اقتباس:
قال: ( سأبدأ بنفي الحديث المتواتر ).
أقول: حسن جداً. ويحسن قبل ذلك أن نعرف المتواتر: ( هو ما رواه جماعة تحيل العادة تواطؤهم على الكذب في كل طبقة، وكان مستندهم الحس ). وهو مفيد للعلم الضروري. ومنه متواتر لفظاً ومنه متواتر معنى.
فالحاصل الآن أن ( سامي ) يريد أن يثبت عدم - أو قلة - وجود الحديث المتواتر عند المسلمين
نعم الحاصل هو أنني أريد نفي وجود الحديث النتواتر اللفظي ، وسنأتي لا حقا للمتواتر بالمعنى.من خلال التعريف الذي ذكرته أي أن الحديث المتواتر هو الذي رواه جماعة في كل طبقة تحيل العادة تواطؤهم على الكذب وكان ممستندهم الحس.
اسمع أيها القلاف – ما دمت لا تريد أن أخاطبك بالأخ الكريم والفاضل - هذا الشرط لا يتوفر في الأحاديث.
وخذ صحيح البخاري نفسه لن تجد فيه أحاديث متواترة .بل إن الحديث الأول "إنما الأعمال بالنيات " لم تروه جماعة في كل طبق ة بل هو ليس حتى حديثا عزيزا _ أي رواه إثنين على الأقل – فهو لم يروه عن بن عمر إلا اليثي ، ولم يروه عن الليثي إلا التيمي ، ولم يروه عن التيمي إلا الأنصاري ، ثم عن هذا تواتر الرواة ..
ومن ثم فقول الجبائي عن أن شرط البخاري هو أن يكون الحديث عزيزا كلام باطل رده العلماء ، ومنهم بن حجر وشيخه الذهبي الذي قال لو كان العزيز شرطا لردت معظم السنة.
فإذا كانت معظم السنة لا ترقى إلى مرتبة العزيز فكيف بمرتبة المتواتر؟؟؟؟؟؟
اقتباس:
رابعاً: قال: ( قال ابن الصلاح... )
أقول: رد عليه قبلي أمير المؤمنين في الحديث وعمدة المتأخرين في المصطلح الحافظ ابن حجر رحمه الله، فقال:
( ذلك من قائله نشأ عن قلة إطلاع على كثرة الطرق وأحوال الرجال وصفاتهم المقتضية لإِبعاد العادة أن يتواطؤوا على كذب أو يحصل منهم اتفاقا.
ومن أحسن ما يقرر به كون المتواتر موجوداً وجود كثرة في الأحاديث أن الكتب المشهورة المتداولة بأيدي أهل العلم شرقاً وغرباً المقطوع عندهم بصحة نسبتها إلى مصنفيها إذا اجتمعت على إخراج حديث، وتعددت طرقه تعدداً تحيل العادة تواطؤهم معه على الكذب إلى آخر الشروط، أفاد العلم اليقيني بصحته إلى قائله.
ومثل ذلك في الكتب المشهورة كثير ). انتهى نقلاً عن فتح المغيث، وهو في نزهة النظر أصلاً، لكني في الكويت الآن وليست معي كثير من كتبي والله المستعان.
كلام بن حجر هذا لا يطابق تعريف المتواتر ( في كل طبقة ) بل هو يعتمد على الشهرة والقبول . ويكفي رأيه السابق في ندرة العزيز نقضا لقوله في المتواتر.
اقتباس:
خامساً: قال: ( حتى حديث: من كذب علي متعمداً، ليس خالياً من مقال في تواتره ).
انتظر أن يبين لي ( سامي ) المقال ودليله، التزاماً لشرط التوثيق.
وليس كلام أبي رية الآتي يطعن في تواتر الحديث بل في لفظة منه، فانتبه.
ليس خاليا من مقال وقد أوردت قول بن الزبير في قسمه بالله بأنه لم يسمع رسول الله يقول متعمدا .
أتعتبر الزبير ملحدا من أتباع أبي رية ؟؟؟؟
ألم يكفك قول الزبير وهو من العشرة المبشرين بالجنة أن يكون قوله مقال معتمد فيما يخص هذا الحديث؟؟؟
اقتباس:
سابعاً: الحاصل من كلام جمال البنا أنه قال عن الحديث المتواتر: ( فقد اختلفت فيه الأقوال ).
أقول: بعد هذا القول، ذكر قول من استقلّ وجود المتواتر، ولم يذكر قول من استكثره. فإما أنه جهله، وإما أنه علمه وكتمه. فعلى الأول هو جاهل لا يقبل كلامه في المسألة، وعلى الثاني فليس لديه أمانة علمية فيرد قوله لذلك.
ثم نقر أن هناك خلافاً.. ثم ماذا؟! لا شيء.
المهم في الأمر أن نعلم أن الخلاف في المسألة لا يغير الحق في نفس الأمر. ولا أدل على ذلك أن الناس اختلفوا في وجود الله تعالى، وليس في العلوم شيء أوضح من وجوده سبحانه وتعالى.
ثم نصل هنا إلى نتيجة البحث: أن في المسألة خلافاً. فمن الذي يرجح؟ هم أهل الاختصاص، ولا شك.
وقد تقدم نقل الحافظ ابن حجر رحمه الله، الذي هو العمدة في علوم المصطلح.
وقد تقدم نقضي لقولك ولقول بن حجر بندرة العزيز .
اقتباس:
وكما مر أن من قال بعزة المتواتر فإنما أتي من قلة اطلاعه، ومن علم حجة على من لم يعلم، أو كما يقال: المثبت مقدم على النافي إذ معه زيادة علم. والحمد لله.
إذا لم تأخذ بقول بن الصلاح فما رأيك في بن حبان إنه هو أيضا يقول بأن المتواتر معدوم.
اقتباس:
ثامناً: ثم حاول البنا أن يمثل للحديث المتواتر بأمثلة قليلة!
لذا أرجع القارئ الكريم إلى كتاب ( نظم المتواتر ) للكتاني أو ( الأزهار المتناثرة ) للسيوطي. ليرى كم عد المحدثون من الأحاديث المتواترة.
أنا أقول لك وللقراء كم عد المحدثون ، العدد المعلن عنه في نظم المتناثر هو 310حديثا ، ولكن الشيء الذي لم تقله أنت للقراء هو أن هذه الأحاديث هي متواترة بالمعنى.
والعجب العجاب الذي لم يقله القلاف هو ماذا نجد في نظم المتناثر ؟
نجد فيه أحاديث بلغت درجة التواتر المعنوي في تأكيد أمر ما ، وأحاديث أخرى في نقفس اللكتاب بلغت هي الأخرى درجة التواتر المعنوي في نفي نفس الأمر !!!
أرجو مراجعة نظم المتناثر في الأحاديث الذاهبة إلى أن النبي جهر بالبسملة في الصلاة حيث بلغ بها صاحب نظم المتناثر 18 حديثا ، وبعد صفحات قليلة تفاجأ بأحاديث أخرىة بلغت التواتر في ترك قراءة البسملة!!!!
تناقض آخر في شأن المتواتر أنقله لك :
فى فتح البارى صرح جمع من الحفاظ بأن المسح على الخفين متواتر وجمع بعضهم رواته فجاوزوا الثمانين منهم العشرة، وفى ابن أبى شيبه وغيره عن الحسن البصرى حدثنى سبعون من الصحابة بالمسح على الخفين أ هـ .
ومثله للزرقانى فى شرح الموطأ وفى فيض القدير وقد بلغت أحاديث المسح على الخفين التواتر حتى قال الكمال بن الهمام قال أبو حنيفه ما قلت به حتى جاءنى فيه ضوء النهار وعنه أخاف الكفر على من لم ير المسح على الخفين لأن الآثار التى جاءت فيه فى حيز التواتر" أنتهى .
وفى شرح العقائد النسفيه للسعد قال الكرخى أنى أخاف الكفر على من لا يرى المسح على الخفين لأن الآثار التى جاءت فيه فى حيز التواتر أ.هـ .
هذا، علماً بأن مؤلف نظم المتناثر من الحديث المتواتر "اعتبر غسل الرجلين فى الوضوء من المتواتر المروى عن 34 صحابياً وكذلك عن حديث "ويل للإعقاب من النار" من المتواتر رواه 53 صحابياً" وفى الحديثين ما قد يعارض الآية المشهورة، إلا إذا قرأت بخفض أرجلكم عطفاً على الرؤوس، وأن يكون المعنى – كما ذهب إلى ذلك القرطبى مسح الرجلين إذا كان عليهما خفان وأن هذا هو ما يفهم من عمل الرسول لم يصح عنه أنه مسح على رجليه إلا وعليهما خفان والمتواتر عنه غسلهما فبين النبى الحال الذى يمسح فيه" .
وقس على هذا من المتناقضات المتواترات!!
اقتباس:
ثم ذكر شبهة لأبي رية، وحاصلها أن حديث من كذب علي متعمداً، قد اختلف فيه في لفظة ( متعمداً )!
ثم ماذا؟! هب أنها لا تصح أصلاً، المهم أن الحديث متواتر، بها أو بدونها.
ثم هذه اللفظة عن الزبير رضي الله عنه لا تصح، إذ قد ذكرها ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث معلقة من غير سند! فهي رواية ضعيفة عارضت المتواتر!
على كل، قد رد هذه الشبهة قبلي على أبي رية العلامة عبد الرحمن المعلمي اليماني في الأضواء الكاشفة، فقال: ( وعلى فرض صحة هذه الرواية عن الزبير، فإنما يفيد ذلك خطأ من ذكر الكلمة في حديث الزبير.
ثم تكون هذه الزيادة نفسها حجة على صحة الكلمة في الجملة، لأن الزبير ذكر أنه سمع إخوانه من الصحابة يذكرونها في الحديث.
والظاهر كما تقدم أن النبي صلى الله عليه وسلم كرر التشديد في عدة مواقع، والحمل على أنه ترك الكلمة في موقع فسمعه جماعة منهم الزبير، وذكرها في موقع آخر فسمعه آخرون، أوضح وأحق من الحمل على الغلط )
انتهى، وهو كلام متين.
كلام متين ، إذن لعل الزبير توهم أو نسي أو لم يسمعها أو لعل النبي قالها في مواضع عدة منها موضعا لم يقل فيه متعمدا أمام الزبير0
كلام علمي متين نقبله .
النتيجة : عندنا حديث واحد فقط .
والغريب أنه لا يفيد أي شيء في فهم الاسلام.
هاتوا أحاديث أخرى متواترة تواتر لفظيا لنرى.
اقتباس:
حادي عشر: قال سامي في خلاصته: ( لا يوجد حديث متواتر ).
لم يثبت لك ذلك بعد.
فعليك أولاً أن تنفي كل حديث متواتر ذكره السيوطي أو الكتاني في الكتابين السابق ذكرهما، لتصح لك الدعوى. ولا يكفي نقل كلام من نفى وجود المتواتر، إذ قد مر أن المثبت مقدم على النافي، ومن علم حجة على من لم يعلم.
فإن استطعت ذلك - ودونه خرط القتاد - فعليك بنفي ما تواتر معنىً، إذ كل كلامنا السابق في الذي تواتر لفظاً. والمتواتر معنىً كثير جداً لا يحصيه كتاب. من ذلك كثير جداً من المسائل التي تدعو الحاجة إليها من العبادات والمعاملات.
ما جاء في النظم تواتر معنوي ، جئتك ببعض طاماته وهو التناقض!!!
اقتباس:
ثاني عشر: قال: ( والمجمع عليه أن أحاديث الآحاد لا تفيد القطعية في ثبوتها ).
أقول: هذا غلط ظاهر. بل الآحاد اختلف فيها على ثلاثة أقوال:
الأول: قول الظاهرية وجمع من أهل العلم - منهم العلامة أحمد شاكر - أن كل حديث صحيح يفيد القطع، لما اقترن به من وعد الله تعالى بحفظ الدين، قال تعالى: ( إنا نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ).
الثاني قول جمهور أهل الحديث أن الآحاد إن صح واحتفت به قرينة ترفع احتمال الخطإ أفاد القطع.
ومن القرائن كون الحديث في الصحيحين ولم يعله حافظ، وجلالة رواته حيث يتابعون، وتعدد طرقه وإن لم يصل حد التواتر، وصحة السند من غير مغمر من غير أن يكون أحداً ضعفه، وتلقي الأمة له بالقبول عملاً وتصديقاً، وغير ذلك.
الثالث قول بعض المتكلمين ممن ليس له باع في فقه ولا حديث أنه لا يفيد القطع، وهو قول باطل منشؤه الجهل والهوى.
وعليه فدعوى ( سامي ) غير صحيحة أصلاً، إما عن عدم علم بأقوال العلماء أو بتجاهل لها! وأحلى الأمرين مر! لا سيما وأن الصحيح الذي عليه جماهير الأمة سلفاً وخلفاً، بل هو الصواب المقطوع به، بخلاف الذي ادعى عليه الإجماع.
بل هناك احتمال ثالث هو أنني لست مقتنعا بأقوال هؤلاء العلماء.
فخبر الواحد خبر ظني وعندما ننتهي من المتواتر سنناقش اللأمر.
كتب الزميل المحترم العميد:
اقتباس:
الزميل سامي تحية لك
وعليك التحية ورحمة الله
اقتباس:
كان الأولى أن تختار نقطة للنقاش من بداية طرحك ، فبداية طرحك للموضوع ليس فيها شيء عن المتواتر ،
فأنا أوافق الأخ الفاضل أبو مارية القرشي في عدم التزامك وانهائك ما بدأته ، والذي كان الأولى أن ننهيه .
لا بأس ننهي المتواتر ونعود إلى النقط الذي بدأتها ونطرحها للنقاش واحدة ثم أخرى .
اقتباس:
إن الحديث المتوارتر عندنا لا فرق بينه وبين حديث الآحاد ( الصحيح ) من حيث الاحتجاج به وإفادة العلم والعمل ، لذلك طرحك لنقاش المتواتر لا فائدة منه ، إذا أننا نعلم أن أغلب الأحاديث آحاد ، وحتى لو فرضنا أن الأحاديث كلها آحاد لن يغير ذلك شيئا عندنا ، فالآحاد تفيد العلم ( الإعتقاد ) والعمل .
أختلف معك في هذه وسأناقشكم في هل يفيد خبر الواحد الظن أم اليقين والعلم.
اقتباس:
فالمتواتر له معان ، ولقد بينها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى فقال :
(( وأما عدة الأحاديث المتواترة التي في الصحيحين فلفظ المتواتر : يراد به معان ؛ إذ المقصود من المتواتر ما يفيد العلم لكن من الناس من لا يسمي متواترا إلا ما رواه عدد كثير يكون العلم حاصلا بكثرة عددهم فقط ويقولون : إن كل عدد أفاد العلم في قضية أفاد مثل ذلك العدد العلم في كل قضية وهذا قول ضعيف . والصحيح ما عليه الأكثرون : أن العلم يحصل بكثرة المخبرين تارة وقد يحصل بصفاتهم لدينهم وضبطهم وقد يحصل بقرائن تحتف بالخبر يحصل العلم بمجموع ذلك وقد يحصل العلم بطائفة دون طائفة )) إنتهى
.
هذا في معنى إفادة العلم ، هل يستفاد بالكثرة أم بعدد معين أم بمن القائل وحاله من الصدق والضبط ، وسنناقش الامر بعد الوصول إلى خبر الاحاد.
والان لا زلنا في هل يوجد المتواتر أم لا ؟.
اقتباس:
وحيث أنك تقف موقف الناقد لعلم الحديث الشريف وللإسناد ، كان يجب عليك أن تتنبه ولا تستشهد برواية بلا سند ، وكان يفترض أن تتفطن لقول ابن قتيبة ( روي ) بضم المهملة ، إذا أن هذه الصيغة صيغة تمريض ، لا تفيد الصحة عند المصنف .
قول بن قتيبة "روي " وإيراده لقول الزبير يفيد التمريض لم أنتبه له ، ولا يضيف انتباهي له شيئا لأنني لا أرفض وجود هذا الحديث المتواتر اليتيم ،بل بما أنه لا يفيد علما بالآسلام يصبح تأكيدا لنفيي وجود المتواتر.
اقتباس:
وقال الحافظ الفذ ابن حجر في القتح :
((ونقل النووي أنه جاء عن مائتين من الصحابة - يقصد حديث ( من كذب عليّ ) - , ولأجل كثرة طرقه أطلق عليه جماعة أنه متواتر , ونازع بعض مشايخنا في ذلك قال : لأن شرط التواتر استواء طرفيه وما بينهما في الكثرة , وليست موجودة في كل طريق منها بمفردها . وأجيب بأن المراد بإطلاق كونه متواترا رواية المجموع عن المجموع من ابتدائه إلى انتهائه في كل عصر , وهذا كاف في إفادة العلم . وأيضا فطريق أنس وحدها قد رواها عنه العدد الكثير وتواترت عنهم . نعم وحديث علي رواه عنه ستة من مشاهير التابعين وثقاتهم , وكذا حديث ابن مسعود وأبي هريرة وعبد الله بن عمرو , فلو قيل في كل منها إنه متواتر عن صحابيه لكان صحيحا , فإن العدد المعين لا يشترط في المتواتر , بل ما أفاد العلم كفى , والصفات العلية في الرواة تقوم مقام العدد أو تزيد عليه كما قررته في نكت علوم الحديث وفي شرح نخبة الفكر , وبينت هناك الرد على من ادعى أن مثال المتواتر لا يوجد إلا في هذا الحديث , وبينت أن أمثلته كثيرة : منها حديث " من بنى لله مسجدا , والمسح على الخفين , ورفع اليدين , والشفاعة والحوض ورؤية الله في الآخرة , والأئمة من قريش وغير ذلك " )) انتهى .
حتى لو سلمت لكم بهذا الحديث ومنذ أول كلامي عن المتواتر قلت إن الحديث الوحيد هو "من كذب .." فإنه حديث لا يفيد أي علم بالاسلام فضلا عن كونه حديثا واحدا فقط .
ولقد عقبت على القلاف سابقا في ما يخص المتواتر ورأيي في كتاب نظم المتناثر فأرجو بيان موقفكم منه.
تحياتي