قول الملاحدة: التصميم مستنده القياس على سلوك البشر.
يعترض الملاحدة على مقالة التصميم بمشكلة القياس على السلوك البشري، وبالتالي يرون عدم كفاية دلالة هذا القياس على وجود خالق عليم. فنقول: هنا فرض – وهو فرض قوي لأنه منطلق من الملاحظة - يمكن نفيه falsifiable: "كل تصميم وراءه كائن مدرك ولابدّ". كما قلنا، المناظر قد يقول هذه حجة معروفة وهي تستوحي معناها من سلوك البشر ككائنات عاقلة وتوظفه في إثبات وجود الخالق. نقول: المراد بقولنا "...كائن مدرك" ليس الإنسان فقط وإنما كل كائن يتمتع بأي درجة من درجات الإدراك، وبالتالي فالفرض السابق ليس مستوحى فقط من القياس على سلوك الإنسان ككائن يصمم الأشياء من أدوات المنزل والحراثة إلى منتجات القرن الحادي والعشرين. إن هذا التلازم بين شيء يحمل مظاهر التصميم وبين كائن يتمتع بإدراك هو شيء متواتر في الطبيعة أساساً ولا نحتاج لمثال سفينة أبي حنيفة أو مثال ساعة وليم بيلي William Paley لنثبت هذه القضية فهي قضية موجودة قبل أن يوجد الإنسان، أو قل كامنة في مظاهر أجناس الحياة حتى لو لم يوجد الإنسان ليفرض ذلك الفرض المشتق من سلوكه ككائن عاقل أو مدرك. فكل الكائنات الحية يصدر عنها من آثار التصميم ما يتناسب مع لديها من إدراك: النحل – رغم أنها كائنات غير بشرية – كيف يصمم خلاياه، العنكبوت كيف يصمم بيته، الطير كيف يصمم عشه، حتى على مستوى الكائنات الأقل إدراكاً كالحيوان المنوي الذي يهتدي لمكانه بعد خروجه من الرجل، والخلية التي تقوم بعمل مذهل يعرفه الجميع، بل حتى على مستوى البروتين الذي يصح وصفه بأنه مهندس إداري من الطراز الأول. إذاً فهناك تلازم في الطبيعة بين أي درجة من درجات الإدراك والسلوك التصميمي/الغائي التابع لذلك الإدراك. المطلوب الآن هو نفي هذا الفرض بإثبات حالة واحدة لكائن حي (organism) واحد ومدرك (أيّاً كان هذا الكائن وأياً كانت درجة إدراكه) لم يصدر عنه أي درجة من درجات السلوك التصميمي. لذلك نحن بدورنا نعمم هذا الفرض لأنه لا يوجد ما ينفيه، نعممه على كل مظاهر التصميم البادية لنا في الطبيعة والكون، حتى يثبت يقيناً ما ينفي ذلك الفرض. وعندما نعممه على كل مظاهر التصميم البادية لنا نحن لا نفعل ذلك اعتباطاً وإنما نفعله بناءً على مشاهدات مطردة لم يخرمها استثناء واحد. وبتعميمنا نحن نعني أن الكون بكل ما فيه من مظاهر تصميم لابد أن يكون من عمل كائن مُدرك– وهذا فقط تنزلاً في الاصطلاح وإلا فنحن نطلق عليه "خالق عليم" – فهذا فرض نؤمن به حتى يرد ما ينفي ذلك الفرض نفياً لا تقل قوة أدلته عن تواتر قوة الأدلة التي أثبتته.