الاستنساخ .. أكذوبة .. أم فتنة ؟!
بقلم : جمال سعد حاتم .
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و آله و صحبه و من والاه ،و بعدُ :
فإن استخدام العقل البشري فيما لا يفيد ليس هو العمل الأول الذي يدخل فيه العلم " دائرة الغرور و الإفساد " بالرغم من الحقيقة التي لا تقبل الشك و هي تشجيع الإسلام لاستخدام العقل في العلم النافع بل الحث عليه ، و إن التجارب العلمية لم توجد للعبث بحياة البشرية و إهدار كرامتها و لكن العلم يجب أن يسخر لخدمة الإنسان .
تعريف الاستنساخ :
أولًا : لغةً :
نسخ الشيء ينسخه نسخًا و انتسخه و استنسخه : اكتتبه عن معارضة .
التهذيب : النسخ اكتتابك كتابًا عن كتاب حرفًا بحرف ،و الأصل نسخة و المكتوب عنه نسخة لأنه قام مقامه ،و الكاتب ناسخ و منتسخ .
و الاستنساخ : كتب كتاب من كتاب ، و في التنزيل ( إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) [الجاثية : 29] أي نستنسخ ما تكتب الحفظة فيثبت عند الله .
و في التهذيب : أي نأمر بنسخه و إثباته . ( اللسان " نسخ " 14 / 121 )
ثانيا : عند علماء الطب يكون كالآتي :
إن الثابت علميا أن أية خلية بشرية تتكون من نواة يحيط بها سائل يطلق عليه السيتوبلازم و داخل نواة كل خلية بشرية يوجد 46 كروموسوم و هو عدد ثابت عند جميع البشر ، و الخلية الوحيدة التي تحوي نصف هذا العدد فقط هي خلايا الإخصاب ، و هي الحيوانات المنوية عند الذكر و البويضة عند الأنثى ، و تلك حكمة إلهية عظيمة حتى يحدث الإنجاب بالطريق الطبيعي عند التقاء الحيوان المنوي بالبويضة فيصبح عدد الكروموسومات (46) و تنتج الخلية الأولى التي تصبح جنينًا بعد ذلك .
و أولى خطوات الاستنساخ هي أخذ خلية بشرية من أي عضو من أعضاء الشخص المطلوب استنساخه بطريقة معملية بسيطة جدًّا ، و الخطوة الثانية في التجربة هي تفريغ خلية بويضة أنثوية من نواتها ، فلا يبقى إلا جدار الخلية و السائل الداخلي الذي نسميه " السيتوبلازم " حيث يتم زرع الخلية البشرية داخل هذه البويضة .
و بعد تعريض الخلية البشرية و خلية البويضة لشرارة كهربية عالية الجهد تلتصق الخلية بجدار البويضة ، و تبدأ عملية الانقسام بشكل طبيعي ، فيتم زرع البويضة المنقسمة في جدار الرحم لتبدأ مرحلة حمل طبيعي ثم ولادة طفل عبارة عن صورة طبق الأصل من الخلية الأولى التي أخذت من الشخص المراد استنساخه .
و لا توجد أية بيئة صالحة لعملية النمو إلا الرحم حيث لم يتوصل العلم حتى الآن لإنتاج ما يشبه الرحم ، و كل ما فعلوه هو إعداد مكان يتوفر فيه جو الرحم للجنين و لكن لمدة أربعة أو خمسة أيام فقط .
و على هذا يمكن أن تتم هذه العملية بين امرأة و امرأة أخرى دون الحاجة إلى زواج أو زوج !! بل تتم هذه العملية بين امرأة و نفسها !! و بينها و بين رجل أجنبي !! بل و أعظم و أدهى من ذلك أن تتم بين حيوان و أنثى الإنسان !!
و الاستنساخ بهذه الصورة يجرد الإنسان من خاصيته الإنسانية التي تتمثل في العواطف الطيبة و الدوافع النبيلة لتحمل مسئولياته في الحياة ، و ينتكس به إلى الحيوانية بل و أدنى من ذلك .
قال تعالى (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ) [الإسراء : 70]
الاستنساخ و انعكاساته القبيحة !!
إن طريقة إنتاج نسخة بشرية بالاستنساخ لها انعكاسات سيئة نفسية و اجتماعية و صحية ، فهذا المنتج مقطوع الجذر عن مجتمعه ، فهو غريب فيه ، و ليس له نسب ، مما يصيبه نفسيًّا بالاغتراب عن كل ما حوله ، و لا يجدي معه علاج لإزالة هذه الانعكاسات و ما يترتب عليها من تصرفات شاذة و ضارة !!
إن الادعاء باستنساخ عباقرة :
أمر مردود عليه بأن النسخ عملية تخص الشكل و الملامح و الصفات المادية و العبقرية شيء آخر لا علاقة له بالشكل و الملامح الجسدية ، إذ العبقرية من أسرار النفوس و كرامتها ، و هي أسرار غير قابلة للنسخ و لا وجود لها في الجينات ، و الإنسان ليس نتاج تركيبة واحدة ، و إنما هو نتاج التفاعل بين الموروثات " الجينات " مع البيئة و المؤثرات المحيطة به ، فحجة استنساخ العباقرة فيها خلط و مغالطة كما جاء في بيان مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف .
الشطحات العلمية :
إن التساؤلات حول حدود البحث العلمي بدأت من الولايات المتحدة نفسها التي تخلو من أية تشريعات تحظر القيام بأبحاث تهدف إلى إنتاج أجنة باستخدام تقنيات علمية مختلفة ، بعد أن نجحت إحدى الشركات الأمريكية في نوفمبر سنة 1998 م في إنتاج جنين باستخدام خلية بشرية و بويضة بقرة تم تفريغ نواتها إلا أن هذه التجربة لم يكتب لها استمرار النجاح ، و لم تنته التجارب حتى الآن رغم كافة الانتقادات الموجهة لهذه النوعية من الأبحاث ليس لأسباب دينية و أخلاقية فحسب ، و إنما لأسباب علمية ، فالمعروف أن تجارب الاستنساخ في مجال الحيوانات حققت نسبة نجاح منخفضة للغاية ، فالنعجة دوللي مثلًا ظهر عليها أعراض شيخوخة مبكرة و هو أمر للإنذار بالخطر .
صور الاستنساخ المرفوض و المقبول :
هناك أكثر من حالة للاستنساخ البشري يجب التمييز بين كل منها و ألا تأخذ جميعها نفس الحكم الشرعي ، فهناك ست صور للاستنساخ البشري ، يمكن الفتوى في أربع منها بالتحريم القاطع في حين أن حالتين منها ينبغي التوقف بشأنها ، و عدم الفتوى بالتحريم أو الإباحة لحين معرفة النتائج التي سيتحدد بها القول بالإباحة أو التحريم .
و للاستنساخ صور منها :
- الصورة الأولى : هي أن يكون الاستنساخ بأخذ نواة خلية من أنثى لتوضع في بويضة أنثى أخرى بعد نزع نواتها ثم الزرع النهائي في الرحم .
و هذه الحالة من الاستنساخ البشري محرمة تمامًا وفقًا لعدة قواعد أصولية و فقهية ، أولها : قاعدة القياس على حرمة
الاستمتاع الجنسي بين أفراد النوع الواحد – السحاق بين الإناث و اللواط بين الذكور – فإذا كان الاستمتاع الجنسي بين أفراد النوع الواحد حرامًا فالإنجاب أولى بالحرمة ، و كذلك سدًّا للذرائع لأنها لو شاعت بين النساء لأدت إلى انتشار الرذيلة ، و كذلك منعًا للضرر النفسي و الاجتماعي الذي سيقع على المولود .
- الصورة الثانية : هي أخذ نواة من خلية امرأة لتوضع في بويضة نفس المرأة و هي حرام كالحالة السابقة و أدلة التحريم هي نفس الأدلة .
- الصورة الثالثة : هي أن تكون النواة من خلية ذكر حيواني في بويضة امرأة و الحكم فيها هو التحريم القاطع ، لأنه عبث و تشويه لخلق الله ، إذ سينتج ذلك مخلوقًا جديدًا بالمرة .
- الصورة الرابعة : هي أن تكون النواة من خلية ذكر إنسان و لكن ليس زوجًا للمرأة صاحبة البويضة ، و الحكم فيها التحريم أيضًا لأنه في معنى الزنا ، و إن كان ليس زنا حيًّا لعدم توافر أركانه و لكنه يؤدي إلى ما يؤدي إليه الزنا من اختلاط الأنساب و من ثم ينطبق عليه نفس الحكم .
أما الصور الأربع السابقة فقد ذهب الدكتور رأفت عثمان عضو مجمع البحوث الإسلامية إلى تحريمها تحريمًا قطعيًّا متفقًا مع إجماع العلماء في تحريم الاستنساخ البشري ، لكن هناك صورتان يرى التوقف فيهما و لايذهب إلى ما ذهب إليه جمهور العلماء بالتحريم :
الصورة الأولى : تكون فيها النواة التي تحمل المادة الوراثية من خلية ذكر إنسان " زوج " توضع في بويضة امرأة " زوجته " بشرط أن يكون مازال حيًّا ( الإنجاب اللاجنسي بين الزوجين ) .
فهو يفتي بالقول بالتوقف في هذه الحالة دون القول بالتحريم أو بالإباحة انتظارًا لنتائج الأبحاث و التجارب في مجال الاستنساخ ، فإذا كان الناتج طفلًا مشوهًا غير سوي في أي من جوانب التكوين الجسمي و النفسي و الاجتماعي فيكون الحكم هو التحريم القاطع ، أما إذا كان الطفل المولود بهذه الطريقة طبيعيًّا لا تشوبه شائبة فيصبح الحكم في هذه الحالة محل مناقشة العلماء من كل النواحي العلمية و الإنسانية و الفقهية ، حيث يبدو ساعتها أن الزوج الذي لا يستطيع الإنجاب بالطريق الطبيعي " الجنسي " صاحب حق في اللجوء إلى الاستنساخ البشري وفق هذه الطريقة .
أما الصورة الثانية : فهي المعروفة بالتوأم المتطابق و هي صورة للاستنساخ البشري لا يُستغني فيها عن الحيوان المنوي كما في الحالات السابقة ، و إنما هي محاولات لولادة أكثر من مولود يشتركون في نفس الصفات الوراثية كالتوائم ، و تتم عن طريق تخصيب البويضة بالحيوان المنوي في طبق خارج الرحم و تقسيم الخلية الناتجة عن هذا التلقيح لأكثر من خلية تتطابق جميعها و تحمل نفس الصفات الوراثية ، و هو يتوقف في الفتوى فيها دون القول بالتحريم أو بالإباحة انتظارًا لنتائج تجارب الاستنساخ و ما ستسفر عنه .
ليست دعوة للاستنساخ
و ليست هذه دعوة أو فتوى للاستنساخ البشري و إنما هو اتباع لمنهج علماء السلف في الفقه الإسلامي في توقع الحوادث و افتراض قضايا لم تحدث ثم الاجتهاد في بيان أحكامها " أو ما يعرف بالفقه الفرضي " ، فهو على قناعة بأنه بالرغم من تشديد القوانين و التشريعات الدولية على تجريم و تحريم الاستنساخ البشري فإن ذلك لن يمنع حدوث استنساخ بشري بسبب سهولة هذا النوع من العمليات التي يستطيع أي مركز أطفال أنابيب إجراءها بعيدًا عن الرقابة ، فهي ليست أصعب جهدًا أو أكثر تكلفة من القنبلة الذرية التي لا يتوقف تصنيعها بالرغم من الحظر و ارتفاع التكلفة خاصة في ظل تراجع الوازع الأخلاقي و الديني و انتشار العبث مع ضعف الرقابة .
إطلاق العنان للعلم :
و من ثم يؤكد الدكتور رأفت عثمان أن فتواه مرتبطة بوقوع المحظور و حدوث استنساخ .
فإطلاق العنان للعلم فيما يختص بالتجريب على الإنسان أمر غير مقبول خلقيًّا أو علميًّا ، و قضية الاستنساخ تعد من نوازل العصر و تلبيس الحق بالباطل ، و تشكيك الناس في دينهم الذي أمرهم أن يعبدوا ربا خالقًا رازقًا ، مدبرًا للكون لا يشركون به شيئًا .
المحافظة على النسل !!
إن الاستنساخ في مجال البشر غير جائز كما ورد في فتوى مجمع البحوث الإسلامية ، و محاولة استنساخ بشر من آخر على طريقة النعجة دوللي بحيث يمكننا أن نستنسخ من الشخص الواحد عشرات أو مئات مثله بدون حاجة إلى أبوين و لا زواج و لا أسرة ، بل يكفينا أحد الجنسين من الذكور أو الإناث و نستغني عن الجنس الآخر ، و بهذا تستطيع البشرية أن تستنسخ من الأشخاص الأذكياء عقلًا و الأقوياء جسمًا و الأصحاء نفسًا بوهم المحافظة على النسل .
و المحافظة على النسل تقوم على إيجاد النسل بتحقيق المصالح و دفع المفاسد ، فشرع الله سبحانه الزواج حفاظًا على النسل البشري ، فهو سنة الله في خلقه ، قال تعالى " وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا " [الروم : 21] ، فخلق الله الزوجين و ركب فيهما آلات التناسل ، و غرس الشهوة و الميل إلى الآخر ، كما يميل بفطرته إلى الطعام و الشراب .
و العبد و هو يقضي شهوته يتقرب إلى الله بأربع :
1- محبة الله بالسعي في تحصيل الولد و إبقاء الجنس البشري .
2- محبة النبي صلى الله عليه و سلم في تكثير من يباهي بهم ، قال صلى الله عليه و سلم " إني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة " .
3- الانتفاع بدعاء الولد الصالح .
4- الشفاعة بموت الصغير إذا مات قبل أبويه .
و في كل هذه القربات تجد المنافع الكثيرة التي تتبع ذلك من التحصن بدفع الشهوة و غض البصر و ترويح النفس : ( ...... لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً " [الروم : 21].
و على كل حال فإنه ثبت عقلًا و شرعًا أن الزواج هو الطريق الوحيد لبقاء النسل و المحافظة عليه و لا سبيل لتكوين أسرة قوية إلا بالزواج الصحيح و ليس بالاستنساخ !!
حفظ النسل بدفع المفاسد !!
و حفظ النسل يكون بدفع المفاسد ، فقد سد الإسلام كل الطرق المؤدية إلى فساد النسل ، قال تعالى (وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً ) [الإسراء : 32] ، فبلاغة اللفظ عظيمة تبين عظم جريمة الزنا للبعد عن إفساد النسل ، و كذلك قال عمر رضي الله عنه كما في الصحيحين ( لقد خشيت أن يطول بالناس زمان حتى يقول قائل : لا نجد الرجم في كتاب الله ، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله ، ألا و إن الرجم حق على من زنى و قد أحصن إذا قامت البينة أو كان الحمل أو الاعتراف ، ألا و قد رجم رسول الله صلى الله عليه و سلم و رجمنا بعده ) " خ 6829 "
هل الاستنساخ خلق من دون الله ؟!
إن الاستنساخ ليس خلقًا ، إنما هو استعمال سيء لخلق الله كما أراد الشيطان (وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيّاً مِّن دُونِ اللّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُّبِيناً ) [النساء : 119].
قال تعالى (أَمْ جَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ) [الرعد : 16]
و قال (أَفَرَأَيْتُم مَّا تُمْنُونَ ، أَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ ) و قال (أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ )
فالله خلق آدم من تراب ، و خلق منه حواء ، و خلق عيسى من أنثى بلا ذكر (وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) [الذاريات : 49] ، فالله تعالى له الخلق المطلق و القدرة التامة (أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّاء مَّهِينٍ ، فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ ، إِلَى قَدَرٍ مَّعْلُومٍ ، فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ ) [المرسلات : 20 – 23 ]
و هذه النطفة المخلقة لو لم يشأ الله لم تخلق ، فكل شيء بمشيئته ، كما في حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال : حدثنا رسول الله صلى الله عليه و سلم و هو الصادق المصدوق " إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يومًا نطفة ، ثم يكون علقة مثل ذلك ، ثم يكون مضغة مثل ذلك ، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح " .
و مما تقدم نستطيع القول : إن كل مولود له بأبيه صلة و هو الحيوان المنوي تكوينًا و وراثة ، و له بأمه صلتان : البويضة و الحمل و الولادة و الرضاعة ، فإذا اختلفت هذه الصلات كان الإنجاب محرمًا ، فالنطفة المحترمة هي التي جاءت من نتاج الزوجين ، و لهذا قال الله سبحانه و تعالى (فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً ..... ) [الأعراف : 189] ، و قال (مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً ) [مريم : 28] و قال تعالى (إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ ) [المجادلة : 2] ، فهذا المولود هو الذي يكتسب الأبوة و الأمومة الشرعية و يترتب عليه أحكام المولود .
و الإنسان إذا لم يضبط نفسه بميزان الشرع ضل و أهلكه الله ، قال تعالى (وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ ) [المائدة : 49]
اللهم فقهنا في ديننا و أحسن أعمالنا و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
( مجلة التوحيد ، السنة 31 العدد 12 ، كلمة التحرير )
Bookmarks