المشاركة الأصلية كتبت بواسطة واسطة العقد
الامر ليس كذلك فحسب، صدمتنا بكثير من السلفيين كبيرة.. و انا و ان كنت لست منهم لكني كنت دومًا اقدر المنتمين لهذا الفصيل لنشاطهم الدعوي و السياسي و حماسهم بالرد على النصرانية و الالحاد و بقية المذاهب كما في موقعنا الجميل هذا، و لأنهم تقريبًا محتكرون للساحة العملية للنشاط الاسلامي.. بينما الاشاعرة لا يجيدون الا النقاش في المجاز و ابن تيمية و صقورهم مشغولون "باعادة احياء علم الكلام".. كأنهم يعيشون في اقفاص زجاجية معزولة عن بقية العالم، اما الصوفيون فقد انقطع جهادهم منذ زمن، و غير الموالد و مهاجمة "الوهابية" فلا وجود لهم ايضًا.
المشكلة حصلت عندما نقل السلفيون متمثلون بحزب البور مشاكلهم معهم الى ساحة جديدة لم يألفوها، دعك من كونهم دخلوا مجالًا سياسيًا شائكًا من دون خبرة سابقة و حشروا نفسهم بلعبة سياسية اعلامية اكبر منهم بكثير و اكبر من مقدراتهم، مع ان ليس كل عالم سياسي بالضرورة.. و مع ان حسن العمل مقترن بحسن العلم، و من بديهيات العقل ان لا يدخل المرء بمعمعة هو ليس كفؤًا لها فيفسد من حيث اراد ان يحسن، فأصبحت الخطابات و المواقف تنزل بصيغة كهنوتية جديدة.. حتى الخيانة عندهم اصبحت بأمر الله و رسوله.. اما اتباع حزب البور فحجتهم الوحيدة او ام الحجج عندهم هو ان برهامي شيخ فاضل علم الالاف الدين، و هل يعقل ان عاميةً مثلي تعقل شيئًا لم يعقله برهامي؟ و مواقف هذا الرجل اصبحت بين شجاعة و بين حكمة.. هكذا، لا يمكنه ان يخطأ ابدًا سياسيًا.. مع ان اصحابه ينفون عنه العصمة و يجوزون خطأه الاجتهادي بالدين!
هكذا، بهذه البساطة.. اصبح حزب البور عند كثير من السلفيين الناطق الرسمي باسم السلفية.. التي هي الاسلام الصحيح، و مواقفه كياسة و حسن تصرف، و حشره لمصطلحات غبية في غير مواقعها.. مثل "تكفيري و فكر منحرف".. ببيان هو اشبه ببيانات الشيعة هو من قبيل السياسة الشرعية، تحالفه مع العسكر كياسة و اضطرار.. ربما يستعيرون التقية لاحقًا، و مع حماقة كهذه و تصدر للنطق باسم الدين كهذا، لا عجب ان يتم انتقاد حزب البور بوصفه حزب ديني.. كمثال على ان الاحزاب الدينية لا تصلح للسياسة، و حزب البور هو طبق التحلية بعد الاخوان كما تعلمون... المتوقع طبعًا ان يتم تصفية هذا الحزب "السهل" لاحقًا.
الشطر الاخر هو شطر المتغلب الشرعي و ولاة الامر، و لا علاقة له بمؤسسة الازهر الحكومية، الافراد و الجماعات السلبية.. الميتة، التي تؤمن بمبدأ "مع الموجة" و التي يسهل استغلالها من قبل الطغاة عن حسن او سوء نية كما هو حاصل بدول الخليج مثلاً.. و هؤلاء لا مانع عندهم من اصدار الفتاوى بتكفير علان و فلان، بمنع التظاهر و تحريمه.. الوقوف مع الحاكم العلماني نكاية بمرسي "العامل بالقانون العلماني" (!!) و التهجم و ربما تفسيق و تكفير الخوارج على ولاة الامر.
الاخوان يمتلكون جزءًا مما يفقده السلفيون، و السلفيون يملكون ما يفقده الاخوان... الاخوان لديهم خبرة سياسية جيدة، لكن خبرتهم محصورة بمجال المعارضة و الانتخابات و البعد عن الحكم مع البقاء بالصورة السياسية.. خبرة ناقصه لم تؤهلهم لاحسان السياسة و التغلب على العساكر.. لكنهم بالجملة افضل من السلفيين بهذا، السلفيون يمتلكون شيئًا لا اعرف كيف اصفه حقيقة.. لكن السلفيون يمتلكون "اللب" او الفلسفة الحقيقية.. جوهر او عقيدة - ليس ان الاخوان شيوعيون! - العمق الديني و الفقه الذي من الممكن ان يجعل سياستهم شرعية فعلاً - ليس انهم احسنوا استخدام ميزاتهم -.. لا اعرف ان كنت اوضحت مقصدي، لكن ليونة الاخوان كما اراها سببها افتقادهم لمزية الحنابلة.. على كل حال، الاخوان فيهم ليونة و مسالمة اكثر من اللازم.. بوسط الازمة كانوا يطالبون العساكر بمطالبات كرتونية رفضها العساكر.. ايام مرسي الذي هو ملك جديد ببلد حكوماته و مؤسساته وفية لخلفه كانوا يسامحون و يغفرون، فشلوا بصنع ولاءات او تحالفات مهمة.. او انجاز شيء يحفظ لهم - مع ان الوقت لم يكن مناسبًا - او على الاقل وضع حد للاعلام المهزلة.. كانوا يلاينون خوفًا من اغضاب العساكر و المعارضة كي لا يهاجموهم.. و اقاموا حكمًا كرتونيًا لم يستمر لسنة... حتى الان، لا يملكون الجرأة لرفع سقف مطالبهم.. او التحدي، اهملوا انشاء قنوات اعلامية هامة - اعني قبل ثورة يناير - و لم يكن لهم شعبية اجتماعية كبيرة.. كانوا الاخوان فحسب، حتى لم يوظفوا اضطهاد ناصر و مبارك لهم كرصيد يحسب لهم كمناضلين، لا احد يفكر بالاخواني كمناضل.. المضحك ان ناصر يمتلك شعبية اكبر منهم، مع انه طاغية.
الفصيل المفضل لدي هو خليط السلفيين و الاخوان و غيرهم ممن يعتبرون انفسهم اسلاميين و لا يتبنون المواقف السابقة، رغم انهم ليسوا ذوي مواقف موحدة ايضًا و ليسوا فصيلاً منظمًا بعد، لهذا يفتقدون المركزية و القيادة و بالتالي التخطيط.. و غالبهم شباب مع وجود قيادات هامة بينهم.
هؤلاء بنظري القاصر اهم الموجودين على الساحة الاسلامية الان، و التباين و التنافر بمواقفهم واضح للكل.. مع انهم نظريًا ينتمون للمدرسة "الاسلامية" الكبيرة.. لكنهم بنفس الوقت اعداء سياسيًا، مشتتون.. ينظرون لبعض نظرات التخوين و عدم الثقة و الحوار بينهم منقطع، دعك من التخوين و التكفير و تنابز الالقاب و الشتائم.. لا ادري حقيقة ما سبب هذا التشتت، لكني احسب انه حدث قبل احداث الثورات بزمن و ان كان لا يهمنا الان... سأكمل برد لاحق تعبت -_-" .