الثالث : أن في التعبير بـ { بضع سنين } تشويقا وحثا على ترقب الأخبار والأيام بين الفرس والروم في جميع هذه المدة يوما بعد يوم وعاما بعد عام ، ولهو أكثر إثارة للنفس من تحديدها بسنة محددة تنصرف النفس عن تتبع الخبر في أكثر هذه المدة حتى يحين ذلك العام أو ذلك الشهر ، وربما محاه النسيان عن أنفس الكثيرين ، أما والأمر مترقب في كل حين ، والأخبار ترد والناس تسأل ! فهذا من أعظم البلاغة التي تعصف بالنفوس وتجذب الأفئدة وتأخذ بالألباب ، ثم لا يكون ما أخبر به القرآن إلا حقا وصدقا ، فتكون إعجازا فوق إعجاز وهكذا هي أخبار القرآن جميعها ، لا تحصى عجائبه ولا تنقضي معجزاته
أهم المعارك التى أنهت تفوق الفرس على الروم وحسمت الحروب لصالح الروم :
.بخصوص الموقف العسكري لدولة الروم وقت نزول النبوءة - بل وبعده! - فقد كانت الدولة الرومية في حالة يرثى لها من المجون والخلاعة ولا سيما في السنوات الأولى لحكم هرقل والذي تولى الحكم في عام 610 .. ولا ننسى أن النبوءة نزلت في عام 615 تقريبًا
يقول إدوارد جيبون:
ان محمدا (صلى الله عليه وسلم ) تنبأ حين بلغت فتوح الايرانيين أوجها وقمتها
ان الرايات الرومية سترتفع بالفتح والانتصارفي بضع سنين
( يقول جيبون ) : ولم يكن شيء أبعد عن القياس من هذه النبوة التي أعلنها محمد !
لان السنين الاثنتي عشرة الاولى من حكم هرقل كانت تعلن بتمزق الامبراطورية الرومانية ونهايتها القريبة . ( انحطاط الامبراطورية الرومانية : 3/302-303 ) .
جدير بالذكر أن السنين الاثنتي عشرة الأولى من حكم هرقل تمتد من العام 610 إلى 622 .. أي بعد نزول النبوءة بـ 7 سنوات بحسب ما يقول إدوارد جيبون ..
فتخيل حالة الدولة في وقت نزول النبوءة .. وطبعا لك أن تتخيل سخرية مشركي مكة من التنبؤ بأمر كهذا في وقت كهذا
فمن قال بتوقع الأمر أو ما شابه يعني أنه يقول أن محمدا صلى الله عليه وسلم وضع أمر نبوته ودعوته كلها - كما يقولون - على كف عفريت
أي أن النبوءة لو لم تقع لقامت الدنيا ولم تقعد, ولانهدم الدين
فلا يمكن أن تخرج نبوءة مثل هذه إلا بوحي من عند الله تبارك وتعالى .. فقط!!
ولا يمكن تصور بشر يخاطر بدعوته بشكل كهذا إلا إن كان يتحدث بوحي ولا يتكلم من نفسه
يقول جيبون : كما أن ضباب الصبح والاصيل ينقشع ويتبدد بنور الشمس البازغة الوهاج : كذلك تحوّل الامير الرقيق المترف الذي لم يكن يعرف الا الشباب والهوى فارسا منتصرا يقود الجيوش ويفتح البلاد
الحقيقة أنني أرى قول الزميل الكريم بأن الفارق بين النبوءة وتحققها أربعة عشر سنة لا تسع سنوات أمر يثير الاستغراب . وجوابي عليه لن يكون من كتاب عربي لأنه يمكن أن يتبادر إلى الذهن أنه يخفي الحقيقة ويزيف التواريخ. إنما سأحيل هنا إلى مواقع تاريخية فرنسية تتحدث عن سنوات تاريخ الأمبراطورية الرومانية يوما بيوم بحسب الأحداث المهمة!!
مثل هذا الرابط :
http://www.byzantina.com/haute_epoque.htm
لكن قبل أن نأخذ التواريخ الرومانية من هذا الموقع ونقوم بتحليلها ، لنرتب حوادثنا التاريخية
نعلم جميعا أن :
- البعثة النبوية وقعت في سنة 610 ميلادي.
- الهجرة حدثت بعد ثلاثة عشر عاما بعد البعثة وهو ما يوافق في التقويم الميلادي سنة 622 وبالضبط في 16 من شهر يوليو.
- غزوة بدر وقعت في العام الثاني للهجرة ، وهو ما يوافق سنة 624ميلادي .وأشكر زميلي القلم الحر على التصويب، فقد خلطت في مداخلتي الأولى عام الهجرة بانتصار بدر.
نأتي الآن إلى التاريخ الروماني ونستعرض حوادثه الكبرى بحسب ترتيبها الزمني :
في خامس من شهر ماي سنة 614 حدث الانتصار الكبير للفرس على الروم .
في 3 أكتوبر من سنة 614 سينقلب هرقل على فوكاس ، ويعتلي عرش الإمبراطورية في القسطنطينية محولا بذلك الإمبراطورية الرومانية إلى إمبراطورية بيزنطية.
نأتي الآن للموقع التاريخي الفرنسي
لنتأمل التواريخ :
614 prise de jérusalem par les perses
626 siège de constantinople par les avars
629 victoire d’héraclius et défaite totale de l’empire perse
636 défaite des armées byzantines sur le yarmuk face aux arabes
أترجم :
614 استيلاء الفرس على القدس.
626 محاصرة القسطنطينية من طرف الأفاريين.
629انتصار هرقل والهزيمة التامة للأمبراطورية الفارسية.
636 هزيمة الجيوش البيزنطية في اليرموك أمام العرب .
وتلك ترجمة حرفية لما جاء في ذلك الموقع.
Bookmarks