قرآءة معاصرة للصحيحين .. البخاري ومسلم
هل هذه ألاحاديث وحيَ من الله تعالى أم إفتراء على رسول الله؟؟
الجزء ألاول
مروان محمد عبدالهادي
بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله الرحمن الرحيم
أكرر ما قلته في بحث سابق، أنني لا املك إلا فكراً وقلماً وبرهانا وحجة، ولا أملك سيفاً اسلطه على رقاب من يعارضني في الرأي، ولا لساناً بذيئاً فقدت السيطرة عليه.. كما هو حال الذين يدعون إنهم حُماة السُنّة النبوية الطاهرة، وهم في ممارستهم اليومية وأفكارهم الممزوجة بشوائب التراث وعبودية السلف، والتي بكثير من الاحيان تخالف صريح القرآن الكريم، وعلى سبيل المثال وليس الحصر، كقول (بعض) العلماء والفقهاء والسواد ألاعظم من العوام من الناس، بأن السُنة القولية المتمثلة بالأحاديث قادرة على نسخ الآيات والأحكام من كتاب الله تعالىّ! معليلين بقولهم، القرآن أحوج للسُنة أكثر من حاجة السُنة إلى القرآن وأن السُنة قاضية عليه .. إنهم في حقيقة ألامر، أكثر الناس جهلاً بها وأكثرهم بُعداً عنها. فالسُنة النبوية الشريفة بإيجاز شديد هي: التطبيق العملي لرسول الله -صلى الله عليه وسلم لكتاب الله تعالى نصاً وروحاً
[b]تعريف سُنة الرسول الكريم[/b]
كتاب الله هو دستور المسلمين، وسُنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم، هي تطبيق هذا الدستور، والمسلمون مأمورون بطاعة الرسول ومُكلفون بإحترام هذا لتطبيق، مصداقاً لقول سبُحانه:
مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً - النساء80
كما كُلفوا بإحترام الدستور نفسه، وهذه السُنة لا تنسخ من احكام الله ولا تضيف عليه شيئاً، والرسول- صلى الله عليه وسلم، لا يُحرم ما أحل الله، ولا يُحل ما حرَم الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم. يقول الله تعالى:
قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ - الأنعام151
ولكن للرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم أن يمنع وينهى. نقف خاشعين أمام قول الحق سُبحانه وتعالى:
وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ -الحشر7
السُنة النبوية
هي توجيهات ظرفية ومكانية، وأوامر، وممنوعات ونواهي، وتقييدٍ للحلال للذين عاصروه بصفته نبياً وإماماً وقائداّ ومؤسساً لهذه الامة، غير ملزمة لنا ومن مصلحة المسلمين ألاستئناس بها، وهي أيضاً إجتهاده – صلوات الله عليه، فعندما كان يجتهد كان يـأتيه الوحي بالتصحيح، يقول تعالى:
مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى، وقوله: لَقَد تَّابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ، وقوله سُبحانه:
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ - التحريم 1 ولم يقل سبحانه لقد تاب الله على الرسول.
إن أحاديث الرسول الكريم لا ترقى للتشريع مع الله، أو بمعزلٍ عن تشريعات الله سبحانه وتعالى، ولا تنسخ من أحكام الكتاب شيئاً، وبإختصار شديد: إن كل ما فعله النبي الكريم بعيداً عن الرسالة ليس تكليفاً شرعياً. ولكن لرسولنا – عليه أفضل الصلوات والسلام، أن يُقيد الحلال، ومثالاً على ذلك
الله سبحانه وتعالى لم يُحرم الذهب والحرير في كتابه العزيز، ولكن الرسول نهى أن يُشرب في آنية الذهب والفضة وأن يؤكل فيها، ونهى عن لبس الحرير وأن يجلس عليه، وهذا النهي الظرفي والمكاني مُشتق من تحريم القرآن للترف، وإعتباره المُترفين أعداء كل إصلاح في كل أمة، مصداقاً لقوله تعالى:
وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ - سبأ 43. إن ألبَونُ كبير بين سُنن النبي وسُنن الرسول، عليه أفضل الصلوات والتسليم
لذا فأن جميع المرويات التي وردت في كتب التراث والتي تتفق وكتاب الله صحيحة حتى ولو ضعف السند.. وأؤمن بأن كل المروايات التي تخالف كتاب الله ليست من رسول الله حتى ولو صح السند
سؤال:
إذا كانت جميع هذه الاحاديث هي وحي ثاني!! من الله تعالى، فهل هذا معناه أن في وحي الله تعالى المتواتر والمشهور - الصحيح -الحسن - الضعيف -المرسل - والمسند والمرفوع- والموقوف- الموصول-المقطوع- المقطع - المُعضَل- المُدّلَس- الشاذ- المحفوظ -المُنكر- المعروف- المتابع —المتروك -المعنعن - العزيز- الغريب- المُعلل- المُضطرب - المدرج والمعلوب والموضوع-المسلسل- المُصحَف - المؤتلف -المُتفق - المُفترق -المُتشابه - العالي- النازل- الناسخ - المنسوخ؟؟
هل من حل لهذه المعضلة الكبيرة التي عاشها ويعيشها المسلمون؟؟
وخير ردٍ للشتامين الغافِلون الذين طبع الله على قلويهم وسمعِهم وابصارهِم هو قول المولى سبحانه وتعالى:
قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلاً - ألإسراء 84
صدقّ الله العظيم
لقد ضيق السادة العلماء والفقهاء.. رحاب آيات الله البينات وقيدوها بتأويلات بشرية غُلفت بأحاديث مفتراة على رسول الله – صلى الله عليه وسلم وهو منها براء، جُلَها يتعارض بشكل صارخ مع ما أوحيَ إليه عليه أفضل الصلاة والسلام، والحق سبحانه يقول:
تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ - الجاثية 6 وقوله عزَ وجلَ:
اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ - الزمر 2
الحقيقة المؤسفة: أن السادة العلماء والفقهاء من الخلف والسلف .. لم يحاولوا ولو مرة واحدة، تدبر كتاب الله تعالى من دون اللجوء إلى كتب الحديث المعتمدة لديهم.! والتفاسير التراثية ..لإعتقادهم الجازم بإنه لايمكن فهم كتاب الله إلا بتلك الكتب! وهذا للآسف الشديد ما لُقنا به منذ الصغر.. والحق سبحانه وتعالى يقول:
إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ - يوسف 2 وقوله جلَ وعلا أيضاً: وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا - الكهف 54
لقد كان حريٌ ومن الاولى على علماء الامة وفقهاءها.. تتدبر كتاب الله تعالى، مصداقاً لقول الله تعلى:
كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ ص 2 بدل إضاعة الوقت الثمين في تخريج ما يسمى بالاحاديث النبوية وجُلَها مفتراة على رسول الله – عليه افضل الصلوات والتسليم. نكتب هذا ولا علاقة لنا على الإطلاق في هذا البحث مع مشاعر الحب والكره، نحن بشر نصيب ونخطئ وهم بشرٌ يصيبون ويخطئون، وحسابنا جميعاً على الله العلي القدير.
ثلاثة عشرّ قرنا خلت والمسلمون وليومنا هذا يعيشون مع فيض من الاوهام والظنون والاباطيل، فقد هجر المسلمون كتاب الله تعالى ليتلى فقط على نفوس الاموات! وأستبدلوه بالذي هو أدنى.! بكتب الحديث والروايات التي تطفح بالاسرائليات وكتب الناسخ والمنسوخ..
يقول الله تعالى: وَقَال الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا - الفرقان 30
أجد لِزاماً عليّ أن أعترف للقراء الكرام مقدماً، وقبل الخوض في هذا البحث الذي نحن بحاجة ماسة إلى طرحه، بإن ما أكتبه اليوم وما كتبته في السابق، وما سوف أكتبه في المستقبل إن شاء الله تعالى، هو موجهٌ بالدرجةِ الاولى إلى شريحةٍ محددة من القراء، وهي ليست الشريحة (المنتفعة) من تجار الدين الذين يصفون أنفسهم بالباطل بأهل الذكر أو ورثة الانبياء.! أو ألآبائيون الذين صدق فيهم قول الحق سبحانه وتعالى:
وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَيَهْتَدُون – البقرة 170 وقوله سبحانه: أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا - النساء 82
بل هو موجه إلى المسلمين أالذين صدق فيهم قول الحق سبحانه وتعالى: الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ - آل عمران 191
لهؤلا للقراء الذين لا يكابرون .. كل الحق في ان يٌشكِكوا في كل الافكار التي تقدم إليهم، بل يتوجب عليهم أن يضعوا
كل كلمة في بوتقة الاختبار، ليتيقنوا من خلو الدسم من السٌُم، والتدقيق في أهداف هذا الكاتب أو ذاك، مبطنةً كانت الاهداف أم ظاهرة، بل ولهم كل الحق في أن يتساءلوا هل هذه الافكار التي تقدم لهم هي لإضلالهم أم لإرشادهم. نأمل في هذ البحث الذي بين أيدينا أن تخبوا الشكوك وأن يُحصحصّ الحق لكل الذين يرجون لقاء ربهم ولا يكرٍرون قول الآباء:
وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ - قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُم بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ - الزخرف – 23-24
وحرصاً مني على احترام عقول القراء، فسوف اضع بين أيديهم الحجة والبرهان، نماذج من (بعض) الاحاديث والروايات المفتراة على الرسول الكريم، التي أساءت إلى شخصه وعِرضه بصفة خاصة، ولرسالته بصفةٍ عامة، وقزَمت الاسلام دين الله القيم وأصابته في مقتل، والشواهد كثيرة لا تعد ولا تحصى، سمع وقرأ عنها القاصي والداني، هذه النماذح نقلتها حرفياً من الصحيحين صحيح مسلم، وصحيح البخاري، والذي يصفه المسلمون (بأصدق كتاب بعد كتاب الله!) فهاهم علماء وفقهاء الامة.. يجعلون من كتاب البخاري كتاباً آخر مع كتاب الله تعالى!! (وهذا شرك بواح) لنسلطّ الضوء بعد ذلك على كيفية تعامل صحابة رسول الله – صلى الله عليه وسلم، ورضوان الله عليهم جميعاً مع ما يسمى بالحديث النبوي. ما نرجوه من القراء الذين لا يكابرون هو الصبر الجميل، إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِين
إن السؤال المحوري الذي يجب أن يدور في خلد كل مسلم غيور، من هم الدساسون المستفيدون من الإفتراء على رسول الله – عليه الصلاة والسلام والتدليس عليه مع سبق الاصرار؟؟ تارة ينسبون هذه الاحاديث إلى أشخاص لا نعرف لهم كنية أو نسبا (حدثنا عبدالله أو عن أبي وائل أو عن أبي صالح وحدثنا ليث أو حمران؟؟؟) وتارة أخرى ينسِبونها للصحابي الجليل أبي هريرة إو إبن عباس أو إبن عمر! سوف تتجلى للقراء الكرام، الدوافع السياسية والعقائدية والمادية وتبِاعاً في هذا البحث إن شاء الله.
النموذج الاول
(1)
صحيح البخاري، الحديث رقم: 583: كتاب الاذان- حدثنا عبد الله بن يوسف قال أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع التأذين فإذا قضي النداء أقبل حتى إذا ثوب بالصلاة أدبر حتى إذا قضي التثويب أقبل حتى يخطر بين المرء ونفسه يقول اذكر كذا اذكر كذا لما لم يكن يذكر حتى يظل الرجل لا يدري كم صلى
لنتأمل هذا الحديث المفترى على رسول الله هو أن الله سبحانه وتعالى ارسل الروح القدس جبريل (ع) إلى رسوله الكريم خصيصاً ليعلمه بأن للشيطان ضِراطاً .. وأنه (الشيطان سيُصدر ضِراطاً حتى لا يسمع الآذان
فهل هذا الحديث وحي من الله تعالى لرسوله الكريم، والرسول عليه الصلاة والسلام مامورٌ بتبليغه لنا؟؟ يقول الله تعالى في كتابه العزيز
وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا – الكهف 27
(...)
ودمتم بحفظ الله ورعايته
ليكن النقاش حول نقطة واحدة من الموضوع لتأخذ حقها من النقاش
متابعة إشرافية
مراقب 1
Bookmarks