السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اسمحوا لى أن أقدم لكم تحقيقى لحديث الأوعال الذى أورده السيد داروين للاستدلال به على أمور يتوهمها.
وبداية أحب أن أبين لكم أن :
الحديث ضعيف جداً ولا يصلح للاحتجاج به والمسلمون ليسوا ملزمين بالرد على أى شبهة يثيرها أحد بناءً على ما جاء بالحديث.
وحديث الأوعال هو حديث معروف عند أهل علم مصطلح الحديث ، وهو حديث ضعيف جداً. وقد رُوى من طريق اثنين من الصحابة. الأول عن العباس بن عبد المطلب وفيه انقطاع بين عبد الله بن عميرة والأحنف بن قيس ، فهو ضعيف جداً.
والثانى عن الحسن البصرى عن أبى هريرة وفيه انقطاع أيضاً ، ذلك أن الحسن البصرى لم يسمع من أبى هريرة ، والحديث المنقطع قسم من أقسام الضعيف بل ضعيف جداً ، ولا يعتد بكثرة طرق الحديث ، فمهما تكاثرت طرق الحديث شديد الضعف فإنها لا يقوى أحدها الآخر ولا يحتج بها فى المتابعات أو الشواهد.
إذن درجة الحديث بطريقيه سواء عن العباس أو أبى هريرة كلاهما ضعيف جداً.
وإليكم التفصيل:
أولاً : حديث العباس بن عبد المطلب :
أخرجه الإمام أحمد فى مسنده برقم (1773 ترقيم دار إحياء التراث ) بلفظ : "خمس مائة سنة" ، وأبو داود (ج4/ص231) رقم (4723) ، الترمذى (ج5/ص424) رقم (3320) وقال : "هذا حديث حسن غريب" ، وابن ماجة (ج1/ص69) رقم (193) ، وأبو يعلى فى مسنده (ج12/ص75) رقم (6713) ، والعقيلى فى الضعفاء (ج2/ص284) رقم (852) فى ترجمة عبد الله بن عميرة.
والحاكم فى المستدرك (2/316) (3137) وقال بعده : "قلت : يحى واه" يقصد يحيى بن العلاء. وأيضاً (ج2/ص410) رقم (3428) ، (ج2/ص543) رقم (3849).
وابن أبي عاصم في " السنة " (1/254) رقم 578 ، وابن أبي شيبة في كتاب " العرش " ص55 ، وابن خزيمة في كتاب التوحيد (1/334) ، والدرامي في " الرد على الجهمية (ص24) ، والآجري في " الشريعة " ص292 ، واللالكائي في : اعتقاد أهل السنة " (3/390) رقم 651
وفى معرفة التذكرة لابن القيسرانى (ج4/ص1869) رقم (4283) قال : " رواه يحيى بن العلاء الرازي عن عمّه سعيد بن خالد عن سماك بن حرب عن عبد الله بن عميرة عن الأحنف بن قيس عن العباس والعلاء متروك الحديث وهذه المتن قد روي من غير طريقه "
وقال البخاري في تاريخه الكبير ( 5 / 159 ) : " لا يعلم سماع لابن عميرة من الأحنف " اه
وقد بين بطلان هذا الحديث الإمام المحدث الكوثري في مقالة خاصة مطبوعة ضمن كتابه " المقالات " ص ( 308 ) سماها : " أسطورة الأوعال " فلتراجع فإنها مهمة جدا .
وكذا أبطله المحدث عبد الله بن الصديق الغماري وذكر بطلان متنه في كتابه " سبيل التوفيق " فقال : " وبينت بطلان حديث الأوعال بأن إسناده ضعيف ومعناه منكر من وجوه :
1 - أن القرآن يفيد أن حملة العرش يوم القيامة ثمانية لا اليوم .
2 - أن القرآن نعى على الكفار تسميتهم الملائكة إناثا ، والحديث يفيد أنهم أوعال ، والإناث أشرف من الوعل .
3 - أن الوعل هو التيس الجبلي ، والوصف به يدل على الذم ، فقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم المحلل تيسا مستعارا ، ووصف الذين يتخلفون في نساء المجاهدين بالفاحشة بأنهم ينبون نبيب التيس .
4 - أن القرآن والسنة يصفان الملائكة بأنهم ذوو أجنحة ، وهذا الحديث جعلهم أوعالا . . . " اه
قلت : وقد وقع تصحيف فى رواية ابن ماجة فى قوله : "اثنين" والصواب أنها : "اثنتين" كما فى الروايات الأخرى ، وكما تقتضيه قواعد اللغة ومما لا يشك فى أن النبى صلى الله عليه وسلم لا يقول مثل هذا وقد أوتى جوامع الكلم.
وهو فى مسند الإمام أحمد من رواية "يحيى بن العلاء" وقد قال عنه أحمد : "كذاب يضع الحديث".
والبيهقي في " الأسماء والصفات " (2/142( ، وابن عبدالبر في " التمهيد " (7/140( ، والحافظ أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2/2( ، والمزي في " تهذيب الكمال " (2/719( ، وأبو العلاء الهمذاني في " ذكر الاعتقاد وذم الاختلاف " ص67-68 رقم (19( ، وابن الجوزي في " العلل المتناهية " (1/8) وقد رواه من طريقين وقال : هذا حديث لا يصح ا0هـ
وقال الحافظ المنذري بعد أن ذكر الحديث : وفي إسناده بن أبي ثور ولا يحتج بحديثه ا0هـ
أما عن قول الترمذى عن الحديث : (هذا حديث حسن غريب). فالترمذى معروف بتساهله فى الحكم على الحديث وهذا مشهور عند أهل العلم ومن القواعد التى يدرسها طلاب علم المصطلح.
قال الذهبي : ((لا يغتر بتحسين الترمذي)) يعني لتساهله ، وقال أيضاً: ((لا يعتمد العلماء على تصحيح الترمذي)) وقال المباركفوري: ((وأما تحسين الترمذي فلا اعتماد عليه، لما فيه من التساهل)) [تحفة الأحوذى 2/93]
أما حديث أبى هريرة :
أخرجه أحمد (8610) والترمذى (5/403) (3298) عن الحسن البصرى عن أبى هريرة مرفوعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم بلفظ : "خمس مائة سنة" وبلفظ مقارب وبدون ذكر الأوعال أو العرش. وهو ضعيف جداً لأن الحسن البصرى لم يلق أبا هريرة فالحديث منقطع. وهو لا يقوى ولا يتقوى. فلا يصلح فى المتابعات ولا الشواهد.
وأعود فأقول :
الحديث ضعيف جداً ولا يصلح للاحتجاج به والمسلمون ليسوا ملزمين بالرد على أى شبهة يثيرها أحد بناءً على ما جاء بالحديث.
أبو جهاد الأنصاري
Gehad825@yahoo.com