الأخلاق والتربيه فى عالم الإلحاد"حوار مع الغراب الحكيم"
بسم الله الرجمن الرحيم
تحيه طيبه إلى الأخوه الكرام ..
اولاً فكرة هذا الموضوع قد يظن المتسرع انها فكرةً سطحيه او فكرةً دوجماتيه
ويقوم بالرد بالعاطفه والإستعلاء دون إجابةً واضحه ودون دليل ..ظاناً ان الحوار بهذه الطريقه يكون حواراً إيجابياً
على اى حال لن أقوم بتعداد المغالطات المنطقيه التى أسلفتها سيد الغراب الحكيم فى ردودك السابقه ويكفينى الأشاره إلى ذلك
لعل ذلك يكون لك مفيداً فى المرات القادمه ..وإن قلت سابقاً ان المغالطات المنطقيه ليست مقتصره على الماديين فقط..لكن هم اكثر خلق الله إرتكاباً لها ..لهشاشة ما يحملوه من الفكر ..وهذا شىء طبيعى ومتوقع ..فالإنسان عندما يعجز عن الدفاع عن عقيدته الهشه يذهب إلى السفسطه والمغالطات والشخصنه..وفكرة الترفع وأخلاقى !! وهذه الأسطوانه المشروخه التى تعرف من لحن القول..
على اى حال نأتى إلى صلب الموضوع الهام ..ولكن قبل ذلك اود ان اشير إلى رد بسيط على كلامك عن الأخلاق والحدود الأخلاقيه وإدعاء ان الأخلاق مصدرها المجتمع وهذا الكلام الفاضى الذى يعتبر مصادرات منطقيه وليس له اى أساس من الصحه
كلامك :
اقتباس:
الزميل المحترم mohamed77
لو عزلنا إنسان لن تكون له أخلاق لأن الأخلاق ما هي إلا إنعكاس مجتمع وتفاعلاته في الفرد
ولكن لو عزلت مجتمع ( عدة أفراد منذ الولادة )
فإنه سوف يتشكل نوع من الأخلاق والقوانين تماما كما ستتشكل اللغة والثقافة
غريزتنا التي تدفعنا لتشكيل منظومة أخلاقية لم تأتي صدفة أو بالسحر ..
بل نمت بالتدريج في أسلافنا والدليل أننا نرى الأخلاق ما تزال تنمو وتتطور
التطور إذ ذكرته لم أعني به الصدفة فهما نقيضين
يبدو أن هناك سوء تواصل بسبب إختلاف المفاهيم .. أنا أفهم الصدفة بشكل مختلف
سلام
اولاً بغض النظر عن السطحيه الشديده فى فهم الظاهره الأخلاقيه عند الإنسان ..وناهيك عن الكلام بطريقه شبه "إلهيه !!" وكأنك معك العلم المطلق وتقرر وتصدر مراسيم نهائيه لتعبر بها عن قضايه فكريه عويصه بمجرد كلمتين او ثلاث ليس لهم اى معنى لكن على اى حال اول رد على كلامك عن الأخلاق..وقد كتبته سابقا فى احدى الموضوعات
اقتباس:
بالنسبه للأخلاق فى عالم ليس به (إلهاً)....الاجابه يسيره وبسيطه...لان بأختفاء المُطلق(الإله) -مَرجِع كُل شىء- ..يصير الانسان..هو (إله نفسه).(فما يرضيه تصبح اخلاقه)...فيصبح لكل انسان مرجعيته الاخلاقيه!...لأن مع اختفاء المطلق يصير..كل شىء (نِسبياً ومتغيراً) ...ويرد الانسان الى الماده..وتصبح اخلاق الانسان..نابعه من طبائع وخصائص (الماده) التى تتصف بـ(التغير وعدم الثبات)..وفقدان القيمه (الاخلاقيه-والجماليه)..حيث لن يكون هناك (معنى)..للخير والشر....للقبح والجمال...للطيب والخبيث...ويصبح الكل متساوى...لأن الاخلاق ستفقد
(الثبات -والاستقرار)..وسيصبح كل انسان (مرجع اخلاق نفسُه)..ويصبح كل شىء نسبى ومتغير فاقد لأى قيمه جماليه(وهذه هى صفات الماده)..من جمود وقوالب مُصمته..لاتعرف معنى للقيم ...وتتغير من حاله الى اخرى(عدم استقرار) من صلبه الى سائله الى غازيه...وهكذا...لذلك ليس هناك اخلاق بالمعنى (القيمي والجمالى)..مع اختفاء الميتافيزيقا..من عالم الانسان المُركب.. وفى تواجد العالم(المادى) الاحادى الجانب(المنكر للأبعاد الاخرى)..وينكر الميتافيزيقا...والاله الخفى المطلق...فيصبح الانسان هو إله نفسُه ..ومرجع القيم لنفسُه..فيوما يكون القتل عنده (بطوله!)...ويوما آخر(اجرام!)...هذه هى (الاخلاق) بدون اله من منظور محايد..(نسبيه -متغيره-نفعيه)..ويصبح الانسان = الماده
مع كل الود
هذا الرد الأول ..
ثم الرد الثانى على فكرة ومصادرة المجتمع التى ذكرتها
وإقراء هذه المشاركه ايضاً
http://www.eltwhed.com/vb/showpost.p...4&postcount=42
ثم الرد الأخير والأهم
اقتباس:
فى عالم الماده واللذه الجسديه والنفعيه..فى عالم ليس له هدف..حياه بدون غايه وبدون هدف
لماذا لااكون انانياً.؟؟.ما الذى يمنع ذلك اليست الانانيه هى تعبير عن معانى الماده الصلبه.؟.فلم تنكرها اذن وتقول انا لن اكون كذلك؟؟..ولم نقوم بأعلاء الانانيه فى بعض الاوقان وتنكسيها فى اوقات اخرى ...اليس الانسان الطبيعى(انسان نيتشه وداروين وماركس)....هو انسان يتبع دوافعه (الاقتصاديه)..ودوافع غرائزيه..دون تفكير فى اسئلته الوجوديه (من اين جاء-ما هدفى الكُلى والنهائى فى هذه الحياه)..لماذا لايكون معترف وصادق مع ذاته ويعترف بحقيقه مذهبه؟؟!..ويكون انانياً براجماتياً نفعياً..فهو ليس الا كائن من طراز حيوانى مادى..ليس له علاقه بعالم الميتافيزيقا..فلماذا يكون عنده مُثل وقيم عليا..اذا كانت هذه القيم لاتوجد فى الوسط الطبيعى المادى...
الملحد الحقيقى..لايفكر الا بدوافع (غريزيه)..كجزء تفصيلى منه كما قال (داروين)..فهو كائن متطور..نتاج للطبيعه وهو مجرد تراكم من الغرائز..كونت هذا الانسان!
ويتبع دوافعه الاقتصاديه..من منظور (ماركسى) الانسان كائن ذو دوفاع ماديه اقتصاديه..اهم شىء بالنسبه له هو السلعه والماده وكيفيه تحقيق ذلك بكل السبُل والطرق..
وهذا الانسان (بالمفهوم المادى) هو كائن لايختلف شيئاً عن العالم الحيوانى الطبيعى...الذى يصير فى الكائن تابعاً محتوماً
لصيروره الماده والطبيعه...وغارقاً فيها جزء لايتجزاء منها لاينفصل عنها ليست له طبيعه مستقله
اذن هذه حقيقه الانسان بالنسبه للالحاد..
لماذا اذن يرتبط بعالم الفضيله؟؟..ويلتزم بأمور ليس لها علاقه بعالمه الطبيعى!...كالاسره والمجتمع والحضاره..والطيب والخبيث والخيّر والشرير..لماذا لايعيش فى عالمه الطبيعى الملائم له (انسان طبيعى)
ثم فى هذا العالم الذى يصير فيه الانسان ناتج (عن الطبيعه)..من اين له المقاييس..اليس من التناقض ان يتبراء من وسطه الحقيقى المنتمى اليه بكونه(ابن الطبيعه)..لماذا يتمرد عليها وينفصل عنها!..اليس هذا دليلاً على ان الانسان له ابعاد اخرى ليست موجوده فى الماده؟..هذا الانسان المُركب(متعدد الابعاد) وليس ذو جانب واحد وبعد مادى (الحادى )
ثم على اى اساس يمكن ان نحكم على الاشياء..كيف نأمر بالمعروف وننهى عن المُنكر؟؟
ثم ما هو المعروف ؟ وما هو المنكر ؟!!..من اين يعرف الانسان ان هذا معروف وهذا مُنكر
هل هناك اصلاً ؟؟!..معروفاً ومنكراً..خيراً وشراً..فى اطار الماده والطبيعه..
حينما يسقط كل شىء تحت احكام الطبيعه والصيروره الماديه يصير كل شىء مباحاً ونسبياً
وهناك نقطه اخرى...
لماذا افعل الخير واتحاشى وابتعد عن الشر؟؟..هل هو اثر التربيه الاجتماعيه والدينيه وحسب؟؟..واذا كانت هى مجرد آثار باقيه عن التربيه الاجتماعيه والدينيه..هناك سؤال مُحير آخر يطراء عند التفكير فى هذه النقطه...اذا كانت الاخلاق هى مجرد نتاج للتربيه الاجتماعيه والدينيه ...لماذا لااتخلى عنها؟؟..ولماذا من الاساس اتمسك بها وهى ليس لها معنى؟!
لماذا لااكون انسان نيتشه الكامل(السوبر مان) الذى يتخلى عن مشاعره واخلاقه كلها من اجل الوصول الى الانسان الكامل.؟؟
انسان نيتشه هذا ..الذى يشكل عالم الاخلاق الخاص به بنفسِه(كل شىء نسبى -متغير- لماذا اذن لااشكل اخلاقى بنفسى؟؟!)
لماذا لااحكم على نفسى الا بمعاييرى الذاتيه؟(فكُل شىء نسبى!)
صراحه ..الانسان (كظاهره)..(اخلاقيه جماليه .دينيه) ليس لها اى تفسير فى قاموس الالحاد
وكذلك كل قيم الانسان(اخلاق -جمال -فن-ادب)كل هذه الظواهر لايمكن تفسيرها فى الاطار المادى الالحادى..ذو البعد الواحد(المادى)
الذى يرى الإنسان(كائن مادى طبيعى)..لايعرف غير الدوافع الغرائزيه والاقتصاديه..
وهذا شىء لايجعلنى اثق فى الالحاد..واشك فيه..لانه لايفسر الانسان..ولا الظواهر اللاحقه به
شكرا لك يازميلى...اعتقد ان الفكره وصلت لك بكل معالمها..واذا كنت تتبراء من ذلك
فأنت ما زلت مُتمسك ..بتلابيب الاخلاق التى ورثتها عن دينك..ولاتشعر بذلك
اما اذا كنت صريح ومُنصف.. هذه هى حقيقه الإنسان فى الالحاد...فلتبحث عن تفسير مريح للإنسان فى مكان آخر غير الالحاد
صدقنى ..لن تجد اجابه عن كل ما وضعته لك فى قاموس الالحاد..انا سبقتك وفعلت ولم اجد اى اجابه تُعبر عن (الإنسان ألإنسان)...وليس (الكائن الطبيعى الحيوانى)فى الالحاد...
وودى ان اقول لك ان ببساطه والحمد لله بكل ثقه فى ربى اولاً وآخراً ..ان هذا التحليل السيسيولوجى للظاهره الأخلاقيه لا يستطيع ملحداً ضحده بالمنطق والعقل ابداً ..لأن هذه الحقيقه ..ولعلمك انا كتبت هذا الكلام وانا لم اكن حينها مؤمناً ولا ملحداً بل كنت لا ادرياً متشككاً ..وأعرف ان هذا البرهان الأخلاقى لا يمكن الرد عليه سوى بالسفسطه والمغالطات
ما استطيع قوله لك نصيحةً..عندما تقوم بالرد ..تجنب المغالطات المنطقيه والسفسطه لأنها غير مسموحه معى أنا بالذات...فلا اريد ان يتحول الموضوع من حوار نقاشى إلى درس فى فقه الحوار والمنطق الصورى واللغوى..فلا احب ذلك كلنا نستفيد من بعض ..ولكن اى سفسطه سألجاء إلى ذلك ..ليس غروراً لا سمح الله ..ولكن لكسر هذا الغرور والعنجهيه الفاضيه التى اراها فى كلامك سيد الغراب ..وايضاً المصادرات المعرفيه الشبه إلهيه منك..فى انتظار ردك
وعذراً على اللغه الشديده بعض الشىء ..والتى لا احب ان اتحاور بها مع احد..لكن لا افعل ذلك إلا مع من يقوم بذلك اولاً ولا يحترمنا ويسفسط معنا ...فأعتذر مقدماً..وأعذرنى ايضاً لأن ردودى قد تتأخر بعض الشىء لإنشغالى الشديد
والله المستعان
_______________________
اما عن التربيه والفرق بينها وبين التدريب..والتربيه فى عالم الإلحاد
تعرض إلى هذا الموضوع السيد "على عزت بيجوفيتش" فى كتابه الإسلام بين الشرق والغرب
عندما تكلم عن التدريب والتنشئه والفرق بين تدريب الإنسان والتنشئه .والفرق بين الإنسان والكائن الديناميكى والحيوان
وسأعرض كلامه النفيس الناهى والقاطع فى هذه القضيه فى المداخله القادمه
إن شاء الله