من يتقدم من الكتاب المسلمين للحوار فى هذه المسالة ؟
من يتقدم من الكتاب المسلمين للحوار فى هذه المسالة ؟
الزميل الفاضل القلم الحر
أشكرك على تقديرك لي باختياري محاورا لك في هذا الموضوع الذي لا يخفى عليك أنه على قدر بالغ من الأهمية. وأهميته تستلزم منا إعطاءه ما يستحق من جهد وإمعان بحث وتفكير. ومن خلال قولك بكونك تؤمن بوجود الله ، أحدس أنك فعلا شخص يبحث عن الحق.
فاعلم أيها العزيز أن طرق موضوعنا يحتاج إبتداء إلى تجزئته إلى سلسلة موضوعات منتظمة ستخلص بي وبك في النهاية إلى إيضاح مسألة النبوة وإدراك أدلتها ، ،، وموضوع كهذا يستحق أن نعطيه وقته ،وإذا كنا صادقين في بحثه بجميع تفصيلاته فقد يمتد الحوار فيه شهور ا وليس مجرد أياما ، وسيكون إن شاء الله مفيدا لنا جميعا.
لذا أرى أن تقترح ما يناسبك في الحوار هل يكون حوارا ثنائيا فقط بيني وبينك.
أم حوارا مفتوحا يمكن أن يشارك فيه من الزملاء الدينيين واللادينيين؟
هل يكون عبارة عن مداخلات مطولة يعرض فيها كل منا وجهة نظره.(أنظر مثلا الصيغة التي اعتمدناها أنا والزميل القبطان في حوار الألحاد والأيمان).؟ أم حوارات حرة يتم فيها التحادث والتجادل بفقرات متبادلة تترى متناولة جزئيات الموضوع واحدة تلو أخرى؟
هل تقترح مباحث معينة في مسألة النبوة ليصار إلى بحثها.؟
أم أقترح أنا ؟
أرجو أن تحدد الأسلوب الذي يناسبك .
وإن شاء الله نصل إلى نظم حوارنا بشكل مثمر.
مرحبا بك اخى حاتماقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حاتم3
اقترح ان يكون الحوار ثنائيا بينى و بينك
كما اقترح ان تكون الردود مركزة و غير مطولة .
و اترك لك اقتراح المباحث التى ترى ان نبحثها .
و قد كنت افكر فى نقل الحوار الى شبكة اللادينيين فهم هناك احوج الى مثل هذا الحوار المهم , فما رايك مع تقديرى التام لهذا المنتدى الطيب
و تحياتى لك و لسائر الاخوة الكرام .
الأخ الفاضل القلم الحر
تحية طيبة وبعد
قلتم
في الحقيقة إن منتدى التوحيد له علي دين ، فقد تسجلت فيه منذ أزيد من شهر وليس لدي فيه أي مداخلة معرفية ، إنما مجرد كلمات تبادلتها مع الأخوة الأفاضل في غرفته الأجتماعية وملحوظة عابرة في موضوع موريس بوكاي ،بينما لدي في منتدى اللادينيين ما يقارب 200 مداخلة.اقتباس:
قد كنت افكر فى نقل الحوار الى شبكة اللادينيين فهم هناك احوج الى مثل هذا الحوار المهم , فما رايك مع تقديرى التام لهذا المنتدى الطيب
لذا أنا شخصيا أريد أن أضع بعض أفكاري ومداخلاتي في منتدانا المفيد هذا.
ثم ثانيا إن منتدى التوحيد هو منتدى ناشئ يحتاج منا جميعا مؤمنين وملحدين ، دينيين ولادينيين إلى دعمه ، حتى يكون موقعا حواريا ناجحا وإضافة نوعية إلى عالم المنتديات الحوارية.
لذا أفضل أن نتحاور هنا ، هذا بطبيعة الحال إذا لم يكن لديك مانع.
----------------
عندي بعض المشاغل هذا اليوم ، ولكن سأعود إلى البيت حوالي منتصف الليل ، فإذا أجبت دعوتي للحوار ،سأضع أولى مداخلاتي في الموضوع صباح غذ إن شاء الله.
وسأحرص على أن تكون مداخلتي موجزة ومركزة ، لأن المداخلات الطويلة هي بالفعل متعبة لكاتبها ولقارئها على حد سواء ، كما أن المعارض لها يصعب عليه تدقيق نقده لها في جميع تفصيلاتها.
إذن مداخلتي في موضوع نبوة المصطفى صلى الله عليه وسلم ستكون موجزة بالقدر الذي سيسمح لك بتتبع مختلف استدلالاتي وتمحيصها بالنقد.
--------------
و لك وافر التحية والتقدير
حسنا عزيزى حاتم لنتحاور هنا
و انتظر مداخلتك الاولى
عزيزي القلم الحر
إتفقنا إذن
فإلى غد إن شاء الله.
وشكرا لك.
بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على محمد وآله وصحبه أجمعين.
عزيزي القلم الحر ،لم يسبق بيننا حوار حتى أعرف تصوراتك واجتهاداتك ، لذا فبحثي في مفهوم النبوة ودلائلها له أكثر من مدخل منهجي ،يتناسب مع طبيعة المخاطب.
وقد قرأت لك بعض المداخلات في هذا المنتدى فلاحظت أنك تؤمن بالله.
لذا يصبح موضوع الاستدلال على وجود الله مستثنى من موضوعنا. لكن إن أردت أن نناقش فيه أمرا ما يمكن أن تقترحه في موضوع منفصل.
لذا سأنتقل إلى مبحث النبوة.
الحاصل باحصاء واستقصاء الديانات ،أن الديانات المدعاة سماوية والتي لها رسائل من الله / الخالق ثلاثة هي :
الرسالة اليهودية والرسالة الأنجيلية والرسالة القرآنية.
وهنا يمكن أن نسلك سبيلا في البحث نتتبع فيه كل رسالة على حدة بادئين بالتوراة ثم الأنجيل فالقرآن.
لكن إذا لم يكن لديك أي رغبة في سلوك هذا السبيل وتريد حصر البحث في نبوة محمد - وهذا ما فهمته من سؤالك- يبقى محل الخلاف والنقاش بيننا محصورا في نبوة محمد.
ومن ثم يتم استثناء موضوع بحث الرسالتين التوراتية والأنجيلية.
لكن إذا كان ثمة جزئيات بحثية أو استفهامات في موضوع هذين الديانتين يمكنك طرحها في موضوع مستقل ، ومعنا في هذا المنتدى إخوة أفاضل لهم سابق اهتمام وبحث في موضوع الديانات من بينهم الأخ الفاضل الدكتور هشام عزمي حفظه الله.
إذن يبقى موضوعنا هو نبوة محمد بالتحديد.
لكن مبحث الاستدلال على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، هو أيضا موضوع شاسع نحتاج فيه إلى ترتيب القول على نحو مجزأ نتباحث في كل جزئية على حدة.
وهذا ما سأفعل حالا ،حيث سأخصص مداخلتي التالية لبحث نبوة محمد مبتدئا من حيث يكون البدء أي من تحديد المفاهيم والمعايير.فأقول وبالله التوفيق :
ما هو المسلك المنهجي لبحث موضوع النبوة؟
إن بحث موضوع النبوة يفترض مسبقا أن محاوري يؤمن بوجود الله. وإلا لا معنى للنبوة – بمدلولها الأصطلاحي لا اللغوي - بدون وجود إله . ومن هنا نقول :
إن الثابت بالاستقراء أن الكون حادث ، ومنتظم على نحو يثبت وجود خالق قادر عالم .
ومما هو ملحوظ أيضا أن الكائن الإنساني ينفرد عن غيره من الكائنات الملحوظة بخاصية التفكير العقلي ، بكل ما يعنيه من وجود قدرة على الحكم المعرفي والتمييز القيمي.
ثم إن السؤال الذي لابد من طرحه ماذا يريد هذا الخالق من خلقه للكون والانسان؟
الجواب على هذا السؤال يستمد من مجموعة من الأشخاص ثبت أن لديهم إتصالا بهذا الخالق وجاؤوا منه برسائل تنبئنا بما يريده منا.
لكن ما هو الدليل الذي يحتاجه العقل لكي يقتنع بأن مدعي النبوة صادق لا كاذب ؟
إن مدعي النبوة هو مخبر عن الله الخالق ،لذا كان لابد له من دليل يقنع به.
والدليل كان لابد أن يكون معجزة. أي سلوكا يخرق العادة على نحو يعجز عنه الكائن الإنساني. فتتم نسبة القدرة على هذا السلوك إلى غير الإنسان ، ومن ثم يتم تصديق الرسول .
لذا يقول الأمام الجويني رحمه الله " لا دليل على صدق النبى غير المعجزة . فإن قيل : هل فى المقدور نصب دليل على صدق النبى غير المعجزة ؟ قلنا : ذلك غير ممكن ! فإن ما يقدر دليلا على الصدق لا يخلو إما أن يكون معتادا ، و إما أن يكون خارقا للعادة : فإن كان معتادا يستوى فيه البر و الفاجر ، فيستحيل كونه دليلا ، و إن كان خارقا للعادة يجوز تقدير وجوده ابتداء من فعل الله تعالى ، فإذا لم يكن بد من تعلقه بالدعوى ، فهو المعجزة بعينها " . الارشاد ص 331.
لذا نلاحظ أن الديانات السماوية كلها كانت معززة عند أنبيائها بمعجزات كأدلة قابلة للتصور والتصديق.
فالمعجزة إذن هي الدليل على صدق النبي. ومن ثم فبحث نبوة محمد يستلزم النظر في معجزته ، للخلوص إلى تصديقها أو تكذيبها.
هذا هو إذن المسلك المنهجي الذي ينبغي سلوكه.
بعد تحقيق ما سبق ننتقل إلى مسألة أخرى متقدمة في البحث. وهي ما معنى المعجزة ؟ ما هي شروطها ؟
قد عرضنا سابقا إلى شرط خرق العادة ، ونستمر في تدقيق مدلول المعجزة :
يمكن أن نقول مع الأمام السيوطي إن المعجزة :
"" أمر خارق للعادة ، مقرون بالتحدى ، سالم عن المعارضة " . ( الأتقان فى علوم القرآن 2 : 116) .
صحيح قد تجد اختلافا في تحديد مدلول المعجزة عند العلماء بحسب اختلاف وجهات نظرهم واتجاهاتهم في التفكير وأساليبهم المنهجية في المعالجة والتحقيق ، لكن أقول رغم التباينات الدلالية المعطاة لمصطلح المعجزة في كتب أصول الدين ،فإن ثمة مدلولا مشتركا يجمع بينها ، بوصف المعجزة ما به يتحقق صدق الرسول.
أما من حيث الشروط الواجب توفرها في هذا الذي يتحقق به صدق الرسول يمكن أن نتفق على خرق العادة ، وإعلان التحدي ، وعجز المخاطبين عن المعارضة (أي الأتيان بمثل ما أتى به الرسول).
إذا اتفقنا على ما سبق يمكن بعد ذلك بحث حقيقة معجزة محمد ، ونختبرها وفق المعايير الشرطية الثلاثة:
- شرط خرق العادة.
- شرط إعلان التحدي.
- شرط عجز المخاطبين عن المعارضة.
لكن قبل هذا الأختبار نحتاج إبتداء إلى الأنتقال لمعالجة مسألة أخرى هي :
ما طبيعة معجزة محمد ص وما وجه تمييزها عن باقي معجزات الأنبياء ؟
يميز علماء أصول الدين بين نوعين من المعجزات : حسية ومعنوية.
فالمعجزات الحسية كمعجزات موسى ( العصا- اليد---) ، ومعجزة عيسى (إحياء الموتى ، وإشفاء الأبرص ...) ،لكن هذا النوع من المعجزة يبقى محصورا عند من شاهدها أو عند من تناقل إليه الخبر بطريق متواتر يجزم بعدم إمكان الشك فيه.
ثم ثمة معجزة معنوية لا حسية ، وهي ما يؤكد علماء الأصول أنها المعجزة التي اختص بها سيدنا محمد ، ألا وهي معجزة القرآن.
وهنا يطرح السؤال ما السبب في كون أكثر معجزات بني إسرائيل حسية ، بينما معجزة النبي ص معنوية؟؟؟
يقول الأمام السيوطي رحمه الله مصنفا المعجزة هي "إما حسية و إما عقلية . و أكثر معجزات بنى إسرائيل كانت حسية لبلادتهم و قلة بصيرتهم . و أكثر معجزات هذه الإمة عقلية لفرط ذكائهم و كمال افهامهم ، و لأن هذه الشريعة لما كانت باقية على صفحات الدهر إلى يوم القيامة خصت بالمعجزة العقلية الباقية ليراها ذوو البصائر ".
وأرى شخصيا أن التفسير الصحيح ليس قضية بلادة أو ذكاء. بل يمكن أن تتناول من وجهة أخرى حيث أنه يمكن القول أن الطبيعة السيكولوجية لليهود – وللشعوب والجماعات طبائع مشتركة تماما كما للأفراد- طبيعة حسية ، لذا كانت المعجزات التي تم تعزيز أنبياء بني إسرائيل بها حسية مادية.كما أن البشرية في زمن نزول التوراة والأنجيل كانت في عمومها تنهج منهجا حسيا في التفكير ، ولم تكن قد ترقت في مراتب التفكير إلى مستوى ما يقتضيه حس التجريد.
لكن الاسلام مع محمد كان موضوعا ليكون ديانة خاتمة ، ومن ثم ينبغي أن تكون المعجزة مستمرة ، وهذا مما لا يتحقق بمعجزة حسية تخرق عادة كونية ،فلا يراها إلا المشاهد الحاضر ،بل لابد من معجزة معنوية تخاطب الأنسان في مختلف لحظات تطوره.
وتلك المعجزة هي القرآن.
كما أن طبيعة المعجزة الأسلامية تفيد ضمنيا انتقال البشرية إلى طور جديد ، طور إقرأ ، طور الرشد والتفكير العقلي.
أجل ثمة معجزات من قبيل الطبيعة الحسية تم تعزيز النبي ص بها ، لكن معجزته الأساسية تبقى هي القرآن.
لكن ما الدليل على صحة كون المعجزة المحمدية هي القرآن؟هل قال محمد بذلك ، أم أن هذا مجرد استنتاج من قبلنا أو من قبل العلماء؟
إن الدليل على ذلك نجده صريحا في القرآن نفسه حيث يقول مجيبا مشركي قريش الذين طالبوا بآيات / معجزات مادية حسية :"وقالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه، قل إنما الآيات عند الله و إنما أنا نذير مبين أو لم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم} (50 ،51- العنكبوت).
كما أن النبي ص يؤكد نوعية المعجزة التي اختص بها حيث يقول :
"ما من الأنبياء نبي إلا أعطي ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحياً أوحاه الله إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً" رواه البخاري .
نأتي الآن إلى المعايير الثلاثة التي يجب اختبار المعجزة بها:
قلنا إن المعجزة لابد أن تقرن بشرط التحدي.وإلا لم تسم معجزة تصديقية.
فهل تحقق هذا الشرط لمحمد؟
أجل . فقد جاء التنزيل القرآني بتحد سافر يتلو بعضه بعضا :
ففي البداية جاء بخطاب يتحداهم بنبرة أشعرتهم بقوة مصدر التحدي ،حيث لم يتحد قبيلته فقط ، ولا حتى جميع قبائل العرب بل جاء بخطاب أوسع في لغة التحدي ،حيث قال :
{قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً} (88 -الإسراء).
ولم تأت استجابة للتحدي .
فجاء بتحد آخر فيه اقتدار على مزيد من إظهار عجز المتحدى – بفتح الدال وتشديدها- حيث قال :
{أم يقولون افتراه، قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين، فإن لم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله} (13، 14- هود).
وهنا إظهار للعجز على نحو أكثر سفورا ،فهو لم يطالبهم بأن يأتوا بالقرآن بل فقط بعشر سور مثله.
ولم يأت الرد!!!!!
وإمعانا في إظهار إعجاز المتحدى ، جاءت آية أخرى بأقسى مما سبق :
{وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله} (23- البقرة).
ما دلالة هذا التحدي ؟
لكي ندرك دلالته جيدا. يجب أن نستحضر شيئا من تاريخ العرب ، وخاصة تاريخهم الثقافي ،فقد كانت القبائل تتبارى في سوق عكاظ بمعارضة القصائد ، وكانت تعقد محاكمات للتفاضل بين الشعراء . ولم يقل شاعر بأن قصيده لا يمكن أن يؤتى بمثله أو بأفضل منه.
لكن محمد الذي لم يسبق أن سجل التاريخ أنه كان لديه إلمام أو تجربة شعرية ، بل لم يسجل التاريخ أنه تبارى يوما في عكاظ أو غيرها بنص شعري ، هذا الرجل يأتي بنمط من القول جديد في سبكه وصياغته . ثم لا يتحدى بلغاء وشعراء قبيلته فقط ، ولا يذهب إلى مجلس معارضة شعرية ليبز من حضر فيها فقط ،بل يعلن التحدي سافرا جامعا مانعا للجميع قائلا فأتوا بسورة من مثله.
من هنا ندرك أن هذا التحدي كان جارحا لكبرياء قريش ولكبرياء العرب.بل أسقطها في الحيرة من أمر هذا القول الفريد في أي جنس من أجناس القول ينبغي تصنيفه ، أجل إنهم عجزوا عن تصنيفه بله الأقتدار على الرد عليه. وهنا أورد لك الحادثة المشهورة للوليد مع الرد القرآني عليها :
جاء في الروض الأنف :
"ثم إن الوليد بن المغيرة اجتمع إليه نفر من قريش - وكان ذا سن فيهم وقد حضر الموسم فقال لهم يا معشر قريش ، إنه قد حضر هذا الموسم وإن وفود العرب ستقدم عليكم فيه وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا ، فأجمعوا فيه رأيا واحدا ، ولا تختلفوا ، فيكذب بعضكم بعضا ، ويرد قولكم بعضه بعضا ، قالوا : فأنت يا أبا عبد شمس ، فقل وأقم لنا رأيا نقول به قال بل أنتم فقولوا أسمع قالوا : نقول كاهن قال لا والله ما هو بكاهن لقد رأينا الكهان فما هو بزمزمة الكاهن ولا سجعه قالوا : فنقول مجنون قال ما هو بمجنون لقد رأينا الجنون وعرفناه فما هو بخنقه ولا تخالجه ولا وسوسته قالوا : فنقول شاعر قال ما هو بشاعر لقد عرفنا الشعر كله رجزه وهزجه وقريضه ومقبوضه ومبسوطه فما هو بالشعر قالوا : فنقول ساحر قال ما هو بساحر لقد رأينا السحار وسحرهم فما هو بنفثهم ولا عقدهم قالوا : فما نقول يا أبا عبد شمس ؟
قال والله إن لقوله لحلاوة ، وإن أصله لعذق وإن فرعه لجناة .. وما أنتم بقائلين من هذا شيئا إلا عرف أنه باطل وإن أقرب القول فيه لأن تقولوا : ساحر جاء بقول هو سحر يفرق به بين المرء وأبيه وبين المرء وأخيه وبين المرء وزوجته وبين المرء وعشيرته . "
ويصور القرآن هذه الحيرة تصويرا غاية في البلاغة ، وكأنك تلمس حسا هذه الأختلاجات النفسية القلقة التي انتابت الوليد إزاء تصنيف القرأن ، ثم جحوده بعد علمه بكون آيات القرأن ما هي من قول شاعر ولا مجنون :
" ذرني ومن خلقت وحيدا وجعلت له مالا ممدودا وبنين شهودا ومهدت له تمهيدا ثم يطمع أن أزيد كلا إنه كان لآياتنا عنيدا ، سأرهقه صعودا ، إنه فكر وقدر فقتل كيف قدر ثم قتل كيف قدر ثم نظر ثم عبس وبسر ثم أدبر واستكبر فقال إن هذا إلا سحر يؤثر إن هذا إلا قول البشر " .
وعود إلى التحدي . فأقول :
لقد تحقق في المعجزة إذن شرط التحدي و العجز عن الرد!!
وهكذا اجتمع في المعجزة القرآنية شرط التحدي والسلامة من المعارضة.
لكن تلاحظ مما سبق أنني لم أختبر المعجزة القرآنية إلا بالشرط الثاني والثالث:
أي شرط التحدي.والسلامة من المعارضة.
وقد نجحت المعجزة القرآنية في الأختبار ،إذ ثبت وجود التحدي. كما ثبتت سلامتها من المعارضة .
ستقول لي قد قفزت عن الشرط الأول وهو خرق العادة. اللهم إلا من مثال حيرة قريش في تصنيف القرآني حيث خرق عوائدها وأنماطها في الكلام.
لذا قد تسألني هل تكتفي بخرق العادة بما سبق؟
أقول لا
بل إن بحث موضوع خرق العادة مبحث أعمق وأوسع مما سبق ،بل عليه يستند كل موضوعنا ، وهو إثبات نبوة محمد صلى الله عليه وسلم.لذا فبحث ما في القرآن من معطيات أسلوبية ومعرفية هو ما يجب أن يكون موضوع
ما نستقبل من محادثات بيننا . إذا اتفقنا على مفهوم المعجزة ومعاييرها.
لذا أنتظر رأيك فيما سبق . لننتقل معا إلى ما يتلوه.
لكن لا أريد أن أفرض نظام تفكيري عليك . بل يمكن أن تقترح ما تراه أنسب .
وأسأل الله لي ولك التوفيق.
الاخ حاتم
اتفق معك فى ان المطلوب لاثبات صدق مدعى النبوة هو ان ياتى بمعجزة
و القرآن يبين ضرورة المعجزة لصحة النبوة .
فالقرآن يسمى المعجزة " سنة الأولين " التى لا تبديل لها و لا تحويل
" فهل ينظرون إلا سنة الأولين فلن تجد لسنة الله تبديلا و لن تجد لسنة الله تحويلا " ( فاطر 43 ) .
و القرآن يسمى المعجزة أيضا " السلطان المبين " من الله لتأييد أنبيائه : " و لقد أرسلنا موسى بآياتنا و سلطان مبين إلى فرعون و ملئه " ( هود 96 – 97 ) ،
فالمعجزة هى السلطان المبين من الله لصحة النبوة . و الناس فى كل زمان لا تؤمن بنبوة إلا بسلطان المعجزة المبين :
" قالت رسلهم : أفى الله شك ، فاطر السماوات و الأرض ، يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم و يؤخركم إلى أجل مسمى قالوا : إن أنتم إلا بشر مثلنا تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا : فأتونا بسلطان مبين " ( ابراهيم 10 ) .
اتفق معك فى ان شرط المعجزة ان تكون خارقة للعادة او بعبارة ادق : خارقة لنواميس الطبيعة .كاحياء الميت و تحويل العصا الى ثعبان ..اقتباس:
بعد تحقيق ما سبق ننتقل إلى مسألة أخرى متقدمة في البحث. وهي ما معنى المعجزة ؟ ما هي شروطها ؟
قد عرضنا سابقا إلى شرط خرق العادة ، ونستمر في تدقيق مدلول المعجزة :
يمكن أن نقول مع الأمام السيوطي إن المعجزة :
"" أمر خارق للعادة ، مقرون بالتحدى ، سالم عن المعارضة " . ( الأتقان فى علوم القرآن 2 : 116) .
صحيح قد تجد اختلافا في تحديد مدلول المعجزة عند العلماء بحسب اختلاف وجهات نظرهم واتجاهاتهم في التفكير وأساليبهم المنهجية في المعالجة والتحقيق ، لكن أقول رغم التباينات الدلالية المعطاة لمصطلح المعجزة في كتب أصول الدين ،فإن ثمة مدلولا مشتركا يجمع بينها ، بوصف المعجزة ما به يتحقق صدق الرسول.
أما من حيث الشروط الواجب توفرها في هذا الذي يتحقق به صدق الرسول يمكن أن نتفق على خرق العادة ، وإعلان التحدي ، وعجز المخاطبين عن المعارضة (أي الأتيان بمثل ما أتى به الرسول).
إذا اتفقنا على ما سبق يمكن بعد ذلك بحث حقيقة معجزة محمد ، ونختبرها وفق المعايير الشرطية الثلاثة:
- شرط خرق العادة.
- شرط إعلان التحدي.
- شرط عجز المخاطبين عن المعارضة.
اما شرط التحدى بها و عجز المخاطبين عن المعارضة فلا اعتقد انه شرط للمعجزة , فالمعجزة الحقيقية لا يحتاج ادراك اعجازها الى انتظار ان يتم التحدى بها ثم عجز المخاطبين بها عن قبول التحدى
المعجزة الحقيقية يدرك اعجازها بالبديهة و بمجرد النظر اليها .
و على اى حال لنمضى فى البحث دون اطالة فى هذه المسالة فالمهم ان يتحقق شرط خرق العادة و هذا كاف باتفاقنا لاثبات المعجزة .
اتفق معك فى تحقق شرط التحدى . فقط !اقتباس:
نأتي الآن إلى المعايير الثلاثة التي يجب اختبار المعجزة بها:
قلنا إن المعجزة لابد أن تقرن بشرط التحدي.وإلا لم تسم معجزة تصديقية.
فهل تحقق هذا الشرط لمحمد؟
أجل . فقد جاء التنزيل القرآني بتحد سافر يتلو بعضه بعضا :
ففي البداية جاء بخطاب يتحداهم بنبرة أشعرتهم بقوة مصدر التحدي ،حيث لم يتحد قبيلته فقط ، ولا حتى جميع قبائل العرب بل جاء بخطاب أوسع في لغة التحدي ،حيث قال :
{قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً} (88 -الإسراء).
ولم تأت استجابة للتحدي .
فجاء بتحد آخر فيه اقتدار على مزيد من إظهار عجز المتحدى – بفتح الدال وتشديدها- حيث قال :
{أم يقولون افتراه، قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين، فإن لم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله} (13، 14- هود).
وهنا إظهار للعجز على نحو أكثر سفورا ،فهو لم يطالبهم بأن يأتوا بالقرآن بل فقط بعشر سور مثله.
ولم يأت الرد!!!!!
وإمعانا في إظهار إعجاز المتحدى ، جاءت آية أخرى بأقسى مما سبق :
{وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله} (23- البقرة).
ما دلالة هذا التحدي ؟
اما شرط خرق العادة و خرق النواميس الطبيعية فانتظر ان توضح لنا كيف يكون القران خارقا للنواميس الطبيعية ؟
هل الكلام الفائق بلاغيا يكون خرقا لنواميس الطبيعة ؟
اى لو فرضنا ان القران فى قمة البلاغة و انه لا يوجد اى كلام يضارع بلاغته فهل هذا حجة على انه خارق لنواميس الطبيعة ؟ ام يدل فحسب على نبوغ مؤلفه ؟.
و هناك اشكال هام و هو : ان المعجزة يجب ان يكون اعجازها واضح لكل الناس المطالبين بالايمان بنبوة النبى
و الذين يمكنهم ادراك الاعجاز البلاغى - على فرض انه موجود - هم بعض العرب
فماذا عن سائر العرب غير المتخصصين فى البلاغة ؟
و ماذا عن غير العرب ؟!!
و اما عجز العرب عن معارضة القران , فلدينا اشكالان :
1- ما الدليل على ان هذا التحدى قد بلغ كافة بلغاء العرب فى زمن محمد ؟
ان ايات القران فى تلك الفترة لم تكن كلها مشهورة و منشورة بحيث تبلغ كافة بلغاء العرب المعنيين بالتحدى .
2- لا يوجد دليل قاطع على ان العرب لم يعارضوا القران فى زمن محمد بل يحتمل ان يكونوا عارضوا القران لكن لم ينقل رواة المسلمين ذلك .
و الذى يدعو للشك فى الامرين السابقين ان هناك من عارضوا القران بالفعل فى زمننا من المسيحيين و غيرهم و الفوا العديد من المعارضات للقران .
فكيف عجز بلغاء العرب انذاك عن المعارضة بينما تمكن من ذلك من هم ادنى فى البلاغة كنصارى هذا الزمان ؟!!
و من معارضاتهم :
سورة الإيمان
واذكر في الكتاب الحواريين إذ عصفت الريح بهم ليلاً وهم يبحرون (1) إذ تراءى لهم على المياه طيف المسيح يمشي فقالوا أهو ربنا يهزأ بنا أم مسنا ضرب من جنون (2) فجاءهم صوت المعلم ألا تخافوا إني أنا هو أفلا تبصرون (3) فقال قائل منهم ربي مرني إن كنت حقاً هو آتي على المياه إليك عسى أن يُبدل الله شكي بيقين (4) قال فاسع إلي ولتكن للناس آية لعلهم يتذكرون (5) وإذ طفق الحواري يمشي رأى شدة الريح فصاح بربه يستعين (6) فمد بيمينه له فأخذه بها وقال هذا جزاء الممترين (7) وإذ ركب السفينة معه سكنت الريح لتوها فسبح الحواريون بحمده وهتفوا له قائلين (8) أنت هو ابن الله حقاً بك نحن آمنا ولك نخر ساجدين (9) قال طوبى للذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بريب فأولئك هم المفلحون (10
و تقبل تحياتى .
تم فتح موضوع لتعقيبات الاخوة على هذا الموضوع
http://eltwhed.com/vb/showthread.php?p=2125#post2125
وسيكون هذا الحوار مقتصراً على الزميلين حاتم3 والقلم الحر .
الزميل القلم الحر
قبل أن أستمر في عرض الاستدلال على نبوة محمدصلى الله عليه وسلم ، عندي رأي واستفسار فيما تفضلتم به.
قلت :
هنا نحتاج إلى التوقف قليلا لمناقشة مدلول المعجزة ،وقد توقعت أن ينزلق حوارنا في مسالك فننغمس في نقاش أمور ونحن لم نتفق بعد على مدلول المفاهيم. لذا ستلاحظ أنني حرصت في أول مداخلتي على تحديد المفاهيم والمعايير.اقتباس:
اتفق معك فى ان شرط المعجزة ان تكون خارقة للعادة او بعبارة ادق : خارقة لنواميس الطبيعة .كاحياء الميت و تحويل العصا الى ثعبان ..
لماذا أتوقف عند قولك السابق وما وجه الأختلاف بيني وبينك ؟
دعني أوضح :
إن "قولك " في تعرييف المعجزة بكونها :
هو تعريف يعبر عن موقف يشبه موقفا قرأته ليوسف درة حداد ، وهو قس مسيحي كتب كتابا ضخما يقارب بجزئيه 900صفحة في نقد نبوة محمد.اقتباس:
خارقة لنواميس الطبيعة .كاحياء الميت و تحويل العصا الى ثعبان
فإذا كنت تتبنى موقفه فلا اعتراض لي ، وأنا مستعد لمناقشته ، لكن دعني أوضح لك المرمى البعيد الذي يريده يوسف حداد بتنصيصه على كون المعجزة يجب أن تكون حسية مثل إحياء الموتى ... إنه يريد بذلك أن يصل إلى كون المعجزة ليست معنوية وبالتالي يجب على المسلم أن يترك الأحتجاج بالقرآن واعتباره معجزة ، ويبحث في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم عن معجزات حسية .
لقد وضع حداد هذه الدلالة للمعجزة ، وصدق نفسه بنفسه ثم انطلق ليتعقب بعض الروايات المتحدثة عن بعض معجزات النبي الحسية ، ليشكك فيها.ويخلص في النهاية إلى المقارنة بين معجزات عيسى عليه السلام والمعجزات الحسية للنبي صلى الله عليه وسلم.
وهنا لا أدري ما هو موقفك بالضبط ، هل تعتقد أن المعجزة هي المعجزة الخارقة لعوائد الطبيعة تحديدا؟
إذا كان الأمر كذلك .
عندي سؤال :
ما حقيقة خرق العادة؟
أليست المعجزة المعنوية في نص كتاب إذا تحقق فيها خرق عوائد البشر في القول ، وعوائد البشر في النبوغ والعبقرية ،فجاء النص بمعطيات يستحيل على طبيعة قدرة البشر في التفكير والصياغة الأتيان بمثلها يكون النص خارقا للعادة.أي خارقا لعادات البشر في التفكير ؟
فلماذا تحصر خرق الطبيعة في خرق العادة الجارية في الطبيعة المادية ، وتستبعد خرق العادة الجارية في طبيعة التفكير البشري ومحدوديته؟
نحن كمسلمين نعتقد أن نبي الاسلام له معجزة معنوية أساسية هي القرآن. وله معجزات حسية .
فاختر لنفسك أي مسلك تريد أن نسلكه في بحث نبوة محمد.
هل نبحث معجزاته الحسية؟
إذا اخترت هذا المسلك ،سنحتاج عندئذ إلى الاتفاق على أمور منهجية تتعلق بنقد الخبر ومفهوم قطعية الثبوت.
إذا اخترت المعجزة المعنوية ،سنحتاج إلى بحث القرآن الكريم لنتحقق هل هو كلام الله أم مجرد إبداع بشري؟
هذه مسألة تتعلق بتحقيق مفهوم المعجزة هل هي خرق للعادة بإطلاق ، أم هي خرق لعادة حسية مادية بالتحديد والتخصيص.
أنتظر موقفك منها بوضوح .
ثم في باقي مداخلتك أعلنت الإتفاق مع ما قلته أنا ، لكن حصل تناقض في قولك أريد الاستضياح منك ،فلعله سهو - وكلنا معرض للسهو والخطأ - حيث قلت :
لكنك بعد هذ الرفض لشرط التحدي رجعت عنه في نهاية مداخلتك حيث قلت :اقتباس:
اما شرط التحدى بها و عجز المخاطبين عن المعارضة فلا اعتقد انه شرط للمعجزة , فالمعجزة الحقيقية لا يحتاج ادراك اعجازها الى انتظار ان يتم التحدى بها ثم عجز المخاطبين بها عن قبول التحدى
حقيقة لم أفهم سبب هذ التناقض في التعبير . هل تقصد به أن القرآن الكريم حقق شرط التحدي فقط بالنسبة لمخاطبيه ، وأنه ليس خارقا للعادة .اقتباس:
اتفق معك فى تحقق شرط التحدى . فقط !
اما شرط خرق العادة ...
أرجو منكم التوضيح
ولك وافر التحية والتقدير
مرحبا بك اخى حاتم
يوسف الحداد من الكتاب الذين تاثرت بهم و طبيعى ان يظهر هذا الاثر فى كتاباتى فى هذه المسالة , لكن الواقع ان هذا التعريف لم اخذه من الحداد فهناك علماء مسلمين عرفوا المعجزة بانها" خرق لنواميس الطبيعة" و منهم على سبيل المثال العلامة الشيعى ابو القاسم الخوئى الذى اخذت هذا التعريف من كتابه " البيان "اقتباس:
إن "قولك " في تعرييف المعجزة بكونها :
هو تعريف يعبر عن موقف يشبه موقفا قرأته ليوسف درة حداد ، وهو قس مسيحي كتب كتابا ضخما يقارب بجزئيه 900صفحة في نقد نبوة محمد.
فإذا كنت تتبنى موقفه فلا اعتراض لي ، وأنا مستعد لمناقشته ،
اما قولى " كاحياء الميت و تحويل العصا الى ثعبا ن" فهى مجرد امثلة ذكرتها و لم اقصد بها ان المعجزة يجب ان تكون حسية
و لا ادرى لماذا فهمت من كلامى هذا مع اننى لم اعترض مطلقا على تقريرك ان المعجزة قد تكون معنوية او عقلية ؟!
و قد سرنى انك اطلعت على كتاب الحداد ,لكن لا يعنى ذلك اننى اتبنى كل ارائه بل كنت قد كتبت قبل ترك الاسلام دراسة مطولة فى الرد على بعض ارائه لكن لم اتمها ..لم افهم من كلامه هذا المرمى البعيد بل هو يقر بان المعجزة قد تكون معنوية كان تكون نبوءة غيبية مثلا .اقتباس:
لكن دعني أوضح لك المرمى البعيد الذي يريده يوسف حداد بتنصيصه على كون المعجزة يجب أن تكون حسية مثل إحياء الموتى ... إنه يريد بذلك أن يصل إلى كون المعجزة ليست معنوية وبالتالي يجب على المسلم أن يترك الأحتجاج بالقرآن واعتباره معجزة ، ويبحث في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم عن معجزات حسية .
لقد وضع حداد هذه الدلالة للمعجزة ، وصدق نفسه بنفسه ثم انطلق ليتعقب بعض الروايات المتحدثة عن بعض معجزات النبي الحسية ، ليشكك فيها.ويخلص في النهاية إلى المقارنة بين معجزات عيسى عليه السلام والمعجزات الحسية للنبي صلى الله عليه وسلم.
وهنا لا أدري ما هو موقفك بالضبط ، هل تعتقد أن المعجزة هي المعجزة الخارقة لعوائد الطبيعة تحديدا؟
إذا كان الأمر كذلك .
و على اى حال انا لا اتبنى كل ارائه و المعجزة فى نظرى ليست حسية فقط و لم اعترض مطلقا على قولك بوجود معجزة عقلية او معنوية المهم ان تكون خارقة لناموس طبيعى كاستحالة ان يعلم انسان الغيب مثلا .
اذا ثبت ان هناك نص " يستحيل " ان ياتى بشر بمثله فهو معجز .لكن كيف نثبت هذه الاستحالة هذا ما ينبغى ان نبحثه .اقتباس:
عندي سؤال :
ما حقيقة خرق العادة؟
أليست المعجزة المعنوية في نص كتاب إذا تحقق فيها خرق عوائد البشر في القول ، وعوائد البشر في النبوغ والعبقرية ،فجاء النص بمعطيات يستحيل على طبيعة قدرة البشر في التفكير والصياغة الأتيان بمثلها يكون النص خارقا للعادة.أي خارقا لعادات البشر في التفكير ؟
فلماذا تحصر خرق الطبيعة في خرق العادة الجارية في الطبيعة المادية ، وتستبعد خرق العادة الجارية في طبيعة التفكير البشري ومحدوديته؟
و لم يرد فى كلامى اى حصر لخرق الطبيعة فى خرق العادة الجارية فى " الطبيعة المادية "
اين قلت انا ذلك ؟!
لنبدا ببحث اعجاز القران ثم نتناول بعد الانتهاء من بحثه مسالة المعجزات الاخرى .اقتباس:
نحن كمسلمين نعتقد أن نبي الاسلام له معجزة معنوية أساسية هي القرآن. وله معجزات حسية .
فاختر لنفسك أي مسلك تريد أن نسلكه في بحث نبوة محمد.
هل نبحث معجزاته الحسية؟
إذا اخترت هذا المسلك ،سنحتاج عندئذ إلى الاتفاق على أمور منهجية تتعلق بنقد الخبر ومفهوم قطعية الثبوت.
إذا اخترت المعجزة المعنوية ،سنحتاج إلى بحث القرآن الكريم لنتحقق هل هو كلام الله أم مجرد إبداع بشري؟
هذه مسألة تتعلق بتحقيق مفهوم المعجزة هل هي خرق للعادة بإطلاق ، أم هي خرق لعادة حسية مادية بالتحديد والتخصيص.
أنتظر موقفك منها بوضوح .
و المعجزة هى خرق للناموس الطبيعى باطلاق سواء كان ناموسا ماديا او معنويا .
لم ارجع عن رفضى لشرط التحدى ,و غاية ما هنالك انك ذكرت ان القران تحقق فيه الشروط الثلاثة التى ذكرتها للمعجزة , فقلت بانه لم يتحقق منها غير شرط التحدى الذى ليس شرطا للمعجزة فى اعتقادى ,فلا تناقض فى كلامى .اقتباس:
ثم في باقي مداخلتك أعلنت الإتفاق مع ما قلته أنا ، لكن حصل تناقض في قولك أريد الاستضياح منك ،فلعله سهو - وكلنا معرض للسهو والخطأ - حيث قلت :
لكنك بعد هذ الرفض لشرط التحدي رجعت عنه في نهاية مداخلتك حيث قلت :
حقيقة لم أفهم سبب هذ التناقض في التعبير . هل تقصد به أن القرآن الكريم حقق شرط التحدي فقط بالنسبة لمخاطبيه ، وأنه ليس خارقا للعادة .
أرجو منكم التوضيح
و دمتم سالمين .
كتب الزميل القلم الحر
وقال أيضااقتباس:
و المعجزة هى خرق للناموس الطبيعى باطلاق سواء كان ناموسا ماديا او معنويا .
إذن لنبدأ ببحث إعجاز القرآن الكريم.اقتباس:
لنبدا ببحث اعجاز القران ثم نتناول بعد الانتهاء من بحثه مسالة المعجزات الاخرى .
وأبدأ بالتساؤال التالي ما حقيقة الأعجاز القرآني ؟
ماذا نجد في نص القرآن من معطيات يستحيل على بشر بلوغها مهما سمت عبقريته في التفكير؟
هذا هو السؤال الذي أحتاج أنا إلى الأجابة عليه مع تقديم الاستدلالات والبراهين.
وتحتاج أنت عزيزي القلم الحر إلى تمحيص أدلتي ونقدها وردها بالأدلة والحجج أو الأقتناع بها وأخذها.
لأن بلوغ معطى معرفي جديد ليس دليل إعجاز ،فالفكر البشري في ترقيه وتطوره شهد ميلاد الكثير من العباقرة والمبدعين وهم باقتداراته البشرية وحدها استطاعوا الأتيان بما لم تأت به الأوائل ، فهل ما جاء به محمد هو من نتاج عبقرية بشرية أم فيها شيء آخر يدل على مصدريته الربانية؟
استفهامات سأحاول الأجابة عليها .
نظرا لظروف وأعمال أؤجل كتابة مداخلتي إلى يوم الأثنين - بعد غد - بإذن الله.
اضافة فى انتظار رد الاخ حاتم ,,
رايى فى اعجاز القران :
لم اجد فى القران اى اعجاز لا بيانى و لا علمى .
و هو موقف اتخذته حتى من قبل ان اترك الاسلام مع اننى كنت احاور المخالفين للاسلام وقتها و احتج عليهم بكلام علماء المسلمين عن اعجاز القران البيانى و عجز العرب عن معارضته ..الخ و كنت اقنع نفسى وقتها بان نبوة محمد تثبتها نصوص الكتاب المقدس التى كنت اظنها تقصده ,اما اعجاز القران فحقيقة لم اجد فيه اى اعجاز حتى اننى كنت افسر النصوص التى يتحدى فيها القران الناس ان ياتوا بمثله بتفسير عجيب لم اجد بدا منه , و هو ان المقصود بهاليس ان ياتوا بحديث مثله يؤلفونه من عندهم ,بل المقصود ان ياتوا بكتاب مثله من عند الله و هو تحدى عجيب لكن قد تحداهم القران بذلك بالفعل فى قوله :""قلْ : فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما أتّبعْه ، إن كنتم صادقين" (القصص 49)
اما ان يطالبهم بان يؤلفوا من عندهم حديث مثله فلا شك عندى انهم قادرون على ذلك ,بل فى نصوص الادب العربى نصوص اراها ابلغ و اروع من كثير من ايات القران .
و هذا ما اقر به علماء المسلمين الذين فسروا اعجاز القران بانه يتمثل فى الصرفة ليس اكثر
و اقر هؤلاء بان الناس قادرة على الاتيان بمثل القران لو ان الله لم يمنعهم من ذلك جبرا
قال ابن سنان الخفاجي: «إذا عدنا إلى التحقيق وجدنا إعجاز القرآن، صرف العرب عن معارضته، بأن سلبوا العلوم الّتي بها كانوا يتمكنون من المعارضة في وقت مرامهم ذلك».ثم قال: «إنّ الصحيح أنّ إعجاز القرآن هو صرف العرب عن معارضته، وأنّ فصاحته كانت في مقدورهم لولا الصرف».
وقال في موضع آخر:
«متى رجع الإنسان إلى نفسه، وكان معه أدنى معرفة بالتأليف المختار، وجد في كلام العرب ما يضاهي القرآن في تأليفه».
سرّ الفصاحة، ص 89، وص 217.
بسم الله الرحمان الرحيم
أخي الفاضل القلم الحر
دخلت يومه اٌلاثنين فوجدت في علبة رسائلي رسالتكم الكريمة التي تقول فيها
اثم ذهبت إلى منتدى اللادينيين ، فوجدتك فتحت موضوعا تعلن فيه تركك للأسلام حيث قلت :اقتباس:
خى الكريم حاتم
سعيد بالحوار معك
و انا بالمناسبة " عبد الله " الذى كان يكتب فى منتدى اللادينيين
وبما أنني كنت من الذين تابعوا مداخلاتك في ذلك المنتدى ، فقد حقق لي الخبر أيضا مفاجأة أنا أيضا ، ليس لأن الارتداد عن الاسلام أمر مستحيل ،بل هو أمر وارد جدا ،،، كما أنني لست من الذين يهتز إيمانهم بكون فلان أو ألف من فلان تركوا الاسلام.. فالأيمان بالاسلام أخي الفاضل مسألة اقتناع وهداية.لكنني حزين لارتدادك نتيجة سابق معرفتي بك. فالأمر هنا فيه بعد وجداني شخصي نتيجة سابق معرفتنا.اقتباس:
قررت بعد معاناة فكرية ان اترك الاسلام
الامر قد يكون مفاجاة لبعض من عرفونى فى هذا المنتدى مدافعا متحمسا عن الاسلام , و انا شخصيا لا اصدق كيف انتهى بى الامر لذلك ؟!
أسأل الله عز وجل لي ولك بحسن الخاتمة.
وقد كنت أريد وضع مداخلتي هنا استمرارا لحوارنا المثمر إن شاء الله. لكنني أمسك عن ذلك ،لأنني سأخصص نصف يومي غذا أن شاء الله لأراجع كل مداخلاتك في منتدى اللادينيين ، وكذا مداخلاتك في نادي الفكر العربي.
لأنني أريد أن أعرفك أكثر.
ولا تظن أنني بهذا أشك في إخلاصك ، أو أنني أزعم أنك قمت بتمثيلية علينا في ذلك المنتدى بانتحال صفة المؤمن ،ثم انقلبت إلى اللادينية.
ليس هذا هو سبب توقفي عن الاستمرار في الحوار ،بل لأنني كما أسلفت القول ،أريد أن أعرفك أكثر ،لنتمكن من نظم حوارنا في مسلك صحيح.
وختاما أتمنى لي ولك الهداية وحسن الخاتمة.
اخى حاتم
لا احبذ ان يتحول الحوار و التعليقات عليه الى بحث فى شخصى و نقد له فلا اهمية لذلك .
و دمتم سالمين .
الأخ الكريم القلم الحر
إن الدافع إلى عدم طرح مداخلتي التي وعدتك بها راجع كما قلت لك إلى أنني أريد أن أقرأ مداخلاتك السابقة التي كتبتها تحت إسم عبد الله، والقصد من ذلك أنني أريد أن أفهمك أولا وليس لشخصنة الموضوع. فحوارنا هنا هو كما تعلم حوار ثنائي .والمحاورة الثنائية تحتاج إلى أن نفهم بعضنا بعضا أولا .
لكنك اليوم تقول لي لا داعي لكي أقرأ مداخلاتك في منتدى اللادينيين ، وتلمح إلى أنني إذا أردت ذلك فعلي أن أقرأ مشاركاتك تحت أربعة أسماء ، حيث تقول إنك لم تكن مشتركا في منتدى اللادينيين باسم عبد الله فقط بل لك ثلاث أسماء أخرى شاركت بها هي " القاسم " و " باحث مسلم " و " الحنيف ". وتعلم ولا شك أن هذا مخالف لقانون ذلك المنتدى الذي يوجب على كل عضو أن يتسجل فيه باسم واحد فقط.
وتعلم ولا شك أن من قام بالتسجيل بأكثر من إسم كانت الأدارة تعاقب فورا بإيقافه. وقد كانت إدارة المنتدى صارمة جدا في تطبيق هذا .
وحسب معرفتي المتواضعة فالتسجيل بأكثر من إسم من السهل كشفه من قبل إدارة المنتدى . وبالتالي فالشخص الذي يتسجل بأربعة أسماء لابد إما أن يكون من إدارة المنتدى ، وإما أن يدخل من أربعة أماكن أنترنت / مقاهي الأنترنت مثلا ، وإذا فعل هذا فعليه أن يتذكر لكل مقهى الأسم الذي يدخل به المنتدى وإلا سقط في أن يكشف.
والفرضية الثالثة هي أن يستعمل برنامجا لأخفاء الأيبي ، ومعلوم أن مثل هذه البرامج نسبة الأخفاء فيها ليس مئة في المئة ،فضلا عن سلبيتها الواضحة المتمثلة في إبطاء الأتصال ...
لا أقول هذا لكي أشكك فيك ،أو لكي أقول إنك من جملة إدارة منتدى اللادينيين ،إنما أعتبرك صادقا ،ولكن أقول ما سبق للأشارة إلى جانب نفسي فيك ينبغي أن تعيه ، وهو انجذاب نفسي نحو التغيير ، وعدم الارتياح إلى الانتظام في فكرة وتوجه واحد . ولعل هذا ما جعلك لا ترتاح إلى الانتظام تحت مسمى واحد في ذلك المنتدى ، ولعلك في منتدانا هذا بأكثر من اسم أيضا.
ثم قلت بأنك تقلبت في جميع المذاهب الاسلامية من التسنن والأباضية إلى التشيع ،،،فالقضية قد لا تكون قضية عقلية تعالج بمحاورة فكرية بقدر ما قد تكون قضية سيكولوجية ينبغي أن تبحث لها عن معالجة نفسية .
لذا دعني أراجع مداخلاتك ... وعندي فكرة ستكون جيدة بالنسبة لمحاورتنا ،سأقترحها عليك قريبا.
وتقبل وافر التحية والتقدير
اخى الكريم
مسالة التحول من مذهب لاخر لا يمكن ان تحكم عليها حكما عادلا الا اذا عرفت شخصى عن كثب و الاسباب الموضوعية التى كانت تضطرنى لذلك
و الحديث ذو شجون لكن لا ارى اى اهمية للحديث عن شخصى
المهم ما ساطرحه من افكار فى الحوار .
ملحوظة : اغلب مشاركاتى فى اللادينيين كانت باسم " عبد الله " اما الاسماء الاخرى فمشاركاتى بها قليلة جدا , و لم اكتب ابدا باكثر من اسم فى وقت واحد .
قلت في مداخلتي السابقة
بالنسبة للقارئ الذي يتابع حوارنا هذا فإنني كنت أقصد بما سبق أنه نظرا لمعرفتي بالزميل الفاضل القلم الحر في منتديات أخرى تحت مسمى عبد الله ، فقد قمت قبل ساعات باقتراح نقل حوارنا هذا إلى مراسلات خاصة عبر الأيميل ، وذلك لأن الحوار المعلن يجعل المرء يشعر بكونه في حلبة نزال أمام جمهور يترقب من ينهزم ومن ينتصر ، الأمر الذي يجعل طرفي الحوار متشبثين بمواقفهما حتى ولو بدت لهما أنها خاطئة..اقتباس:
لذا دعني أراجع مداخلاتك ... وعندي فكرة ستكون جيدة بالنسبة لمحاورتنا ،سأقترحها عليك قريبا.
لكن الزميل القلم الحر لم ير ضرورة هذا المقترح واستحسن الاستمرار في حوارنا هذا علنا حتى تعم الفائدة.
فله ذلك ..
إنما نتيجة قراءاتي هذا اليوم لمداخلات الزميل القلم الحر تبين لي أنه لا يحتاج في موضوع النبوة إلى كلام مسترسل يوضح المبادئ الأولية وما يتأسس عليها من مفاهيم وأفكار ، فالمعطيات المعرفية لا تنقصه ،إنما هو عنده شكوك ومطلب واضح هو الأتيان له بدليل يثبت له نبوة محمد صلى الله عليه وسلم.
وسأفعل ...إنما نتيجة بعض المشاغل سأحاول أن أكتب مداخلتي غدا.
دعوة للتفكير في نبوة محمد
"وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ 23 فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ ...َ "
في البدء أرى أن موضوع نبوة محمد هو أوسع وأعمق من أن يختزل في مداخلة أو أكثر ، كما أن الأدلة على نبوته هي أكثر من تستعرض ،اللهم إلا بواسطة تصنيفها إجمالا. وهذا ما نجد كتبنا الأسلامية سواء القديمة أو الحديثة تسلكه ،وذلك لوعي أصحابها بأن حصر الأدلة بالعدد أمر صعب.
لكن في نقاش استدلالي لرد شبهات ،لا يصلح التصنيف ولا يفيد ،لأن محاوري يريد أدلة يلمسها ويحسها، بل إن منكر نبوة محمد لن تصلح له كثير من هذه الكتب الاسلامية المتحدثة عن أدلة ةالنبوة بالأجمال والتصنيف ، لأن هذا النوع من المنهج لم يطرح لمنكر النبوة بل للمقتنع بها إبتداء ،بينما منكر النبوة يحتاج إلى أن يسلك معه بمنهجية أخرى وهي عرض الأدلة وإيضاحها والتمثيل لها بأمثلة حتى يحس بها شعوريا وعقليا.
لأن الشك هو أساسا شعور عقلي ووجداني يتم تشكله في وجدان الفرد على نحو يملك كينونته ، وفي هذا السياق يحتاح المحاور إلى أن يجعل منكر النبوة يفكر في الدليل ويستشعره بعمق ، ويحسه بوجدانه. ثم يجعله يشك في شكه في نبوة محمد.
كيف يتم ذلك ،لعل أنسب طريقة هي استفزاز عقل الشاك في نبوة المصطفى بواسطة الأسفهام والتساؤل ودعوته للتفكير.
لذا لابد من استحضاري لبعض الأدلة ،أقول بعضها فقط ،لأنها من حيث العدد كثيرة. ويعرف الزميل الفاضل القلم الحر ،بل حتى من الكتاب الذي تأثر به ، ان الأمام أبا بكر ابن العربى بلغ بتعدادها إلى ألف معجزة عدا ، مع الاستدراك بكونه في تعداده هذا حرص على التلخيص والأيجاز ولم يقصد الأتيان عليها بالعد والأحصاء . كما أن الأمام ابن تيمية ، فى كتابه " الجواب الصحيح " قد بلغ بعدد الأدلة إلى عشرات الألوف ...
والأخ القلم الحر هو خريج كلية الشريعة ،حسب ما أخبرني به، ثم إنه متأثر بكتابات يوسف حداد..
ومن خلال تتبعي لبعض كتابات الزميل القلم الحر تبين لي أنه على دراية بالعلوم الشرعية فهو لا تنقصه الأدلة ،
لكن المشكلة تكمن في كونه غير مقتنع بكون هذه الأدلة هي بالفعل أدلة.
فما هو المسلك الصحيح للمناقشة ؟
كنت طيلة اليوم الماضي أفكر وأقلب احتمالات شتى ،فخلصت إلى أن أنسب وسيلة لأثراء هذا الحوار هو أن لا أقف موقف المعلم ، فزميلي يعرف ما سأقوله له . أجل عندي بعض الأفكار الشخصية التي بلورتها من خلال قراءاتي ،لكن ليس هذا هو ما ينبغي أن يحسم النقاش. بل الذي يستطيع حسمه هو الأفكار الشخصية للزميل القلم الحر
كيف ذلك ؟؟
إن الشك هو نتاج ذاتي ، والآلية العقلية لأنتاج الشك أسهل بكثير من آليات إنتاج اليقين. ونتيجة ذاتية الشك يحتاج صاحبه إلى أن يفكر هو بنفسه ليغالب الشك ، لأنه إذا لم يفكر فإن بذرة الشك تبقى وتستمر..
لذا فقبل أن نأتي إلى أدلة نبوة محمد يجب أن نتأمل في أدلة الشك في نبوته.
هذه الآلية يسمونه في المنطق بالبرهان بالخلف.
ومن ثم فكل ما سأفعل هو أنني لن أنطلق من كون محمد نبيا ، ولا من كون القرآن من عند الله. بل سأنطلق من منطلق معكوس تماما ،أي من الفرضية التي يتبناها زميلي ،بمعنى أن القرآن ليس من عند الله ، وأن محمدا هو مؤلفه ، وبالتالي فهو نبي كاذب لا نبي صادق مرسل.
ثم أقدم ضد هذه الفرضية بمجموعة من الانتقادات والتساؤلات المعترضة عليها ، وأطلب من زميلي أن يفسرها لي ما دام هو يقول أن محمدا ليس نبيا ، وأن القرآن من تأليفه.
وأنا مستعد لأن أستمر مع أخي القلم الحر ولو شهورا في هذا الحوار ، وسنختبر كل دليل على حدة ،ولو أدى بي الأمر إلى إنزال ألف دليل واحدا تلو آخر...
لكن أرجو منه أن يقبل مني أحيانا بعض التأخر نتيجة مشاغل مثلما أقبل منه ذلك ،فحوارنا هو ثنائي ولن يهرب منا ، ففي الوقت سعة ،وفي القلب أيضا...
فلنبدأ إذن ...
لنفترض أن محمدا ليس نبيا رسولا ، وأن القرآن من نسج تأليفه .
أمام هذه الفرضية موانع قوية صلبة تحتاج لكي تصبح حقيقة علمية وتنتقل من مستوى الأفتراض أن تتخطاها ، ،، وأنبه القارئ أولا إلى أن ما سيقرأه ليس أدلة إنما هي فقط دعوة للتفكير في ظاهرة محمد ، سنطرح فيها كل مرة فرضيات ونختبرها فأقول مستعينا بالله:
عندما بلغ محمد أربعين عاما قال بكونه نبيا رسولا .ثم أخذ في عرض قرأن يقول إنه من عند الله.
لنفترض أن القرآن هذا من عند نفسه ،أي من تأليفه . فالمطلب الأول هو أن نجد في النص القرآني حضورا لشخصية محمد ومشاعره . فالقرآن ليس نص فزياء ولا نص رياضيات يغرق في الرموز بل هو نص يتحدث عن مشاعرواعتقادات وحوادث ونظم مجتمعية . ومثل هذا النوع من النصوص لابد أن نجد فيها ملامح مؤلفها.
وعود إلى القول :
لنفترض أن القرآن هذا من عند محمد
فما هو الأعتراض الأول على هذه الفرضية ؟
أولا :
من بين الأسباب المشككة في هذه الفرضية أننا لا نجد في القرآن شخصية محمد. فنص القرآن الذي ينقل لنا حوادث واقعية عاشها محمد أو عاشها المحيطون به "قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها ..." نجده وياللغرابة ! تغيب منه الحوادث المفروض أن تحضر بقوة فيه إذا كان محمد هو مؤلف القرآن ، وذلك مثل :
اللحظات الصعبة التي مر بها في حياته كلحظة موت زوجته خديجة. حيث لا نجد أي ذكر لهذا الحدث في القرآن ، ولا حتى بضع كلمات يبث فيها محمد حزنه عليها ، وهوالذي كان مرهف الحس ، وهو الذي حتى بعد سنوات طوال بعد موتها كان يذكرها فتدمع عيناه!!!
هل يستطيع شاعر أو أديب أ ن يتجاهل ذاتيته ؟؟؟
كيف استطاع محمد أ ن يتجاهل ذاتيته ولم يعبر عن مكنون وجدانه في حق خديجة في نص قرآني ؟؟؟؟
كيف لا نجد ولو ذكرا واحدا لحوادث أخرى كان لابد أن تحضر لأنها أثرت فيه واستدرت الدمع من عينه مثل موت أبنائه الذكور واحدا تلو آخر. وخاصة إبنه إبراهيم الذي احتضر بين يديه ، وتوفي وهو بين ذراعيه ينظر إليه ؟؟
كيف تغيب مثل هذه اللحظات العصيبة من نص القرآن ،ونحن نعلم أن محمد لم يكن رجلا جلفا يخفي شعوره ومشاعره بل كان يفخر بإظهار هذه المشاعر والتعبيرعنها ؟؟؟
محمد كان يحب زورجته خديجة وزوجته عائشة ، ،لكننا لا نجد في القرأن سورة باسميهما ،في حين نجد اسم مريم يتكرر في القرآن 44 مرة ،بل ثمة سورة كاملة باسم مريم!!! كما لانجد ذكرا لأسم فاطمة ولا الحسن والحسين مع شديد حبه لهم؟؟
لماذا؟!!!!!!
بماذا تفسر أخي القلم الحر مثل هذا الغياب لوجدانية محمد إذا كان القرآن من تأليفه؟؟؟؟؟؟؟
هنا تهتز عندي الفرضية الأولى وهي أن القرآن من كتابة محمد.
ولا أسقطها بالتأمل السابق فقط بل أسقطها به وبكثير غيره من التأملات والأدلة والبراهين. لكن يكفيني في هذا المقام أن أقول بناء على ماسبق إن الفرضية منذ أولى لحظات امتحانها العلمي تهتز.
وأنتظر منك إسنادها بتفسير ما سبق وتعليله.
ثم نتابع...
ودائما مع اختبار فرضية أن القرآن من تأليف محمد وليس وحيا !!
ثانيا :هناك معطى آخر يشكك في هذه الفرضية ، يتمثل في حادثة الإفك :
لو تأملت أخي الكريم هذا الحدث ستجد أنه يكفي دليلا على كون القرآن ليس من تأليف محمد ،بل يستحيل عليه أن يكون من تأليفه.
وأنا كلما قرأت آيات الأفك أحسست بنبوة الحبيب المصطفى. وأذكر أنني كنت في مجلس كان أحد الأخوة يشرح لنا آيات الأفك ويستخلص منها الدلالات والضوابط الواجب توفرها داخل الجماعة المسلمة ،بينما كان تفكيري كله ملتفتا إلى شيء آخر ، إلى استحالة كون القرآن من تأليفه. فلو كان من تأليفه لأنزل آيات تبرئة سيدتنا عائشة في ذات اليوم ، ولم يكن ليترك الأشاعة الخسيسية تنتشر وتفعل فعلها في النفوس ، ويتأذى بها رسول الله نفسيا أشذ الأذاية.
وتعلم أن أقسى ما يمكن أن يمس الرجل هو التشكيك في عرضه.
فكيف يصبر محمد كل تلك الأيام الطوال ينتظر نزول الوحي بالحق في شأن حادث الأفك ، ألم يكن سهلا عليه – والقرآن من تأليفه – أن يسارع إلى تبرئتها ؟!!!
فكيف تفسر هذا مع القول أن القرآن من تأليفه؟!!!
ثالثا :
ثم نأتي الآن إلى شخصية محمد ذاتها ،لماذا هذا الغياب الملحوظ لأسمه في القرآن بالمقارنة مع غيره من أسماء الأنبياء ،فمحمد رغم أن سورة موسومة باسمه فهو لم يذكر في القرآن إلا خمس مرات ،بينما ذكر موسى 55 مرة ،وذكر عيسى عليه السلام باسمه 25 مرة .
فكيف يتم هذا التغييب لأسم محمد وتحضر أسماء نبيي الديانتين اللتين لمحمد خصومة واضحة مع أتباعهما؟!!!
دعنا نتابع وننتقل إلى غيره :
رابعا:
من يفترض أن القرآن من كتابة محمد يحتاج أيضا بالأضافة إلى ما سبق أن يتأمل فيما يلي ويعطينا تفسيرا مقنعا له :
إن بنية النص القرآني تثير غرابة من حيث الثراء اللغوي .كتاب القرآن معدود الصفحات ، وهو لا يتجاوز في القطع المتوسط خمسمئة صفحة. فهو إذن أقل بكثير من حيث الحجم بكتاب التوراة مثلا . لكن رغم صغر حجمه يمتاز بكونه أثرى كتاب من حيث اللغة.
وهنا أستحضر إحصاء معجميا لألفاظ القرآن للدكتور علي حلمي موسى حيث قام بتجربة حسابية رقمية على جذور الألفاظ القرآنية.وقارن من الجذور للألفاظ الواردة في نص القرآن مع جذور الكلمات الواردة في أكبر وأوسع معاجم اللغة العربية الثلاثة: أي "تاج العروس" للزبيدي و"لسان العرب" لابن منظور و"الصحاح" للجوهري ..فلننظر إلى نتيجة المقارنة:
1. كلمات القرآن التي لها جذور بلغت كأسماء وأفعال ( 51899 ( كلمة
2. كلمات القرآن التي استمدت من جذر غير ثلاثي ( بعض منها مُعرّب ) مثل برزخ وخردل وسلسبيل عددها ( 167 ) لفظا.
فانتهى إلى أن نسبة الكلمات القرآنية التي لها جذر ثلاثي = 98 %.
3- عدد الجذور الثلاثية للألفاظ القرآنية التي بدأت بالهمزة هو ( 76 ) جذرا وعددها في الصحاح للجوهري (187). بمعنى أن النص القرآن على وجازته استخدم 40% من جذور الألفاظ المبدوءة بالهمزة.
5. مجموع الجذور الثلاثية للألفاظ القرآنية هو ( 1640 ) وبالمقارنة نجد أن مجموع الجذور الثلاثية في الصحاح للجوهري هو (4814). بمعنى أن القرآن استخدم 34%.
وتأسيسا على ما سبق يتبين أن القرآن الكريم استعمل أكثر من ثلث الجذور الثلاثية للألفاظ العربية .
(أنظر إعجاز القرآن البياني ودلائل مصدره الرباني للدكتور صلاح عبد الفتاح الخالدي ص332 ، دار عمار – الأردن طبعة: 2004م.
على ماذا يدل هذا الثراء اللغوي؟؟؟
نعلم جميعا أن كل كاتب له معجم حاضر ذهنيا ، ويتمظهر في تعبيراته المكتوبة والملفوظة. وكل كاتب حتى ولو كان يعرف جميع دلالات ألفاظ العربية لن يستطيع بشكل تلقائي استعمالها كلها ولو كتب ألف مجلد.بل حتى ولو كتب مليون مجلد . وهذه آلية سيكولوجية معروفة في ما يسمى عند تشومسكي بنظرية "الكفاءة اللغوية".
فأي أديب مهما بلغ ثراؤه اللغوي واقتداره في التعبير لن يستخدم في الغالب أكثر من 5% من أصول كلمات اللغة ولو كتب كما سبق أن قلت آلاف المجلدات، فما معنى أن يستعمل النص القرآني أكثر من ثلث الكلمات العربية ؟
ولو تأملت كتابات العقاد مثلا ستجد كلمات تتكرر كثيرا ،ولو تأملت كتابات أي كاتب آخر ستجد نفس الشيء ،بمعنى أن اللغة غير قابلة للأمتلاك كلها على مستوى الأستعمال حتى ولو امتلكتها كلها على مستوى دراية مدلولات ألفاظها.
بناء على ذلك يشكل القرآن استثناء بين الكتب !!!
فكيف ينفرد محمد بأن يتفوق على غيره من الكتاب فينسج نصا يحتمل بين دفتيه كل هذا الثراء اللغوي ؟؟؟؟؟
بل العجيب في الأمر أن هذا الثراء غير موجود حتى في أحاديثه التي صدرت منه رغم أن حجم وعدد أحاديثه أكبر من حجم القرآن !!
ألا يدل هذا على أن هذا النص الفريد الموجود بين دفتين لم يأت من محمد ؟!!!
خامسا:
وفي سياق القراءة اللغوية للنص القرآني ثمة أمر آخر إضافة إلى ما سبق وهو :
اختلاف الأسلوب بين الحديث والقرآن.
فلو راجعنا أساليب الكتاب والشعراء سنلاحظ أ ن لكل شاعر أو كاتب أسلوب محدد في الصياغة والتركيب . لكن نجد محمد يمتاز عن غيره بنمطين أسلوبيين متباينين على نحو يقطع باختلاف وتباين مصدريهما.
فأسلوبه في قول الحديث مخالف لأسلوبه في نظم القرآن.هذا مع أنه في أحاديثه لم يكن مجرد متكلم عادي بل بلغ الفصاحة في الخطاب ،فكيف يقتدر محمد على ما لم يقتدر غيره من الكتاب والشعراء؟
سادسا :
عندما نطق محمد بالقرآن تبين للعرب بوضوح أمران اثنان :
1- أنه خارق لمعهودهم في الخطاب . فلا هو شعر ولا هو نثر مسبوك فيما اعتادوه من أسليب الخطابة وصياغة الأمثال والحكم. بل هو متفرد في أسلوبه.لذا احتاروا في تصنيفه.وهذه الحيرة سجلها لنا القرآن في حديثه عن الوليد...
2- أنه بليغ في أسلوبه. لذا كانوا ينصحون غالبا بعضهم بعضا بأن لا يسمعوا للقرآن.
قد لا يحس القارئ المعاصر بجمالية البلاغة القرآنية . وهذا متوقع لأن نظامنا التعليمي لم يستطع تكوين ذائقة لغوية سليمة لها آلياته العلمية التي تمكنها من فهم بلاغة الكلام والأحساس بها.
مثلما أن المبتدئ في اللغة الأنجليزية لن يحس بجمالية لغة مسرحيات شكسبير ، وهذا ليس عيبا في لغة شكسبير بقدر ما هو نقص في قارئها المبتدئ.
سابعا :
ثم إن محمد عندما قرأ القرآن على قريش قرنه بالتحدي ، ونحن نعلم أن قريش قد جمعت قبائل العرب كلها ضد محمد في غزوة الأحزاب لمقاتلة محمد ، لذا أتساءل ألم يكن من السهل عليها أن تجمع فصحاء العرب وشعرائها لمعارضته؟؟!!!
لماذا لم تفعل مع أن الجزيرة العربية كانت معتادة في مجالس الشعر على التباري في المعارضة بين الشعراء ؟ لماذا لم تفعل مع أن محمد كرر التحدي مرة تلو مرة ؟؟
أليس الأمر مستغرب حقا ؟ ألا يدعو هذا إلى التفكير والتأمل ؟
قد تقول لقد حاولوا ولكن التاريخ لم يسجل محاولاتهم ؟
نحن نعلم أنه حتى المؤرخين القائلين بأن التاريخ يكتبه المنتصرون ، يقولون إنه يتبقى دائما بين تلافيف التاريخ ما يؤكد خلاف رواية المنتصرين.ويكفي في نظرية التاريخ الصامت والتاريخ الصائت للمؤرخ الفرنسي الكبير بروديل إشارة إلى إمكان إعادة كتابة التاريخ الخفي ،باستنطاق الشروط المجتمعية في شموليتها وتنوعها .ومن ثم أقول ليست مقولة أن التاريخ يكتبه المنتصرون دالة على أن المعطى التاريخي يكون دائما محفوظا من أي تأثير لغير المنتصر.
ودارس التاريخ ونظرياته يعرف بالتأكيد ما سبق.
لكن التاريخ سجل لنا محاولات عرب الجزيرة للرد على تحدي القرآن ، مثل محاولة مسيلمة مثلا ، وقد كانت هذه المحاولة بتخلخلها وسوئها وانحطاطها بلاغيا ودلاليا حجة على العجز عن معارضة القرآن.
لكن قد يقال بأن المؤرخين المسلمين قصدوا تسجيل هذه المحاولات الضعيفة التي قام بها مسليمة وغضوا النظر عن غيرها.
لكن هذا الاعتراض هو رجم بالغيب . نقابله بطلب هذه المحاولات ، ونعلم يقينا أنها غير موجودة.
لكن يكفينا هنا التأمل في محاولة معاصرة التي حاول القيام بها " مجموعة أورشليم " من المسيحيين المتخصصين في اللغة العربية ،فقد عكفوا على مشروعهم طيلة ستة عشر سنة من أجل معرضة القرآن بإعادة كتابة أفكار الأنجيل بأسلوب قرآني .
ومن بين أجمل نصوصهم التي استحقت من القس شروش أن ينقلها عنهم ويستدل بها على تحقق معارضة القرآن هذا النص الذي أضعه للتأمل ودون تعليق مني ،لأن في إيراده غناء عن الرد عليه:
" بسم الله الرحمن الرحيم. قل يا أيها الذين آمنوا إن كنتم تؤمنون بالله حقاً فآمنوا بي و لا تخافوا. إن لكم عنده جنات نزلاً. فلأسبقنكم إلى الله لأعدها لكم ، ثم لآتينكم نزلة أخرى ، و إنكم لتعرفون السبيل إلى قبلة العليا. فقال له توما الحواري: مولانا إننا لا نملك من ذلك علماً. فقال له عيسى: أنا هو الصراط إلى الله حقاً ، و من دوني لا تستطيعون إليه سبيلاً ، و من عرفني فكأنما عرف الله ، و لأنكم منذ الآن تعرفونه و تبصرونه يقيناً ، فقال له فيليب الحواري : مولانا أرنا الله جهرة تكفينا، فقال عيسى: أو لم تؤمنوا بعد و قد أقمت معكم دهراً ؟ فمن رآني فكأنما رأى الله جهراً " والنص كما هو ملحوظ مصاغ بناء على إنجيل يوحنا (14/1-6 ) .
ثامنا :
ومن خلال تتبعي ليوسف حداد ،الذي أرى أن الأخ القلم الحر متأثر به ، كثيرا ما يكرر أن نبوة محمد تحتاج إلى دليل والدليل هو مثلا قوله بالغيب. ولذا حاول الحداد تعقب كل روايات الغيب ليشكك فيها.. وقد تأتي مناسبة لننتقد ونفضح بعض سقطاته.
لكن في هذا السياق دعنا لنتأمل ما يلي:
نجد في القرآن مرات عديدة إشارات غيبية تحققت ، ولم يتم تكذيبه ولو في واحدة . وهذا أمر مستغرب حقيقة . لأن الكهنة والمتنبئين يصيبون في واحدة ويكذبون في عشرات، بينما محمد لم يسجل قط له أن كذب في نبوءة وردت في القرأن أو في حديث من أحاديثه.
دعنا نأخذ أمثلة :
نجد في القرأن الكريم أن آيات كثيرة تعلن عن أن دين الأسلام سوف يظهر على غيره من الأديان وسوف يكون له الريادة والسيادة (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُون)..
وقد تحقق هذا .
هذا رغم كون القرآن ومحمد كانا يقولان بهذا في لحظات استضعاف كماهوالحال في مكة ، وكما هو الحال في تلك الليالي العصيبة في المدينةوهم يحفرون الخندق ليحتموا من قبائل العرب التي جيشت كل قواها لإفنائهم ،في تلك اللحظات العصيبة جدا قال محمد بانتصار المسلمين على كسرى وقيصر .
وقد تحققت نبوءته.
،قد يقال إن هذه نبوءات أطلقها محمد بذكائه لتشجيع أتباعه ، وهو يعلم أن أمرها متروك إلى سنوات مقبلة ،فإذا حدثت تم تصديقه وإذا لم تحدث لن يقع شيء لن يكذبه أحد لأنه يكون قد مات.
لكن هذا مردود عندما نجد أن محمد يعلن عن أمر غيبي سيتحقق في حياته كما هو الحال في فتح مكة.
بل أغرب من هذا إن محمد يعلن عن أمر غيبي في حق كافر يسمع ذلك الأمر ولا يستطيع ذلك الكافر المشرك أن يخالفه .فسورة "تبت يد أبي لهب " كما تعلم جاءت بأمر غيبي وهو أن أبا لهب سيموت هو وامرأته على الكفر.
والغريب أن مكة كلها بكل أذكيائها لم تخطر لهم على البال فكرة كانت ستكون مدمرة ومقلقلة لمحمد . وهو أن يمثل أبا لهب دور المؤمن بالآسلام.
من بين النبوءات التي قالها القرآن انتصار الروم على الفرس ؟،"غلبت الروم في أدنى الأرض ... الخ "
وتحققت النبوءة.
ثمة هنا احتمالات ثلاثة :
إما أن تكون سورة "تبت يد أبي لهب" و"سورة الروم " والآيات المخبرة بفتح مكة "قيلت قبل وبالتالي فهي تنبؤ غيبي تحقق.
وإما أن يكون محمد قد أضافها بعد انتصار الروم فعلا ، و بعد تحقق موت أبي لهب ،وفتح مكة .
والاحتمال الثالث: أن يكون جامعوا القرآن قد أضافوها ليثبتوا القدرة التبؤية بالغيب في القرآن.
ثلاثة احتمالات ،لو اختبرناها سنجد أن الاحتمال الوحيد المؤكد هو أن السور قيلت قبل تحقق ما تخبر به وجوديا ولم تضف بعديا .
لأنه :
إذا كان محمد قد أضافها بعديا ،فإنه بذلك سيفضح نفسه بين أتباعه ،حيث سيعلمون أنه يكذب عليهم ،فقد عاشوا في مكة ولم تكن سورة أبي لهب قد تنزلت.وحدث انتصار الروم ، ثم ابتدع محمد نص الأخبار به ، وحدث فتح مكة ثم أخبر به..ومن ثم ستكون فعلته هذه دليلا على عدم نبوته لا العكس. ومن ثم يستحيل عليه أن يقدم دليلا على كذبه بهذا الشكل الفاضح.
يبقى احتمال أن يكون الصحابة الذين جمعوا القرآن أضافوها .
لكن هذا الأحتمال الثاني هو نفسه مستبعد ،فلا أحد كان قادرا على أن يغامر بنفسه ليضيف سورة بأكملها . ولماذا يضيفها ؟ هل ليوجد للأسلام مسلمون مؤمنون به وبنبوة محمد ؟؟
لقد حصل ذلك بالفعل ،ولم يكن الأمر محتاج إلى اختراع نبوءات وإضافتها إلى القرآن.
ثمة أفكار أخرى ،لكن نظرا لضيق الوقت ، ونظرا لما قطعته من عهد على زميلي القلم الحر أن لا تكون مداخلاتي إلا موجزة ، حتى يتم اختبار كل فكرة والتعمق في بحثها أقتصر على ما سبق.
وما سبق هو مجرد تأمل في ظاهرة النص القرآني ومقاربتها بإمعان التفكير في الفرضية القائلة بكونه من تأليف محمد.
ملحوظة : لقد راجعت مداخلتي السابقة فوجدت كثيرا من الأخطاء الأملائية والنحوية الناتجة عن السرعة في كتابتها. لذا وجب التنويه.وشكرا
طرح الاخ الكريم حاتم مجموعة من الانتقادات والتساؤلات المعترضة على فرضية ان محمدا ليس نبيا رسولا ، وأن القرآن من نسج تأليفه ، و طلب منى ان افسرها
و ساناقش بموضوعية هذه المسائل التى تفضل بطرحها
كتب الاخ الفاضل :
اعتقد انه على وفق فرضية ان محمدا هو مؤلف القران فلا شك ان محمدا يدرك انه لا يؤلف خواطر شخصية بل كتاب يقدمه للناس على انه خطاب الله لهم لهدايتهم ., و لا شك انه اذكى من ان يضع فى كتاب كهذا نصوصا تتناول مشاعره الخاصة نحو زوجاته و ابنائه .اقتباس:
لنفترض أن القرآن هذا من عند نفسه ،أي من تأليفه . فالمطلب الأول هو أن نجد في النص القرآني حضورا لشخصية محمد ومشاعره . فالقرآن ليس نص فزياء ولا نص رياضيات يغرق في الرموز بل هو نص يتحدث عن مشاعرواعتقادات وحوادث ونظم مجتمعية . ومثل هذا النوع من النصوص لابد أن نجد فيها ملامح مؤلفها
من بين الأسباب المشككة في هذه الفرضية أننا لا نجد في القرآن شخصية محمد. فنص القرآن الذي ينقل لنا حوادث واقعية عاشها محمد أو عاشها المحيطون به "قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها ..." نجده وياللغرابة ! تغيب منه الحوادث المفروض أن تحضر بقوة فيه إذا كان محمد هو مؤلف القرآن ، وذلك مثل :
اللحظات الصعبة التي مر بها في حياته كلحظة موت زوجته خديجة. حيث لا نجد أي ذكر لهذا الحدث في القرآن ، ولا حتى بضع كلمات يبث فيها محمد حزنه عليها ، وهوالذي كان مرهف الحس ، وهو الذي حتى بعد سنوات طوال بعد موتها كان يذكرها فتدمع عيناه!!![/color]
هل يستطيع شاعر أو أديب أ ن يتجاهل ذاتيته ؟؟؟
كيف استطاع محمد أ ن يتجاهل ذاتيته ولم يعبر عن مكنون وجدانه في حق خديجة في نص قرآني ؟؟؟؟
كيف لا نجد ولو ذكرا واحدا لحوادث أخرى كان لابد أن تحضر لأنها أثرت فيه واستدرت الدمع من عينه مثل موت أبنائه الذكور واحدا تلو آخر. وخاصة إبنه إبراهيم الذي احتضر بين يديه ، وتوفي وهو بين ذراعيه ينظر إليه ؟؟
كيف تغيب مثل هذه اللحظات العصيبة من نص القرآن ،ونحن نعلم أن محمد لم يكن رجلا جلفا يخفي شعوره ومشاعره بل كان يفخر بإظهار هذه المشاعر والتعبيرعنها ؟؟؟
محمد كان يحب زورجته خديجة وزوجته عائشة ، ،لكننا لا نجد في القرأن سورة باسميهما ،في حين نجد اسم مريم يتكرر في القرآن 44 مرة ،بل ثمة سورة كاملة باسم مريم!!! كما لانجد ذكرا لأسم فاطمة ولا الحسن والحسين مع شديد حبه لهم؟؟
لماذا؟!!!!!!
و لا يجب ان يعبر عن مشاعره تلك فى هذا الكتاب بل يكفى ان يعبر عنها فى احاديثه التى اعطاها القران قدسية و حجية و فى الاحاديث المنسوبة اليه ما تتجلى فيه : مشاعر حبه لخديجة حتى انه بشرها بالجنة , و حبه لفاطمة حتى انه جعلها سيدة نساء اهل الجنة , و حبه لعائشة , و حبه لسبطيه اللذين جعلهما سيدا شياب اهل الجنة .
و على اى حال اعتقد ان الاخ الكريم يوافقنى فى ان هذه النقطة لا ترقى الى ان تكون برهانا نقنع او نفحم به من يرتاب فى نبوة محمد .
"يتبع"
اذا كان ما لفت انتباه الاخ العزيز مسالة انه لو كان القران من تاليف محمد فلماذا لم ينزل برائتها فى ذات اليوماقتباس:
ثانيا :هناك معطى آخر يشكك في هذه الفرضية ، يتمثل في حادثة الإفك :
لو تأملت أخي الكريم هذا الحدث ستجد أنه يكفي دليلا على كون القرآن ليس من تأليف محمد ،بل يستحيل عليه أن يكون من تأليفه.
وأنا كلما قرأت آيات الأفك أحسست بنبوة الحبيب المصطفى. وأذكر أنني كنت في مجلس كان أحد الأخوة يشرح لنا آيات الأفك ويستخلص منها الدلالات والضوابط الواجب توفرها داخل الجماعة المسلمة ،بينما كان تفكيري كله ملتفتا إلى شيء آخر ، إلى استحالة كون القرآن من تأليفه. فلو كان من تأليفه لأنزل آيات تبرئة سيدتنا عائشة في ذات اليوم ، ولم يكن ليترك الأشاعة الخسيسية تنتشر وتفعل فعلها في النفوس ، ويتأذى بها رسول الله نفسيا أشذ الأذاية.
وتعلم أن أقسى ما يمكن أن يمس الرجل هو التشكيك في عرضه.
فكيف يصبر محمد كل تلك الأيام الطوال ينتظر نزول الوحي بالحق في شأن حادث الأفك ، ألم يكن سهلا عليه – والقرآن من تأليفه – أن يسارع إلى تبرئتها ؟!!!
فكيف تفسر هذا مع القول أن القرآن من تأليفه؟!!!
فما حيرنى هو : اذا كان القران من عند الله و محمد نبيه فلماذا لم يبين الله براءة السيدة عائشة فى ذات اليوم ؟!الم يكن يعلم براءتها لماذا اذن لم يظهر براءتها و تاخر ذلك ؟
و لم يكن معتادا ان تتناول ايات القران الفصل فى مسائل زوجية خاصة كهذه حتى يقال لو كان من تاليفه لانزل ايات تبرئها فى ذات اليوم .
و مرة اخرى هذه ليست براهين مقنعة و مفحمة بل لا تعدو ان تكون شواهد يستانس بها المؤمن بنبوة محمد ليزداد ايمانا لكنها غير كافية لتاسيس هذا الايمان عند من يرتاب فى نبوة محمد .
ان غاب اسمه فلم يغب شخصه , بل القران مشحون بالايات التى تذكره بلفظ النبى او الرسول ,اقتباس:
ثالثا :
ثم نأتي الآن إلى شخصية محمد ذاتها ،لماذا هذا الغياب الملحوظ لأسمه في القرآن بالمقارنة مع غيره من أسماء الأنبياء ،فمحمد رغم أن سورة موسومة باسمه فهو لم يذكر في القرآن إلا خمس مرات ،بينما ذكر موسى 55 مرة ،وذكر عيسى عليه السلام باسمه 25 مرة .
فكيف يتم هذا التغييب لأسم محمد وتحضر أسماء نبيي الديانتين اللتين لمحمد خصومة واضحة مع أتباعهما؟!!!
و الايات التى تعظم شخصه ,و تفرض على الناس طاعته طاعة مطلقة , و تامرهم بالصلاة عليه ,و تحرم رفع الصوت فوق صوته او دعائه كدعاء بعضهم بعضا او حتى الزواج بزوجاته بعد وفاته ..الخ
بل يدل فحسب على نبوغ محمد البلاغى , و كافة المسلمين يعتقدون انه افصح من نطق بالضاد .اقتباس:
رابعا:
من يفترض أن القرآن من كتابة محمد يحتاج أيضا بالأضافة إلى ما سبق أن يتأمل فيما يلي ويعطينا تفسيرا مقنعا له :
إن بنية النص القرآني تثير غرابة من حيث الثراء اللغوي .كتاب القرآن معدود الصفحات ، وهو لا يتجاوز في القطع المتوسط خمسمئة صفحة. فهو إذن أقل بكثير من حيث الحجم بكتاب التوراة مثلا . لكن رغم صغر حجمه يمتاز بكونه أثرى كتاب من حيث اللغة.
وهنا أستحضر إحصاء معجميا لألفاظ القرآن للدكتور علي حلمي موسى حيث قام بتجربة حسابية رقمية على جذور الألفاظ القرآنية.وقارن من الجذور للألفاظ الواردة في نص القرآن مع جذور الكلمات الواردة في أكبر وأوسع معاجم اللغة العربية الثلاثة: أي "تاج العروس" للزبيدي و"لسان العرب" لابن منظور و"الصحاح" للجوهري ..فلننظر إلى نتيجة المقارنة:
1. كلمات القرآن التي لها جذور بلغت كأسماء وأفعال ( 51899 ( كلمة
2. كلمات القرآن التي استمدت من جذر غير ثلاثي ( بعض منها مُعرّب ) مثل برزخ وخردل وسلسبيل عددها ( 167 ) لفظا.
فانتهى إلى أن نسبة الكلمات القرآنية التي لها جذر ثلاثي = 98 %.
3- عدد الجذور الثلاثية للألفاظ القرآنية التي بدأت بالهمزة هو ( 76 ) جذرا وعددها في الصحاح للجوهري (187). بمعنى أن النص القرآن على وجازته استخدم 40% من جذور الألفاظ المبدوءة بالهمزة.
5. مجموع الجذور الثلاثية للألفاظ القرآنية هو ( 1640 ) وبالمقارنة نجد أن مجموع الجذور الثلاثية في الصحاح للجوهري هو (4814). بمعنى أن القرآن استخدم 34%.
وتأسيسا على ما سبق يتبين أن القرآن الكريم استعمل أكثر من ثلث الجذور الثلاثية للألفاظ العربية .
(أنظر إعجاز القرآن البياني ودلائل مصدره الرباني للدكتور صلاح عبد الفتاح الخالدي ص332 ، دار عمار – الأردن طبعة: 2004م.
على ماذا يدل هذا الثراء اللغوي؟؟؟
نعلم جميعا أن كل كاتب له معجم حاضر ذهنيا ، ويتمظهر في تعبيراته المكتوبة والملفوظة. وكل كاتب حتى ولو كان يعرف جميع دلالات ألفاظ العربية لن يستطيع بشكل تلقائي استعمالها كلها ولو كتب ألف مجلد.بل حتى ولو كتب مليون مجلد . وهذه آلية سيكولوجية معروفة في ما يسمى عند تشومسكي بنظرية "الكفاءة اللغوية".
فأي أديب مهما بلغ ثراؤه اللغوي واقتداره في التعبير لن يستخدم في الغالب أكثر من 5% من أصول كلمات اللغة ولو كتب كما سبق أن قلت آلاف المجلدات، فما معنى أن يستعمل النص القرآني أكثر من ثلث الكلمات العربية ؟
ولو تأملت كتابات العقاد مثلا ستجد كلمات تتكرر كثيرا ،ولو تأملت كتابات أي كاتب آخر ستجد نفس الشيء ،بمعنى أن اللغة غير قابلة للأمتلاك كلها على مستوى الأستعمال حتى ولو امتلكتها كلها على مستوى دراية مدلولات ألفاظها.
بناء على ذلك يشكل القرآن استثناء بين الكتب !!!
فكيف ينفرد محمد بأن يتفوق على غيره من الكتاب فينسج نصا يحتمل بين دفتيه كل هذا الثراء اللغوي ؟؟؟؟؟
بل العجيب في الأمر أن هذا الثراء غير موجود حتى في أحاديثه التي صدرت منه رغم أن حجم وعدد أحاديثه أكبر من حجم القرآن !!
ألا يدل هذا على أن هذا النص الفريد الموجود بين دفتين لم يأت من محمد ؟!!!
و ربما حصل نحو هذا الثراء اللغوى فى كلام غيره , و لعل هناك من يجد فى كتاب " نهج البلاغة " مثلا ثراءا لغوى مشابه ..
لكن ماذا عن الثراء فى المضمون و المعلومات ؟
ان من الظواهر الملفته فى القران ذلك التكرار المفرط العجيب , مع ان المفترض فى كتاب الهى ان يتناول معانى لا تحصى كثرة تعبر عن علم رب العالمين و ان يقدم معلومات اكثر بكثير من تلك المعلومات المحدودة التى يقدمها القران و التى يكرر للاسف بعضها بشكل عجيب منفر كأنه لا يجد اهم منها يضيفه
حتى بالغ البعض و قالوا : انه لو حذف هذا التكرار لما بقى من المصحف الا كراسة !
و كما يقول الاستاذ يوسف الحداد :
"تعليم التوحيد الخالص، للايمان باللّه واليوم الآخر، فهو تعليم واحد : " قلْ : إنما أعظكم بواحدة : أن تقوموا للّه مثنى وفرادى " (سبأ 46)؛ " وما أرسلنا من قبلك من رسول إلاّ ن وحي اليه أنه لا إله الاّ أنا فاعبدون " (الأنبياء 25)؛ " قلْ : إنما أنا بشر مثلكم، يُ و حى إليَّ أنما الهكم إله واحد " (الكهف 110)؛ " قلْ: انما أنا بشر مثلكم، يوحى اليَّ أنما الهكم إله واحد " (فصلت 6). وهذا التعليم الواحد في التوحيد تصريح واحد، ببعض فروق لفظية في التعبير.
فهل تكرار ذلك مراراً في السورة الواحدة، وعلى الدوام في سورة كلها، من الاعجاز في التنزيل والتعليم، والاعجاز في البلاغة والبيان ؟
والتكرار المكشوف هو في براهين التوحيد :
فقد جمعها في قوله " والهكم إله واحد، لا أله إلأّ هو، الرحمن الرحيم. إن في 1) خلق السماوات والأرض 2) واختلاف الليل والنهار 3) والفلك تجري في البحر بما ينفع الناس 4) وما أنزل اللّه من السماء من ماء، فاحيا به الأرض بعد موتها 5) وبثّ فيها من كل دابة 6) وتصريف الرياح 7) والسحاب المسخّر بين السماء والأرض – لآيات لقوم يعقلون " (البقرة 163: 164).
نلاحظ أنها براهين الحس والوجدان الديني، لا براهين العقل والمنطق : فالعقل والعلم يفسّران هذه المشاهد الكونية بدون لجوء الى اللّه سبحانه تعالى، وان كان العلة الأولى وراءَ ها جميعا. لكنها بحدّ ذاتها لا برهان فيها على وجود اللّه أو على توحيده. وليس في القرآن من براهين العقل والمنطق سوى قوله : " لو كان فيهما آلهة الأّ اللّه لفسدتا " (الانبياء 22) ويسمى برهان التمانع؛ وقوله : " ما اتخذ اللّه من ولد، وما كان معه من إله : إذن لذهب كل اله بما خلق، ولعلا بعضهم على بعض " (المؤمنون 91). ويسمى برهان التسليم والامتناع وقوله أيضاً : " قل لو كان معه آلهة، كما يقولون، أذاً لا بتغوا الى ذي العرش سبيلاً " (الأسراء 42). لذلك " زعم الجاحظ ان المذهب الكلامي لا يوجد منه شيء في القرآن " .
وتلك البراهين الوجدانية القائمة على مشاهد الكون، في آي القرآن، هي البراهين السبعة التي يكررها في كل سورة، وفي سور القرآن كله :
1) خلق السماوات والأرض، هذا برهان متواتر تقريباً في كل سورة وبلفظ واحد : " وهو الذي خلق السماوات والأرض " (6: 73؛ 11: 7؛ 57: 4) ؛ " واللّه الذي خلق السماوات والأرض " (7: 54؛ 10: 3؛ 14: 32؛ 32: 4)؛ " خلق اللّه السماوات والأرض بالحق " (14: 19؛ 16: 3؛ 39: 5؛ 64: 3)؛ " خلق اللّه السماوات والأرض بالحق " (29: 44 ؛ 45 : 22 )؛ "من خلق السماوات والأرض"؟ (29 : 61 ؛ 31: 25 ؛ 39: 38 ؛ 43 : 9 ) " وما خلقنا السماوات والأرض … .. " (15: 85؛ 44: 38؛ 46: 3)؛ " خلقنا السماء والأرض " (21: 16؛ 38: 27). إنه اعلان متواتر بلفظ واحد ومعنى واحد، ولكن لا يستغله جدلاً. فهل هذا التكرار من الاعجاز ؟
2) اختلاف الليل والنهار (2: 164؛ 3: 190؛ 45: 5)؛ " وله اختلاف الليل والنهار (23: 80)؛ (إن في اختلاف الليل والنهار " (10: 6). وهذا برهان أيضاً متواتر بحرفه الواحد، فما النكتة البيانية في تكراره بالحرف الواحد ؟
3 ) والفلك تجري في البحر " هو أيضاً برهان متواتر : " ولتجري الفلك بأمره " (30: 46)؛ " لتجري الفلك فيه " (45: 12)؛ " وعلى الفلك تُحملون " (23: 22؛ 40: 80)؛ " حملنا ذريتهم في الفلك " (36: 41) "وجعل لكم من الفلك" (43: 12) "وسخر لكم الفلك" (14: 32)؛ " وترى الفلك مواخر فيه " (16: 14)؛ " الذي يُزجي لكم الفلك " (17: 66)؛ " والفلك تجري في البحر " (22؛ 65) "إن الفلك تجرى فى البحر" (31: 31) "وترى الفلك فيه مواخر" (35: 12). هذا برهان بدائي لقوم بدائيين، يدهشون من جري الخشب على الماء. فكيف بهم اذ يرون الطائرات تمشي في الهواء، والصواريخ تغزو الفضاء ؟ لكن كيف يصح أن يكون برهانا على التوحيد لقوم يعقلون ؟
4 ) أنزل من السماء ماء (2: 22؛ 41: 11؛ 6: 99؛ 13: 17؛ 14: 32؛ 16: 10 و 65 ؛ 20 : 53؛ 22: 63؛ 35: 27؛ 39: 21؛ 10: 24؛ 18: 45؛
15: 22؛ 23: 18؛ 25: 48؛ 31 : 10؛ 29: 63؛ 30: 24؛ 15: 22؛ 23: 18) – هذا غيض من فيض. وهل تنزيل المطر من السماء معجزة الهية تدل على وجود اللّه وعلى توحيده ؟
5 ) " وبث فيها من كل دابة " (2: 164؛ 31: 10) ؛ " وما بث فيهما من دابة " (42: 29 )؛ " و ما يبث من دابة " (45: 4). برهان متواتر بالحرف الواحد والمعنى الواحد. وهل في خلق الدواب والشجر من برهان على توحيد اللّه ؟
6 ) " وتصريف الرياح " : " اللّه الذي يرسل الرياح " (30: 48)؛ " واللّه الذي ارسل الرياح " (35: 9)؛ " ومن آياته ان يرسل الرياح " ( 30: 46)؛ " ومَن يرسل الرياح " (27: 63)؛ " وهو الذي أرسل الرياح " ( 25: 48)؛ " وهو الذي يرسل الرياح " (7: 56)؛ " وتصريف الرياح آيات " (45: 40). هذا أيضاً برهان متواتر بالحرف الواحد على توحيد اللّه. وهل فيه برهان لقوم يعلمون ؟
7 ) " والسحاب المسّخر بين السماء والأرض " (2: 164) ؛ " وينشىء السحاب " (13: 12)؛ " ارسل الرياح فتثير سحاباً " (35: 9)؛ (يرسل الرياح فتثير سحاباً " (30: 48)؛ " إن اللّه يُزجي سحاباً " (24: 43). هذا أيضاً برهان متواتر على توحيد اللّه. فهل اللّه هو الذي يخلق السحاب بمعجزة ؟ وهل في ذلك برهان لقوم يعقلون ؟
تلك هي براهين التوحيد في القرآن. إنها أقرب الى الشعر منه الى البرهنة. وهي تملأ سور القرآن. فهل في تكرارها بالحرف الواحد والمعنى الواحد، تقريباً، اعجاز في البلاغة والبيان ؟
----------------------------
التكرار في القصص القرآني
جاءَ في (الاتقان 2: 68 ): " قال بعضهم : ذكر اللّه موسى في مائة وعشرين موضعاً من كتابه؛ وقال ابن العربي : ذكر اللّه قصة نوح في خمس وعشرين آية؛ وقصة موسى في تسعين آية " .
وفي كتاب (تفصيل موضوعات القرآن، في الآيات المتوافقة) للسيد محمد عبد اللّه الجزار، باب قيم يذكر فيه " آ ي ات النظائر " في القصص القرآني :
1 ) " آدم – ذكر في عشر سور. وذكر في ثلاث سور منها بآيات ليست لها نظائر … . أما آ ي ات النظائر فهي : البقرة 34 – 39؛ الاعراف 11- 24؛ الحجر 28- 44؛ الاسراء 61- 65؛ الكهف 50؛ طه 116 – 124؛ ص 71 – 85 " – فتلك آيات النظائر في سبع سور.
2 ) " آيات النظائر في نوح : باب دعوته ومجادلته لقومه : الاعراف 59 – 64؛ هود 25 – 34؛ ثم آيات صنع الفلك والطوفان : المؤمنون 27 الى آخره؛ الشعراء 105 – 120 – ثم ذكرت قصة نوح مع قومه باختصار وايجاز في سورتي الصافات (75 – 82)والقمر (9- 16) وغيرهما . وبعد ذلك سورة نوح كلها.
3 ) " آيات النظائر في هود مع قومه عاد : الاعراف 65 – 72؛ هود 50 – 60؛ الشعراء 123 – 140؛ الاحقاف 21 – 25 " – فتلك آيات النظائر في أربع سور.
4 ) " آيات النظائر في صالح وقومه ثمود : الاعراف 73 – 79؛ هود 61 – 68؛ الحجر 80 – 84؛ الشعراء 141 – 159؛ النمل 45 – 53 " – فتلك آيات النظائر في خمس سور.
5 ) " ابراهيم – آيات النظائر فيه. باب دعوته ومجادلته لأبيه و ل قومه : الانعام 74 – 81؛ الأنبياء 51 – 70؛ مريم 41 – 48؛ العنكبوت 16 – 25؛ الصافات 83 – 98؛ الزخرف 26 - 28؛ الممتحنة 4- 5؛ البقرة 258 – باب ابراهيم و ضيوفه : هود 69 – 76 ؛ الحجر 51 – 60 ؛ الذاريات 24 – 37 – باب ابراهيم والبيت: البقرة 125 و 127 ؛ ابراهيم 37؛ الحج 26 – 29 " . فتلك آيات النظائر في ابراهيم في ثماني سور، ثم في ثلاث، ثم في ثلاث.
6) " لوط – آيات النظائر فيه : الاعراف 80 – 84؛ هود 77 – 83؛ الحجر 61 – 74؛ الشعراء 160 – 175؛ النمل 54 – 58؛ العنكبوت 28 – 34؛ القمر 33 – 39 " – تلك آيات النظائر في سبع سور.
7) " موسى – وفيه أبواب : باب القائه في اليم : طه 37 – 40؛ القصص 7 – 13؛ الشعراء 18 – 19. فتلك ثلاث نظائر – باب بعثته : مريم 52؛ طه 9 – 23؛ القصص
29 – 32؛ النمل 7 – 12؛ الشعراء 32 – 33؛ النازعات 15 – 16. فتلك ست نظائر – باب دعوته بمصر :الاعراف 103 – 126؛ يونس 75 – 82؛ الاسراء 101 – 102؛ طه 42 – 47 و 56 – 73؛ الشعراء 16 – 17 و 23 – 51؛ النمل 12 – 13؛ القصص 36 – 37؛ غافر 23 – 24؛ الدخان 17 – 21؛ النازعات 17 – 26. فتلك عشر نظائر – باب نجاته بقومه وغرق فرعون : البقرة 49 – 50، يونس 90 – 92؛ طه 77 – 79؛ الشعراء 52 – 66؛ القصص 39 - 40 ؛ الزخرف 55 – 56؛ الدخان 23 – 24 و 30 – 31؛ النازعات 25 – 26؛ الاسراء 103 – 104. فتلك تسع نظائر – باب ارسال موسى بالآيات : الاعراف 103؛ يونس 75؛ هود 96 – 97؛ ابراهيم 5؛ طه 42؛ المؤمنون 45 - 46؛ الفرقان 36؛ الشعراء 15؛ القصص 35؛ غافر 23 - 24. فتلك عشر نظائر - باب اتخاذ قومه العجل : البقرة 51؛ و 54 و 92؛ الاعراف 148 - 150؛ النساء 153؛ طه 85 - 94. فتلك اربع نظائر - باب الاستسقاء وانفجار الاعين: البقرة 60؛ الاعراف 160 - فذلكما موضعان من النظائر - باب ايذاء موسى : الاحزاب 69؛ الصف 5 " – فذلكما موضعان من النظائر " .
فإذا جمعت النظائر في قصة موسى، رأيت انها تشغل جزءاً كبيراً من القرآن بالمعنى الواحد، ويكاد يكون بالحرف الواحد مع بعض التفنن في التعبير والاسلوب.
8 ) " شعيب – آيات النظائر فيه : الأعراف 85 – 93؛ هود 84 – 95؛ الشعراء 176- 189؛ العنكبوت 36 – 37 " – فتلك آيات النظائر في شعيب في اربع سور.
9 ) " داود وسليمان – باب داود والزبور : البقرة 251؛ النساء 163؛ الاسراء 55؛ الأنبياء 105. فتلك اربع نظائر – باب داود وسليمان : الانعام 84؛ الانبياء 78 – 82؛ النمل 15 – 19 – تلك ثلاث – باب سليمان والهدهد : النمل 20 – 22 و 27 – 44.
10 ) " عيسى و يحيى. التبشير بيحيى آل عمران 38 – 41؛ مريم 2 – 15؛ الانبياء
89 – 90 – فتلك ثلاث نظائر في مولد يحيى. " باب تأييد عيسى بروح القدس : البقرة 87 و 253. باب تكليم عيسى الناس في المهد، والمجيء بالآيات : آل عمران 45 – 51؛ المائدة 110؛ مريم 29 – 33 – فتلك ثلاث نظائر في مولد عيسى. باب آخرة عيسى : مريم 32؛ آل عمران 55؛ النساء 157 – 158؛ المائدة 116 – 118. باب
قول عيسى : " إن اللّه ربي وربكم " :مريم 36؛ آل عمران 51؛ المائدة 72؛ الزخرف 64. فتلك أربع نظائر ترد بالحرف الواحد. باب قول الحواريين : " نحن انصار اللّه " : آل عمران 52؛ الصف 14 – موضعان من النظائر. "
و بالمناسبة ليتك تقدم لدينا المزيد من كتاب صلاح الخالدى"اعجاز القران البيانى " فقد بحثت عنه كثيرا لكن لم اجده للاسف و له بحوث قرانية اخرى ممتازة .
اى اديب يكون له نمطان مختلفان من الكلام , الشاعر مثلا يقول شعر و يقول ايضا كلام اخر غير موزون او مقفىاقتباس:
خامسا:
وفي سياق القراءة اللغوية للنص القرآني ثمة أمر آخر إضافة إلى ما سبق وهو :
اختلاف الأسلوب بين الحديث والقرآن.
فلو راجعنا أساليب الكتاب والشعراء سنلاحظ أ ن لكل شاعر أو كاتب أسلوب محدد في الصياغة والتركيب . لكن نجد محمد يمتاز عن غيره بنمطين أسلوبيين متباينين على نحو يقطع باختلاف وتباين مصدريهما.
فأسلوبه في قول الحديث مخالف لأسلوبه في نظم القرآن.هذا مع أنه في أحاديثه لم يكن مجرد متكلم عادي بل بلغ الفصاحة في الخطاب ،فكيف يقتدر محمد على ما لم يقتدر غيره من الكتاب والشعراء؟
و هناك مثلا ادباء يكتبون شعرا و يكتبون ايضا نثرا بليغا ,و تجد فرقا واضحا بين شعرهم و نثرهم
و الاختلاف بين هذين النوعين من الكلام لا يدل بحال على اختلاف مصدريهما
على فرض ان محمد جاء باسلوب جديد لم تعهده العرب فهذا يدل على نبوغه و عبقريته فحسب و لا يدل على انه نبىاقتباس:
سادسا :
عندما نطق محمد بالقرآن تبين للعرب بوضوح أمران اثنان :
1- أنه خارق لمعهودهم في الخطاب . فلا هو شعر ولا هو نثر مسبوك فيما اعتادوه من أسليب الخطابة وصياغة الأمثال والحكم. بل هو متفرد في أسلوبه.لذا احتاروا في تصنيفه.وهذه الحيرة سجلها لنا القرآن في حديثه عن الوليد...
2- أنه بليغ في أسلوبه. لذا كانوا ينصحون غالبا بعضهم بعضا بأن لا يسمعوا للقرآن.
قد لا يحس القارئ المعاصر بجمالية البلاغة القرآنية . وهذا متوقع لأن نظامنا التعليمي لم يستطع تكوين ذائقة لغوية سليمة لها آلياته العلمية التي تمكنها من فهم بلاغة الكلام والأحساس بها.
مثلما أن المبتدئ في اللغة الأنجليزية لن يحس بجمالية لغة مسرحيات شكسبير ، وهذا ليس عيبا في لغة شكسبير بقدر ما هو نقص في قارئها المبتدئ.
على اننا قد نجد ما يشبه النظم القرانى فى كلام سابق لمحمد :
كهذا النص المنسوب لقس بن ساعدة :" ليل داج، ونهار ساج، وسماء ذات أبراج، ونجوم تزهر، وبحار تزخر، وأرض مدحاة ، وانها مجردة ، ان في السماء لخبرا، وان في الارض لعبرا ".
و نص اخر منسوب له:
"أين من بغى وطغى وجمع فأوعى,وقال: أنا ربكم الأعلى. ألم يكونوا أكثر منكم أموالاً,وأطول منكم آجالاً.
طحنهم الثرى بكلكله ومزقهم بتطاوله.فتلك عظامهم بالية. وبيوتهم خاوية. عمّرتها الذئاب العاوية"
و يرى يوسف الحداد ان نظم القران تقليد لنظم كتاب اهل الكتاب فى مواضع منه :
يقول :"ان نظم الأنبياء فى الكتاب شعر عبرانى؛ وهذا الشعر العبرانى لا يقوم على التفاعيل المحكمة، وعلى القافية، مثل الشعر العربى. إنما هو موزون على نظم متقارب، ينتهى بقوافٍ متقاربة. إنه قائم على الوزن المرسل والفاصلة، مثل القرآن"
و لا شك ان القران نص بليغ لكن لا ارى حقيقة ان بلاغته لا تضاهى فضلا ان تكون معجزة , و اعتقد ان فى كتاب كنهج البلاغة مثلا- المنسوب لعلى بن ابى طالب - نصوص لا تقل بلاغة عن كثير من نصوص القران , و فى " الصحيفة السجادية " المنسوبة لعلى زين العابدين ادعية لا تقل بلاغة عن الادعية القرانية .
و انا عاشق من صغرى للادب و البلاغة فى النهاية احساس و تذوق فما اراه ابلغ و اروع قد لا يراه كذلك غيرى , و ليست كل ايات القران فى منتهى البلاغة فهناك ايات بليغة جدا لذا تجد المسلمين يركزون عليها عند حديثهم عن اعجاز القران البيانى , بينما هناك نصوص لا يقول منصف انها فى قمة البلاغة كسورة الكافرون مثلا .
"يتبع"
اخى الكريم هناك اشكالات و تساؤلات :اقتباس:
سابعا :
ثم إن محمد عندما قرأ القرآن على قريش قرنه بالتحدي ، ونحن نعلم أن قريش قد جمعت قبائل العرب كلها ضد محمد في غزوة الأحزاب لمقاتلة محمد ، لذا أتساءل ألم يكن من السهل عليها أن تجمع فصحاء العرب وشعرائها لمعارضته؟؟!!!
لماذا لم تفعل مع أن الجزيرة العربية كانت معتادة في مجالس الشعر على التباري في المعارضة بين الشعراء ؟ لماذا لم تفعل مع أن محمد كرر التحدي مرة تلو مرة ؟؟
أليس الأمر مستغرب حقا ؟ ألا يدعو هذا إلى التفكير والتأمل ؟
قد تقول لقد حاولوا ولكن التاريخ لم يسجل محاولاتهم ؟
نحن نعلم أنه حتى المؤرخين القائلين بأن التاريخ يكتبه المنتصرون ، يقولون إنه يتبقى دائما بين تلافيف التاريخ ما يؤكد خلاف رواية المنتصرين.ويكفي في نظرية التاريخ الصامت والتاريخ الصائت للمؤرخ الفرنسي الكبير بروديل إشارة إلى إمكان إعادة كتابة التاريخ الخفي ،باستنطاق الشروط المجتمعية في شموليتها وتنوعها .ومن ثم أقول ليست مقولة أن التاريخ يكتبه المنتصرون دالة على أن المعطى التاريخي يكون دائما محفوظا من أي تأثير لغير المنتصر.
ودارس التاريخ ونظرياته يعرف بالتأكيد ما سبق.
لكن التاريخ سجل لنا محاولات عرب الجزيرة للرد على تحدي القرآن ، مثل محاولة مسيلمة مثلا ، وقد كانت هذه المحاولة بتخلخلها وسوئها وانحطاطها بلاغيا ودلاليا حجة على العجز عن معارضة القرآن.
لكن قد يقال بأن المؤرخين المسلمين قصدوا تسجيل هذه المحاولات الضعيفة التي قام بها مسليمة وغضوا النظر عن غيرها.
لكن هذا الاعتراض هو رجم بالغيب . نقابله بطلب هذه المحاولات ، ونعلم يقينا أنها غير موجودة.
1- هل بلغ هذا التحدى قريشا حقا ؟
كنت اتحاور فى مسالة نبوة محمد قبل فترة مع الاخ راسل فى منتدى اللادينيين و طرح هو هذا التشكيك و صراحة احترت كيف ارد عليه و اخذت افكر طويلا و انقب فى الكتب عن جواب قاله عالم عن مثل هذا الاشكال فلم اجد الا ان الباقلانى طرحه فى كتابه عن الاعجاز و كذلك القاضى عبد الجبار فى شرح الاصول الخمسة و لم يقدما للاسف اى جواب يذكر
ما المانع حقا من ان تكون ايات التحدى اضيفت للقران بعد انتهاء الصراع بين محمد و قريش ؟
اجبت راسل بان محمد كان اعقل من ان يفضح نفسه باضافة ايات تتحدث عن تحديه لقريش بينما الناس تعلم ان هذا التحدى لم يحدث قط , لكنى لم اكن مقتنع تماما فى داخلى بهذه الاجابة لانى اعلم ان القران لم يكن هناك نسخة كاملة منشرة منه حتى يقال ان كل الناس او اغلبهم كانوا سيتعجبون لو وجدوا اية كهذه فى القران بل كانوا سيفترضون انها نزلت حقا فى الفترة المكية و لم تبلغهم و لا عجب فى ذلك فالذين كانوا يحفظون القران كاملا قلة قليلة جدا و اغلب الناس لم تكن ملمة بكل ايات القران .
2-هل فهمت قريش ان المطلوب معارضة نظم القران ام ان المطلوب امرا اخر ؟ ان اول ايات التحدى بالقران هى قوله فى سورة القصص :"قل : فأتوا بكتاب من عند الله هوأهدى منهما أتّبعْه ، إن كنتم صادقين ! فإن لم يستجيبوا لك ، فاعلمْ أنّما يتّبعون أهواءَهم "
فالتحدى هنا بالهدى لا بالنظم فيحتمل انهم فهموا ان المطلوب ان ياتوا بسورة او عشر سور مثل القران فى الهدى لا النظم .
3-قلتم ان محاولات المعارضة نعلم يقينا انها غير موجودة . ما الدليل الذى يفيد هذا اليقين ؟
ما المانع من ان يكونوا قد عارضوا القران و لم ينقل المسلمون هذه المعارضة لقوتها بينما نقلوا ما كان هزيلا منها كالمنسوب لمسيلمة فيحتمل انهم وجدوا حرمة فى نقلها كما انهم لم ينقلوا اغلب الاشعار التى هجى بها النبى .
4- السؤال الاهم :
على فرض عجزهم عن المعارضة ,
هل هذا دليل على ان القران معجزة ؟
ام انه مجرد دليل على نبوغ محمد و تفوقه فى البلاغة على اهل عصره ؟
و كما سبق البلاغة الفائقة ليست خرقا لاى ناموس طبيعى لا معنوى و لا مادى .
اقتباس:
لكن يكفينا هنا التأمل في محاولة معاصرة التي حاول القيام بها " مجموعة أورشليم " من المسيحيين المتخصصين في اللغة العربية ،فقد عكفوا على مشروعهم طيلة ستة عشر سنة من أجل معرضة القرآن بإعادة كتابة أفكار الأنجيل بأسلوب قرآني .
ومن بين أجمل نصوصهم التي استحقت من القس شروش أن ينقلها عنهم ويستدل بها على تحقق معارضة القرآن هذا النص الذي أضعه للتأمل ودون تعليق مني ،لأن في إيراده غناء عن الرد عليه:
" بسم الله الرحمن الرحيم. قل يا أيها الذين آمنوا إن كنتم تؤمنون بالله حقاً فآمنوا بي و لا تخافوا. إن لكم عنده جنات نزلاً. فلأسبقنكم إلى الله لأعدها لكم ، ثم لآتينكم نزلة أخرى ، و إنكم لتعرفون السبيل إلى قبلة العليا. فقال له توما الحواري: مولانا إننا لا نملك من ذلك علماً. فقال له عيسى: أنا هو الصراط إلى الله حقاً ، و من دوني لا تستطيعون إليه سبيلاً ، و من عرفني فكأنما عرف الله ، و لأنكم منذ الآن تعرفونه و تبصرونه يقيناً ، فقال له فيليب الحواري : مولانا أرنا الله جهرة تكفينا، فقال عيسى: أو لم تؤمنوا بعد و قد أقمت معكم دهراً ؟ فمن رآني فكأنما رأى الله جهراً " والنص كما هو ملحوظ مصاغ بناء على إنجيل يوحنا (14/1-6 ) .
هذه المحاولة اقوى من المحاولة التى نقلتها من قبل و المشكلة ان الذين يؤلفون هذه المحاولات ليسوا بلغاء او موهوبين اصلا حتى يكون لمحاولاتهم قيمة , فقلما تجد اديب بليغ غير مسلم
السؤال الذى يطرح نفسه :
ما هو المعيار الموضوعى الذى يحدد مماثلة اى محاولة لمعارضة للقران او عدم مماثلتها له فى البلاغة؟
سيقال مثلا ان المرجع فى معرفة ذلك الى المتخصصين فى البلاغة .
حسنا هل هؤلاء المتخصصون مسلمون ام لا ؟
اذا كانوا مسلمين فهم متهمون بالطبع بالانحياز للقران , و اذا كانوا غير مسلمين فهم متهمون بالعكس
فكيف تقوم معرفة الاعجاز على هذا الاساس الهش ؟!
و كما سبق ان المعجزة يجب ان يكون اعجازها واضحا لكل المطالبين بالايمان بنبوة النبى
و معرفة الاعجاز البلاغى قاصرة على بعض العرب و هم المتخصصون فى البلاغة
فماذا عن سائر العرب ؟
و ماذا عن غير العرب ؟!!
حسنا انتظر تفنيدك لما قاله الحداد فى ذلك :اقتباس:
محمد لم يسجل قط له أن كذب في نبوءة وردت في القرأن أو في حديث من أحاديثه.
دعنا نأخذ أمثلة :
نجد في القرأن الكريم أن آيات كثيرة تعلن عن أن دين الأسلام سوف يظهر على غيره من الأديان وسوف يكون له الريادة والسيادة (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُون)..
وقد تحقق هذا .
هذا رغم كون القرآن ومحمد كانا يقولان بهذا في لحظات استضعاف كماهوالحال في مكة ، وكما هو الحال في تلك الليالي العصيبة في المدينةوهم يحفرون الخندق ليحتموا من قبائل العرب التي جيشت كل قواها لإفنائهم ،في تلك اللحظات العصيبة جدا قال محمد بانتصار المسلمين على كسرى وقيصر .
وقد تحققت نبوءته.
"جاء الوعد بظهور الاسلام " على الدين كله و لو كره المشركون " فى ( الفتح 18 ، الصف 9 ، التوبة 34 ) . فهل فى هذا الوعد نبوءة من علم الغيب ، أم انه اسلوب بيانى ؟
من يرى فى هذا الوعد نبوءة من علم الغيب يصطدم بالتاريخ و بواقع حال العرب و المسلمين . إنى عربى و يؤلمنى ما أقول ، لكن الحقيقة أن يعرف الانسان نفسه . فإلى اليوم لم يتغلب الاسلام على المسيحية ، و لا على الهندوكية ، و لا على البوذية . إن الواقع البشرى فى الاديان مائل للعيان : فليس فى وعد القرآن من نبوءة ! و من أصر على أنها نبوءة جعل الواقع يكذبها .
و ليس فى قوله " ليظهره على الدين كله " وعدا للمستقبل . بل هو أسلوب بيانى من باب التعميم فى معرض التخصيص . و هذا التخصيص ظاهر من قرينة " و لو كره المشركون " ، هو اصطلاح فيه للعرب الذين يخاطبهم .
و نعرف من ( اسباب النزول ) ان حقيقة الوعد تسجيل لواقع يتحقق فى الجزيرة العربية . و جاء هذا التسجيل بعد انتصار جماعة محمد على اليهودية فى شمال الحجاز ( الفتح 18 ) ، و على المشركين فى مكة ( الصف 9 ) ، و على المسيحية العربية فى مشارف الشام ( التوبة 33 ) . و لا ننس ابدا أن الآيات القرآنية كانت تنزل بعد الاحداث لتسجيلها و استخلاص عبرها .
فالوعد بظهور الاسلام " على الدين كله " مقصور على الجزيرة العربية . و هو حادث مشهود ، لا غيب موعود .
و ليس فيه من عناصر النبوءة المعجزة شىء : فليس خارقا للعادة فى نشأة الاديان و انتشارها ، و لا تحدى فيه لغير العرب المشركين ، و لا هو سالم عن المعارضة بسيطرة غيره من الأديان على العالم .
فالوعد تسجيل واقع مشهود فى الجزيرة العربية ."
اما نبوءة النصر على كسرى و قيصر فهى خبر احاد لا يفيد اليقين و لا يحتج به فى اثبات اصل الدين .
قال الحداد :"النبوءة بفتح مكةاقتباس:
،قد يقال إن هذه نبوءات أطلقها محمد بذكائه لتشجيع أتباعه ، وهو يعلم أن أمرها متروك إلى سنوات مقبلة ،فإذا حدثت تم تصديقه وإذا لم تحدث لن يقع شيء لن يكذبه أحد لأنه يكون قد مات.
لكن هذا مردود عندما نجد أن محمد يعلن عن أمر غيبي سيتحقق في حياته كما هو الحال في فتح مكة.
جاء بعد فتح الحديبية : " لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق : لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين ، محلقين رؤوسكم و مقصرين ، لا تخافون . فعلم ما لم تعلموا ، فجعل من دون ذلك فتحا قريبا " ( الفتح 27 ) هو معاهدة الحديبية .
التفسير الصحيح ، و ( أسباب النزول ) تمنع أن يكون فى الآية نبوءة غيبية . قال الجلالان : " رأى رسول الله صلعم فى النوم ، عام الحديبية ، قبل خروجه ، أنه يدخل مكة هو و أصحابه و يحلقون و يقصرون . فأخبر بذلك أصحابه ففرحوا . فلما خرجوا معه ، و صدهم الكفار بالحديبية و رجعوا ، و شق عليهم ذلك ، و راب بعض المنافقين ، نزلت " . و يقول السيوطى فى ( أسباب النزول ) : " أخرج الغريابى و عبد بن حميد و البيهقى ، أنه يدخل مكة و أصحابه آمنين محلقين رؤوسهم و مقصرين . فلما نحر الهدى بالحديبية ، قال أصحابه : أين رؤياك ، يا رسول الله ؟ فنزلت " .
فأصحاب محمد يشهدون بأن الوعد لم يتم . فليس فيه من نبوءة غيبية . قيل : لقد تحقق الوعد فى العام القابل . و لكن فى العام القابل ، دخلوا مكة بناء على معاهدة الحديبية ، لا بناء على وعد نبوى . و قد تخاذل صناديد قريش أمام قوة المسلمين الزاحفة . فليس فى الوعد معنى كشف الغيب ، إنما هو بنص القرآن القاطع " رؤيا " فى منام . و النبوءة الغيبية ، الخارقة للعادة ، السالمة عن المعارضة ، التى يتحدى بها كمعجزة له ، لا تكون " رؤيا " فى منام ! .
و ظروف الحال تمنع الاعجاز ، فزمن النبوءة مجهول : فهو تارة قبل الخروج إلى الحديبية ، و تارة فى الحديبية ، و السورة التى تذكره من بعد الحديبية . و النبوءة المعجزة لا
تكون مجهولة الزمان و المكان ، مجهولة المصير ، يجرى التاريخ بخلافها . فقد " قال أصحابه : أين رؤياك ، يا رسول الله " ؟
فكل القرائن القرآنية و التاريخية تمنع من أن نرى فى " رؤيا " المنام نبوءة غيبية "
وعيد القران لابى لهب ليس بالضرورة نبوءة غيبية , بل ان ذلك - كما ذكر ابن الوزير فى الايثار /335- خارج مخرج الوعيد لا مخرج الاخبار المحض , و الفرق بينهما واضح فان الوعيد مشروط بعدم التوبة مثل وعيد جميع الكافرين .اقتباس:
بل أغرب من هذا إن محمد يعلن عن أمر غيبي في حق كافر يسمع ذلك الأمر ولا يستطيع ذلك الكافر المشرك أن يخالفه .فسورة "تبت يد أبي لهب " كما تعلم جاءت بأمر غيبي وهو أن أبا لهب سيموت هو وامرأته على الكفر.
والغريب أن مكة كلها بكل أذكيائها لم تخطر لهم على البال فكرة كانت ستكون مدمرة ومقلقلة لمحمد . وهو أن يمثل أبا لهب دور المؤمن بالآسلام.
و على فرض انه خبر محض فلو اعلن ابو لهب اسلامه لما وجد محمد مشكلة بل كان سيتهم ابا لهب بانه اسلم نفاقا و كذبا ! هكذا سيقول اى منكر لنبوة محمد
فلا يجب ان يدمر اسلامه دين محمد !
لكن هذا التفسير يثير مشكلة فالقول بان الاية تخبر خبرا محضا عن دخول ابولهب النار يثير سؤالا :
هل ابو لهب مع ذلك مكلف بالايمان ام لا ؟ لا شك انه مكلف
فكيف يكون مكلفا بان يؤمن بانه من اهل النار ؟!
و كيف يكلفه الله بالايمان مع اخباره بان مصيره الى النار ؟ ان هذا تكليف بما لا يطاق و هو باطل .
اقتباس:
من بين النبوءات التي قالها القرآن انتصار الروم على الفرس ؟،"غلبت الروم في أدنى الأرض ... الخ "
وتحققت النبوءة.
ثمة هنا احتمالات ثلاثة :
إما أن تكون سورة "تبت يد أبي لهب" و"سورة الروم " والآيات المخبرة بفتح مكة "قيلت قبل وبالتالي فهي تنبؤ غيبي تحقق.
وإما أن يكون محمد قد أضافها بعد انتصار الروم فعلا ، و بعد تحقق موت أبي لهب ،وفتح مكة .
والاحتمال الثالث: أن يكون جامعوا القرآن قد أضافوها ليثبتوا القدرة التبؤية بالغيب في القرآن.
ثلاثة احتمالات ،لو اختبرناها سنجد أن الاحتمال الوحيد المؤكد هو أن السور قيلت قبل تحقق ما تخبر به وجوديا ولم تضف بعديا .
لأنه :
إذا كان محمد قد أضافها بعديا ،فإنه بذلك سيفضح نفسه بين أتباعه ،حيث سيعلمون أنه يكذب عليهم ،فقد عاشوا في مكة ولم تكن سورة أبي لهب قد تنزلت.وحدث انتصار الروم ، ثم ابتدع محمد نص الأخبار به ، وحدث فتح مكة ثم أخبر به..ومن ثم ستكون فعلته هذه دليلا على عدم نبوته لا العكس. ومن ثم يستحيل عليه أن يقدم دليلا على كذبه بهذا الشكل الفاضح.
يبقى احتمال أن يكون الصحابة الذين جمعوا القرآن أضافوها .
لكن هذا الأحتمال الثاني هو نفسه مستبعد ،فلا أحد كان قادرا على أن يغامر بنفسه ليضيف سورة بأكملها . ولماذا يضيفها ؟ هل ليوجد للأسلام مسلمون مؤمنون به وبنبوة محمد ؟؟
لقد حصل ذلك بالفعل ،ولم يكن الأمر محتاج إلى اختراع نبوءات وإضافتها إلى القرآن.
نبوءة القران عن الروم مهمة جدا و قد فاتنى ان اشير الى انها كانت من اهم الامور التى كنت اقنع بها نفسى بنبوة محمد الى جانب البشارات به .و كنت احاول تفسير اعجاز القران بان المقصود به انه يتضمن نبوءات غيبية و انه لاجل ذلك يعجز الناس عن الاتيان بمثله لان الناس لا تعلم الغيب , لكنه راى متهافت و هو راى النظام ,فالقران ليس كله نبوءات غيبية ,كما انه لو اراد الله ان ياتى الناس بنبوءة غيبية لكفى ان يطالبهم بالاتيان باية واحدة تتضمن نبوءة واحدة و لا معنى لمطالبتهم بسورة بل و عشر سور ..
على اى حال الاستاذ الحداد له رد على هذه النبوءة احب ان ارى رد الاخ حاتم عليه :
"يرون نبوءة تاريخية كبرى فى قوله : " غلبت الروم فى أدنى الأرض ، و هم من بعد غلبهم سيغلبون فى بضع سنين ، لله الأمر من قبل و من بعد ، و يومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ، ينصر من يشاء و هو العزيز الرحيم ، وعد الله ، لا يخلف اله وعده ، و لكن أكثر الناس لا يعلمون " ( الروم 2 – 6 ) .
قصة الروم هذه لا تمت الى السورة التى تستفتحها بصلة . فلا يعرف زمانها . ثم ان لها قراءتين على المعلوم ( غلبت ) و على المجهول ( غلبت ) . و بحسب اختلاف القراءة قد تعنى الروم و الفرس ، أو الروم و العرب . و آية مجهولة المعنى لا تكون نبأ غيبيا .
و ( أسباب النزول ) تؤيد ذلك ، قال السيوطى : " أخرج الترمذى عن أبى سعيد قال : لما كان يوم بدر ظهرت الروم على فارس فأعجب ذلك المؤمنين ، فنزلت ( آلم غلبت الروم ) الى قوله ( بنصر الله ) يعنى بفتح العين . و أخرج ابن جرير عن ابن مسعود نحوه " – فعلى القراءة بالمعلوم ان الآية تسجيل واقع تاريخى مشهود ، يتوسم فيه المسلمون خيرا لهم تجاه المشركين . " و أخرج ابن أبى حاتم عن ابن شهاب قال : بلغنا ان المشركين كانوا يجادلون المسلمين و هم بمكة قبل أن يخرج رسول الله صلعم فيقولون : الروم يشهدون أنهم أهل كتاب ، و قد غلبتهم المجوس ، و أنتم تزعمون أنكم ستغلبونا بالكتاب الذى أنزل على نبيكم .
فكيف غلبت المجوس الروم و هم أهل كتاب ، فسنغلبكم كما غلبت فارس الروم . فأنزل الله ( آلم غلبت الروم ) . و أخرج ابن جرير نحوه عن عكرمة و يحيى بن يعمر " – واقع الحال قبل الهجرة لا يسمح بمثل هذا الحوار ، فقد ظل المسلمون مغلوبين على أمرهم فى مكة حتى اضطروا إلى الهجرة الى يثرب . مع ذلك يستنتج السيوطى : " و قتادة فى الرواية الأولى على قراءة ( غلبت ) بالفتح لأنها نزلت يوم غلبهم يوم بدر . و الثانية على قراءة الضم ( غلبت ) فيكون معناه ، و هم من بعد غلبتهم فارس سيغلبهم المسلمون ، حتى يصح معنى الكلام ، و إلا لم يكن له كبير معنى " – فكبير المعنى عنده ان المسلمين سيغلبون الروم بعد انتصارهم على الفرس . و هذه نظرية ثالثة فى معنى الآية .
و نبأ له ثلاثة معان ليس بنبوءة غيبية .
و قد تكون القراءة على المجهول ، أى انتصار الروم على الفرس بعد هزيمة الروم ، هى الفضلى ، فى شبه اجماع . لكن على هذه الحال ، ليس فى الخبرمعنى النبوءة الغيبية ، " لأنها نزلت يوم غلبهم ، يوم بدر " ، انها تسجيل حدث مشهود عام 624 م فرح به المسلمون لنصر الإيمان ، كما فرحوا بنص بدر على مشركى العرب . و التاريخ خير شاهد : فقد بدأت حملة الفرس الظافرة عام 612 م فاحتلوا سورية سنة 622 م ، و فلسطين 614 م و مصر 618 م . و ظهر هرقل فسار بحملة الثأر الظافرة سنة 622 م ، و سنة 624 م كان طرد الفرس من سوريا ، يوم نصر بدر . و ظل هرقل زاحفا حتى احتل عاصمة فارس ، و استرجع منها ذخيرة الصليب . فما يسمونه نبوءة فى آية الروم ليس سوى واقع تاريخى مشهود ."
و دمتم سالمين ,,
شكرا عزيزي القلم الحر
لقد قرأت ردودك بإمعان ...
وتعقيبي عليها أؤجله إلى حين ،لأنني كما تعلم مرتبط في منتدى اللادينيين بمناظرة/محاورة مع الزميل المحترم القبطان في شأن الألحاد والأيمان ،وقد وضع زميلي مداخلته منذ ثلاثة أيام ، لذا سأحاول إكمال هذه المناظرة في حدود الخمسة أيام المقبلة ،لأتفرغ
لك
....
وللأستاذ الحداد أيضا :)
وأرجو أن تتقبل وافر تحياتي وتقديري
اتمنى لك التوفيق اخى حاتم فى حوارك مع القبطان و حوارك هنا
و لو نجحت هنا فى اثبات نبوة محمد كما نجحت هناك فى نظرى فى اثبات وجود البارى ,ساسميك : "شيخ الاسلام " :)
و لدى اضافة فى انتظار تعقيبك حول مسالة الثراء اللغوى الذى اشرت الى وجوده فى القران ,فهناك ما قد يعكر على ذلك و هو استعمال القران لالفاظ اعجمية كثيرة .
و للفائدة هذا سرد الألفاظ الواردة فى القرآن من ذلك، مرتبة على حروف المعجم :
أباريق: فارسية. الابريق معناه طريق الماء، أو صب الماء على هينة -
أبّ: هو الحشيش بلغة أهل الغرب - ابلعى ماءك: بالحبشية اى ازدرديه؛ اشربى بلغة الهند - اخلد: أخلد الى الأرض: ركن بالعبرية - الأرائك: السرر بالحبشية - إذ قال ابراهيم لأبيه آزر : قد يكون علماً. وقد يكون غير علم، وهى بلغتهم: آزرًُ، يا مخطئ - أسباط: بالعبرية كالقبائل بلغة العرب - استبرق: الديباج الغليظ بلغة العجم - أسفار: الكتب، بالسريانية. أو بالنبطية - إصرى: عهدى، بالنبطية - أكواب: أكواز، بالنبطية؛ وانها جرار ليست لها عرى – إل : اسم الله تعالى بالنبطية- أليم: موجع، بالزنجية، أو بالعبرانية – إناه: نضجه، بلسان أهل المغرب؛ بلغة البربر – حميم آن: هو الذى انتهى حره بها، بلغة البربر - من عين آنية: اى حارة بها، بلغة البربر - أوّاه: الموقن، بلسان الحبشة؛ أو الرحيم؛ الدعاء، بالعبرية - أوّاب: المسبح، بلسان الحبشة – أوّبى معه: سبحى، بلسان الحبشة - الجاهلية الأولى ؛ فى المكة الآخرة : بالقبطية، والقبط يسمون الآخرة: الأولى؛ والأولى: الآخرة - بطائنها: ظواهرها بالقبطية. وقوله " بطائنها من استبرق" جمع لغتين أجنبيتين - كيل بعير: اى كيل حمار بالعبرية؛ والبعير كل ما يحمل عليه - بيع: البيعة والكنيسة جعلها بعض العلماء فارسيتين تنّور: فارسى معرّب - وليتبروا تتبيرا: تبره، بالنبطية - فناداها من تحتها : اى بطنها، بالنبطية - الجبْت: الشيطان، بالحبشية - جهنم: قيل عجمية؛ وقيل فارسية؛ وقيل عبرانية. أصلها كهنام – حرم: وجب بالحبشية - حصب جهنم: حطب جهنم بالزنجية - وقولوا: حطة: معناه قولوا: صواباً، بلغتهم العبرية - وحواريون: غسالون بالنبطية. وأصله: هوارى - حوب: إثم بلغة الحبشة - دارست (درست): معناه قارأت (قرأت) بلغة اليهود - درى: المضىء بالحبشية - دينار: بالفارسية - راعنا: سب بلغة اليهود (الأصل السريانى: رعنا اى أرعن) - ربانيون: عبرانية أو سريانية (ومعناها العلماء) - ربيون: سريانية - الرحمان: عبرانى، وأصله بالخاء المعجمة - الرس : عجمى، ومعناه البئر - الرقيم: اللوح بالرومية؛ وقيل الكتاب بها ؛ أو الدواة بها - رمزاً: من المعرّب، وهو تحريك الشفتين بالعبرية - واترك البحر رهواً : سهلاً بلغة النبط؛ ساكناً بالسريانية - الروم: هو أعجمى، اسم لهذا الجيل من الناس - زنجبيل: فارسى - السجل: بلغة الحبشة الرجل؛ السجل: الكتاب، فارسى معرب - بحجارة من سجيل : بالفارسية، أولها حجارة وآخرها طين - سجين: غير عربى - سرادق: فارسى معرب، وأصله " سرادر" وهو الدهليز. والصواب انه بالفارسية " سرابرده" أى ستر الدار - سرياً: نهراً بالسريانية؛ بالنبطية؛ باليونانية - سفرة: قراء بالنبطية - سقر: أعجمية - وادخلوا الباب سجداً : اى مقنّعى الرؤوس بالسريانية - سَكَراً: الخلّ، بلسان الحبشة. (أصله: شكر بالعبرية اى المسكر) - سلسبيل: عجمى - سندس: رقيق الديباج بالفارسية؛ وهو معرب؛ وقيل بالهندية – والفيا سيدها لدى الباب: اى زوجها، بلسان القبط؛ " ولا أعرفها بلغة العرب" - طور سينين: الحسن، بلسان الحبشة. (انه قلب لاسم سيناء، جبل موسى) - سيناء: الحسن بالنبطية (علم لجبل موسى) شطر المسجد: تلقاءَه بلسان الحبش - شهر: انه بالسريانية - الصراط: الطريق بلغة الروم - فصرهنّ: فشققهن بالنبطية؛ قطعهن بالرومية - صلوات: بالعبرانية كنائس اليهود؛ وأصلها "صْلوتا" بالسريانية - طه: يا رجل، بالنبطية، أو بالحبشية - الطاغوت: هو الكاهن بالحبشية - طفق: قصداً بالرومية - طوبى: اسم الجنة بالحبشية؛ وقيل بالهندية - الطور: الجبل بالسريانية، وقيل بالنبطية - طوى: معرب معناه ليلاً؛ وقيل هو رجل بالعبرانية - عبدت بنى اسرائيل: معناه قتلت بلغة النبط - جنات عدن: جنات الكروم، وأعناب بالسريانية؛ وقيل بالرومية - العَرِم: بالحبشية هى المسنات التى تجمع فيها الماء، ثم ينبثق - غساق: البارد المنتن بلسان الترك؛ المنتن بالطحارية - غيض: نقص بلغة الحبشة - فردوس: بستان بالرومية؛ وقيل الكرم بالنبطية وأصله فرداساً - فوم: الحنطة بالعبرية - قراطيس: القرطاس أصله غير عربى - القسط: العدل بالرومية - قسطاس: العدل بالرومية؛ الميزان بلغة الروم - قسورة: الأسد بالحبشية - قِطّنا: كتابنا بالنبطية - قفل: فارسى معرب - القملّ: الدبا، بلسان العبرية والسريانية، " لا أعرفة فى لغة أحد من العرب" - قنطار: انه بالرومية اثنتاعشر ألف وقية؛ بالسريانية ملء جلد ثور ذهباً أو فضة؛ بلغة البربر ألف مثقال؛ ثمانية آلاف مثقال بلسان أهل افريقية - القيوم: لا ينام بالسريانية - كافور: فارسى معرب - كفر عنّا: امحُ عنا، بالنبطية أو بالعبرانية - كفلين: ضعفين بالحبشية - كنز: فارسى معرب - كوّرت: غوّرت بالفارسية - ليْنة: نخلة. " قال الكلبى: لا أعلمها إلا بلسان يهود يثرب" - متكأ: بلسان الحبش الترنج. وقيل هو أعجمى - مرجان: أعجمى - مسك: فارسى - مشكاة: الكوّة بلغة الحبشة - مقاليد: مفاتيح بالفارسية. والاقليد والمقليد فارسى معرب - كتاب مرقوم: مكتوب بالعبرية - مزجاة: قليلة، بلسان العجم؛ وقيل بلسان القبط - ملكوت: الملك بلسان النبط. (وأصله بالسريانية ملكوتاً) - مناص: فرار بالنبطية - منسأة: العصا بلسان الحبشة - السماء مُنفطر به : ممتلئة به بلسان الحبشة - المُهْل: عكر الزيت بلسان أهل المغرب؛ وقيل بلغة البربر - ناشئة الليل: قيام الليل بالحبشة – نَ: فارسى أصله " أنون" ومعناه: اصنع ما شئت - هدنا: تبنا بالعبرانية - هود: اليهود، أعجمى - يمشون على الأرض هونا: حكماء بالسريانية، وقيل بالعبرانية - هيتَ لك: هلم لك، بالقبطية؛ وقيل بالسريانية؛ وقيل بالحورانية؛ وقيل بالعبرانية وأصله: " هيتلج" اى تعالَ - وراء: أمام بالنبطية، وهى غير عربية - وردة: غير عربية - وزر: الحبل والملجأ بالنبطية – الياقوت: فارسى - لن يحور: لن يرجع، بلغة الحبشة - يسن: يا إنسان بالحبشية؛ وقيل: يا رجل بالحبشية - يصدون. يضجّون بالحبشية - يصهر: ينضج بلسان أهل المغرب - اليمّ: البحر بالسريانية، وقيل بالقبطية - اليهود: أعجمى معرّب، منسوبون الى يهوذا بن يعقوب، بإهمال الدال.
و يقول الاب الحداد فى ذلك :
"نيّف ومائة كلمة أعجمية دخلت القرآن.
منها ما هو معّرب لأنه لا بديل به فى العربية مثل دينار، ديباج، استبرق، سجيل، الخ. عربوه فاستعرب ودخل الفصحى.
ولكن منها ما هو دخيل ، تستغنى عنه العربية بأفصح منه، كقوله:
" ابلعى ماءَك" : اشربى
" أسفار" : كتب
" إصْرى" عهدى؛
" إناه" : نضجه
" من عين آنية" : حارة
" أوّبى معه" : سبحى
" الجبْت" : الشيطان
" حصب" : حطب
" حوب" : اثم
" درى" : مضىء
" الرس" : البئر
" الرقيم" : الكتاب
" مرقوم" : مكتوب
" طه" : يا رجل
" يسن" : يا إنسان
" غسّاق" : المنتن
" فوم" : حنطة
" قسورة" : الأسد - وكم له من مرادفات فى العربية!
- " لينة" : نخلة
"مشكاة" : كوّة
" منسأة" : عصا
" ناشئة الليل" : قيام الليل
" لن يحور" : لن يرجع
" يصدون" : يضجون
" يصهر" : ينضج؛ الخ...
ومنها ما يشوش المعنى بحرفه العربى، كقوله: " الجاهلية الأولى" الى الآخرة؛ " عبدت بنى اسرائيل" : قتلت؟! " دخلوا الباب سجّداً اى مقنّعى الرؤوس؛ " فناداها من تحتها" : اى من بطنها! " وقولوا: حِطه" اى صواباً؛ " سكراً ورزقاً حسناً " اى مسكراً ورزقاً حسناً؛ " فوم" : الحنطة ؛ " قطناً" : كتابنا! " كفرعنا" أو " كفّر عنهم" : محا - فالله تعالى يمحو الإثم ولا يكفّر عنه! " كيل بعير" اى حمار! الخ ...
ومنها ما يزال مستغلقاً لا يُعلم تأويله، مثل سجّين، حَنان، أبّ ...
والنتائج من هذا الواقع القرآنى أنه أدخل تعابير أعجمية كان بغنى عنها فى العربية. وهذا الكلِم الدخيل ليس من الفصاحة العربية فى شىء."
الزميل المحترم القلم الحر
كنت قد أخبرتك بتأجيل ردي على الأقل خمسة أيام ،حتى أكمل حواري الزميل القبطان ،لكنني لحد الآن لم أكتب أكتب في الرد عليه سوى ثلاث فقرات .. وأحتاج إلى أن أتعقب مداخلتيه الأثنتين بالقراءة والتدقيق والتعليق ، ومداخلته تقارب في حجمها كتيبا صغيرا .. ومشاغل الحياة تشغلنا ...
لذا سأتابع معك الحوار لأنه من غير اللائق أن أجعلك تنتظر أكثر ...
---------------------------------------------------------------------------
بما أن ردودك كانت منفصلة إلى مجموعة مداخلات مجزأة ،فسألتزم بنفس الطريقة وأجزء تعقيبي .. فهذا أسهل لنا نحن الأثنين ، كما أنه أسهل بالنسبة للقارئ ،فأنت تعلم أن المداخلات الطويلة متعبة لكاتبها ولقارئها معا.
سأحاول الآن وقبل مغادرة النت أن أعقب على مداخلتين اثنتين من مداخلاتك ،بادئا بالبداية..
قبل التعليق على تعقيب الزميل القلم الحر ، أريد أن أوضح له وللقارئ ما يلي :
ما هو تصوري لنبوة محمد ؟
وكيف أستدل على كون القرآن وحيا وليس من إبداع بشر؟
خلال بحثي في الاعجاز القرآني اعترضني سؤال :
إن القرآن الكريم تحدى العرب بأن يأتوا بسورة من مثله.
فسر الأعجاز إذن موجود في السورة ، وليس في آية أو بضع كلمات منها.
عندما نراجع السور سنلاحظ أنها متفاوتة في الطول ولهذا نجد تقسيما لسور القرآن إلى أربعة أقسام السبع الطوال ، والمئين ، ثم المثاني ، فالمفصل ،فما هو السر الأعجازي الذي يكمن في سورة من سور المفصل ، كسورة الأخلاص مثلا أو سورة الكافرون أو غيرها من السور القصار ؟ ما هو الاعجاز الكامن فيها الذي يعجز الفكر البشري عن الأتيان بمثله؟؟هل هو مجرد إعجاز بلاغي يكمن في الاسلوب ؟
شخصيا أنا لا أعتقد بأن سر إعجاز القرآن هو مجرد إعجاز أسلوبي شكلي . ليس لأن أسلوب القرآن غير بليغ . بل كل دارس للغة العربية ومتذوق لجمالياتها ، يدرك أن الأسلوب القرآني فريد من نوعه وبليغ .
تلك حقيقة لا يماري فيها إلا واحد من اثنين : جاحد مغرض ، أو جاهل لا يعرف اللغة و لا خبرة له بأنماط الكلام وطرائقه.
لكن كما أسلفت القول لست مقتنعا بكون الأعجاز محصورا في الأسلوب . بل ثمة إعجاز دلالي يتمثل في المعنى.
فتساءلت ما هو هذا المعنى الذي يتمثل فيه الأعجاز ؟
هل هو ما يقوله بعض المفكرين المعاصرين في باب الأعجاز العلمي ؟؟
ليس الأمر كذلك ، لأن التحدي قام على سورة واحدة . وسور كثيرة ليس فيها إعجازبمدلوله العلمي .
إذن ينبغي أن نبحث عن معنى حاضر في مختلف السور .
بناء على هذا الاقتناع انطلقت في التفكير والقراءة في أبحاث الأعجاز فوصلت إلى التمييز التالي :
هناك مظاهر إعجاز عديدة تتفرق في القرآن ، بعضها يحضر في سور ويغيب في أخرى.
لكن إلى جانب هذه الوجوه الأعجازية هناك حقيقة الأعجاز الحاضرة في كل سورة على حدة.
هذا هو تصوري باختصار ...
وأعرف أن الموضوع طويل وشائك ومن الصعب اختزاله في محاورة ،خاصة مع قلة الوقت وكثرة المشاغل ..
لكن قبل طرق الموضوع عليك نظمت مسار المحاورة في ذهني وفق التريتيب التالي :
أبدأ أولا بالإعتراضات على الفرضية القائلة بكون محمد هو مؤلف القرآن.
وقد قدمت من قبل ثمان اعتراضات.
ثم أنتقل إلى بحث وجوه الأعجاز..
وبعدها أطرق موضوع حقيقة الأعجاز الموجود في كل سورة على حدة مهما كان قصرها. وهي حقيقة تتعلق بمسألة فكرية ومعرفية وليست مسألة أسلوبية بلاغية،سأوضحها عندما نصل في سياق الحوار إليها.
وما نظمته على هذا النحو هو تعبير عن تصور أنا مقتنع به معرفيا ،أريد أن أطرحه عليك وفق هذا الترتيب ، ولك كامل الحرية في أن تقبل أفكاري أو ترفضها .
وقد بدأت مداخلتي السابقة باختبار فرضية كون القرآن الكريم من تأليف محمد ،فطرحت ثمانية اعتراضات عليها.
فلننظر الآن ماذا كان ردك عليها؟
قلت في مداخلتي الاولى أنه قبل أن نأتي إلى أدلة نبوة محمد يجب أن نتأمل في أدلة الشك في نبوته.
ومن ثم فكل ما سأفعل هو أنني لن أنطلق من كون محمد نبيا ، ولا من كون القرآن من عند الله. بل سأنطلق من منطلق معكوس تماما ،أي من الفرضية التي يتبناها زميلي ،بمعنى أن القرآن ليس من عند الله ، وأن محمدا هو مؤلفه ، وبالتالي فهو نبي كاذب لا نبي صادق مرسل.
وقدمت ضد هذه الفرضية ثمانية اعتراضات ،
ألخص الاعتراض الأول قبل التأمل في تعقيب زميلي القلم الحر عليه:
لفترض أن القرآن من عند محمد ومن نتاج تأليفه ويراعه الأدبي . فالمطلب الأول هو أن نجد في النص القرآني حضورا لشخصية محمد ومشاعره .
لماذا ؟؟؟
لأن القرآن ليس نص فزياء ولا نص رياضيات يغرق في الرموز والمعادلات ، بل هو نص يتحدث عن مشاعرواعتقادات وحوادث ونظم مجتمعية . ومثل هذا النوع من النصوص لابد أن نجد فيها ملامح مؤلفها.
أي من المفروض أن نجد بصمات محمد في القرآن .
من بين الأسباب المشككة في فرضية كون القرآن من محمد أن نص القرآن الذي ينقل لنا حوادث واقعية عاشها محمد أو عاشها المحيطون به "قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها ..." نجده وياللغرابة ! تغيب منه الحوادث المفروض أن تحضر بقوة فيه إذا كان محمد هو مؤلف القرآن ، وذلك مثل :
اللحظات الصعبة التي مر بها في حياته كلحظة موت زوجته خديجة. حيث لا نجد أي ذكر لهذا الحدث في القرآن ، ولا حتى بضع كلمات يبث فيها محمد حزنه عليها ، وهوالذي كان مرهف الحس ، وهو الذي حتى بعد سنوات طوال بعد موتها كان يذكرها فتدمع عيناه!!
هل يستطيع شاعر أو أديب أ ن يتجاهل ذاتيته ؟؟؟
كيف لا نجد ولو ذكرا واحدا لحوادث أخرى كان لابد أن تحضر لأنها أثرت فيه واستدرت الدمع من عينه مثل موت أبنائه الذكور واحدا تلو آخر. وخاصة إبنه إبراهيم الذي احتضر بين يديه ، وتوفي وهو بين ذراعيه ينظر إليه ؟؟
كيف تغيب مثل هذه اللحظات العصيبة من نص القرآن ،ونحن نعلم أن محمد لم يكن رجلا جلفا يخفي شعوره ومشاعره بل كان يفخر بإظهار هذه المشاعر والتعبيرعنها ؟؟؟
محمد كان يحب زورجته خديجة وزوجته عائشة ، ،لكننا لا نجد في القرأن سورة باسميهما ،في حين نجد اسم مريم يتكرر في القرآن 44 مرة ،بل ثمة سورة كاملة باسم مريم!!! كما لانجد ذكرا لأسم فاطمة ولا الحسن والحسين مع شديد حبه لهم؟؟
...................
هذا هو اعتراضي الأول على فرضية أن القرآن من تأليف محمد فماذا كان تعقيب زميلي القلم الحر ؟
رد قائلا :
والحقيقة أن هذا التعقيب لا يطعن في قيمة الاعتراض التي مهدت به ،ذلك لأن هذا الغياب الملحوظ لذاتية النبي _صلعم _ أمر مؤكد ،وتعليله الصحيح هو كون القرآن ليس من تأليف محمد. أما التفسير الذي قدمه زميلي بكون محمد رجل ذكي ولم يكن ليضع حياته الشخصية في سياق القرآن فهو ليس اعتراضا قويا ، لأنه كان بإمكان محمد أن يعبر عن مشاعره وحياته مع تضمين هذه الحوادث موجهات ونصائح ومواعظ بل وحتى تشريعات .تجعل حضور هذه الحوادث في القرآن أمرا جد مقبول.اقتباس:
اعتقد انه على وفق فرضية ان محمدا هو مؤلف القران فلا شك ان محمدا يدرك انه لا يؤلف خواطر شخصية بل كتاب يقدمه للناس على انه خطاب الله لهم لهدايتهم ., و لا شك انه اذكى من ان يضع فى كتاب كهذا نصوصا تتناول مشاعره الخاصة نحو زوجاته و ابنائه.
فما الذي منعه من ذلك ؟؟
أرى أن التفسير المعقول لما سبق هو أن ننسب كتاب القرآن إلى غير محمد مادمنا لا نجد فيه البصمات النفسية لشخصية محمد.
ثم ختم بالقول :
نعم هذا صحيح .اقتباس:
و على اى حال اعتقد ان الاخ الكريم يوافقنى فى ان هذه النقطة لا ترقى الى ان تكون برهانا نقنع او نفحم به من يرتاب فى نبوة محمد.
وقد كان هذا واضحا منذ أولى مداخلتي حيث قلت :
وقد بينت لك قبل قليل تصوري لمبحث النبوة ومنهجي في التفكير فيه. فما نحن فيه الآن هو مجرد اعتراضات على فرضية النبوة وليس بحثا في حقيقة الأعجاز.التي سنؤجلها إلى حين.اقتباس:
وما سبق هو مجرد تأمل في ظاهرة النص القرآني ومقاربتها بإمعان التفكير في الفرضية القائلة بكونه من تأليف محمد.
الاعتراض الثاني على فرضية كون القرآن من تأليف محمد صغته بناء على حادث الأفك :
حيث قلت أنه لو كان القرآن من تأليف محمد لأسرع بإنزال آيات تبرئة سيدتنا عائشة في ذات اليوم ، ولم يكن ليترك الأشاعة الخسيسية تنتشر وتفعل فعلها في النفوس ،ويتأذى بها نفسيا أشذ الأذاية.وتعلم أن أقسى ما يمكن أن يمس الرجل هو التشكيك في عرضه وشرفه.
فكيف يصبر محمد كل تلك الأيام الطوال ينتظر نزول الوحي بالحق في شأن حادث الأفك ، ألم يكن سهلا عليه – والقرآن من تأليفه – أن يسارع إلى تبرئتها ؟!!!
فلننظر إلى الأجابة التي قدمها زميلي العزيز:
اقتباس:
اذا كان ما لفت انتباه الاخ العزيز مسالة انه لو كان القران من تاليف محمد فلماذا لم ينزل برائتها فى ذات اليوم
فما حيرنى هو : اذا كان القران من عند الله و محمد نبيه فلماذا لم يبين الله براءة السيدة عائشة فى ذات اليوم ؟!الم يكن يعلم براءتها لماذا اذن لم يظهر براءتها و تاخر ذلك ؟
وأرى أن قوله هذا كاف بحد ذاته للدلالة على العجز في رد هذا الاعتراض ،لأنه يقفز على الأشكال و لايواجهه.
وأوضح :
إن الفرضية التي نختبرها الآن هو كون القرآن من تأليف محمد. ويعلم محمد أن المدينة تؤمن به ، وتصدق كون القرآن من عند الله.
ثم حدثت حادثة الأفك ، وقام المنافقون بصياغتها وحبكها ونشرها بين الناس ، بل قام بعض المسلمين بتناقل الحكاية وبلغ الأمر إلى محمد ، وتأذى نفسيا من الخبر . ولم يكن من موقفه إلأ انتظار خبر السماء وتمني نزول آيات تبرئها.
فانتظر ، وانتظر ، وانتظر ...
ثم جاء خبر السماء .
لنفترض أنه مؤلف القرآن ! لماذا كل هذا الانتظار ؟
هل فعل ذلك من أجل أن يثبت للناس أن القرآن ليس من تأليفه بل هو وحي لا يتنزل بإرادته هو ؟
لقد بينا أن المدينة كانت مسلمة له ولدينه ولم يكن بحاجة أن يؤذي نفسه كل هذه الاذاية ويطيل الانتظار.
ثم لنتأمل جيدا تعليق الزميل القلم الحر :
لقد تبين لنا هنا من هذا النقاش الموجز فقط بعض حكمة تأخر نزول آيات الأفك . ففي هذا التأخر فوائد عديدة منها أنه يكشف لنا عن مصدرية هذا القرآن ،أي أنه ليس من نسج محمد وتأليفه. ثم ثانيا لقد كان في حادث الأفك تربية للجماعة المسلمة ، وثالثا تحذير من خطر الأشاعات الكاذبة ...اقتباس:
فما حيرنى هو : اذا كان القران من عند الله و محمد نبيه فلماذا لم يبين الله براءة السيدة عائشة فى ذات اليوم ؟!الم يكن يعلم براءتها لماذا اذن لم يظهر براءتها و تاخر ذلك ؟
ثم مسألة أخرى أراها في بداية كلام الزميل القلم ، وهي قوله : "فما حيرني هو "
أجل أنا في حواري هذا أريد لك هذه الحيرة ، وهي بداية معاودة التفكير في رأيك الذي تتبناه اليوم وهو أن القرآن من إبداع محمد .. وإذا كان أرسطو يقول "الدهشة بداية التفلسف " فإنني أستعير من عبارته وأقول لك "إن بداية حيرتك مدخل منهجي ضروري للتفكير في الفكرة التي تتبناها اليوم _أي فكرة أن القرآن من تأليف محمد- وتأكد أنك لو أعطيت نفسك فرصة للتفكير النقدي في هذه الفكرة ،وتحليت بالشجاعة في التشكيك فيها كما شككت في نبوة محمد ،فإنك على الأقل ستكون عادلا مع نفسك في إخضاع المسألتين معا (أي مسألة نبوة محمد ومسألة عدم نبونته) لتفكير نقدي صارم .
يتبع
استئذن الاخ الفاضل فى مداخلة عابرة ..
ليست المسالة مسالة عجز بل لم احرص على رد الاشكال لانه ليس برهانا قاطعا و مع ذلك اعتبرته شاهدا بالفعل على ان القران ليس من تاليف محمد :اقتباس:
وأرى أن قوله هذا كاف بحد ذاته للدلالة على العجز في رد هذا الاعتراض ،لأنه يقفز على الأشكال و لايواجهه.
و قد طرحت ردا مباشرا قد يقال, و لم تتعقبه :اقتباس:
هذه ليست براهين مقنعة و مفحمة بل لا تعدو ان تكون شواهد يستانس بها المؤمن بنبوة محمد ليزداد ايمانا لكنها غير كافية لتاسيس هذا الايمان عند من يرتاب فى نبوة محمد .
و قد يقال انه لا يلزم من كون محمد مؤلف القران ان ينزل ايات تبرىء فورا اى زوجة تتهم من زوجاته فقد اتهمت مارية ام ابراهيم ايضا و لم تنزل ايات تبرئها اصلا .اقتباس:
و لم يكن معتادا ان تتناول ايات القران الفصل فى مسائل زوجية خاصة كهذه حتى يقال لو كان من تاليفه لانزل ايات تبرئها فى ذات اليوم
و كان لدى رد اخر قد يقال و هو انه يحتمل ان سبب تاخر نزول ايات التبرئة ان النبى كان يشك بالفعل فى براءتها و كان محتارا بين امرين : ان يطلقها كما نصحه البعض , او يعلن تبرئة الوحى لها , و عندما حسم شكه و حيرته و قرر تبرئتها نزلت الايات .هذا رد سمعته بالفعل من شخص غير مسلم حاورته من قبل فى المسالة .
و ارجو اخى الكريم ان تتعقب كل ما اورده , فقد لاحظت انك لم تعقب على قولى :
اقتباس:
و لا يجب ان يعبر عن مشاعره تلك فى هذا الكتاب بل يكفى ان يعبر عنها فى احاديثه التى اعطاها القران قدسية و حجية و فى الاحاديث المنسوبة اليه ما تتجلى فيه : مشاعر حبه لخديجة حتى انه بشرها بالجنة , و حبه لفاطمة حتى انه جعلها سيدة نساء اهل الجنة , و حبه لعائشة , و حبه لسبطيه اللذين جعلهما سيدا شياب اهل الجنة .
و قد شوقتنى الى الاطلاع على رايك المفصل فى اعجاز القران فعجل به بارك الله فيك .
و دمتم موفقين .
قبل الاستمرار في التعقيب تفضل الزميل العزيز القلم الحر باستدراك وتوضيح وطلب رد ا، فلابأس من التعقيب عليه .
كتب القلم الحر
في الحقيقة أراني قد تعقبت هذا القول وأجبت عليه ،إنما لم أورده بالنص اختصارا .اقتباس:
و مع ذلك فقد طرحت ردا مباشرا قد يقال, و لم تتعقبه :
إقتباس:
و لم يكن معتادا ان تتناول ايات القران الفصل فى مسائل زوجية خاصة كهذه حتى يقال لو كان من تاليفه لانزل ايات تبرئها فى ذات اليوم
أما التعقيب فقد حصل عندما قلت :
كتب حاتم3
بمعنى أن آيات القرآن كان بإمكانها تناول الحياة الشخصية في لحظاتها الهامة وتضمين هذا التناول بتوجيهات تشريعية ومواعظ أخلاقية ،خاصة وأن القرآن لم يقتصر على موضوع الألوهية بل تناول قضايا الأسرة والأجتماع ...اقتباس:
كان بإمكان محمد أن يعبر عن مشاعره وحياته مع تضمين هذه الحوادث موجهات ونصائح ومواعظ بل وحتى تشريعات .تجعل حضور هذه الحوادث في القرآن أمرا جد مقبول.
إذن فقد عقبت على الفكرة التي تفضلت بعرضها.
أما قولك زميلي العزيز :
فلا بأس من تأمل هذا الاعتراض الجديد.اقتباس:
و كان لدى رد احجمت عن طرحه حتى لا يساء فهمه و نحن نتحدث فى مسالة حساسة كاتهام النبى فى عرضه , و هو انه يحتمل ان سبب تاخر نزول ايات التبرئة ان النبى كان يشك بالفعل فى براءتها و كان محتارا بين امرين : ان يطلقها كما نصحه البعض , او يعلن تبرئة الوحى لها , و عندما حسم حيرته و قرر تبرئتها نزلت الايات .هذا رد سمعته بالفعل من شخص غير مسلم حاورته من قبل فى المسالة .
وهو عند التأمل لا يستقيم كاعتراض على قولي السابق، ودعني أوضح :
لنفترض أن محمدا كان لديه شك في عائشة...تعلم ولا شك أن حادث الأفك كان مؤلما لنفسيته ، وتعلم ولاشك أن أقسى ما يمكن أن يمس الانسان هو مسه في عرضه وشرفه.خاصة في بيئة عربية كانت فكرة العرض والشرف تذهب بالنفوس مذهبا حتى يصل الأمر بالآباء إلى وأد بناتهم وهم أحياء اتقاء لخطر تعرضهن لما يمس شرفهن .. لذا لو كنت في مكانك واعتقدت باعتقادك لما فكرت بالطريقة التي فكرت بها.. حيث كنت سأقول :لو كان في محمد حيرة لأنزل آيات تبرئتها في ذات اليوم ،حتى يحرر شرفه وعرضه من قالة السوء ،ثم يتحرى من بعد ما شاء أن يتحرى ، ويطلقها بعد ذلك لو شاء سواء ثبت لديه وقوع الفعل -حاشا سيدتنا عائشة أن تكون فاعلة لذلك -أو لم يثبت له.
ثم ثالثا أوافقك على أنني لم أتعقب فكرة أخرى بالرد وهي قولك :
أجل هذه فكرة لم أعقب عليها .. وذلك لأنني كنت أتناول القضية في عمومها بما يسمح به الوقت ،لكن ما دمت كررتها لا بأس من التعقيب :اقتباس:
و ارجو اخى الكريم ان تتعقب كل ما اورده , فقد لاحظت انك لم تعقب على قولى :
إقتباس:
و لا يجب ان يعبر عن مشاعره تلك فى هذا الكتاب بل يكفى ان يعبر عنها فى احاديثه التى اعطاها القران قدسية و حجية و فى الاحاديث المنسوبة اليه ما تتجلى فيه : مشاعر حبه لخديجة حتى انه بشرها بالجنة , و حبه لفاطمة حتى انه جعلها سيدة نساء اهل الجنة , و حبه لعائشة , و حبه لسبطيه اللذين جعلهما سيدا شياب اهل الجنة .
إن تبشير هؤلاء بالجنة لايدل على المحاباة. وقد كان من الممكن أن يقبل العقل بفكرة المحاباة لو كانت سير هؤلاء - خديجة ، عائشة،الحسن والحسين رضوان الله عليهم- فيها ما يناقض الاسلام ،أو أنهم لم يخدموه بما يجعلهم يستحقون التبشير بالجنة ، ولكن العكس هو الصحيح فحياتهم وأعمالهم هي بذاتها دليل على نبوة محمد -صلعم- فخديجة كانت نعم الدعم لرسالة النبي ، واستحملت في سبيل ذلك مخاطر ..وعائشة رضي الله عنها كانت مصدرا علميا للفقه بالاسلام - أقول هذا في عبارة موجزة لأنني أظن أنها كافية اللهم إلا إذا كنت متأثرا بالفكر الشيعي فعندها يكون ما سبق فاحة موضوع جديد يحتاج إلى أكثر من مقال- أما سبطي النبي الحسن والحسين فيكفي مراجعة حياتهما ليتبين جهادهما وجليل أعمالها ، حتى انتهى الأمر بالحسين - رضي الله عنه وأرضاه -إلى أن يقطع رأسه ، وفي سيرة الحسن -رضي الله عنه وأرضاه- ما يكفي للدلالة على حكمته وجليل أعماله ،فقد كان بحكمته عاصما لدماء المسلمين ، وسببا في وحدتهم.
هذا عن النقطة التي لم أجبك عنها ...
ثم عذرا عن العبارة التي سطرتها في مداخلتي السابقة
حيث كان من الأليق أن أنتقي عبارة مؤدبة تفيد ذات المعنى دون وسمك بالعجز..اقتباس:
وأرى أن قوله هذا كاف بحد ذاته للدلالة على العجز في رد هذا الاعتراض ،لأنه يقفز على الأشكال و لايواجهه.
وتقبل تحياتي
شكرا اخى الكريم على ردك و ليس لدى ما اعلق به على ما ذكرت بل اترك الحكم للقارىء سيما و انا معترف بان ما تفضلت به يعتبر شاهد على ان القران ليس من تاليف محمد ,لكنه ليس برهانا مفحما على انه من عند الله .
و حتى تتم الفائدة ارجو ان تناقش ايضا هذه النقطة :
اقتباس:
و قد يقال انه لا يلزم من كون محمد مؤلف القران ان ينزل ايات تبرىء فورا اى زوجة تتهم من زوجاته فقد اتهمت مارية ام ابراهيم ايضا و لم تنزل ايات تبرئها اصلا .
و كما اتفقنا ساحاول استقصاء كل الاشكالات التى قد تقال حول اى مسالة تحتج بها .
و تقبل تحياتى
كتب الزميل القلم الحر
اقتباس:
و حتى تتم الفائدة ارجو ان تناقش ايضا هذه النقطة :
و قد يقال انه لا يلزم من كون محمد مؤلف القران ان ينزل ايات تبرىء فورا اى زوجة تتهم من زوجاته فقد اتهمت مارية ام ابراهيم ايضا و لم تنزل ايات تبرئها اصلا .
بالنسبة لخبر اتهام مارية فليس لدي في ذهني معلومات موسعة تستحق حسمه ، إنما كنت قد قرأت قديما مقالة في الموضوع خلاصتها أن خبر اتهام مارية وما يلحقه من أمر النبي -صلعم- عليا بقتل المتهم ثم تبين كذب الخبر ، هو ليس بالحديث القوي إسنادا ، نعم إنه مروي في صحيح مسلم ،لكنه خبر آحاد ،فيه اضطراب.(أقول هذا من عفو الذاكرة ولا يسمح الوقت للتحقق من الأمر . )
صحيح ستجد عند الشيعة تشبثا غريبا بهذا الخبر - خبر اتهام مارية القبطية- حيث يقطعون بصحته.
لكنك كنت شيعيا يوما حسب ما ذكرت ، ولذا فأنت تعلم أن الشيعة سيعضون بالنواجذ على هذا الحديث لأنه هو مدخلهم الوحيد في تفسير آيات الأفك المنزلة في القرآن ،حيث يرون أن الشخصية المتهمة بالأفك هي مارية وليست عائشة .
لكن كما أسلفت القول هذه معلوماتي في الموضوع وليست كثيرة ،وكان بالأمكان أن نخصص للموضوع وقتا لبحثه لو كان له تعلق مباشر بحديثنا عن نبوة محمد- صلعم-.
لكن رغم ما سبق دعني أفكر في اعتراضك قليلا ...
تقول عزيزي القلم
لا أعتقد أن هذا القول يسمح بالاعتراض على الفكرةالتي عبرت عنها في شأن حادث الأفك وعدم الأسراع بنزول آيات التبرئة.اقتباس:
و قد يقال انه لا يلزم من كون محمد مؤلف القران ان ينزل ايات تبرىء فورا اى زوجة تتهم من زوجاته فقد اتهمت مارية ام ابراهيم ايضا و لم تنزل ايات تبرئها اصلا .
لماذا .؟
لأن الاستدلال بحادث مارية على فرض صحته يسقط ،فلم تنزل آيات تبرئها لأنه لم يكن ثمة داع لها ،فقد بعث النبي عليا في ذات اليوم وتحقق من استحالة حدوث الحدث - بعدما رأى ما رأى من القبطي -. فالأمر إذن لم يحتج نزول آيات للتبرئة.
ثم أحييك على قولك
فهو دال على ما تتحلى به من جميل الخصال من أدب وموضوعية في الحوار.اقتباس:
شكرا اخى الكريم على ردك و ليس لدى ما اعلق به على ما ذكرت بل اترك الحكم للقارىء سيما و انا معترف بان ما تفضلت به يعتبر شاهد على ان القران ليس من تاليف محمد
كما أتفق معك فيما عقبت به أيضا :
فبالفعل لم أقدم فيما سبق برهانا إنما كما أسلفت بالقول في أولى مداخلتي إن ما أقدمه خلال هذه الفترة من حوارنا هو محاولة للتفكير في فرضيةكون القرآن من تأليف محمد ، وسأعترض على هذه الفرضية باعتراضات تساعدنا في اختبارها لنرى هل لهذه الفرضية مصداقية وقوة استدلالية ، أم لا . وقد أخذ يتأكد لك كون القرآن ليس من تأليف محمد أو على الأقل أخذت تشك في فرضية أنه من تأليفه. وهذا جيد في تقديري لأنه سيكون مساعدا لي ولك على أن نعمق التفكير في المعطيات التالية التي سنطرحها أنا وأنت. ولا أتصور محاورتنا مناظرة في طرف منتصر وأخر منهزم ،بل محاورتنا هي تحاور أخوين يريدان الحقيقة. فلنساعد بعضنا بعضا لسلوك هذا الطريق. وتأكد أنك عندما ستعترض علي بدليل أراه مفحما فإنني سأسارع إلى مصارحتك بعجزي عن رده، ولن أجد خجلا ولا حرجا من قول ذلك.اقتباس:
لكنه ليس برهانا مفحما على انه من عند الله .
تحياتي وإلى الغد إن شاء الله