قال تعالى: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا
تفسير الجلالين: "إنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَة" الصَّلَوَات وَغَيْرهَا مِمَّا فِي فِعْلهَا مِنْ الثَّوَاب وَتَرْكهَا مِنْ الْعِقَاب "عَلَى السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال" بِأَنْ خَلَقَ فِيهِمَا فَهْمًا وَنُطْقًا "فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ" خِفْنَ "مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَان" آدَم بَعْد عَرْضهَا عَلَيْهِ "إنَّهُ كَانَ ظَلُومًا" لِنَفْسِهِ بِمَا حَمَلَهُ "جَهُولًا" بِهِ
جزء من تفسير الطبرى: عَنِ ابْن عَبَّاس أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ } قَالَ : عُرِضَتْ عَلَى آدَم , فَقَالَ : خُذْهَا بِمَا فِيهَا , فَإِنْ أَطَعْت غَفَرْت لَك , وَإِنْ عَصَيْت عَذَّبْتُك , قَالَ : قَدْ قَبِلْت , فَمَا كَانَ إِلَّا قَدْر مَا بَيْن الْعَصْر إِلَى اللَّيْل مِنْ ذَلِكَ الْيَوْم حَتَّى أَصَابَ الْخَطِيئَةَ.
جزء من تفسير ابن كثير: قَالَ الْعَوْفِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس يَعْنِي بِالْأَمَانَةِ الطَّاعَة عَرَضَهَا عَلَيْهِمْ قَبْل أَنْ يَعْرِضهَا عَلَى آدَم فَلَمْ يُطِقْنَهَا فَقَالَ لِآدَم : إِنِّي قَدْ عَرَضْت الْأَمَانَة عَلَى السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال فَلَمْ يُطِقْنَهَا فَهَلْ أَنْتَ آخِذ بِمَا فِيهَا ؟ قَالَ يَا رَبّ وَمَا فِيهَا ؟ قَالَ إِنْ أَحْسَنْت جُزِيت وَإِنْ أَسَأْت عُوقِبْت فَأَخَذَهَا آدَم فَتَحَمَّلَهَا فَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى : " وَحَمَلَهَا الْإِنْسَان إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا "
جزء من تفسير القرطبى: لَمَّا بَيَّنَ تَعَالَى فِي هَذِهِ السُّورَة مِنْ الْأَحْكَام مَا بَيَّنَ , أَمَرَ بِالْتِزَامِ أَوَامِره . وَالْأَمَانَة تَعُمّ جَمِيع وَظَائِف الدِّين عَلَى الصَّحِيح مِنْ الْأَقْوَال , وَهُوَ قَوْل الْجُمْهُور . رَوَى التِّرْمِذِيّ الْحَكِيم أَبُو عَبْد اللَّه : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْن نَصْر عَنْ صَالِح بْن عَبْد اللَّه عَنْ مُحَمَّد بْن يَزِيد بْن جَوْهَر عَنْ الضَّحَّاك عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( قَالَ اللَّه تَعَالَى لِآدَم يَا آدَم إِنِّي عَرَضْت الْأَمَانَة عَلَى السَّمَوَات وَالْأَرْض فَلَمْ تُطِقْهَا فَهَلْ أَنْتَ حَامِلهَا بِمَا فِيهَا فَقَالَ وَمَا فِيهَا يَا رَبّ قَالَ إِنْ حَمَلْتهَا أُجِرْت وَإِنْ ضَيَّعْتهَا عُذِّبْت فَاحْتَمَلَهَا بِمَا فِيهَا فَلَمْ يَلْبَث فِي الْجَنَّة إِلَّا قَدْرَ مَا بَيْن صَلَاة الْأُولَى إِلَى الْعَصْر حَتَّى أَخْرَجَهُ الشَّيْطَان مِنْهَا ) . فَالْأَمَانَة هِيَ الْفَرَائِض الَّتِي اِئْتَمَنَ اللَّه عَلَيْهَا الْعِبَاد.
إذاً الأمانة حملها سيدنا آدم بدون تدليس على التفاسير المختلفة
أوّلاً قال تعالى: وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا
إذاً إبليس وذريته له إرادة ويستطيع أن يسجد أو لا يسجد، أن يؤمن أو لا يؤمن هو وقبيله
قال تعالى: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ - وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ
الجان خُلق قبل الإنسان، الإنسان خُلق من صلصال والجان من نار.
قال تعالى: وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ
الجن إستمع إلى القرآن من سيدنا محمد صلّي الله عليه وسلّم ثم انصرفوا إلى أهلهم منذرين، إذاً من الجن منذرين أيضاً ويصدّق ذلك قوله تعالى
يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ
إذاً:خلق الله تعالى الجان قبل الإنسان، سيدنا آدم حمل الأمانة وهي التكاليف،لم يحمل الأمانة إبليس ولكن قبيله الذي له الحق فى الإختيار يرسل الله له منذرين، من الجن منذرين يأخذون تعاليمهم من الإنسان (وهو فى الآية الكريمة سيدنا محمد صلّي الله عليه وسلّم) ثم ينذروا أهلهم بها.
والله تعالى أعلى وأعلم