هل الفطرة دليل يعتد به فى كل الأحوال
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته
ما رأيكم فى ما هو منشور على الرابط القادم عن أنه لا يجوز استخدام الفطرة كدليل
http://muntada.islamtoday.net/510321-post1.html
الفطرة هي السلامة والقابلية والاستعداد
أخى مجدى
السلام عليكم و رحمة الله
جزاكم الله خيرا على الرد
و لكن تبقى عندى بعض الإشكالات التى تحتاج الى ردكم الكريم مع الصبر و اتساع الصدر
1. الايات التى استشهدت بها كقول الله (فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ [العنكبوت/65]
صدرت من الله فى حق المشركين و كما تعرف فان سبب عبادتهم الأصنام هو التقرب بها الى الله كما قال تعالى {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ }الزمر3
اذا فهم كمشركون يعترفون بالخالق و يعطونه حق التدبير فى الكون لأنه الخالق
فمثل هؤلاء أرى أنهم لجأوا الى الله فى الشدة عن علم يقينى فى الخالق المدبر و ليس من منطلق الفطرة و الا فبما تفسر قول الله عنهم (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى)
2. اراك اتهمت صاحب المقال بالخلط مع العلم بأننى ارى صاحب المقال لم يخلط فهو يعى ما يقول و يفرق بين استخدام الفطرة فى العقيدة و استخدامها فى الأحكام بدليل قوله (فقد درج البعض على الاستدلال بالفطرة عند تقرير المسائل العقدية أو غيرها وعند محاجة الخصوم فتجد البعض يقرر أمرا في العقيدة ثم يقول : وقد دل على ذلك دليل الفطرة , فهل الفطرة دليل شرعي يعتمد عليه ؟)
(أرجو أن تعيد قراءة المقال) http://muntada.islamtoday.net/510321-post1.html )
و مع ذلك أنت لم ترد عليه فى نقطتين مهمتين
الأولى
قوله (إن علماء الأصول قد ذكروا الأدلة الشرعية المجمع عليها والمختلف فيها ولم يذكروا دليل الفطرة أبدا فليست الفطرة من الأدلة لا المجمع عليها ولا المختلف فيها)
الثانية
الأدلة التى استدل بها الكاتب على أن الفطرة هي السلامة والقابلية والاستعداد والتهيؤ فى قوله (أن تفسير الفطرة بالإسلام غير صحيح والتفسير الصحيح هو : أن الفطرة هي السلامة والقابلية والاستعداد والتهيؤ ويدل على ذلك أدلة ومنها :
من القرآن :
قول الله تعالى : ( والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا ... ) وشيئا نكرة في سياق النفي فتفيد العموم , قال ابن جرير 7/625 : (يقول تعالى ذكره : والله تعالى أعلمكم ما لم تكونوا تعلمون من بعد ما أخرجكم من بطون أمهاتكم ، لا تعقلون شيئاً ولا تعلمون ، فرزقكم عقولاً تفقهون بها ، وتميزون بها الخير من الشر وبصركم بها ما لم تكونوا تبصرون ، وجعل لكم السمع الذي تسمعون به الأصوات ، فيفقه بعضكم عن بعض ما تتحاورون به بينكم ، والأبصار التي تبصرون بها الأشخاص ، فتتعارفوا(1) بها ، وتميزون بها بعضاً من بعض ) اهـ
وقال القرطبي 10/132 : ( قوله تعالى : والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا , ذكر أن من نعمه أن أخرجكم من بطون أمهاتكم أطفالا لا علم لكم بشيء . وفيه ثلاثة أقاويل :
أحدها : لا تعلمون شيئا مما أخذ عليكم من الميثاق في أصلاب آبائكم .
الثاني : لا تعلمون شيئا مما قضى عليكم من السعادة والشقاء .
الثالث : لا تعلمون شيئا من منافعكم ) اهـ
وقال ابن عبد البر في التمهيد 18/59 : ( ويستحيل في المعقول أن يكون الطفل في حين ولادته يعقل كفراً أو إيماناً ، لأن الله أخرجهم في حال لا يفقهون معها شيئاً ، قال الله تعالى : ( والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا ) فمن لا يعلم شيئاً استحال منه كفر أو إيمان ، أو معرفة أو إنكار ) اهـ
ومن الأحاديث :
حديث أبي هريرة رضي الله عنه :
في صحيح مسلم 4/2048: ( عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : كل إنسان تلده أمه على الفطرة وأبواه بعد يهودانه وينصرانه ويمجسانه فإن كانا مسلمين فمسلم كل إنسان تلده أمه يلكزه الشيطان في حضنيه إلا مريم وابنها ) اهـ
ففي هذا الحديث جعل الإسلام بالنسبة للفطرة كغيره من الأديان مما يدل على أن الفطرة هي السلامة والقابلية والاستعداد والتهيؤ
قال النووي في شرح مسلم 16/207 : ( الأصح أن معناه أن كل مولود يولد متهيئا للإسلام فمن كان أبواه أو أحدهما مسلما استمر على الإسلام في أحكام الآخرة والدنيا وإن كان أبواه كافرين جرى عليه حكمهما في أحكام الدنيا وهذا معنى يهودانه وينصرانه ويمجسانه أي يحكم له بحكمهما في الدنيا فإن بلغ استمر عليه حكم الكفر ودينهما فان كانت سبقت له سعادة أسلم وإلا مات على كفره ) اهـ
وقال ابن الأثير في النهاية 1/247: ( ومعنى الحديث : أن المولود يولد على نوع من الجبلة , وهي فطرة الله تعالى وكونه متهيئا لقبول الحق طبعا وطوعا ,لو خلته شياطين الإنس والجن وما يختار لم يختر غيرها,فضرب لذلك الجمعاء و الجدعاء مثلا . يعني أن البهيمة تولد مجتمعة الخلق , سوية الأطراف , سليمة من الجدع ,لولا تعرض الناس إليها لبقية كما ولدت سليمة .) اهـ.
3. هل هناك فرق بين الفطرة و الهداية فى قوله تعالى (الذى أعطى كل شىء خلقه ثم هدى)
فأنا أرى أن المولود حين يولد فيبحث عن ثدى أمه ليس من الفطرة فى شىء بل هو من الهداية التى هدى بها الله كل خلقه لمعرفة ما يلزم للعيش و البقاء
قال الطبرى فى تفسير هذه الآية (أعطى كل شيء صورته وهي خلقه الذي خلقه به ثم هداه لما يصلحه من الاحتيال للغذاء والمعاش)
4. ما علاقة الفطرة بأمر الله لنا بالتعقل من أجل الهداية و لماذا لم يأمرنا الله بالعودة الى الفطرة
{ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ }
{ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالْنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالْنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }
{ وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }
{ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ }
{ وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّن نَّزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِن بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ }
{ وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنكُمْ جِبِلّاً كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ }
5. ما علاقة الفطرة بقول الله (و نفس و ما سواها فألهمها فجورها و تقواها قد أفلح من زكاها و قد خاب من دساها)
فاذا كان الهام التقوى من الفطرة فماذا نسمى الهام الفجور
معذرة للاطالة