حازم
05-30-2007, 01:18 AM
بقلم د محمد عباس
خالد منتصر من أبغض خلق الله إلى قلبي.. كيان محشو بالازدراء لدينه و قومه و أهله ووطنه.. مسدس منزوع الأمان متحفز للانطلاق في أي وقت على كل ما يتخيل أنه يمت للدين بصلة.. ولقد توهم في الفترة الماضية أن ثمة رابطا لا خلاف عليه بين الطب الشعبي العربي – ما يطلق عليه البعض الطب النبوي- وبين الدين نفسه.. ولأن غزوة "وليمة لأعشاب البحر" قد أرتهم رأس الذئب الطائر فإنهم لم يعودوا يجرءون على المجاهرة بما تكنه صدورهم.. وهو أكبر.. ولقد تجاهلوا رأي الشيخ العلامة يوسف القرضاوي الذي ينكر مصطلح الطب النبوي كله.. قائلا أنه سبحانه وتعالى قد أرسل النبي عليه أفضل الصلاة والتسليم مبشرا ونذيرا ولم يبعثه أستاذا لعلم العقاقير في إحدى كليات الصيدلة.. ولست أنكر أنني قريب جدا من رأيه ذلك..
عن نفسي فإنني أتعامل مع كل شيء في حياتي تعامل علماء الحديث مع الأحاديث النبوية بداية من التدقيق والجرح والتعديل أو تعامل السلفيين مع النصوص الدينية والتاريخية.. و أرى أن المسلمين سبقوا العالم بالتدقيق والإسناد ثم بالتجريب. كما أنني أتعامل مع الدين والعلم والطب والحياة نفسها بذلك المنهج.. و أرفض كثيرا جدا مما يقال عن الطب البديل و أرى أن معظم المطروح منه دجل.. لكنني أقبل على الفور ما يثبت بالأبحاث والتجارب .. فذلك هو المنهج العلمي التجريبي..
كما أن شعاري الذي لم أحد عنه أبدا هو مقولة سيدنا أبي بكر الصديق:
- إن كان قد قالها فقد صدق..
- ولعن الله التزيد ومداهنة العامة بدلا من قيادتهم..
ولست أنقم على من يقحم نفسه في هذا الأمر إلا استعانته بالأحاديث الموضوعة أو الضعيفة أو التعسف في تأويلها..
ولو أن خالد منتصر كان يرفض الطب البديل كله لما أدنته .. لكنه على استعداد للتغاضي عن الطب البديل في كل الدنيا إلا إذا كان منسوبا إلى العرب.
لم يتكلم أبدا – على سبيل المثال- عن عشرات العقاقير المستوردة الغالية جدا والمستخلصة مباشرة من الأعشاب ( والشائعة في الدول الغربية خاصة ألمانيا) و أذكر منها على سبيل المثال:
Zelmac.
Orthofalk.
Renofalk
وعشرات غيرها أثبتت تأثيرها بالتجارب العلمية الدقيقة على أعلى مستوى عالمي و أصبحت علاجات جوهرية ضمن منظومة العقاقير الغربية.
كما أنه لم يتكلم أبدا عن الإبر الصينية التي أصبحت علاجا معتمدا في العالم كله ومنه أمريكا و أوروبا.. ولو أن الله ابتلاهم في الصين بفكر مشوه حاقد مغرض منحرف كفكر الدكتور خالد منتصر لوُئد العلاج بالإبر الصينية في مهده ولأحبطت كل محاولات تطويره.. ( في البداية.. كنت واحدا من الذين يرفضون العلاج بالإبر الصينية ما دمت لا أفهم الأساس العلمي لها .. لكنني عام 1969 وكنت طبيب امتياز بالقصر العيني رأيت عمليات جراحية كبرى تجري تحت تأثير الإبر الصينية بدون أي تخدير.).. ولقد لفت ذلك نظري إلى منهج علمي صارم كنت أفهمه على نحو خاطيء.. كنت أظن أن الطب باعتباره علما تطبيقيا فإن درجة اليقين النظري فيه عالية جدا ودرجة الشك ضئيلة.. لكن ما أدركته بعد ذلك هو أن الطب أحد العلوم التجريبية.. مما يعني أنه ليس لدينا فيه يقين ولا نظريات فلسفية أو معادلات رياضية تربط ما بين الداء والدواء والشفاء..نعم.. ليست هناك معادلة تفسر لنا – أو تكشف – أن هذا الدواء سيعالج هذا الداء.. ليس الأمر كذلك أبدا..بل إن كثيرا من العقاقير تكتشف بالصدفة .. كما أن مجموعات من المرضي والأصحاء تتعاطي الدواء – أو الجراحات- بطريقة منهجية معينة.. ودون رأي مسبق.. ثم تقودنا النتائج وليست الأفكار ولا الهوى إلى الاستنتاجات النهائية.. الأمر كله – نعم: كله- خاضع للتجربة والإحصائيات التي تختلف من بحث لبحث ومن مدرسة لمدرسة بل وتتناقض أحيانا وهذا سر اختلاف المدارس الطبية المختلفة. ومن الناحية الأخرى فإن الدواء نفسه يتباين تأثيره من مريض لمريض. وعندما يصف الطبيب دواء لمريض – أو يقرر إجراء عملية جراحية له- فإن ذلك لا يعني أن هذا هو الطريق إلى الشفاء بنسبة 100% أو 90 أو حتى 50% بل يعني أن هذا المريض يحتمل أن يشفي بعد إجراء هذه العملية أو تعاطي هذا الدواء. لكن من الناحية الأخرى يمكن أن يموت هذا المريض. والعامل المحدد هنا هو الإحصائيات.. كم يموتون وكن يتم شفاؤهم.. رغم أنه بالنسبة لأي مريض منفرد فإن الإحصائية لا تهمه بصورة شخصية.. فبالنسبة للمريض فإن احتمال الشفاء 50% واحتمال الموت 50%.. الإحصائيات تفيد على مستوى المجتمع لا الفرد ( بالمناسبة هذا ليس اجتهادا في الرأي مني لكنه يتبع علم الإحصاء وهو فرع من الرياضة التي كانت فرعا للفلسفة ثم فصلها عته برتراند راسل فيما أذكر).
إنني أعرف أن هذا الحديث سيصيب قارئه بانزعاج شديد.. فالقارئ يتخيل أن طبيبه على يقين.. وهذا ليس صحيحا.. إنما يغلب على ظن الطبيب تشخيص على آخر.. والشفاء وارد والمضاعفات واردة – لا أعنى المضاعفات بسبب الجهل والإهمال و إنما أعني المضاعفات الكامنة في العلم الطبي الحاذق الحريص نفسه .. وإلا لكف الناس في الغرب عن الموت- والموت أيضا وارد.
يصاب خالد منتصر بما يشبه الجنون عندما يسمع عن الحجامة مثلا.. مع أنه من المؤكد أن ضحايا الحساسية من النوفالجين والبنسلين آلاف أضعاف ضحايا الحجامة. ولكنه لا يواجهنا بالمنهج التجريبي الذي طالما صدعنا به.. لكنه يتحدث بمنهج ثرثرة العجائز على المقاهي: سمعت ورأيت وقيل لي.. دون أي منهج علمي.. والغريب أنه يفترض أن رأي سيادته جدير بالاستغناء عن كل آليات العلم التجريبي.. فيكفي أن هذا رأيه.. ويكفي أن سيادته يزدري هذا الرأي كي نزدريه معه دون حجة أو دليل.. كما أنه يمارس ذلك بعنجهية لعله يتفوق بها على الشيطان نفسه.
لو توفر جو علمي صحيح أتاح للتجريب أن يجرى بالضوابط العلمية الصارمة لاستطعنا الاستفادة السلبية أو الإيجابية بتراثنا العربي – ولا أقول الإسلامي أو النبوي – في الطب.
وهناك نقطة أخرى أريد أن أقولها.. هو أنه لو شرف عصرنا بالرسول عليه الصلاة والسلام لكانت أكبر مستشفى في العالم في المدينة المنورة ولكانت أكبر قاعدة نووية في العالم في مكة ولكانت في أيدينا صوارخ التوماهوك والكروزو نرهب بها عدو الله وعدونا ولكانت أكبر قاعدة علمية في العالم في ضاحية من ضواحي الطائف ولكان الأسطول الإسلامي يمخر عباب البحر في خليج الخنازير.. كي يردع الخنازير!!.
ما أريد أن أقوله أن خالد منتصر يلجأ إلى نوع من التسطيح الحاقد المغرض الكريه.. و أن منهجه ليس علميا على الإطلاق.. بل إنه يلغي التجريب كله لكي يعود بنا إلى عهود الجهل الأوروبي حيث كان الكاهن أو الحاخام – أو خالد منتصر- يحددون القاعدة العلمية الواجب اتباعها وعلى العلماء البرهنة على صحتها.
كنت أود أن يقول خالد منتصر أن عمليات الحجامة قد أجريت في عشر مراكز طبية.. ويتراوح عدد المرضى في كل مركز على عدد يتراوح بين الألف والخمسة آلاف.. ثم يتحدث لنا عن طريقة اختيار المرضى.. وعن نوعية الآلات المستخدمة وطريقة الحجامة ووفتها و أعمار الذين أجريت لهم والنسبة بين النساء والرجال وبين الكبار والصغار والفئات العمرية المختلفة.. كان لا بد أن يذكر ذلك كله بحيادية كاملة ثم تذكر النتائج ثم نصل إلى استخلاص العبرة النهائية من كل هذا وهل يجب اعتماد الحجامة أم يجب رفضها..
لو فعل خالد منتصر ذلك لاحترمت رأيه حتى لو اختلفنا.. فهو يكون قد اتبع منهجا علميا على أي حال- والكلام في المنهج طويل جدا لكن المجال الآن ليس مجاله).. ولكان يمكن أن نخلص إلى نتائج محددة.. لكنه لم يفعل ذلك.. بل رفض وهاجم وصاح بطريقة سوقية مبتذلة وكأن رأيه رأي أرسطو أو رأي الكاهن أو الحاخام الذي يجب على العلماء أن يأتوا بعده ليثبتوا ما يقول ولو بلي أعناق الحقائق. والمؤكد أن سيادته سينال مكافأته على الفور.. ليس بسبب المنهج العلمي الذي تجاوزه وافترى عليه.. بل بسبب السوقية والابتذال والتسطيح والحقد ولي أعناق الحقائق.. وصولا للنيل من الإسلام.. تحت دعم السلطة و أمن الدولة!..
لو أن خالد منتصر يحارب الخرافة باسم الدين لكنت أول من يشجعه.. لكنه يحارب الدين نفسه محاولا أن يصمه بالخرافة..
ثم أنني لم أسمع أبدا أنه يهاجم الطب الشعبي الصيني.. أو الهندي أو اليهودي والأخير بالذات ملئ بالخرافات المضحكة..
لا أريد أن أذكر الإيجابيات وما ثبت عالميا بالأبحاث على عسل النحل أو حبة البركة مثلا .. إنني لا أتحدث عن التفاصيل.. ولكنني أتحدث عن المنهج.. بل إنني أظن أنه لو جاء غدا من يقول أن الفراعنة هم أول من اكتشف الحجامة لانبرى خالد منتصر على الفور للتغزل فيها وللإشادة بعبقرية المصريين القدماء وبصلاحيتها للاستعمال حتى الآن..
نعم.. لنواجه الحقيقة.. فالرجل لا يواجه هذه الممارسة أو تلك.. إنه ضد ما يظن أنه خلف الممارسة..
ولذلك.. لم تهتز له شعرة عندما طيرت وكالات الأنباء أن ثلثي الدواء الذي تطرحه الشركات الغربية في أفريقيا و آسيا دواء مغشوش..
هذا أمر لا يهمه.. ولا يستعديه للهجوم على شركات الدواء العملاقة تلك..
لم يهتز ضميره المبرمج أيضا إزاء فضيحة هائلة وجريمة مقيتة يرتكبها أصدقاؤه من الأطباء الليبراليين الذين يستعملون المرضى المصريين – وشعوب العالم الثالث- كحيوانات تجارب يجربون عليهم أدوية تنتجها الشركات الغربية ولم يصرح باستعمالها في الغرب..
لا يهتز ضميره إلا عندما توجد شبهة احتمال ارتباط بالإسلام..
نعم..
ضميره مبرمج..
ولهذا.. ولهذا فقط تفتح له الأبواب ..
خالد منتصر من أبغض خلق الله إلى قلبي.. كيان محشو بالازدراء لدينه و قومه و أهله ووطنه.. مسدس منزوع الأمان متحفز للانطلاق في أي وقت على كل ما يتخيل أنه يمت للدين بصلة.. ولقد توهم في الفترة الماضية أن ثمة رابطا لا خلاف عليه بين الطب الشعبي العربي – ما يطلق عليه البعض الطب النبوي- وبين الدين نفسه.. ولأن غزوة "وليمة لأعشاب البحر" قد أرتهم رأس الذئب الطائر فإنهم لم يعودوا يجرءون على المجاهرة بما تكنه صدورهم.. وهو أكبر.. ولقد تجاهلوا رأي الشيخ العلامة يوسف القرضاوي الذي ينكر مصطلح الطب النبوي كله.. قائلا أنه سبحانه وتعالى قد أرسل النبي عليه أفضل الصلاة والتسليم مبشرا ونذيرا ولم يبعثه أستاذا لعلم العقاقير في إحدى كليات الصيدلة.. ولست أنكر أنني قريب جدا من رأيه ذلك..
عن نفسي فإنني أتعامل مع كل شيء في حياتي تعامل علماء الحديث مع الأحاديث النبوية بداية من التدقيق والجرح والتعديل أو تعامل السلفيين مع النصوص الدينية والتاريخية.. و أرى أن المسلمين سبقوا العالم بالتدقيق والإسناد ثم بالتجريب. كما أنني أتعامل مع الدين والعلم والطب والحياة نفسها بذلك المنهج.. و أرفض كثيرا جدا مما يقال عن الطب البديل و أرى أن معظم المطروح منه دجل.. لكنني أقبل على الفور ما يثبت بالأبحاث والتجارب .. فذلك هو المنهج العلمي التجريبي..
كما أن شعاري الذي لم أحد عنه أبدا هو مقولة سيدنا أبي بكر الصديق:
- إن كان قد قالها فقد صدق..
- ولعن الله التزيد ومداهنة العامة بدلا من قيادتهم..
ولست أنقم على من يقحم نفسه في هذا الأمر إلا استعانته بالأحاديث الموضوعة أو الضعيفة أو التعسف في تأويلها..
ولو أن خالد منتصر كان يرفض الطب البديل كله لما أدنته .. لكنه على استعداد للتغاضي عن الطب البديل في كل الدنيا إلا إذا كان منسوبا إلى العرب.
لم يتكلم أبدا – على سبيل المثال- عن عشرات العقاقير المستوردة الغالية جدا والمستخلصة مباشرة من الأعشاب ( والشائعة في الدول الغربية خاصة ألمانيا) و أذكر منها على سبيل المثال:
Zelmac.
Orthofalk.
Renofalk
وعشرات غيرها أثبتت تأثيرها بالتجارب العلمية الدقيقة على أعلى مستوى عالمي و أصبحت علاجات جوهرية ضمن منظومة العقاقير الغربية.
كما أنه لم يتكلم أبدا عن الإبر الصينية التي أصبحت علاجا معتمدا في العالم كله ومنه أمريكا و أوروبا.. ولو أن الله ابتلاهم في الصين بفكر مشوه حاقد مغرض منحرف كفكر الدكتور خالد منتصر لوُئد العلاج بالإبر الصينية في مهده ولأحبطت كل محاولات تطويره.. ( في البداية.. كنت واحدا من الذين يرفضون العلاج بالإبر الصينية ما دمت لا أفهم الأساس العلمي لها .. لكنني عام 1969 وكنت طبيب امتياز بالقصر العيني رأيت عمليات جراحية كبرى تجري تحت تأثير الإبر الصينية بدون أي تخدير.).. ولقد لفت ذلك نظري إلى منهج علمي صارم كنت أفهمه على نحو خاطيء.. كنت أظن أن الطب باعتباره علما تطبيقيا فإن درجة اليقين النظري فيه عالية جدا ودرجة الشك ضئيلة.. لكن ما أدركته بعد ذلك هو أن الطب أحد العلوم التجريبية.. مما يعني أنه ليس لدينا فيه يقين ولا نظريات فلسفية أو معادلات رياضية تربط ما بين الداء والدواء والشفاء..نعم.. ليست هناك معادلة تفسر لنا – أو تكشف – أن هذا الدواء سيعالج هذا الداء.. ليس الأمر كذلك أبدا..بل إن كثيرا من العقاقير تكتشف بالصدفة .. كما أن مجموعات من المرضي والأصحاء تتعاطي الدواء – أو الجراحات- بطريقة منهجية معينة.. ودون رأي مسبق.. ثم تقودنا النتائج وليست الأفكار ولا الهوى إلى الاستنتاجات النهائية.. الأمر كله – نعم: كله- خاضع للتجربة والإحصائيات التي تختلف من بحث لبحث ومن مدرسة لمدرسة بل وتتناقض أحيانا وهذا سر اختلاف المدارس الطبية المختلفة. ومن الناحية الأخرى فإن الدواء نفسه يتباين تأثيره من مريض لمريض. وعندما يصف الطبيب دواء لمريض – أو يقرر إجراء عملية جراحية له- فإن ذلك لا يعني أن هذا هو الطريق إلى الشفاء بنسبة 100% أو 90 أو حتى 50% بل يعني أن هذا المريض يحتمل أن يشفي بعد إجراء هذه العملية أو تعاطي هذا الدواء. لكن من الناحية الأخرى يمكن أن يموت هذا المريض. والعامل المحدد هنا هو الإحصائيات.. كم يموتون وكن يتم شفاؤهم.. رغم أنه بالنسبة لأي مريض منفرد فإن الإحصائية لا تهمه بصورة شخصية.. فبالنسبة للمريض فإن احتمال الشفاء 50% واحتمال الموت 50%.. الإحصائيات تفيد على مستوى المجتمع لا الفرد ( بالمناسبة هذا ليس اجتهادا في الرأي مني لكنه يتبع علم الإحصاء وهو فرع من الرياضة التي كانت فرعا للفلسفة ثم فصلها عته برتراند راسل فيما أذكر).
إنني أعرف أن هذا الحديث سيصيب قارئه بانزعاج شديد.. فالقارئ يتخيل أن طبيبه على يقين.. وهذا ليس صحيحا.. إنما يغلب على ظن الطبيب تشخيص على آخر.. والشفاء وارد والمضاعفات واردة – لا أعنى المضاعفات بسبب الجهل والإهمال و إنما أعني المضاعفات الكامنة في العلم الطبي الحاذق الحريص نفسه .. وإلا لكف الناس في الغرب عن الموت- والموت أيضا وارد.
يصاب خالد منتصر بما يشبه الجنون عندما يسمع عن الحجامة مثلا.. مع أنه من المؤكد أن ضحايا الحساسية من النوفالجين والبنسلين آلاف أضعاف ضحايا الحجامة. ولكنه لا يواجهنا بالمنهج التجريبي الذي طالما صدعنا به.. لكنه يتحدث بمنهج ثرثرة العجائز على المقاهي: سمعت ورأيت وقيل لي.. دون أي منهج علمي.. والغريب أنه يفترض أن رأي سيادته جدير بالاستغناء عن كل آليات العلم التجريبي.. فيكفي أن هذا رأيه.. ويكفي أن سيادته يزدري هذا الرأي كي نزدريه معه دون حجة أو دليل.. كما أنه يمارس ذلك بعنجهية لعله يتفوق بها على الشيطان نفسه.
لو توفر جو علمي صحيح أتاح للتجريب أن يجرى بالضوابط العلمية الصارمة لاستطعنا الاستفادة السلبية أو الإيجابية بتراثنا العربي – ولا أقول الإسلامي أو النبوي – في الطب.
وهناك نقطة أخرى أريد أن أقولها.. هو أنه لو شرف عصرنا بالرسول عليه الصلاة والسلام لكانت أكبر مستشفى في العالم في المدينة المنورة ولكانت أكبر قاعدة نووية في العالم في مكة ولكانت في أيدينا صوارخ التوماهوك والكروزو نرهب بها عدو الله وعدونا ولكانت أكبر قاعدة علمية في العالم في ضاحية من ضواحي الطائف ولكان الأسطول الإسلامي يمخر عباب البحر في خليج الخنازير.. كي يردع الخنازير!!.
ما أريد أن أقوله أن خالد منتصر يلجأ إلى نوع من التسطيح الحاقد المغرض الكريه.. و أن منهجه ليس علميا على الإطلاق.. بل إنه يلغي التجريب كله لكي يعود بنا إلى عهود الجهل الأوروبي حيث كان الكاهن أو الحاخام – أو خالد منتصر- يحددون القاعدة العلمية الواجب اتباعها وعلى العلماء البرهنة على صحتها.
كنت أود أن يقول خالد منتصر أن عمليات الحجامة قد أجريت في عشر مراكز طبية.. ويتراوح عدد المرضى في كل مركز على عدد يتراوح بين الألف والخمسة آلاف.. ثم يتحدث لنا عن طريقة اختيار المرضى.. وعن نوعية الآلات المستخدمة وطريقة الحجامة ووفتها و أعمار الذين أجريت لهم والنسبة بين النساء والرجال وبين الكبار والصغار والفئات العمرية المختلفة.. كان لا بد أن يذكر ذلك كله بحيادية كاملة ثم تذكر النتائج ثم نصل إلى استخلاص العبرة النهائية من كل هذا وهل يجب اعتماد الحجامة أم يجب رفضها..
لو فعل خالد منتصر ذلك لاحترمت رأيه حتى لو اختلفنا.. فهو يكون قد اتبع منهجا علميا على أي حال- والكلام في المنهج طويل جدا لكن المجال الآن ليس مجاله).. ولكان يمكن أن نخلص إلى نتائج محددة.. لكنه لم يفعل ذلك.. بل رفض وهاجم وصاح بطريقة سوقية مبتذلة وكأن رأيه رأي أرسطو أو رأي الكاهن أو الحاخام الذي يجب على العلماء أن يأتوا بعده ليثبتوا ما يقول ولو بلي أعناق الحقائق. والمؤكد أن سيادته سينال مكافأته على الفور.. ليس بسبب المنهج العلمي الذي تجاوزه وافترى عليه.. بل بسبب السوقية والابتذال والتسطيح والحقد ولي أعناق الحقائق.. وصولا للنيل من الإسلام.. تحت دعم السلطة و أمن الدولة!..
لو أن خالد منتصر يحارب الخرافة باسم الدين لكنت أول من يشجعه.. لكنه يحارب الدين نفسه محاولا أن يصمه بالخرافة..
ثم أنني لم أسمع أبدا أنه يهاجم الطب الشعبي الصيني.. أو الهندي أو اليهودي والأخير بالذات ملئ بالخرافات المضحكة..
لا أريد أن أذكر الإيجابيات وما ثبت عالميا بالأبحاث على عسل النحل أو حبة البركة مثلا .. إنني لا أتحدث عن التفاصيل.. ولكنني أتحدث عن المنهج.. بل إنني أظن أنه لو جاء غدا من يقول أن الفراعنة هم أول من اكتشف الحجامة لانبرى خالد منتصر على الفور للتغزل فيها وللإشادة بعبقرية المصريين القدماء وبصلاحيتها للاستعمال حتى الآن..
نعم.. لنواجه الحقيقة.. فالرجل لا يواجه هذه الممارسة أو تلك.. إنه ضد ما يظن أنه خلف الممارسة..
ولذلك.. لم تهتز له شعرة عندما طيرت وكالات الأنباء أن ثلثي الدواء الذي تطرحه الشركات الغربية في أفريقيا و آسيا دواء مغشوش..
هذا أمر لا يهمه.. ولا يستعديه للهجوم على شركات الدواء العملاقة تلك..
لم يهتز ضميره المبرمج أيضا إزاء فضيحة هائلة وجريمة مقيتة يرتكبها أصدقاؤه من الأطباء الليبراليين الذين يستعملون المرضى المصريين – وشعوب العالم الثالث- كحيوانات تجارب يجربون عليهم أدوية تنتجها الشركات الغربية ولم يصرح باستعمالها في الغرب..
لا يهتز ضميره إلا عندما توجد شبهة احتمال ارتباط بالإسلام..
نعم..
ضميره مبرمج..
ولهذا.. ولهذا فقط تفتح له الأبواب ..