كان لزاما علي طرح هذا السؤال، نظرا لعروضه على اكثر الافهام دون ان تستقر على جواب...
الجواب مبدئيا هو قول أبو حب الله العميق في فيديو ( لماذا خلقنا الله ؟ ) حين حديثه عن النفس الكافرة والمستكبرة : ( هي نفس طبيعتها كذا )
وهو يكفي للمتأمل المدقق...فيجب لمن يتحدث عن حرية الاختيار أن لا يفهم منها وقو رجحان بدون مرجح، اي ان تكون نسبة الاحتمالين هي 50 بالمئة لكل واحد منهما، فتترجح كفة احدهما على الاخر دون سبب او علة او باعث.
اقتباس:
كان فرعون في قرارة نفسه يعرف أنه متكبر متعالي (واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا)
العلم بالاستكبار والاستمرار عليه = الاستكبار...واستكباره هذا هو الذي جعله يستمر في الكفر...فهل يكون الله ظالما له ؟
اقتباس:
فرعون هو من أختار هذا الطريق !
جرب ان تبدل أخي كلمة (اختار) بكلمة (قصد)
فتصير الجملة : فرعون هو الذي قصد هذا الطريق
فيكون السؤال : لماذا قصد فرعون هذا الطريق ولم يقصد غيره ؟
الجواب : الكبر
اقتباس:
ولو ضُرب أحدهم على قفاه لن يترك من فعل ذلك بحجة أنه مجبور !
هل أنا مجبور على سواد شعري ؟ فسواد شعري جزء لا يتجزء من هويتي، بل أفخر بأن شعري أسود، ولا اتخيل نفسي بلون شعر اخر، فبغير هذا السواد لا أكون أنا هو أنا، فكذلك الكبر، فبغيره لا يكون فرعون هو فرعون، بل شخصا أخر لا نعرفه، فكونه متكبرا لا يمنع من محاسبته على أفعاله.
اقتباس:
مجرد اتفكير = اختيار ان تكتب سؤالك او لا
نعم انا اخترت، ولست مجبورا، لكن لماذا اخترت أن أكتب بدل الامتناع عن الكتابة ؟
الجواب بصدق : لاني أحب هذا المنتدى وأحب أهله، وأحب أيضا هذا الموضوع، فالحب هو الباعث على فعلي هذا، والحب كيفية نفسانية كالكبر والحقد والحياء، وغيرها، التي لا يختارها العبد لنفسه، بل هو لا يكون الا بها، حاول ان تتخيل سيدنا عثمان، دون ان تتخيل معه ذلك الرجل الموصوف بالحياء...لا شك أن ذلك مستحيل اليس كذلك ؟ فالحياء كيفية نفسانية لا تنفك عن سيدنا عثمان رضي الله عنه. فلا يصح أن نقول ان الله انعم على سيدنا عثمان بان اوجد مستحييا ولا يصح أن نقول انه ظلم فرعون بأن جعله متكبرا.
[quote]لنا حرية إختيار و إستقلالية ذاتية لا ينكر هذا أحد[/quote
صحيح فحتى الجبرية لا ينكرون انه مخلوقون في هيئة كائنات مختارة لكنهم مجبورون حقيقة
اقتباس:
و يقهره جبرا على الذنب ...يا سلام!
لا ليس قهرا، الهويات كالماهيات ليست مجعولة، تخيلي ان الله تعالى اراد ان يحاسب السكر على تسببه بمرض السكري، فهل يصح ان يقول هذا السكر لله تعالى : انت الذي خلقتني حلوا ؟
هذا مثال توضيحي وبالمثال يتضح المقال فلا أحد يقول انه مقهور في هويته...
اقتباس:
و يفهم دواخل نفسه جيدا
انت تتحدثين عن نفسك هنا، والا فأغلبنا لا يعرف هذه الدواخل والبواعث، بل يذهب بعضنا الى اطباء من اجل فهمها والاحاطة بها، بل حتى الذين يزعمون احاطة كلية بها، هم في حقيقة الامر يتوهمون ذلك، والفارق بينهم وبين غيرهم هو نقصان هامش الجهل ببواعث الذات.
اقتباس:
بل يختار و 60 ألف يختار و منهن من أعرف يخترن معرفات ك : ملكة بغروري أميرة بكبريائي !!
اختيار اظهار الكبر امام الناس سببه باعث قلبي أخر، ربما الشعور بالاسحقار من الاخرين، هذا هو المنطق الذي يفسر لنا هذا السلوك...فدائما سنرجع خطوة الى الوراء، مادمنا مصرين على أن حرية الاختيار= رجحان بدون مرجح،
يقول الامام الرازي :
اقتباس:
إن أقواما من الكفار بلغوا في عداوة الرسول - عليه الصلاة والسلام - وفي بغضه وفي شدة النفرة عن قبول دينه والاعتراف برسالته هذا المبلغ وأقوى منه ، والعلم الضروري حاصل بأن حصول البغض والحب في القلب ليس باختيار الإنسان ، بل هو حاصل في القلب ، شاء الإنسان أم كره .
إذا ثبت هذا فنقول : ظهر أن حصول هذه النفرة والعداوة في القلب ليس باختيار العبد ، وثبت أنه متى حصلت هذه النفرة والعداوة في القلب ، فإن الإنسان لا يمكنه مع تلك النفرة الراسخة والعداوة الشديدة تحصيل الفهم والعلم ، وإذا ثبت هذا ثبت القول بالجبر لزوما لا محيص عنه
(أختلف معه في كون ما وصفه جبرا)
هذا هو الجواب التمام في هذه المسألة والله تعالى أعلى وأعلم...