مشاهدة تغذيات RSS

Maro

وهل يموت إبليس ؟

تقييم هذا المقال
استمر حصار جيش العدو للمدينة عدة أيام...
الحرس مرابطون أمام البوابات، ووراء الأسوار...
والناس لا يعرفون طعماً للنوم... كلٌ ينتظر !
ترك الحارس الأمين مقعده فى المراقبة وجلس يدعو ويبتهل...
- اللهم لا إله إلا أنت... سبحانك إنّا كنا من الظالمين !
ياربّ السماوات السبع وربّ العرش العظيم... كن لنا جاراً من.........

(تك تك) ؟ !!!
ما هذا الصوت ؟
وقع أقدام ؟
كارثة لو استطاع أحد هؤلاء الملاعين الوصول إلى هذه النقطة !
إذاً لاستطاع فتح البوابة الخلفية ولتم اختراق المدينة من الداخل فى دقائق معدودة !
هبّ الحارس الأمين من مقعده ليستطلع...
لا شىء !... لا يوجد أحد على الإطلاق !
همّ بالعودة لمواصلة إبتهاله... فما استدار برأسه إلا ورآه جالساً فى مقعده !
- قف عندك !... من أنت وكيف دخلت إلى هنا ؟
فغر فاهه وحدّق بعيناه... إنه هو !
العبد الصالح كما كان يتخيله دائماً !
نفس اللحية الطويلة... والوجه الذى ملأته خطوط الحكمة... وعبق الدهور الغابرة الذى لم يمت !
- لا أصدق عيناى !... أأنت أنت؟

= {إذاً فقد حققت مرادك يا بنى}

- هل هذا حلم ؟

= {لو كان حلماً لكنت تسمع ما أقوله دون حاجة منى أن أتحدث إليك !}

- يا سيدى ومولاى !... صلاوات الله وسلامه عليك يا أبا العباس !... أيها النّور البرّاق !
لقد اعتادوا تسميتك بـ(الخضر) !

= {كلٌ صار له اسماً هذه الأيام... أليس كذلك؟}

- ................

= {إنه لا يهم اسمك أمام الناس... ولكنه عملك، ما يعرفك به الناس !}

- عملى يا سيدنا... آه من عملى !

أعداء الله قابعون خلف أبواب المدينة !
والزاد يقلّ... واليأس يزحف على القلوب !

= {ولهذا جئتك !}

- مازلت لا أصدق نفسى !... لطالما ابتهلت إليك يا سيدنا... طالما اشتاقت نفسى لرؤياك، قدّس الله سرّك وبركاتك !

= {كنت تقوم الليل وجلست تبتهل وتدعو}

- أجل...

= {فى خضم الحرب؟}

- أجل... ؟!

= {عملك فى هذا الظرف أهم وأدعى}

- يا سيدنا... أتدعونى لترك الإبتهال إلى الله وأولياؤه الصالحين وأقطابه العلماء؟

= {بل أدعوك لنصرة دينك أولاً ثم إقامة الشعائر وأنت فى مأمن مطمئن... أما تعلم أن المجاهد فى سبيل ربّه له إجازات فى العبادة لم تُجاز لغيره؟
فمثلاً: للمجاهد أن يتيمّم بدلاً من الوضوء فى حالة لو أصابه جرح وخاف أن يصيبه الماء بالضرّ... أو إذا مُنع عنه الماء فى حصار كهذا... له أن يمسح على الخفين دون الحاجة لخلعهما، وكذا بالنسبة لخوذة الرأس إذا كان فى خلعها مشقة عليه... له أن يصلى صلاة الخوف... فرداً أو فى جماعة... على الكيفية التى يراها الأحوط وأبلغ فى تأدية عمله بالحراسة واتقاء شرّ العدو... على الكيفيّات التى صلاها السيد الحبيب محمد... وله أن يومىء بالركوع والسجود... حتى وإن دعته الضرورة لعدم استقبال القبلة !... وله أن يؤخر فى صلاته إن لم يدر ما يقول لشدة خوفه...للمجاهد الرخصة فى أن يقصر الصلاة الرباعية، ولو طالت مدة الجهاد... له الجمع بين صلاتين ولو لم يكن مسافراً (كذلك الأسير مادام فى أسر العدو)... له أن يفطر رمضان إذا سافر فى جهاده، وحتى لو لم يسافر فله أن يفطر إذا خاف ضعف الصيام أو عند ملاقاة العدو... والقائد المجاهد له أن يجبر جنده على الفطر إذا خاف عليهم من الصيام ضعفاً فى الميدان !}

- أيها العبد الصالح... اشفع لى عند الله !

لقد اشتدت الأهوال... ولم أجد سوى القيام والابتهال !

= {لعملك فى هذه الساعة هو عين العبادة من قيام وابتهال !
فالعمل الصالح عبادة... لأن العبادة -كما قال أقطاب العلم- اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة... بل أن دينك ينهاك نهياً عن ترك عملك والإنشغال فقط بالتهليل والتكبير... هل قرأت فى القرآن العظيم بأكمله كلمة (الذين آمنوا) ولو مرة واحدة غير متبوعة بكلمة (وعملوا الصالحات)؟
كلا ! بل الدين عبادةٌ وعمل !
قل لى يا بنى: لماذا خلقك ربك ؟}

- لعبادته !
= {بل لعبادته ولخلافته فى الأرض... إن أفضل العبادات: العمل على مرضاة الربّ فى كل وقت بما هو مقتضى ذلك الوقت ووظيفه...
فأفضل العبادات فى وقت الجهاد: الجهاد، وإن آل ذلك إلى ترك الأوراد من صلاة الليل وصيام النهار... بل وترك إتمام صلاة الفرض كما فى حالة الأمن !
وفى وقت حضور الضيف مثلاً يُفَضَّل القيام بحقه والاشتغال به عن الورد المستحب... وكذلك فى أداء حق الزوجة والأهل...
والآن أنت الحارس الأمين لهذا الباب الحصين...
فأفضل عباداتك الحين: أن تحرس البيت الحصين...
لا تغفل عنه طرفة عين !}

- صدقت يا مولاى... وأنت الصادق الصدوق !

= {الحمد للذى جعل من آيات أوليائه ما يجرى على ألسنتهم من المعارف، ويتحفهم به من اللَطائف...
والصلاة و السلام على أعزّ أوليائه السيّد الحبيب محمد... وعلى آله وصحابته وعلى جميع أمّته، المستقدمين منهم و المستأخرين... آمين.}


إنتهى حديث العبد الصالح...وكأن حضرته كانت حضرة مليئة بالسموّ والنشوة الروحانية...
فما أن انتهى حتى أفاق الحارس الأمين لما يدور حوله...
نظر هناك... شخص غريب دخيل بالمكان... يتجه إلى المزلاج المتحكّم بالبوابة !
- قف عندك !... من أنت ؟

= {دعك منه يا بنىّ... إنه يؤدّى عمله... مثلك !}

- يؤدّى عمله ؟

= {أجل... يفتح الباب لأصحابه !}

- لماذا لم تحذرنى ؟... أيها العبد الصالح... اشفع لنا عند الله !

= {أحذّرك وأشفع لك؟... لا تكن ساذجاً يا بنى}

- ماذا؟ ساذجٌ أنا؟

= {لم تفهم بعد... ما أتيت إلى هنا إلّا لألهيك عن عملك !}

- أنت !... أيها الخائن... أنت لست عبداً صالحاً... سأقتلك !!!

= {تقتل من يا أبله ؟......... وهل يموت إبليس؟؟؟}

قالها الإبليس... ثم اختفى... ثم تم الإحتلال.

أرسل "وهل يموت إبليس ؟" إلى Google أرسل "وهل يموت إبليس ؟" إلى Digg أرسل "وهل يموت إبليس ؟" إلى del.icio.us أرسل "وهل يموت إبليس ؟" إلى StumbleUpon

تم تحديثها 07-12-2012 في 09:34 PM بواسطة [ARG:5 UNDEFINED]

التصانيف
غير مصنف

التعليقات

شبكة اصداء