سبع البوادي
05-17-2007, 01:34 PM
.
- أوروبا نقلت اليهود إلى فلسطين لأنها اعتبرتهم مصدر ضرر لها.
- الحضارة الغربية مادية حسية فيلسوفها ونبيها داروين وليس المسيح.
- الغرب حوّل إسرائيل إلى دولة استعمالية لخدمة أغراضه ومشروعه.
- ما يفعله بوش في بلادنا محاولات لإرضاء شعبه الذي فشلت في حماية أمنه.
- الفكر الغربي نسى الله ولم يحترم الإنسان كإنسان.
- فكر الحداثة الغربي أساسه تحقيق اللذة والمتعة دون النظر للخير والشر.
- فكر "ما بعد الحداثة" جاء نتيجة فشل المشروع التحديثي الغربي.
- الغرب مولع بأن يكون الإنسان مرجعية ذاتية لنفسه.
حاورته/ د. ليلى بيومي
تخرج في كلية الآداب قسم الأدب الإنجليزي، إلا أن اهتماماته الأساسية كانت في اتجاهين مختلفين، الاتجاه الأول: هو الغوص العميق في الفكر والفلسفة الغربية، وخاصة الجانب الفلسفي في هذا الفكر، والاتجاه الثاني: التخصص في الصهيونية حتى أصبح أحد أبرز من اهتم بهذا الموضوع في عالمنا العربي، وقد أنجز عملاً موسوعيا عن الصهيونية استمر يعمل فيه قرابة عشرين عاماً.
عمل لفترة في الوفد المصري الدائم لدى الأمم المتحدة، كما تلقى تهديدات متعددة من الحاخام اليهودي المتطرف "مائير كاهانا"، ذلكم هو: د. عبد الوهاب المسيري.
وبما أن هذه الفترة التاريخية لها دلالتها في العلاقة بالصهيونية والدولة اليهودية من جهة، وفي العلاقة مع الفكر الغربي ومنظومته السياسية من جهة أخرى فإننا نأمل أن تضيف رؤية الدكتور المسيري جديدا من خلال هذا الحوار.
* يحقق المشروع الصهيوني انتصارات لا شك فيها هذه الأيام، وهذه فرصة للتعرف على جذور هذا المشروع، فهل هي دينية توراتية كما يزعم اليهود؟ أم أن لهذا الفكر جذورا خفية غير معلومة؟
** من البداية تم تعريف المشروع الصهيوني على أنه مشروع يهودي، أي مشروع ديني، فحملت الجريمة الصهيونية على الخطاب الديني ولم تحمل على الخطاب العلماني، وللأسف فقد استدرج كثير من الإسلاميين إلى هذا، فنراهم يتحدثون عن الصراع الأزلي بين المسلمين واليهود، صحيح أنه ورد الكثير عن اليهود في القرآن والسنة، لكن في التاريخ الإسلامي لم نجد أية مواجهة بين المسلمين واليهود بعد نشوء الدولة الإسلامية، ولذلك كان اليهود يفرون من أوروبا إلى العالم الإسلامي، ولا توجد مذابح ضد اليهود عبر التاريخ الإسلامي، بل إن التاريخ يقول: إن اليهود السامريين ساعدوا المسلمين في فتح القدس، وفي فتح شبه جزيرة أيبريا (الأندلس)، وهذا دليل على عظمة الإسلام، لأنه الديانة الوحيدة التي تسمح للآخر بحقوقه وتجعله جزءً من الأمة من خلال مفاهيم مستقرة في الإسلام لا يمكن الرجوع عنها. وهنا نقول: إن الخديوي عباس كان يكره الأقباط وأراد أن ينفيهم إلى السودان، لكن شيخ الأزهر وقتئذ تدخل وقال: إذا كان الإسلام قد تغير فيمكن أن تنفيهم، لكن حسب معلوماتي فهو لم يتغير وبالتالي فنفيهم لا يمكن ولا يجوز. وهكذا فإن المسألة مستقرة، حتى إن مجرد التفكير فيها يستدعي السخرية ويستدعي الحديث عن تغير الإسلام.
لكن هناك أمورا قد نسيناها وانسقنا وراء الخطاب العلماني الذي حمل الجريمة الصهيونية على الخطاب الديني، مع أن أي دارس للصهيونية يعرف أن مؤسسي الصهيونية الحقيقيين (هرتزل .. ونوردان.. ونور سلك) وغيرهم كانوا ملاحدة يكرهون اليهود ويمقتون اليهودية، هرتزل مثلاً لم يجد حاخاما واحداً يقبل أن يقيم مراسم زواجه، كما أنه لم يختن أولاده، وكان يأكل لحم الخنزير، ومات بمرض سري، واثنان من أولاه تنصرا.
أما نوردان: فكان متزوجا من مسيحية، بل كان ملحدا في زمانه، بل زعيم الإلحاد في الغرب، حتى الدولة اليهودية كانوا سيسمونها الدولة العبرية لأنهم يمقتون اليهودية، وكان المستوطنون الصهاينة في أهم يوم ديني مقدس عند اليهود وهو "يوم الغفران" الذي تمنع فيه الحركة يتعمدون أن يذهبوا أمام حائط المبكي يرقصون ويأكلون سندوتشات لحم الخنزير لكي يثبتوا أنهم لا علاقة لهم باليهودية.
أما مصادر الصهيونية فهي نفس مصادر الفكر العلماني، وجوهر الفكر العلماني هو النفعية المادية، كما أن العلمانية تعني نزع القداسة عن العالم وتحويله إلى مادة استعمالية حيث ينظرون إلى المسألة هل هي نافعة أم ضارة؟. والمشروع الاستعماري الغربي هو أيضا مشروع لتحويل العالم إلى مادة استعمالية، ولذلك فإن العلمانية والإمبريالية متلازمتان. والصهيونية تدعي أنها ستحل المسألة اليهودية على الطريقة الليبرالية، فإذا كان اليهود مصدر ضرر للشعوب الأوروبية باعتبارهم "طفيليين" غير منتجين ومنحلين، فإن الإمبريالية الغربية قالت بضرورة نقلهم إلى فلسطين حتى يتحولوا إلى عناصر نافعة أي يتحولوا إلى مستوطنين لحماية المصالح الغربية، كما أن الفكر الغربي ينظر إلى العرب على أنهم عناصر غير نافعة يجب القضاء عليهم.
هذه هي تركيبة الإنسان الغربي الذي إذا كبر والداه وأصبحا غير منتجين أودعهما بيوت المسنين. فمفهوم المنفعة المادية إذن هو مفهوم أساسي في الفكر الغربي، أما الموقف الإسلامي [ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق..] فغير موجود في الفكر العلماني الذي لا يؤمن بمطلقات، وبالتالي فلا بد من الوصول إلى أرضية ثابتة أخرى وهي "المنفعة المادية". وتم حل المسألة اليهودية في هذا الإطار، وأصبح اليهود جزءً من الحضارة الغربية عن طريق التشكيل الاستعماري الغربي بعد أن فشلوا في أن يصبحوا جزءً من التشكيل القومي الغربي، يعني أن أبواب أوروبا موصدة أمام اليهود، لكن تفتح لهم إن نقلوا خارجها، وهذا هو ما فعلوه وما يفعلونه مع العناصر الضارة الأخرى مثل المجرمين وغير المتكيفين اجتماعيا، والعناصر التي لم تحصل على عمل.
وهكذا فإن التجربة الصهيونية بهذا المعنى جزء من منظومة علمانية مادية متكاملة، أما إذا كانت بعد ذلك قد اكتسبت ديباجات يهودية فهذه مسألة معروفة، فالخطاب العلماني غير قادر على تجنيد الناس، وبالتالي فلا يجدوا إلا الخطاب الديني فبدلاً من أن يقولوا: هيا بنا إلى فلسطين كي نحسن مستوى المعيشة، وكي نخدم أوروبا، ونضمن بقاءنا وأمتنا يقولون: هيا بنا إلى أرض الميعاد وهم يعلمون أن أرض الميعاد تعني 10 مليار دولار سنويا من أمريكا، والدليل على ذلك أنه بمجرد هبوط وانخفاض مستوى المعيشة في أرض الميعاد فإنهم يهاجرون إلى أرض الميعاد الأمريكية الحقيقية.
- أوروبا نقلت اليهود إلى فلسطين لأنها اعتبرتهم مصدر ضرر لها.
- الحضارة الغربية مادية حسية فيلسوفها ونبيها داروين وليس المسيح.
- الغرب حوّل إسرائيل إلى دولة استعمالية لخدمة أغراضه ومشروعه.
- ما يفعله بوش في بلادنا محاولات لإرضاء شعبه الذي فشلت في حماية أمنه.
- الفكر الغربي نسى الله ولم يحترم الإنسان كإنسان.
- فكر الحداثة الغربي أساسه تحقيق اللذة والمتعة دون النظر للخير والشر.
- فكر "ما بعد الحداثة" جاء نتيجة فشل المشروع التحديثي الغربي.
- الغرب مولع بأن يكون الإنسان مرجعية ذاتية لنفسه.
حاورته/ د. ليلى بيومي
تخرج في كلية الآداب قسم الأدب الإنجليزي، إلا أن اهتماماته الأساسية كانت في اتجاهين مختلفين، الاتجاه الأول: هو الغوص العميق في الفكر والفلسفة الغربية، وخاصة الجانب الفلسفي في هذا الفكر، والاتجاه الثاني: التخصص في الصهيونية حتى أصبح أحد أبرز من اهتم بهذا الموضوع في عالمنا العربي، وقد أنجز عملاً موسوعيا عن الصهيونية استمر يعمل فيه قرابة عشرين عاماً.
عمل لفترة في الوفد المصري الدائم لدى الأمم المتحدة، كما تلقى تهديدات متعددة من الحاخام اليهودي المتطرف "مائير كاهانا"، ذلكم هو: د. عبد الوهاب المسيري.
وبما أن هذه الفترة التاريخية لها دلالتها في العلاقة بالصهيونية والدولة اليهودية من جهة، وفي العلاقة مع الفكر الغربي ومنظومته السياسية من جهة أخرى فإننا نأمل أن تضيف رؤية الدكتور المسيري جديدا من خلال هذا الحوار.
* يحقق المشروع الصهيوني انتصارات لا شك فيها هذه الأيام، وهذه فرصة للتعرف على جذور هذا المشروع، فهل هي دينية توراتية كما يزعم اليهود؟ أم أن لهذا الفكر جذورا خفية غير معلومة؟
** من البداية تم تعريف المشروع الصهيوني على أنه مشروع يهودي، أي مشروع ديني، فحملت الجريمة الصهيونية على الخطاب الديني ولم تحمل على الخطاب العلماني، وللأسف فقد استدرج كثير من الإسلاميين إلى هذا، فنراهم يتحدثون عن الصراع الأزلي بين المسلمين واليهود، صحيح أنه ورد الكثير عن اليهود في القرآن والسنة، لكن في التاريخ الإسلامي لم نجد أية مواجهة بين المسلمين واليهود بعد نشوء الدولة الإسلامية، ولذلك كان اليهود يفرون من أوروبا إلى العالم الإسلامي، ولا توجد مذابح ضد اليهود عبر التاريخ الإسلامي، بل إن التاريخ يقول: إن اليهود السامريين ساعدوا المسلمين في فتح القدس، وفي فتح شبه جزيرة أيبريا (الأندلس)، وهذا دليل على عظمة الإسلام، لأنه الديانة الوحيدة التي تسمح للآخر بحقوقه وتجعله جزءً من الأمة من خلال مفاهيم مستقرة في الإسلام لا يمكن الرجوع عنها. وهنا نقول: إن الخديوي عباس كان يكره الأقباط وأراد أن ينفيهم إلى السودان، لكن شيخ الأزهر وقتئذ تدخل وقال: إذا كان الإسلام قد تغير فيمكن أن تنفيهم، لكن حسب معلوماتي فهو لم يتغير وبالتالي فنفيهم لا يمكن ولا يجوز. وهكذا فإن المسألة مستقرة، حتى إن مجرد التفكير فيها يستدعي السخرية ويستدعي الحديث عن تغير الإسلام.
لكن هناك أمورا قد نسيناها وانسقنا وراء الخطاب العلماني الذي حمل الجريمة الصهيونية على الخطاب الديني، مع أن أي دارس للصهيونية يعرف أن مؤسسي الصهيونية الحقيقيين (هرتزل .. ونوردان.. ونور سلك) وغيرهم كانوا ملاحدة يكرهون اليهود ويمقتون اليهودية، هرتزل مثلاً لم يجد حاخاما واحداً يقبل أن يقيم مراسم زواجه، كما أنه لم يختن أولاده، وكان يأكل لحم الخنزير، ومات بمرض سري، واثنان من أولاه تنصرا.
أما نوردان: فكان متزوجا من مسيحية، بل كان ملحدا في زمانه، بل زعيم الإلحاد في الغرب، حتى الدولة اليهودية كانوا سيسمونها الدولة العبرية لأنهم يمقتون اليهودية، وكان المستوطنون الصهاينة في أهم يوم ديني مقدس عند اليهود وهو "يوم الغفران" الذي تمنع فيه الحركة يتعمدون أن يذهبوا أمام حائط المبكي يرقصون ويأكلون سندوتشات لحم الخنزير لكي يثبتوا أنهم لا علاقة لهم باليهودية.
أما مصادر الصهيونية فهي نفس مصادر الفكر العلماني، وجوهر الفكر العلماني هو النفعية المادية، كما أن العلمانية تعني نزع القداسة عن العالم وتحويله إلى مادة استعمالية حيث ينظرون إلى المسألة هل هي نافعة أم ضارة؟. والمشروع الاستعماري الغربي هو أيضا مشروع لتحويل العالم إلى مادة استعمالية، ولذلك فإن العلمانية والإمبريالية متلازمتان. والصهيونية تدعي أنها ستحل المسألة اليهودية على الطريقة الليبرالية، فإذا كان اليهود مصدر ضرر للشعوب الأوروبية باعتبارهم "طفيليين" غير منتجين ومنحلين، فإن الإمبريالية الغربية قالت بضرورة نقلهم إلى فلسطين حتى يتحولوا إلى عناصر نافعة أي يتحولوا إلى مستوطنين لحماية المصالح الغربية، كما أن الفكر الغربي ينظر إلى العرب على أنهم عناصر غير نافعة يجب القضاء عليهم.
هذه هي تركيبة الإنسان الغربي الذي إذا كبر والداه وأصبحا غير منتجين أودعهما بيوت المسنين. فمفهوم المنفعة المادية إذن هو مفهوم أساسي في الفكر الغربي، أما الموقف الإسلامي [ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق..] فغير موجود في الفكر العلماني الذي لا يؤمن بمطلقات، وبالتالي فلا بد من الوصول إلى أرضية ثابتة أخرى وهي "المنفعة المادية". وتم حل المسألة اليهودية في هذا الإطار، وأصبح اليهود جزءً من الحضارة الغربية عن طريق التشكيل الاستعماري الغربي بعد أن فشلوا في أن يصبحوا جزءً من التشكيل القومي الغربي، يعني أن أبواب أوروبا موصدة أمام اليهود، لكن تفتح لهم إن نقلوا خارجها، وهذا هو ما فعلوه وما يفعلونه مع العناصر الضارة الأخرى مثل المجرمين وغير المتكيفين اجتماعيا، والعناصر التي لم تحصل على عمل.
وهكذا فإن التجربة الصهيونية بهذا المعنى جزء من منظومة علمانية مادية متكاملة، أما إذا كانت بعد ذلك قد اكتسبت ديباجات يهودية فهذه مسألة معروفة، فالخطاب العلماني غير قادر على تجنيد الناس، وبالتالي فلا يجدوا إلا الخطاب الديني فبدلاً من أن يقولوا: هيا بنا إلى فلسطين كي نحسن مستوى المعيشة، وكي نخدم أوروبا، ونضمن بقاءنا وأمتنا يقولون: هيا بنا إلى أرض الميعاد وهم يعلمون أن أرض الميعاد تعني 10 مليار دولار سنويا من أمريكا، والدليل على ذلك أنه بمجرد هبوط وانخفاض مستوى المعيشة في أرض الميعاد فإنهم يهاجرون إلى أرض الميعاد الأمريكية الحقيقية.