضاً رضي الله عن الخارجين عليه ولعن قتلتهم. وأن الحسن البصري وأكابر التابعين خرجوا على الحجاج بسيوفهم، أترى هؤلاء كفروا، بل والله من كفرهم أحق بالكفر منهم، ولعمري لو كان خلافاً يخفى لعذرناه، ولكنه أمر مشهور يعرفه أكثر العوام في الأسواق والمخدرات في خدورهن لاشتهاره، فلا يحق على المرء أن يخطم كلامه وأن يزمه إلا بعد تحقيق وميز، وأن يعلم أن الله تعالى بالمرصاد وأن كلامه محسوب مكتوب مسؤول عنه يوم القيامة، وعلى كل تابع له إلى آخر من اتبعه عليه وزره." اهـ.

فالنكير على السلطان، باللسان واليد، سنة معروفة عند سلف الأمة، حتى إن الخروج عليهم بالسيف فيما لو جاروا وظلموا ، كان مذهبا معروفا، قال به جمع كبير من الصحابة ، بل جعله ابن حزم مذهب أكثر الصحابة ، وهو قول أكثر التابعين الذين كانوا مع ابن الأشعث ،وهو قول مشهور في مذهبِ أبي حنيفة ، وإمامنا مالك ، وفيه روايات عن أحمد، بل جعله ابن حجر مذهبا من مذاهب السلف .

فحبذا عدم إلصاق ترجيحات فقهية معينة بأصول يلتقي عليها أهل السنة.. وأسلوب الإلصاق هذا وجدته عند غير واحد من الدعاة.. والله المستعان.