العضو نيوتن ينكر الموجود الميتافيزيقي لاحتمال وجود موجود ميتافيزيقي
جميعنا يعرف الإلحاد المّادي. لكن هل سمعتم من قبل عن الإلحاد الميتافيزيقي؟
في موضوعي ( الإلحاد سقط بسقوط مفهوم أزلية الكون. ) قد أخبرتُ أنّ الإلحاد سقط بسقوط مفهوم أزلية الكون علميًا لأنّ الإلحاد منذ القدم مبنيًا أصلًا على أزليّة الكون أو ما يسمى بأزلية المادة.
ردّ نيوتن معقبًا على محتوى الموضوع محاولًا التمسك بمعتقد أسلافه من الملاحدة الأوائل قائلًا:
لا يوجد في نظرية الانفجار العظيم شيء يقول أن الكون حادث لأن النظرية لا تتحدث عما سبق الانفجار أساسا.
رغم أنّ النظرية تجيب أصلًا على سؤال ( كيفَ نشأ الكون؟ ) أي ( كيفَ حدَث الكون؟ ) . لكننا سنتجاهل هذا ونسأله هذا السؤال:
ماذا قبل الإنفجار العظيم؟
ردّ نيوتن برد بعيد عن السؤال تمامًا قائلًا :
هذا خارج اختصاص نظرية الانفجار العظيم وعلى حد علمي ليس هناك فرضية علمية مرجحة بهذا الخصوص لذلك مادامت هذه منطقة مجهولة فلا مجال للقول أن الكون حادث أو أنه كان في صورة أخرى قبل زمن بلانك أو أنه جزء من شيء أكبر.
لكننا سنسايره ، ونسأله سؤالًا أخيرًا:
ما هوَ العدم الفيزيائي غيرَ انعدام الزمان والمكان والمادة؟ أم أنك تؤمن بالوجود الميتافيزيقي؟
فأدرك نيوتن أنّ المادة الفيزيائية الموجودة بالزمكان كانت معدومة بانعدام الزمكان قبل الانفجار العظيم مما يعني انعدام كوننا بمادته وزمكانه ، فردّ قائلًا :
كمثال محتمل في نظرية الأوتار الفائقة Superstring theory هناك فضاء عشاري الأبعاد نتج منه الكون الحالي.
وختم بالقشة التي قسمت ظهر البعير ونوّه قائلًا :
لماذا تفترض أنه لم يكن هناك أي شيء قبل هذا الكون.
يبدو أنّ الزميل نيوتن لا يعي أنّنا نحن من نؤمن بموجود واجب الوجود قبل هذا الكون. موجود فوق الفيزياء لا يحدّه الزمان أو المكان أو تحكمه قوانين المادة.
نيوتن قد نسيَ أن الإلحاد المادي هوَ ما يُنكر هذا النوع من الموجودات. باعتبارها غير مادية وأساطير ميتافيزقية لا ندركها بحواسنا. فقلب القضية رأسًا على عقب. وجعل المؤمن هو من يكفر بالوجود الغير مادي (الميتافيزيقي) بدلًا من الملحد. فنبهني وذكرني على ضرورة عدم التأكد بعدم وجود أي موجود قبل هذا الكون!
العجيب أنّ الإلحاد نشأ أصلًا لإنكار كل ما هو ميتافيزيقي. ومع تقدّم العلم وتهافت الإلحاد شيئًا فشيئًا مرورًا بسقوط مفهوم أزلية المادة وانتهاءً ببوادر علمية تحتمل الوجود الغير مادي أو الميتافيزيقي أصبح الإلحاد يلجأ إلى احتمال الوجود الميتافيزقي لإنكار الوجود الميتافيزقي. أو بعبارةً أخرى، أصبح يستنجد بالميتافيزيقيا التي نشأ لمحاربتها أصلًا لأجل إنكار وجود الخالق.
بناءً على تمسك نيوتن بالموجود الأزلي سأسأله سؤالًا آخر :
هل تؤمن بالعلّة الأولى يا نيوتن؟