اقتباس:
قرأت موضوعك بعد تعديله وتحويره فوجدتك قد أجريت حوارا في نفسك مع شخصية افتراضية صنعتها بأفكارك وحملتها جميع الأجوبة التي ظننت أنها تمثل جواب العارفين من المسلمين، وألقيت عليها سيلا من الأسئلة التي بنيتها على افتراضات غير صحيحة، وانتقلت من سؤال إلى آخر بين إجابات غير صحيحة أو هي مبتورة الجذور، لا تستند إلى ما تحتاجه من قواعد النظر والفكر، واستمر بك الكلام حتى انقطعت إلى ما انقطعت إليه في حديث نفسي مع محاورك الافتراضي، ورؤية شخصية لك حملَّتها المسلمين وهم براء منها، أو لا يكيفونها بالكيفية التي صورتها ونسبتها إليهم، فأنت بين نسبة خاطئة للفكرة، أو نسبة خاطئة لتصورها ودليلها، وهذه ملاحظة إجمالية على منهجك فيما كتبته وأطلت القول به، فلا عجب حينها إن كثرت تلك الإشكالات في فهمك للموضوع.
وكان من الأوفق للحوار أن يكون دائرا بيننا دون توسط شخصية افتراضية أسقطتها على المسلمين، بما تحمله من أخطاء مبعثها تصورك لما سيكون عليه جوابنا، بينما هي في الحقيقة إجابات خاطئة في نفسها، أو ناقصة في تصويرها، ولعلك تراعي في ما نستتبعه من الحوار أن يكون بيننا ثنائيا دون حاجة إلى مسرحة السؤال، أرشدك الله للحق ووفقك إليه.
في الواقع يا زميلي. ليس هذا ما حدث على الإطلاق. أنا أفهم كيف أن أسلوب كهذا ممكن أن يكون مستفز جداً بالنسبة لك لدرجة أنك لم تلاحظ أن هذه طريقة عرضي للموضوع و ليس افتراض مني أن هذا رأيك مثلاً. كل الأسئلة و الأجوبة المطروحة هي عبارة عن خليط من الإشكالات التي تسبب لي مشكلة في الإيمان مع بعض الردود التي تلقيتها بالفعل من عدد لا بأس به من المسلمين. قمت بإعادة صياغتها كلها على شكل سؤال و جواب لكي أسهل على القارىء استيعاب الإشكالات و لم أكن أعني بالأسئلة أن هذا هو الواقع.
في أول موضوعي ستجد هذه الجملة:
اقتباس:
سأستعرض نقاطي على شكل سؤال و جواب.
و السبب الوحيد أنني كتبت هذه الجملة هو أنني كنت أريد أن أتلافى هذا النوع من الردود (ردك) ... و لكن يبدو أنني فشلت.
ننتقل لردك:
اقتباس:
نظرت في كثير قولك فإذا هو لا يخرج عن ثلاث نقاط، وما عداها تكثير للقول اقتضته مسرحة السؤال، وهذه النقاط هي :
1. الله موصوف بــ ( الرحمة، والعلم، والعدل)
2. تلك الصفات الثلاث تتناقض مع بعضها ومع تعذيب الكفار في النار.
3. خلاصة التناقض يتمثل في خلقهم وتكليفهم بالدين بدون موافقتهم وبدون إعلامهم بأنهم سيعذبون في النار.
نسيت تقطتين أخرتين
4. ليس معنى أن الإنسان حر الإختيار، أن الله غير مسئول عنه و يخلي مسئوليته عنه.
5. اشكال في كون المسائل الفاصلة في مشوار تصديق الإنسان لوجود الله هي مسائل "أعلى من تصور البشر" في حين أنه كان من الممكن أن تكون أسهل من ذلك.
اقتباس:
موجز الرد على المسألة الأولى:
إن منشأ الغلط في هذه المسألة عند الزميل هو (قصر صفات الله تعالى على ثلاث صفات دون إدراك معانيها ومتعلقاتها، وإهمال دراسة بقية صفات الله تعالى) ولا شك أن هذا أحدث إشكالات كثيرة في تصورات الزميل الملحد، فإن صفات الله تعالى المتعلقة بموضوع الزميل ليست محصورة فيما ذكر، فأين هي صفة الحكمة التي هي جواب جميع إشكالاته، وإني لأعجب من خوض الزميل في هذا الشأن وهو لا يبالي بدراسة هذه الصفة ولا يعرف موضعها وقدرها، بل يظن أن مجرد إثبات صفة الرحمة لله تعالى يعني أن تتناقض صفة الرحمة مع جميع صفات العدل والقهر، وكأن الصفات تتعاند وتتناقض، وكأن تعدد صفات الكمال عنده نقص أو يلزم منه النقص!! وهو معاندة ظاهرة لمفهوم الكمال، ولو عرف أن صفات الله المتعلقة آثارها بالخلق إنما هي تابعة لحكمة الله تعالى، لما كان يحتاج كل هذا القول المبني على إلغاء صفة الحكمة وادعاء تناقض الصفات الإلهية.
لا بد يا زميلي أنك نسيت الإشكال. ردك رائع و لكنه رد لسؤال مختلف للأسف. هذا السؤال المختلف هو: لماذا يعاقب الله الناس في جهنم إذا كان رحيماً؟
هنا تأتي إجابتك المنطقية أن الله حكيم أيضاً و ليس رحيماً فقط.
و لكن الحكمة هي أحسن و أدق تصرف في ظل المعطيات الموجودة. المعطيات الموجودة هي:
هناك انسان ... هذا الإنسان يعمل خيراً و يعمل شراً ... من الرحمة أن أرحمه على كل شيء و لكن من الحكمة أصلاً أن يتم معاقبة المذنب و مكافئة المؤمن.
المشكلة عزيزي، أنني أكلمك في مرحلة ما قبل المعطيات. ما قبل أن يكون هناك جنة و نار و ثواب و عقاب و إنسان. هذا التوقيت لم تكن فيه معطيات أو أشياء يمكن استخدامها "بأدق طريقة ممكنة" لأنه لا توجد أشياء أصلاً. سؤالي هو، حتى لو كان الله حكيماً، فهل من الحكمة أيضاً أن يخلق من يعرف أنه سيذهب إلى النار؟
مرة أخرى، كلامك معناه:
لو الله خلق الإنسان و هو يعلم أنه سيذهب إلى النار فهذا مناقض له إذا كان رحيماً فقط.
لكن بما أنه حكيم كذلك فبالتالي خلقه لبشر هو يعلم أنهم سيدخلوا النار لا غبار عليه.
بهذه الطريقة، أنت يمكنك أن تعلق كل شيء على شماعة الحكمة هذه بحيث لا يمكن لأحد أن يناقشك. إذا اتضح مثلاً أن هناك خطأ صريح بالقرآن، ثم واجهتك به، ستقول لي أن لله حكمة في ذلك. ما الفائدة من النقاش إذاً؟
عزيزي، مهما كان الله حكيماً، هل حكمته تعطي له الضوء الأخضر لكي يخلق من يشاء برغم علمه اليقين أنهم سيدخلون النار؟
دعك من نقطة أخرى في غاية الأهمية. ألا و هي مفهوم لفظة "مطلق".
هل الله مطلق الرحمة، العلم، الحكمة أم لا؟
قبل أن تجيب على السؤال، يجب مراجعة مفهوم "مطلق".
عندما تقول "مطلق القدرة" معناها لا نهائي القدرة. أي أن قدرته تقدر بمالانهاية. هذا هو تعريف المطلق (و ليس تعريف الله بعد).
مرة أخرى، أنا لا أقم بتعريف الله ... أنا أوضح مفهوم كلمة "مطلق" ... مطلق العلم يعني لا نهائي العلم ... يعني علمه لا ينقص. و مطلق الرحمة يعني لا نهائي الرحمة و رحمته لا تنقص. (المالانهاية لا تنقص و المطلق لا ينقص أبداً و إذا نقصت المالانهاية معنى ذلك أنها لم تكن مالانهاية و إذا نقص المطلق (و لو ربع ثانية) معنى ذلك أنه لم يكن مطلقاً كذلك).
إذا كان الله حسب كلامك لا يرحم كل الناس مهما فعلوا و أن هناك استثنائات تقتضي ايقاف الرحمة قليلاً لتحقيق الحكمة أو العدل. إذاً هذه ليست هي الرحمة المطلقة. (إلا لو كان عندك تعريف آخر للرحمة المطلقة)
الرحمة المطلقة بذاتها هي الرحمة التي لا تتوقف مهما حدث. ليست صفة حميدة هي. الرحمة الغير المطلقة أفضل منها لأنها تنقص بحيث تسمح لغيرها من الصفات كالحكمة و العدل بأن يتدخلوا. لكن الرحمة المطلقة شيء أخرق.
و هذه هي الإشكالية. إذا كنت تدعي أن الله أحياناً يعطل رحمته لأي سبب كان، فرحمته غير مطلقة. لو كنت تريد أن تدعي أن رحمته مطلقة، فلا تقل لي أنها قد تنقص أو تتوقف لحظياً لأن هذا يتنافى مع مفهوم الرحمة المطلقة.
أريد القول أن فكرة وجود صفات متناقضة مع بعضها بشكل محدود هي ممكنة. لأن كل منها أو واحدة منها محدودة بحيث يمكن تحقيق الأخرى (حيث أنهما متناقضتين) ... لكن فكرة أن توجد صفتين متناقضتين و مطلقتين في نفس الكيان هذه فكرة خيالية لا معنى لها حيث أنه لا مجال لأي منهما للتواجد مع الأخرى.
على هذا الأساس عزيزي أنا تجاهلت الحكمة المطلقة، ليس لجهل مني بها، و لكن لإيماني أن تواجدها بشكل مطلق غير ممكن الحدوث في نفس الوقت مع الرحمة المطلقة.
اقتباس:
ثم أين ذهب الزميل عن صفات القهر التي تتعلق بالفئة التي يدافع عنها ويحامي وهي فئة الكفار المعاندين للحق أو المعرضين عنه، فإن تعلق صفات القهر بهم من كمال الله تعالى في حكمته وقدرته وعلمه، وعدله، فلا يعذب إلا من استحق العذاب وكان قادرا على الطاعة والمعصية فاختار العصيان بعد قيام حجة الله عليه، ومن لم تقم عليه الحجة فلا يعذب، فأين الظلم إذن.
كالعادة، الظلم أن الله كان يعرف أن هناك من ستقم عليهم الحجة و يختاروا العصيان و لم يرحمهم لحظة عرض الأمانة. تدخل الحكمة قد يحل الإشكال بعد الخلق. لأن الخلق تم و اللي حصل حصل و يجب توظيف الحكمة للحصول على أفضل النتائج بناءً على المعطيات الموجودة.
لكن ماذا لو لم يكن هناك معطيات أصلاً؟ لا بشر؟ لا شيء؟
اقتباس:
أما تركيزه على صفة الرحمة التي خص الله رحمته في الآخرة بمن كان مؤمنا فقد حاول الزميل صرفها مرارا عن متعلقاتها لتكون حقا مستحقا لإبليس وأتباعه، ثم جعل عقوبة الله لهم ظلما! وخلقه إياهم قادرين على الطاعة والمعصية ظلما أيضا! فصار مفهوم الظلم عند الزميل مرتبطا بمفهوم العدل، فكل ما عدل الله فيه كان ظلما عند الزميل، وهذا من أبين المحال والمعاندة!
لماذا ذهبت يا أخي بعيداً جداً إلى حد أنهم زنوا و قتلوا و عصوا؟ هل أنا أسأل في هذه المرحلة؟
أنا أسأل من قبل ما يفعلوا هم كل هذا.
يا سيدي لو هو خلقهم ثم هم فعلوا هذا فهم لا يستحقوا الرحمة. لكن أنا أقول (ما هو يقدر يلحقهم قبل ما مايستحقوش الرحمة هذه لأنه كان يعرف أن كل هذا سيحدث أصلاً من البداية)
لا تقلق ... "الزميل" لا يحاول أن يعطي حقاً مستحقاً لإبليس و غيره. "الزميل" يرى أن إبليس شرير و سيء و أنه يستحق النار و عدم الرحمة.
اقتباس:
- وأما رحمة الآخرة فهي خاصة بالمؤمنين، فكيف يقال أنها تتناقض مع الكافرين؟! ومتى كانت الرحمة الأخروية حقا لهم حتى يكون حرمانهم منها تناقضا مع صفة الرحمة؟!
كانت الرحمة الأخروية حقاً لهم قبل أن يخلقهم الله من البداية خالص. الإنسان الكافر هذا لو خلقه الله ستؤدي به أفعاله إلى النار. لا يوجد من داع إذاً لخلقه إذا كان معروف أنه سيذهب للنار. و هو من حقه (كالمؤمن) أن ينال ما ناله المؤمن و هو عدم العذاب. لماذا حقه كحق المؤمن؟ ... لأن كلاهما في هذه المرحلة سواء. لا يوجد أحد منهم أفضل من الآخر حيث أن المؤمن لم يبدأ في الطاعة بعد و الكافر لم يبدأ في العصيان بعد. هما الإثنين من حقهم أن يتم المساواة بينهم في كل شيء.
إذا كان كلاهما متساويين في كل شيء في هذه المرحلة، إذاً فيجب أيضاً (في نفس هذه المرحلة) اتخاذ قرار عادلاً بينهم.
لو قرر الله أن يسمح بخلق المؤمن فهذا معناه أنه سمح ببدء سيناريو لهذا المؤمن يؤدي به للجنة.
الكافر أيضاً بما أنه في نفس المرحلة و لا يوجد أي واحد فيهم أفضل من الآخر، فلا بد أن يسمح الله بخلق هذا الكافر و بالتالي السماح ببدء سيناريو لهذا الكافر (الذي لم يكفر بعد) يؤدي به إلى الجنة هو الآخر.
ماذا فعل المؤمن زيادة عن الكافر في هذه المرحلة البدائية من الزمن حتى يتميز عن الكافر بأنه تم السماح له بالتواجد في دنيا نهايتها الجنة بينما الآخر نهايته في النار؟
اقتباس:
إن الزميل يظن أن كمال رحمة الله تعالى يستلزم أن يجعل إبليس في أعلى الجنان، وأن كل من قتل نبيا أو صالحا أو زنى بأمه ينبغي أن يجعله الله في أعلى الجنان لأن الله رحيم!! فأي فهم هذا لكمال الله تعالى حتى ينسب إلى الله الظلم إذا لم يحكم بهذه الأحكام ؟!
للأسف ليس هذا ما يظنه "الزميل". أنا لست مريض نفسياً حتى أظن أشياء كهذه. من تظنني يا أخي؟ هل ترى أن أسئلتي و منطقي فاسدين لهذه الدرجة؟
كل اشكال من الإشكالات المكتوبة هي اشكالات منطقية و تطرأ برأس أي انسان طبيعي عنده عقل و يفكر. لا تجعلني أشعر أنني من "أتباع إبليس" الفاسدين الذين يرون أن من حق الشيطان أن يعيش ملكاً. يا أخي أنا إنسان طيب و منطقي. لا تظن بي الظنون.
من أين أتيت أنت بأنني أظن أن من يزني بأمه يجب أن يوضع في أعلى الجنان؟
لماذا يظن المسلمون أن الملحدون "أشرار" و "خبثاء" و "أتباع الشياطين"؟ و أنهم يعرفون أن الإسلام هو الحق و لكنهم يعندون؟ ... نحن بشر مثلكم و نشعر كما تشعرون و نحزن و نفرح و نتألم و نبكي و لكننا فقط لا نقبل فكرة الدين. لسنا من كوكب آخر.
أنا لا أظن في هذا الذي ذكرته. و كما كررت مراراً، أنا أعترض على أن كل هذا كان ممكن أن يتم تفاديه من البداية خصوصاً في ظل العلم اليقيني بحدوثه.
اقتباس:
إن رحمة الله تعالى في الآخرة لها متعلقها وهم المؤمنون ، يقول الله تعالى: {قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ}.
وعذابه متعلقه من قامت عليهم الحجة الرسالية فاختاروا الكفر على الإيمان، يقول الله تعالى: {مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا}
فصار الناس فريقان:
- فريق لهم الرحمة في الآخرة وهم الذين تتعلق بهم صفات الرحمة والعفو والرضى والمغفرة.
- وفريق لهم العذاب في الآخرة، وهم الذين تتعلق بهم صفات القهر والغضب والعقوبة.
فالأولى مقتضى كمال الله في إحسانه وفضله.
والثاني مقتضى كمال الله تعالى في عدله وقهره وسلطانه.
والجميع من مقتضى حكمة الله تعالى وعلمه.
كما قلت. المؤمنين هؤلاء الذين عملوا الصالحات كان ممكن ألا يخلقهم الله. و هم من دونه لا يستطيعوا أن يتواجدوا.
يا زميل. قل لي. هل أنت فعلاً مقتنع أن هذا الذي سأكتبه الآن عادل؟
الله لم يخلق المؤمن بعد
الله لم يخلق الكافر بعد
(المؤمن و الكافر حتى هذه اللحظة سواء لا فرق بينهم)
الله لو خلق المؤمن سيذهب للجنة
الله لو خلق الكافر سيذهب للنار
و لكنه لم يخلقهم بعد (مازالوا سواء)
شيء جيد جداً بالنسبة للمؤمن أن يخلقه لأنه إذا خلقه سيدخل الجنة.
شيء سيء جداً بالنسبة للكافر أن يخلقه لأنه إذا خلقه سيدخل النار.
الله سمح بخلق المؤمن و الكافر
لماذا اختص الله فعل الشيء الجيد للمؤمن فقط في حال أن المؤمن لم يفعل شيء وقتها زيادة عن الكافر تجعله يستحق الحصول على ميزة كهذه؟
هل هذا عدل؟
اقتباس:
وليس الأمر كما يظن الزميل من أن كل صفة تتناقض مع الأخرى!! فإن التناقض لا يكون إلا مع اتحاد المحل والإضافات والنسب، وليس هنا من ذلك شيء، ففرق بين متعلقات صفات الرحمة والرضى، ومتعلقات صفات القهر والغضب.
المحل هو واحد و متحد و هو الله. و النسب هي جميعاً مالانهاية. و هذا هو بالضبط ما يضايقني. لا يمكن أن تتواجد صفات لانهائية متناقضة بجانب بعضها في نفس الكيان لأن التضاد يقتضي النقص و المالانهاية لا تنقص.
اقتباس:
إذا علم هذا علم أن دعوى التناقض بين صفات الرحمة وتعذيب الكفار في النار خلط عجيب، وقول غريب،
أعتقد أن الموضوع ليس عجيب و لا غريب خصوصاً و إذا كان الله شيء صعب التخيل. من الأحكم هنا أن تقول لي أنك تقدر صعوبة الأمر عليا لأن الإحاطة بصفات الله ليس أمراً سهلاً. و أنا أقل لك هذا لأن أسلوبك يبني سداً كبيراً مع محاورك يجعله يشعر أنه كائن فضائي و أن الوصول إلى حل في النقاش شيء بعيد جداً ... فهو يفكر في "أشياء عجيبة" و "غريبة" على حد قولك ... لا بد أن الأمر معقد جداً إذاً. طبعاً نتيجة هذا الأسلوب أن الطرف الآخر يدرك مدى المسافة الفكرية التي بينه و بينك و بالتالي يخرج من الموضوع بأن إجابة أسئلته ليست عندك. أقول لك كل هذا لأنني أريد أن أوحد الأراضي بيننا على قدر المستطاع للوصول إلى أي شيء. لا يوجد من داع لجعلي أشعر بكل هذه الغرابة. توجد بيننا اختلافات كافية جداً.
نصيحة أخوية: إذا غرضك من كل هذا هو هداية الناس و ليس الخناق و خلاص، يجب أن تصبر و تكون مريح في التعامل حتى تكسب القبول لعل هذا يكون سبباً غي هداية واحد تدخل بسببه الجنة.
اقتباس:
سببه عدم تمييز متعلقات الصفات وآثارها في الخلق، وارتباطها بصفة الحكمة الإلهية، التي هي من أعظم صفات الله عز وجل، فيحار الإنسان في كثير من أمره حين يحاول أن يحيط بجميع حكمة الله تعالى في أحد مخلوقاته فضلا عن جميع حكمته في جميع مخلوقاته، وهي حيرة سببها عجز الإنسان عن الإحاطة بكمال الله تعالى الثابت له، مع شهوده حكمة الله تعالى في كثير من مخلوقاته وآياته، لتكون حجة عليه في إثبات الحكمة، والتسليم لله بما لم يحط به لعجزه.
اعتقد أنني تكلمت عن أن اشكالاتي تقع في مرحلة متقدمة قليلاً. و غير ذلك و ذاك ... فأنا تكلمت أيضاً في موضوع آخر أن الإنسان غير مطالب "بالإحاطة" بصفات الله لكي يميز إذا كان هذا الله أم لا. سألصق ما كتبته حقناً للمجهود:
لماذا المسألة بكل هذا التعقيد؟ لماذا لا يكون السيناريو كله سهل الفهم و تكون الأمور الصعبة التصور كلها متعلقة بذات الله نفسها و التي لا دخل لنا بها؟
هل جعْل الموضوع بهذه الصعوبة في التصور له حكمة ما؟ خصوصاً لو كان الموضوع سيجعل ناس كثيرين (مثلي) يؤمنوا و يهتدوا إذا أُجيب عن هذه الأسئلة؟
قد ضربت من قبل في منتدى آخر مثلاً في عدم قدرة تخيل المالانهاية.
لا أحد يستطيع تخيل المالانهاية و لا أنا حتى. لكن، عدم استيعابنا للمالانهاية لا يعني أننا نجهل كل شيء عنها. هناك بعض الأشياء المتعارف عليها و المتفق عليها في المالانهاية. أنا لم و لا أريد أن أتحدث عن الجوانب التي نعجز عن تخيلها. أنا فقط أركز على الأشياء المتفق عليها في المالانهاية.
ما هي الأشياء المتفق عليها في المالانهاية؟ (و التي لا نحتاج تخيلها لكي نستنتجها؟)
1) أنها أكبر بكثير جداً من أي قيمة أخرى محدودة بحيث تجعل الكمية المحدودة هذه بالنسبة لها تقريباً صفر.
2) لا يمكن نقصانها و لا زيادتها حتى لو أضفت عليها مالانهاية أو أنقصت منها مالانهاية.
هذا هو كل ما احتاجه في موضوعي. هذه صفات سهلة الإستيعاب و يمكن على ضوئها تحديد إذا ما كانت قيمة معينة مساوية لمالانهاية أم لا.
و لنجرب فهمنا للخصائص سهلة الإستيعاب علينا التي طرحتها لتوي، ممكن أفترض قيمة و اطبق عليها الإختبار.
عدد المشتركين في هذا المنتدي مثلاً هو 5000 مشترك.
هل 5000 أكبر بكثير جداً من أي قيمة أخرى محدودة بحيث تجعل الكمية المحدودة هذه بالنسبة لها تقريباً صفر؟
لا. لأن الـ 6000 أكبر من الـ 5000.
هل إذا طرحت 50 من الـ 5000 ستنقص الـ 5000؟ نعم.
إذاً، الـ 5000 ليست هي المالانهاية. أنا استطعت استنتاج هذه الحقيقة بدون ما احتاج أن أفهم ما هي المالانهاية، بمعنى آخر، نحن لا نعرف ما هي بالضبط المالانهاية، و لكننا نعرف قطعاً ما هو ليس مالانهاية.
و هذا هو ما أفعله في موضوعي.
إذاً ليس من الضروري أن نكون خارقي التصور حتى نتوصل لإجابة أسئلة سهلة مثل: هل التصرف الفلاني رحيم أم لا؟
كلامك معناه أنني لو كنت غير مقتنع بفكرة العدل الإلهي لعدم قدرتي على الإلمام بها، سيتم محاسبتي و أدخل النار على جحودي و انكاري لله و السبب في ذلك هو عدم قدرتي على التخيل. أليست هذه اشكالية جديدة؟
أنا أقولها الآن: ايماني بالله يفصلني عنه فقط هذه الأسئلة. لو حصلت على اجابات عليها سأؤمن و إن لم أحصل سألحد.
و أنت تقل أنه لا سبيل لي أن أفهم إجابات هذه الأسئلة لأنني محدود التصور.
النتيجة: لن أحصل على الإجابات تلك و بالتالي لن أرتاح أبدأ و سأظل لا أدرياً مثلاً و سأدخل النار.
الإستنتاج: دخلت النار لأنني عجزت عن التخيل.
لماذا لم يخلقني الله قادراً على تخيل هذه الأمور الأساسية؟ بلاش دي.
لماذا لم يجعل هو الإجابة أسهل من ذلك بحيث نستطيع أن نفهمها و نؤمن به من دون الخوض في تعقيدات لا نهائية بحيث يكون الكافر فعلاً هو كافر لأنه عنيد و ليس لأنه يتحجج بعدم الفهم؟ خصوصاً و أن هذه فعلاً مسألة حيوية في مشوار الإيمان و ليس "دلع" مني كأنني مثلاً أقول: "لن أؤمن به حتى يطلعني على كيفية خلق الكون". أنا لم أطلب شيء كبير كهذا و لا يخصني. أنا أطلب شيء صغير و بسيط و يخصني. الله يقول لي أنه عادل معي، و أنا أريد أن أفهم كيف؟ فقط.
أنت تقنعني أنني لا ينبغي أن أفهم كيف. طيب خلاص، ما أروح أبقى بوذي و لا هندوسي و كده كده أنا مش فاهم أي حاجة.
اقتباس:
أن الله عز وجل قد خلق الإنسان قادرا على المعصية والطاعة، مخيرا فيهما بعد خلقِه وبلوغه حد التكليف وقيام الحجة الرسالية عليه فمن كان كذلك كانت مجازاة الله لإحسانه بالحسنى فضلا منه ورحمة، وكانت مجازاة الله تعالى لسوئه بالسوأى عدلا منه لا ظلما، وكان علم الله بذلك صفة كاشفة لما سيختاره الإنسان لا صفة سائقة مجبرة للعبد على غير اختياره.
عزيزي. ألم أتحدث أنا عن موضوع عدم الإجبار هذا؟
طيب أعمل إيه؟
خلاص. أنا سأكتبها بالأحمر و بالخط الكبير لعلها تثبت في أذهان القارئين:
أنا لا أؤمن أن الله يجبرنا على شيء
لو سمحت يا عزيزي لا تذكر لي هذه النقطة. الإشكال أعلى بكثير من كون الإنسان مجبر أم لا. بكثير. أنا لا يهمني إذا كان الإنسان مجبر أم مخير. لا يهمني. ليست هذه القضية. هل رأيتني أسأل: كيف يجبر الله الناس على الأفعال؟
لماذا تردوا دائماً بهذه الإجابة كلما سألنا سؤال عن معرفة الله بالغيب.
هل لمعرفة الله بالغيب أي علاقة بتصرفات الإنسان؟
ما يهمني هو أن معرفة الله تشمل هذه الإختيارات الحرة و لا تهمني الإختيارات الحرة بذاتها. كون الإنسان حر لا يلغي كون الله كان يعلمها قبل أن تحدث. و المشكلة هي أنه كان يعلم و ليست أن الإنسان كان مخير أم مسير.
هل تفهم يا عزيزي مكان الإشكال؟ مكان الإشكال هو شيء أنا و أنت متفقين عليه.
أنا متفق معك أن الله بكل شيء عليم و أنه كان يعلم مصير الكافر قبل أن يخلقه.
و متفق معك أن الإنسان غير مجبر على شيء. و أن الله غير مجبر على شيء كذلك.
الإختلاف ليس في المفاهيم. الإختلاف في قبول هذه المفاهيم.
أنت تقبل أن الله ممكن يعرف أن فلان سيخلد في النار إذا خلقه و مع ذلك خلقه.
و أنا لا أقبل هذا.
و النقاش هو: هل هذا مقبول أم لا.
ليس هل الإنسان مخير أم مسير.
اقتباس:
وأما حكمة الله تعالى من ذلك فإن جهلها جاهل فذلك لعجزه وجهله لا لعدمها، وإن علمها فهي حجة أخرى قائمة عليه، ومن تلك الحكمة:
أن صفات الله تعالى المتعدية تقتضي آثارها، لا لحاجة الله تعالى لهذه الآثار، ولكن لأن كمال الله يترتب عليه ظهور آثاره في مخلوقاته.
فكما أن الشمس المضيئة تقتضي إشراق نورها على ما حولها دون حاجة منها لذلك، فكمال الله أولى أن يكون ظهور آثاره على مخلوقاته من مقتضيات كماله لا من حاجة إلى غيره.
اقتباس:
وهذا المعنى فيه جواب على سؤال يطرح مرارا، وهو لماذا خلقنا الله؟! وهل الله يحتاج إلينا؟!
المشكلة بس أن الشمس لا تملك إرادة و الله يملك إرادة. و أن الشمس لم تخلق بشراً تعرف أنهم ذاهبين للنار بينما الله فعل ذلك. المقارنة غير منطقية يا عزيزي.
الشمس لأنها مضيئة فالإضاءة تقتضي اشراق نورها على ما حولها.
توازي
الله لأنه (صفات كثيرة) فهذه الصفات تقتضي أن يخلق البشر.
و لكن البشر سيتعذبون و الضوء الصادر عن الشمس لن يتعذب.
الله غير مجبر على خلق البشر بينما الشمس مجبرة على أن تصدر ضوئها.
الله يستطيع أن يعيد البشر للعدم و عنده ارادة كاملة و الشمس لا تستطيع أن تمنع الضوء و ليست عندها ارادة كاملة.
اقتباس:
وليس الغرض هنا تفصيل الكلام في الحكم المتعددة من خلق الخلق، وإنما يكفينا أن ثبوت صفة الحكمة لله تعالى مبطل لكل تشغيب على علة الخلق، فيكفينا اليقين بحكمة الله تعالى، ثم إذا علمت بعض الحكمة زادنا ذلك علما ومعرفة، ولم ينقلنا من شك وريب إلى إيمان وإسلام لم يكن من قبل! فإن من علم بالدليل القاطع كمال الله وحكمته لا يحتاج بعد ذلك لإثبات حكمته بالسؤال عن كل فعل من أفعاله، فحكمة الله تعالى أظهر من ذلك وأبين.
ثبوت صفة الحكمة؟
صديقي، أنا "لا أدري" و لست مسلماً لكي تقول لي "ثبوت" الحكمة. أنا أريد اثبات أن الله حكيم و لا أتعامل على أن هذه حقيقة واقعة.
أنا لا أفترض أن الله حكيم و رحيم ثم أبني استنتاجاتي على هذا الأساس. أنا أقارن المعلومات المتوفرة لدي عن أفعاله و أقارنها بما أعتقد أنه حكمة و عدل و رحمة.
اقتباس:
فإذا استبان ما قلنا، فإننا نعلق على الاعتراضات التي وجهها الزميل (المفتري) على هيئة أسئلة وإشكالات:
فقوله:
ففي هذا دعوى: (أن الله كان معطلا عن أفعاله منذ الأزل ثم في لحظة معينة خلق البشر)
وهذا تصور غير صحيح فضلا عن أن يكون موافقا للدين الإسلامي كما يقول الزميل! وهو خطأ شائع لدى الكثيرين، ولا يكفي شيوعه لتصحيحه كما هو معلوم.
ويكفينا هنا الإشارة إلى الصواب إذ ليس هذا موضع بسطه:
وهو أن الله عز وجل موصوف بالكمال منذ الأزل، ومن كماله ما اتصفه به من الصفات والأفعال الاختيارية كالخلق والكلام والإيجاد والإعدام، والرزق...، وهذه الصفات والأفعال تقتضي متعلقاتها وآثارها.
فلو قدر أنه في كل وقت كان هناك مخلوقات مسبوق كل واحد منها بعدمه، وقبل كل مخلوق مخلوق مسبوق بعدمه، لم يكن في ذلك إثبات قديم مع الله تعالى، وإنما إثبات ما لا يتناهى من الحوادث التي لا أول لها، وكل حادث منها مسبوق بعدمه.
وهذا هو القول الحق الذي يوافق الكتاب والسنة ودلالة العقل والفطرة.
فإن الله منزه عن أن يكون معطلا عن كمالاته منذ الأزل إلى أن خلق الكون بعد ما لا يتناهى من الزمن! فهذا قول باطل مخالف للكتاب والسنة ودلالة العقل والفطرة، وبسبب هذا القول الباطل نشأت بدع كثيرة في الكلام على إثبات الأسماء والصفات والأفعال، وترتب على الخطأ ضلال عظيم في بقية أبواب المعتقد، كما عند الجهمية والمعتزلة والأشاعرة والماتريدية وغيرها من الفرق المبتدعة الضالة، فضلا عن الرافضة المنحلة عن الدين، الزائغة عن الشرع والعقل.
أنا لم أقل أنه كان معطلاً عن كماله. و على العموم ... لن نختلف. موضوع الكون هذا أصلاً ليس هو صلب الموضوع. أنا لا يهمني متى خلق الله الكون أو كيف. أنا يهمني أنه في لحظة ما، لم يكن هناك بشر (و في هذه اللحظة كان الله كامل الصفات و كله تمام) ... ثم بعد ذلك قال الله للملائكة إنه جاعل في الأرض خليفة. أي أنه سيبدأ (أو انتهى لتوه) من خلق آدم و بالتالي الجنس البشري و بالتالي عرض الأمانة عليهم. كل هذه الأشياء ثابتة و لم تتغير و لا علاقة لها بمتى خلق الله من و لماذا؟
كما أنني لم أبني أية استنتاجات على هذه الإفتراضات الخاطئة التي افترضتها. أنا بنيت أسئلتي على ثوابت العقيدة.
عرض الأمانة و العلم و الرحمة المطلقين.
اقتباس:
قوله:
جوابه أن يقال:
إن المشورة لا يحتاجها إلا المخلوق إما لنقص علم، أو رغبة في العون، أو سياسة للناس، أو تردد في أمر، وكل ذلك منتف عن الله تعالى، فما الحاجة للاستشارة إذن؟! ثم أن ما يقضي به الله خير للعبد من قضائه لنفسه، وما يضر العبد إلا عصيانه ربه وما يترتب عليه من عقوبة الله تعالى له.
عزيزي. القصد واضح. انظر لسياق الكلام. أكيد أنا لا أقصد أنه "يستشيرهم في شيء" ليستفسر منهم عن شيء. في ماذا سيستشير الله الناس يعني؟ هل كلامي يمكن أن تخرج منه بأنني قصدت أن الله يريد أن يفهم شيء منهم؟
القصد واضح و هو أن الله يجب يعطي لهم حق الإختيار إما بالعودة للعدم أو الإستكمال.
اقتباس:
وقولك ( هم كانوا في حالهم في العدم) خطأ واضح، إذ هم في العدم ليس لهم وجود ولا ذات حتى يكون لهم حال! فإن الحال لا تقوم إلا بذات، والمعدوم لا ذات له في الخارج حتى تقول أنهم كانوا في حالهم.
نعم نعم يا صديقي. أنا أعرف أنه لا يوجد شيء اسمه أنهم في حالهم في العدم و هذا اسمه مجاز عن أن كونهم غير موجودين أفضل من كونهم موجودين و يتعذبوا. ثم لماذا تركز على هذه الأمور التي خارج السياق أنا لا أفهم؟ هل تحاول أن تغلطني بأي شكل و خلاص؟ ماذا يضيف للنقاش إذا كان هناك شيء اسمه أن الناس ينفع يكونوا في حالهم في العدم أم لا؟ سواء كان ينفع أو ماينفعش في كلتا الحاتين هو أفضل من التواجد و التعذيب و خلاص. طيب أنا أيضاً ممكن أطلع لك أشياء غير منطقية في ردك و لكنها لا تضيف شيئاً إلا استفزاز الطرف الآخر و خلاص.
يعني أنت في بداية النقاش قلت لي أنني:
"انتقلت من سؤال إلى آخر بين إجابات غير صحيحة أو هي مبتورة الجذور، "
كان ممكن أقول لك: "هو في حاجة اسمها إجابات لها جذور؟ الإجابات أشياء معنوية لا يمكن أن يكون لها جذور!!!"
اقتباس:
وأما مسألة إرادة العبد للمسؤولية أو عدم إرادته لها:
فإن العدل والظلم ليس متعلقا بها، وإنما العدل أن يؤتي الإنسان القدرة على الطاعة والمعصية، وتبلغه الحجة الرسالية في ذلك، فإن اختار الطاعة أثيب بالحسنى، وإن اختار المعصية أثيب بالسوأى، فهذا هو العدل والفضل، وهذا أصل المسألة وأسها، لا الكلام عن حال المعدومات المعدومة!
طيب خلاص. ارادة العبد للمسئولية أم لا ليس اسمها عدل أو ظلم. ماذا تحب أن تسمي أنت أن يُحمَل العبد مسئولية من دون أن يوافق على ذلك؟
سميه ما تريد و هيا نناقشه.
أنا لم أتكلم عن حال المعدومات المعدومة =) ... أنا تكلمت عن حال الموجودات الموجودة التي تدخل النار =).
لا أعرف أيضاً ما الهدف من رمي الكلام بهذه الطريقة التهكمية بالإضافة إلى إلقاء علامات تعجب لا تضيف للموضوع شيء إلا اثارة أعصاب الطرف الآخر و جعله أبعد ما يكون عن الاستعداد "للهداية". (لو كان غرضك هو هداية الناس)
اقتباس:
وبهذا يعلم الرد على قولك: ( بما أن موافقة الإنسان (أو عدمها) على خوض التجربة هي الفيصل في تحديد العدل الإلهي،) . فليس ذلك الفيصل بفيصل في شيء، إنما الفيصل ما سبق ذكره.
ومسألة المشورة التي ذكرها الزميل وبنى عليها عدة أسئلة ونقاشات مختلفة مبنية على أساس خاطئ، بيانه فيما يلي:
أولا: أن الله عز وجل ينزه عن استشارة مخلوقاته لمنافاة الشورى لكمال الله تعالى، وذلك لما سبق من القول أن المشورة لا يحتاجها إلا المخلوق إما لنقص علم، أو رغبة في العون، أو سياسة للناس، أو تردد في أمر، وكل ذلك منتف عن الله تعالى.
ولكن الله عز وجل يخير من شاء من عباده فيما شاء كيف شاء، والفرق بين الاستشارة والتخيير ليس فرقا لفظيا، وإنما فرق معنوي مؤثر كما هو واضح.
طيب أنا كنت قصدي التخيير. أنا آسف =).
كما أن موافقة الإنسان هي للأسف الفيصل بالفعل. ببساطة شديدة لأنه إذا (خَير) الله الإنسان و قال له: "أتريد العودة للعدم أم تريد أن تكمل" ثم اختار الإنسان العدم و تجاهل الله هذا الإختيار، فهذا اسمه ظلم. بلاش ظلم. (شيء سيء) و خلاص. سميه اللي انت عاوره. المهم أنه شيء غير مقبول لا يمكن أن ينسب إلى الله.
اقتباس:
ثانيا: أن التخيير حاصل لهم في الدنيا بين الطاعة والمعصية وهذا كاف في إبطال شبهة الظلم كما سبق بيانه.
فإن قال ملحد: قصدت أن يخيرنا الله بعد أن خلقنا في أمر هذه الحياة.
فيقال له: قد كان ذلك بأن خلقنا في هذه الحياة مختارين لطريق الخير أو الشر، فإن أبى إلا التخيير بين الحياة أو الموت، قيل له: دونك الموت فمت، فما يمنعك عن ذلك ما دمت ملحدًا! أهو الخوف من النار؟!
لا يا صديقي. أنا آسف. هذا ليس كاف و لا يبطل أي شيء.
التخيير بعد الخلق لا يحل المشكلة. لأن المشكلة عمرها ما كانت في تصرفات الإنسان نفسه. المشكلة هي السماح بخلقه علماً بمصيره.
امسك صاحبك و ارميه من الشباك من الدور العاشر ثم قل له: أنت الآن غير مقيد و يمكنك أن تفعل ما تريد. أياً كان ما سيفعل، سيسقط أرضاً و يموت. صحيح أنه حر الحركة و يستطيع أن يرفرف و يغني و يركل في الهواء. و لكن كل هذا لن ينقذه. هو سيسقط في النهاية برغم كل شيء و يموت.
ثم ما هو ردك على مثال شركات التأمين؟
و ما هو ردك على الأب الذي يترك ابنه يقفز من الشباك؟
اقتباس:
رابعا: أن مطالبة الزميل بأن يخير الله الإنسان بين البقاء أو العودة إلى العدم، تناقض، فإن مجرد خلق الله تعالى للإنسان يستلزم عبوديته لله تعالى، وعبوديته لله تعالى تتنافى مع رفضه خلق الله له واعتراضه عليه، بل يلزمه التسليم بخلق الله تعالى له، ويبقى عليه الإحسان في عبوديته لله تعالى لا الكفر به.
و من الذي جعل الأمر مستلزماً؟
هل الله محكم بقوانين معينة؟
خلق الناس مثلاً و لكنه لا يستطيع اعادتهم للعدم لأنه ملزم بقوانين معينة؟
طبعاً كلامك مضمونه بدون أي مجاملة و لا افتراء (الكلا موجه للإنسان): أنت خلاص اتخلقت من دون تحكمك أو اختيارك و مافيش أي حاجة تقدر تعملها عشان تغير الموضوع ده. فأحسنلك يا حلو تخليك كويس عشان ماتروحش في 60 داهية.
اقتباس:
ويكون موضوع التخيير ليس الحياة في عبادة الله تعالى أو العدم!!! وإنما يكون موضوع التخيير العبودية لله تعالى بمحض الإرادة والاختيار كما هو الآن، أم بالانقياد الكوني لله تعالى كما هو حال المخلوقات الأخرى، فلا يخرج الأمر عن عبودية الإنسان لله تعالى.
ولا شك أن الحرية والاختيار الذي وهبه الله للإنسان في الدنيا ليس ظلما، وإنما الظلم ظلم العبد لنفسه حين يسيء الاختيار بعد أن بلغته الحجة الرسالية.
و ما فائدة عرض الأمانة طيب؟
أين "العرض" في الموضوع إذا كان كلامك صحيحاً؟
العرض يحتمل الإختيارات و الدليل أن الجبال رفضت الأمانة و بالتالي لم تحملها.
ما فهمته منك هو أنني طالما موجود الآن فمعنى ذلك أنني قبلت العرض.
طيب بماذا تفسر أنني الآن أرفض هذا العرض؟ أنا أريد العودة للعدم.
اقتباس:
خامسا: أن مَثَل ما طالب به الزميل من أمر الشورى والتخيير مثل مولود قال لوالده إنك ظالم! لأنك ولدتني بدون إذني! وكان من حقي لما ولدت أن أخير بين البقاء بينكم أو العودة إلى رحم أمي!! فلو قاله ولد لأبيه لكان قائل ذلك مجنونا، لا لأن والده عاجز عن ذلك فحسب، وإنما لأن ولادته ليست ظلما له، بل لوالده عليه فضل الولادة، وهذا من أسباب بر الأبناء بوالديهم لأنهم سبب في حياتهم، ولا أعني هنا الملاحدة وأبنائهم فإن من العجب أن يكون بينهم بر مع كل هذا الكفر والمناقضة للعقل.
فكيف بمن يقول لخالقه إنك ظالم لأنك خلقتني بدون إذني ولم تخيرني بين البقاء والعدم! فأيهما أقبح اعتراضا؟ المعترض على أبيه أم على خالقه!!
مثال غير دقيق. الأب لا يفرض على الإبن أشياء معينة هو يعرف أنه لن يفعلها ثم يعاقبه على ذلك عقاباً شديداً. الله يفعل ذلك. الأب لا يستطيع أن يعيد الإبن إلى العدم. الله يستطيع. الإبن لو عرف أن أبوه كان يعلم أنه إذا أنجبه لن ينفذ طلباته و بالتالي يعاقب سيطلب العودة للعدم على الفور. لكن الأب لن يستطيع إعادته و لهذا لن يعيده لأن هذا خارج قدرته. الإنسان لو كان يعرف أنه إذا خُلق سيعصي الله و يدخل النار كان سيطالب بالعودة للعدم فوراً. و الله يستطيع أن يعيده و لكنه لن يفعل ذلك بالرغم من أن هذا في قدرته.
اقتباس:
سادسا: أن الله خلق الإنسان لعبادته، فإن قال: أختار العدم على عبادتك!!! ألا يكون اختياره قبحا وعصيانا؟!! فكيف يكون المخلوق مخيرا بين الطاعة والمعصية على السواء ثم يكون جزاء من أبى الطاعة وصدف عنها أن يعفى من التكليف؟!!
ثم يكون المكلف المعرض للعقاب عند التقصير هو الطائع دون من اختيار العصيان من أول الأمر؟!
لا. لا يكون قبحاً و عصياناً. العصيان هو أن يفرض عليك الله أشياء ثم لا تنفذها أو تفعل عكسها. و لكن هنا نحن في مرحلة ما قبل فرض الفروض و العصيان. ماذا لو كان هذا الإنسان يرى أنه لن يستطيع حمل الأمانة؟ أليس من حقه شيء كهذا؟ ما هي فائدة السؤال من البداية طيب إذا كان الجواب بالرغبة في العدم هي عصيان في جميع الحالات؟
يعني هو لازم علشان مايبقاش عصيان يوافق الإنسان بالرغم عنه و يدخل النار في النهاية مثلاً؟
ماذا لو كان فعلاً هذا الإنسان سيدخل النار؟ ما قيمة أن يكون رده قبيحاً مثلاً إذا كان هذا الرد القبيح من شأنه أن ينقذه من الجحيم الأبدي؟
باقي ردك سيكون تكرار لما كتبته أنا سابقاً.
أرجو تعليقك على مثال شركات التأمين و مثال الأب الذي طلب منه ابنه أن يقفذ من النافذة و مع ذلك وافق. و أرجو منك الرد علي (إذا سمحت) أن تقرأهم من جديد لتتذكر أبعاد المثال بالكامل.
تحياتي لك.