الأنبا غريغريوس المترنح (2)
بقلم / محمود القاعود
يقول الأنبا :
(( لماذا يكون معنى البنوة لله أن تكون له صاحبة كما تكون للرجل صاحبة ومنها يلد الولد ؟
لماذا يقتصر معنى الولادة عندك على المفهوم المادى الحسى والجنسى ؟
حاشا لله أن يلد كما يلد الإنسان والحيوان
ولماذا لا يتسع مفهوم الولادة فيصير ماديا ومعنويا ؟
اذا كان المسيح عيسى أو يسوع قد وصف بأنه ( كلمة الله وروح منه ) – وما دام الله هو العقل الأعظم ، فلماذا لا تكون بنوته للآب السماوى كبنوة الكلمة للعقل . والعقل كما تعلم فضيلتكم قوة غير منظورة أو محسوسة ، ولكنه يظهر فى الكلمة . فالكلمة تجسيد للعقل . والكلمة تتولد من العقل من دون أن يكون هناك الذكر والأنثى ، أو الرجل وصاحبته ، لماذا تحصرون مفهوم البنوة فى هذا المفهوم الحسى الضيق ، ومن هنا تتهمون المسيحيين بأنهم ( أغبياء ) ينسبون إلى الله التزاوج ، من حيث أن البنوة عندكم لها مفهوم واحد ضيق ، هى بنوة الإنسان للإنسان وبنوة الحيوان للحيوان ؟!
يا فضيلة الشيخ الشعراوى !
ألا يتولد الماء عن المنبع ؟
ألا يتولد النور عن الشمس ؟
ألا تتولد الحرارة من النور ومن النار ؟
إذا قال المسيحيون إن المسيح ابن الله ، فالبنوة هنا بنوة حقيقية لا نسبية لكنها ليست جسدية أو مادية .
إنها على مظهر ولادة الماء من النبع ، وولادة النور من الشمس ، وولادة الحرارة من النور ومن النار .
إنها نوع من الانبعاث أو الصدور التلقائى من غير زمان ... فنحن لا نستطيع أن نتصور فارقاً زمنياً بين الشمس والنور المتولد منها لأنه منذ أن كانت الشمس شمساً فمنها يصدر النور ، وإلا فكيف تكون شمساً ولا يصدر منها نور ؟
كما أننا لا نستطيع أن نتصور لحظة من الزمن كان النبع ولم يكن ينبع منه الماء ، فالماء ينبع من النبع منذ أن كان النبع نبعاً .
هذا هو مفهومنا المسيحى بالنسبة للمسيح ، ابن الله ، فإنه لم تمر لحظة واحدة من الزمان كان فيها الله ولم يكن الابن قائما معه وفيه ومنه وإلا كان الله الآب كائناً من غير أن يكون عاقلاً ، علماً بأن الله هو العقل الأعظم . ))
ونقول : من كل هذا اللغط واللف والدوران لم نخرج بأى شئ !
ما دخلنا ودخل الماء والنار والنور والنبع والشمس والحرارة والعقل والكلمة ؟؟
يقول الحق سبحانه وتعالى : " و سخر لكم ما فى السماوات ومافى الأرض جميعاً منه " ( الجاثية : 13 ) .
فهل ما فى السماوات وما فى الأرض أبناء الله ؟!
أما موضوع بنوة الكلمة للعقل : العقل غير منظور أو محسوس وأن الكلمة تجسيداً له ، فما يصدر عن العقل هو حادث فمثلما تصدر الكلمة عن العقل ، تصدر ممارسة الجنس عن العقل ، يصدر الأكل والشرب عن العقل يصدر النوم عن العقل يصدر الفكر عن العقل تصدر الكتابة عن العقل و .... كلها أفعال تصدر عن العقل بدون ذكر أو أنثى ولا يمكن أن نصف تلك الأشياء بأنها تجسيد للعقل أو أنها العقل ذاته .
كذلك الماء ليس هو النبع وإنما حادث طرأ على النبع .
أيضاً الحرارة والنور ليسا هما الشمس بل من توابع الشمس الحادثة عليها .
أما ادعاء الأنبا بأن البنوة حقيقة فى حين أنها ليست مادية ، فهذا سخف غير مبرر .
وحتى نُثبت أن الأنبا يُردد دون وعى مثل عموم النصارى نقول :
ما معنى الابن قائما فيه ومنه ومعه ؟!
هل هذا الابن الذى فيه ومنه ومعه لا يعرف موعد الساعة ؟!:
" وأما ذلك اليوم وتلك الساعة، فلا يعلم بهما أحد، ولا الملائكة الذين في السماء، ولا الابن، إلا الآب " (مرقس32:13).
وهل هذا الآب الذى هو فى الابن ومنه ومعه يتركه على الصليب ويفر بينما يُقاسى الابن ويلات الصلب ؟!
" إلهي إلهي لماذا تركتني" (متّى46:27).
إذاً هناك خلافاً جوهرياً بين الآب والابن ، والبنوة التى يدعيها الأنبا غير حقيقة على الإطلاق ، فعلى كلامه أن الابن مثله مثل الله أزلى الوجود ، إذاً هذا تعدد وليست وحدانية ، وإن قال الابن مخلوق فهل هناك إله يُخلق ؟!
لم يبق أمام الأنبا إلا الاعتراف بالميلاد الجنسى الحسى وهو أكذب من أن يُرد عليه .
وصدق رب العالمين :
(( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْرًا لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَـهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً لِّلّهِ وَلاَ الْمَلآئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَن يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيهِ جَمِيعًا )) ( النساء : 171- 172 )
يقول الحق سبحانه وتعالى : (( لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )) ( المائدة : 17 )
(( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ )) ( المائدة : 72 )
(( لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )) ( المائدة : 73 ) .
وعن بشرية المسيح عليه السلام يقول سبحانه وتعالى :
(( مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ )) ( المائدة : 75 ) .
ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين .
Moudk2005@yahoo.com
تابع تتمة الرد
Bookmarks