يقول الله تعالى فى كتابه العزيز: [وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ] .. [البقرة: 23] ..
يقول الزمخشرى فى تفسيره: [فإن قلتَ: وما مثله حتى يأتوا بسورة من ذلك المثل ؟! قلتُ: معناه فأتوا بسورة مما هو على صفته فى البيان الغريب وعلو الطبقة فى حسن النظم] .. [الكشاف] ..
قلتُ: أى فلتأتوا بمثل صفة القرآن فى البيان الغريب عليكم مما ليس شعراً ولا نثراً ..
ولذلك يقول الوليد بن المغيرة: [والله ما فيكم رجل أعلم بالأشعار منى .. ولا أعلم برجز ولا بقصيدة منى ولا بأشعار الجن .. والله ما يشبه الذى يقول شيئاً من هذا] .. [العفو عن الأسير] ..
وفى رواية أنه قال لقريش: [وتزعمون أنه شاعر .. فهل رأيتموه نطق بشعر قط .. ؟! قالوا: لا والله] .. [أحكام القرآن] ..
ويقول الإمام الرازى فى تفسيره: [وذلك نهاية فى الاحتجاج .. لأنهم كانوا فى معرفة اللغة والاطلاع على قوانين الفصاحة فى الغاية .. وكانوا فى محبة إبطال أمره فى الغاية حتى بذلوا النفوس والأموال وارتكبوا ضروب المهالك والمحن .. وكانوا فى الحمية والأنفة على حد لا يقبلون الحق فكيف الباطل .. وكل ذلك يوجب الإتيان بما يقدح فى قوله .. والمعارضة أقوى القوادح .. فلما لم يأتوا بها علمنا عجزهم عنها فثبت أن القرآن لا يماثل قولهم .. وأن التفاوت بينه وبين كلامهم ليس تفاوتاً معتاداً .. فهو إذن تفاوت ناقض للعادة فوجب أن يكون معجزاً] .. [مفاتيح الغيب] ..
ويقول طه حسين: [ولكنكم تعلمون أن القرآن ليس نثراً كما أنه ليس شعراً .. إنما هو قرآن .. ولا يمكن أن يسمَّى بغير هذا الاسم .. ليس شعراً .. وهذا وضع .. فهو لم يتقيد بقيود الشعر .. وليس نثراً .. لأنه مقيّد بقيود خاصة به لا توجد فى غيره .. فهو ليس شعراً ولا نثراً ولكنه (كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ) فلسنا نستطيع أن نقول انه نثر كما نص على أنه ليس شعراً .. كان وحيداً فى بابه .. لم يكن قبله ولم يكن بعده مثله .. ولم يحاول أحد أن يأتى بمثله .. وتحدى الناس أن يحاكوه وأنذرهم أن لن يجدوا إلى ذلك سبيلاً] .. [من حديث الشعر والنثر] ..
قلتُ: فالقرآن الكريم ليس بشعر ولا نثر ولهذا عجز العرب عن معارضته لأن نظمه لم يكن معهوداً لديهم ..
وبهذا تحدى الله تعالى الإنس والجن أن يأتوا بمثله وأنى لهم ذلك ..
والحمد لله رب العالمين ..