قيل : قال علي بن أبي طالب إن أكذب الناس على رسول الله لأبو هريرة ، كما قالت فيه عائشة بنت أبي بكر نفس الكلام .
وقال : فما قال علي هذا ، ولا قالت عائشة ، ولذا لم يذكر القائل مصدر فريته هذه .
نقول : وأما تكذيب علي بن أبي طالب (ع) لأبي هريرة فقد نقل ابن أبي الحديد كلام شيخه أبو جعفر الإسكافي : " قال أبو جعفر : وأبو هريرة مدخول من شيوخنا غير مرض الرواية ضربه عمر بالدرة وقال : قد أكثرت من الرواية وأحر بك أن تكون كاذبا على رسول الله

… وقد روى عن علي (ع) أنه قال : ألا إن أكذب الناس أو قال أكذب الأحياء على رسول الله

أبو هريرة الدوسي .
... قلت قد ذكر ابن قتيبة هذا كله في كتاب ( المعارف ) في ترجمة أبي هريرة ، وقوله فيه حجة لأنه غير متهم عليه " (1) .
وأما ما قاله ابن قتيبة في ذلك فتجده في كتابه ( تأويل مختلف الحديث ) ردا على النظّام : " وأما طعنه على أبي هريرة بتكذيب عمر وعثمان وعائشة له ، فإن أبا هريرة صحب رسول الله

نحوا من ثلاث سنين وأكثر الرواية عنه ، وعمّر بعده نحوا من 50 سنة ، وكانت وفاته سنة 59 هـ وفيها توفيت أم سلمة زوج النبي

وتوفيت عائشة قبلهما بسنة ، فلما أتى بالرواية عنه ما لم يأت بمثله من صحبه من
(1) شرح نهج البلاغة ج4 ص 67 - 69 .
- ج 2 ص 434 -
أجلة أصحابه السابقين الأولين إليه اتهموه وأنكروا عليه ، وقالوا : كيف سمعت هذا وحدك ومن سمعه معك وكانت عائشة (رض) أشدهم إنكارا عليه وتطاول الأيام به وبها " .
نعم لم ينف ابن قتيبة تكذيب الصحابة لأبي هريرة ، ولكن حاول تبرير ذلك بأنه أمر تراجع عنه الصحابة فقال : " فلما أخبرهم بأنه كان ألزمهم لرسول الله

لخدمته وشبع بطنه وكان فقيرا معدما وأنه لم يكن ليشغله عن رسول الله

غرس الودي ... فعرف ما لم يعرفوا وحفظ ما لم يحفظوا أمسكوا عنه " .
وأما عن تكذيب علي (ع) له فقد قال ابن قتيبة : " فلما سمع علي أبا هريرة يقول : قال خليلي وسمعت خليلي ، وكان سيء الرأي فيه ، قال : متى كان خليلك " (1) .
Bookmarks