المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عـبـرالـيـة ...



الفارس مفروس
07-22-2007, 01:58 PM
همس لى صديقى الجديد فى ثقة واضحة .. وهو الذى تعرفت عليه فى مقهى ستاربكس بجدة :
"الليبرالية هى الحل لكل آفات المجتمع المتحجر" ..
ثم خبط الطاولة بسبابته فى عنفٍ مدللاً على صلابة الموقف .. ثم استسلم فى هدوء لنداء الموكاتشينو !

لم أفهم سبباً واحداً حمله على "خبط الطاولة" .. فذلك هو ما أزعجنى بكل صدقٍ فى تلك الجلسة
وربما كان يعنى أن صلابة الطاولة كناية عن حموريتى فى عدم استيعابى لهرفطةٍ دامت ساعتين حول "فقه المرحلة" !
هذا على الرغم من أنى فهمت عنوانه البراق : الليبرالية الوطنية هى عنوان المرحلة ..
وأخبرته فى حماس أن "الليبرو" الوحيد الذى أعجبنى على مدار السنين لم يكن هذا المناضل ولا رفاقه المثقفين
بل الفرنسى ليليان تورام لاعب برشلونة الأسبانى !
لكن يبدو أننا لم نكن صديقين بالقدر الذى يجعله يعذرنى بجهلى .. وبالحميمية التى تجعلنى أفهم كلامه !

ثم يبدو أنه شخص مثقف ..
وهو استنتاج منطقى تعلمته من تعدد التجارب الثقافية التى فرمت كبدى من قبل :
فقد تعلمت أن كل ما لم أفهمه فهو ثقافة ونور .. وأن المثقفين هم كهربائية الكون .. أولئك الذين يفهمون كل شئ !
وأنا مجرد عابر سبيل أمام الكاميرا يأكل البرسيم وينصت فى شغف لصراخهم المشفر !

عنوان المرحلة يتمثل فى الطريق الذى تسير عليه كائنات تتكاثر بالتحوصل الجرثومى تكنى بالـ "مثقفين"
والإسم الحقيقى الكامل طويل للحد الذى يوجب على القارئ أن ينتحر إذا فهمه : الليبروطنيين !!
اسم موسيقى له رنين معجز .. يشعرنى ويشعر حضرات السادة الأفاضل بأننا حمير مع الرأفة !
وهى طبقة تفترض فى كل مواطن قارئ أنه عامى جاهل .. يعمل بربع مخ وفردة عقل شمال
وأحياناً ابن كلب مهرج يضر المجتمع ويستهلك هواءه ويحمل على أكتافه حجارة من السماء !
والأمل مفقود فى الترقى عند مرحلة معينة ليصبح المواطن انساناً عاقلاً ليختار بنفسه طول عباءة الحرمة !

وبمناسبة العباءة .. سمعت "أحدهم" يهذى فى انصهار وحسرة :
"أيها الناس العلاقة واضحة بين عباءة النسوان وبين كوننا لا نملك علماً على سطح القمر"
ثم حين شرع فى شرح العلاقة أغشى علىّ .. ولم أنتبه إلا برفسة من موظف الطوارئ يطالبنى بأن أكف عن "الدلع" !
كنت حريصاً على أن أفهم الموعظة من هذا الـ "أحدهم" لأخبره أن القمر يحمل على ظهره حجارة تشبه تلك التى يمتلأ بها الوطن الجنوبى .. !
لكن قيل لى بعد ذلك أنه بعد الشرح .. خلعنا العباءة .. وتحولت النساء إلى أقمار دائرية متحركة !!

أقول أن المعجزة التى بُعث بها المثقفون لبنى العرب :
أنهم وطنيون من شعر الرأس ارتفاعاً وحتى جواربهم الحريرية جنوباً ، مروراً بأشياء أخرى ناعمة حريرية ملط تقع تحت طائلة حرية الـ "جندر" !
وما أعلمه يقيناً أن المعجزة ليست إلا أمر خارق للعادة الشهرية التى تصيبنا مع طلة الهلال عند البقال والبنشرى وكل من له حق علينا بالريال ومضاعفاته
وقد يسميها بعض المواطنين تأدباً مع ولى الأمر : عادة الذل الشهرى .. !
فالمثقفون وطنيون يفهمون مصلحة الوطن ويقيمون علاقة "طيبة" مع أصحابه دون الحاجة لتقديم أى اثباتات توزع بالمجان فى أقسام الشرطة !
ولأنهم يقدمون حلولاً واقعية لكل القضايا المترنحة بين موت التاريخ وديناميكية الجغرافيا ..
وذلك بأن أخرجوا القضية من هذا الصراع الطائفى لتتحلل فى حيز الكيمياء العضوية !
وهم وطنيون لأنهم يريدون الخير لأبناء الشعب شباب المستقبل .. ينزعون الأغلال التى كانت عليهم ويضعون أغلالاً جديدة تناسب "المرحلة" !

"أحدهم" آخر رفس عقلى منذ فترة حين عبر عن فرحته بالنمو الفكرى الذى أنبتته جودة علف الوالى فقال :
"خرجت كل الشرانق المتكلسة تبحث عن عبير النور .. إنه الذوبان الحجرى الأول فى تاريخ هذا الكوكب"
أحسست حينها أنى محاط بطبقة من الجير الحى تأكل مخى ، وكنت أحاول أن أخرج برأسى من شرنقة الكالسيوم بصعوبة ..
لأفهم عن هذا الجورناليست الجهبذ لماذا نحن حمير لا نفهم ؟ ولماذا هم جميلون يفهمون كل شئ !؟
هل لأن كل المرابطين على صفحة هذا الوطن لا يفهمون معنى واضحاً -حتى تاريخ كتابة هذا الهراء- لمصطلح "المواطن الوطنى" .. !؟
والذى -ربما- يعنى لدى المسؤولين فى بساطة أنه مواطن كويس !
يحب أشجار الوطن وجباله العالية ومجموعة الحفر النادرة التى غرقت فى احداها سيارته حين فاضت أودية بقدرها !!

لا أدرى .. ولا أعلم أى أحدٍ يدرى
فاالمثقفون نادراً ما يتكلمون لكى نفهم .. بل كثيراً ما يتكلمون لكى لا نفهم !
حتى فى حياتهم العادية لا يريدون لأحد أن يخرج عن دائرة الإتهام بأننا سنظل حميراً تحمل حجارة !!
حتى قيل أن "أحدهم" يطالب الـ "بارتندر" كل ليلة بالـ "إصلاح" ..
ويعدد له مزايا "تنوير" الحوش الخلفى للكلوب ..
وذلك لتضييق الخناق على "فلول" الفئة الضالة
هؤلاء "الظلاميين" غير الحشاشين !

ومازلت أرفض باصرار وإرداة حرة


مفروس