صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12
النتائج 16 إلى 27 من 27

الموضوع: الفكر الإسلامي والقضايا السياسية

  1. #16
    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    المشاركات
    1,636
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    قضية تطبيق الحدود

    ترددتُ في موضوع هذه الحلقة: هل أكتب فيه على حدته، أم أكتفي باندراجه في مواضيع الحلقات السابقة، المتعلقة بمفهوم الشريعة وتطبيق الشريعة؟ وسبب التردد هو ما يحاط به الموضوع من تهويل وعويل. فأما التهويل، فيقوم به المضخمون لأمر الحدود، الذين جعلوها رمزا لتطبيق الشريعة أو رمزا لتعطيلها. وهذا يدعوني إلى عدم الكتابة في الموضوع على حدته، والاكتفاء باندراجه في ما سبق من حلقات.
    وأما العويل، فأصحابه يفرحون بأصحاب التهويل ويتخذونهم سببا لعويلهم وحملات تخويفهم من الشريعة ودعاتها. فالشريعة معناها الحدود، والحدود معناها قطع الرؤوس والأيدي...
    رجحتُ في النهاية أن أكتب حلقة خاصة بهذا الموضوع، وذلك لسببين: مهم، وأهم.
    فأما السبب المهم، فهو أننا في مقام الوضوح ومواجهة الإشكالات، وهذا النهج لا يصلح فيه التضمين والتنبيه بالإشارة، بل لا بد فيه من صريح العبارة.
    وأما السبب الأهم، فهو أننا أصبحنا نعيش تحت سطوة إرهاب فكري، لا يسمح بالتفكير الحر في عدد من القضايا، فضلا عن تبنيها والدفاع عنها، ومنها قضية «تطبيق الحدود».
    فمنذ سنوات -على سبيل المثال- كان أحد البرلمانيين الإسلاميين قد أجاب عن سؤال صحفي بكلمة تتضمن موقفا مبدئيا إيجابيا من تطبيق الحدود. ومنذ ذلك الحين -وإلى الآن- تتحرك جوقة التشنيع والتخويف والعويل، ضد تلك الكلمة العابرة، وضد صاحبها وحزبه وفصيلته!
    لقد أصبح القمع والتنكيل والترهيب هو الرد الفوري، ضد كل من تسول له نفسه الدفاع عن تطبيق الشريعة، وتحديدا في نظامها الجنائي. فأنا الآن -إذْ أكتب في هذ الموضوع- فإنما أكتب دفاعا عن حرية التفكير وحرية الاعتقاد والتعبير، فالمسألة تتجاوز حدود «قضية الحدود».
    في عالم اليوم، لا بأس عليك -بل يصفق لك- إذا انتقدت وشتمت العرب والمسلمين، الأولين والآخرين، ولكن انتقاد اليهود ـ مجرد انتقاد فكري أو تاريخي أو سياسي - جريمة لا تغتفر، يعاقَب عليها قانونيا وسياسيا وإعلاميا.
    وأن تنتقد -بالتي هي أحسن- مهرجانات التخدير والتبذير، فأنت كافر بالفن والحياة، مرتد إلى الوراء. فيجب رجمك فورا، تلافيا لانتشار وباء التهجم على «المقدسات الحداثية».
    وأن يكون لك رأي متحفظ -أو معترض- على السياسة السياحية الرديئة، فأنت ضد الانفتاح، وضد التنمية، وخطرٌ على اقتصاد البلاد، يا حسرة على العباد وعلى اقتصاد البلاد!
    باختصار: هناك مقدسات جديدة، وطابوهات جديدة، لا ينبغي أن نساعد على استتبابها والتسليم بها.
    حينما نكون ديموقراطيين قولا وعملا، فيجب أن نفسح لخصوم الديموقراطية ومنتقديها، وأن نستمع إليهم، ونحترم حقهم ووجهة نظرهم.
    وحينما نكون من أنصار حقوق المرأة وتمكينها وترفيع شأنها، فللرأي الآخر مكانه وحقه في التفكير المخالف والتعبير المخالف.
    وإذا وُجد فينا -وأرجو أن يوجد- من يدعو إلى المنع القانوني التام للتدخين، تماما مثل منع المخدرات، فأرجو عدم الإسراع بأخذه إلى مستشفى المجانين، أو طرده من البلاد. وعلى الأقل، نسمح له، ونستمع إليه بجدية وعلمية، كلما أراد أن يشرح ويوضح...
    من أجل هذا السبب، والذي قبله، رجحْتُ أن أكتب في هذه الحلقة عن موضوع الحدود في الشريعة الإسلامية.

    معنى الحدود؟
    مصطلح «الحدود» مأخوذ من التعبير القرآني «حدود الله»، الوارد في عدة آيات.
    وحدود الله في القرآن تعني مجمل الأحكام التي وضعها الله تعالى، لبيان ما يحل وما يحرم، وما يلزم وما لا يلزم. .. فهي الحدود التي حدها الله للسلوك البشري وللحقوق والعلاقات البشرية، ومنها أحكام الأسرة والعلاقات الزوجية. وحتى أحكام العبادات، وصفها القرآن الكريم بأنها حدود الله، كما في قوله عز وجل (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآَنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا) [البقرة/187].
    ولم يرد في القرآن لفظ الحدود، أو حدود الله، بمعنى العقوبات، أو بمعنى العقوبات المقدرة، كما هو اصطلاح الفقهاء. ويبدو أن هذا المعنى الفقهي قد أخذ من بعض الأحاديث النبوية، كقوله صلى الله عليه وسلم، حينما تَشَفعَ عنده بعض الصحابة في المرأة التي سرقت، فقال للشفيع: «أَتَشْفَعُ فِى حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ؟!»، ثم قام عليه السلام، فخطب فقال: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا ضَلَّ مَنْ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ الضَّعِيفُ فِيهِمْ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَأيْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعَ مُحَمَّدٌ يَدَهَا».
    فالحدود، في اصطلاح الفقهاء، هي العقوبات المحددة في الكتاب والسنة، ولا تقبل الإسقاط، وهي على وجه الإجمال:
    حد السرقة، وهو قطع الكف اليمنى. وقد ذُكر في القرآن.
    حد الحرابة، وهي الجريمة المنظمة، «المتعددة الاختصاصات»، أي الجرائم التي تقوم بها عصابات منظمة محترفة. وهي المذكورة في قوله تعالى (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [المائدة/33، 34].
    حد الزاني الأعزب، وهو مائة جلدة. وقد ذُكر في القرآن.
    حد الزاني المتزوج، وهو الرجم، وقد ورد في السنة الصحيحة.
    حد القذف، وهو ثمانون جلدة، وقد ذكر في القرآن الكريم.
    حد الخمر، وهو أربعون جلدة، وردت به السنة الصحيحة.
    وبما أن الحيز المتاح لهذه الحلقات لا يسمح بالتطويل والتفصيل، فإني أَذكر بإيجاز ثلاث مسائل، لا بد من ذكرها في الموضوع.
    المسألة الأولى
    هي أن هذه العقوبات قد أحيطت بشروط مشددة تجعل إثباتها وتطبيقها لا يقعان إلا في أضيق الحدود، بل بعضها لا يمكن أن يطبق إلا نادرا، كحديْ الزنى. ولذلك فإن هذه العقوبات عند وجود أي شبهة في إثباتها، كما هو مُسَلم به عند الفقهاء، بناء على القاعدة الحديثية: «ادرؤوا الحدود بالشبهات». ولذلك قال عمر رضي الله عنه: « لَأَنْ أُعَطل الحدود بالشبهات، أحب إلي من أن أقيمها بالشبهات».
    المسألة الثانية
    هي أن هذه العقوبات الشرعية، المعروفة باسم الحدود، تتسم بعدد من الميزات، منها :
    قلة عددها، فهي معدودة على أصابع اليد الواحدة، ويبقى كل ما سواها من الجنايات متروكا للاجتهاد التشريعي والاجتهاد القضائي. بل حتى هذه الحدود نفسها، إذا أحاطت بثبوتها أي شبهة أو إذا أعقبتها توبة أو إذا تخلف شرط من شروطها، فإنها تتحول إلى عقوبة تعزيرية اجتهادية، تقدر بقدرها.
    فاعليتها وتحقيقها لمقاصد العقوبات. وهذا مقياس أساسي في سَن أي عقوبة، فإن العقوبات التي لا تحقق مقاصدها تتحول إلى عقوبات للمجتمع نفسه.
    كون أثرها يرجع أساسا إلى هيبتها، ثم إلى الحالات القليلة أو النادرة لتنفيذها. فبمجرد اعتمادها والإعلان عن العمل بها، تتوقف نسبة كبيرة من الجرائم. وبتنفيذها مرة واحدة، تتوقف نسبة أخرى كبيرة أو أكبر. سهولة تنفيذها وانعدام كلفتها، بالمقارنة مع عقوبة السجن السائدة اليوم، فهي لا تحتاج إلى «المؤسسات السجنية»، بكل نفقاتها واحتياجاتها المادية والبشرية، ولا تحتم علينا أن نضع ميزانيات ضخمة وجيشا من الموظفين في خدمة المجرمين.
    نصف هذه الحدود، عقوبته هي الجلد. وهذه العقوبة لا تصيب إلا الجاني وحده، وتنفذ عليه في بضع دقائق، بينما العقوبات السجنية كلها، يتضرر منها السجين وأقاربه، وتنجم عنها عقوبات إضافية غير محكوم بها.
    ـ فأقاربه أولاً، يحرمون منه ومن دخله وخدماته.
    ـ ثم ثانيا، يتعين عليهم القيام بزيارته وإمداده بعدد من احتياجاته.
    ـ ثم هو نفسه قد يفقد مهنته، فتمتد العقوبة عليه حتى بعد خروجه من السجن.
    فمن يتحمل مسؤولية هذه العقوبات الإضافية عليه وعلى ذويه؟!
    المسألة الثالثة
    هي الاتهام الموجه إلى هذه العقوبات بكونها شديدة وقاسية، ويصفها بعضهم بالوحشية والهمجية.
    وبكل بساطة وهدوء، أقول: هذه أوصاف نسبية، ومزاجية.
    ـ فأما نسبيتها، فلأنها إن كانت شديدة بمقدار ما، فهي رأفة ورحمة بأضعاف مضاعفة. ثم علينا أن نختار بين إيقاع الشدة على المجرمين المعتدين أو ترك الشدة تجري على المجتمع وقيمه وأبنائه الأبرياء؟ وعلينا أن نحسب أي الشدتين أشد وأقسى وأكبر وأخطر: الشدة على أفراد محدودين معتدين أم الشدة على المجتمع والضحايا المظلومين ؟
    ـ وأما مزاجيتها، فلأنها نظرة قادمة من المزاج الغربي لا أقل ولا أكثر. وليس هناك -جزما وقطعا- أي موجب علمي موضوعي لهذا الحكم ولهذا الوصف. والمزاج الغربي يجعل العقوبة البدنية الفورية، قسوة ووحشية، ولا يرى القسوة والوحشية في السجن مدى الحياة، أو لعدد من السنين، ولا يرى الوحشية في ما يصيب الناس، مجتمعا وأفرادا، وقيما وأخلاقا. ..
    ومن أعجب العجب أن يأتينا رفض «القسوة والوحشية» من الغرب بالذات، الغرب الذي يحتكر -منذ عدة قرون- كل صنوف القسوة والوحشية وأسلحة الدمار الشامل، ثم يأتي هو وأتباعه، ليحدثوا عن القسوة والوحشية في أحكام تصدر بكامل الضمانات والاحتياطات التشريعية والقضائية، وتحقق أقصى درجات الرفق والرحمة والأمن للمجتمع.
    {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ}

    وكيف يعرف فرق ما بين حق الذمام وثواب الكفاية من لا يعرف طبقات الحق في مراتبه، ولا يفصل بين طبقات الباطل في منازله‏. [ الجاحظ ]

  2. #17
    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    المشاركات
    1,636
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي الحلقة 17

    الإسلام بين الوحدة والتعدد

    هل نحن جميعا مسلمون، من داكار إلى جاكرطا؟ أم لكل شعب إسلامه ولكل بلد رؤيته؟
    وهل نحن مسلمون على نمط واحد، منذ القرن السادس الميلادي، إلى القرن الحادي والعشرين، أم لكل عصر إسلامه ولكل زمن تأويله؟
    هل نحن أمة إسلامية؟ أم أمم إسلامية؟ أم أمم وشعوب وكفى؟
    وهل الإسلام شيء واحد محدد وموحد؟ أم هو أشكال وألوان لا يجمعها سوى الاسم؟
    قبل أكثر من عشرين سنة، حضرت -بمدينة القصر الكبير- مجلسا للعلامة الشيخ عبد الله بن الصديق رحمة الله عليه. وكانت الأسئلة المتعطشة تنهال على الشيخ، وكان أكثرها أسئلةً فقهية. وكنت أنا سعيداً بالإجابات المستفيضة لشيخنا الجليل، وخاصة حينما كان يعرج بها نحو ما يسميه المالكية «الخلافَ العالي»، فيقول مثلا: هذه المسألة يجيزها الحنفية بدليل كذا، وهي محرمة عند الظاهرية اعتمادا على كذا، وأما الجمهور، فقد فرقوا بين حالة كذا وكذا. ..
    وبينما كان مجلسنا العلمي يمضي على هذا المنوال، الشيق بالنسبة إلي، إذا بالحاج قاسم السوسي ـ تاجر المواد الغذائية بالجملة ـ ينتفض ويصيح: آسيدي عبد الله، أعطنا ماركة واحدة فقط.
    وها نحن اليوم نتساءل ونناقش ما إن كان الإسلام «ماركة» واحدة أم «ماركات» متعددة؟ وهل نحن نريد جوابا على مذهب العالم المفتي أم على مذهب التاجر المستفتي؟


    لنبدأ القضية من أصلها


    لا خلاف بين العلماء على أن الإسلام الذي أنزله الله تعالى واحد ليس فقط ما أنزله على خاتم الأنبياء سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فحسب، بل كل ما أنزله على سائر أنبيائه فهو دين واحد وإسلام واحد، كما نقرأ في هذه الآيات الكريمات: (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127) رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128) رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (129) وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130) إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (131) وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (132) أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آَبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (133) تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (134)وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (135) قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136))، وكما جاء في الحديث الشريف: (أنا أَوْلى الناس بعيسى ابن مريم فى الدنيا والآخرة، والأنبياء إخوة لِـعَلاتٍ، أمهاتـهم شتى، ودينهم واحد).


    قلعة الوحدة والثبات


    وهذه القلعة عمادها أن الدين واحد: في منبعه ومَصَبه، في عقائده ومقاصده، في أركانه وركائزه، كما قال الله تعالى: (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ) [الشورى/13].
    وفي بيان مضمون هذا الدين الواحد، الذي أمر الله جميع المرسلين بإقامته وعدم التفرق فيه، يقول الإمام القاضي أبو بكر بن العربي (الإشبيلي): «المعنى: ووصيناك يا محمد ونوحا دينا واحدا، يعني في الأصول التي لا تختلف فيها الشرائع، وهي التوحيد، والصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، والتقرب إلى الله تعالى بصالح الأعمال، والتزلفُ بما يَرُد القلب والجارحة إليه، والصدقُ، والوفاء بالعهد، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وتحريم الكفر والقتل والإذايةِ للخلق كيفما تصرفت، والاعتداء على الحيوانات كيفما كان،() واقتحام الدناءات وما يعود بخرم المروءات.. فهذا كله شُرِعَ ديناً واحداً وملة متحدة، لم يختلف على ألْسِنة الأنبياء».
    فبهذا المعنى اعتُبـر أتباع الرسل كلهم أتباعَ دين واحد، واعتُبـروا أمة واحدة، هي المقصودة في قوله تعالى: (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ)-الأنبياء/92، وقوله: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ) [المؤمنون/51، 52].
    وإذا كان هذا هو شأن كافة الرسل وأتباعهم، فهو -لا شك- شأن الرسالة الواحدة وأتباعها. فهم -من باب أولى وأحرى- أصحاب إسلام واحد وأبناء أمة واحدة.
    فها هم المسلمون -هذه الأيام- يصومون صياما واحدا متطابقا، وفي وقت واحد متزامن، حتى لو تفاوت بعضهم بيوم أو يومين.
    وها هم يحجون في زمن واحد ومكان واحد، وبمناسك واحدة، مع بعض الفروق الطفيفة بين هذا وذاك.
    وها هم يَصْطفون ويُصَلون، في أوقات واحدة وبقبلة واحدة، بركوع واحد وسجود واحد، بقرآن واحد وأذكار واحدة...
    وها هم متفقون على كتاب واحد، آية آية، وكلمة كلمة.
    ستة آلاف ونَيف من الآيات القرآنية، ونحو ضِعفها من الأحاديث النبوية المتفق على صحتها، هي المصدر الموحد للمسلمين كافة، في عقائدهم وعباداتهم، وقِـيَمهم وأخلاقهم، وحلالهم وحرامهم. ..
    ومهما تكن الاختلافات والتأويلات والاجتهادات، فإن هناك آلافاً من المعاني والأحكام، ومن المبادئ والقواعد، المتفق عليها بين جميع المسلمين، وفي جميع العصور.


    مساحة التنوع والاختلاف


    وبجانب هذه القلعة الراسخة الموحدة للمسلمين في كل زمان ومكان ومذهب، تبقى هنالك مساحةٌ واسعة للاختلاف والتنوع، واستيعاب كل الفروق والحالات المختلفة، سواء الكائنة أو الممكنة.
    وهكذا فقد اتسع وعاء الإسلام والشريعة الإسلامية لاختلاف الأنصار والمهاجرين، واختلاف الصحابة عموما، واتسع لاختلافات العرب والعجم، واتسع لتنوعات شعوب كاملة ذات لغات وثقافات وحضارات متنوعة، واتسع للتدين الفقهي والتدين الصوفي، واتسع لتوجهات فكرية وفلسفية ذات مشارب شتى، واتسع للمذاهب الكلامية والفقهية المعروفة.
    ورغم إجماع الفقهاء على أنه لا تجوز البيعة لخليفتين اثنين في وقت واحد، بناء على حديث: (إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخِرَ منهما)، فإنهم -مع ذلك- اعترفوا بالأمر الواقع المتعدد، وتعاملوا معه ونظروا إليه... قال النووي: «واتفق العلماء على أنه لا يجوز أن يُعقد لخليفتين في عصر واحد، سواء اتسعت دار الإسلام أم لا، وقال إمام الحرمين في كتابه (الإرشاد): قال أصحابنا: لا يجوز عقدها لشخصين، قال: وعندي أنه لا يجوز عقدها لاثنين في صقع واحد، وهذا مجمع عليه. قال: فإن بَـعُد ما بين الإمامين، وتخللت بينهما شسوع، فللاحتمال فيه مجال».
    ولم تكن هذه الاختلافات -دائما- مفيدة وإيجابية أو مشروعة أو مقبولة، ولكنها على كل حال كانت –دائما- تجد مكانها وتأخذ نصيبها، على مسؤولية أصحابها، وكل ذلك تحت مظلة الإسلام وفي رحابه.
    في زمن مبكر، حاول الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور أن يفرض على الأمة كلها مذهبا واحدا، هو مذهب الإمام مالك وأهل المدينة، وكتابا واحدا، هو موطأ الإمام مالك. فدعا الإمامَ وخاطبه بهذا الأمر، وقال له: «لئن بقيتُ لأكتبن كتابك بماء الذهب، وفي رواية كما تكتب المصاحف، ثم أعلقها في الكعبة وأحمل الناس عليها...
    وقال له: اجعل العلم -يا أبا عبد الله- علماً واحداً...
    فقال الإمام الحكيم، مالك بن أنس: يا أمير المؤمنين لا تفعل ؛ فإن الناس قد سبقت لهم أقاويل، وسمعوا أحاديث وروايات، وأخذ كل قوم بما سبق إليهم، وعملوا به ودالوا له، من اختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيرهم، وإن ردهم عما اعتقدوا شديد، فدع الناس وما هم عليه وما اختار أهل كل بلد لأنفسهم.
    فقال: لو طاوعتني على ذلك لأمرت به...».
    وهذا الموقف الشهم النبيل للإمام مالك رضي الله عنه سبق مثله من الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، حينما قالوا له: «لو جمعت الناس على شىء. فقال: ما يسرنى أنهم لم يختلفوا. ثم كتب إلى الآفاق وإلى الأمصار: ليقض كل قوم بما اجتمع عليه فقهاؤهم».
    وكان يقول: «ما يسرني لو أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يختلفوا، لأنه لو لم يختلفوا لم تكن رخصة».


    الموحدون وتوحيد الخلافات؟


    في القرن السادس الهجري، لما استتب الأمر لدولة الموحدين (ذات التوجه الظاهري في بدايتها)، على أنقاض دولة المرابطين (دولة الفقهاء المالكية)، عَزَم الحكام الجدد على محو المذهب المالكي وخلافاته الفقهية من المغرب، وتوحيدِ الناس -في تقديرهم- على الكتاب والسنة دون سواهما...
    وقد حكى الفقيه المالكي، الحافظ أبو بكر بن الجد طَرَفاً من ذلك، فقال: « لما دخلت على أمير المؤمنين أبي يعقوب، أول دخلة دخلتها عليه، وجدت بين يديه كتاب ابن يونس، فقال لي: يا أبا بكر، أنا أنظر في هذه الآراء المتشعبة التي أُحدثت في دين الله. أرأيت يا أبا بكر المسألة فيها أربعة أقوال، أو خمسة أقوال، أو أكثر من هذا؟ ! فأي هذه الأقوال هو الحق وأيها يجب أن يأخذ به المقلد؟ فافتتحتُ أُبين له ما أشكل عليه من ذلك، فقال لي -وقطع كلامي-: يا أبا بكر ليس إلا هذا، وأشار إلى المصحف، أو هذا، وأشار إلى كتاب سنن أبي داود، وكان عن يمينه، أو السيف».
    ولكن السيف لا يوحد العقول ولا يغير الأفكار، فلقد فشلت هذه المحاولة واستمر الفقه والاختلاف الفقهي، عل الرغم من إحراق الموحدين آلاف الكتب الفقهية في فاس وغيرها.

    يتبع
    {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ}

    وكيف يعرف فرق ما بين حق الذمام وثواب الكفاية من لا يعرف طبقات الحق في مراتبه، ولا يفصل بين طبقات الباطل في منازله‏. [ الجاحظ ]

  3. #18
    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    المشاركات
    1,636
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي الحلقة 18

    المسلمون اليوم وإشكالات الوحدة والتعدد

    كثيرا ما نسمع اليوم الحديث عن إسلام شعبي وإسلام رسمي، وإسلام سياسي وإسلام صوفي، وإسلام سني وإسلام شيعي، وإسلام راديكالي وإسلام إصلاحي...
    وقد يكون التمييز قوميا أو جغرافيا، يفرَّق فيه بين إسلام آسيوي وآخر إفريقي، وإسلام مغربي وآخر مشرقي، وإسلام عربي وآخر عجمي...
    وفي الغرب، يسألون المسلمين، وخاصة منهم المتجنسين: هل أنت مسلم أولاً، أو أمريكي / فرنسي/ بلجيكي، ثانيا؟!
    ومؤخرا، نجد أمريكا تريد إسلاما أمريكيا، وفرنسا تشترط إسلاما فرنسيا...؟!
    ومن القضايا الملتبسة عند كثير من الإسلاميين، وعند خصومهم على حد سواء، علاقة ما هو إسلامي بما هو قومي وبما هو وطني، أو لنقل: علاقة الإسلام بالوطنية والقومية، والعالمية والمحلية.
    لمعالجة هذه الإشكالات والجواب عن هذه التساؤلات، أرسم ثلاث مسائل، هي:

    المرونة العلمية والمرونة العملية في الإسلام

    هناك حقيقة تاريخية اجتماعية لا بد من تسجيلها والاعتراف بها، وهي أن الإسلام المنزل، كما أنزله الله تعالى وأراده، ليس بالضبط هو الإسلام المطبق والمنفذ هنا أو هناك. ولا بد هنا من استثناء خصوصيات التطبيق النبوي، لأنه جزء من الإسلام المنزل، أكثر من كونه جزءا من الإسلام المطبق. وأما سائر التطبيقات، فقصارى ما تطمح إليه هو الحصول على «ميزة: قريب، أو قريب جدا». وهنا يأتي التمييز المعروف بين الدين والتدين، فالدين هو الدين المنزل، والتدين هو الدين المطبق.
    ولما كانت الصور التطبيقية كلها، إما أن تقترب أو تبتعد، قليلا أو كثيرا، فمعناه أنه لا بد من أقدار -تزيد وتنقص- من الاختلاف التطبيقي، من فرد إلى آخر، ومن جماعة إلى أخرى، ومن زمن إلى آخر.
    وإذا كان «الإسلام العلمي» -أي الإسلام كما يؤخذ ويفهم وفق الأدلة العلمية- هو المعيار على كل التطبيقات والأفعال، ما قَرُبَ منها وما بعُد، فإن الفهم العلمي والتحصيل العلمي لنصوص الدين ومعانيه وأحكامه، هو نفسه لا يخلو من أقدار من الاختلاف النظري.
    على أن هناك عنصرا آخر للتنوع والاختلاف -هو أكثر سعة ومشروعية- وهو ما يسميه الأصوليون «ما لا نص فيه» أو «المسكوت عنه»، وهو متروك للاجتهاد، وتحكمه بالدرجة الأولى قاعدة «المصالح المرسلة»، وفق مقاصد الشريعة.
    وهذه العناصر تشكل بمجموعها مساحة واسعة للاختلاف والتنوع، داخل الحرم الشرعي .
    وليس في هذا الكلام أي مدخل ولا مخرج، للتفسخ والتحلل، بدعوى المرونة والتنوع والاختلاف...
    فهناك أولا ما سميته»قلعة الوحدة والثبات»، التي لا يعذر فيها أحد لا بجهل ولا بسوء ظن، ولا بحسن ظن. وهناك ثانيا مرجعية النصوص المحفوظة وحاكميتها، وهناك ما لا يكون بدونه دين ولا تدين، وهو الإخلاص لله والصدق معه.

    الإسلام والانتماء القومي والوطني

    الانتماء القومي والوطني للأفراد والشعوب يستمد مشروعيته وأهميته من كل ما تقدم من عناصر التنوع والتعدد.
    وقبل ذلك، فإن الأنبياء يُبعثون -أول ما يبعثون- على أساس قومي ووطني، وقد تنحصر دعوتهم في هذا الصعيد، وقد تمتد خارجه، ولكن بعده. وهذا واضح صريح في حديث القرآن الكريم عن كافة الأنبياء والمرسلين.
    وخاتم الرسل -عليه الصلاة والسلام- المبعوث رحمة للعالمين إلى يوم القيامة، قد بعث أولا في قومه وعشيرته، كما نبه على ذلك القرآن الكريم في غير ما آية من مثل:
    - قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) [الجمعة/2].
    - وقوله: (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) [الشعراء/214].
    - وقوله: (وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا) [الأنعام/92].
    وللفقيه الشافعي الكبير، المعروف بالقفال الكبير (ت 365هـ)، رأي يقول فيه: « فإذا بُـعث الرسل إلى أمم مختلفي البلاد والألسنة والأخلاق، كان المقصود الأصل هم قوم ذلك الرسول وأهل بلده، فإذا ثبتت الدعوة فيهم صح الأصل، ثم مَن سواهم تَـبَـعٌ وفرع».
    على أن هذه الطبيعة القومية والوظيفة القومية للأنبياء ليست ذات منطق عنصري، وإنما هي ذات منطق فطري. فالفطرة هي التي تقضي بأن يحب المرء قومه وبلده أولاً، والفطرة هي التي تقضي بأن يكون إحسان المحسن إلى قرابته وعشيرته أولاً، والقاعدة في الإسلام: (الأقربون أولى بالمعروف)، فأن يحسن الناس في أوطانهم قبل غيرها ولعشيرتهم قبل غيرها، وأن تتوطد علاقاتهم ومودتهم في بلدانهم وبلدان مستقرهم قبل غيرها وأكثر من غيرها، فهذا كله منطقي وطبيعي وفطري وشرعي، وحتى الزكاة فإنها تُستحق في مكانها قبل غيره.
    ولست أتحدث عن القومية العنصرية ولا عن القومية حين تشحن بمعاداة الدين وتُوَظَّف لمحاربته، وإنما أتحدث عن القومية والوطنية البريئة من هذه الأدران، القومية والوطنية باعتبارها فطرة ومحبة وتكافلا، في نطاق القوم والوطن.
    وليس شيء من هذا القبيل بمتعارض ولا متزاحم مع العالمية الإسلامية ولا الإنسانية، بل هو جزء منها وركن من أركانها، فالنزعة العالمية والوحدة الإسلامية لا يمكن أن تتقدم قيد أُنملة، ما لم تمر عبر القومية والوطنية والمحلية. فالوحدة الإسلامية والأخوة الإسلامية لن تكون سوى خيالات وتمنيات إذا لم تكن هناك وحدة وطنية وأخوة قومية. ومن هنا، ندرك الخلل الفظيع الذي يقع فيه بعض الإسلاميين حين يستخِفُّون بانتماءاتهم الوطنية والقومية، وقد يعادونها ويشمئزون منها. ومازلنا نسمع مِن بعضهم استعمال وصف «وثني» لكل ما هو «وطني»، فيقولون: الجيش الوثني للجيش الوطني، والدرك الوثني للدرك الوطني، والاتحاد الوثني للاتحاد الوطني، والمصلحة الوثنية للمصلحة الوطنية، وهكذا...
    ولعل مما يعمق هذا الخلل ويزينه في النفوس ذلك الشعار الذي أطلقه بعض الدعاة في هذا العصر، وهو: «جنسية المسلم عقيدته»، وهو شعار ملتبس خادع للمثاليين السطحيين. فالجنسية اليوم هي انتماء مدني اجتماعي، له حقوق وعليه واجبات، وليست انتماء مذهبيا عقديا، حتى تقرن بالعقيدة وتقارن بها. إن من يقارن الجنسية المدنية الوطنية بالعقيدة الدينية كمن يقارن كتابا في الرياضيات بكتاب في الفلسفة، ثم يختار أحدهما ويترك الآخر، مع أنهما جنسان مختلفان، ولا تعارض بينهما، ولا غنى عن أي منهما، بغض النظر عن قيمة كل منهما ومرتبته.

    المسلمون في الغرب

    لعل بعض ما تقدم عن القومية والوطنية والجنسية يصلح لحالة المسلمين في الغرب. فعلى المسلم هناك من الواجبات مثل الذي عليه من الحقوق. ولو أدى كل ما يلزمه فهذا هو المطلوب، ولو أدى أكثر مما يلزمه لكان أفضل. ومن أهم ما يلزم المسلمين في الغرب -وهو لازم في الشرق أيضا- صيانةُ أخلاقهم الإسلاميةِ الرفيعة وتـمثُّـلُها والتصرفُ بمقتضاها، ومنها الوفاء والاعتراف لأهل الفضل بفضلهم.
    في سنة 1994، كنت بكندا، وألقيت درسا بأحد مساجد مونتريال، تبعَتْه كالعادة أسئلة الحاضرين. فسألني أحدهم عمن يشتغل بعمل يدر عليه دخلا، لكنه يخفيه ولا يصرح به، ويبقي اسمه في سجل العاطلين، لكي يستفيد من تعويض البطالة الذي تدفعه له الدولة الكندية. فلما قلت له: إن ذلك لا يجوز، غضب وبدأ يرد علي ويحاججني. فقلت له: إن ما تفعله الدولة الكندية في هذه الحالة، لا أعلم له مثيلا إلا في دولة الخلفاء الراشدين، حيث كانت الأُعطيات تمنح للناس بدون عمل قاموا به... فازداد الأخ غضبا لهذا التشبيه، ثم قام وجلس في آخر المسجد، واستمر يرقب ما أقول...
    كثير من المسلمين يظنون أن المظالم التي ارتكبها الغرب ضدنا -وما زال يرتكبها- تبيح لهم في حقه كل شيء، باستثناء ما لم يقدروا عليه. وهذا غلط فاحش، في حق ديننا وأخلاقنا وأمتنا، قبل أن يكون في حق الغرب.
    إن حجم المسلمين ووزنهم في الغرب، وكذلك أثرهم، السلبي أو الإيجابي، قد جعل منهم «أمة» جديرة بالأولوية، وليس فقط بالعناية. وللأسف، فإن كثيرا من المسؤولين في الدول الإسلامية لا ينظرون إلى هذه «الأمة» إلا من خلال الدولار والأورو، مع النظرة الأمنية الاستباقية إلى بعضهم...
    على كل حال، ما يعنيني في هذا السياق هو علاقة المسلمين في الغرب بدينهم وأمتهم الإسلامية، من جهة، وبأطانهم الجديدة ومواطنيهم فيها، من جهة أخرى.
    ما يمكنني إضافته إلى ما سبق هو التنويه بالعمل الريادي الذي يقوم به بعض العلماء وبعض المؤسسات العلمية والثقافية والحقوقية لترشيد أحوال المسلمين في الغرب، وهو ما يأذن بطور جديد من الارتقاء الفكري والسلوكي والسياسي لهم.
    وإذا لم يكن من المستطاع -في هذا الحيز- الاسترسال في التعريف والتقويم، فإني أقتصر على التنويه بالجهود الجليلة التي يضطلع بها عدد من الفقهاء والمفكرين لتقديم فقه إسلامي، تجديدي وأصيل، قادر على استيعاب الحالة الإسلامية في الغرب، حتى لقد ظهر واستقر اليوم ما يسمى بـ»فقه الأقليات»، ولقد رأيت في برنامج إحدى الجامعات مادة دراسية بهذا الأسم.
    ومن فرسان هذا الميدان ورواده شيخنا الجليل العلامة عبد الله بن بية حفظه الله، حتى لقد أصبح ينظر إليه -ما بين مؤيد ومتحفظ- على أنه مؤسس «فقه الأقليات المسلمة في الغرب». ويعد كتابه الأخير (صناعة الفتوى وفقه الأقليات) نموذجا تأصيليا وتطبيقيا لهذا الفقه. وكم كنت أود أن أنقل منه وأستشهد به، ولكن لا حيلة مع هذا العمود المحدود. فليرجع إلى الكتاب من يريد الاستفادة والاستزادة. وقد صدر مؤخرا عن دار المنهاج بلبنان، والله المستعان.

    يتبع
    {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ}

    وكيف يعرف فرق ما بين حق الذمام وثواب الكفاية من لا يعرف طبقات الحق في مراتبه، ولا يفصل بين طبقات الباطل في منازله‏. [ الجاحظ ]

  4. #19
    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    المشاركات
    1,636
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي الحلقة 20

    المرأة والرجل بين المساواة الفطرية والتسوية

    جعل الله تعالى الكائنات الحية كلها زوجين اثنين، ذكرا وأنثى، بل حتى في النباتات وفي غير ها، هناك ذكورة وأنوثة (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [الذاريات/49].
    وجعل سبحانه الزوجية بين الذكر والأنثى سببا للتلاقح والتوالد، ومظهرا للتكامل والتناسق، ومنبعا للمودة والرحمة والسكينة والسعادة. فالرجل يأنس بالمرأة ويسعد بها، باعتبارها امرأة مختلفة عنه. والمرأة تأنس بالرجل وتسعد به، لأنه رجل مختلف عنها، وبقدر ما تكون المرأة شبيهة بالرجل أو متشبهة به بقدرما تفقد جاذبيتها ومكانتها أمامه وامتيازها عنده. وكذلك الرجل بقدر ما يقترب من المرأة ويتأنث ويتخنث بقدر ما يفقد جاذبيته ومكانته وامتيازه عند المرأة. فالمرأة تميل إلى الرجل وتحتاجه وتريده بقدرما هو رجل مختلف عنها ومكمل لها، وكذلك الرجل يميل إلى المرأة ويريدها ويحتاجها بقدر ما هي امرأة تختلف عنه وتكمله.
    وهذا كما ينطبق على الجوانب الحسية والجنسية، فإنه ينطبق على الجوانب العاطفية والنفسية، وعلى الجوانب الوظيفية الاجتماعية.
    هذه هي طبيعة الأشياء وهذه هي الفطرة السوية، وهي ما اتفقت عليه الأمم والشعوب وأجمعت عليه الملل والنحل، في كافة الأزمان والعصور، من غابرها إلى حاضرها، ومن شرقها إلى غربها.
    ولكن القيم الغربية المسماة اليوم بالكونية ـ وهي قيم يتم فرضها وتغليبها وتعظيمها، لأن صناعها وتجارها هم الغالبون ـ هذه القيم تريد اليوم إبطال كل الفوارق وكل التمايزات بين الرجل والمرأة، إنهم يريدون أن يجعلوا «اثنين في واحد» ؛ فكل ما تتصف به المرأة يجب أن يتصف به الرجل، وكل ما عليه الرجل، يجب أن تكون عليه المرأة، وكل ما يفعله الرجل لا بد وأن تفعله المرأة، وكل ما تؤديه المرأة يؤديه الرجل، وكل ما يجوز أو لا يجوز لأحدهما يجوز أو لا يجوز للآخر، حرفا بحرف، وشكلا بشكل. فهذا هو مقتضى المساواة ومنع التمييز.
    هذا من حيث المبدأ العام والشعار المرفوع، ولكن من حيث الواقع الفعلي، فعملية «تذكير» النساء تجري أكثر بكثير من عملية تأنيث الرجال، بمعنى أن المساواة تتم بإلحاق النساء بالرجال دون العكس. ومن هنا وجدنا بعض المستغربين والمستغربات عندنا يطالبون بحذف نون النسوة وجمع المؤنث من اللغة العربية، دون أن يطالبوا بحذف واو الجماعة أو جموع المذكر ! ووجدناهم كذلك يهرولون إلى تسمية النساء بأسماء أزواجهن، دون أن يفعلوا العكس أو يطالبوا به، ولا حتى أن يطالبوا بالمساواة الحقيقية، وهي أن تحتفظ المرأة باسمها، كما يحتفظ الرجل باسمه، لكنها التبعية العمياء.
    إلا أن هذا التشويه وهذا التحريف لطبيعة الأمور وهذا السعي الدؤوب إلى تذكير النساء، وأحيانا قليلة إلى تأنيث الرجال، مازال ـ ولن يزال ـ يصطدم بعمق الفطرة ورسوخها (وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا) [الأحزاب/62]
    فلا زالت المرأة تحيض وتحمل وتنجب، والرجل لا يحيض ولا يحمل ولا يلد، وما زالت المرأة ترضع والرجل لا يرضع. وما زال الرجل يتسم بالخشونة والمرأة تتسم بالليونة، في الوجه والصوت والبشرة والعواطف والتصرفات.
    ولا يقف هذا التمايز العميق المتجذر عند ما هو خِلْقي جسدي فزيولوجي، بل يتعداه إلى السلوك الإرادي والتصرف الكسبي.
    فما زالت الأعمال والوظائف المهنية، بعضها يجتذب الرجال أكثر، وبعضها يجتذب النساء أكثر، وبعضها يقع فيه التساوي أو التقارب، وهذا يقال أيضا في التخصصات الدراسية. لقد كان المفروض ـ وقد تساوت الفرص والشروط ـ أن يكون التساوي والتقارب الشديد في جميع المجالات والتخصصات.
    ولكننا نجد المرأة ـ بعد أن أتيحت لها كل الفرص والإمكانات ـ قد اكتسحت بعض المجالات المهنية، وتفوقت فيها عددا وأداء، بينما لم تلجْ مجالات أخرى إلا بنسب قليلة وأحيانا ضئيلة أو شبه منعدمة. وعلى العموم نجد المرأة راغبة ومرغوبة وناجحة، في المجالات التي تتسم بالرقة والليونة والروتينية، وتعتمد على حسن الخلق ولطف المعاملة... وتجدها بنسبة قليلة ـ تزيد وتنقص ـ في المجالات التي تسودها الغلظة والشدة والخشونة والصراع والظروف المخوفة.
    نجد اليوم جهودا مكثفة وملحاحة من أجل تحقيق المساواة بين الرجال والنساء، في العمل السياسي والمناصب السياسية، ولكننا لا نجد شيئا من ذلك من أجل المساواة في المناصب العسكرية والأمنية ! هذا مع أن استعدادات النساء وعطاءهن حتى في السياسة والزعامة السياسية تظل أقل بكثير مما عليه الرجال؟!
    وها نحن نرى الولايات المتحدة ـ على سبيل المثال ـ قد قامت منذ أول يوم على الديمقراطية والحرية والمساواة القانونية، ولم تصل فيها المرأة لا إلى منصب الرئيس، ولا إلى منصب نائب الرئيس، ولا إلى مجرد مرشحة لأي من المنصبين. وحتى لو وصلت في هذه المرة، أو ذات مرة، فسيكون ذلك حدثا استثنائيا وحالة استثنائية، لا تتجاوز نسبة واحد في المائة في التاريخ الأمريكي، أو لا تصل إليها. وقل مثل هذا عن مارغرت تاتشر، وأنديرا غاندي حديثا، وعن زنوبيا وبلقيس قديما. وهكذا في سائر دول العالم، بما فيها المتقدمة والمتقدمة جدا.
    وإذا نزلنا إلى المناصب الوزارية سنجد نسبة أكبر، ثم تزيد النسبة ـ اليوم ـ في المناصب البرلمانية، وقد ترتفع هذه النسبة إن وجدت عوامل ضاغطة غير طبيعية، مثل العمل بمبدأ المحاصصة أو المناصفة الإجبارية. ولكن هذا كله لا يخفي الحقيقة، وهي أن هذا المجال يصلح له ويقبل عليه الرجال أكثر من النساء. والمسألة تبقى نسبية وأغلبية، وليست مطلقة أو عامة، كما لا يخفى.
    ومن المجالات التي يتجلى فيها التمايز الطبيعي بين النساء والرجال : المجال الرياضي. وهو مجال غير متهم لا بالتزمت ولا بالتطرف ولا بالأصولية ولا بالإخوانية. في هذا المجال، نجد رياضات تكاد تكون حكرا على الرجال، أو على تفوق الرجال. ونجد رياضات أخرى ـ هينة لينة أو استعراضية ـ تكثر فيها النساء. ولعل المجال الرياضي هو المجال الوحيد الذي يظل إلى الآن مستعصيا على الاختلاط. أعني ليست فيه فِرَق رياضية مختلطة، وليست فيه سباقات ومنافسات مختلطة. ومع ذلك لا أحد يستنكر، ولا أحد يتهم، ولا أحد يطالب، لا التقدميون والحداثيون، ولا النسوانيات والنسوانيون، ولا منظمات حقوق الإنسان، ولا دعاة التربية على التفتح والمساواة...!
    من هذا القبيل أيضا ألفت النظر ـ وباختصار ـ إلى عدد آخر من مظاهر التمايز التي ترجع إلى فوارق فطرية بين الرجل والمرأة.
    لماذا الحروب والعنف والجريمة المعتمدة على العنف، بما في ذلك جريمة الاغتصاب، كلها تعتبر تخصصات رجالية، ولا نجد فيها النساء إلا في أدوار ثانوية، أو بنسبة ضئيلة؟
    لماذا عالم الأزياء والزينة والموضة هو عالم نسائي بدرجة كاسحة؟ ليس فيه مساواة ولا ما يشبه المساواة؟!
    لماذا تنتشر في العالم كله ـ إلا من رحم ربك ـ مسابقات «ملكة الجمال» ولا نجد بلدا واحدا ينظم مسابقة «ملك الجمال» ؟!

    المساواة بين الأصل والاستثناء

    الإنصاف لأي واحد من الناس يكون بإعطائه كل ما يستحقه، مع الاحترام والتكريم الذي منحه الله لبني آدم جميعا (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا) [الإسراء/70].
    ومن العدل والإنصاف التسوية في ما تساوت أسبابه ومقدماته وشروطه. وكذلك من الإنصاف عدم التسوية وعدم المطابقة بين الأشياء المختلفة، وذلك على قدر اختلافها وتمايزها.
    فإذا ثبت أن المرأة والرجل متطابقان في خلقتهما وخصائصهما ومؤهلاتهما، بالتمام والكمال، فيلزم حينئذ التسوية بينهما بالتمام والكمال. وإذا ثبت أنهما متطابقان بدرجة كبيرة جدا، ولكنهما يختلفان بنسبة محدودة جدا، فمن العدل ومن الإنصاف ومن الصلاح والإصلاح أن يسوى بينهما بنفس الدرجة وبنفس النسبة، بلا زيادة ولا نقصان. والذي لا شك فيه أن التطابق والتماثل بين الرجل والمرأة كبير جدا، وهو الأصل فيهما وفي أحكامهما. فهم جميعا جنس واحد وأصل واحد «كلكم لآدم وآدم من تراب»، وهم جميعا (ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ) [آل عمران/34].
    يقول العلامة محمد الطاهر بن عاشور: «الإسلام دين الفطرة؛ فكل ما شهدت الفطرة بالتساوي فيه بين المسلمين، فالتشريع يفرض فيه التساوي بينهم، وكل ما شهدت الفطرة بتفاوت البشرية فيه، فالتشريع بمعزل عن فرض أحكام متساوية فيه»، ثم يقول: «فالمساواة في التشريع أصل لا يتخلف إلا عند وجود مانع. فلا يحتاج إثبات التساوي في التشريع بين الأفراد أو الأصناف إلى البحث عن موجب المساواة، بل يُكتفى بعدم وجود مانع من اعتبار التساوي».
    وإذا كان المسلمون ـ وغير المسلمين ـ قد بالغوا ـ عبر العصور ـ في توسيع دائرة التفريق والتمييز وعدم التسوية بين الرجل والمرأة، على غير أساس من الدين أو الفطرة، فليس من الإنصاف ولا من الإصلاح الذهاب إلى الطرف المضاد، وفرض التسوية الحرفية والمطابقة المطلقة، ضدا على الفطرة البشرية، وضدا على مصلحة الحياة البشرية، بل ضدا على مصلحة المرأة ذاتها، وضدا على كرامتها وسعادتها.
    أنا لا أقبل إقصاء المرأة من أي مجال، لا سياسي، ولا اقتصادي، ولا اجتماعي، ولا دراسي... بل أقف مع كامل التشجيع والتيسير للمرأة، في كل مجال تُقبل عليه وتنجح فيه. وهذا الرأي أقوله وأمارسه وأدافع عنه، ولكنني ضد الإكراه والضغط والمساواة المفتعلة.
    فأنا مع المساواة الطبيعية الفطرية الواسعة، لكنني ضد التطرف والتعسف في هذه المساواة، التي تتحول إلى تسوية قسرية.
    {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ}

    وكيف يعرف فرق ما بين حق الذمام وثواب الكفاية من لا يعرف طبقات الحق في مراتبه، ولا يفصل بين طبقات الباطل في منازله‏. [ الجاحظ ]

  5. افتراضي شعبه

    نريد في هذا المنتدى شعبه خاصه تعالج المنافقين من هذه الامه
    وخاصه الذين يفسرون القران بما تشتهي انفسهم ولي اهدافهم السياسيه واغراض دعائيه \\ الرياء\\
    قال الله
    {هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ }آل عمران7

  6. #21
    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    المشاركات
    1,636
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة طلعت خيري مشاهدة المشاركة
    نريد في هذا المنتدى شعبه خاصه تعالج المنافقين من هذه الامه
    وخاصه الذين يفسرون القران بما تشتهي انفسهم ولي اهدافهم السياسيه واغراض دعائيه \\ الرياء\\
    قال الله
    {هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ }آل عمران7
    صراحة لا أعرف تيارات إسلامية سياسية تتلاعب بالدين وتفسر القرآن بما تشتهي أنفسهم ،، إلا إذا كنت تعرف واحدة ... أما إذا كان قصدك تيارات علمانية من منكري السنة وغيرهم فهذا تجده في قسم السنة...

    هناك مقال حديث للفقيه الريسوني عنوانه : "شيخ الأزهر حين يتلاعب بالدين" لو أرادت الإدارة أن أضعه فسأفعل إن شاء الله.
    {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ}

    وكيف يعرف فرق ما بين حق الذمام وثواب الكفاية من لا يعرف طبقات الحق في مراتبه، ولا يفصل بين طبقات الباطل في منازله‏. [ الجاحظ ]

  7. #22
    تاريخ التسجيل
    Feb 2005
    المشاركات
    481
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    كل يؤخذ من قوله ويرد عدا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورد الشيخ الريسوني على شيخ الأزهر رد فقهي ونصح وموعظة حسنة، ويكتفى بوضع رابطه، ولكن مناقشة الخلافات الفقهية وأسبابها قد تخرج في كثير من الأحيان عن اختصاص المنتدى لا سيما النقاشات الجدلية منها، وهناك ما هو أولى ، وما طلبه الأخ طلعت يجده هنا :
    http://eltwhed.com/vb/forumdisplay.php?f=39

  8. #23

    افتراضي

    الاخ فخر الدين
    هذا الرابط سوف يكون مخصصا للحلقات سوف توضع تباعا ، على أن يُفتح رابط مستقل لمن يريد أن يدلي بدلوه في الموضوع...
    بحثت عن روابط اخرى تابعة للموضوع فلم اجدها لذلك اسمح لى بان اضع مداخلتى هنا الا اذا كان هناك مكان اخر مخصص للمداخلات فى الموضوع فى هذه الحالة ارجو منكم ان تفيدونى به

    و سؤالى الاول بخصوص قضية نظام الحكم فى الاسلام
    قال الله تعالى عن صفات جماعة المسلمين وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ  [الشورى/38]. فمقتضى قوله وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ
    فكيف يتفق ذلك مع نظام الحكم الملكى الذى يورث فيه الحكم من الاب الى الابن الى الحفيد؟

    السؤال الثانى بخصوص النظام الديموقراطي فى الاسلام
    قبل عشر سنوات سألني أحد السياسيين : هل أنتم تقبلون بالديموقراطية ؟ فقلت له : السؤال الآن ياسيدي هو: هل الديموقراطية تقبل بنا ؟ وهل تتسع ديموقراطيتكم لنا؟
    هل الدين الاسلامى يعترف فعلا بالديمقراطيه و بحق الاخرين فى الوجود او دعنى اطرح السؤال بطريقة اخرى
    فلنفترض باننا اقمنا الدولة الدينية و كانت تلك الدولة قوية بما فيه الكفاية كيف ستكون سياستها الخارجيه مع الدول الاخرى الغير مسلمة ؟ هل ستقبل بوجودها ام ستكون سياستها كعهد الفتوحات فى الدولة الاسلامية قديما ؟ اى الدعوة الى الاسلام فان لم يستجيبو فدفع الجزية او الحرب ؟؟

    السؤال الثالث و هو حرية التعبير و تقبل الغير مسلم
    المعمول به اليوم من قبل المسلمين هو طبعا عدم تقبل غير المسلم كانسان اى لا حقوق له و لا حياة له عند المسلمين و لكن ان نظرنا الى الامر بشكله الصحيح و المفترض فى الدولة الاسلاميه فهل تعترف بذلك الاخر ( الكافر) كانسان له حقوقه و عليه واجباته بدون ان يكون مرغما على الاسلام؟

    و شكرا لك

  9. #24
    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    المشاركات
    1,636
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    QUOTE]بحثت عن روابط اخرى تابعة للموضوع فلم اجدها لذلك اسمح لى بان اضع مداخلتى هنا الا اذا كان هناك مكان اخر مخصص للمداخلات فى الموضوع فى هذه الحالة ارجو منكم ان تفيدونى به[/QUOTE]

    لو نظرت هداك الله إلى أسفل الصفحة لرأيت المواضيع المتشابهة ،، ولظهر لك ان موضوع التعليق موجود في الرتبة الأولى من التصنيف ...
    http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=10547

    سؤالى الاول بخصوص قضية نظام الحكم فى الاسلام
    قال الله تعالى عن صفات جماعة المسلمين وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ  [الشورى/38]. فمقتضى قوله وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ
    فكيف يتفق ذلك مع نظام الحكم الملكى الذى يورث فيه الحكم من الاب الى الابن الى الحفيد؟
    المَلَكية التي تورث أبا عن جد ليست من نظام الإسلام ،، أو بصفة أدق ليس هو نظام الحكم الذي يرتضيه الإسلام للمسلمين ،، فلا ينبغي من وجهة النظر الإسلامية توريث الحكم ،، لأن الخليفة يجب أن تتوفر فيه شروط معينة تؤهله ليكون على رأس دولة الإسلام ،، ولا يُشترط ان تكون الخلافة في نسب معين ...
    كما أن المسلمون هم من يجب عليهم اختيار حاكمهم وليس فرض حاكم قصرا على دولة معينة عبر عرف مجتمعي...

    هل الدين الاسلامى يعترف فعلا بالديمقراطيه و بحق الاخرين فى الوجود او دعنى اطرح السؤال بطريقة اخرى
    فلنفترض باننا اقمنا الدولة الدينية و كانت تلك الدولة قوية بما فيه الكفاية كيف ستكون سياستها الخارجيه مع الدول الاخرى الغير مسلمة ؟ هل ستقبل بوجودها ام ستكون سياستها كعهد الفتوحات فى الدولة الاسلامية قديما ؟ اى الدعوة الى الاسلام فان لم يستجيبو فدفع الجزية او الحرب ؟؟
    أنت الآن تطرح مواضيع قُتلت بحثا في منتدانا هذا، فالحري بك أن تبحث في خاصية البحث أعلاه أو ان تراجع فهرس المواضيع فلن يتطلب منك هذا سوى بعض الدقائق ،، ثم اختر الرابط الذي تريده وناقشه وحينها سوف نرد عليك ... أما إعادة ما سئمنا من تكراره فهذا في حد ذاته مضيعة للوقت..

    بالنسبة للفتوحات فكنت قد قرأت كتابا جميلا للأستاذ أبوبكر على شبكة بن مريم ولكن للأسف لم اعثر عليه ،، ففيه من التفصيل والإجادة ما يغنينا عن التطرق لمثل هذه المواضيع ...

    عموما تفضل كتابا جميلا كتبه أحد غير المسلمين اقرأه على مهل :

    http://www.ebnmaryam.com/web/modules...cat=4&book=182

    أما السياسية الخارجية للدولة الإسلامية فتقدر بقدرها وبحسب المصلحة ، فالإسلام يرتضي في مجال الاجتهاد والسياسة الشرعية كل ما يتوصَّل إليه التفكير والتجربة من إجراءات محكمة مخلصة ناجعة، لضمان حقوق الإنسان ومنع المساس بها والاعتداء عليها. وفي حدود ما ورد من نصوص القرآن والسنة وما وقع في تاريخ الإسلام، ، فإذا كانت هناك دولة محاربة للدولة الإسلامية فالمنطق يقتضي بأن نزيل هذا الخطر القادم ونطيح بهذه الدولة ... أما إذا كانت دولة معاهدة بيننا وبينها عهد فطبعا سوف تكون العلاقات طيبة بينهما طالما العهد لم يُخرق... والإسلام لا يشرع الجهاد على دولة ما إلا في شروط ، إذا خرقتها دولة معنية فقد باءت بجيوش المسلمين في أراضيها :
    1- فالإسلام يشرع الجهاد لحماية حقوق الإنسان، ومنع استضعافه، والبغي على ذاته وحقوقه: {وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا} [النساء:75]... فإن كانت هناك دولة ظالمة باغية تضطهد رعاياها ، فوجب نصرة هؤلاء المظلومين.

    2- ويشرعه في حالة الدفاع عن العقيدة وحرية الدين : { وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ ٱلدِّينُ للَّهِ فَإِنِ ٱنْتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى ٱلظَّالِمِينَ } ، فإن كانت دولة ما تحول بين مواطنيها وبين الإسلام وتضطهد الدعاة ، ولا تعطي المسلمين الحرية في ممارسة دينهم فوجب إسقاط هذه الدولة ..

    3- ويشرعه في حالة الدفاع عن النفس ، { وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُعْتَدِينَ } ،، أي رد العدوان .

    وهذا باختصار فليس المقام مقام تفصيل.... أما الجزية فانظر هنا :

    http://www.eltwhed.com/vb/showthread...E1%CC%D2%ED%C9

    السؤال الثالث و هو حرية التعبير و تقبل الغير مسلم
    المعمول به اليوم من قبل المسلمين هو طبعا عدم تقبل غير المسلم كانسان اى لا حقوق له و لا حياة له عند المسلمين و لكن ان نظرنا الى الامر بشكله الصحيح و المفترض فى الدولة الاسلاميه فهل تعترف بذلك الاخر ( الكافر) كانسان له حقوقه و عليه واجباته بدون ان يكون مرغما على الاسلام؟
    طبعا يا زميل فالآخر الكافر له حقوق وعليه واجبات ،، انظر هنا:

    http://www.eltwhed.com/vb/showthread...E1%CC%D2%ED%C9

    http://www.eltwhed.com/vb/showthread...highlight=%C7%
    E1%CC%D2%ED%C9
    {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ}

    وكيف يعرف فرق ما بين حق الذمام وثواب الكفاية من لا يعرف طبقات الحق في مراتبه، ولا يفصل بين طبقات الباطل في منازله‏. [ الجاحظ ]

  10. #25

    افتراضي

    الاخ فخر الدين
    شكرا على ردك
    الاسباب التى اوردتها للقتال هى
    1- فالإسلام يشرع الجهاد لحماية حقوق الإنسان،
    2- ويشرعه في حالة الدفاع عن العقيدة وحرية الدين
    3- ويشرعه في حالة الدفاع عن النفس
    و هذا ما ذكرته باختصار
    و لكن القران يشرع سببا اخر للقتال مع الدول الاخرى الغير مسلمة لم تذكره انت

    { قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ 29 } ( سورة التوبة: 29 )

    فالله يامرنا هنا امر واضح بان نقاتل كل الدول غير المسلمة حتى لو لم تكن لديها نوايا سيئة باتجاه الدولة الدينية المسلمة او محاربة لها حتى يدفعوا لنا الاموال لقاء حمايتنا و سكوتنا عنهم !!!
    اما دفع الجزية لحمايتنا لهم من ماذا او من من !!!! الله اعلم
    ثم اذكر لك بعض ما ورد عن الجزية
    وإذا كانت الجزية لا تفرض إلا على من قاتل المسلمين، اندفع ما يورده بعض القوميين، والمتعصبون على الإسلام، من أن تنفيذ نظام الإسلام في السلم والحرب يحتم أن تؤخذ الجزية اليوم من غير المسلمين في الوطن العربي أو الإسلامي، وهذا مما لا يتفق مع مفهوم الدولة في العصر الحديث ولا تقبله فئات من المواطنين ترتبط برابطة الولاء للدولة مع مخالفتها لجمهور الشعب في عقيدته، إن ذلك مندفع بما قررناه من أن الجزية لا تفرض إلا على من أعلن عداءه للدولة وهو من غير أبنائها، ومن أن مبدأ الجزية ليس نظاماً أساسياً من أنظمة الدولة في الإسلام بل يتطور بتطور العلاقات والظروف التي تجعل الدولة في حل من إسقاطها حين تكون مصلحة الدولة في ذلك
    و لكن الا ترى بان هذا الكلام يتعارض مع نص الايه الصريحة و التى تامرنا بقتال كل من لا يطبق شريعة الاسلام او ارغامه على الجزية ؟؟
    و السبب الكافى الذى يجعلنا نقاتلها هى كونها غير مؤمنة بالله و لا تطبق شريعة الاسلام بين مواطنيها
    اذن فكيف يتفق حسن الجوار مع دولة لا تطبق الشريعة الاسلامية مع نص هذه الاية
    و شكرا لك
    التعديل الأخير تم 10-27-2007 الساعة 04:10 AM

  11. #26
    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    المشاركات
    1,636
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    لكن القران يشرع سببا اخر للقتال مع الدول الاخرى الغير مسلمة لم تذكره انت

    { قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ 29 } ( سورة التوبة: 29 )

    فالله يامرنا هنا امر واضح بان نقاتل كل الدول غير المسلمة حتى لو لم تكن لديها نوايا سيئة باتجاه الدولة الدينية المسلمة او محاربة لها حتى يدفعوا لنا الاموال لقاء حمايتنا و سكوتنا عنهم !!!
    اما دفع الجزية لحمايتنا لهم من ماذا او من من !!!! الله اعلم
    مما زادني ثقة أنك لم تقرأ الروابط التي أتيتك بها مداخلتك هذه ،، فلو قرأت الرابط حول الجزية لرأيتَ الكاتب قد تطرق للآية المذكورة ،، كما انك لا يجب ان تتغاضى عن أسباب نزول الآية والحكمة من تشريع القتال هنا،، فالآية استيناف ابتدائي لا تتفرّع على التي قبلها، فالكلام انتقال من غرض نبْذِ العهد مع المشركين وأحوال المعاملة بينهم وبين المسلمين إلى غرض المعاملة بين المسلمين وأهل الكتاب من اليهود والنصارى، إذ كان الفريقان مسالمين المسلمين في أول بدء الإسلام، وكانوا يحسبون أنّ في مدافعة المشركين للمسلمين ما يكفيهم أمر التصدّي للطعن في الإسلام وتلاشي أمره فلمّا أخذ الإسلام ينتشر في بلاد العرب يوماً فيوماً، واستقلّ أمره بالمدينة، ابتدأ بعض اليهود يظهر إحَنَه نحو المسلمين، فنشأ النفاق بالمدينة وظاهرت قُريظة والنضير أهل الأحزاب لما غزوا المدينة فأذهبهم الله عنها.
    ثم لمّا اكتمل نصر الإسلام بفتح مكّة والطائف وعمومه بلاد العرب بمجيء وفودهم مسلمين، وامتد إلى تخوم البلاد الشامية، أوجست نصارى العرب خيفة من تطرّقه إليهم، ولم تغمض عين دولة الروم حامية نصارى العرب عن تداني بلاد الإسلام من بلادهم، فأخذوا يستعدّون لحرب المسلمين بواسطة ملوك غسّان سادة بلاد الشام في ملك الروم. ففي «صحيح البخاري» عن عمر بن الخطاب أنّه قال: «كان لي صاحب من الأنصار إذا غبتُ أتاني بالخبر وإذا غاب كنت أنا آتيه بالخبر ونحن نتخوّف مَلِكاً من ملوك غسّان ذُكر لنا أنّه يريد أن يسير إلينا وأنّهم يُنْعِلون الخيلَ لغزونا فإذا صاحبي الأنصاري يدُقّ الباب فقال: افتح افتح. فقلت: أجَاء الغسّاني. قال: بل أشَدُّ من ذلك اعتزل رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه إلى آخر الحديث.
    فلا جرم لمّا أمِن المسلمون بأس المشركين وأصبحوا في مأمن منهم، أن يأخذوا الأهبة ليأمنوا بأس أهل الكتاب من اليهود والنصارى، فابتدأ ذلك بغزو خيبر وقريظة والنضير وقد هُزموا وكفَى الله المسلمين بأسَهم وأورثَهم أرضهم فلم يقع قتال معهم بعد ثم ثنّى بغزوة تبوك التي هي من مشارف الشام.

    إذن فنحن بصدد التحدث عن معتدين ناقضين للعهود التي بينهم وبين المسلمين ،، ولو قرأت الرابط الذي أمددتك به حول الجزية لما احتجت إلى كتابة مداخلتك ،، جاء في الرابط :

    والأصل في تشريع أخذ الجزية من أهل الذمة هو قوله تعالى:
    { قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ 29 } ( سورة التوبة: 29 )
    من دلالات الآية الكريمة
    1- هذه الآية واردة في حق أهل الكتاب المعتدين الذين يعملون على الفت في عضد الدولة الإسلامية بدليل قوله { قاتلوا } ومثل هذا التعبير يفهم منه أن القتال هو واقع من طرفين وليس طرفا واحدا فهو لم يقل { اقتلوا } التي تشعر بالأحادية في إيقاع الفعل وذلك أن صيغة فاعَل تدل على المشاركة أن معناها يقع عادة من طرفين على الأقل ومن الأمثلة على ذلك ( قاتل ، شارك ، ضارب ، جادل ) فكل ذلك يقع من طرفين في حالة أخذ ورد منهما جميعا وليس من أحدهما دون الآخر
    وإذا أردت تكملة حول الجزية فتفضل واقرأ الرابط :
    http://www.eltwhed.com/vb/showthread...E1%CC%D2%ED%C9

    وبهذا نكون قد انتهينا من مداخلتك.
    التعديل الأخير تم 10-28-2007 الساعة 08:59 PM
    {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ}

    وكيف يعرف فرق ما بين حق الذمام وثواب الكفاية من لا يعرف طبقات الحق في مراتبه، ولا يفصل بين طبقات الباطل في منازله‏. [ الجاحظ ]

  12. #27
    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    المشاركات
    1,636
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    فهرست السلسلة


    - الإسلام والفكر الإسلامي ....... المشاركة رقم 1.

    - أحكام الدين وأحكام الدنيا في الفكر الإسلامي ... المشاركة رقم 2 .

    - قضية نظام الحكم في الإسلام ............. المشاركة رقم 3 .

    - الدين والسياسة .......................... المشاركة رقم 4.

    - الدين والسياسة..تخوفات وتحفظات ...... المشاركة رقم 5.

    - العمل السياسي الإسلامي ........ المشاركة رقم 6.

    - العلماء والسياسة ............ المشاركة رقم 7.

    - حرية التعبير في الاسلام ... المشاركة رقم 8.

    - حرية الاعتقاد وقضية الردة في الإسلام ... المشاركة رقم 9.

    - الإسلاميون والديموقراطية ... المشاركة رقم 10 .

    - العمل بالأغلبية ..... المشاركة رقم 11.

    - مفهوم الشريعة قبل تطبيق الشريعة .. المشاركة رقم 12.

    - شريعة بلا حدود .... المشاركة رقم 13.

    - تطبيق الشريعة بين الدولة والمجتمع .. المشاركة رقم 14.

    - البرنامج السياسي لأبي الحسن الماوردي... المشاركة رقم 15.

    - قضية تطبيق الحدود ... المشاركة رقم 16.

    - الإسلام بين الوحدة والتعدد .. المشاركة رقم 17.

    - المسلمون اليوم وإشكالات الوحدة والتعدد... المشاركة رقم 18.

    - المرأة والرجل بين المساواة الفطرية والتسوية... المشاركة رقم 19.
    {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ}

    وكيف يعرف فرق ما بين حق الذمام وثواب الكفاية من لا يعرف طبقات الحق في مراتبه، ولا يفصل بين طبقات الباطل في منازله‏. [ الجاحظ ]

صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. قراءة في كتاب: تجديد الفكر الإسلامي
    بواسطة horisonsen في المنتدى قسم الحوار العام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-05-2012, 08:51 PM
  2. قائمة قراءة في الفكر والممارسة السياسية-أبو فهر السلفى
    بواسطة احمد الدهشورى في المنتدى قسم الحوار العام
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 03-20-2011, 04:59 PM
  3. التعليق على حلقات الفكر الإسلامي والقضايا السياسية
    بواسطة فخر الدين المناظر في المنتدى قسم الحوار عن الإسلام
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 11-02-2007, 01:56 PM
  4. التجديد في الفكر الإسلامي
    بواسطة الجندى في المنتدى المكتبة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 01-19-2007, 05:49 PM
  5. الرجل والمرأة في الفكر الديني الإسلامي
    بواسطة سبع البوادي في المنتدى قسم المرأة المسلمة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 01-10-2006, 01:32 AM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء