صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 15 من 20

الموضوع: الإسلام البراجماتى .. وأخطاء فى التسويق !

  1. افتراضي الإسلام البراجماتى .. وأخطاء فى التسويق !


    حين نتحدث عن "الإسلام" كـ "دين" يسعى فى كل جوانبه لتهيئة المجتمع نحو قبول ملزم لأحكامه ، فإننا نفترض فى المتلقى مطلباً عقدياً يؤمن بحتمية تفعيل مثل هذه الأحكام وضرورة تصدرها كمنهج شامل لحياته وصلاح مجتمعه ، حتى وإن تعارضت بعض تلك الأحكام مع حجم المعلومات المتاحة لتفسيرها ، أو لخفاء الحكمة الظاهرة لتشريعها ، فإننا مطالبون بتحويلها لمنهج شامل للحياة ، لأن المحور الأساسى للديانة هو تحقيق العبودية التامة للشارع الحكيم والإنقياد الخالص لأحكام الدين ، دون مصادرة لحتمية التجديد والمواكبة لمستجدات الأمور من منظور واقعى ، لكننا مكلفون فى النهاية بتحقيق الهدف من تطبيق أحكام الإسلام الدينية فى كافة المناحى ، على أساس الإرتباط الوثيق بين العمل الدنيوى والجزاء الآخروى ، والإسلام بهذا المفهوم قد يتوافق مع بعض القوانين الإنسانية للحكم فى مفهوم "الإلزام" و "تحقيق المصلحة" ، لكنه بكل تأكيد لا يتقاطع مع تلك المناهج الوضعية الحاكمة فى جزئية هامة ، وهى قابلية التمحيص العقلى أو النقد الفكرى ، ولا يمكننا أن نمرر عليه مقصلة العقل البشرى لتقييم كلياته وأصوله ، كما لا يمكننا كذلك أن نخضعه لمبدأ : القبول السلمى للأحكام التى يجيزها العقل والرفض العملى لما خرج عن حيز الإستيعاب !

    الإشكالية تبدو واضحة حين تتحول مبادئ الحكم فى الإسلام إلى منهج براجماتى نفعى قائم على مفهوم شاذ على تعاليمه وهو مفهوم : تحقيق المصلحة بمفهومها الشامل دون تقييد ، وذلك حين أفرط الكثيرون فى مفهوم "المصلحة" فقيدوا بها أحكام الدين ، وحولوا تلك المصلحة إلى أصل من أصول التشريع يدور مع تفاصيل أحكامه حيثما دارت ، تابعاً لها لا متبوعاً ، حتى روج البعض لمقولة مغلوطة تقول : أنه حيثما وُجدت المصلحة فثم حكم الله ! والحقيقة أن المصلحة تكمن فى تطبيق الحكم حتى وإن بدا ذلك معارضاً لمصلحة الناس وأهوائهم وما تهواه أنفسهم ، وكم من أحكام التشريع تدخل تحت طائلة القاعدة العامة : وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم !

    والمتدبر لهذا المفهوم الغريب يجد أنه سياق جديد مستحدث ، أراد القائلون به أن يقدموا المصلحة كشرط على وجود الأحكام وحكمة تشريعها ، والتأكيد على تبعيتها المطلقة لشرط حصول المنفعة المحسوسة ، وربما بالغوا فى التقييد فجعلوا التعلق بالمنفعة العاجلة تحديداً وغض الطرف عن الآجل منها واعتباره خارج الحسابات ، والأخطر من ذلك فى حملة التصعيد المنهجى التى ارتقت منابر الوعظ وتصدرت عناوين الإعلام الإسلامى هو تبديل الأحكام فى مجموعها لتصبح -اصطلاحياً- مجرد سلة من المصالح ، وتحويل العلاقة بين الشارع الخالق والعبد المخلوق إلى علاقة نفعية بحتة ، قائمة على مصلحة العبد الدنيوية وما تتطلبه من معايير متغيرة ترتبط بحاجة العبد وأحواله ، فلا يمكن تطبيقها ابتداءً إلا من بعد أن تحدد فيها عين المصلحة وحجمها ، فإن تبدلت المنافع وتغيرت المصالح فإن من توابع ذلك -من خلال المفهوم البراجماتى- أن يتبدل التشريع ويتغير ، أو يصل فى أحسن حالاته إلى تأويل باهت لا يبقى على أصل التشريع ولا يجعل له أثراً فى المجتمع.

    ولذلك نرى ونسمع عن مناهج جديدة للدعاة والمتصدرين لواجهة العمل الإسلامى يقررونها فى رؤوس الناس بكثرة التكرار ، ويتنطعون فى تلقينها لعامة المسلمين باختراع جملة من المنافع والمصالح التى ستترتب على إلتزام العبد بها ، فيرتبط الذهن بالنفع والمصلحة وينفصل عن حقيقة أن محض تحقيق الحكم هو عين الهدف المراد ! وكثيراً ما نرى أن "الإختراع" بات وسيلة مناسبة لتسويق بعض التعاليم والأحكام الشرعية ، إذ تُخترع للأحكام بعض المنافع ، وكأن كل فصل من فصول التشريع صار معطلاً إلا إن صاحَبه تأويل براجماتى يعود بالنفع الدنيوى قبل الآخروى على العبد.

    ولأن المنهج البراجماتى يقوم على صنعة التسويق ، فقد وقع الكثيرون من الدعاة والمتصدرون لدعوة الإسلام فى هذه الفخاخ المنهجية ، وبات كل منهم يسوق للحكم الإسلامى من خلال هذا السياق النفعى ولكن من منطلقات متعددة ، فمنهم الغافل الذى قد يخفى عليه مثل هذا الخلل الأصولى ، إما بسذاجة مفرطة أو بسبب الحرص الزائد على دعوة المسلمين لأحكام الشريعة ، وقد يصدر هذا الأمر من بعض المنظرين الإسلاميين بمنهجية منظمة تهدف إلى تغيير الصورة النمطية للإسلام كمصدر للحكم والتشريع فى المجتمع ، واخراجه من التابو التقليدى المترسخ فى أذهان الكثيرين من الرافضين لمرجعية الدين فى المجتمعات الإسلامية ، من أنه سلطة إلهية دينية اقصائية لا مجال فيها لتعدد الآراء وتلزم الناس بما لا يفهموه ، حرصاً من نفسه على "تلميع" الإسلام وتحويله لسلعة تلقى القبول ، فيقوم بربطه بالمنافع والمصالح التى هى لغة العصر ولا يفهم العالم سواها ، وهى الأساس الوحيد الذى تقوم عليه صناعات العالم الحر فى مجالات الحكم المدنى والإقتصاد والسياسة.

    وقد يروج بعضهم للإسلام البراجماتى النفعى من منظور مؤامراتى بهدف تفريغه من محتواه وتحويله لنظام حاكم غير ملزم لا يحظى بالشمولية فى تناوله لكل قضايا المجتمع ، وبعد تفريغه من صبغته الدينية لا تعترف السلطة المجتمعية بالجزاء الآخروى كوسيلة من وسائل الإلزام وتقييد الناس بأحكامه ، فيصبح المنهج الإسلامى مجرد "إيديولوجية" من جملة الإيديولوجيات التى تعج بها أسواق العالم ومعارضه المفتوحة أرضاً وسماءً ، لانتقاء الأمثل والأجدر بتطبيقه كنظام حاكم للمجتمعات.

    بكل أسف نحن لازلنا نقف عند عتبة متأخرة فى طريق العودة إلى الحكم الإسلامى الصحيح ، فالدعوة إلى تطبيق الشريعة قد تم ربطها من خلال حرفية إعلامية مزورة بمجموعة من السلبيات والتجارب الفاشلة فى القديم والحديث ، ارتبطت نفسياً وذهنياً بصورة نمطية عن الحكم الإسلامى ، لا تدعو إلا للقمع والترويع والمصادرة ، قد تقلصت فيها السلطات المدنية لحساب الإستبداد. ويعمد المنتقدون للحكم الدينى الإسلامى إلى سلة التاريخ فيستعيدون بانتقائية متطرفة بعض المواقف والأحداث الخاطئة يدلون بها على "فشل" الإسلام كنظام حاكم ، متناسين بجهل أو تزوير متعمد أن تلك الحوادث طرأت على نظام شامل متقن ولم تكن أصلاً ، وأنها تحسب فى عمومها وتفاصيلها على أهواء الأفراد وتقصير الشخوص ، ولا يمكن ربطها تحت أى منهجية علمية محايدة إلى أصل لاتشريع ولا إلى آلية تطبيقه النزيهة !

    الحقيقة تشهد أننا لازلنا ندعو للإسلام بين أظهر المسلمين ! وهى حالة لم يشهد لها التاريخ الإسلامى مثيلاً ، إذ أن تاريخ المسلمين قد تلازمت حوادثه وأحواله مع شوكة قوية للإسلام وأهله ، لم ير الناسُ فيه الإسلام على مقصلة الأعداء والمنافقين ينحرونه ويبترون أطرافه بحسب الأهواء ، وإنما كان الإسلام عزيزاً فعزت سلطاته ، وسما فوق الأهواء فاتسعت رقعة حكمه. نحن بحاجة للترويج للحكم الإسلامى فى ديار المسلمين على أساسه الدينى المحكم ، والذى يعطيه التميز والتفرد فى استخلاص الأحكام وارتباطها بالجزاء الآخروى وآلية تطبيقها على أرض الواقع بحيادية و داعٍ أعلى لشيوع العدل بين الخلائق ، ويلازم ذلك ضرورة التخلص من التأثير السلبى -الذى صار منهجياً- لمفاهيم المنفعة والتسويق والتلميع لأحكام الإسلام ، لأن من شأن ذلك الأسلوب أن يمسخ الصورة العامة للحكم الدينى ويحولها لمجرد مجموعة من المنافع والمصالح تحكمها العادة والقبول وقد يرفضها الهوى والذائقة الشخصية.

    مفروس

  2. افتراضي

    الفلسفة / الفكر البراجماتى له أوجه عديدة من الناحية الفكرية الفلسفيه كنشأة ، وتعددت المعانى فى تطبيقاته على الأمور العلمية والعقدية ، وليس من الصواب ربط الفكر البراجماتى بمعنى المصلحة فحسب ، لأن هناك أوجه أخرى تضيف معان فكرية جديدة للممارسة ، خاصة فى مجال المعرفة والتعامل مع مفهوم "الحقائق" وعلاقتها بالـ "واقع" !
    لذلك : الخلل الذى أردت التنويه لوجوده بين أدبيات ومواعظ بعض الدعاة ليس معنياً فقط بمفهوم المصلحة .. أو استصحاب المنافع عند تطبيق الأحكام الشرعية ، فالاستصحاب للمصلحة يعبر عنه معناه الإصطلاحى من كونه مصلحة هامشية وليست اصلاً ، ولا خلاف حول هذا القدر من توصيف المصلحة ، بل حديثى عن تأصيل منهجى شاذ يربط الأحكام الشرعية لا بأصولها الثابتة ولكن بقابلية التطبيق ، استناداً لحجم المنفعة والمصلحة التى تترتب على ذلك ، ومن خلال التعامل مع الواقع كمحدد رئيسى ، وبموجب هذا الخلل تبدلت الأهداف ، فبعد أن كان الهدف الأول والأصلى هو تطبيق الحكم فى حد ذاته بصرف النظر عن الواقع ولا قياس الأثر بحجم القبول ، وهى الآفة التى تكاد تكون قد ترسخت فى مواعظ الكثيرين وأفكارهم العملية عن نصرة الإسلام و المسلمين ! صار الهدف الأصلى متعدداً متشعباً يدور حول محور واحد متعدد الأسماء : مجرد "البقاء كإيديولوجية عقدية" .. أو "التواجد المقبول على الساحة الدولية" أو .. "التلميع" !!

    تغير المفاهيم أدى بالبعض إلى رؤية غريبة لعرض الإسلام ووسائل تفعيل أحكامه ، تأثرت كثيراً بحجم المصادرة والقمع والدناءة التى تعيشها الأمم الإسلامية الآن ، مما أدى لتولد نمط دعوى جديد يتبنى -ربما دون أن يشعر- قيم ومبادئ البراجماتيزم الذى شاع وصار من أصول السياسة / الإقتصاد/ العلم التجريبى فى كل مسارات الدنيا ، وأود التركيز على نقطتين فى هذا الفكر الشاذ ومدى تاثيرهما على الإسلام كدين :

    1- تعريف الحقائق : وأنها تلك المعارف التى تتشكل حسب واقع كل انسان / ايديولوجية / مجتمع بالأدوات التى تنفعه وتساعده على تحقيق وجوده وعوامل بقاءه ، فالحقيقة متغيرة غير ثابتة ليس لها مرجعية يمكن سحبها على الجميع ، وليس من اللازم أن تكون الحقيقة المعرفية صالحة لجلب المنافع والمصالح ، وإنما الأهم هو مجموعة العوامل التى تؤثر فى بقاء المجتمع أو الفرد ، تتبدل وتتغير بحسب المصلحة والمنفعة المرجوة ، وهى الفكرة الفلسفية الأصلية لقصة التطور وأصل الأنواع لدارون.

    وحين يرتبط هذا التسطيح والتخصيص المخل بأصول المعرفة والتى تحدد فيما بعد مصادر التشريع والحكم المجتمعى ، فإننا بصدد نظام متكامل يقوم على تأصيل العوامل الخاصة بكل فرد أو مجتمع وتحويلها لمرجعية خاصة به إن كانت تحقق له المنفعة المحسوسة التى تعينه على البقاء. أما التمسك بالمراجع المعرفية الثابتة -كالدين الإلهى- فهذا يتعارض مع الفكر البراجماتى الذى يغير الحقائق حسب النفعية الحالية.

    وهذا هو عين الخلل الموجود فى أفكار بعض الدعاة المعاصرين ، الذين يضخمون الفروقات بين الواقع والحقائق ، ثم يعطلون الأحكام أو يأولونها لثقتهم باتحالة الجمع بين الحكم الشرعى والواقع ، فيرفضون هدف التطبيق كهدف وحيد !
    فلا شك أن الأصل ثابت عند الجميع فى مرجعية القرءان والسنة وما أجمع عليه سلف العلماء !
    ولكن التعامل مع المتغيرات الحادثة قد انفصل عن الثابت فى أمرين :
    فى توصيفه الصحيح وفى قابليته واستحقاقه للحكم !

    فالشق الأول -وهو ثبات المرجعية- صار من قبيل الدعوى المكررة والتى تصلح كمقدمة أو ديباجة لا أثر لها فى ما يأتى بعدها ، إلا لتهيئة المستمع لحالة من القبول التلقائى لتفصيل الحكم لأن مصدره من المرجعية المقبولة ، فحين يقول الواعظ "قال الله وروسوله" فهذه تهيئة تذكره بمرجعية الدين الثابتة ، ثم بعد هذه النقطة يحدث الإنفصال ، وتبدأ ترجمة الواقع فى ضوء جديد ، فالمرحلة اللاحقة فى التوصيف : تخضع لمفهوم الواقع والموائمة وما ترفضه المسميات الحاضرة والشرائع الدولية والتقاليد الأممية !

    وهو حق أريد به باطل (هذا فى أحسن حالات احسان الظن بقائله) .. لأن التبرير المنطقى الذى يسوقونه لهذه الشروط تجده مكرراً فى مصطلحات لها سلف عند المتقدمين مثل "فقه الواقع" .. "وأحكام الممكن والمتاح" .. "الموائمة" ، وهى كما ذكرت توصيفات لها أصول فى الثابت الدينى ، لكن حال اسقاطها على الحوادث والمستجدات تنفصل تماماً من رباطها الاصلى ، وتستخدم مظلة قفز من فكر فلسفى غريب ، يصف الحوادث بأنها لا تخضع للحقائق فى تطبيقها ولكن لما تمليه المصلحة المعينة على البقاء والاستمرار !

    وفى المفهوم الإسلامى الجديد : تتعدد المصالح والمنافع بحسب التيار والإتجاه الذى يعبر عنها ، فمن "مصلحة دولية" إلى "جهل العامة" إلى "عدم القدرة" و "عدم توافر الأدوات" إلى الدعوة للـ "تركيز على النهضة الشاملة للأمة" .. واخيراً "توسيع دائرة المعوقات المانعة من التحضر والتقدم" .. لتشمل قائمة حظر الأحكام الشرعية -لعدم الموائمة- أموراً كثيرة بدءً بالمظاهر العامة للإسلام وانتهاءً بذروة سنامه !!

    2- القيمة الحقيقية لأى مرجعية لا ترتبط بقيمتها المعرفية أو الفكرية ، حتى وإن كنا نؤمن أنها الصواب ، ولكن قيمتها بقدرتها على إحداث الأثر المطلوب بشكل جيد وإضافة مكسب أو منفعة جديدة. وهذا مفهوم معاكس تماماً لمقاصد الشريعة والغاية من أحكامها ، والمتفحص لهذا الفارق يعلم أن هذا الإنفصال بين الهدف كفكرة والهدف كآلة ، قد تؤدى لمنفعة فى رفض تطبيقه ، انفصال لم يطبقه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فى بادئ الدعوة ، بل كان تحقيق الفكرة هو الهدف والغاية ، والقياس المنفصل لحجم المصلحة لم يعقد له الرسول الكريم أى قيمة ، بل كان أول ما يدعو الناس إليه هو الأصعب على نفوسهم والأكثر مغايرة لأعرافهم والأشق على طبائعهم ، أن يقولوا لا إله إلا الله ، وهى المفهوم المعرفى الأسمى وهى الهدف والغاية ، والغاية هنا فى تفعيلها وليست الغاية فى تقدير حجم المصالح المترتبة على هذا التفعيل ، ولو كان الأمر كذلك لكانت الدعوة إلى التوحيد هى آخر ما يدعو إليه الناس !

    وهذا هو عين الخلل فى واقع اليوم .. فالدعوى تقول :
    نحن نؤمن بالمعرفة الأصلية المتمثلة فى مصادر الشرع وحقيقتها التى لا يتطرق إليها الشك
    ولكن القيمة الحقيقية تكمن فى عواقب التطبيق وآلياته وحجم النفع العائد على أصل "الإسلام"
    وبريقه وصورته كميادين جديدة للجهاد .. أو أحد توابعه كالـ "الدعوة" .. "التعايش" .. ألخ !

    الأهداف التى يتحدث عنها الكثيرون فى هذه الأيام ويسعون لتحقيقها على مستوى التطبيق تعددت واختلفت ، وهى فى الاصل لم تكن إلا وسائل وآلات ، وتم تعظيم بعض المصطلحات واعطاءها دور الوسيط الشرطى ، كأن يقول قائل أن الإسلام لن ينتشر فى الأرض ولن يؤمن الناس به إلا (وهنا الشرط) بسلة من الظروف / الموائمات / المتغيرات ، وفى حقيقة الأمر هذه التصورات التى تأتى فى السياق فى شبه اتفاق وتوافق بين القائل والمتلقى ليست بشروط ، وإنما تقييد واقعى ومنفعى ربطه القائل دون دليل ، وتصور قائم على الحس والذائقة الشخصية وآفة الإستحسان التى هى سبب خراب العقول ، ومن هذه الشروط الموضوعة لتسبق تطبيق الأحكام : تلطيف صورة الإسلام .. التودد إلى غير المسلمين .. التدرج مع العصاة والمفرطين .. التعايش المجتمعى مع الآخرين .. ألخ !

    ثم امعاناً فى تأصيل الأوهام تم استحداث بدائل لثوابت الدين التى أمر الشارع بحصولها على هيئتها ، والتى أثبتت حقيقتها وجدارتها على مدار الزمن ، وكانت نتائجها شاهدة على ثبوتها عن طريق الوحى وعن طريق الحس والتجربة التاريخية ، كأمر الجهاد ، والذى جعل الله فيه -بسنة التدافع الكونية وسنة القتال الشرعية- كل أسباب العزة ، وجعل ما سواه من أسباب الهلاك وضياع الهيبة وذهاب الريح والشوكة !!

  3. افتراضي

    نأتى للأمثلة :

    تعطيل الأحكام بات حرفة .. وصناعة تزداد متانتها كلما زاد عدد الكتب التى قرأها المتصدر للفتيا !
    وذلك ليتمكن من تعطيل الحكم بسند من مصادر الدين الأصلية ، وليعلن التزوير باسم الشارع الحكيم !

    خذ مثالاً لذلك عن الجهاد / المقاومة / الإرهاب !
    فالجهاد هو عين صلاح الأمة والفرد والمجتمع ، وهو الدعامة الرئيسية لخلق أمة متكاملة يؤثر ويتاثر كل عضو فيها بالآخرين ، ووسيلة فعالة لانتزاع الهيبة والإحترام من صدور الآخرين ، وسنة كونية لتدافع الأمم ، وشرعية لتكون كلمة الله هى العليا وكلمة الذين كفروا السفلى.
    ولم يكن الجهاد يوماً بأنواعه المختلفة محل بحث أو شك أو مراجعة ، بل كان من مكونات الشخصية المسلمة التى تربت على حب الآخرة وكراهية الخزى فى الدنيا ، وخلاف العلماء المحترمين فى مسائل الجهاد كانت حول تقنينه / تنظيمه / ولم تكن يوماً حول مشروعيته وحكمة تفعيله !!

    الإستبدال الذى حدث لمفهوم الجهاد كان بفعل فاعل ، وبسند من "قال الله وقال الرسول" ، لأنها حرفة ومهنة صناعية -وأحياناً تجارية- أن تستخرج من كتب العلم الشرعى دليلاً على كذبك وحجة على تزويرك ! وليس لكل عامى جاهل أن يفعل ذلك لأنه لا يفهم الألف من كوز الذرة فى أبواب الفقه وأصوله.

    والذى يحصل الآن هو تزوير وتعطيل من مفهوم براجماتى لا يتفق مع الشرع ومقاصده
    فهم يثبتون الجهاد كأصل ثابت من مصادر الدين .. وهذا هو الشق المعرفى المثبت الذى لا يختلف عليه أحد ، ثم يتبعون ذلك بقيد المصلحة والمتعلق بشقين كما بينت آنفاً : التوصيف وقابليته واستحقاقه للتطبيق ، فلا يبقى التطبيق كهدف أصلى واجب النفاذ ، وإنما يتحول لمواطن على معبر ايريز ينتظر السماح له بالعبور ، وهذا العبور قد يتحقق إن نجح فى اختبار التوصيف والإستحقاق.

    وفى هذين الشقين تكمن المفاجأة ومنبع التزوير ، فيصبح التلاعب بالتوصيف هو بداية التعطيل للحكم !
    فتوصف على سبيل المثال المقاومات المشروعة والمعروفة بجهاد الدفع :
    بأنها عبث .. ودون إذن .. ومفاسدها أعظم من مصالحها .. وتخالف الأعراف الدولية .. وتعرض المصالح القومية للخطر .. وتجلب الصداع الإقليمى .. وتغير الإنتماءات .. وتهدد الإقتصاد بالإنهيار .. ألخ ، وبناء على ماسبق من التوصيف : فالحالة التى نحن بصددها الآن ليست جهاداً .. انتهت الفتوى !!

    ثم يتبع ذلك التوصيف قابلية الإستحقاق ، فتبنى القابلية على أساس واحد وحيد وهو المقاييس النفعية والمتعلقة بالأدوات (أصلاً) لا مصدر المعرفة (الذى أصبح فرعاً) ، بمعنى أن استحقاقه لا يقوم على العلم بأنه واجب التنفيذ كهدف فى حد ذاته وإنما على حساب المصالح والمفاسد التى تترتب على تفعيله ، ولذلك فقد جاد الزمان علينا بأقوال من قبيل : القتال هلكة محققة ولا ينبغى أن يهلك الإنسان نفسه !!

    وهذا خطأ فاحش وتزوير لا أصل له ، فمطلب الدفع واجب فى حد ذاته حتى وإن كانت المصلحة النفعية معدومة ، وقد يفقد معها الإنسان حياته وماله وأهله ، إلا أنها مطلب لا يتعلق بتوابع أو بقيود المنافع المتحصلة من حدوثه ، والشاهد على ذلك : أنه لم يحدث على مر تاريخ المسلمين أن دخلوا قتالاً وكانوا أكثر من عدوهم عدداً وعتاداً وتجهيزاً أبداً ، إلا فى مرة واحدة وهى يوم حنين .. وقد ذم الله كثرتهم !! .. وكل الآيات التى تحث على القتال تدخل تحت الآية الأم وهى : أنه كتب علينا وهو كره لنا !!! فالهدف تغير .. وتبدل بفعل البراجماتية الشاذة التى عقدت على تفعيل الأحكام الشرعية وصاية لا أصل لها.

    ما السبب فى تبنى هذه المفاهيم ؟
    السبب واحد وله روافد كثيرة .. وهو حب الدنيا وكراهية الموت !
    أما روافده فتجدها معلقة فى المصالح الخاصة ، والديكتاتوريات ، والنظر إلى الدين على أنه من بقايا حقبة الصحراء ، وتقديس الحكام والأهواء ، وكل هذه الروافد تصب بنا فى النهاية إلى هاوية واحدة وهى تعطيل الحكم .. إما بتزوير الواقع أو بالتلاعب فى قابلية الإستحقاق !

    ثم لنا عودة وجزاكم الله خيراً
    التعديل الأخير تم 02-28-2008 الساعة 04:34 PM

  4. افتراضي

    تكملة !

    تتركز القضية المشبوهة هنا فى ترسيخ مفهوم النقد العقلى لأحكام الشريعة بقصد أو دون قصد !
    فإن وافق الحكم الشرعى مهبطاً ملائما من الهوى / الفهم / قدرة الإدراك لإنسان القرن الواحد والعشرين ، السيد المتطور والمتحضر ، ووعى الحكمة الظاهرة الملائمة لمفاهيم "القرن" ، فيـُقبل الحكم وكفى الله المؤمنين القتال ، ولا حاجة حينها لتأويل أو لإنتحال الحكمة من أفواه المستنيرين ، ولكثرة الإختلافات ، والضروروات التى بات المتفيهقون يعولون عليها لتعميق حيرة المواطنين ، فإننا لا نجد إلا حكما واحداً لا يختلف عليه المسلمون كثيراً : وهى أننا على كوكب يسمى الأرض .. والدليل الشرعى : أن قد ورد ذكره كثيراً فى القرءان !! عدا ذلك فهو مختلف فيه بأثر أو بدليل ، يسمح باستنباط الأحكام الجاهزة والمعلبة والتفصيل بسرعة وجرأة تشبه قدرة الأرانب على التكاثر !

    وإن كان الحكم الشرعى لا يحمل حكمة ظاهرة أو تبرير يفهم منه موقع المصلحة / النفع / المقصد ، فهنا يبدأ الخلق فى بسط مخالبهم وحدّ شفراتهم ، وتأتى الآفة العقلية لتعمل فى الحكم الشرعى حتى مع وجود النص الصريح والبديهيات وما هو معلوم من الدين بالضرورة ، إما بتعطيل مطلق لعدم وضوح المنفعة والمقصد ، والذى يجب عليه هذا المقصد ألا يخرج عن حدود المقبول ، وإما بتأويل مخترع !

    وبين التعطيل والتأويل تكمن الحرفة وتستبين الصنعة ونرى أننا نملك وجهاء مبرزون فى فن الجرافيك الشرعى !! فإن أرادوا تفعيل حكم شاطر اجتاز اختبارات الموائمة والتلفيق بمجموع عال فتُخترع له المنافع وتُعدد له المقاصد وتُفرد له صفحات المصالح ، وإن تعثر الحكم ولم يجد له بينهم متكئاً تسحب رخصته وتفك عجلاته ويُحكم عليه بالبقاء فى دولاب الملك بضع سنين ، إلى أن يمن الله على أحد "المجددين الفضائيين" بتعيين وجه المصلحة فيه وإلا طوته صفحات الزمان !

    حديثى بكل تأكيد لا يتعرض لمطلق المصلحة التى تستصحب / تستحدث/ تنتج من تطبيق الحكم الشرعى ، فهذه ساحة بعيدة تماماً عن مقصدى ، ولا أدرى ما هو سر اجترارها بتأثر أصولى واضح كلما أتينا على ذكر لفظة "مصلحة" !

    ولكى نوضح المقام بتوضيحٍ واضح هذه المرة أكثر توضيحاً من ذى قبل ، سأورد بعض الأمثلة الأخرى والتى تترواح فى درجتها بين المظهر والمخبر .. والإعتقاد والحكم العملى .. والفقه وأصوله ، فالخلل قد وصل لكليات الدين وتفصيلاته .. خذ عندك :

    شعر الحاجب و شعر العانة : فكلاهما شعر .. ومن المفروض ألا يكون توزيعه الجغرافى سبباً لاحداث فتنة طائفية وإثارة النعرات الوطنية ، فالفرق بين وجوب ترك الأول وحلق الثانى لا يستوجب اللعنة إذا فعلت احداهن العكس إن كانت نيتها الصالحة هى مجرد التزين لبعلها !

    الشذوذ وأحكامه : التعريف متعلق بمناط الحكم ، فتحريم الشذوذ لا يعنى أنه غير موجود فى الواقع ، وعلينا أن نستفتى أحدهم فى وحشية الحد الشرعى للفاعل والمفعول فيه ، فاتضح للسائل أن العقوبة لا تتناسب مع الجريمة ، هذا إن كان الفعل جرماً من الأساس ، وروح الدين تقتضى التجديد فى الأحكام خاصة مع الأحكام التى وصلتنا من مصادر ظنية الثبوت ... كالسنة النبوية !!

    أحكام الردة : وهذا موضوع يسأل عنه باستمرار إخواننا المثقفين !!

    الإختلاط : : وقد وصلت منافع ومصالح خروج النسوان من بيوتهن للعمل مع الرجال للحد الذى دفع بعض الطيبين ليفتى بجواز رضاعة الزميل فى العمل إن لم يتناول فطوره فى الصباح !! الإشكالية فى الجو العام الذى تعيشه الفتوى والمتصدرون لها ، وهو التخاذل والتواضع أمام التيارات الجارفة فى المجتمعات !

    الحدود الشرعية : ترفضها الأعراف الدولية .. تمنع النمو الإقتصادى .. تصيب أحبابنا "الآخرين" بحالة من الهلع وتساقط الشعر !

    أهداف العبادات التوقيفية : تخترع الأهداف وتقدر قيمتها بحسب مساحة الخيال التى يملكها المتكلم !
    أهداف الجهاد : يعنى إيه جهاد ؟!
    أنواع الجهاد : يقسم أحدهم بشرف أمه أن جمهور العلماء ، المتقدمين منهم والمتأخرين ، على فتوى رجل واحد ، أنهم لا يعلمون له أنواعاً .. وإنما نوع واحد اسمه الدفاع عن النفس ورد العدوان ، ثم جعلوا له شروطاً تشبه زواج البكر ، يستأمر فيه ولى الأمر وعلامه موافقته الطناش ، أما الرفض فيكون باستراتيجية مختلفة وهى وصف الجهاد بالإرهاب !

    الجهاد كالدنياصورات .. مثبتة أنثروبولوجياً لكنها لم تعد تشترى أى أغراض من سوبر ماركت اليوم !!
    الحكم قائم .. لكن اسقاطه على الأحداث غير ممكن فى الزمن الحالى لأسباب تتعلق بالتستوستيرون !
    وأسهل حديث مزور تلوكه الألسنة أن الزمان قد استدار وأننا نعيش الآن فى العصر المكى بأحكامه وأصوله ، والتى تقضى بتحويل المواطن المسلم إلى حمار لا يغضب ، وإن استنفر لا يرد عن عرضه ولا أرضه ، وإن علقوا نسوانه من أرجلهن على مدافع الدبابات فيكتفى بإرسال الفيديو الذى التقطه لهم بهاتفه الجوال لقناة فوكس الإخبارية ، معلناً رفضه لانتهاكات حقوق الإنسان وليشهر بالأمريكان المجرمين ! وأحمد الله على ذلك وأشكر عظيم منّه ، لأنى قد تواجدت فى العصر المكى ولم أتواجد فى العصر المملوكى وإلا كانت رقبتى معلقة على باب زويله !!

    مفهوم النهضة والحضارة فى الإسلام : يمكن تلخيصه فى كلمتين .. أن الدولة المدنية الأولى قامت ونجحت لأن الصحابة كانوا ليبراليين مستنيرين ، لم يربطوا التوسع والإنتشار فى الأرض بأهداف ميثولوجية بحتة تتعلق بالحور العين وأنهار العسل المصفى ، وإنما سعوا فى الأرض لتحقيق العدل والنهضة والتطور الحضارى الذى يناسب عظمة الإسلام !!

    أما عن الإلزام بالحكم الشرعى من مفهوم الثواب والعقاب الغيبى ، فلا أثر له فى حتمية التفعيل ، ولا يزيد الأحكام إلا غموضاً عند العامة لربطها بمجهول غير معلوم بالحس ، ومن ذلك خُلد قول أحد الشوارعيه الحكماء تعقيباً على قصة البينة والحلف : قالوا للحرامى احلف قال جالك الفرج !!

    هذا الكلام أعلاه ليس فصلاً من مسرحية أمنا الغوله .. ولا منحوتات الإغريق على معابد أثينا ، بل كلام متلفز ورد على ألسنة طويلة مدلدله على سطح المكتب .. أو على السجاد المغطى به سيراميك القاعة الفخمة ، يخاطبون أقواماً مسلمين .. أى ورب الكعبة ، لا يفهمون الفروق الواضحة بين الدين والفلكلور الشعبى !!



    ثم للحديث بقية

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Sep 2004
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,886
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

  6. افتراضي

    تريد إسلاما راديكاليا غير مفهوم ، و يعيدنا إلى الوراء 1400 سنة ، لمجرد تحقيق رغبات الله الغامضة ؟ أهكذا تفهم الله و الدين ؟ لا شك أن تطبيق مثل هذا المفهوم ينطبق تماما على رؤى طالبان و بن لادن و الأصولية المتشددة ، و الذي عرى حقيقة الدين الإسلامي وبينه للعالم .
    لقد كان عمر بن الخطاب المتشدد في الدين أرحم منكم بكثير في فهمه ، فقد لغى احكاما أساسية لبطلان الفائدة منها أو بطلان علة تشريعها ، و الآن تريدون أن تحكموا الناس بنصوص أكل الدهر عليها و شرب ، و معظمها من مفرزات العصور المتبلدة التي لاكت القرآن و الحديث ثم لفظته بأشكال لا نهاية لها من الفتاوى المتناقضة و التي يحتاج جمعها إلى دهور طويلة .
    لن يرى هذا الدين الضوء ما دام يقدم بهذا الشكل ، بل سيحارب من قبل المسلمين أنفسهم ، لأنه غير منطقي ولا مقبول ولا يمكن استساغته .

  7. افتراضي

    يبدو أن مقالات الفارس ذو القلم المسلول

    أصابت زميلنا بضيق شديد و حرقة أدت إلى تفجير أنبوب الشبه على رأي الدكتور أبو مريم

    ربنا يشفي

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Sep 2004
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,886
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    يا البهتان الساطع هذا موضوع سرعته 1000 حصان فى حين ان سرعة استيعاب عقلك 1 حمار لذا فان محاولتك فهم الموضوع فضلا عن الرد عليه ومجاراة صاحبه هو ضرب من العبث ...ثم اننى انصحك حين تاتى بجوز حذاء لقدمك ان تاتى بفردة اضافى لراسك

  9. #9

    افتراضي

    بارك الله في فارسنا النبيل صاحب السيف الصقيل ..

    ومسألة اختزال الدين في المصلحة أو المقاصد إنما هي لعبة للدوران على النصوص بحجة أن النص جاء لتحقيق المصلحة أو لتحقيق مقاصد معينة ، فإن تحققت المصلحة بغير سبيل النص تركناه !

    وهذا من شأنه أن يهدم الدين إذا تبين أن تحقيق المصلحة لا يتم بالنص بل بعكسه ، مما يقتضي أن يُفهم من النص عكس ظاهره ، بأن يُفهم بطلان الحدود بدلاً من وجوبها ما دامت المصلحة متحققة دونها ، وتحليل الربا بدلاً من تحريمه ما دامت المصلحة في التحليل ، بل ربما يصل الأمر إلى إلغاء العبادات من صلاة وصوم وزكاة إذا تحققت المصلحة منها بغير الطريق الشرعي !!

    وللدكتور أحمد الطعان مقال تأصيلي بعنوان (المقاصد والمناورة العلمانية) يدندن حول هذا الشأن الخطير .
    إن عرفتَ أنك مُخلط ، مُخبط ، مهملٌ لحدود الله ، فأرحنا منك ؛ فبعد قليل ينكشف البهرج ، وَيَنْكَبُّ الزغلُ ، ولا يحيقُ المكرُ السيء إلا بأهلِهِ .
    [ الذهبي ، تذكرة الحفاظ 1 / 4 ].
    قال من قد سلف : ( لا ترد على أحد جواباً حتى تفهم كلامه ، فإن ذلك يصرفك عن جواب كلامه إلى غيره ، و يؤكد الجهل عليك ، و لكن افهم عنه ، فإذا فهمته فأجبه ولا تعجل بالجواب قبل الاستفهام ، ولا تستح أن تستفهم إذا لم تفهم فإن الجواب قبل الفهم حُمُق ) . [ جامع بيان العلم و فضله 1/148 ].

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Feb 2008
    الدولة
    مــــــصـــــــــر
    المشاركات
    1,178
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    دخلت الصفحة صراحة اكثر من مرة
    دعنى اقول استاذ
    قيم \ رائع \ ذو قيمة عالية
    ما تكتب دوما استاذ
    والعضو البرهان قال كلمات عجيبة غير مفهومة وكأنه يهزى
    لمجرد تحقيق رغبات الله الغامضة ؟
    لن يرى هذا الدين الضوء ما دام يقدم بهذا الشكل
    وليكون مقبول يبدو يرى العضو ان نتنازل عن بعض احكامه وسننه واّياته ولا بأس بغض الطرف عن بعض الحدود ومواكبة العصر والعمل على المصلحة العامة وان كانت ضد الدين واحكامه لا بأس لنكون متطورين لا نرجع للوراااااااااااااااااااااااااء 1400 سنة لعهد الحبيب صلى الله عليه وسلم
    وعجبى

  11. افتراضي

    أنا لم أعرض موضوعى هذا لمحاكمة أفراد أو علماء أو مفتين ، وتعمدت منذ البداية ألا أحول مسار هذا الموضوع لساحة تشرف بمثل هذا النزال ، ولكنى عرضت مجموعة من الأفكار ونقدتها وقلت أن تعطيل الأحكام بات هو الهدف الأسمى ، وتعددت الطرق والعلل لتحقيق هذا المطلب الأسمى ، وبينت أن التعطيل قام أساساً بسبب تقييد الحكم الشرعى بمفهوم المصلحة ، والتى ينقب عنها ويستحسنها ويقيمها العقل وفق معايير واقعية عرفية لا أصل لها ، فالآفة تكمن فى المنهج العقلى الذى بدأ يستعيد عافيته من غبار التاريخ ووجد لنفسه مكاناً بعد المعتزلة ومن سار على نهجهم من المتكلمة والفلاسفة ، وضربت مثالاً لذلك بمنهج فكرى فلسفى حديث يسمى بالبراجماتية ، وحاولت اسقاطه على الحالة المنحرفة التى أعرضها بحدود اصطلاحية تدخل فى تعريف البراجماتية ، ليست فى مفهوم المصلحة فقط ، وإنما فى ارتباطه بتعريف الحقيقة وقيمة المرجعية الثابتة فى تفعيل الأحكام !

    كما أنى قلت أن هاجس المصلحة وتقييده لتفعيل الحكم الشرعى أخذ فى شقه العملى حالين : التلاعب بالتوصيف وقابلية الإستحقاق ، فيصبح الحكم الشرعى معطلاً حين يوصف الواقع بمعايير مغايرة فتخرج الحالة عن وصف الحكم ، ويعطل كذلك حين يسحب منه قابليته لاستحقاق التفعيل بناءً على مفهوم المصلحة الغائبة ، فجعلوا المصلحة هى عين الهدف وليس تفعيل الحكم كأصل ثابت. الخطير فى الأمر أن المرجعية فى الحكم باتت معلقة بالتوصيف ، والتوصيف يعنى الواقع ، وكلما كان الداعية سياسياً أو المفتى مطلعاً على مهالك السياسة فإن تكييفه للحكم الشرعى يكون المصدر الوحيد لتعطيل النص ، وضربنا أمثلة من الجهاد وكيف أنه تعطل لأنه بدون توصيف وخارج الخدمة ، ولأن استحقاقه صار متعلقاً بمجموعة من المعايير التى لا أصل لها. بل قد وصل الأمر ببعضهم أن دعا لتغيير الحكم بتغير الزمن والحوادث ، بل جعل هذا التغيير أمراً واجباً ، وأنه هو التجديد الذى وعدنا الرسول صلى الله عليه وسلم به على رأس كل قرن !!

    بعض الأمور المهمة :
    تعطيل الحكم يختلف عن انتفاءه .. كما أن الحكم يختلف عن الفتوى ، ولا مجال هنا لتفصيل ضوابط الفتوى وهى كثيرة ، ولكنى أؤكد على الخلاصة التى توضح الفرق ، وهى أن تعطيل الحكم فى هذا الفكر الشاذ قد يكون بفتوى ، أما عن حجية الفتوى ذاتها فهى إن وجدت الأصل ثبتت وإن ظلت طائرة فستطويها صفحات النسيان.

    الحكم الشرعى لا يخرج عما اتفق عليه السلف وأجمعت الأمة بقبوله من خلال حجية المصدر ، ولا يقبل من أى بنى آدم أن يسمى نفسه مجدداً لأصول الأحكام ، فأصول الأحكام لا تجدد ، والأحكام ذاتها لا اجتهاد فيها لأن مصدرها من الثوابت ، ولكن التجديد يكون فى مناهج التطبيق وفى فروع المسائل وأدوات الإستنباط. كما أنه لا اجتهاد مع نص ، والحكم يخضع للنصوص لانه محكم .. فكيف يكون هناك اجتهاد فى الأحكام !؟

    حتى إن الدعوة لتجديد أحكام الدين الكلية صارت مفصلة وقائمة على أربع : تجديد الأصول (ويعنون أصول الفقه) ، وتجديد أبواب الفقه (بالحذف والإضافة) ، تجديد الخطاب الدينى ، وتجديد الأهداف !! والقضية ليست تجديداً يهدف لتعيين المستجدات وتحرى الدقة فى تفعيل الأحكام المناسبة ، وإنما الهدف الحصرى والوحيد للتجديد هو تغيير الأحكام وتعطيلها أو تبديلها.

    كيف يفعلون ذلك ؟ البتر والإجتزاء هما الكلاسيكية المضادة للأصولية ، ثم يأتى مفهوم المصالح بمعناه المقيد للأحكام وليس بمعناه المرسل أو المستصحب أو المستنبت ، ليكوّن الصرعة الحداثية لتعطيل الأحكام ، وربما لازال الكثيرون من هؤلاء بعيداً عن مرحلة تبديل الأحكام صراحة ، ولكن إن نجحت فكرة التعطيل فقد تنجح فكرة التبديل.

    ثم إنهم يسوقون لهذه الأهداف أمثلة من التاريخ الإسلامى وأقوال العلماء كدليل على أن مرجعية الحكم ليست فى النص وقداسته لأن من الممكن تعطيله أو تبديله أو الغاؤه كما ذكر بعض الحمير هنا ، بل المرجعية فى المصلحة وتحقيقها ، وضربوا لفعل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه مثالاً على جواز تعطيل الحكم ، بل بالغ بعضهم فى الغى والغباء وقالوا أنه الغى الأحكام وأزالها بعد أن زالت فوائدها !! ويقولون انظروا كيف تغيرت الأحكام وتعطلت ، وكيف أن من الأئمة من عطل النصوص الشرعية في حالات معينة ، ويعرضون الأحداث مشوهة ليعتاد المسلمون على فكرة أن النصوص تعطل حتى من عند الصحابة والأثمة ، أو لأن الأحكام قابلة للإجتهاد والقياس بزعمهم ، وأن الصواب عندهم هو أن نُعمل العقل ونتبين المصلحة في كل ظرف على حدة ، وبعد ذلك نحمل النص على رؤيتنا وفتوانا ، أما إن تعارضت مجموعة المصالح الموضوعة مع النصوص فإن تعليل النصوص أو الشريعة بالمصالح مبرر كافٍ لتعطيل النصوص !!

    والحقيقة أنه ليس كل جديد يسمى بتجديد ، وليس كل قياس يقع على المقاس ، ولكنها سنة الله فى أن يخلق أقواماً لا يعرف أحدهم كوعه من بوعه ثم يأتينا ليقيم مصادر الشرع ويجدد أحكام الدين !! وبكل صدق .. الإنترنت كانت فاتوحة شر على كثير من بالونات هذا الزمان ، إذ وجدوا لهم المنفاخ المناسب لتعظيم الـ "إيجو" وتلميعه على حساب امتهان الذات واهمال وظائفهم البيولوجية الأساسية فى هذه الدنيا .. ألا قاتل الله بيل جيتس واللى يتشدد له !!

    إذا كانت مصادر الأحكام هى القرءان والسنة والإجماع .. ثم القياس !
    فإن ما تحويه هذا المصادر من أحكام لا تخرج عن حالين فى علاقتها بالمصالح : أن تكون لها مصالح مقررة مثبتة وفيها تكمن الحكمة من تشريعها ، والحال الثانى أن تكون الحكمة فيها خافية والمصلحة مقدرة إما فى الآخرة أو فى الدنيا ولكن غير معينة ، والمصالح فى الأحكام الشرعية قد تأتى معينة أو غير معينة ، ومدار الحكم لا يقع على تعيين المصلحة المرجوة من تطبيقه ، وإنما على ثبوته من أحد المصادر الشرعية كالوحى بشقيه أو الإجماع ، وكما نؤكد أن المصلحة المرجوة من الحكم الشرعى تكمن فى عين تطبيقه ، أى أن شرط حدوث المصلحة يقع بعد التطبيق وليس قبله ، والفرق واضح !

    محور القضية يفقده الكثيرون ممن مروا هنا بسبب عدم وضوح كلامى أوبقصد منهم أو عن سوء فهم ، ولكنى أزعم أن المحور الاصلى واضح ومكرر للدرجة التى يصعب علىّ تبسيطها أكثر مما بسطتها بين الردود ، ولكن لتأكيد الكلام أقول :

    أن محور الكلام هو فى ممارسة شاذة عادت للظهور على سطح الفكر الإسلامى المعاصر بعد أن كانت استحدثتها فرق هالكة لم تعد توجد إلا فى كتب الملل والأهواء وتاريخ الأفكار ، لكن لأن سنة استنساخ الأفكار وقابلية الانحراف تؤكد على امكانية تواجد هذه الأفكار فى أى عصر وفى أى حين ، والعبرة هنا فى اكتشافها وتعيينها دون الالتفات لقائلها ، فإننا مجبرون على التعامل معها كفكرة لها متحمسون وجماعات تتبناها لغرض أو أغراض ، وتحت دعوى "مصلحة الدين" ، وتحت مسميات انتشار الدعوة وتلميع الإسلام ، وهذه الفكرة التى بُعثت من القبور : هى إعمال العقل فى النصوص والأحكام !

    تعويل المفكرين الجدد يقوم على بعض المصادر التى لها سند من أقوال الفقهاء أو الأصوليين ، والتى يساء تفسيرها على نحو واضح وجلى ، ولكنها عدة وسند لمن أراد أن يثبت تزويراً منهجياً عنوانه "تغير الأحكام بتغير الحوادث والأزمان" ، فالمطلوب عند هؤلاء أن يقولوا أن الأحكام تتغير وقد تعطل أو تنسف نسفاً ، ويأتون لهذا الزعم بأدلة ، فيصرخون ويولولون : كيف لا تتغير الأحكام والزمن يتغير ؟! وكيف تمنعون من التجديد والإجتهاد والقياس وقد فعل الصحابة وفعلوا وفعلوا وقال الإمام فلان وقال العلامة علان !؟

    ولكنى أوضح لمن يعانى من تلك النباهة الزائدة أن الأحكام تختلف عن الفتوى ، وما يقال فى الفتوى لا يقال فى الحكم ، فالحكم لا يتبدل ولا يتغير وتعطيله من أسباب الخزى فى الدنيا ولو كره الحمير كلهم جميعاً ! خاصة أولئك الذين يستشيخون انترنتياً ويلبسون عباءة الأصولى القح ويحدثوننا عن "القياس" الذى قام به الصحابى !!!

    والمعلوم أن فعل الصحابى ليس قياساً ، بل يكون القياس على فعل الصحابى إن صح ، وفعله هو من مصادر الأحكام ، وإن لم يخالفه غيره فهو حجة ، وفعل الصحابى عدّه الأصوليون (وليس الفقهاء) بأنه دليل فى حد ذاته لأن الصحابى بعدالته قد عاين من الوحى والأخبار ما وصلنا صحته ، أو أنه قد عاين ما لم يصلنا خبره ، فإن خالفه غيره (والأمثلة على ذلك كثيرة) فالكلام فيه تفصيل كبير يدور حول تفسيره. الخلاصة أن القياس فعل أصولى آخر تستخدم فيه أدوات خاصة تقوم على تعيين العلة ومتعلقاتها وربطها بـ "حكم" شرعى ثابت ليستنبط أحكاماً جديدة .. ولا يقوم بهذا الفعل عواطلية الإنترنت بكل تأكيد ، وإنما يشترط فيه على أقل تقدير أن يحسن أحدهم العربية ، وهذه قد تدفع بكل الأصوليين الإنترنتيين إلى الإنتحار !!

    حمورية من نوع آخر تخلط بين مقاصد الشريعة ومقاصد الأحكام ، ومقاصد الشريعة هى الخمس المعروفة ، وهى التى يلجأ إليها الفقيه لاختبار المصالح إن كانت تندرج تحت عمومها فهى مرسلة معتبرة عند الكثير من الفقهاء ، وقسموها بتفصيل لمصلحة الضرورة والحاجة والزائد ، وكلٌّ لها وضع مستقل. وإن لم تندرج المصلحة تحت عموم المقاصد فلا يقام لها وزن ولا ينظر لها على أنها من الشرع لكونها مصلحة محضة تعود على الناس بالنفع ، ومن ذلك : المصالح التى تأتى بالنفع من الربا والخمر والميسر والدعارة وغيرها ، وكذلك المصالح التى تشبه فى بريقها بعض مقاصد الشريعة : كمصلحة التعايش للمسلم بين ظهرانى الكفار بخلع الحجاب أو بتعطيل الشرط الملزم لوجوده هناك وهو وجوب اظهار شعائر دينه !!

    كذلك من الأقوال المغلوطة والتى لا يفهمها الكثيرون : ما نسبوه للإمام الشاطبى وابن القيم وابن تيمية من أنهم يربطون الأحكام بالمصالح ، ويجيزون تغير الحكم بتغير الحادثة ومتعلقاتها الزمنية والمكانية والأعراف وغيرها من الأمور ، وما ذلك إلا لكون الباحث عن اثبات هذه الأفكار المشبوهة لا يبحث إلا عن ضلال فأخزاه الله ، ويريد أن يثبت أن اعمال العقل فى تعطيل الأحكام كان هواية لذيذة للصحابة وعلى رأسهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه والفقهاء وأعلام الدين.

    والمشاهد أن بعض دعاة الصحوة .. والمتصدرين للدعوة الفضائية والإعلامية ، يقعون فى مثل هذه الأخطاء إما بمنهجية وقناعة تروج لتلك الأفكار من خلفية شخصية ، أو بسذاجة أو جهل اصطلاحى ، أو لاستعارة المفردات الطاغية فى هذا الزخم الإعلامى دون تدبر لمعناها الحقيقى ، فتقرر المفردة بسبب التكرار حتى يصطلح عليها الناس !!

    --- ومن ذلك قول الإمام الشاطبى "والشريعة ما وُضعت إلا لتحقيق مصالح العباد في العاجل والآجل ودرء المفاسد عنهم"
    وكلام الشاطبى يعين عموم المصلحة والتى قد تكون خافية فى تحقيق الحكم. وهذا عكس ما يستنبطونه من كلام الشاطبى ، وكلهم أجمعوا على أن المصلحة لا تكون قائمة بذاتها ، وكثير من المصالح تقوم على اصطلاحها الوظيفى وهو تحقيق المصلحة ، وهذا لا اعتبار له فى الشرع ، وإنما المعتبر هو ما وافق الشرع ، ووجد له سنداً من مصلحة حكمية أو مصلحة مرسلة تحت عموم مقاصد الشريعة.

    --- كذلك قول ابن القيم "الشريعة مبناها وأساسها على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدل كلها، ومصالح كلها، وحكمة كلها"
    والكلام واضح : أن الشريعة عند تطبيق الأحكام فإنها تحقق الحكمة والمصلحة والعدل !! وهذا هو عين ما قلته قبل ذلك وشرحته فى ردود سابقة ، أن تطبيق الحكم هو عين المصلحة وهو الهدف المرجو فى حد ذاته ، والحالة التى أعرضها تحت مسمى البراجماتية المتسببة فى تعطيل الأحكام هى عكس ذلك تماماً والذى يحدث على النقيض ، وهو تتبع المصلحة قبل تطبيق الحكم بمنهج عقلى نقدى يتحرى أثرها وفق معايير وأهواء ، فإن صادفت قبولاً .. نعود فنطبق الحكم ، وإن لم توافق معاييرنا عطلنا الحكم !! فحكم الشريعة هو الذي يضمن أو يكفل تحقيق العدل ، والرحمة ، والمصلحة ، وتستبن من تطبيقه الحكمة. وليس في النصوص التى هى مصدر الحكم ما يفيد جواز اتباع المصالح كشرط للتطبيق ، أو أن نجعل الحكم تبعاً لما يراه الحكماء ، أو الفقهاء ، أو المفتين وإن خالفت النصوص ، مدعين أنها من دواعى الإجتهاد والتجديد !! فأين ذلك من كلام ابن القيم !!

    --- ما فعله أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه من اسقاط حد السرقة فى عام المجاعة.
    فأقول : أن وظيفة الخليفة والحاكم ليس تعطيل الأحكام وإنما تطبيقها ، ولا يملك أمير المؤمنين -وحاشاه- أن يلغى الحكم أو أن يوقفه ، فإزالة الحكم كفر ، فالذى حصل فى قصة المجاعة أن الخليفة طبق الحكم الشرعى على وجهه الكامل ولم يعطله ، والخلل أن ناقل الخبر كناقل الأسفار مجرد حاطب ليل يقتطع العنوان ولا يفهم أى شئ من بقية الموضوع !

    فمن ذلك: أن النبى صلى الله عليه وسلم نهى عن إقامة الحدود فى أرض العدو ، فالحكم هنا تأخر ولكن بحكم آخر ، وليس فى هذا أى مخالفة لنص أو لإجماع لأن الشارع أعطى حالين مختلفين لحكم واحد ولا دخل هنا للمكان أو للزمان ، بل للحكم الذى تغير بحكم آخر ، فلا يقال أن الحكم بالحد قد تعطل ، بل يقال أن الحكم بعدم الحد فى أرض العدو هو الذى تم تطبيقه وتفعيله بدليل النص !!
    وعمر بن الخطاب رضى الله عنه أسقط القطع عن السارق تطبيقاً للحكم بدليل النص ، فهو لم يعطل حكم القطع ، بل قام بتطبيق حكم الإسقاط والمنع فى حال المجاعة ، والدليل حديث النبى الذى رواه الترمذى : "ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم فان كان له مخرج فخلوا سبيَه فإن الإمام أن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة" ، والحديث الآخر عن بن مسعود : "ادرؤوا الحدود بالشبهات، وادفعوا القتل عن المسلمين ما استطعتم" والمجاعة من الشبهات القوية التى تدرأ الحد .. كما قرر أهل العلم ، فهو لم يقطع تطبيقاً للنص واعمالاً للحكم وليس تعطيلاً له ، كما أنه لم يثبت أن أحداً من الصحابة عارضه فى ذلك ، فكلهم وافقه ، وهذا ما يسمى فى مصادر التشريع بالإجماع بين الصحابة ، لعلمهم واطلاعهم على الدليل حتى وإن لم يصلنا ، ولهذا.. ولعدالتهم ، كان اجماعهم من مصادر التشريع ، والقاعدة الفقهية تقول أنه لا قطع فى المجاعة قامت على أصل للحكم وليس من تعطيل له ، والحوادث من هذا النوع كثيرة ولا نحصى ، كطلاق الثلاث فى طلقة واحدة وغيره ، وليس هذا مكان البسط ، ولكن الشاهد أن الحكم لم يعطل وإنما طبق !

    مسالة أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب قد منع الزكاة عن المؤلفة قلوبهم .. وهذا كلام الرافضة والمغفلين ، ويردده أيضاً ضعاف العقول وعديمى الفقه ، فهذه الطائفة من مستحقى الزكاة معللة مخصصة بتوافر الشروط ، فإن زال عنهم الوصف او فُقدت تلك الطائفة فقد انتفى الحكم ولم يعد لتطبيقه فى هذا المقام أى حاجة وزالت علة الإعطاء ، فالذى حدث هو انتفاء علة الحكم وليس تعطيله أو إلغاؤه ، فحين عز الإسلام وانتشر وساد فى الجزيرة منع هذا القسم من الزكاة لأن مستحقيه اختفوا ، ولم يكن هذا من فعل عمر فحسب بل فعل ذلك من قبله ابو بكر الصديق رضى الله عنه. وكل أوجه الزكاة على هذا الحال . فمن كان فقيراً أخذ الزكاة ، ثم إن زال فقره زال حكمه ! فأين التعطيل والإزالة ؟!!


    سبحانك الله وبحمدك

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Sep 2004
    المشاركات
    1,955
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    لمثل هذا الموضوع وجد التثبيت
    الحق فضيلة واجبة الاتباع والباطل رذيلة موجبة الاقتلاع .

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    المشاركات
    1,636
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    موضوع جميل وفكرته تحترم،، لكنه شائك في نفس الوقت فنظرية المصلحة مسألة أصولية بامتياز وقاعدة الموازنة بين المصالح والمفاسد إذا تعارضت المصلحتان وتعذر جمعهما قاعدة أصولية معروفة،، وقد أصلها فقهائنا تأصيلا علميا بحثا .. وقد تحدث الأخ الفارس عن مسألة "المصالح المرسلة" أو "فقه الأولويات" و أغلب أهل العلم يعتبرونها ويعملون بمقتضاها، وإن كانوا لا يصرحون بذلك... وهي دليل من الأدلة الشرعية استفاض فيها أصحاب الأصول.
    وهو ثابت في الكتاب والسنة ولا مجال للطعن فيه ..

    أما أن نجعلها ديدنا ونخرجها عن ضوابطها في الشريعة الإسلامية فهذا غير مقبول ..

    والمسألة التي تتحدث فيها أيها الأخ الكريم تحدث فيها نجم الدين الطوفي في كتابه "شرح الأربعين" حينما شرح قوله عليه الصلاة والسلام : "لا ضرر ولا ضرار " ، حيث تكلم عن المصلحة، وبين الحكم عندما تتعارض المصلحة مع النص الشرعي ، وما الواجب فعله وقتئذ.
    التعديل الأخير تم 03-03-2008 الساعة 07:45 PM
    {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ}

    وكيف يعرف فرق ما بين حق الذمام وثواب الكفاية من لا يعرف طبقات الحق في مراتبه، ولا يفصل بين طبقات الباطل في منازله‏. [ الجاحظ ]

  14. #14

    افتراضي

    لا يغيب عنكم يا أستاذنا فخر الدين أن مذهب الطوفي رحمه الله في المصلحة المرسلة مرجوح غير منضبط ، ولا يسلمه له غيره من الأصوليين ، وقد تناوله عدد من العلماء بالنقد والمناقشة كجمال الدين القاسمي رحمه الله .

    والله أعلم .
    إن عرفتَ أنك مُخلط ، مُخبط ، مهملٌ لحدود الله ، فأرحنا منك ؛ فبعد قليل ينكشف البهرج ، وَيَنْكَبُّ الزغلُ ، ولا يحيقُ المكرُ السيء إلا بأهلِهِ .
    [ الذهبي ، تذكرة الحفاظ 1 / 4 ].
    قال من قد سلف : ( لا ترد على أحد جواباً حتى تفهم كلامه ، فإن ذلك يصرفك عن جواب كلامه إلى غيره ، و يؤكد الجهل عليك ، و لكن افهم عنه ، فإذا فهمته فأجبه ولا تعجل بالجواب قبل الاستفهام ، ولا تستح أن تستفهم إذا لم تفهم فإن الجواب قبل الفهم حُمُق ) . [ جامع بيان العلم و فضله 1/148 ].

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Sep 2004
    المشاركات
    4,556
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    لا شك أن هناك اتفاق بين أهل العلم ممن يقول بتعليل الأحكام أنها معللة بالمصالح وأن مقصد الشريعة كما قال الإمام الشاطبى يتلخص فى (( تحقيق مصالح الدنيا من أجل مصالح الآخرة )) وللمصالح ضوابط وضعها الفقهاء والأصوليون بمنتهى الدقة وليست متروكة لاجتهادات العوام وليس المقصود بالمصلحة عند الفقهاء المعنى العامى الساذج والموضوع مشروح شرحا مفصلا فى كتب مقاصد التشريع وأفضلها كتاب الموافقات للشاطبى برجاء مراجعته جيدا .
    قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. حول مقال الإسلام البراجماتي
    بواسطة محمد رشيد في المنتدى قسم الحوار العام
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 06-12-2008, 03:25 AM
  2. الإسلام البراجماتى .. وأخطاء فى التسويق !
    بواسطة الفارس مفروس في المنتدى الفارس مفروس
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 03-01-2008, 12:17 PM
  3. النظرة الاختزالية للمرأة في ظل الواقع البراجماتي المعاصر
    بواسطة muslimah في المنتدى قسم المرأة المسلمة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-08-2006, 02:37 PM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء