ومضة
02-01-2005, 01:00 PM
http://www.arundelhigh.org/media/maze.jpg
هذه هي مشكلة الزميل القلم الحر بالضبط ، لقد نظر إلى معضلته الشهيرة ( إثبات نبوة محمد عليه الصلاة والسلام ) بسطحية وجزئية ، ولو تفكر في أمر النبوة بشمولية وتكامل لم يملك إلا أن يوقن بأنه صلى الله عليه وسلم ما كان له ليأتي بالقرآن من بنيات أفكاره ، وحتى لا يكون كلامي مجرد تجديف أو إنشاء أحب من الزميل القلم الحر – هداه الله للحق – أن يجلس في غرفة رائق البال ( ولا مانع من كوب الشاي!! ;)) ثم يتأمل في أطروحتي هذه .
وقبل الشروع في الكلام أود لفت الانتباه إلى أنني أريد من زميلنا المحترم أن يضع في عين اعتباره (الاحتمالية ) دائما في كل ما تعتريه من شبه وشكوك ، إذ يظل دائما احتمال صدق نبوة محمد عليه الصلاة والسلام أمرا قائما لا يمكن نفي احتماليته ( غير مستحيل عقلا ) ، وإن كان الهدف مما أطرحه زيادة نسبة هذا الاحتمال حتى يصل إلى درجة اليقين بإذن الله.
وأشرع مستعينا بالله وقوته فأقول :
نحن نتكلم هنا عن رجل عاش قبل 1400 سنة ، في بيئة صحراوية قاحلة افتقرت إلى كثير من مقومات التطور التكنلوجي أو العلمي - كما هو في حاضرنا – وهذا الرجل لا يعرف القراءة ولا الكتابة ، وبعد استحضار هذه الأمور انظر إلى النقاط التي سأقدمها لك ( وسأجعلها كنقاط لتسهيل الأمور ) :
1- هذا الرجل اشتهر عنه شدة عبادته ، وتكفيك إطلالة سريعة على نصوص الوحيين لتعلم أنه كان أكثر الناس عبادة لربه ، وما من أحد قادر على عمل ( كل ) ما كان يعمله من عبادات متنوعة ( وذلك يشمل بالطبع الفرائض والمسنونات وغيرها ) .
2- هذا الرجل تحمل أعباء دعوة غيره إلى الديانة التي يؤمن بها ، وانشغل بتعليم أصحابه ، أضف إلى ذلك تحمل أعباء دولة كاملة وإدارتها – وما يشمله ذلك من تخطيط وترتيب وإصدار قوانين لوحده ، والفصل بين القضايا - ، هذا غير واجباته تجاه أسرته ، فاستحضر شخصيته باعتباره عابدا مربيا مرشدا مسؤول عن الأمة التي يدعوها .
3- وأضف إلى ذلك ما يزعمه اللادينيون من انشغاله بتأليف لكتاب بالغ الأعجاز اللغوي ، وفي قمة البلاغة وعدم التناقض .
4- وليس ذلك فحسب ، بل انطوت تعاليمه على حقائق علمية متنوعة في مجالات عدة :
ففي مجال الطب : تجده يتكلم في الحقائق التالية :
• حالة الصدر في الطبقات العليا : وهي المذكورة في قوله تعالى : ((فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء )) – وهذا لا يمكن أن يكون معلوما عنده بالتجربة ، لأن هذا الضيق المذكور لا يكون إلا بعد العشرة آلاف قدم - .
• التنبيه على عظم خلق بصمة الشخص في قوله تعالى : ((أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه ، بلى قادرين على أن نسوي بنانه )) والاستدلال ظاهر هنا ، فإنه أثبت سهولة إرجاع الخلق بقدرته الإعجازية الموجودة في الإبهام ، وهذه القدرة أثبتت في نهاية القرن التاسع عشر بعدم وجود تشابه بين إبهامين حسب ما ذكره الدكتور جالتون
• خلق الجنين في أطوار ، وتحديد هذه الأطوار بدقة متناهية ( كما وكيفا ) وهذه أوضح من التفصيل فيها ، ومثلك مسلم سابق قد سبق اطلاعه على تلك النصوص
• التنبيه على أن مراكز الإحساس بالألم موجودة في الجلد ، وذلك في آية : ((إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب))
• التنبيه على أن مصدر القرار في المخ هو الجزء الأمامي ، وهذا في قوله تعالى : ((كلا لئن لم ينته لنسفعا بالناصية ، ناصية كاذبة خاطئة ))
وفي مجال الطب الوقائي:
• التنبيه إلى حمل الذبابة في إحدى جناحيها للجراثيم ، ومعرفة أنها عندما تسقط فإنها تسقط على هذا الجناح بالذات ، والتنبيه على أن المصل الواقي المضاد في الجناح الثاني
• الأمر بغسل الإناء الذي يلغ فيه الكلب سبع مرات ، وتخصيصه للتراب دون غيره
• استخدام الحجر الصحي ، في حديث : ((إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوها وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها)) ولجزء الثاني من الحديث هو الذي يدعوا إلى الدهشة حقا!!
وفي مجال الجيولوجيا :
# قوله تعالى : (( والجبال أوتادا )) ومعلوم أن الوتد يكون الجزء الأكبر منه في الأرض
# قوله تعالى : ((وجعل لها رواسي وجعل بين البحرين حاجزا )) ، قال العالم دايفس : "لقد اكتشفت الدراسات الحديثة أن البحار رغم أنها تبدو متجانسة إلا أن هناك فروقات كبيرة بين كتلها المائية وفي المناطق التي يلتقي فيها بحرين مختلفين يوجد حاجز بينهما. هذا الحاجز يفصل البحرين بحيث أن كل بحر له حرارته وملوحته وكثافته الخاصة به". <أسس علم البحار، دايفس. صفحة 92-93> ، ضع في عين اعتبارك أنه لم يزر البحر قط .
# كون جزيرة العرب كانت مروجا وأنهارا ، وهو حديث : ((لا تقوم الساعة حتى تعود أرض العرب مروجا وأنهارا )) . يقول القائل : عدت إلى الوطن ، فهذا يدل على أنه كان في الوطن من قبل .
وقد استغرب الجيولوجي الألماني "كرونر" (Kroner) عندما عُرِضت عليه ترجمة هذا الحديث النبوي الشريف "لا تقوم الساعة حتى تعود بلاد العرب مروجاً وأنهاراً" وأنها ستعود كما كانت؟ فأجاب الدكتور كرونر: إن هذا لا يمكن أن يصدر إلا بوحي" كما قال تعالى : {وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ} [النمل: 6] وقوله أيضاً: {لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} .
وفي مجال علم الفلك :
# التوصل إلى نظرية اتساع الكون ، وهي المذكورة في قوله تعالى : ((والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون ))
# معرفة أن الشمس لا تخسف لموت أحد ولا لحياته....
وبعد هذا الاستعراض السريع لبعض تلك الحقائق ، حق لنا أن نتساءل : هل هو بذاته مكتشف هذه الأشياء ؟
الجواب قطعا : لا ، لعدم توافر الأدوات المساعدة على ذلك ، مع عمق النتائج التي توصل إليها .
فهل علمه غيره من الأطباء والجيولوجيين وغيرهم لهذه العلوم ؟ الجواب كلا ، وذلك لعدة اعتبارات :
1- كل من له اطلاع على تلك الحقبة يعلم يقينا ما توصل إليه علماء الطبيعة كلهم من علوم ، الأمر الذي يؤكد عدم وجود من علم هذه الحقائق غيره .
2- لم يثبت للنبي صلى الله عليه وسلم أنه التقى بأحد منهم ، وإلا لتوافرت الدواعي من أهل قريش وغيرهم على ذكر ذلك ، ولا يعقل تواطؤهم على ذلك مع توافر الداعي لنقض رسالته بأي طريقة كانت .
3- ثم لماذا هذه الحماسة غير المبررة في اختصاصه بهذه العلوم دون غيره ، من غير أن يكون لهم مصلحة واضحة في ذلك ؟ وإن كان لهم مصلحة فهي مصلحة وقتية تنتهي بموته ، وبالتالي كان لمثل هذا الخبر أن يطفو على السطح ، شأنه شأن غيره من التفصيلات الدقيقة التي تناقلتها الألسنة عبر الأزمان – فضلا عن هذه المؤامرة الكبيرة في نظر اللادينيين - ، وعليه فلن يخفى مثل هذا الخبر أربعة عشر قرنا .
4- ومتى أُتيحت له الفرصة أصلا بلقاء هؤلاء ؟ خصوصا إذا أخذنا بعين الاعتبار نزول القرآن منجما على عدة مراحل .
5- وأخيرا : لو علم هؤلاء مثل هذه الاكتشافات لبادروا إلى نسبتها إلى أنفسهم باعتبارها كشفا علميا هائلا ، وأعود فأقول : يكفي للناظر في أحوال تلك الحقبة ( شرقيها وغربيها ) أن يعلم ضحالة ما وصلوا إليه من علوم ومعارف .
إذا فما النتيجة ؟ :
ثبوت أن مصدر هذه العلوم علويٌ سماوي ، وحيث أن مصدر هذه العلوم هو الوحي ، فقد ثبت اتصاله بالوحي قطعا ، فيقوى احتمال مصدرية القرآن إلى درجة اليقين ، وهذا هو المطلوب إثباته ولله الحمد .
فإذا بقيت شبهات معينة تجاه دعوته ، فعندك الوقت كله للبحث عن أجوبتها لكن مع الاعتماد على ثبوت سماوية رسالته عندك بالشكل القاطع ، بمعنى أن تبقى مسلما مع البحث عن الجواب عن تلك الشبهات. ولله الحمد أولا وآخرا
كتبه : ومضة .
هذه هي مشكلة الزميل القلم الحر بالضبط ، لقد نظر إلى معضلته الشهيرة ( إثبات نبوة محمد عليه الصلاة والسلام ) بسطحية وجزئية ، ولو تفكر في أمر النبوة بشمولية وتكامل لم يملك إلا أن يوقن بأنه صلى الله عليه وسلم ما كان له ليأتي بالقرآن من بنيات أفكاره ، وحتى لا يكون كلامي مجرد تجديف أو إنشاء أحب من الزميل القلم الحر – هداه الله للحق – أن يجلس في غرفة رائق البال ( ولا مانع من كوب الشاي!! ;)) ثم يتأمل في أطروحتي هذه .
وقبل الشروع في الكلام أود لفت الانتباه إلى أنني أريد من زميلنا المحترم أن يضع في عين اعتباره (الاحتمالية ) دائما في كل ما تعتريه من شبه وشكوك ، إذ يظل دائما احتمال صدق نبوة محمد عليه الصلاة والسلام أمرا قائما لا يمكن نفي احتماليته ( غير مستحيل عقلا ) ، وإن كان الهدف مما أطرحه زيادة نسبة هذا الاحتمال حتى يصل إلى درجة اليقين بإذن الله.
وأشرع مستعينا بالله وقوته فأقول :
نحن نتكلم هنا عن رجل عاش قبل 1400 سنة ، في بيئة صحراوية قاحلة افتقرت إلى كثير من مقومات التطور التكنلوجي أو العلمي - كما هو في حاضرنا – وهذا الرجل لا يعرف القراءة ولا الكتابة ، وبعد استحضار هذه الأمور انظر إلى النقاط التي سأقدمها لك ( وسأجعلها كنقاط لتسهيل الأمور ) :
1- هذا الرجل اشتهر عنه شدة عبادته ، وتكفيك إطلالة سريعة على نصوص الوحيين لتعلم أنه كان أكثر الناس عبادة لربه ، وما من أحد قادر على عمل ( كل ) ما كان يعمله من عبادات متنوعة ( وذلك يشمل بالطبع الفرائض والمسنونات وغيرها ) .
2- هذا الرجل تحمل أعباء دعوة غيره إلى الديانة التي يؤمن بها ، وانشغل بتعليم أصحابه ، أضف إلى ذلك تحمل أعباء دولة كاملة وإدارتها – وما يشمله ذلك من تخطيط وترتيب وإصدار قوانين لوحده ، والفصل بين القضايا - ، هذا غير واجباته تجاه أسرته ، فاستحضر شخصيته باعتباره عابدا مربيا مرشدا مسؤول عن الأمة التي يدعوها .
3- وأضف إلى ذلك ما يزعمه اللادينيون من انشغاله بتأليف لكتاب بالغ الأعجاز اللغوي ، وفي قمة البلاغة وعدم التناقض .
4- وليس ذلك فحسب ، بل انطوت تعاليمه على حقائق علمية متنوعة في مجالات عدة :
ففي مجال الطب : تجده يتكلم في الحقائق التالية :
• حالة الصدر في الطبقات العليا : وهي المذكورة في قوله تعالى : ((فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء )) – وهذا لا يمكن أن يكون معلوما عنده بالتجربة ، لأن هذا الضيق المذكور لا يكون إلا بعد العشرة آلاف قدم - .
• التنبيه على عظم خلق بصمة الشخص في قوله تعالى : ((أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه ، بلى قادرين على أن نسوي بنانه )) والاستدلال ظاهر هنا ، فإنه أثبت سهولة إرجاع الخلق بقدرته الإعجازية الموجودة في الإبهام ، وهذه القدرة أثبتت في نهاية القرن التاسع عشر بعدم وجود تشابه بين إبهامين حسب ما ذكره الدكتور جالتون
• خلق الجنين في أطوار ، وتحديد هذه الأطوار بدقة متناهية ( كما وكيفا ) وهذه أوضح من التفصيل فيها ، ومثلك مسلم سابق قد سبق اطلاعه على تلك النصوص
• التنبيه على أن مراكز الإحساس بالألم موجودة في الجلد ، وذلك في آية : ((إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب))
• التنبيه على أن مصدر القرار في المخ هو الجزء الأمامي ، وهذا في قوله تعالى : ((كلا لئن لم ينته لنسفعا بالناصية ، ناصية كاذبة خاطئة ))
وفي مجال الطب الوقائي:
• التنبيه إلى حمل الذبابة في إحدى جناحيها للجراثيم ، ومعرفة أنها عندما تسقط فإنها تسقط على هذا الجناح بالذات ، والتنبيه على أن المصل الواقي المضاد في الجناح الثاني
• الأمر بغسل الإناء الذي يلغ فيه الكلب سبع مرات ، وتخصيصه للتراب دون غيره
• استخدام الحجر الصحي ، في حديث : ((إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوها وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها)) ولجزء الثاني من الحديث هو الذي يدعوا إلى الدهشة حقا!!
وفي مجال الجيولوجيا :
# قوله تعالى : (( والجبال أوتادا )) ومعلوم أن الوتد يكون الجزء الأكبر منه في الأرض
# قوله تعالى : ((وجعل لها رواسي وجعل بين البحرين حاجزا )) ، قال العالم دايفس : "لقد اكتشفت الدراسات الحديثة أن البحار رغم أنها تبدو متجانسة إلا أن هناك فروقات كبيرة بين كتلها المائية وفي المناطق التي يلتقي فيها بحرين مختلفين يوجد حاجز بينهما. هذا الحاجز يفصل البحرين بحيث أن كل بحر له حرارته وملوحته وكثافته الخاصة به". <أسس علم البحار، دايفس. صفحة 92-93> ، ضع في عين اعتبارك أنه لم يزر البحر قط .
# كون جزيرة العرب كانت مروجا وأنهارا ، وهو حديث : ((لا تقوم الساعة حتى تعود أرض العرب مروجا وأنهارا )) . يقول القائل : عدت إلى الوطن ، فهذا يدل على أنه كان في الوطن من قبل .
وقد استغرب الجيولوجي الألماني "كرونر" (Kroner) عندما عُرِضت عليه ترجمة هذا الحديث النبوي الشريف "لا تقوم الساعة حتى تعود بلاد العرب مروجاً وأنهاراً" وأنها ستعود كما كانت؟ فأجاب الدكتور كرونر: إن هذا لا يمكن أن يصدر إلا بوحي" كما قال تعالى : {وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ} [النمل: 6] وقوله أيضاً: {لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} .
وفي مجال علم الفلك :
# التوصل إلى نظرية اتساع الكون ، وهي المذكورة في قوله تعالى : ((والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون ))
# معرفة أن الشمس لا تخسف لموت أحد ولا لحياته....
وبعد هذا الاستعراض السريع لبعض تلك الحقائق ، حق لنا أن نتساءل : هل هو بذاته مكتشف هذه الأشياء ؟
الجواب قطعا : لا ، لعدم توافر الأدوات المساعدة على ذلك ، مع عمق النتائج التي توصل إليها .
فهل علمه غيره من الأطباء والجيولوجيين وغيرهم لهذه العلوم ؟ الجواب كلا ، وذلك لعدة اعتبارات :
1- كل من له اطلاع على تلك الحقبة يعلم يقينا ما توصل إليه علماء الطبيعة كلهم من علوم ، الأمر الذي يؤكد عدم وجود من علم هذه الحقائق غيره .
2- لم يثبت للنبي صلى الله عليه وسلم أنه التقى بأحد منهم ، وإلا لتوافرت الدواعي من أهل قريش وغيرهم على ذكر ذلك ، ولا يعقل تواطؤهم على ذلك مع توافر الداعي لنقض رسالته بأي طريقة كانت .
3- ثم لماذا هذه الحماسة غير المبررة في اختصاصه بهذه العلوم دون غيره ، من غير أن يكون لهم مصلحة واضحة في ذلك ؟ وإن كان لهم مصلحة فهي مصلحة وقتية تنتهي بموته ، وبالتالي كان لمثل هذا الخبر أن يطفو على السطح ، شأنه شأن غيره من التفصيلات الدقيقة التي تناقلتها الألسنة عبر الأزمان – فضلا عن هذه المؤامرة الكبيرة في نظر اللادينيين - ، وعليه فلن يخفى مثل هذا الخبر أربعة عشر قرنا .
4- ومتى أُتيحت له الفرصة أصلا بلقاء هؤلاء ؟ خصوصا إذا أخذنا بعين الاعتبار نزول القرآن منجما على عدة مراحل .
5- وأخيرا : لو علم هؤلاء مثل هذه الاكتشافات لبادروا إلى نسبتها إلى أنفسهم باعتبارها كشفا علميا هائلا ، وأعود فأقول : يكفي للناظر في أحوال تلك الحقبة ( شرقيها وغربيها ) أن يعلم ضحالة ما وصلوا إليه من علوم ومعارف .
إذا فما النتيجة ؟ :
ثبوت أن مصدر هذه العلوم علويٌ سماوي ، وحيث أن مصدر هذه العلوم هو الوحي ، فقد ثبت اتصاله بالوحي قطعا ، فيقوى احتمال مصدرية القرآن إلى درجة اليقين ، وهذا هو المطلوب إثباته ولله الحمد .
فإذا بقيت شبهات معينة تجاه دعوته ، فعندك الوقت كله للبحث عن أجوبتها لكن مع الاعتماد على ثبوت سماوية رسالته عندك بالشكل القاطع ، بمعنى أن تبقى مسلما مع البحث عن الجواب عن تلك الشبهات. ولله الحمد أولا وآخرا
كتبه : ومضة .