الجزء الأول
السامري
الدجال
سأتكلم عن الغوي المجرم المفسد الذي تحدثنا عنه في الجزء الرابع من بحث موسى عليه السلام قبل الرسالة على أنه ( السامري ) فهما شخصية واحدة لهما نفس الصفات #
السامري باللغة الهيروغليفية و علاقته بعبادة العجل بوخيس
سام : كاهن #، ومري : ثور محارب ، فيصبح معنى ( سام مري )كاهن الثور المحارب #
والثور المحارب في تلك الفترة هو الثور بوخيس كا مونتو #(الثور الذي تجسد فيه روح الإله مونتو([1])) وكان هذا الثور وكان يعبد في مدينة (أرمنت #مدينة الإله مونتو ) وكذلك في مدينة #الطود جنوب مدينة طيبة ب 19 كم تقريبا ، ويوجد ثوران آخران كانا يعبدان عند المصريين هما الثور منفيس والثور أبيس وكان مركز عبادتهما شمالا في مدينة هليوبوليس ( وقد تسامح أخناتون مع عبادة #الثور منفيس والثور أبيس لارتباطهما بالشمس ) على عكس الثور بوخيس، ولذلك عندما هرب بنو إسرائيل من مصر وكانت نقطة إنطلاقهم من مدينة أرمنت مكان نجاتهم #كما بينا في بحث الطود وكانوا يمشوا شمالا #بمحاذاة نهر النيل #حتى وصلوا إلى #مدينة الشمس هليوبوليس فنهبوا تلك المدينة #وعندها بدأوا يتجهزوا ليتوجهوا شرقا باتجاه الشام خارجين من مصر إلى الأبد # .
وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَىٰ قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَىٰ أَصْنَامٍ لَّهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَل لَّنَا إِلَـٰهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ﴿الأعراف: ١٣٨﴾
بداية : بعدما نجا بنو إسرائيل من فرعون وملأه وانتقلوا إلى الجهة الغربية من نهر النيل قريبا من مدينة أرمنت ساروا بمحاذاة نهر النيل شمالا من الجهة الغربية له لأن كل المدن الفرعونية كانت تقع على الجهة الشرقية من نهر النيل #فمن السياسة #و الحكمة عدم المواجهة المباشرة مع كل هذه المدن وطول المسافة([2]) لأنها سوف تستنزف طاقاتهم وجهدهم والوقت والملاحظ في خطة سير موسى عليه السلام الإسراع قدر الإمكان للخروج من مصر خوفا من تجمع قوات جديدة في العاصمة من المدن المجاورة ومن التخوم والإنقضاض على بني إسرائيل مرة ثانية فلما وصل بنو إسرائيل بمحاذاة مدينة هليوبوليس التي تقع في الجهة الشرقية لنهر النيل تجاوزوا نهر النيل نحوها وإذ بهذه المدينة تعبد ثورين هما أبيس ومنفيس فطلبوا من موسى عليه السلام أن يجعل لهم آلهة من الأصنام كأبيس ومنفيس # #
علاقة السامري بعبادة العجل
… تقع #مساكن بني إسرائيل( البدو التي معناها مونتو باللغة الهيروغليفية ) #في مملكة مصر القديمة زمن أمنحتب الثالث و أخناتون # جنوب غرب مدينة طيبة شرق نهر النيل وكانت هذه الطبقة السكانية الأقل درجة #والأحط والأدنى مكانة في مملكة أمنحتب الثالث وخليفته أخناتون #. هذه المنطقة #تحديدا كانت مقر عبادة الثور بوخيس المتجسد عن الإله مونتو([3]) #- إله الحرب حيث يوجد معبد لعبادته في مدينة الطود للآن
وقد حددنا موقعهم بدليل مسار أخت موسى عليه السلام حين قصته فقد بقيت تسير شمال شرق تقريبا جنب الشاطئ بنفس مسار نهر النيل #حتى وصل تابوت الرضيع موسى عليه السلام قصور آل فرعون التي تقع على الضفة الشرقية من نهر النيل #
وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴿القصص: ١١﴾
وقد أشرنا في الجزء الرابع من بحث موسى عليه السلام قبل الرسالة أن كلمة من شيعته لا تعني انه من دينه وإنما هو من حلفه
وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَىٰ حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَـٰذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَـٰذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيْهِ قَالَ هَـٰذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ ﴿القصص: ١٥﴾
والشيعة (الحلف) قد يكون من قوميات مختلفة يشتركوا بدين واحد أو من عدة أديان يشتركوا #في قومية واحدة تجمعهم وأظن السامري أنه من بني إسرائيل من عبدة العجل بل من كهانهم # أي انه انضوى تحت لواء موسى وبني إسرائيل لقوميته .
﴿قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي ۖ إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي ﴿٩٤﴾ قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ ﴿٩٥﴾طه … فالسامري من بني إسرائيل
فقومية السامري هي التي كانت تحركه ضد أمنحتب الثالث عندما شارك في قتل تحتمس ولي #عهد أمنحتب الثالث وكان يحاول قتل حارس المدينة الليلي و النهاري لولا أن شاء الله أن تكون منية الحارس الليلي على يد موسى عليه السلام # كما بينا في الجزء الرابع من بحث موسى عليه السلام قبل الرسالة
وقد يكون إجلال وإكبار وإكرام وتعظيم #آلهة أمنحتب الثالث وولده تحتمس على إله السامري سببا في حمل الضغينة على الملك وولده #مما أدى إلى المواجهة الحتمية بين أمنحتب الثالث وولده مع بوخيس وأتباعه من الكهان #فأمنحتب #الثالث كان إلهه الأعظم أمون وولي عهده ولده تحتمس كان إلهه الأعظم تحوت #وولده الآخر #أمنحتب الرابع كان يخفي قدسيته #لإلهه الأكبر أتون ولا أستبعد أن كل فرعون من الأسرة الثامنة عشر عندما كان يبجل ويقدس إلها معينا يحتقر ويزدري ويقمع #باقي الآلهة الأخرى وعبادتها وعبادها كما فعل أخناتون ([4]) مما ولد حركات معارضة #ومن ثم يدب الخلاف بين أصحاب الدين القديم و الحديث #تنتهي بفناء أحد الطرفين ، وهذا كان أحد أسباب اختفاء ذكر أخناتون وآله كلهم من السجلات التاريخية بعد غرقه فقد كان لكهنة الآلهة الأخرى التي حاول أخناتون طمسها اليد الطولى في ذلك كما كانت لهم اليد الطولى بعودة مصر للوثنية بعد فترة حكم ملوك بني إسرائيل الموحدين #.
… والسامري أحد كهنة الثور بوخيس وفي النظام الإجتماعي الطبقي المصري القديم فإن نظام الطبقات الإجتماعي #بلا شك متغلغل في النفوس #فالكهانة غرزت في قلب السامري حب الزعامة و القيادة و السيطرة فقد يكون ذلك أحد أسباب فتنته لبني إسرائيل عن طريق إقصاء القائد القوي موسى عليه السلام وإلهه من طريقه لكي يحل هو وثوره مكان موسى عليه السلام والله عز وجل #.
وقد ألمحنا في الجزء الرابع من بحث موسى عليه السلام قبل الرسالة أن شريعة موسى عليه السلام كانت سلمية في كافة نواحيها ولو مع الخصم فرعون ولذلك كان كل من يخرج على شريعة موسى #عليه السلام وإبراهيم واسحق ويعقوب ويوسف عليهم السلام #كان مجرما كافرا بينما كانت شريعة الغوي المجرم الذي من شيعة موسى عليه السلام - #السامري مبنية على الحرب واخذ الحقوق والوصول لها بشتى الطرق حتى ولو بالقتل و الدم #… ولهذا كان كما وصفه موسى عليه السلام أنه من المجرمين لأنه لا يطبق شريعة الله عز وجل #.
قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ ﴿القصص: ١٧﴾ … وقد أفضنا في الحديث عن هذه الآية
فهذا الغوي([5]) المجرم لا تنحصر غوايته على نفسه بل يجر ويسحب غيره ويشركه في غيه فغيه لا يقتصر على نفسه إنما يتعدى لغيره
فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَىٰ إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ ﴿القصص: ١٨﴾ … فكأنما يقول له موسى عليه السلام إنه لن تنحصر المصائب عليك فقط وإنما ستجرها على غير ك – بني إسرائيل .
من فتن السامري
1- إشعال الفتنة بين آل فرعون (الطبقة الحاكمة المتحكمة #في مقاليد البلد) وبني إسرائيل المستضعفين بقتله تحتمس ولي عهد أمنحتب الثالث ومحاولة قتل حراس بوابة المدينة ([6])
فهذا الإسرائيلي يحترف الغواية بين الناس وإشعال الفتن بينهم فهو كان من عبدة العجل بوخيس وما أراد بفعله هذا إلا ضرب عصفورين بحجر واحد أولا بالتخلص من أعدائه من آل فرعون الذين يحاربون إلهه بوخيس وكهنته #ورد الكيل لآل فرعون الذين سلبوا ملك آبائه من بني إسرائيل وقضوا عليهم وما زالوا مستمرين في ذبح أبناء بني إسرائيل واستحياء #نساءهم ( فهو يبرر فعله مضفيا عليه صبغة شرعية حسب معتقده الوثني وهي استرجاع حقوق قومه التي سلبت على يدي آل فرعون و الأسرة الثامنة عشر التي قضت على ملك بني إسرائيل في مصر بالقوة و السلاح و الدم - ففعله مبنيا على عقيدة بوخيس #)
ففعل السامري لغاية تلك الفترة #منافٍ لأمر الله عز وجل وتوجيهات الوحي لبني إسرائيل #
فالأمر الإلهي الموجه لبني إسرائيل #حتى خروجهم من مصر كان ( الصبر فقط واللين )
﴿ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا ۖ إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ۖ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴿١٢٨﴾ قَالُوا أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِيَنَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا ۚ قَالَ عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ﴿١٢٩﴾الأعراف
ولم يؤذن لموسى وهارون عليهما السلام #منذ بعثهما رسلا #لفرعون وقومه وحتى خروجهم من مصر الشدة في القول مع فرعون بل أمروا باللين معه ... فكيف بافتعال الفتن وقتل آل فرعون وحتى فرعون
﴿اذْهَبَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ ﴿٤٣﴾ فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ ﴿٤٤﴾طه
وما أرى هذا الإسرائيلي الذي جلب الفتنة لقومه إلا السامري فقد استعر القتل في بني إسرائيل وزاد استحياء نسائهم بفعل هذا الكاهن اللغوب الغوي المجرم المفسد .
وَقَالَ الْمَلَأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَىٰ وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ ﴿الأعراف: ١٢٧﴾
بل توافقت نتائج غوي بني إسرائيل مع ( أهداف طائفة من الملأ من آل فرعون الذين كانوا يأتمرون على موسى عليه السلام ) لدك إسفين الشقاق بين #الفرعون أمنحتب الثالث ( الفرعون المربي لموسى عليه السلام في طفولته ) وبين موسى عليه السلام ( نفسه ) الذي بدأ نجمه بالسطوع #وكاد أن يكون موسى عليه السلام وليا للعهد بعد قتل تحتمس لولا قتل الحارس وانفضاح أمر موسى عليه السلام على لسان الذي من شيعته #فقد استغل الملأ من آل فرعون #هذا الحادث أيما استغلال حتى توصلوا لقرار بقتل موسى عليه السلام #لولا أن هرب #إلى مدين تلبية لنصيحة الفرعوني المسلم ( تبع ) الذي كان يكتم إيمانه وقد وضحنا ذلك في بحث موسى عليه السلام قبل الرسالة.
فلولا مشيئة الله عز وجل وفعل هذا الغوي المبين المجرم المفسد لكان موسى عليه السلام ملكا على مصر بعد أمنحتب الثالث …
﴿وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ قَالَ يَا مُوسَىٰ إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ ﴿٢٠﴾ فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ ۖ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴿٢١﴾القصص
2- فتنة العجل
﴿۞ وَمَا أَعْجَلَكَ عَن قَوْمِكَ يَا مُوسَىٰ ﴿٨٣﴾ قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَىٰ أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ ﴿٨٤﴾ قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ ﴿٨٥﴾ فَرَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا ۚ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا ۚ أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُم مَّوْعِدِي ﴿٨٦﴾ قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَٰكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِّن زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَٰلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ ﴿٨٧﴾فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَّهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَٰذَا إِلَٰهُكُمْ وَإِلَٰهُ مُوسَىٰ فَنَسِيَ ﴿٨٨﴾ أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا ﴿٨٩﴾ وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ ۖ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَٰنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي ﴿٩٠﴾ قَالُوا لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّىٰ يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَىٰ ﴿٩١﴾ قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا ﴿٩٢﴾ أَلَّا تَتَّبِعَنِ ۖ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي ﴿٩٣﴾ قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي ۖ إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي ﴿٩٤﴾ قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ ﴿٩٥﴾ قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَٰلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي ﴿٩٦﴾ قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَ ۖ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَّن تُخْلَفَهُ ۖ وَانظُرْ إِلَىٰ إِلَٰهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا ۖ لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا ﴿٩٧﴾ إِنَّمَا إِلَٰهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا ﴿٩٨﴾طه
﴿ وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَىٰ مِن بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَّهُ خُوَارٌ ۚ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا ۘ اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ ﴿١٤٨﴾ وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قَالُوا لَئِن لَّمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴿١٤٩﴾وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِي ۖ أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ ۖ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ ۚ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴿١٥٠﴾ قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ ۖ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴿١٥١﴾ إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ ﴿١٥٢﴾ وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُوا مِن بَعْدِهَا وَآمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴿١٥٣﴾ وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ ۖ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ ﴿١٥٤﴾الأعراف
موسى عليه السلام نعت السامري في فتنة تحتمس وحراس المدينة بصفاته التي بدت منه لحظتها وفي فتنة العجل نعته بوظيفته الحقيقية وعبادته التي كان يتستر عليها #.
فلنبدأ …
أولا علينا أن نحدد مكان وزمان حدوث الفتنة
فأما المكان هو جانب جبل الطور([7]) الأيمن بالقر ب من نهر الأردن .
﴿يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنجَيْنَاكُم مِّنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَىٰ ﴿٨٠﴾ كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي ۖ وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَىٰ ﴿٨١﴾ طه
الطور المقصود هو الطور المقدس في بيت المقدس([8]) وأما جانب الطور الأيمن([9])
الجنب #: يقع عند حد الشيء ونهايته مباشرة ( المكان الملاصق لنهاية حد الشيء مباشرة – أو المكان الملاصق لأقصى مكان يصل له الشيء) #( لتحديد المكان بدقة ) #
الجانب : #تبدأ من الجنب ويمتد في الجهة المقابلة لنقطة الإسناد ( تحديد مساحة #ممتدة )
وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ : ( فمكان تواجد بني إسرائيل ) في المساحة التي تبدأ من جنب #المسجد الأقصى من وادي سلوان ( الوادي المقدس طوى ) #وتمتد باتجاه نهر الأردن ([10]) وكانوا أقرب إلى نهر الأردن([11])
الدليل على قربهم من نهر الأردن
قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَّن تُخْلَفَهُ وَانظُرْ إِلَىٰ إِلَـٰهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا([12]) ﴿طه: ٩٧﴾
فلقاء موسى عليه السلام #مع الله عز وجل كان قريب من نهر وليس في صحراء كما في سيناء مصر الحالية التي لا يوجد فيها نهر :bangbang: فتجمع بني إسرائيل([13]) كان قرب نهر يجري باضطراب ([14]) وهذا النهر أراه والله أعلم هو نهر الأردن ، فالطور الذي كلم الله عز وجل فيه موسى عليه السلام عند عودته من مدين هو نفس الطور الذي كلمه فيه وتلقى فيه الألواح #وهو طور المسجد الأقصى .
وأما الزمان # : كل الأحداث كانت بعد خروجهم من مصر #وقبل تحريم الأرض المقدسة على بني إسرائيل ومعاقبتهم بالتيه أربعين سنة ( وفتنة العجل تحديدا كانت قبل تلقى موسى عليه السلام الشرائع من الله عز وجل وأثناء نزوله بها على بني إسرائيل )
ثانيا لم عجل وليس حيوان آخر
لا ننسى أنهم عند خروجهم من مصر طلبوا من موسى عليه السلام تحديدا عبادة ثور كأبيس ومنفيس #ولقد تكلمنا عن الثور بوخيس #ولا بدأن عجل السامري ما هو #إلا تجسيد للثور بوخيس الذي كان يعبده في مصر #
فكما ألمحنا سابقا فإن السامري كان يسعى للرئاسة والزعامة و القيادة #والسيادة فعبادة العجل التي أعلن عنها السامري كانت ( المطالبة بالعودة لمصر إما لحكمها والإستيلاء عليها حربا لاستعادة حقوقهم التي سلبت منهم هناك وإما لإحياء عبادة آلهته" الحربية الدموية") #فكأنها كانت #حالة إعلان الحرب على إله موسى وهارون عليهما السلام #وانقلاب عليهم #والخروج على الشريعة التي كان موسى عليه السلام يسير عليها لغاية تلك اللحظة ( شريعة إبراهيم واسحق ويعقوب ويوسف #عليهم السلام ) #المنادية بالسلم وعدم القتل
… ففتنة السامري أدت إلى انقسام بني إسرائيل إلى فريقين فريق – الكثرة الذي #يؤيده ويؤيد استخدام القوة "الدموية" والخروج على الشريعة وفريق – القلة الذي يؤيد هارون عليه السلام الذي بقي على ا لشريعة المنادية للسلم والصبر و القول اللين وانتظار شريعة الله عز وجل التي ذهب موسى عليه السلام لإحضارها .
قد تكون بوادر تكون الفريقين من قبل ذهاب موسى عليه السلام للقاء ربه فكان يعلم موسى عليه السلام بوجود الفريق الثاني وكأنه وصى هارون عليه السلام ( أن لا يدخل بمواجهة مع الفريق الثاني وأن يحاول الإصلاح وأن لا يتبع سبيلهم ووصفهم بالمفسدين ) .
وَوَاعَدْنَا مُوسَىٰ ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَىٰ لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ ﴿الأعراف: ١٤٢﴾
فأكثر الفريق الثاني مع كل الآيات التي شاهدوها وآخرها نجاتهم من فرعون إلا أنهم #ما خرجوا مع موسى عليه السلام إيمانا في المقام الأول وإنما خرجوا معه نجاة بأنفسهم من الذل والعبودية والذبح و الإستحياء فهم كانوا يأملوا بملك محارب وليس رسول مسالم هين لين مع أعدائه ولكن مشيئة الله عز وجل أبت إلا أن يكون موسى عليه السلام على غير هواهم – ومع ذلك فقد خرجوا سلما من مصر كما شاء الله عز وجل وقدر # .
قَالُوا أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِيَنَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ﴿الأعراف: ١٢٩﴾
فجاء السامري الغوي – الذي لا يعلم الغيب ولا يعرف عواقب الأمور ومآلاتها مداعبا مشاعرهم ويدق على وتر أحاسيسهم بإلهه " الحربي الدموي" فالفتنة التي جاء بها السامري لقيت بين أبناء بني إسرائيل أرض خصبة #وكان لها قبول شديد بينهم فهم بداية يريدون إلها ملموسا محسوسا مادي #وقد طلبوه صراحة من موسى عليه السلام فقالوا له #أن يكون لهم آلهة كما لهم آلهة عندما كانوا في هوليوبوليس
وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَىٰ قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَىٰ أَصْنَامٍ لَّهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَل لَّنَا إِلَـٰهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ﴿الأعراف: ١٣٨﴾
… وقفة … بل وقد شاركوا السامري بصناعة الثور بقذفهم لما سلبوه من أهل مصر
قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَـٰكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِّن زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَٰلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ ﴿طه: ٨٧﴾
بل هم من تسابق على عبادته وهم من قال هذا إلهكم وإله موسى وليس السامري([15]) ؟!
فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَّهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَـٰذَا إِلَـٰهُكُمْ وَإِلَـٰهُ مُوسَىٰ فَنَسِيَ([16]) ﴿طه: ٨٨﴾
…عودة… وكانوا يريدون استرجاع حقوقهم والثأر لما أصابهم #من ذل وهوان واستعباد وذبح في مصر فكان ثور السامري مقابل إله #موسى عليه السلام موافقا هواهم #وبدأوا يقارنوا حية موسى عليه السلام وثور السامري #… فكأنما حالهم بعد ذلك #يقول ، إذا كانت الحية دليل على صدق موسى عليه السلام وإلهه فإن الثور أقوى وأكبر وكذلك دليل على صدق السامري وإلهه #.بل وإله موس عليه السلام #لا يمكن أن نراه وإله السامري #يمكن أن نراه وكنا نعرفه ونعبده من قبل في مصر .والثور كذلك هو الإله الذي سوف يرد لنا حقوقنا المسلوبة من أهل مصر فهو إله الحرب وليس كإله موسى الذي جعلنا نفر من مصر ولا يقر إلا بالسلم واللين و الصبر #.
فارتد فريق كبير على عقبيه #مع وجود هارون عليه السلام المعروف بالحجة القوية المفوه الخطيب اللبيب طليق اللسان الذي حاجج فرعون والسحرة وغلبهم ومع حجته وقوة بيانه إلا أنه لم يستطع الرد على السامري وأتباعه فقد كان يتكلم #ضمن حدود الشريعة التي يسير على منهاجها لأن الشريعة التي بين يديه لغاية تلك اللحظة #لا تنادي إلا بالسلم والقول اللين حتى مع المخالفين من قومه فلم يؤمر أن يقاتلهم #.ولذلك كان جوابه لأخيه موسى عليه السلام أنه خشي باستخدامه القوة مع المخالفين يكون قد خرج على الشريعة ولم ينتظر تعاليم الله عز وجل التي ذهب موسى عليه السلام لإحضارها ، فهارون عليه السلام لغاية رجوع موسى عليه السلام ليس معه أي صلاحيات إعلان الحرب على المخالفين وقتالهم أو حتى اللحاق بأخيه موسى عليه السلام فيخبره بفتنة السامري فهو يسير على الشريعة ويطبقها حرفيا ولو أدى ذلك إلى حدوث هذه الفتنة #.
قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي ﴿طه: ٩٤﴾