بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
(غباء العلماني)
كتبه الأخ:عبدالله بن خدعان العبدلي
في عهد السادات وفي السجن كان هناك التيار المتحرر أو العلماني بكثرة في سجونه , ثم زج السادات بالإسلاميين أيضاً , وحصلت حادثة تبين لنا أنَّ غباء (...) العلماني , فقد كان وقت الصلاة , وكانت الحمامات { أجلكم الله مزدحمة } وكان المغاسل شبه خاوية , فكان الرجل من الإسلاميين يخرج من دورة المياه ويذهب للوضوء في المغاسل , وكانوا طوابير على أبواب دورات المياه .
ولكن المُعجز في ذلك والصعب الذي لا نجد لهُ حلاً ولا فكاً لرموزه هو تفكير أحد العلمانيين في تلك اللحظة , وهو القائل { أمَّا دول عالم مجانين بصحيح , سايبين المغاسل فاضية ورايحين للحمام , طب ما يروحوا للمغاسل يتوضوا ولما يرجعوا يروحوا للحمام } .
رضي الله عن علي بن أبي طالب الذي قال { لو كان الدين بالرأي لكان مسح بطن الجورب أولى من ظهره } .
لو كان الدين بالرأي لقلنا { لماذا نصلي خمسة فروض , لِمَ لا تكون سبعة أو ثمانية أو أقل , لماذا لا نحج في رمضان ونصوم في ذي الحجة , لماذا نزكي بعد مرور الحول وبلوغ النصاب , لماذا لاتكون الزكاة بعد مرور حولين مثلاً , لماذا ولماذا ولماذا واشرد بذهنك مع عقلك الناقص } !!!
فإن سلَّم الكل بهذا القرآن الذي قال عنه الكافرون { وقال الذين كفروا لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذي بين يديه } , فلو سلَّمنا بالقرآن وبإنَّه كلام الله لكان لزاماً علينا اتباعهِ بلا جدال وصدود .
لو قلنا هذا القرآن قام بتأليفهِ محمد صلى الله عليه وسلم , فأقول كيف يقول شخصٍ عن نفسه { عبس وتولىَّ أن جاءه الأعمى } وكيف يقول عن نفسه { وتخفي في نفسك ما الله مُبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه } , وكيف يقول { ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئاً قليلاً , إذاً لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا } .
ثم عندما تأتي ملل أخرى ويقرون بقصص موجودة مدونة في القرآن وبمجمل عجيب غير مخل { إنَّ هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون } .
فنحن وللأمانة العلمية إلى الآن لم نصل لمرحلة الكمال , بل ولم يشهد أحدٌ من بني جلدتنا أحد , وها هو العالم الكبير نيوتن يتكلم عن نفسه وليس تواضعاً بل على وجه الحقيقة : { لا أدري كيف ينظر إلي العالم، ولكني أتراءى لنفسي كما لو كنت غلاماً يلهو على شاطئ البحر، وأسلي نفسي بين الحين والحين بالعثور على حصاة أكثر ملاسة، أو صدفة أكثر جمالاً، بينما محيط الحقيقة العظيم يمتد أمامي، دون أن أعرف عنه شيئاً } , والأصدق من ذلك { وحملها الإنسان إنَّه كان ظلوماً جهولاً } .
أليس الملك الذي أنشأ من عدم قادر على إعادتهِ إلى الوجود مرة أخرى ! , أليست هذه حقيقة بأنَّ الإنسان عجز عن إحياء نفس وعجز عن خلق الشيء من العدم !
{ ضُرب مثل فاستمعوا له , إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذباباً ولو اجتمعوا له , وإن يسلبهم الذباب شيئاً لا يستنقذوه منه , ضعف الطالب والمطلوب } ضرب الله مثلاً بهذا المخلوق الضعيف الصغير , فهل يستطيع أي بشر أن يوجد ذبابة من عدم !
أنت يا أيها العاقل المتعقل اللبيب أخرج لنا ذبابة فقط من عدم وأوجدها !
ولأن هذا العقل قاصر لن يستطيع أن يُدرك ذلك ولا أن يصل لحقيقة الروح التي بين جنبيه , ولن يملك من أمره شيء , فعقله يذبل مع عمره , ويذهب مع جنونه , ويغفل مع نومه ونسيانه , فكان حري بنا أن نضع منهاجاً نتبعه يكن كاملاً لا جدال ولا مراء فيه .
فنكون كمن يقول وكما قال عنهم ربنا { سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير } وإن فقدنا الحكمة ولم نجدها بعقولنا , فالله وضع الضابط فقال { فيه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات } فقال بعدها { والراسخون في العلم يقولون آمنا بهِ كل من عند ربنا } .
فوصف من سلَّم لأحكام الله وشريعتهِ الغرَّاء بالراسخون ومدحهم , فكل العقل وكل الذكاء بأن يوقر الإنسان ربَّه ويقف عند حد علمه .
وكما يقول قائلهم { كفى بالمرئ فخراً أن يقف عند حدِّ علمه } , فالله يقدرته أوجدك من عدم وأنتَ قاصر , أفتجداله !
وانظر معي إلى صورة لذاك الإنسان الذي يُجادل ربه { أولم يرَ الإنسان أنَّا خلقناه فإذا هو خصيم مبين , وضرب لنا مثلاً ونسيَ خلقه , قال من يحي العظامَ وهي رميم , قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم , الذي جعل لكم من الشجر الأخضر ناراً فإذا أنتم منه توقدون , أوليس الذي خلق السموات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم , بلى وهو الخلاق العليم , إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول كن فيكون , فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه تُرجعون } .
كما رأيتم , أيها العاقل , هل من الذكاء أن تعصي الملك ! أريد إجابة , هل من الدهاء أن تعصي المتفضل عليك !
إنَّ الغريب في الأمر أنَّ السماء بغير عمد , فسؤالي من رفعها ! أليس الله ! فلماذا لا نعجب من ذلك ونعجب من غيره ونجادل !
أليس الذي رفع السماء بغير عمدٍ قال { لا يُسأل عمَّا يفعل وهم يُسألون } فلماذا الاعتراض على أحكامه ومجادلته بغير علم ولا هدى ولا كتابٍ منير ! .
أكرر سؤالي , هل العقل وصل لمرحلمة الكمال كي يجادل من أوجده من عدم ؟
وهل من الذكاء عصيان الموجد الذي أوجد من عدم وهو الذي أمر بطاعته واتباع أمره وإن خفيت الحكمة ؟
أخوكم / عبدالله العبدلي
مراقب 2
Bookmarks