سؤال: لو أن هذه الأسباب الكونية جعلته يريد شيئا ما هل كان باستطاعته أن لا يريده؟
عرض للطباعة
سؤال: لو أن هذه الأسباب الكونية جعلته يريد شيئا ما هل كان باستطاعته أن لا يريده؟
أولا كل إنسان منا يفرق بين ما هو مخير فيه و ما هو مجبر فيه
و ثانيا: مثال ذلك من أغراه ملكه فكفر باختياره أو حسد النبي فآثر عصيانه أو أراد المال فجمعه من الحرام أو أعجبه الجمال فواقع الحرام أو اغتر بآبائه فرضي باتباع كفرهم و غير ذلك كثير، طبعا مع اجتماع أسباب أخر يصعب حصرها لأنه يوجد من ملك و لم يكفر ويوجد من كان غنيا و لم يجمع المال من حرام و يوجد من أعجب بالجمال وعف و هذا أيضا بوجود أسباب أخر.
فهؤلاء في كل ما اختاروا لم يخرجوا من أطر الأسباب.
أبا أحمد هذا تهرب. أجب عن هذا السؤال:
لو أن الأسباب الكونية جعلت الإنسان يريد شيئا ما هل كان باستطاعته أن لا يريده؟
مثال ذلك إنسان اختار الكفر و العصيان لأسباب كونية، هل كان في مقدور هذا الإنسان أن لا يختار الكفر؟
إن نظرنا للإنسان عموما -أي جنس الإنسان- فهو بمقدوره اختيار الإيمان أو الكفر.
و إن رأينا لحالة واقعة لإنسان اختار الكفر فاستطاعته أن لا يختار الكفر أمر معدوم. لا نقول كان لا يستطيع أن لا يختار الكفر بل نقول لم يختر الكفر.
ربما نقطة كهذه تحتاج لتوضيح أكثر، أنتظر رأيك.
يعني ذلك باختصار عدم إرادته في هذه الحالة أمر لا تتعلق به الاستطاعة.
قولك: إنسان اختار الكفر لأسباب كونية واستطاعته أن لا يختار الكفر أمر معدوم. هذا معناه أن إجابتك على سؤالي: لو أن هذه الأسباب الكونية جعلته يريد شيئا ما هل كان باستطاعته أن لا يريده؟ هي لا.
وهذا معناه أيضا أن الإنسان مسير! فلماذا لا تقولها صراحة؟؟
يا رزين اقرأ إجابتي بعدها فهي مختصرة و واضحة.
قرأتها وعلقت عليها ولم أفهم منها سوى ما فهمته من سابقتها.
لو قلت أنه لا يستطيع أن لا يريد لكان مسيرا أي مجبرا بالمعنى الذي تراه أنت للتسيير، و لكني أقول أن "لا إرادته" هنا لا تتعلق بها الاستطاعة.
بإيضاح أكثر، الله كلفه ما يستطيع و لم يكلفه ما لم يستطع، فقبل فعله كان يستطيع أن يريد أو أن لا يريد، فلما أراد لم يعد للاستطاعة تعلق بشيء مضى.
وهل كان سؤالي عن الاستطاعة لشيء مضى حتى يكون جوابك هكذا؟ سؤالي عن إرادته وقت التكليف - الأسباب الكونية جعلتها على نحو ما هل كان بإمكانه أن يجعلها على نحو آخر؟
الاخ ابو احمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الاسباب الكونية ليست هي المتحكمة بالارادة ولكن العقل هو المتحكم بالارادة والاسباب الكونية تؤثر تاثيرا في العقل ولا تتحكم به
افصل هذا فيما يلي
خلق الله سبحانه وتعالى نفس الانسان والهمها فجورها وتقواها وخلق الشيطان وخلق عقل الانسان وخلق ارادته ومنحه حرية التحكم فيها وجعل عقل الانسان هو المتحكم في ارادته وخاطب الله سبحانه وتعالى العقل السليم البالغ وبين له سبيل الهدى والرشاد وامره باتباعه ووعده بالثواب اذا سلكه وبين له سبيل الضلال والغي ونهاه عنه ووعده بالعقاب اذا سلكه وخيره ايهما شاء سلكه وايهما سلك فهو بمشيئة الله سبحانه وتعالى وليس بارادته كما بينت سابقا
فالعقل هو المتحكم وهناك مؤثرات عليه من جهة الخير المتمثلة في خطاب الله عز وجل له وخلقه للكون وعظمته من ناحية ومن جهة الشر المتمثلة بالنفس والشيطان من الناحية الاخرى وهنا ياتي دور العقل ليتحكم بهذه المؤثرات لتصدر عنه في النهاية الاوامر للتحكم بالارادة فيصرفها اما الى ناحية الخير او ناحية الشر وان ايات الله سبحانه وتعالى في الكون ظاهرة وبينة وقوية ونظرا لقوة سلطانها فلا بد ان تتغلب في تاثيرها في العقل على النفس والشيطان لمن كان عقله سويا ليؤمن الانسان بالله سبحانه وتعالى ويجعل الانسان ارادته تستجيب للحق وتنهى النفس والشيطان عن التاثير عليها وتتبع سبيل الهدى والرشاد
اما من يريد ان يجعل عقله مقياسا لشرع الله سبحانه وتعالى كما فعل ابليس ولم يؤمن فهو وشانه والى جهنم وبئس المصير
والله عز وجل يقول
{لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }البقرة256
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الذي يتحكم في الإرادة هو العقل!
طيب: من الذي خلق العقل؟ الإجابة: الله. هل جعل الله عقول الناس متماثلة أم مختلفة؟ بل مختلفة.
إذن هل اختلاف الإرادات ناشئ عن اختلاف العقول أم لا؟
إن قلت نعم: فهذا معناه أن السبب في اختلاف الإرادات راجع إلى الله لأنه جعل العقول مختلفة، وهذا معناه أن الإنسان مسير.
وإن قلت لا: نقضت قولك.
- إن أراد الكفر فبإمكانه أن لا يريده فيما بعد فيؤمن، و إرادته الكفر أول الأمر لم تخرج عن الأسباب الكونية كما أن إرادته الإيمان فيما بعد لن تخرج عن الأسباب الكونية. هذا إن كان السؤال في أمر المستقبل و ليس هو كذلك.
- إن أراد الكفر فلا يتعلق الإمكان بأن "لا يريد" الكفر لأن الأمر أصبح من الماضي. و هذا كما قلت ليس مطلب السؤال.
- إن هو أمام أمر لم يتم بعد فهو باستطاعته أن يريد الإيمان أو الكفر، معناه أنه مختار و ليس بمجبر على أحدهما.
ستقول يا رزين هنا أن الله جعل الأسباب الكونية و من خلالها سيُعلم مسبقا أين ستتجه إرادة ذلك الإنسان و لن تكون لها إلا وجهة واحدة وهذا معناه أن ذلك الإنسان لن يستطيع أن يريد الوجهة الأخرى و هذا عين الجبر.
أقول هنا إن كنت ترى هذا السؤال أن مشيئة ذلك الإنسان لن تخرج عن قدر الله و مشيئته وكل ما سيقوم به هذا الإنسان و ما سيختاره لن يخرج عن مشيئة الله وقدره، يعني ذلك أن مشيئة هذا الإنسان الماضية و الحاضرة و المستقبلة لن تخرج عن الأسباب الكونية أبدا.
إذا فستكون له تلك المشيئة و لا مشيئة له أخرى، فيكون السؤال بعد كل هذا التفصيل قصد الإيضاح و معذرة: هل كان هذا الإنسان مستطيعا لمشيئىة أخرى أم لا؟ أقول لك يا رزين مرة أخرى لا محل للاستطاعة هنا، هو لن تكون له سوى تلك المشيئة، و ركز معي هنا مشيئة فلا معنى للاكراه هنا أو الاجبار إن قلنا بالمشيئة.
و معذرة على الإطالة فليست من عهدي إلا أن أضطر.