قراءة مقارنة لقصة موسى عليه السلام في القرآن وأسفار اليهود
قراءة مقارنة لقصة موسى عليه السلام في القرآن وأسفار اليهود
تبدأ الرواية التوارتية قصة موسى عليه السلام بقيام ملك جديد على مصر لم يكن يعرف يوسف. ولأن بني إسرائيل توالدوا وتكاثروا وعظموا جدا حتى اكتظت بهم الأرض قال ذلك الملك لشعبه: ها بنو إسرائيل أكثر منا وأعظم قوة، فلنتآمر عليهم لكيلا يتكاثروا وينضموا إلى أعدائنا إذا نشب قتال. فعهدوا بهم إلى مشرفين عتاة ليسخروهم بالأعمال الشاقة، وكلما زادوا من إذلالهم، ازداد تكاثرهم ونموهم. ولكي يسيطر فرعون على هذه الزيادة المطردة في أعدادهم أمر القابلات بأن يقتلن المواليد الذكور ويستبقين الإناث. لكن القابلات لم يستمعن لهذا الأمر، فأصدر فرعون أمره لجميع شعبه قائلا: «اطرحوا كل ابن (عبراني) يولد في النهر، أما البنات فاستحيوهن.
وقد بالغ الكتاب العبراني في تقدير عدد بني إسرائيل حتى زعم أن عدد الرجال الذين خرجوا من مصر بالرغم من المذابح كان حوالي 600 ألف وبحساب النساء والأطفال فهذا العدد يصل إلى حوالي 2 مليون نفس!.
قدر الجغرافي كارل بوتز Karl Butzar تعداد سكان مصر في القرن ١٣ قبل الميلاد (1250 ق. م.) بحوالي مليونين وتسعمائة ألف نسمة. مع استخدام هذا الرقم كالقدرة الاستيعابيةcarrying capacity للقطر المصري وقتها والتعويض بهذا الرقم في المعادلة اللوجستية للنمو السكاني Logistic equation مع الأخذ في الاعتبار ان عدد بني اسرائيل لدى دخولهم كان ٧٠ نفسا ومكثوا حوالي ٤٠٠ عاما وباستخدام معدل النمو الحالي وهو 1.7% (0.017) فعددهم لدى خروجهم لا يتجاوز ٧٠ ألف نفس. وهذا يتماشى مع الوصف الوارد في القرآن على لسان فرعون بأنهم " شرذمة قليلون".
وقد ذكر أحد الأسفار اليهودية علة أخرى لذبح المواليد الذكور من بني إسرائيل سوى تلك المذكورة في سفر الخروج. حيث ورد في مدراش على سفر الخروج (Shemot Rabbah 1:18) أن المنجمين أخبروه أنه يولد لامرأة عبرانية غلام يكون خلاص بني إسرائيل على يديه.
وما ورد في القرآن بهذا الخصوص هو إشارة في قوله تعالى: وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ. فقد ذكر المفسرون في تفسيرها أن المنجمين أخبروه بهلاكه وذهاب ملكه على يد غلام يولد من بني إسرائيل.
ويغلب على الظن أن ما تعرض له بني إسرائيل كان في سياق "العمل القسري" الذي كان معمولا به في مصر القديمة. حيث كان يفرض على الأشخاص العمل وفق نظام السخرة في المناجم والمحاجر ومشاريع البناء. ولهذا بعض الشواهد كما في تسخير أشخاص أسيوين في صناعة الطوب وهو ما يتضح في تصوير من مقبرة Rekh-mi-Re رخميرع أحد وزراء الفرعون تحتمس الثالث من الدولة الحديثة.
و من ذلك البردية Leningrad Papyrus 1116A و التى ترجع إلى عصر الأسرة 18 أى تقريبا حوالى عام 1450 قبل الميلاد و التى تذكر أنه تم تسخير الأجانب فى أعمال البناء بعد طرد الهكسوس على يد أحمس و تذكر البردية أنه تم تسخير مجموعات أسيوية فى أعمال الإنشاء العامة.
ويظهر من ذلك أن تسخير بني إسرائيل كان سياسة من قبل ملوك مصر القديمة عقب طرد الهكسوس ينتهجونها بحق الأجانب.
ثم يذكر سفر الخروج أن أم موسى لما خافت عليه القتل وضعته في سلة من قصب الماء وطلته بالقطران والزفت ثم وضعته بين الخيزران على حافة النهر.
أما القرآن فقد ذكر أن الله ألهم أم موسى(ربما في رؤيا منام) أن تضعه في تابوت ثم تقذف بالتابوت في اليم وهو النهر وبعدها سيلقي به النهر إلى الشاطئ.
ثم يذكر سفر الخروج أن ابنة فرعون جاءت إلى النهر لتغتسل فرأت السلة وأرسلت وصيفتها لتحضرها ولما فتحتها وجدت فيها غلام يبكي فأيقنت أنه من أولاد العبرانيين وكانت أخته حاضرة فقالت لابنة فرعون هل أذهب وأدعو لك مرضعة من العبرانيات لترضع لك الولد؟»
فأجابتها ابنة فرعون: «اذهبي»؛ فمضت الفتاة ودعت أم الصبي. فقالت لها ابنة فرعون: «خذي هذا الصبي وأرضعيه لي، وأنا أعطيك أجرتك». فأخذت المرأة الصبي وأرضعته.
ويذكر سفر أخبار الأيام الأول أنها كانت تدعى Bit-Yah والتي تعنى بنت يهوه ويظهر أن هذا لقب أطلق عليها. وتذكر أسفار اليهود كالتلمود وكذلك يوسيوفوس في تاريخه أنها كانت قد ضاقت ذرعا بعبادة الأوثان قبل أن تلتقط موسى من اليم وأنها حاولت أن ترضعه لكن لم يكن قابلا للرضاعة منها ولذلك دفعته إلى أمه – باعتبار أنها احدى العبرانيات – كي ترضعه.
وتذكر تلك الأسفار أنها آمنت بعد ذلك بموسى وأن ولدها البكر هوالوحيد الذى نجى من حادثة موت الأولاد الأبكار التي يزعم الكتاب العبراني أنها احدى الآيات التي أرسل بها موسى ويسمونها الضربات العشر. وكذلك يزعمون أنها خرجت مع موسى إلى الأرض الموعودة وتزوجت بأحد بني يهوذا!
وهذا من طرائف كتب اليهود حيث زعموا أنها تزوجت لما خرجت مع موسى وأنجبت أولادا من زوجها بالرغم من أن عمرها بحسب كتبهم لا يقل وقتها بحال عن 80 عاما!. فقد ذكرت التثنية أن موسى لما مات كان عمره 120 عاما وبالتالي لدى خروجه من مصر كان عمره 80 عاما! لأنه قضى في التيه 40 عاما وهي بطبيعة الحال تكبره لأنها هي من إلتقطه من النهر وهو لا يزال رضيعا!
بينما يذكر القرآن أن من إلتقطه هم آل فرعون دون تفصيل. وذكر أن امرأة فرعون هي من رقت لحاله وطلبت من فرعون ألا يقتله وأن يتخذه ولدا. وكذلك ذكر القرآن أنها آمنت ودعت الرب أن ينجيها من فرعون وعمله. وذكر القرآن جزئية أن موسى لم يقبل الرضاعة من كل المرضعات اللاتي حاولن إرضاعه فجاءت أخته والتي أمرتها أمه أن تقتفي أثره فقالت هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم أي يتكفلون بإرضاعه والعناية به فدُفع إليها لتتكفل به وترضعه.
وقد ورد في الصحيحين أن امرأة فرعون تدعى آسية وفي حديث صحيح آخر أنها آسية بنت مزاحم. وقد كانت لدى رمسيس الثاني وكذلك ابنه مرنبتاح (اللذان يعتقد أنهما فرعونا الاضطهاد والخروج) زوجة تدعى "أست نفرت " وتعني أست الجميلة Iset-Nofret. فزوجة رمسيس تدعى "أست نفرت" و زوجة مرنبتاح اصطلحوا على تسميتها "أست نفرت الثانية". وهي سمية الإلهة المصرية "إزيس" Isis، إلا أن "إزيس" هو النطق اليوناني واللاتيني للكلمة أما في اللغة المصرية القديمة فهي تكتب ꜣst-nfrt وينطق المقطع الأول /ˈʔuːsaʔ/ أو /ɑsɛt/ أو aset. ومما يشي بأصولها الأجنبية(الكنعانية؟) أنه كانت لديها ابنة تدعى "بنت عنات" أي ابنة الإلهة الكنعانية عنات. وقد كان حريم قصر رمسيس الثاني يضم نساء أجنبيات.
ثم يمضي سفر الخروج في سرد واقعة قتل موسى للقبطي حيث وجده يضرب العبراني فلما تلفت حوله ولم يجد أحدا فقام بقتل القبطي وطمره في الرمل ثم في اليوم الثاني وجد عبرانيين يتقاتلان فقال لأحدهما وهو المسيء لماذا تضرب أخاك؟ فقال له من أقامك قاض علينا، هل تريد أن تقتلني كما قتلت المصري بالأمس؟ حينئذ أدرك موسى أن خبر قتله للمصري قد ذاع وانتشر.
في المقابل، السرد القرآني يختلف بعض الشيء عما ورد في سفر الخروج فذكر القرآن أن موسى دخل المدينة، وهي مدينة فرعون، فوجد رجلا من قومه بني إسرائيل وقبطيا يتقاتلان، فاستغاثه الذي من قومه على القبطي، فهمَّ موسى بدفع القبطي عن العبراني فلكمه موسى بيده لكن الضربة كانت قوية فقضت على القبطي. لكن موسى لم يقصد سوى دفعه ولم يرد قتله. ولذا لما وجده قتيلا قال هذا من عمل الشيطان، أي من تزيينه لأن الشيطان هيج غضبه حتى جعله يضرب القبطي ضربة شديدة أفضت إلى قتله.
ثم في اليوم التالى وجد نفس العبراني يقاتل قبطيا آخر ويطلب منه العون على القبطي، فقال له موسى إنك لغوي مبين، أي أدرك أنه مشاغب ويتورط في عراك يسعه أن يتجنبه وإلا لما تعارك في يومين متتاليين. لكن للصلة التي بينه وبين موسى، حيث أنه من قومه وفرعون وقومه كانوا يستضعفون بني إسرائيل، هم موسى أن يبطش بالقبطي كي يخلص العبراني منه فظن العبراني أنه يريد أن يبطش به هو فقال له أتريد أن تقتلني كما قتلت القبطي بالأمس. فأدرك القبطي أن موسى قتل قبطيا فذهب وأذاع الخبر.
ثم يمضي سفر الخروج في سرد قصة فرار موسى إلى مدين وبلوغه البئر التي يسقي منها الناس دوابهم ورؤيته لسبع فتيات، وهن بنات كاهن مدين يثرون، يسقين من البئر وقد ملأن الأحواض التي تشرب منها الغنم فجاء الرعاء فطردوهن فهب موسى لمساعدتهم وسقى لهن فلما عادت الفتيات لأبيهن سألهن لماذا عدتن باكرا فقلن أن رجلا مصريا سقى لهن فأمرهن أن يدعنّه إلى الطعام. ثم أقام موسى مع كاهن مدين يثرون أو رعوئيل فزوجه ابنته "صفورة" فأنجبت له ولده جرشوم.
في المقابل ذكر القرآن أن موسى لما بلغ ماء مدين وهو البئر التي تُسقى منها الدواب وجد جماعة كبيرة من الناس يسقون مواشيهم ووجد امرأتين تكفان أغنامهما عن أن تختلط بأغنام الناس فلما سألهما لماذا لا تسقيان قالتا أنهما لا تقومان بذلك حتى يفرغ هؤلاء الرعاء من سقي مواشيهم لأنهما لا تستطيعان مزاحمة الرجال الذين يسقون. وهذا يفسر لماذا لا يتوقع أبوهما، وكان شيخا كبيرا لا يقوى على رعي الأغنام، أن تأتيا باكرا. فسقى لهما موسى ثم ذهب يجلس في ظل شجرة أو نحو ذلك. فجاءته احدى المرأتين لتبلغه دعوة أبيها كي يجزيه أجر سقايته للغنم فلما جاءه وقص عليه قصته عرض عليه، باقتراح من احدى ابنتيه، أن يعمل كأجير عنده مقابل أن يزوجه احداهما. فقبل موسى ذلك العرض فعمل أجيرا لديه لثمان أو عشرة سنوات.
أما موطن "مدين" فهو يقع إلى الشرق من خليج العقبة في الجهة الشمالية الغربية من شبه الجزيرة العربية في منطقة تبوك بحسب ما قرره عالم الآثار "وليم ديفر" William G. Dever المتخصص في تاريخ الشرق الأدنى القديم. وبحسب الموسوعة الكتابية المعيارية العالمية ISBE فقد حدد الجيوغرافيين العرب موطن مدين بالمنطقة إلى الشرق من خليج العقبة أيضا في الموضع الذى يعرف بمغاير شعيب – في محافظة "البدع" التابعة لمنطقة تبوك. وقد عثر الباحثون الأثريون على بقايا آنية فخارية ترجع إلى القرن الثالث عشر قبل الميلاد صارت تعرف بالفخار المدْيَنِيِّ – نسبة إلى مدين - في المنطقة الممتدة من جنوب فلسطين وحتى الشمال الغربي لبلاد الحرمين و إلى الشرق من خليج العقية لاسيما منطقة "قُريَّة" الأثرية التي تقع على بعد 70 كيلو مترا إلى الشمال الغربي من مدينة تبوك حتى نسبت الأواني الفخارية إليها فسميت "أواني قرية الملونة".
ويذكر سفر التثنية أن موسى بينما يرعى غنم حميه يثرون بلغ جبل حوريب (أو جبل سيناء) حيث تراءى له ملاك الرب من وسط شجرة مشتعلة لكنها لا تحترق فلما دنا من الشجرة ليرى لماذا لا تحترق كلمه الرب من وسط الشجرة.
بينما في القرآن ذُكر أنه لما قضى موسى مدته كأجير في مدين سار بأهله وبينما هو يسير ضل في الطريق ثم لاحظ وجود نار من ناحية طور سيناء وكانت النار هي الشجرة المشتعلة التي في جانب (شاطئ) الوادي الذي يلي الجبل من جهة الغرب والتي خوطب منها. وقد ذهب إليها لعله يجد عندها من يدله أو يأتي منها بشعلة لأجل التدفئة.
والرواية التوراتية بخصوص هذه الجزئية بها إشكال لأن المسافة بين مدين و طور سيناء أو جبل حوريب لا تقل عن 180 كم فهل توغل موسى في رعيه للغنم مسافة 180 كم في عمق الصحراء؟ فهذا من غير الراجح. فالجبل الذي صعده موسى وتلقى التوراة عليه ويسمى جبل سيناي Sîynay أو حوريب ذكر يوسيفوس أنه يقع في الصحراء التي بين مصر و الجزيرة العربية وأشار إلى أنه أعلى القمم في تلك المنطقة ويصعب ارتقاؤه نتيجة لانحداره الشديد. وكذلك أشار بولس ( غلاطية 4:25) إلى أن طور سيناء في بلاد العرب Arabia غير أن بلاد العرب في ذلك الوقت ( بحسب Easton’s bible dictionary قاموس إيستون للكتاب المقدس مادة بلاد العرب Arabia) كانت تقسم إلى ثلاثة أقسام وأحد تلك الأقسام وهو الغربي كان يشمل صحراء البتراء جنوب الأردن و صحراء شبه جزيرة سيناء.
فهذا يشير إلى صحراء سيناء و ما يعرف بجبل موسى في محافظة جنوب سيناء أو احدى القمم المجاروة له كجبل كاترين و رأس الصفصافة. لأنها أعلى القمم في تلك المنطقة.
فهذا تقليد يعود للقرن الأول الميلادي على أقل تقدير يشير إلى أن طور سيناء (سيناي بالعبرية) وهو الجبل الذي كلم عليه موسى الرب عز وجل يقع في تلك المنطقة. وإن كان بعض المؤرخين يقترح مواضع أخرى لجبل سيناء منها ما هو خارج شبه جزيرة سيناء بالكلية فالموضع التقليدي الذي يقع في جنوب شبه جزيرة سيناء هو الأرجح.
والجدير بالذكر أن لفظ سيناء أو سيناي مشتق من الكلمة الدالة على الشجرة المشتعلة وهي סֶנֶּה Seneh والتي تعني حرفيا شجرة ذات شوك وهي مشتقة من סנ SN والتي تعني شوكة وكذلك סנינ SNYN والتي تعني شوكة وأيضا قريبة الصلة بفلظ צָנִן tsânîyn والذي هو الآخر بنفس المعنى. وهذا ربما يفسر لما أطلق تارة على الطور أنه طور سيناء وتارة طور سينين وكأنه إشارة لأصل الكلمة وأنها مشتقة من الشوك. والطور يعني الجبل في العربية والآرامية ويعني المرعى المرتفع في النبطية. وسيناء (بفتح السين و كسرها على اختلاف القراءات) الراجح أن المقصود بها الشجرة סֶנֶּה Seneh أي جبل الشجرة ذات الشوك وهي التي نودي منها موسى عليه السلام. وذكر بعض المفسرين أن الطور هو الجبل الذي ينبت الأشجار. أما تسمية شبه جزيرة سيناء بذلك الأسهم فهو تسمية حديثة. وقد أصبح لفظ سيناء أو سينين علما على ذلك الجبل كما يقال جبل أحد أو جبل أبي قبيس أو قعيقعان.
و مما يدل على أن جبل موسى هو طور سيناء أنه يتصل بالجبل في جهة الشمال الغربي واد رحب، يبلغ طوله أربعة أميال وعرضه ميلا، يسمى "وادي الراحة" يعتقد بعض الدارسين أنه الموضع الذي خيّم فيه بنو إسرائيل في رحلة خروجهم من مصر. والطور يعني الجبل في العربية والسريانية ويعني المرعى المرتفع في النبطية.
وكون هناك واد في الجهة الغربية يتماشى مع الوصف القرآني أن موسى خوطب في الجانب الغربي من الجبل وهو عينه ما يطلق عليه الوادي الأيمن والأيمن أي المبارك كما في قوله تعالى: وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ ٱلْغَرْبِىِّ إِذْ قَضَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَى ٱلْأَمْرَ. وكذلك قوله: فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِن شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَىٰ إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ. وكذلك قوله تعالى: وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا .وعلى تقدير أن الأيمن أي جهة اليمين فالمتجه من مدين إلى مصر إذا مر بوادي الراحة فالجبل يكون عن يساره أي أن الوادي عن يمين الجبل وجانب الجبل الذي يقابل الوادي هو الجانب الأيمن (والغربي أيضا)
ويقول إسرائيل فلنكلشتان في كتاب Bible unearthed (الملحق B : البحث عن جبل سيناء) أن الجبال الشاهقة في تلك المنطقة تتلقى قدرا أوفر من الأمطار بدرجة كبيرة مقارنة بالمناطق المحيطة ونتيجة لعدم نفاذية التربة المكونة من الجرانيت فإن المياه المتدفقة على سطح التربة من هطول الأمطار تتشكل منها بحيرات أو برك كما أن الأودية في تلك المنطقة تحتوى على قدر كبير من المياه الجوفية في باطن التربة والتي يمكن الوصول إليها بواسطة آبار قليلة العمق. وتذكر دائرة المعارف البريطانية تحت مادة "شبه جزيرة سيناء" أن جيوغرافيا جنوب سيناء عبارة عن سلاسل جبال شاهقة مؤلفة من صخر ناري (كالجرانيت) تتخللها شبكة من الأودية العميقة والتي هي عبارة عن مجاري مياه موسمية. وهذا يعني أن تلك المنطقة بها قدر وفير من المياه يلبي احتياجات عشائر بني إسرائيل في غضون اقامتهم بتلك المنطقة. كما أنه ينسجم مع الوصف الوارد في التثنية 9 العدد 21 من أنه كان يوجد نهر متدفق من قمة الجبل في موضع إقامتهم عند طور سيناء والذي ذر فيه موسى العجل الذهبي بعد أن أحرقه وسحقه. وهو الذي أشار إليه القرآن بوصف "اليم" كما في قوله تعالى: وَانظُرْ إِلَىٰ إِلَٰهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا ۖ لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا. واليم في العربية يقابلها في العبرية yâm والتي تعني البحر أو النهر أو عين مياه في البرية وتطلق أيضا على بركة أو حوض الاغتسال yām mūṣāq الذي صنعه سليمان للكهنة في الهيكل كما في سفر الملوك الأول 7 العدد 23. (راجع : The Brown-Driver-Briggs Lexicon و Ancient Hebrew Lexicon)
----------
المصارد
Karl W. Butzer, "Early Hydraulic Civilization in Egypt: A Study in Cultural Ecology"; p. 83
Joyce Tyldesley, Ramesses: Egypt's Greatest Pharaoh
Josephus, Flavius. The Antiquities of the Jews. II, xii, 1; III, v, 1
Bible Atlas (bibleatlas.org). Retrieved 2014-12-01.
“ṭwr”, in The Comprehensive Aramaic Lexicon Project, Cincinnati: Hebrew Union College, 1986–
للحديث بقية