المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سارتر .. الهيبز .. الخنافس .. أصحاب الفضيلة المظلومون!!!



elserdap
07-06-2007, 02:40 AM
زار سارتر مصر في نهاية السبعينات وألقى محاضرة بجامعة القاهرة وكانت ترافقه عشيقته وكان ساخرا حانقا تشاؤميا لأبعد حد يردد في صمت :- ( ما فائدة العمل في هذا الجسد الفاني المتحلل ) لا أدري هل كان ينطق بهذه الجملة فعلا أم لسان حاله هو الذي يقول ذلك وربما كان يقول أيضا كما في العهد القديم :- ( كل هَم الإنسان إلى بطنه يذهب )..
يُمثل سارتر الإستجابة الطبيعية للعجز عن فهم هدف الحياة .. فهي عَدَمي يمشي على الأرض .. هذه الإستجابة الإنهزامية التدميرية التي عزلته عن كل ركيزه تملأه ثقة أو تبعث في نفسه الإطمئنان حولته إلى شخص إنهزامي سلبي عدمي تافه يصدُق عليه قول القرآن الكريم :- (إنه لا ييأس من رَوح الله إلا القوم الكافرون .)
لم يكن الهيبز أو البيتلز بأمريكا أو البَانك بألمانيا أو ثورة الشباب سنة 1968 بفرنسا أو كل أشكال الحركات العبثية المُحتجه التي ظهرت في العقود الأخيرة إلا إمتدادا لتشاؤمية سارتر وعَدمية ألبير كامو ..
إن إخفاق الحضارة البين في سعيها لحل مشكلة السعادة الإنسانية كان الصدمة الكبيرة التي أقضت مضاجع الموثرين .. فبينما كانت العدمية والعبثية هما ثمرة أكثر البلاد تقدما بينما نجد أن أبناء المجتمع الفقير لا يعرفون مرادفات لكلمات مثل الإستياء أو القنوط
يقول بلانشارد الطبيب النفسي الشهير :- يحتاج معظم الشباب الغربي إلى الهرب من أنفسهم ليجربوا انواعا من الإثارة الرخيصة ( وقد تحولوا إلى شباب تافه يُحرّك ديناميكيا إلى عمله ) حياة آلية باردة كل شيء فيها حتى الإجازات وطُرق السعادة مُعَّدة مسبقا*
لا يوجد إلى اليوم تفسير إلحادي واحد للقاعدة التي تقول أن عدد حالات الإنتحار والأمراض النفسية يتناسب تناسبا طرديا مع مستوى الحضارة ...
أليس غريبا بل ومُدهشا أن نِصف الأَسِرة بالمستشفيات بأمريكا يشغلها المصابون بالأمراض النفسية .. أليس غريبا أن أكبر نسبة من عدد الأطباء النفسيين في العالم كله توجد بهوليوود .. أليس غريبا أن تنفرد السويد بالرقم القياسي في الإنتحار والإدمان وفي نفس الوقت بالرقم القياسي في الدخل القومي .. اليس غريبا أن أكبر جامعات أوربا جامعة كمبردج بها أكبر نسبة انتحار بين الشباب تفوق عشرة مرات عدد حالات الإنتحار في السن نفسه للشباب البريطاني .. ألم تكن هذه الإحصائيات مرعبة بالقدر الذي دعا روجر رويل مدير مركز هارفارد للبحوث إلى انشاء لجنة خاصة في مجلس الشيوخ الامريكي للبحث في تأثير التكنولوجيا على الإنسان والمجتمع ..
إن الإنسان لا يُصلحه أن يحيا بحواسه فقط .. هل فعلا وصل العلم إلى مرحلة القنوط في مواجهة الأمراض الإجتماعية ؟؟
إن الامر الذي لابد ان نعترف به جميعا هو أن الحضارة لا يُمكن تقويمها من داخلها لا يكون التقويم إلا من خارجها أعني إدخال لغة الثقافة على لغة الحضارة إدخال لغة الروح على لغة الجسد إدخال لغة السماء على لغة الأرض فمن وجهة نظر الحضارة لا يمكن أن تعود المدنية إلى الوراء وبالتالي الحل لا يكمن في تطوير الحضارة وإنما في ادخال عنصر مغاير لها عليها عنصر ليس مادي وإلا لزدنا الطين بلة
يتدخل العلم عنوة ببياناته عن وفرة السلع ومعدلات الإنتاج بالجملة وعن الطاقة والأبحاث المُبشرة بينما تشير الفنون بإنكسار وحسرة إلى الضياع الإنساني والبؤس الفكري والأخلاقي والخواء النفسي المُخيف .. كَتبت إحدى الفتيات الملحدات في أحد المنتديات اللادينية أنها تمارس ال.... شاذة مع نفسها كتبت هذا أمام الشباب ولم تكن حسرتي على فعلها الفاضح بقدر حسرتي على موت حيائها هذا الخراب الداخلي المُخيف لا ينذر بفساد أُسري فحسب بل بدمار مُؤَسسي كامل
كتبت فتاة هولندية كتابا بعنوان عشرون عاما خلف الزجاج تصف فيه رحلتها المريعة خلف الزجاج لإلتقاط الزبائن وتحكي عن النهاية المخيفة لزميلات لها بين الموت منتحرات أو الحجز داخل المصحات العقلية وكم تمنيت ان يُترجم هذا الكتاب للعربية حتى يقرأه المخابيل الملاحدة
إن هذا العطب الداخلي .. هذه الأجهزة النفسية الخَربة تُمثل احتضار السعادة التي لم تقم الحضارة إلا لجنيها .. وليس في هذا نقد للحضارة فالحضارة لا يمكن رفضها حتى لو رغبنا في ذلك إنما كل ما نريده هو أنسنة الحضارة
طالما أن الله غير موجود فإن الإنسان غير موجود .. هذا غاية ما اسشتعره ألبير كامو وكتبه في روايته الشهيرة المغتربون فإذا كان الله غير موجود فلا قيمة للحياة بل هي قمة العبثية ..
إن العدمية والدين يمثلان إنكارا للمادية والبحث المجتهد عن طريق خارج هذا العالم الذي أصبح فيه الإنسان غريبا إنه بحث فيما وراء القبور وإنما يكمن الفرق في أن العدمية لا تجد طريقا للخلاص بينما يذهب الدين إلى أنه وجد هذا الطريق .. وهكذا لم تكن عدمية ألبير كامو وتشاؤمية سارتر وحيرة الشباب إلا إعلانا لسقوط الأمل المتوقع من الحضارة والصدمة الكبرى التي جناها الإنسان الحديث
اللغز الذي لا يعرفه الملاحدة والماديون أن السعادة والألم قيمتان لا علاقة لهما بالحسابات المادية وكما يقول تولستوي في روايته الرائعة الحرب والسلام يقول:- ( إن العذاب الناجم عن السير حافيا لمدة أسابيع حتى تتشقق القدم وتدمي هذا الألم لا يزيد كثيرا عن الألم النابع من لبس حذاء ضيق وأنيق لسهرة ممتعة .)
وقرأت إحدى المناظرات بين صوفي وسلفي فقال السلفي بعد أن أورد عليه الصوفي مئات المقولات في الفهم الباطني والأوراد الخاصة قال السلفي :- ( إن صلاة ركعتين بالليل خير من كل هذا ) فإحساس الصلاة لله إحساس مدهش يُشعر الإنسان بالسند الحقيقي والغاية والهدف ويجد الإنسان ما يعمل لأجله ولذا نجد أن اللادينية في إبطالها للعبادة تشترك مع الإلحاد في العدمية والعبثية ..
لقد جاء الوقت الذي لابد أن يعترف فيه العلم ويتنازل للدين ويقبل أن يشاركه الدين في الأخذ بيد الإنسان لسعادة الدنيا والآخرة:emrose:

__________________
*keneth blanchard managment of organizational bahavior

#### مراجع المقال :-
1- التوراه :- مصطفى محمود
2- الإسلام بين الشرق والغرب للأستاذ علي عزت
3- كتابات الدكتورة أمل مبروك آداب عين شمس
4- مذاهب فكرية للأستاذ علاء أبو بكر
5- حراس الحقيقة للأستاذ أنيس منصور

ahmedmuslimengineer
07-06-2007, 08:17 PM
موضوع رائع جزاك الله خيرا

عمر الأنصاري
03-29-2008, 06:58 PM
للرفع

المحبة لله
03-29-2008, 08:28 PM
حياة بلا اسلام...عذاب لا يطاق!

راشد بن أحمد الراشد
06-21-2008, 10:42 PM
الحمد لله على نعمة الإسلام, جزاك الله خيرا يا دكتور.

عاشق الاسلام%100
07-09-2008, 02:18 AM
لذلك تجد قوم بني داروين أغلبهم يعيش في غياهب الاأدرية و الشك وفقدان الأمل
و ليس غريبا أن تجدهم يلقبون أنفسهم بلاأدري و لا أعلم ويكتب في العقيدة أو المذهب لا أدري
رغم أنهم رضوا بالإلحاد دينا
ورغم ذلك لا يدرون ولا يعلمون
الحمد لله على نعمة الإسلام
الحمد لله على نعمة العقل

عمر الأنصاري
05-10-2009, 01:22 AM
أقرأ مقالات د سرداب عشرات المرات

وفي كل مرة أجد فيها ما لم أجد في المرات السابقة

نفع الله بك د سرداب

هيزم
06-19-2012, 11:41 PM
الحمد لله على نعمة الإسلام, جزاك الله خيرا يا دكتور.
.