مشاهدة تغذيات RSS

نور الدين الدمشقي

الحول الفكري عند الملحدين (2)

تقييم هذا المقال
تابع: سلسلة الحول الفكري عند الملحدين

المثال الرابع:
هذا المثال هو في معرض الحديث عن الصدف التي تولد عند الملحد (بطريقة ما) قانونا ثابتا. وباديء ذي بدء اشير الى انني اقتبست هذا المثال مما طرحه الاستاذ عبد الواحد في موضوعه المتميز بحق: "الصدف التراكمية وجهالة داوكنز" - بل ولعلي اخذت عبارة "الحول الفكري" مما قرأته من قبل في هذا الموضوع الذي لا أمل تكرار قراءته.

تقول للملحد: كيف جاء هذا الكون بنظامه وقوانينه ونواميسه؟
يقول الغبي منهم بكل بلادة: "صدفة"!
يقول المؤمن: أيعقل ان يتكون كل هذا عن طريق صدفة عشوائية هكذا؟!!


هنا طبعا ينتهي الحوار على هذا مع الملحد البليد الذي لا يفقه ما يقول عن الصدفة - لأن الصدفة والعشوائية لا تولد نظاما وقوانينا- ففاقد الشيء لا يعطيه!

أما الملحد الأقل بلادة يقول: داروينية - تطور - ...الخ.
طبعا هنا يظن الملحد انه اجاب عن السؤال...فهل اجاب عن السؤال؟ كالعادة لا.
لماذا؟ لأن المؤمن عندما سأل عن سبب وجود الكون بنظامه وقوانينه وجاء الجواب داروينيا (او قل شمبانزيا كاصحابه ان شئت) - فان حقيقة سؤال المؤمن (التي لا يدركها او يتغافل عنها الملحد) هو: كيف للداروينية (وليدة الصدفة والعشوائية) ان تعطينا نظاما وتولد لنا قوانينا ثابتة!؟


هنا ينفش الملحد ريشه - خصوصا اذا كان قد قرأ شيئا عن الداروينية والتطور - فيقول: لا يا حبيبي: يبدوا انك لا تفهم معنى "الانتخاب الطبيعي" و "الطفرات الوراثية". الانختاب الطبيعي هو عبارة عن "نتيجة حتمية لخصائص المادة" فهو ليس اذا صدفة او عشوائية - ولكن مجرد نتيجة حتمية لملائمة هذه الصفات لاصلحية وبقاء الكائن الحي!

المشكلة هنا الآن: ان الملحد المسكين يظن بأنه اجاب عن السؤال. وهرب من معضلة ان "العشوائية" و "الصدفة" ولدت هذه القوانين!
لا يدرك الملحد لسبب او لآخر بأن الانتخاب الطبيعي هو نتيجة وجود هذه القوانين التي نسأل عن وجودها اصلا وعن ثباتها في عالم من العشوائية والصدفة التامة على المستوى الفيزيائي

عندها نقول:
المشكلة أيها الملحد اننا نسألك عن ذات هذه الخصائص والقوانين - لماذا تهدف الى بقاء الكائن الحي اصلا؟ - يعني ما الذي جعل "ذرات" هذا الكائن الحي على المستوى الفيزيائي - "تهدف" الى المحافظة على القوانين البيولوجية الطارئة على هذا الكائن والتي تحاول ابقاءه حيا؟

ثم لماذا ثبتت هذه القوانين والخصائص - وما الضمان لثباتها في بيئة من الصدفة والعشوائية (وهذا ما لمح اليه الأخ سلمة وذكره الاستاذ عبد الواحد في موضوعه).

تذكروا أن كل الكائنات الحية تؤول الى عناصرها ومركباتها الاولية - والتي تخضع لقوانين المادة الفيزيائية.
طيب لأزيد من التوضيح: هل تذكرون القنبلة اليدوية؟ هذه المرة سأستخدمها لتفجير رأس الملحد - طبعا ايها الملحد قبل ان تعترض علي فكر في اعتراضك فلا حق لك ان تعترض! لماذا؟ لأن عملية التفجير لن تقدم او تؤخر شيئا في خصائصك الفيزيائية - فأنت كنت عبارة عن كتلة ذرات - وبعد الانفجار ما زلت كتلة ذرات - فلا فرق!

من المناسب الآن ان انقل لكم مثال مكعب "روبيك" وغاية الأعمى الذي ذكره الاستاذ عبد الواحد في موضوعه (وليرجع الى الموضوع لمزيد من التفصيل): وخلاصة المثال: لو كان عندك مجموعة من الرجال العميان يحاولون حل مكعب روبيك (الحل يكون في وضع جميع الالوان المتشابهة على نفس الوجه على الستة اوجه) - والهدف من اللعبة ان يحلوا اللغز جميعا في نفس اللحظة. اذا الشرط هو توافق جميع المكعبات حتى ينجح الفريق. واذا نجح الفريق في حل اللعبة ينتقل للمستوى التالي.

لنفرض ان هؤلاء العميان ظلوا يحركون المكعب باستمرار حتى وصلنا في لحظة من اللحظات الى توافق في جميع المكعبات بحيث تحل كلها اللعبة.
يقول الاستاذ عبد الواحد (واعذروني على طول النقل لأنه يستحق القراءة بكل جدارة):

كما أن التوافق الآني (للنتيجة) مع (الشرط أ) لا يعني تحوله الى قانون، كذلك التوافق الآني لأية حالة مادية مع أي (شرط بيولوجي) لا يعني ظهور (القانون البيولوجي). وليتضح الأمر أكثر يمكن الاستشهاد بكلام فريد هويلي الذي قارن:
• احتمال الحصول على البروتين عن طريق تصادف توليفة من الأحماض الأمينية.
• بنظام شمسي مليء برجال عُمي يحلّون في نفس الوقت لعبة "مكعب روبيك".

ربما (البروتين الأول ) أقل تعقيداً.. إذاً لتستبدل بلايين الرجال الذين يشغرون مكانا بحجم المجموعة الشمسية، بعدد أقل بكثير: فقط خمس رجال! لا أكثر!!! ومع ذلك يبقى حلهم لمكعب روبيك في نفس الوقت احتمالا خرافيا، لكن إمعانا في تحدي الملحد، لتفترض أن تلك الصدفة تحققت بالفعل، أي أنه في لحظة ما أصبحت كل المكعبات مرتبة بطريقة صحيحة. ثم ماذا كان؟ هل ظهرت قوانين جديدة؟ بالطبع لا! لن يظهر أي قانون جديد يسعى الى الحفاظ على تلك الصدفة وتميزها عن غيرها، لأن الفرق بين الترتيب الصحيح والغير صحيح للمكعب لا معنى له إلا في عين من له غاية مسبقة، بحيث يكون (معيار الخطأ) هو (مخالفة تلك الغاية). ولا يوجد أي سبب لتوقف العُمي عند تلك الصدفة ليبحثوا عن آلية جديدة للحفاظ على غنيمتهم! بل سيستمر سلوكهم التلقائي نفسه لتضيع تلك الصدفة بعد ثانية واحدة. نفس الأمر بالنسبة للأحماض الأمينية فهي ليس كائنات عاقلة حتى تفضل نوعية من التوليفات دون غيرها، بل الحالات الصالحة والغير صالحة من المنظور البيولوجي كلها توليفات ممكنة وصالحة فيزيائيا.
والفرق بين:
1- ظهور مجموعة من (مكعبات روبيك) في شكل توليفة معينة.
2- وبين ظهور (نظام مادي جديد) يعتني بتلك التوليفة ويسخر لها لغة تشفير ليدونها وينسخها بعد ذلك!
هو نفس الفرق:
1- بين ظهور (البروتين الأول) كتوليفة من الأحماض الأمينية!
2- وبين ظهور (القانون البيولوجي الأول) الذي يعتني بتلك التوليفة ويسخر لها لغة تشفير ليدونها وينسخها!

استحالة ظهور قانون جديد عن طريق الصدفة!


من العبث الجدال حول إمكانية أو استحالة الانتقال التلقائي من الحالة (1) الى (2) في محيط لا إرادة فيه..
دون ضبط العلاقة بين (القانون كتعريف) وبين (الاحتمال كقيمة)، ودون فهم معنى كلمة "قانون" على الأقل!

• فالقانون -في محيطه الآلي- يمثل مجموعة من الشروط، احتمال احترامها يساوي واحد (أي 100%)
• وإذا كان الاحتمال أكبر من صفر وأقل من واحد، فهذا يمثل (الصدفة) التي لا ترقى الى صفة (القانون).
• أما إذا كان الاحتمال يساوي صفر: فهذا يمثل (المستحيل) الذي لا يرقى بالطبع الى (الحالة الممكنة).

وعليه يكون ظهور قانون جديد صدفة هو انتقال (للشرط الجديد)
1- من كونه صدفة (أي احتمال احترامه أقل من واحد)
2- الى قانون مُلزم (أي احتمال احترامه يساوي واحد)!
لكن الانتقال التلقائي من (1) الى (2) مستحيل لأنه:
مهما ألّفت بين (الاحتمالات الأقل من واحد) فلن تحصل أبداً على (احتمال يساوي واحد).

بـيـت الـقـصـيـد!

(قيمة الاحتمال) التي تبحث عنها .. تتوقف على ما تريد إثباته من (إستحالة/أو إمكانية/أو حتمية)
1- فإذا كان السؤال عن ظهور صدفة آنية.. يكفي حينها أن تثبت أن احتمال تحققها هو أكبر من (صفر)!
2- أما إذا كان السؤال عن ظهور قانون جديد.. فلا بد أن تثبت أن احتمال احترامه أصبح يساوي (واحد)!

المشكلة أنك لو راجعتَ حوارات أي ملحد في هذا المنتدى وغيره فستجده يعاني من نفس الحول الفكري المزمن:
تسأله عن (2) يجيب على (1) !!! وهذا دليل على عدم استيعابه لحقيقة الصدفة التي يؤمن بها!! .
هل يفهم الملحد معنى الصدفة التي يؤمن بها واستحالة ظهور مثل هذه القوانين؟ لا
حول فكري!

أرسل "الحول الفكري عند الملحدين (2)" إلى Google أرسل "الحول الفكري عند الملحدين (2)" إلى Digg أرسل "الحول الفكري عند الملحدين (2)" إلى del.icio.us أرسل "الحول الفكري عند الملحدين (2)" إلى StumbleUpon

التصانيف
غير مصنف

التعليقات

شبكة اصداء