مشاهدة تغذيات RSS

نور الدين الدمشقي

الحول الفكري عند الملحدين

تقييم هذا المقال
عجبت للملحد كيف تلوح له ادلة وجود الله كالشمس في رابعة النهار - ثم يعمى عنها!

تأملت في ردود بعض الملحدين على بعض الأدلة التي نطرحها - فوجدت الخلل في فهمهم العقيم لهذه الأدلة!

ولا ادري ان كان هذا الخلل في الفهم بسبب داء التكبر الذي يسيطر على عقل الملحد فيجعله يرفض حتى ان يفكر في الدليل قبل ان يرد على ما لم يطرحه الدليل اصلا - وسرعان ما تراه يتعجرف بعدها ويتظاهر بالذكاء او التحدي او ابطال حجة الخصم وكأنه خرج منتصرا من المعركة لتوه حتى يزيد ذلك من انتفاخه وغروره بنفسه - وكل ذلك وهم في رأسه وحده!

اريد ان اضرب ثلاثة امثلة ابين من خلالها الخلل في عقلية هؤلاء الملاحدة!

المثال الأول:
احيانا يستشهد المؤمن بدليل من القرآن - وبمجرد ما يقول المؤمن: "يقول الله سبحانه في القرآن الكريم" - تراه ينتفض وكأنه اصيب بحساسية وقرف من "تخلف" هذا المؤمن الذي لا يزال يؤمن بأنه يستطيع ان يستشهد بكتاب يؤمن به هو وحده - ولا يقام به دليل على الملحد الذي لا يؤمن به اصلا - فيغلق عقله واذناه وتراه ينتظر على احر من الجمر ان يفرغ المؤمن من الاية حتى يبين له "تخلفه" لعدم ادراك انه لا يستطيع ان يستشهد بالقرآن ضده
ثم يزخرف بعض عباراته بالفاظ "فلسفية" حتى يظهر عليه العلم فيقول: "هذا دور منطقي يا غبي - ان تثبت صدق القرآن بالاستشهاد بالقرآن!!

طبعا في هذا المثال الملحد لم يستمع حتى الى الاية التي قرئت ("ام خلقوا من غير شيء ام هم الخالقون")

لم يدرك الملحد بان الدليل القائم في الاية لا يرتكز بالنسبة للكافر على ايمانه بصدق القرآن - وانما يرتكز على منطق عقلي جلي يخاطب جميع البشر فيقول لهم: " هل تفكرتم في كيفية وجودكم على هذه الأرض - هل يستقيم في العقل ان تكونوا وجدتم من العدم بغير سبب (والذي يخالف السببية طبعا) - ام انكم خلقتم انفسكم في هذه الدنيا (وكل من هم سوى الدجالين والفراعنة يقرون بأنهم لم يخلقوا انفسهم بانفسهم)

هل فهم الملحد الدليل اذا? لا - حول فكري!!

المثال الثاني:
عندما يطرح المؤمن الدليل الغائي الذي يقوم على اثبات وجود الله سبحانه بمعرفة آثاره وملاحظة أثر التصميم في خلقه يقول المؤمن: هذه السماوات والارض والنجوم والكائنات من اوجدها? كيف تخدم كلها غايات محددة? كيف تتحد اعضاء جسد الانسان لتحقيق غايات محددة بطريقة تبهر العقول من شدة الاعجاز والتصميم? لا بد من خالق مصمم اذا - وقديما قال الاعرابي: البعرة تدل على البعير والسير يدل على المسير فسماء ذات ابراج - وارض ذات فجاج - الا تدل على الحكيم الخبير?

ما ان يستمع الملحد الى هذه الكلمات حتى يشمئز مرة اخرى من قرف الامثلة "البادية" و "اللاحضارية" لعله لاشتمالها على لفظة "البعرة"! فينسى عين الدليل لينظر في هذه القشور السطحية - ثم سرعان ما يدرك بانه لم يجب عن سؤال المؤمن فيقول: الصدفة والقوانين الطبيعية هي من اوجدتهم> هذا مثلا ملحد يقول في احدى مقالاته:

"يبدو أن القائلين بالحجة الغائية ينسون أو يتناسون بأنه يوجد فعلاً شئ يجعل من الاشياء منظمة على هذه الدرجة من الدقة و (الروعة) التي يتصورها البعض. هذا الشئ أسمهُ القوانين الطبيعية و ليس الله. أن النظام الذي يراه الانسان من حوله هو نتيجة طبيعية للتفاعل المستمر بين المادة و القوانين الطبيعية على مدى العصور"


كأن الملحد أجاب عن السؤال المطروح وفهم معناه اصلا! فيقول لك بكل تباهي: "نعم هناك سبب لوجود التصميم: انا لم انكر وجود السبب - هناك سبب - هذا السبب هو القوانين الطبيعية!!

لم يدرك الجاهل او أدرك وتجاهل ان عين ما تسأله عنه انت هو تلك القوانين الطبيعية من اين اكتسبت مصدرها وقدرتها على ابداع مثل هذا التصميم الظاهر في الخلق!
يعني لو اعاد المؤمن صياغة السؤال حتى يفهمه هذا الاحول فكريا يقول: "ما سبب وجود هذه القوانين الطبيعية (ولماذا هذه بالذات) التي تظهر هذا التصميم في الكون" فيكون جوابه: "سببها هو القوانين الطبيعية ذاتها!

هذا تماما مثل عندما يذهب ملحد الى غرفة مديره في العمل مثلا فيطرق الباب (او لا يطرقه اذا التزم بلازم مذهبه في اللاأخلاق طبعا) -
ويسأله المدير: "خيرا - ما الذي أتى بك?"
فيرد الملحد: "أتيت لأكلمك"!
وينتهي الحوار!
عندها يقول المدير: "نعم مفهوم سؤالي: لماذا أتيت لتكلمني - اعرف انك تكلمني - ماذا تريد - لماذا تريد ان تكلمني?!!
هكذا عادة ينتهي حوار الملحد: يتوقف عند: اريد ان اكلمك!
من خلق المخلوقات بما فيها من قوانين وتصميمات? - الجواب: القوانين ذاتها! وينتهي الحوار!
حول فكري!!


والاطرف من هذا هو عندما يستطرد الملحد بعد ان يجيبك هذا الجواب على السؤال الذي لم يفهم معناه حقيقة - ويبدأ يطرح عليك ما يظن انه يقطع الطريق به عليك - وما هو الا هروب فيقول (وهذا منقول ايضا من نفس كلام الملحد في مقاله):

"و يقول قائل هنا بأن قوانين الطبيعة نفسها بحاجة لمن يُفسرها, و هنا نقول بأن الله ذاتهُ يحتاج أيضاً لتفسير. و أذا كان الله يفسر نفسه بنفسه فبالأحرى ان تقوم قوانين الطبيعة أيضاً بذلك"

على راي اخواني المصريين: "ما شاء الله عليك يا روح أمك!"

بأي منطق وعقل يتحدث هؤلاء!


نسي الملحد الجاهل (وهذه من أمراضهم المزمنة كذلك - كثرة النسيان ثم الوقوع في تناقض مع سابق اقوالهم!) - اقول نسي الملحد الجاهل بأننا عندما سألناه في السابق عن سبب وجود هذه القوانين (وبعدما بيننا له معنى السؤال الاول طبعا) اجابنا بقوله ان هذه القوانين هي عبارة عن وصف لخصائص المادة فحسب - وليست قوانين قننت من قبل مقنن مثلا

اذا هل هذه القوانين ذات مستقلة تمتاز بوجود "ارادة" و "قدرة" على ايجاد هذا التصميم?!

من الطبيعي (بل هو اللازم العقلي) ان تنتهي سلسلة العلل والمسببات بسبب أول لا سبب له - لامتناع التسلسل اللانهائي في العلل عند كل العقلاء- لكن عندما نريد ان نحدد هذا السبب - فهل يكون ذلك السبب (الذي هو علة لكل ما بعده من مخلوقات) قانونا عشوائيا يعتبر وصفا للمادة - لا مصدر له - ثم يأتينا هو بكل هذا التصميم والابداع? ام يكون خالقا مدبرا عالما حكيما قادرا?
ثم تحتار كيف توضح للملحد مدى انحرافه الفكري في هذه المسألة فتطرح له مثالا للتوضيح وتقول:

لو وجدت حاسبا آليا في الصحراء فيه دارات كهربائية وبرامج متعددة -

وسألت: من اوجد هذه الدارات والبرامج?
يقول الملحد: القوانين ذاتها هي التي اوجدتها!
يعني مثلة لغة البرمجة "سي" هي التي اوجدت الحاسب?!
ثم تقول له: بل لها مبرمج ومصمم وليست خصائص مادة الحاسوب هي من برمجت هذه اللغة التي ترمز الى تلك المعاني والاوامر التي يطبقها الحاسب
يقول الملحد (روح امه) عندها: "يعني لو اخبرتني ان هناك مصمما لهذا الحاسب - فساقول لك: فمن صمم ذلك المصمم ولا يوجد تفسير لهذا المصمم> فان قلت لي ان ذلك المصمم ليس له مصمم اساسا ولا يحتاج الى تفسير - فمن باب اولى (ولاحظ: من باب اولى ايضا!) اذا ان يكون الحاسب بلا مصمم - وان سبب قوانينه هو قوانينه ذاتها - وسبب برامجه - هو برامجه ذاتها!!!!


هل فهم الملحد الدليل اذا?
صار الحول الفكري مزمنا يا جماعة!

المثال الثالث:
ويتعلق هذا المثال بالمثال السابق اذ يقول فيه الملحد:

من جهة ثانية و بنظرة دقيقة لوقائع الامور لما توصلنا اليه من معلومات حول الكون من حولنا, يجب الحذر عندما نقول بأن الكون دقيق التنظيم. هناك مجرات كاملة تبتلعها ثقوب سوداء عملاقة (أحدها موجود في مركز مجرتنا), هناك نجوم عملاقة ترتطم ببعضها و نجوم أخرى تنفجر تحت ضغط كتلتها مكونة مستعرات عظمى(السوبرنوفا). و أذا أنتقلنا الى المستوى الذري نرى بأن الكون على درجة من العشوائية هناك لدرجة تستدعي أيجاد عدة نظريات لتغطية تلك العشوائية الذرية (راجع الفيزياء الكمية). نخلص لهذا بأن وهم النظام المتناهي الدقة لا يشكل الا جزء صغير جداً من الواقع الذي نعيش فيه في هذا المكان الصغير من الكون و في هذه الفسحة الزمنية الصغيرة جداً و التي سمحت بتطور و وجود جنسنا.


لاحظ الآن المؤمن يستشهد بالدليل الغائي ووجود التصميم على المصمم الخالق سبحانه.

هنا يريد ان يقول الملحد (وقد وقع داوكنز في مثل هذا العرج العقلي): "ان هناك "اخطاءا" في هذا التصميم - اذا لا يوجد تصميم!
لحظة لو سمحت!? اعد ما قلت: "وجود اخطاء في التصميم يلغي وجود التصميم!!?"
الملحد: "نعم"
حسنا قبل مناقشة ما تعتبره "أخطاءا" في التصميم - لننظر الى هذا المنطق الاعوج - اذا عدنا لمثال الحاسب الآلي في الصحراء - يقول المؤمن: من اوجد هذا الحاسب والبرمجيات التي تحتويه?
يقول الملحد: لا يوجد برامج ولا تصميم!
المؤمن: كيف? الا ترى ويندوز? وورد? اكسل? اكسس? نوت باد? كل هذا لا تراه? اين ذهب عقلك?
الملحد: لا هو خذ بالك: هناك "خطأ" في تصميم احد هذه البرامج - او "عدة اخطاء" (هكذا يظن وهو لم يبرمج شيئا في حياته طبعا)
المؤمن: يعني?
الملحد: يعني لا يوجد لا برامج ولا تصميم لوجود الاخطاء!!!


هل فهم الملحد دليل التصميم والغائية? لا
حول فكري!!

حسنا ماذا عن هذه الاخطاء التي يتحدث عنها هذا الملحد (والتي لا تلغي بطبيعة الحال وجود التصميم عند العاقلين فقط!) - اقول:
كيف تحكم على شيء بانه خطأ?- ما هو معيار الصواب والخطأ عندك في هذا التصميم حتى تحكم عليه بأنه "خطأ" اصلا!?
لماذا تظن ان انفجار نجم مثلا يعتبر خطأ وليس امرا مقصودا مدبرا?

في الحقيقة عند التأمل يدرك الانسان انه اذا لم يكن "يحيط بكل شئ علما" فلا عبرة باسقاط الخطأ والصواب على ما يراه بمعاييره الشخصية

المعيار الحقيقي للخطأ والصواب في التصميم: هو مقدار ما يحققه ذلك التصميم من الغاية التي صممه مصممه لاجله

فمن الجهل عندما يشاهد الملحد قنبلة يدوية

ثم يراها تنفجر امام عينيه ان يقول:
يا لهاذا التصميم الغبي - ان هذه القنبلة ليست مصممة بدليل انها انفجرت!! ولو كان لها مصمم لما احتوت مثل هذا "الخطأ" الفادح!

بل نقول: ايها الجاهل: هذه القنبلة صممت لكي تنفجر - فمادامت قد انفجرت فقد ادت مهمتها التي صممت لاجلها!

ايها الملحد: هل عرفت لماذا خلقت? استيقظ قد تدرك ما فاتك من تأدية مهمتك التي خلقت لاجلها - قبل ان تندم!

أرسل "الحول الفكري عند الملحدين" إلى Google أرسل "الحول الفكري عند الملحدين" إلى Digg أرسل "الحول الفكري عند الملحدين" إلى del.icio.us أرسل "الحول الفكري عند الملحدين" إلى StumbleUpon

التصانيف
غير مصنف

التعليقات

شبكة اصداء