حوار بين "عبد الواحد" وبين "جواد" حول المادة
الزميل "ملحد شريف" يبرر إلحاده بما يلي:
اقتباس:
أنا ملحد لا أعتقد بوجود إله خالق لهذا الكون لأن الكون لم يكن له بدأ أصلا ... ( مسلم سابق ) كم أن إلحادي يستند على غياب الدليل والحجه على وجود إله و لكثرة ما تحويه الأديان من مغالطات للمنطق والعقل.
في هذا الإقتباس الصغير:
- تناقض
- وإسقاط.
- وخطأ شائع يسقط فيه كل ملحد
1- أما التناقض فهو بين قولك أن إلحادك (يستند على غياب الدليل) وقبل ذلك بجملة واحد قدمتَ ما تظنه دليلا على إلحادك!
عندما تدعي أن (الكون لم يكن له بدأ) هل هذه المقولة دليل على إلحادك كما قلت في الجملة الأولى؟
أم ليست دليلا على إلحادك الذي ( يستند على غياب الدليل والحجه) كما قلت في الجملة التي تلتها مباشرة؟
2- إذا كانت فاتحة كلامك متناقضة ومع ذلك تراها حقاً .. فمن الطبيعي أن ترى الحق في دين الله تناقضاً.
3- أما الخطأ الشائع الذي يسقط فيه كل ملحد ومنهم الزميل ملحد شريف, هو خلطه بين الشرط الضروري والكافي.
إثبات حدوث الكون هو دليل كافي لإثبات وجود الله.. لكن افتراض قدم الكون لا يقود بالضرورة إلى عدم وجود الله.
الزميل لا يفرق بين الأمرين ولذلك قال: (أنا ملحد لا أعتقد بوجود إله خالق لهذا الكون لأن الكون لم يكن له بدأ أصلا)
أولاً: لو سلمنا لك جدلاً أن الكون ليس له بدأ. فأين دليلك أن الزمن نفسه غير مخلوق؟
ثانياً: إن قلت أن الزمن غير مخلوق فهذا يعني بالضرورة انه بدون بدأ .. وهذا مناقض للفيزياء التي تحاول أن تحتج بها.
ثالثاً : لإثبات وجود الله لا نحتاج إلى مناقشة قدم الكون ولا إلى مناقشة خلود الجنة مثلاً, فالخلود والقدم كلاهما ضمن الزمان المخلوق.
إليك أبسط دليل على وجود الله ..
هذه قاعدة لا ينكرها عاقل: الشيء الثابت الغير قائم بذاته هو محتاج في وجوده و ثباته إلى جهة أكثر ثباتاً منه.
وهذا سؤال يحرج الملاحدة: من أين تستمد القوانين الكونية ثباتها؟
1- من نفسها؟ هذا مستحيل لان القوانين ليس ذوات ولا هي قائمة بذاتها.
2- من المادة؟ أيضاً محال, لان المادة متغيرة وغير ثابتة, والمتغير لا يمنح الثبات لغيره.
3- من الأبعاد الكونية؟ هذا أيضاً محال لان الأبعاد الفيزيائية الحالية متغيرة ولم يكن لها أي مفهوم قبل الإنفجار العظيم.
مهما حاولتَ مراوغة الحق يبقى السؤال المحرج يحاصرك: من أين استمدت القوانين الكونية ثباتها؟
وإمعانا في التحدي أسهل عليك السؤال: من أين استمدت القوانين الفيزيائية ثباتها ولو لمدة ساعة واحدة فقط؟
مما سبق يتضح أن إثبات وجود الله لا يقتضي الخوض في مسالة القدم رغم أن للمسلم دليل نقلي ان الله كان ولم يكن شيء معه. ومع ذلك يكفيك إثبات ضرورة حاجة الكون الآن وفي كل لحظة إلى غير متغير يضمن ثبات القوانين الكونية.
النتيجة الأولى: ضرورة وجود إله غير متغير يمنح للكون ثبات بعض ظواهره المؤقتة.
النتيجة الثانية: ضرورة غناه عن الكون, لان افتقاره إلى الكون المتغير يناقض النتيجة الأولى.
النتيجة الثالثة: ضرورة علمه وحكمته وقدرته على تصميم نظام كوني ذكي وضمان ثباته.
فالقوانين ليس ذوات بل هي نُظم مصممة تضبط تصرف المادة, والتصميم لابد له من مصمم.
وإن أنكرت ضرورة وجود مصمم لنظام الكون .. أعود بك إلى السؤال الأول عن مصدر ثباته.
هذه هي أبسط الأدلة على وجود الله يا سيد ملحد شريف, فردها إن استطعت.
يتبع إن شاء الله ...