اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة youssefnour
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الكريم فطرة تتألق
هناك مشكلة في طريقة تعامل الفرق والمذاهب مع القرآن الكريم، وقد نشأت هذه المشكلة غالبا بسبب إتباعهم لمصادر تشريعية أخرى غير القرآن الكريم فتوقفت عندهم آليات تدبر هذا القرآن ، فتراهم تارة يستقطعون الآيات من سياقها لخدمة توجههم المذهبي، وتارة يأخذون المعنى الحرفي للكلمة دون أن ينسبوها للمعنى الأساسي لسياق الآية ،ودائما لا يردون المتشابه للمحكم ، بغية تأويل القرآن بما يخدم توجههم الحزبي
أخي المكرّم يوسف. هذه دعوى تقولها كافة الطوائف وترمي بها المخالف، ولا يكفي التمسك بالقرآن وحده ونبذ كل ما سواه في نجاتك مما ترمي به غيرك من الطوائف. ربما تضع يدك على قلبك وتقول: كيف تقول هذا الكلام؟ كيف لا يكفي التمسك بكتاب الله وترك كل ما سواه في النجاة؟ الجواب: لأنه يوجد في بعض ما سوى القرآن حقٌ دل عليه القرآن ، أي يوجد مصادر تشريعية - وهي عندي السنة دون غيرها - تستمد قوتها التشريعية من نصوص القرآن نفسه، وهذا هو أساس موضوعنا الذي نريد أن نثبته في هذا الحوار: أن السنة في عمومها - وليس كل حديث بعينه - حجة شرعية بتفويض من القرآن وأن إنكارها، سواء بتأويل الآيات على غير وجهها أو بغير ذلك من الطرق، يؤدي إلى تعطيل نصوص قرآنية كثيرة وتفريغها من معناها. وبالتالي نحن نعتقد أنكم اتبعتم القرآن ولكن الاكتفاء بالقرآن وحده لا يعني أنكم أصبتم في فهمه.
اقتباس:
متناسين قول الله تعالى وتحذيره الواضح في سورة آل عمران :
هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (7)
أنا أنازعك في هذا ولا أسلم لك بهذا الاستنباط وهذا الاستدلال. لأني أساساً اعتبر دلالة القرآن على حجية السنة أمراً محكماً لا تشابه فيه.
اقتباس:
1/ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِكَ،،،،،، آي يقرأ عليهم النصوص المنزلة
2/ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ ،،،،،،، آي يعلمهم طريقة قراءة النص ( آي مثلا كيف يقرءون [الم] في سورة البقرة بحروف هجاء – ألف – لام – ميم ، بينما يقرءونها في سورة الشرح [أَلَمْ] ككلمة واحدة مقروءة وليست كحروف...، وهناك الكثير من الكلمات في القرآن الكريم تقرأ بطرق مختلفة، فيقوم الرسول بتعليمهم كيف يقرءون القرآن .لأن قراءة القرآن بطريقة صحيحة من أهم شروط تفسير القرآن الكريم
تلاوة الآيات هي قراءة الآيات، أي آيات القرآن، فلا نص منزل هنا إلا القرآن، فلنسم الأشياء بأسمائها، هذا أولاً. ثانياً: إن التلاوة أخص من القراءة ، لأنها صورة معينة من صور القراءة، فالتلاوة تتضمن تجويد القراءة وضبطها على وجهها، فيكون مطلع الآية قد أدّى المعنى دون الحاجة لإقحامه مكرراً في معنى "تعليم الكتاب"، وفي الحقيقة استغربت هنا كيف صرفت ظاهر اللفظ عن معناه واعتبرت قوله تعالى (
يتلو عليهم) غير كاف في الدلالة على المعنى، فإنه إذا "تلاه" عليهم فقد علّمهم القراءة، وعلى اعتبار أن تعليم القراءة أيضاً صورة من صور التعليم المضمنة في "تعليم الكتاب" فإنه يكون من باب عطف العام على الخاص.
أما تعليم الكتاب فهو عندك = تعليم قراءة الكتاب. وهذا اقتصار غير مبرر على صورة واحدة من صور التعليم عبّرت عنه الآية في مطلعها في قوله (يتلو عليهم) بكل وضوح. تعليم القراءة ليس إلا صورة واحدة - تنزلاً معك أن هذا هو المراد فقط - من صور التعليم، وإلا فهناك تعليم أحكامه و بيان مجمله: كيف أصلي، كيف أصوم، أنواع الربا...الخ، ولو جئتني بكتاب رياضيات ثم قلت لي: علمني ما فيه ، فقرأته عليك على أحسن ما تكون القراءة ، ثم قلت لك: اذهب فقد علمتك الرياضيات، لا ستغربت ولكان لك أن تتهمني في عقلي. ولذلك قال الله تعالى في موضع آخر (
علمناه صنعة لبوس) لأن التعليم يتضمن بيان كيفية فعل شيء ما، وقال (
علّم الإنسان مالم يعلم) أي علمه أشياء كثيرة ومنها كيف يصطاد، كيف يزرع، كيف يصنع، كيف يخترع، كيف يطوّع قوانين الفيزياء لخدمته ، الخ.
اقتباس:
وَالْحِكْمَةَ : وتعليم الحكمة هنا بمعنى كيف يُستخرج من النص الأحكام والتوجيهات والمقاصد ، والحكمة مذكورة تفصيليا في القرآن الكريم ومن المؤكد إننا سنتعرض لها خلال حوارنا .
إذا كان الرسول قد علّم أمته كيفية استخراج الأحكام والتوجيهات والمقاصد، فأين هذا التعليم ؟ لا سبيل لمعرفة هذا إلا بنقل عن الرسول، فمن أين لنا الإطلاع على تعليم الرسول أمته كيفية استخراج الأحكام؟ هذا أولاً.
ثانياً: هذا تنزلاً معك أن معنى الحكمة ما ذكرت فقط. وإلا فالحكمة أوسع وأشمل مما اقتصرت عليه.
اقتباس:
يقول الله تعالى في سورة آل عمران :
مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ (79)
الملاحظ في هذه الآية الكريمة وضع الله تعالى مسألة تعليم الكتاب سابقة لمسألة دراسة الكتاب ، وهذا أمر غير طبيعي إذا كان الرسول، عليه السلام، هو من سيقوم بتعليمنا الكتاب ، إذ كيف سيعلمنا الرسول الكتاب قبل أن يقوم بدراسته، هذا غير منطقي ، فالمنطق يقول أن يقوم الرسول أولا بدراسة الكتاب ثم يقوم بتعليمه لنا .
وهذا يؤكد إن كلمة تعليم تعنى تعليم قراءة القرآن أولا حتى نستطيع أن نقوم بدراسته ، ولذلك أسبق الله تعالى تعليم الكتاب على دراسة الكتاب، لأن تعليم القراءة الصحيحة للقرآن الكريم شرط أساسي في تدبر القرآن والرسول الكريم كان أولاً يقرأ نصوص الكتاب على الناس ، ثم يتبع ذلك تعليمهم كيفية قراءة النص المنزّل ،ثم تبدأ الأسئلة من الناس لرسول الله حول محتويات النصوص المنزلة،وهو ما يعنى دراسة النص المنزل عليهم.
أولاً: هذه الآية غير الآية محل النقاش، ففي الآية التي أوردتها أعلاه التعليم لا يعني الإقراء فقط لأن هذا تكرار قبيح ننزه عنه كلام الباري وبينا معنى التعليم هنالك.
ثانياً: "الواو" في لغة العرب لا تفيد "الترتيب" على المشهور في اللغة، فلا داعي للتأكيد على أهمية الترتيب الذي ذكرته.
ثالثاً: وهو الأهم، “درست" لها في لغة العرب معنيان لهذا السياق: الأول: "قرأت" أو "تلوت" (انظر لسان العرب (5/245)، وفيه:"دُرِست أي قُرِئَت وتُليَت")، والمعنى الآخر: "الحفظ" (لسان العرب(5/245(، وقال فيه:"درست السورة: أي حفظتها")
النتيجة: يكون معنى "تعلمون " في قوله "بما كنتم تعلمون الكتاب" كما أوضحنا سابقاً وهكذا يستقيم معنى الآية.
أتيت بالأمثلة الطويلة بناء على الأساس الذي أسسته سابقاً، وقد قوضت ونقضت لك هذا الأساس الذي كان من اجتهادك دون الرجوع لكلام العرب واستعمالاتهم في الخطاب.
اقتباس:
وهنا يستقيم مفهوم الآية الكريمة بتعليم الناس قراءة النص أولا ثم دراسة أمر هذا النص . ( بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ)
من أين يستقيم وهو مقلوب تماماً كما أوضحت سالفاً. فتدريس النص هو قراءته ، وتعليمه هو تعليمه، هكذا بكل بساطة، والقرآن واضح لا يحتاج تكلف، ولا حاجة للإطالة في إعادة تفصيل معنى "التعليم".
اقتباس:
فلو كان الرسول هو الذي سيقوم بتعليم الناس الآيات المنزلة كما تقول يا صديقي، فلماذا لم يجيب الرسول مباشرة على الناس عندما سألوه ، ولماذا كان ينتظر الوحي حتى يأتي بالرد أولا ثم يقوم الرسول بإبلاغه للناس .
وما أدراك أن الرسول لم يجب مباشرة؟ وكيف عرفت أنه كان ينتظر الوحي؟ فهذا شيئاً لم يذكره القرآن.
اقتباس:
يا صديقي العزيز تدبر معي قول الله تعالى في سورة الأنعام :
أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا وَالَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (114)
نعم الكتاب “مفصل"، لكن مفصل على مستوى القواعد العامة والأصول الكلية التي تحكم على ما دونها مفصل فيما ما يحتاج إليه الناس في معرفة سبب وجودهم وقضايا الإيمان...الخ ، ولكنه لم يفصل كيفية الصلاة أو الزكاة أو كيفية دفن الميت المسلم، الخ.
اقتباس:
إلي هنا انتهى ردى الذي يوضح معنى "وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ"
وانتهى ردي الذي يوضح عدم صحة توضيحك ومخالفته لتعبير القرآن.
اقتباس:
ولكن لى ملاحظة هامة :
إذا إفترضنا أن معني "وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ" أن الرسول هو الذي كان يعلم ويفسر ويبين ما جاء في كتاب الله من أحكام للناس، فهل تقصد أن التراث الذي بين أيدينا الآن، والذي دون بعد وفاة الرسول بأكثر من 185 سنه ولم يشاهده الرسول، ولم يراجعه، ، وحمل في داخله ما بين تصحيح وتضعيف، وتجريح وتعديل طبقا لمذاهب علماء الجرح والتعديل ، هو الحاكم على كتاب الله ومفسر له ؟!!!!!!!!!!!!!!.
سؤال لا أريد الإجابة عليه الآن .
ثق تماماً أنه لا مفر من افتراض ما ذكرت عاجلاً أم آجلاً، فإن شئت ناقشنا هذه الجزئية من الآن ووفرنا الوقت – لأننا لا محالة سننتهي إلى ذلك الافتراض- وإن شئت نؤجل ، فما رأيك؟
دعوة لك أيها المسافر:"أستودع الله دينك ، و أمانتك ، و خواتيم عملك" (حديث صحيح).