صفحة 3 من 4 الأولىالأولى 1234 الأخيرةالأخيرة
النتائج 31 إلى 45 من 49

الموضوع: عدل الله . . ( موضوع للنقاش )

  1. #31
    تاريخ التسجيل
    Sep 2004
    المشاركات
    4,556
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ATmaCA
    ياابا مريم . . .

    يعنى هل لان الله تعالى ( كامل ) يبقى خلاص مفيش ظلم ..!!

    يعنى هذا منطق غير سليم برأيى . .
    نعم وبكل تأكيد ولكن كلمة مفيش ظلم ليست دقيقة بل قل مش ظالم هذا هو الاستنتاج المنطقى الصحيح

    وانا لم اقل هذا الا استناداً على السؤال الذى لم اجد لة اجابة حتى الان
    يبقى السؤال غلط بكل تأكيد كقولك مثلا (( هل الخطوط المتوازية التى تخرج من نقطة واحدة تتلاقى )) أنا اسألك هذا السؤال وعليك بصفتك دارس للرضيات وتعتقد صحتها أن تجيبنى وإلا فإننى سأشك فى صحة هذا العلم .. ما رأيك ولدى اسئلة أخرى للمتخصصين فى التاريخ (( كيف انتصرت مملكة سبأ على الولايات المتحدة فى معركة التل الكبير )) وسؤال آخر لبتوع الأحياء وثالث لبتوع الكيمياء وهلم جرا ..

    اخى ابا مريم . .

    كيف تقول ان الموضوع ليس شبهة او هام . . وانا ذكرت اكثر من مرة ان الموضوع ينفى عدل الله . . اذا كنت ترى عكس ذلك ففهمنى !! . .
    أقول ذلك يا أخى لأن السؤال فى حد ذاته غير منطقى لاعتماده على المقابلة بين المطلقات وفكرة تقييد المطلق بالمطلق على أن يبقى مطلقا !!! هذا كلام غير منطقى ولو قلبته من كل وجه وجدته مفعم بالتناقض .
    فمعظم الاجابات الى الان من نوع :

    -- لاتسأل

    -- انت عقلك لن يحيط بذلك .

    -- ليس من حقك ان تسأل .

    -- امثلة ليست فى الصميم .
    فلنبحث الموضوع منطقيا وعقليا وبالمنهج الذى تريده ومن المقدمات التى تسلم بها أنت فما رأيك ؟
    ياابا مريم هذا الموضوع كان هو الشاغل الاول عند المفكرين والفلاسفة . . حاول بعضهم التشكيك فى الرحمة . . فقالوا كيف الة رحيم ويخلق الشر فى الدنيا . . ولكن مسألة العدل لم يكن لها جواااااب
    مش بالضبط المشكلة كانت تدور حول وجود الشر فى العالم وليس حول كونه تعالى عادلا قال بعضهم الشر ليس أمرا وجوديا ولا ينسب إلى فاعل فلا ينسب إلى الله وقال بعضهم الشر لا يتمحض بل هو شر من جهة وخير من جهات أخرى وقال بعضهم بل ليس هناك خير محض ولا شر محض فى هذا العالم وأن هذا العالم هو أبدع ما يمكن أن يكون وهو قول ابن سينا ليس فى الإمكان أبدع مما كان .. هذا ما خاضوا فيه ولم يقل أحد إن الله تعالى ينبغى ألا يخلق الكافر إلا بعض الناس وقد رد عليهم العلماء حتى من المعتزلة ردودا قوية جدا ..

    يااخى لو كان الموضوع يزعجك فرجااااء لاتزعج نفسك وتشارك فية . . عموما هذا اخر رد لى فى الموضوع . . لاننى اعرف ان الموضوع ليس لة اجابة . . ولكنها كانت مجرد محاولة يائسة
    سامحك الله يا أخى الكريم كيف تظن أن الحوار معك أو مع أى أخ لى هنا يزعجنى بل على العكس من ذلك فأنا سعيد بالحوار معك وربما كان فى طريقتى بعض الشدة وهذا من أثر الحوار مع الملاحدة واللاينيين ..
    استمر أخى الكريم ولا تترك هذا الموضوع فهو يشغل الكثيرين ولا بد وأن نصل فيه إلى شاطئ الأمان ودعك من موضوع اليأس فالذى يفنى عمره فى البحث عن الحق لا يعرف هذا الكلمة ولا يدرى لها معنى ..
    تقبل صادق تحياتى ومحبتى الخالصة وفى انتظار ردك .
    التعديل الأخير تم 04-18-2005 الساعة 07:07 AM
    قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ

  2. افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ATmaCA
    كيف تقول ان الموضوع ليس شبهة او هام . . وانا ذكرت اكثر من مرة ان الموضوع ينفى عدل الله . . اذا كنت ترى عكس ذلك ففهمنى !! . .
    فمعظم الاجابات الى الان من نوع :
    -- لاتسأل
    -- انت عقلك لن يحيط بذلك .
    -- ليس من حقك ان تسأل .
    -- امثلة ليست فى الصميم .
    اابا مريم هذا الموضوع كان هو الشاغل الاول عند المفكرين والفلاسفة . . حاول بعضهم التشكيك فى الرحمة . . فقالوا كيف الة رحيم ويخلق الشر فى الدنيا . . ولكن مسألة العدل لم يكن لها جواااااب . .
    يااخى لو كان الموضوع يزعجك فرجااااء لاتزعج نفسك وتشارك فية . . عموما هذا اخر رد لى فى الموضوع . . لاننى اعرف ان الموضوع ليس لة اجابة . . ولكنها كانت مجرد محاولة يائسة .
    تحيتى لك . .
    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاتة . .
    أخي الفاضل أتماكا
    تحية طيبة

    لقد قلت أنت أن هذا الموضوع هو الشغل الشاغل عند الفلاسفة ، وأنا سأعيد عليك قول الرسول (ولا يزالون يتسائلون) حتى يقولوا من خلق الله .....

    استحلفك بالله العادل الرحيم فقط أن تفكر : ما هي فائدة هذا السؤال ؟

    يا أخي ... القلق الذي عندك لم ينشأ من خوفك على الكافر ، بل هو من الشك الذي أصاب إيمانك بصفة من صفات الله .
    هل شكك في صفة من صفات الله له فائدة ؟
    لا ... بل يجعلك قلق كما أوضحت أنت بنفسك
    هل خوفك على الكافر له فائدة ؟
    نعم ... يحفزك لتدعوه للإسلام فتزداد طمانينة ويأتيك من الراحة ما الله به عليم

    حوارنا معك مبني على الوضوح والخوف عليك والمحبة لك . ولن تجد في كلام الفلاسفة إلا شبهات ومهاوي ، والفلسفة يمكن لك أن تسميها (علم الشك) .
    ما قرأنا في كلام القرآن فلسفة ولا سمعنا من أقوال النبي فلسفة .. كلام واضح وموجز .. يقين وإيمان
    وهذا ما لن تجده عند الفلاسفة التي قرأت عن بعض حواراتهم من أنه يستطيع أن يقنعك أن بما تراه أمامك أحمر اللون بأنه أسود اللون ....

    أنا يا أخي وجدت الرد على سؤالي وهو نفس سؤالك ، وليس كما تقول من أنني لم أجد له جواب . ممكن أنه ما يقنعك لكني وجدته وارتحت واطمأننت .

    الجواب هو : أنني وجدت أن السؤال ما له أي فائدة لا لي ولا لغيري .. لا في ديني ولا في دنياي ...
    الجواب هو : أنني أيقنت أنني كنت ممن قال فيهم تعالى (ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ويتبع كل شيطان مريد ) وأبحث عن كل ما (يقنعني) بضلالي .
    الجواب هو : أن السؤال كاد يرديني سواء السبيل حتى صرت أسأل نفسي عن كل صغيرة وكبيرة ، بل أصبحت أنسب الشر لله وأنسى أنني السبب في مصائبي باختياري وعملي وقدرتي ..
    الجواب هو : أن (الظن لا يغني من الحق شيئاً) ، وكل سؤالي كان (شك) وليس فيه أي يقين .. أتعرف لماذا ؟ لأن سؤالي كان على منوال (ولا تقربوا الصلاة) ثم سكوت ...
    الجواب هو : أنني وجدت الراحة والطمأنينة بالاستعاذة بالله كلما هم بي سؤالي ، والانشغال بغيره مما يفيد حتى لو أقوم أجري وأركض .
    الجواب هو : أنني وجدت الراحة ونسيته تماماً ، واقتنعت بأنه (من وسواس خناس) لن يهدأ حتى يرديني في الكفر ..
    الجواب هو : أنني كنت أجادل وأدافع عن سؤالي لأنني كنت أريد أن أسمع جواباً يوافق شيطاني ونفسي بأن الله ظالم . ولكن ربي كان أرحم بي مني فسخر لي من يجيبني بعد أسابيع من الجدال . وكل ما أجابك به الزملاء هنا كاف وواف إن لم تغلق مدارك فهمك وتعصبت لرأيك .. وهذا هو (اتباع الهوى) .
    الجواب هو : في يدك يا أخي .. إن كنت تبحث عما يريحك ويجعلك مطمئناً .. وأقسم لك أن ركعتين في جوف الليل لربك تبكي إليه وتشكوا إليه شكك وان تسأله راحة نفسك لهي أكبر جواب لسؤالك .... ممن تشك بعدله ......

    ولك مني خالص الدعاء بأن يجعل الله لسؤالك جواب تقر به عينك وتطمئن به نفسك .

    أخوك : أبو المثنى

    (إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَأُوْلئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ)
    (بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ )
    (فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ)

  3. #33

    افتراضي

    أخي الحبيب .. أتماكا

    أستميحك عذراً لانقطاعي (المؤقت) عن مواصلة الحوار الشيق معك .. لانشغالي ببعض الأمور الهامة ..

    على كل حال .. أرى أخي الفاضل أننا ندور في حلقة مفرغة .. وذلك لأننا لم نتفق من البداية على مقدمات (تأصيلية) تقودنا إلى نتائج ملزمة لكلا الطرفين ..
    فلا يخفى عليكم أخي الحبيب أهمية التأصيل العلمي والمنهجي في هذه المواضيع الحساسة،
    ولعل الأخ الحبيب أبو مريم وبقية الأخوة يوافقونني الرأي ..

    فإليك ستة أصول .. أرجو ان تجد عندك القبول ..

    الأصل الأول: يقول الشيخ ابن عثيمين:
    أسماء الله تعالى إن دلت على وصف متعد، تضمنت ثلاثة أمور:
    أحدها: ثبوت ذلك الاسم لله عز وجل.
    الثاني: ثبوت الصفة التي تضمنها لله عز وجل.
    الثالث: (ثبوت حكمها ومقتضاها).

    أما الصفات فتتضمن الثاني والثالث فقط.
    (ولا يكون مؤمناً بها من لم يؤمن بحكم الصفة ومقتضاها).

    مثال ذلك: "السميع" يتضمن إثبات السميع اسماً لله تعالى، وإثبات السمع صفة له وإثبات حكم ذلك ومقتضاه وهو أنه يسمع السر والنجوى كما قال تعالى: (وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ).

    الأصل الثاني: يقول الشيخ ابن عثيمين:
    دلالة أسماء الله تعالى على ذاته وصفاته تكون بالمطابقة وبالتضمن وبالالتزام.
    مثال ذلك: "الخالق" يدل على ذات الله، وعلى صفة الخلق بالمطابقة، ويدل على الذات وحدها وعلى صفة الخلق وحدها بالتضمن، (ويدل على صفتي العلم والقدرة بالالتزام).
    ولهذا لما ذكر الله خلق السموات والأرض قال: (لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاَطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً).
    واعلم أن اللازم من قول الله تعالى، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا صح أن يكون لازماً فهو حق؛ وذلك لأن كلام الله ورسوله حق، ولازم الحق حق، ولأن الله تعالى عالم بما يكون لازماً من كلامه وكلام رسوله فيكون مراداً.
    (ودلالة الالتزام مفيدة جداً لطالب العلم إذا تدبر المعنى ووفقه الله تعالى فهماً للتلازم، فإنه بذلك يحصل من الدليل الواحد على مسائل كثيرة).


    الأصل الثالث : إن الأفعال التي يحدثها الله تعالى في الكون تنقسم إلى قسمين :
    القسم الأول : ما يجريه الله ـ تبارك وتعالى من فعله في مخلوقاته فهذا لا اختيار لأحد فيه كإنزال المطر وانبات الزرع والإحياء والإماتة والمرض والصحة وغير ذلك من الأمور الكثيرة التي تشاهد في مخلوقات الله تعالى وهذه بلا شك ليس لأحد فيه اختيار وليس لأحد فيها مشيئة وإنما المشيئة فيها لله الواحد القهار .

    القسم الثاني: ما تفعله الخلائق كلها من ذوات الإرادة فهذه الأفعال تكون باختيار فاعليها و أرادتهم لان الله تعالى جعل ذلك إليهم قال الله تعالى لمن شاء منكم أن يستقيم ) (التكوير :28) وقال تعالى(منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ) (آل عمران 152) وقال تعالى : ( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) ( الكهف : 29 ) والإنسان يعرف الفرق بين ما يقع منه باختياره وبين ما يقع منه باضطرار واجبار.


    الأصل الرابع: ليس في الإسلام ما يحكم عليه العقل بالمحال. وقد يكون فيه ما يحير العقول، وهدا ينتج لقصور العقل عن إدراك المراد، وما يحير العقول لا ينهض لرد اليقين كالإيمان بصفة العدل (ومقتضاها ولازمها – الأصل الأول والثاني)، والواجب عند العقلاء عند تعذر التوفيق بينهما تقديم اليقين على الشك.

    الأصل الخامس: يقول الإمام ابن القيم: " ومن علامات تعظيم الأمر والنهي: أن لا يحمل الأمر على علة تضعف الانقياد والتسليم لأمر الله عز وجل، بل يسلم لأمر الله تعالى وحكمه، ممتثلاً مما أمر به، سواء ظهرت له حكمة الشرع في أمره ونهيه، أم لم تظهر، فإن ظهرت له حكمة الشرع في أمره ونهيه، حمله ذلك على مزيد من الانقياد بالبدل والتسليم لأمر الله، ولا يحمله على الانسلاخ، منه وتركه جملة، كما حمل ذلك كثير من زنادقة الفقراء المنتسبين إلى التصوف".

    الأصل السادس: يقول الإمام ابن القيم: " العقلاء جميعًا متفقون علي أن الفاعل إذا فعل أفعالًا ظهر فيها حكمته و وقعت علي أتم الوجوه و أوفقها للمصالح المقصودة بها ، ثم إذا رأوا أفعاله قد تكررت كذلك ، ثم جاءهم من أفعاله ما لا يعلمون وجه حكمته فيه لم يسعهم غير التسليم لما عرفوا من حكمته و استقر في عقولهم منها ، و ردوا منها ما جهلوه إلي محكم ما علموه ".

    فهل أخي الحبيب متفق معي على هذه الأصول الستة ؟؟؟

    ولعلك إذا أمعنت النظر .. وقرأت ما بين ثنايا السطور .. وأدركت لوازم قبول هذه الأصول ..

    ومقتضى الإيمان بها ..

    يحصل المأمول ..

    بانتظار ردك أخي الحبيب ..

  4. افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ATmaCA
    يعنى انا سوف اذهب اليك الان واقوم بحرقك بالنار . . واذا سألتنى عن سبب ذلك سأقول لك ( لاننى لم اظلمك )
    هل ترى ان هذا سبب مقنع ؟؟

    . .
    عذرا يا اتماكا ز لكن كيف تقيس نفسك على الله عز وجل؟!
    الله خلقني و رزقني و علمني واحبه و يحب هو عباده المؤمنين افلا اصدقه اذا اخبرني ؟
    وبمن اثق اذا لم اثق برب العالمين؟
    ااثق بنفسي و عقلي؟ و انا عالم بهذه النفس التي اوردتني المهالك؟
    ام اثق بعقلي؟
    ام اثق بالشيطان؟

    وسؤال لم انت اسف على هؤلاء الناس الذين سيدخلو ن جهنم؟
    الم يشركوا؟ الم يقجروا؟الم يجرموا؟
    فليدخلوا جهنم و بئس المصير.
    اللهم فك أسر الشيخ المجاهد حامد العلي و اخوانه من العلماء المجاهدين الذين صدعوا بكلمة الحق عندما خرس الكثير
    موقع الشيخ حامد العلي
    http://h-alali.info/npage/index.php
    منبر التوحيد و الجهاد
    http://www.tawhed.ws/
    حمل موقع الشيخ علي الخضير فك الله اسره و أسر اخوته
    http://www.islammessage.com/books/ali_alkhudair/22.rar
    فلم وثائقي:براءة المجاهدين من تقصد سفك دماء المسلمين
    http://islammessage.com/vb//index.ph...=0&#entry41729

  5. #35
    تاريخ التسجيل
    Apr 2005
    الدولة
    Lebanon
    المشاركات
    121
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي


    السلام على من اتبع الهدى
    أخي العزيز
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ATmaCA
    ارجع اخى الى الوراء قليلاً . . الله قبل ان يخلقك . . هل كان يعلم انك كافر وستدخل نار ابدية ام لا ؟؟

    طبعا ستقول ( يعلم وهو بكل شىء عليم ومحيط ) . ويعلم ماكان وماسيكون .
    كلام سليم...
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ATmaCA
    اليس من الظلم اننى اعلم مصيرك وانك ستدخل النار ومع ذلك اوجدك ؟؟
    أرأيت أخي هنا يكمن خطأك ...وهذا ما وضحته لك
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة XhacK
    فأنت تحكم أو (تستفسر) وتضع علم الله أمامك وكأن علم الله تحتك وأنت تحكم عليه أو أنك تحيط به
    لقد أعتقدت أنك تضع علم الله أمامك ولكن المشكلة أنك وضعت نفسك مكان الله..!!!!!!!
    الجـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــواب (وسأغير هذه المرة كلمة مخول)
    أنك لست بموضع الـــه حتى تحكم على هذه الأمر .....أخي أنت تكابر على نفسك!!!!
    بما أنك انسان فسؤالك يكون على حد مقدرتك ...وهذا ما قصدته من
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة XhacK
    فأقول اذا أنت لم تعلم لنفسك ماذا قدر الله لك مؤمنا أم كافرا فكيف تستفسر عن أمر لا تملكه (على الأقل) لنفسك؟؟؟؟؟
    يعني يا أخي الكريم أنت تعترض على حكمة خلق الكافر وزجه بالنار (من وجهة نظر الــه) ......ولكن ما يتبادر للاذهان هو ..
    ماذا خلقني الله مؤمن أم كافر؟؟؟....وكيف سأموت مؤمن أم كافر؟؟؟
    وهنــــــــــــــــــــــا ومن وجهة نظر (الانسان) وليس (الالـــه) يأتي (الالـــه) ويقول (عز وجل)
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة XhacK
    {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} (3) سورة الإنسان
    فاللــــه (عز وجل) أعطــــاك هذا العقل و(ميزك) عن كثير من مخلوووقاته ووضع أمامك الطريق لماذا؟؟
    ألكي يتسلى ..!!!!!! (معـــــــــــــــــــــــاذ الله)
    {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ(16)لَوْ أَرَدْنَا أَن نَّتَّخِذَ لَهْوًا لَّاتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّا إِن كُنَّا فَاعِلِينَ(17)} سورة الأنبياء

    ألكي أقول ان الله يعلم كيف خلقني وكيف سأموت ....اذا سوف ألحد وأشرب وأزني ....بما أن الله يعلم أني سأفعل ذلك وهو ظلمني وحدد لي من قبل وجودي وهذا الطريق لماذا اذا سيحاسبني!!!
    ستقول كلا ....لماذا كلا!!! لأنه عندما أعطاني (العقل) -طبعا بدون ذكر باقي نعمه (عز وجل) علي- ...لانه عندما أعطاني العقل (خيرني) وأنا الذي اخترت وكما يقولون (بكامل قواي العقلية)
    فكل ما فعلت كان بارادتي ...!!!!
    اذََا ..اذا أدخلني الله الى النار فسيكون ذلك بسببي لأنني أنا فعلت ذلك بارادتي و (بكامل قواي العقلية)..وليس ظلما منه عز وجل

    لذا ومن هذا المنطلق (المنطلق السليم) يا عزيزي ترى وتستنتج وبكل بساطة أن الله لم يظلمك ولكن أنت ظلمت نفسك وكابرت عليها وعصيت وفعلت كذا وكذا ....
    {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} (118) سورة النحل
    لاحظ كلمة أنفسهم أخي الحبيب
    اذا أنت من وجهة النظر(الانسانية) تأخذ المفهوم (مفهوم الكافر والمؤمن) بهذا الشكل أخي
    وقبل أن أنهي كلامي هنالك أمر!!!!
    لقد قلت أنت
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ATmaCA
    عموما هذا اخر رد لى فى الموضوع . . لاننى اعرف ان الموضوع ليس لة اجابة . . ولكنها كانت مجرد محاولة يائسة .
    فهل أفهم من هذا أنك أنكرت وجحدت صفت العدل لله ؟؟
    جاوبني بصراحة
    هذا والله أعلم ..والسلام عليكم

  6. #36
    تاريخ التسجيل
    Sep 2004
    الدولة
    مِن كل بلاد الإسلام أنـا.. وهُـم مِنـّي !
    المشاركات
    1,508
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    2

    افتراضي

    السلام عليكم

    الأخ الكريم أتماكا

    لن أقول لك

    -- لاتسأل
    -- انت عقلك لن يحيط بذلك .
    -- ليس من حقك ان تسأل .
    -- امثلة ليست فى الصميم .
    ولكن سأجيب على سؤالك مباشرةًُ



    العـــــــــدل ....لا يعني ....المســــــــاواة



    العدل: هو أن يوضع كل شيء في موضعه.

    وأنت تظن أن العدل يعني المساواة

    بينما المساواة تكون في الأمور المتماثلة

    مثال توضيحي:
    لو أن فلاحًا عنده قطعتين من الأرض، إحداهما بور فاسدة تفسد كل بذر طيب يوضع فيها والأخرى طيبة صالحة بحيث كل ما يُبذر فيها ينبت ويثمر..فلو أن أحدًا قال للفلاح: لماذا لا تضع البذر الطيب في الأرضيين، لأن هذا هو العدل؟!..وأنت بذلك تظلم الأرض الخبيثة..

    فيكون هذا ســفه وجهل في حق الفلاح

    فما بالك بالله عز وجل؟!الذي يضع كل شيء في موضعه؟

    إذن خلق الله تعالى للكافر وهو يعلم مصيره لا يتعارض مع العـــدل أبدًا.

    والإسلام أجاب على هذا السؤال

    لأن من يطلب هذه المساواة هو كمن قال:

    ((لَن نُّؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللّهِ اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ))(124)الأنعام

    والله تعالى تولى الرد قائلاً: ((اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ))


    ((أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ))

    --- *** ---
    العلم بالحق والإيمان يصحبه ** أساس دينك فابن الدين مكتملا
    لا تبن إلا إذا أسست راسخة ** من القواعد واستكملتها عملا
    لا يرفع السقف ما لم يبن حامله ** ولا بناء لمن لم يرس ما حملا

    --- *** ---



    فضلاً : المراسلة على الخاص مع الأخوات فقط.

  7. #37
    تاريخ التسجيل
    Dec 2004
    الدولة
    egypt
    المشاركات
    2,149
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    الاخوة الاحباء . .

    ابومريم -- ابوالمثنى -- اميرة الجلباب -- xhack -- ابو مارية القرشي -- مالك مناع .

    اشكركم بقلب صادق على ردودكم . .
    مع انى لم اجد جواب يريح العقل . ( فى الثلاث ديانات )
    والله المستعان .
    التعديل الأخير تم 04-19-2005 الساعة 05:02 AM

  8. افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ATmaCA
    الاخوة الاحباء . .
    ابومريم -- ابوالمثنى -- اميرة الجلباب -- xhack -- ابو مارية القرشي -- مالك مناع .
    اشكركم بقلب صادق على ردودكم . .
    مع انى لم اجد جواب يريح العقل . ( فى الثلاث ديانات )
    والله المستعان .
    أخي العزيز أتماكا ....
    أنت مسلم ...
    ولست ملحد ...
    الجواب الذي تطلبه أنت كما تقول (يريح العقل) ...
    العقل !!!!
    هل تطلب جواب يريح عقلك انت فقط ؟
    أم تطلب جواب يريح عقل الملحد ؟
    أم تطلب جواب يريح عقول لا عد لها ولا حصر ؟

    لاحظ من جميع المداخلات .... الزملاء مقتنعون بردهم على سؤالك ، ولكن انت غير مقتنع .
    أنا كنت مقتنع زيك بأنه لا يوجد جواب ولكني بعد ذلك وجدت الجواب واقتنعت فيه ...

    ما أريد أن أقوله : أن هناك (جواب ما) في عقلك أنت تريد (جواب خارجي) مطابق له ؟؟؟؟

    أو أن هناك (مواصفات) خاصة بعقلك ، للجواب الذي تريده لكي (يريح عقلك) ....
    ولذلك أستميحك العذر بأن تقول لي ما هي مواصفات الجواب الذي (سيريح عقلك) ؟؟؟

    لو كان المسلم يؤمن بصفات الله والغيب من خلال عقله فقط ، لكنا اليوم ملحدين ؟؟
    لماذا ؟
    لأنني كمسلم (أؤمن) بما قاله الله في كتابه أو على لسان نبيه ،
    وما دام الله بيقول لي أنه كامل الصفات ، ويقول لي (وما ربك بظلام للعبيد) ، فإما أن أكون مسلم وأصدق به يقيناً لا يشوبه شك ، وإلا أكون مكذب بما يقوله لي ... ولا يوجد حل وسط

    الشك هو شبهة وظن ، (الظن لا يغني من الحق شيئاً)

    أما موضوع عقلنة الأجوبة فقط وبخاصة تلك التي في الأحكام والمعتقد ، فسأضرب لك حديث يعرفه الجميع وأنت : المسح على الخفين .. لماذا كان من ظاهره وليس من أسفله ، برغم أنك تمشي على أسفله وهو المعرض للقذارة أكثر ؟
    لأن الله شرع لنا هذا ، ونحن نصدق به 100% .. ولا نجادل أو نتفلسف .

    أخي الفاضل ....
    موسى عليه السلام من أعظم الرسل ، عقله كان يفوق عقولنا كلنا حكمة وتفكيراً واستنتاجاً .. في قصته مع العبد الصالح المذكورة في سورة الكهف : العبد الصالح يخرق سفينة المساكين ؟ موسى عليه السلام برغم علمه العظيم استغرب (ومعه كل الحق) من هذا العمل ؟ هذا العبد الصالح الذي (يفترض أن يكون رحيماً وعادلاً) يقوم بخرق سفينة مساكين (لتغرق أههلها) ؟
    برغم علم موسى العظيم لم يستطع ان يدرك (رحمة الله) في هؤلاء المساكين ، لأن (ظاهر) العمل كان سيئاً !!
    أنت لو كنت هناك هل كنت سترى الأمر بصورة مختلفة عما رآه واستغربه كليم الله موسى عليه السلام ؟
    كيف غاب عن موسى العالم الذي يأتيه الوحي بدون وسيط ويكلمه الله دون وسيط الذي أحرج فرعون وهامان والسحرة ، كيف يغيب عنه أن (الله يريد) بهؤلاء المساكين خيراً من خرق سفينتهم ؟
    درس عظيم لنا من الله .... (ولا يحيطون بعلمه) ولا برحمته ولا بعدله ولا بخلقه ...... كل البشر

    ولو لم يخبرنا الله لاحقاً في السورة عن (سبب الخرق) لم نكن لنعلم الحكمة والرحمة بل وعدل الله الذي صرف عن هؤلاء المساكين ظلم الملك الذي (يأخذ كل سفينة غصباً) ...
    المقصود ... أن الله يظهر لنا من حكمته ما يكفي لنوقن بعلمه وعدله ورحمته ، لكن ليس المطلوب أن يبرر الله لنا كل أعماله لأننا (لا نستطيع) الإحاطة بكل علمه وقدرته ورحمته وعدله .......

    ولذلك دعني أروي لك ما يلي :
    الحجاج ومنذ القدم ينهكون في السفر ومن محل الإحرام ، فهم في سفر وإنهاك وتعب .
    الأمر الظاهر لنا أن صيدهم للأنعام لأكلها هو أمر (صالح وجيد) ... بالعقل كدة ...
    أنظر ماذا يقول الله في سورة المائدة :
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللّهُ بِشَيْءٍ مِّنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللّهُ مَن يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (94) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَو عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللّهُ عَمَّا سَلَف وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللّهُ مِنْهُ وَاللّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (95) أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِيَ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (96)

    لو أخذنا الأمر (بالعقل) و (المحسوس) و (اللا إيمان) فما الذي يحدث ؟ سنكفر ...
    لكن (العقل) المرتبط (بالإيمان) واضح في قوله تعالى (ليعلم الله من يخافه بالغيب)
    أنت مسلم .. نعم
    تؤمن بالله .. نعم
    تصدق بكلماته ... نعم
    إن أخبرك أن الحكمة من وراء الابتلاء والتحريم هو (الخوف من الله بالغيب) هل تستجيب .. نعم
    فأين العقل إذن ؟ في الإيمان بالغيب ... لأنك مسلم
    هل وضح لنا الله (الحكمة المحسوسة) والتي يفهمها العقل فقط ؟
    لأ ... حسب مداركنا العقلية المحدودة .
    لماذا ؟ لأن الإيمان بالغيب وبصفة الله (العلم) و(الإحاطة) بما نعمل بالغيب تمنعنا عن (معصية) الله بالغيب . أي أن عقولنا هنا ستحكم على أفعالنا (من خلال الإيمان بالغيب) ، وليس من (العقل فقط) .

    أخي الفاضل أتماكا : لكي تقتنع (وأنت مسلم) بجواب سؤالك يجب أن ترى الجواب من منظور (المسلم) وليس (الملحد) .
    بمعنى آخر (العقل المرتبط بالإيمان) .. وليس العقل فقط

    أنظر إلى الملاحدة وأنت تعرفهم كما نعرفهم ... يحتجون (بالعقل) في إنكار وجود الله ، وأغلقوا مداركهم كلها عن إثبات وجود الله بل وحتى العقلية منها ، لماذا ؟
    لأنهم يتبعون أهوائهم فلا يؤمنون إلا (بالمحسوس) وما تراه عقولهم فقط من جانب المحسوس .

    أرجوا أن تقدر هذا الأمر أخي أتماكا ... أنت لست ملحد ، أنت مسلم .... يجب أن ترى أجابة سؤالك من هذا الجانب ، أن تفتح مدارك الإيمان لديك كما تفتح مدارك المفهوم العقلي ... وإلا فكيف نؤمن 100% بوجود الجن ؟ أليس من إخباره تعالى لنا ... ، وكيف نؤمن بجنة ونار ، أليس من إخبار الله تعالى لنا ثم من تقدير العقل لمبدأ الجزاء والحساب (والعدل) .

    أعتذر عن إطالتي في أجوبتي ، لكن أنا أدرك أن هناك منافذ مغلقة لديك في تدبر الأجوبة المقدمة إليك ، وهي الإيمانيات . ومما يجعلني متأكد من ذلك أنك (تثبت) علم الله الكامل ورحمته الكاملة من القرآن والسنة ، ثم تشك في (عدل الله) ولا ترجع في إثبات كمال عدله للكتاب والسنة !!!!! ( ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ) ( تِلْكَ آيَاتُ اللّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعَالَمِينَ ) ( إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ) ( إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) ( وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ )

    فلماذا أخي تصدق بعلم الله الكامل وتستدل بذلك من قرآنه ، ولا تصدق بعدله الكامل وعدم ظلمه وهو مذكور في القرآن ؟

    رحمك الله ورحمنا .....

    مع تحياتي ...................

    (إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَأُوْلئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ)
    (بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ )
    (فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ)

  9. #39
    تاريخ التسجيل
    Sep 2004
    المشاركات
    4,556
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ATmaCA
    الاخوة الاحباء . .

    ابومريم -- ابوالمثنى -- اميرة الجلباب -- xhack -- ابو مارية القرشي -- مالك مناع .

    اشكركم بقلب صادق على ردودكم . .
    مع انى لم اجد جواب يريح العقل . ( فى الثلاث ديانات )
    والله المستعان .
    الأخ العزيز أتماكا حقيقة أحزننى جوابك هذا ولا أدرى ما الذى تقصده على وجه التحديد بكلمة يريح العقل أى عقل يا أخى الكريم تقصد على وجه التحديد هل تقصد العقل بالمعنى العام بمعنى أن كل من لم ينشغل بهذا السؤال الذى عرضته أنت ويرضى عن يقين بأن الله تعالى عادل ولا يظلم مثقال ذرة هم جميع أغبياء وحمقى ومقلدون !!
    أم أنك تقصد عقلا آخر ربما خاص ببعض الناس .

    كل ما فعلته أخى الكريم أنك قطعت الحوار مرة واحدة وحكمت علينا بهذا الحكم القاسى وأننا لا نملك دليلا يرضى العقل فهل هذا عدل إذا كنت تبحث عن العدل .
    على العموم أنا يا أخى الكريم مستعد لمناقشتك حول تلك المسألة سواء هنا أو على الخاص أو الماسينجر أو بأى وسيلة اتصال تختارها .
    قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ

  10. #40
    تاريخ التسجيل
    Dec 2004
    الدولة
    egypt
    المشاركات
    2,149
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    اخى الغالى أبو المثنى . .

    لاحظ من جميع المداخلات .... الزملاء مقتنعون بردهم على سؤالك ، ولكن انت غير مقتنع .
    الاخوة مقتنعون !! ::
    يااخى انا اظن ان الاخوة غير مقتنعين بماكتبوة . . وآسف على التعبير . . ولكن ردود الاخوة تدل على انهم يحاولون الرد على كلامى بطريقة او بأخرى . .
    ولكن ردودهم تدل على انهم مش فاهمين السؤال !! . .
    أنا كنت مقتنع زيك بأنه لا يوجد جواب ولكني بعد ذلك وجدت الجواب واقتنعت فيه ...
    ماهو الجواب ؟؟

    اخى الحبيب . .

    انا لااحب ان اضحك على نفسى . . انا احب 1+1=2 . . مهما كانت العواقب . . ومهما كان الألم . . فانى احب الحقيقة ولااحب اغلاق العقل وعدم التفكر . . . والسؤال الذى اطرحة سؤال منطقى بشكل كبير . . واذا كانت هناك اجابة لهذا السؤال -- فلماذا لم يذكرها الله فى القرآن او الاحاديث . .
    واليك هذة الرواية . . التى اثارت شكوكى . .
    ابليس يقول :

    إنى سلمت أن البارى تعالى إلهى وإله الخلق , عالم قادر , ولا يسأل عن قدرته ومشيئته.
    وأنه مهما أراد شيئا قال له كن فيكون , وهو حكيم إلا أنه يتوجه على مساق حكمته أسئلة.
    قالت الملائكة :
    ما هي ؟ وكم هى ؟
    قال لعنه الله : سبع
    الأول منها :
    أنه قد علم قبل خلقى أى شيء يصدر عنى ويحصل منى فَلِمَ خلقني أولا ؟
    وما الحكمة في خلقه إياى ؟

    والثاني :
    إذ خلقنى على مقتضى إرادته ومشيئته فَلِمَ كلفنى بمعرفته وطاعته؟
    وما الحكمة فى هذا التكليف بعد أن لا ينتفع بطاعة و لا يتضرر بمعصية؟

    والثالث:
    إذ خلقنى وكلفنى فالتزمت تكليفه بالمعرفة والطاعة فعرفت وأطعت , فَلِمَ كلفنى بطاعة آدم والسجود له؟
    وما الحكمة في هذا التكليف على الخصوص بعد أن لا يزيد ذلك فى معرفتى وطاعتى إياه ؟

    والرابع :
    إذ خلقنى وكلفنى على الإطلاق , وكلفنى بهذا التكليف على الخصوص , فإذا لم أسجد لآدم , فَلِمَ لعننى وأخرجنى من الجنة ؟
    وما الحكمة فى ذلك بعد أن لم أرتكب قبيحا إلا قولى لا أسجد إلا لك ؟

    والخامس :
    إذ خلقنى وكلفنى مطلقا وخصوصا , فلم أطع فلعننى وطردنى , فَلِمَ طرقنى ( اى جعل لى طريقا الى فتنته ) إلى آدم حتى دخلت الجنة ثانيا وغررته بوسوستى , فأكل من الشجرة المنهى عنها , وأخرجه من الجنة معى ؟
    وما الحكمة فى ذلك بعد أن لو منعنى من دخول الجنة لاستراح منى آدم , وبقى خالدا فيها؟

    والسادس :
    إذ خلقنى وكلفنى عموما , وخصوصا , ولعننى , ثم طرقنى إلى الجنة , وكانت الخصومة بينى وبين آدم , فَلِمَ سلطنى على أولاده حتى أراهم من حيث لا يروننى , وتؤثر فيهم وسوستى ولا يؤثر فىَّ حولهم وقوتهم وقدرتهم واستطاعتهم ؟
    وما الحكمة فى ذلك بعد أن لو خلقهم على الفطرة دون من يحتالهم عنها , فيعيشوا طاهرين سامعين مطيعين ,كان أحرى بهم , وأليق بالحكمة ؟
    والسابع :
    سلمت هذا كله , خلقنى وكلفنى مطلقا ومقيدا , وإذا لم أطع لعننى وطردنى , وإذا أردت دخول الجنة مكننى وطرقنى , وإذا عملت عملى إخرجنى ثم سلطنى على بنى آدم , فَلِمَ إذا استمهلته أمهلنى ؟
    فقلت : أنظرني إلى يوم يبعثون ( الاعراف 14 ) قال فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم ( الحجر 37 – 38 ) ؟
    وما الحكمة في ذلك بعد أن لو أهلكنى فى الحال استراح آدم والخلق منى وما بقى شر ما فى العالم؟
    أليس بقاء العالم على نظام الخير خيرا من امتزاجه بالشر؟
    قال: فهذه حجتى على ما ادعيته في كل مسألة
    قال شارح الإنجيل : فأوحى الله تعالى إلى الملائكة عليهم السلام , قولوا له:
    إنك فى تسليمك الأول أنى إلهك وإله الخلق غير صادق و لا مخلص , إذ لو صدقت أنى إله العالمين ما احتكمت على بِلِمَ , فأنا الله الذى لا اله إلا أنا , لا أسأل عما أفعل , والخلق مسئولون .

    وهذا الذى ذكرته مذكور فى التوراة , ومسطور فى الإنجيل على الوجه الذى ذكرته ولااعرف هل ذكر فى الاحاديث النبوية ام لا .

    ولــك تحياتى . .
    التعديل الأخير تم 04-20-2005 الساعة 05:00 AM

  11. #41
    تاريخ التسجيل
    Sep 2004
    المشاركات
    4,556
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    الاخوة مقتنعون !! :d::
    يااخى انا اظن ان الاخوة غير مقتنعين بماكتبوة . . وآسف على التعبير . . ولكن ردود الاخوة تدل على انهم يحاولون الرد على كلامى بطريقة او بأخرى . .
    ولكن ردودهم تدل على انهم مش فاهمين السؤال !! . .
    !!!!
    على فكرة أنا أقسم لك بالله العظيم الذى لا إله غيره بأننى مقتنع 100% بالدليل العقلى والشرعى أن الله لا يظلم مثقال ذرة فكيف تتهمنى بأننى غير مقتنع
    قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ

  12. #42
    تاريخ التسجيل
    Dec 2004
    الدولة
    egypt
    المشاركات
    2,149
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    الاخ الحبيب ابو مريم

    اقصد اجابة وافية . .
    كل ما فعلته أخى الكريم أنك قطعت الحوار مرة واحدة وحكمت علينا بهذا الحكم القاسى وأننا لا نملك دليلا يرضى العقل فهل هذا عدل إذا كنت تبحث عن العدل .
    نحن فى الصفحة الثالثة يااخى . . ولم اجد جواب وافى مفحم .
    قدمت السؤال الى موقع الازهر ولم يرد الى الان . . ( مع العلم اننى سألتهم اسئلة كثيرة وكان دائما يردو عليها ) ولكن هذا السؤال خاصةً لم يردوا علية الى الان . . واعتقد انهم حذفوة delete . .
    مثل ماذكرت لك ايضا اننى سألت شيخ . . وحدث خلاف بينى وبينة .
    سألت السؤال فى 5 منتديات اسلامية . . وقاموا بحذفة .

    ويشرفنى لقائك على الماسينجر . .

    والسلام عليكم . .

  13. #43
    تاريخ التسجيل
    Dec 2004
    الدولة
    egypt
    المشاركات
    2,149
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو مريم
    !!!!
    على فكرة أنا أقسم لك بالله العظيم الذى لا إله غيره بأننى مقتنع 100% بالدليل العقلى والشرعى أن الله لا يظلم مثقال ذرة فكيف تتهمنى بأننى غير مقتنع
    مقتنع ولكنك لم تثبت ذلك . .
    على فكرة انا مقتنع انة يوجد فى كوكب الزهرة كائنات فضائية
    ولكن الاثبات هو المشكلة

    التعديل الأخير تم 04-20-2005 الساعة 05:26 AM

  14. #44
    تاريخ التسجيل
    Sep 2004
    المشاركات
    4,556
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ATmaCA
    مقتنع ولكنك لم تثبت ذلك . .
    على فكرة انا مقتنع انة يوجد فى كوكب الزهرة كائنات فضائية
    ولكن الاثبات هو المشكلة

    أخى العزيز أتماكا ربما كان حرص الإخوة عليك هو السبب وراء كثرة المشاركات والتى يغلب عليها الجانب الإيمانى والجانب العاطفى ولكنك يا أخى الكريم لو تعمقت فى كل تلك الأجوبة لوجدت أنها تجتمع على رأى واحد وهو أن السؤال نفسه غير صحيح أو كما نسميه فى علم المنطق بالسؤال الفاسد تماما كالأسئلة التى ذكرتها لك لا تستطيع أن تجيب عنها بأية إجابة لا بنعم ولا بلا لا لعجزك بل لكونها ليست أسئلة صحيحة بالمعنى المنطقى وقد كنت أود أن يدور الحوار بطريقة علمية حتى أستطيع أن أوضح ما هو مكمن الفساد فى السؤال وصدقنى لو صبرت قليلا لأدركت الحقيقة وإن كنت أظن أخى الكريم أن الأمر ليس مجرد سؤال أو قضية فكرية بل يتعدى ذلك ولكننا لا نملك إلا تناول الجانب العقلى على العموم حاول أن تركز فيما قلته لك وسوف ألخصه لك مرة أخرى .
    القضية إنما يعلم كذبها إما بتناقضها مع ذاتها أو مع قضية أخرى ثبت صدقها .
    وقد ثبت لنا بالدليل العقلى والشرعى أن الله تعالى عادل .
    فتبطل القضية المقابلة وهى أن الله تعالى ليس بعادل .
    ويصبح طلب الدليل على بطلانها وكذبها تحصيل لحاصل ..
    أما المشكلة التى لديك فهى فقط حول كيف نجيب على هذا السؤال ؟ هذه فقط المشكلة التى لديك أليس كذلك يا أخى الكريم ؟
    وردى على ذلك بسيط جدا وهو أن السؤال فاسد تماما كالأسئلة التى ذكرتها لك وقد دار حوار بينى وبين عدد من الملاحدة حول تلك الفكرة مدعمة بالأدلة والمصادر من كتب المنطق وقد أخرسهم الله تعالى والحمد لله ويمكن أن أرسل لك الرابط .
    التعديل الأخير تم 04-20-2005 الساعة 05:57 AM
    قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ

  15. افتراضي لا يمكن فهم العدل الإلهي إلا بفهم أنواع التدبير

    أنواع التدبير
    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد ...
    الأخوة رواد المنتدى والباحثون عن عدل الله وحكمته وتوافقها مع قضائه وقدره ومشيئته ، من يرغب منكم بصدق في أن يتعلم ويصل إلى الحقيقة فليتابعنا في الموضوعات المتعلقة بالقضاء والقدر ، لأن أغلب التعليقات التي قرأتها تدل على أن أصحابها ينقصهم قضية أساسية في فهم تدبير الله لخلقه وقد عرضناها في موضوع القضاء والقدر لكن سأنقلها لكم هنا ....

    إن العبد لا يصل إلى مرضاة الله حتى يسلم له بنوعين من التدبير في ملكه:
    تدبير كوني وتدبير شرعي
    هذان التدبيران هما أساس الفهم السلفي لموضوع القضاء والقدر وعلاقته بأفعال العباد وحريتهم ، واستطاعتهم ومسئوليتهم ، فمن اهتدى إلى الفرق بين النوعين نجاه الله من ضلالات الجبرية والقدرية ، فالجبرية اعتمدوا التدبير الكوني وتجاهلوا التدبير الشرعي ، والقدرية المعتزلة اعتمدوا التدبير الشرعي وتجاهلوا التدبير الكوني ، أما المنهج السلفي فقد سلم لله بالنوعين وآمن بالتدبير الكوني والتدبير الشرعي .
    فالتدبير الكوني هو قضاء الله وقدره ، وفعله في خلقه ، تدبير قدري حتمي الوقوع ، جبري واقع على كل مصنوع ، لا يمكن لأحد في العالم رده ، ولا يمكن للإنسان صده ، ما شاء الله فيه كان ، وما لم يشأ لم يكن ، تدبير متعلق بربوبية الله لخلقه ، وهو كما أخبر سبحانه وتعالى عن نفسه له الخلق والأمر ، فالخلق قضاؤه وقدره ، وفعله وأمر ، وحكمه الجاري في ملكه ، لا خروج لأحد عن تدبيره الكوني ، ولا غالب لأمره القدري ، من الذي يقوي أن ينازع الله في مشيئته ، مهما بلغ في قوته وقدرته ، قال تعالى : (لقَدْ كَفَرَ الذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُل فَمَنْ يَمْلكُ مِنَ اللهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلكَ المَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَللهِ مُلكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللهُ عَلى كُل شَيْءٍ قَدِيرٌ) (المائدة:17) وبرأ الله المسيح من زعم النصارى في إلوهيته ، وأنه كان نبيا رسولا لهم ، وأن الله له مطلق المشيئة والتقدير ، وله كمال القدرة والتدبير ، إن شاء أن أهلك المسيح وأمه ومن في الأرض جميعا ، وإن شاء عذب أتباعه وقومه والمشركين بالله جميعا (وَإِذْ قَال اللهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلتَ للنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ قَال سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لي أَنْ أَقُول مَا ليْسَ لي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلتُهُ فَقَدْ عَلمْتَهُ تَعْلمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلامُ الغُيُوبِ مَا قُلتُ لهُمْ إِلا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَليْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَليْهِمْ وَأَنْتَ عَلى كُل شَيْءٍ شَهِيدٌ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ) (المائدة:118) .
    فالتدبير الكوني واقع حتمي لا يمكننا صده ، ولا نستطيع رده : (قُل مَنْ ذَا الذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلا يَجِدُونَ لهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ وَليّاً وَلا نَصِيراً) (الأحزاب:17) (قُل فَمَنْ يَمْلكُ لكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرّاً أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعاً بَل كَانَ اللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً) (الفتح:11) (إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللهُ عَلى ذَلكَ قَدِيراً) (النساء:133) فهو الملك القهار ، القوي الجبار ، القابض على نواصي الخلق ، المتولي تدبير الملك: (لهُ مَقَاليدُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُل شَيْءٍ عَليمٌ) (الشورى:12) من الذي يمنع الرزق عن أحد لو أراد الله أن يرزقه بغير حساب ، ومن الذي يضمن الرزق حتى لو أخذ بالأسباب: (قُل مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ وَيُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللهُ فَقُل أَفَلا تَتَّقُونَ) (يونس:31) (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَليْكُمْ هَل مِنْ خَالقٍ غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لا إِلهَ إِلا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) (فاطر:3) العبد يخاف أن تنفد أرزاقه والرزق عند الله لا ينفد ، الرزق مقسوم على من ترى يناله الأبيض والأسود ، كل يوفي رزقه كاملا من كف عن جهد ومن يجهد ، (أَمَّنْ هَذَا الذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَل لجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ) (الملك:21) سبحانك أنت الملك الجليل ، المنفرد بالخلق والتدبير ، والمنفرد بالقدرة والتقدير ، فيا صاحب العقل الكبير ، لا تجزع إذا أعسرت يوما فقد أيسرت في الزمن الطويل ، ولا تظنن بربك ظن سوء فإن الله أولى بالجميل ، وإن العسر يتبعه يسار وقول الله أصدق كل قيل ، فلو أن العقول تسوق رزقا لكان المال عند ذوي العقول ، (للهِ مُلكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لمَنْ يَشَاءُ الذُّكُور َ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَليمٌ قَدِيرٌ) (الشورى:50) (قُل اللهُمَّ مَالكَ المُلكِ تُؤْتِي المُلكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ المُلكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُل شَيْءٍ قَدِيرٌ) (آل عمران:26) . يذكر ابن القيم في فوائده أن من تأمل خطاب القرآن يجد ملكا له الملك كله ، وله الحمد كله ، أزمة الأمور كلها بيديه ، ومصدرها منه ومرادها إليه ، مستويا على سرير الملك وأمور الخلق لا تخفي عليه ، لا تخفي عليه خافية في أقطار مملكته ، عالما بما في نفوس عبيده مطلعا علي أسرارهم ، منفردا بتدبير المملكة ، يسمع ويرى ويخلق ويرزق ويثيب ويعاقب ، ويعطي ويمنع ، ويميت ويحيي ، ويقدر ويقضي ، ويدبر الأمور دقيقها وجليلها ، نازلة من عنده وصاعدة إليه ، لا تتحرك ذرة إلا بإذنه ، ولا تسقط ورقة إلا بعلمه .
    وأنه الغنى عن كل ما سواه بنفسه ، وكل ما سواه فقير إليه بنفسه ، وأنه لا ينال أحد ذرة من الخير إلا بفضله ولا ذرة من الشر فما فوقها إلا بعدله ، كل ذلك تدبيره في خلقه برحمته وحكمته .
    فالسلف الصالح أثبتوا لله تدبيرا كونيا شاملا للكون بما فيه ، وأثبتوا قدرة الله على جميع المخلوقات ، ومشيئته العامة في جميع الموجودات ، ونزهوا الله عن أن يكون في ملكه ما لا يقدر عليه ، ولا تقع مشيئته عليه ، وأن العباد يعملون على ما قدره الله وقضاه ، وفرغ منه قبل وجود الحياة ، وأنهم لا يشاءون إلا أن يشاء الله ، ولا يفعلون إلا من بعد مشيئته ، وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ، والقدر عندهم قدرة الله تعالى وعلمه ، ومشيئته وخلقه ، فلا يتحرك ذرة فما فوقها ، إلا بمشيئته وعلمه وقدرته ، فهم المؤمنون بلا حول ولا قوة إلا بالله على الحقيقة .
    فالتدبير الكوني هو قضاء الله وقدره ، وفعله في خلقه ، لا يمكن لأحد في العالم رده ، ولا يمكن للإنسان صده ، تدبير حتمي الوقوع ، واقع على كل مصنوع .
    أما التدبير الشرعي الديني ، فهو تدبير تكليفي اختياري ، تدبير خاص بشريعة وهداية وبيان ، تدبير من الله لصالح الجن والإنسان ، تدبير يظهر من خلاله معاني الكفر والإيمان ، ويتميز من خلاله أهل العصيان وأهل الإيمان ، ويترتب عليه الثواب والعقاب ، والعرض والحساب ، والنعيم والعذاب .
    هذا التدبير الإنسان مخير فيه ، يمكن أن يطيع الله فيه أو يعصيه ، ومخالفته لله فيه ، لا يعني أن العبد يخرج عن التدبير الكوني أو أن مشيئة العبد غلبت مشيئة الرب ، سبحانه لا يفني ولا يبيد ولا يكون في ملكه لا ما يريد ، (وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللهُ إِنَّ اللهَ كَانَ عَليماً حَكِيماً) (الإنسان:30) (وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللهُ رَبُّ العَالمِينَ) (التكوير:29) (وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَال أَتُحَاجُّونِّي فِي اللهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُل شَيْءٍ عِلماً أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ) (الأنعام:80) شاء بحكمته أن يخلق الناس لعبادته ، وأن يكونوا بين طريقين مخيرين بين نجدين ، وأن يصيروا في الآخرة فريقين ، فريق في الجنة وفريق في السعير ، وهذا مقتضي التدبير ، ومنتهى الكمال في التقدير ، تدبير كوني وتدبير شرعي .
    (وَلوْ شَاءَ رَبُّكَ لجَعَل النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلفِينَ) (هود:118) التدبير الشرعي هو الذي ورد ذكره في الحديث القدسي عن البخاري من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن اللهَ قال: من عادَى لي وَليّاً فقد آذَنْته بالحرب ، وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيءٍ أحب إلي مما افتَرَضْته عليه . وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أُحبه) ، فالتدبير الشرعي متعلق بالألوهية وتوحيد العبودية ، والعبد مطالب فيه بإتباع الشريعة ، وهذا التدبير قد يخالفه الفجار ، ويعصيه الفساق والكفار .
    ونحن إذا طالعنا القرآن والسنة وجدنا الأدلة علي نوعي التدبير بمنتهى البيان والتفصيل ، فالتدبير الذي قضاه الله وحكم به وأراده وكتبه وأمر به ، وكذلك الإذن والجعل والكلمات والبعث والإرسال والتحريم والهدية ينقسم إلى تدبير كوني متعلق بخلقه ، وإلى تدبير ديني متعلق بشرعه .
    فالقضاء في كتاب الله نوعان :
    نوع يتعلق بالتدبير الكوني وآخر يتعلق بالتدبير الشرعي ، فمن الكوني القدري قوله تعالى: (فَلمَّا قَضَيْنَا عَليْهِ المَوْتَ مَا دَلهُمْ عَلى مَوْتِهِ إِلا دَابَّةُ الأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الجِنُّ أَنْ لوْ كَانُوا يَعْلمُونَ الغَيْبَ مَا لبِثُوا فِي العَذَابِ المُهِينِ) (سبأ:14) ومن التدبير الشرعي الديني: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالوَالدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُل لهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لهُمَا قَوْلاً كَرِيماً) (الاسراء:23) وقضي ربك ألا تعبدوا إلا إياه أي أمر وشرع ولو كان قضاء كونيا لما عبد غير الله ، وقوله في القضاء الكوني: (بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لهُ كُنْ فَيَكُونُ) (البقرة:117) ومن القضاء المتعلق بالتدبير الشرعي الديني: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلمُوا تَسْليماً) (النساء:65) .
    ومن القضاء الكوني القدري المتعلق بالتدبير الكوني قوله تعالى (هُوَ الذِي خَلقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمّىً عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ) (الأنعام:2): (وَهُوَ الذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِالليْل وَيَعْلمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ ليُقْضَى أَجَلٌ مُسَمّىً ثُمَّ إِليْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (الأنعام:60) (إِذْ أَنْتُمْ بِالعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالعُدْوَةِ القُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَل مِنْكُمْ وَلوْ تَوَاعَدْتُمْ لاخْتَلفْتُمْ فِي المِيعَادِ وَلكِنْ ليَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً ليَهْلكَ مَنْ هَلكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللهَ لسَمِيعٌ عَليمٌ) (لأنفال:42) .
    ومن القضاء المتعلق بالتدبير الشرعي الديني: (وَمَا كَانَ لمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لهُمُ الخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولهُ فَقَدْ ضَل ضَلالاً مُبِيناً) (الأحزاب:36) ومن القضاء الكوني: (وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ التَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَليلاً وَيُقَللُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ ليَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً وَإِلى اللهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ) (لأنفال:44) (وَلوْ يُعَجِّلُ اللهُ للنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالهُمْ بِالخَيْرِ لقُضِيَ إِليْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الذِينَ لا يَرْجُونَ لقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ) (يونس:11) ، (قَال كَذَلكِ قَال رَبُّكِ هُوَ عَليَّ هَيِّنٌ وَلنَجْعَلهُ آيَةً للنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْراً مَقْضِيّاً) (مريم:21) (مَا كَانَ للهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لهُ كُنْ فَيَكُونُ) (مريم:35) (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا كَانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً) (مريم:71) .
    ومن القضاء لا يندرج تحت الكوني أو الشرعي: (قَالُوا لنْ نُؤْثِرَكَ عَلى مَا جَاءَنَا مِنَ البَيِّنَاتِ وَالذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الحَيَاةَ الدُّنْيَا) (طه:72) (وَإِذْ تَقُولُ للذِي أَنْعَمَ اللهُ عَليْهِ وَأَنْعَمْتَ عَليْهِ أَمْسِكْ عَليْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لكَيْ لا يَكُونَ عَلى المُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً) (الأحزاب:37) ، (قَال ذَلكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الأَجَليْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوَانَ عَليَّ وَاللهُ عَلى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ) (القصص:28) .
    ومن القضاء الكوني القدري قوله تعالى: (اللهُ يتوفى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالتِي لمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ التِي قَضَى عَليْهَا المَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلى أَجَلٍ مُسَمّىً إِنَّ فِي ذَلكَ لآياتٍ لقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الزمر:42) (هُوَ الذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لهُ كُنْ فَيَكُونُ) (غافر:68) (فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُل سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً ذَلكَ تَقْدِيرُ العَزِيزِ العَليمِ) (فصلت:12) .
    والحكم أيضا في كتاب الله نوعان :
    حكم يتعلق بالتدبير الكوني وآخر يتعلق بالتدبير الشرعي ، فالكوني كقوله: (قَال رَبِّ احْكُمْ بِالحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ المُسْتَعَانُ عَلى مَا تَصِفُونَ) (الأنبياء:112) أي افعل ما تنصر به عبادك وتخذل به أعداءك (وَمَا أَرْسَلنَاكَ إِلا رَحْمَةً للعَالمِينَ قُل إِنَّمَا يُوحَى إِليَّ أَنَّمَا إِلهُكُمْ إِلهٌ وَاحِدٌ فَهَل أَنْتُمْ مُسْلمُونَ فَإِنْ تَوَلوْا فَقُل آذَنْتُكُمْ عَلى سَوَاءٍ وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ إِنَّهُ يَعْلمُ الجَهْرَ مِنْ القَوْل وَيَعْلمُ مَا تَكْتُمُونَ وَإِنْ أَدْرِي لعَلهُ فِتْنَةٌ لكُمْ وَمَتَاعٌ إِلى حِينٍ قَال رَبِّ احْكُمْ ‎بِالحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمَانُ المُسْتَعَانُ عَلى مَا تَصِفُونَ تولوا والحكم الديني المتعلق بالتدبير الشرعي كقوله: (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَل مَعَهُمُ الكِتَابَ بِالحَقِّ ليَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلفَ فِيهِ إِلا الذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ البَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللهُ الذِينَ آمَنُوا لمَا اخْتَلفُوا فِيهِ مِنَ الحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (البقرة:213) .
    ومثال الحكم الكوني أيضا: (فَلمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلصُوا نَجِيّاً قَال كَبِيرُهُمْ أَلمْ تَعْلمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَليْكُمْ مَوْثِقاً مِنَ اللهِ وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ فَلنْ أَبْرَحَ الأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللهُ لي وَهُوَ خَيْرُ الحَاكِمِينَ) (يوسف:80) .
    ومثال الحكم الشرعي: (أَلمْ تَرَ إِلى الذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلى كِتَابِ اللهِ ليَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ) (آل عمران:23) (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلى أَهْلهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالعَدْل إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً) (النساء:58)
    ومثال الحكم الكوني أيضا: (قُل إِنِّي عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ مَا عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الحُكْمُ إِلا للهِ يَقُصُّ الحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الفَاصِلينَ) (الأنعام:57) .
    ومثال الحكم الشرعي: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلمُوا تَسْليماً) (النساء:65) (إِنَّا أَنْزَلنَا إِليْكَ الكِتَابَ بِالحَقِّ لتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللهُ وَلا تَكُنْ للخَائِنِينَ خَصِيماً) (النساء:105) (يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالعُقُودِ أُحِلتْ لكُمْ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلا مَا يُتْلى عَليْكُمْ غَيْرَ مُحِلي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ) (المائدة:1) ومثال الحكم الكوني أيضا: (وَإِنْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالذِي أُرْسِلتُ بِهِ وَطَائِفَةٌ لمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الحَاكِمِينَ) (لأعراف:87) كوني لأن الله قال قبلها: ( وَإِلى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَال يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَا لكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الكَيْل وَالمِيزَانَ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا ذَلكُمْ خَيْرٌ لكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ وَلا تَقْعُدُوا بِكُل صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيل اللهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا وَاذْكُرُوا إِذْ كُنتُمْ قَليلا فَكَثَّرَكُمْ وَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المُفْسِدِينَ وَإِنْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالذِي أُرْسِلتُ بِهِ وَطَائِفَةٌ لمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الحَاكِمِينَ ) .
    ومثال الحكم الشرعي: (سَمَّاعُونَ للكَذِبِ أَكَّالُونَ للسُّحْتِ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالقِسْطِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ) (المائدة:42) (وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللهِ ثُمَّ يَتَوَلوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلكَ وَمَا أُولئِكَ بِالمُؤْمِنِينَ) (المائدة:43) (وَكَتَبْنَا عَليْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالعَيْنَ بِالعَيْنِ وَالأَنْفَ بِالأَنْفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لهُ وَمَنْ لمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَل اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالمُونَ) (المائدة:45) (وَليَحْكُمْ أَهْلُ الإنجيل بِمَا أَنْزَل اللهُ فِيهِ وَمَنْ لمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَل اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ) (المائدة:47)
    ومثال الحكم الكوني أيضا: (ثُمَّ رُدُّوا إِلى اللهِ مَوْلاهُمُ الحَقِّ أَلا لهُ الحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الحَاسِبِينَ) (الأنعام:62) لأن الله قال قبلها: (وَهُوَ القَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَليْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ) (الأنعام:61) .
    ومثال الحكم الشرعي: (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَل اللهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَل اللهُ إِليْكَ فَإِنْ تَوَلوْا فَاعْلمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لفَاسِقُونَ) (المائدة:49) (أَفَحُكْمَ الجَاهِليَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (المائدة:50) .
    ومن الحكم الكوني: (وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِليْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ وَهُوَ خَيْرُ الحَاكِمِينَ) (يونس:109) (وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَال رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلي وَإِنَّ وَعْدَكَ الحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الحَاكِمِينَ) (هود:45) (وَقَال يَا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الحُكْمُ إِلا للهِ عَليْهِ تَوَكَّلتُ وَعَليْهِ فَليَتَوَكَّل المُتَوَكِّلُونَ) (يوسف:67) (أَوَلمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الحِسَابِ) (الرعد:41) .
    ومن الحكم الكوني الشرعي (وَلا تَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ لا إِلهَ إِلا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالكٌ إِلا وَجْهَهُ لهُ الحُكْمُ وَإِليْهِ تُرْجَعُونَ) (القصص:88) (وَمَا اخْتَلفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلى اللهِ ذَلكُمُ اللهُ رَبِّي عَليْهِ تَوَكَّلتُ وَإِليْهِ أُنِيبُ) (الشورى:10) (وَاصْبِرْ لحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ) (الطور:48) (الممتحنة:10) ، (فَاصْبِرْ لحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً) (الإنسان:24) .
    ما الفرق بين الحكم والقضاء ؟
    القضاء الكوني يستصدر منه الأحكام الكونية ، أما القضاء الشرعي فهو كالحكم الشرعي فالحكم الشرعي قد يكون واجب أو مندوبا أو مباحا أو مكروا أو محرما ، وكذلك القضاء الشرعي (وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ) فعبادة الله وحده تتمثل في تنفيذ أحكامه ، والحكم الشرعي قد يكون واجب أو مندوبا أو مباحا أو مكروا أو محرما .

    .................................................. ....

    علمنا أن تدبير الله لكونه نوعان ، نوع يتعلق بتوحيد الربوبية ونوع يتعلق بتوحيد الألوهية ، فعقيدة السلف عقيدة وسط بين الجبرية والقدرية ، فالمسلم يجب أن يسلم لله في تدبيره الشرعي وتدبيره الكوني معا ، فيعمل بشرع الله ويؤمن بقدر الله ، لا انفكاك لأحدهما عن الآخر .
    فالمسلم إذا وفقه الله إلي الطاعة واجتهد في أحكام العبودية وأدي توحيد الألوهية ، نسب الفضل في طاعته إلي ربه وأنها كانت بمعونته وتوفيقه ، لما سبق في حكمه وقضائه وقدره ، ولا ينسب الفضل إلي نفسه أو يمن به علي ربه .
    كما أنه إذا أحدث ذنبا ومعصية علم أن أفعاله وإن كانت بمشيئة الله وحكمه وقضائه وقدره إلا النسبة في العصيان مردها إلي الإنسان ، أو وسواس الشيطان ، فيدعوه ذلك إلي التوبة وطلب الغفران ، فيقر لربه بذنبه ، وأن معصيته كانت بسبب تقصيره وخطئه ، وأنه مستحق للعقاب بعدله وحكمه ، وأن ربه منزه عن ظلم أحد من العالمين ، فإن أدخل عبدا الجنة فبفضله وإن عذبه في النار فبعدله .
    فمن نفي القدر وتدبير الله الكوني وزعم منافاته للتدبير الشرعي ، فقد عطل الله عن علمه وقدرته ، وجعل العبد مستقلا بأفعاله خالقا لها ، كما قالت المعتزلة حيث أثبتوا خالقا مع الله ، لا ينحصر في واحد أو اثنين فقط كما قالت النصارى ولكن جعلوا آلهة بعدد البشر ، ومن أثبت القدر محتجا به علي الشرع محاربا له به ، نافيا عن العبد قدرته التي منحه الله إياها ونفي تدبيره الشرعي وأمره الديني ، فقد نفي الحكمة عن أفعال ربه ، ونسب الظلم والعبث إليه ، تعالي الله عن ذلك علوا كبيرا ، فالمؤمنون الموحدون يثبتون التدبير الكوني ، ويؤمنون بالقدر خيره وشره ، ويستسلمون للتدبير الشرعي ينقادون للشرع بأمره ونهيه .
    ولذلك فإن السلف الصالح كانوا بتوفيق الله على بصيرة من ربهم ، وفرقوا بين نوعين من تدبير الله لهم ، فآمنوا بالتدبير الكوني وعلموا أنه تدبير قدري ، تدبير حتمي الوقوع ، تدبير جبري واقع على كل مصنوع ، لا يمكن لأحد رده ، ولا يمكن للإنسان صده ، ما شاء الله فيه كان ، وما لم يشأ لم يكن ، تدبير متعلق بربوبية الله لخلقه ، له فيه الخلق والأمر ، فالخلق قضاؤه وقدره ، وفعله وأمر ، وحكمه الجاري في ملكه ، لا خروج لأحد عن تدبيره الكوني ، ولا غالب لأمره القدري ، وأنه لا يقوي أحد أن ينازع الله في مشيئته ، مهما بلغ في قوته وقدرته .
    وكما آمنوا بالتدبير الكوني الجبري الحتمي القدري آمنوا أيضا بتدبير تكليفي شرعي اختياري ، تدبير خاص بشريعة وهداية وبيان ، تدبير من الله لصالح الجن والإنسان ، تدبير يظهر من خلاله معاني الكفر والإيمان ، ويتميز من خلاله أهل العصيان وأهل الإيمان ، ويترتب عليه الثواب والعقاب ، والعرض والحساب ، والنعيم والعذاب .
    هذا التدبير الإنسان مخير فيه ، يمكن أن يطيع الله فيه أو يعصيه ، ومخالفته لله فيه ، لا يعني أن العبد يخرج عن التدبير الكوني أو أن مشيئة العبد غلبت مشيئة الرب ، سبحانه لا يفني ولا يبيد ولا يكون في ملكه لا ما يريد ، وقد بينا في المحاضرة الماضية مثالين يتعلقان بالتدبير الكوني والتدبير الشرعي وهما القضاء والحكم ، فهناك قضاء كوني وآخر شرعي وحكم كوني وحكم شرعي .
    ولنتابع الحديث عن التدبير الكوني والتدبير الشرعي المتعلق بأمر الله وإرادته ونبين أثر هذا الفهم في الخروج من ضلالات الجبرية والقدرية ، وكمال الطريقة السلفية في فهم السلف لموضوع القضاء والقدر .
    الأمر في كتاب الله نوعان: أمر يتعلق بالتدبير الكوني وآخر يتعلق بالتدبير الشرعي .
    ومثال الأمر الكوني: (مَا كَانَ عَلى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللهُ لهُ سُنَّةَ اللهِ فِي الذِينَ خَلوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً) (الأحزاب:38) (إِنَّا أَنْزَلنَاهُ فِي ليْلةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ أَمْراً مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلينَ) (الدخان:5) (تَنَزَّلُ المَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُل أَمْرٍ) (القدر:4) (وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُوناً فَالتَقَى المَاءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ) (القمر:12) (إِنَّمَا مَثَلُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَليْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا ليْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلكَ نُفَصِّلُ الآياتِ لقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (يونس:24) (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلنَا احْمِل فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلكَ إِلا مَنْ سَبَقَ عَليْهِ القَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلا قَليلٌ) (هود:40) .
    ومثال الأمر الشرعي: (الذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَل وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الخَاسِرُونَ) (البقرة:27) (قُل أَمَرَ رَبِّي بِالقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُل مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلصِينَ لهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ) (لأعراف:29) (فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَا صَالحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ المُرْسَلينَ) (الأعراف:77) (مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَل اللهُ بِهَا مِنْ سُلطَانٍ إِنِ الحُكْمُ إِلا للهِ أَمَرَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ ذَلكَ الدِّينُ القَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلمُونَ) (يوسف:40) ومثال الأمر لا كوني ولا شرعي: (لقَدِ ابْتَغَوُا الفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلبُوا لكَ الأُمُورُ حَتَّى جَاءَ الحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ كَارِهُونَ) (التوبة:48) (وَتِلكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُل جَبَّارٍ عَنِيدٍ) (هود:59) (فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ) (هود:97)
    ومثال الأمر الكوني: (وَلمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُوداً وَالذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْنَاهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَليظٍ) (هود:58) موعد العذاب الذي قدره الله على عاد ، وكذلك قوله في قوم لوط والقرية التي كانت تفعل الخبائث (فَلمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلنَا عَاليَهَا سَافِلهَا وَأَمْطَرْنَا عَليْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ) (هود:82) (قَال سَآوي إِلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ المَاءِ قَال لا عَاصِمَ اليَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِلا مَنْ رَحِمَ وَحَال بَيْنَهُمَا المَوْجُ فَكَانَ مِنَ المُغْرَقِينَ) (هود:43)
    ومثال الأمر الشرعي: (وَالذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَل وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ) (الرعد:21) (وَالذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَل وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولئِكَ لهُمُ اللعْنَةُ وَلهُمْ سُوءُ الدَّارِ) (الرعد:25) (وَإِذْ قُلنَا للمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْليسَ كَانَ مِنَ الجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْليَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ للظَّالمِينَ بَدَلاً) (الكهف:50) (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا التِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلحُوا بَيْنَهُمَا بِالعَدْل وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ) (الحجرات:9) (فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ) (الذاريات:44) (ذَلكَ أَمْرُ اللهِ أَنْزَلهُ إِليْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لهُ أَجْراً) (الطلاق:5) (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَاباً شَدِيداً وَعَذَّبْنَاهَا عَذَاباً نُكْراً) (الطلاق:8)
    ومثال الأمر الذي لا هو كوني ولا شرعي: (وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ المُسْرِفِينَ) (الشعراء:151) (إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلوْا وَهُمْ فَرِحُونَ) (التوبة:50)
    ومثال الأمر الكوني: (قَالتْ يَا وَيْلتَى أَأَلدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلي شَيْخاً إِنَّ هَذَا لشَيْءٌ عَجِيبٌ قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ عَليْكُمْ أَهْل البَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ) (هود:73) (يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُود ٍ) (هود:76)
    ومثال الأمر الشرعي: (وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَليْهَا آبَاءَنَا وَاللهُ أَمَرَنَا بِهَا قُل إِنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلى اللهِ مَا لا تَعْلمُونَ) (لأعراف:28) (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالعَدْل وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ وَالبَغْيِ يَعِظُكُمْ لعَلكُمْ تَذَكَّرُونَ) (النحل:90) (وَإِذَا قِيل لهُمُ اسْجُدُوا للرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُوراً) (الفرقان:60) (وَإِذْ قَال مُوسَى لقَوْمِهِ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَال أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الجَاهِلينَ) (البقرة:67)
    ومثال الأمر لا كوني ولا شرعي: (يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ) (النور:21) .
    ومثال الأمر الكوني: (وَمَا أَمْرُنَا إِلا وَاحِدَةٌ كَلمْحٍ بِالبَصَرِ) (القمر:50) (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُول لهُ كُنْ فَيَكُونُ) (يّس:82) (وَقَال الذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلداً وَكَذَلكَ مَكَّنَّا ليُوسُفَ فِي الأَرْضِ وَلنُعَلمَهُ مِنْ تَأْوِيل الأَحَادِيثِ وَاللهُ غَالبٌ عَلى أَمْرِهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلمُونَ) (يوسف:21) (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَل لهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّل عَلى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَل اللهُ لكُل شَيْءٍ قَدْراً) (الطلاق:3) .
    ومثال الأمر الشرعي: (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلى أَهْلهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالعَدْل إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً) (النساء:58) (قُل إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّل مَنْ أَسْلمَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُشْرِكِينَ) (الأنعام:14) (لا شَرِيكَ لهُ وَبِذَلكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ المُسْلمِينَ) (الأنعام:163) (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (هود:1121) (قُل إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ إِليْهِ أَدْعُو وَإِليْهِ مَآبِ) (الرعد:36) .
    ومثال الأمر لا كوني ولا شرعي: (قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالأَمْرُ إِليْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ) (النمل:33) .
    ومثال الأمر الكوني: (وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُل الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ العِلمِ إِلا قَليلاً) (الإسراء:85) ومثال الأمر الكوني الشرعي: (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَليْهَا القَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً) (الإسراء:16) يعقب ابن القيم على الآية بأن هذا أمر يتعلق بالتقدير الكوني وليس أمرا يتعلق بالتدبير الديني الشرعي ، فإن الله لا يأمر بالفحشاء ، والمعنى قضينا ذلك وقدرناه ، وقالت طائفة بل هو أمر ديني ، والمعنى أمرناهم بالطاعة فخالفونا ، وفسقوا والقول الأول أرجح ، ومثال الأمر الكوني الشرعي أيضا: (أَلا لهُ الخَلقُ وَالأَمْرُ) (الأعراف:54) لأن الله قال قبلها وبعدها (إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الذِي خَلقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلى العَرْشِ يُغْشِي الليْل النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لهُ الخَلقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ العَالمِينَ) (الأعراف:54) .
    والإرادة في كتاب الله نوعان : نوع يتعلق بالتدبير الكوني وآخر يتعلق بالتدبير الشرعي .
    فالإرادة الكونية كقوله تعالي: (لقَدْ كَفَرَ الذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُل فَمَنْ يَمْلكُ مِنَ اللهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلكَ المَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعاً) (المائدة:17) (إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلا مَرَدَّ لهُ وَمَا لهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ) (الرعد:11) (وَأَمَّا الجِدَارُ فَكَانَ لغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي المَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ) (الكهف:82) (وَأَرَادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلنَاهُمُ الأَخْسَرِين َ) (الأنبياء:70) (قُل مَنْ ذَا الذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلا يَجِدُونَ لهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ وَليّاً وَلا نَصِيراً) (الأحزاب:17) . (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُول لهُ كُنْ فَيَكُونُ) (يّس:82) (وَلئِنْ سَأَلتَهُمْ مَنْ خَلقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ ليَقُولُنَّ اللهُ قُل أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللهُ بِضُرٍّ هَل هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَل هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُل حَسْبِيَ اللهُ عَليْهِ يَتَوَكَّلُ المُتَوَكِّلُونَ) (الزمر:38)
    وأما مثال الإرادة الشرعية التي يمكن للعبد إتباعها أو لا قوله تعالى شَهْرُ رَمَضَانَ الذِي أُنْزِل فِيهِ القُرْآنُ هُدىً للنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الهُدَى وَالفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَليَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ) (البقرة:185) (وَلكِنَّ اللهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ) (البقرة:253) . (وَاللهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَليْكُمْ وَيُرِيدُ الذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً) (النساء:27) فلو كانت هذه الإرادة كونية لو وقعت التوبة من جميع المكلفين ، (يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفاً) (النساء:28) (يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالعُقُودِ أُحِلتْ لكُمْ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلا مَا يُتْلى عَليْكُمْ غَيْرَ مُحِلي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ) (المائدة:1) . (يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلى المَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلكُمْ إِلى الكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللهُ ليَجْعَل عَليْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُرِيدُ ليُطَهِّرَكُمْ وَليُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَليْكُمْ لعَلكُمْ تَشْكُرُونَ) (المائدة:6) (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ العَدَاوَةَ وَالبَغْضَاءَ فِي الخَمْرِ وَالمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَل أَنْتُمْ مُنْتَهُون َ) (المائدة:91) (وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللهُ هُوَ الذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالمُؤْمِنِينَ) (الأنفال:62) (مَا كَانَ لنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (الأنفال:67) .
    اختبار لرواد المنتدى : بين نوع الإرادة فيما يأتي ؟
    قوله وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لكُمْ إِنْ كَانَ اللهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِليْهِ تُرْجَعُونَ) (هود:34) (خَالدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لمَا يُرِيدُ) (هود:107) (فَانْطَلقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْل قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَال لوْ شئت لاتَّخَذْتَ عَليْهِ أَجْراً) (الكهف:77) (إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ) (الحج:14) (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجَاهِليَّةِ الأُولى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ ليُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْل البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (الأحزاب:33) .
    إذا علمت هذا التفصيل سوف يزول الاشتباه في مسألة الأمر والإرادة ، هل هما متلازمان أم لا ؟ سئل سهل بن عبد الله عن قوله تعالى: (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين) ، قال السائل: لما أمر إبليس بالسجود لآدم أراد منه ذلك أم لا ؟ فقال سهل: أراده ولم يرده ، (يعنى أنه أراده شرعا وإظهارا عليه إيجابا وتكليفا ، ولم يرده منه وقوعا ولا كونا ، إذ لا يكون في ملكه إلا ما أراد الله تعالى ، فلو أراد كونه لكان ولو أراده فعلا لوقع بقوله تعالى: (إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون) فلما لم يكن ، عُلم أنه لم يرده ، فقد كان الأمران معا: إرادته بالتكليف والتعبد ، إرادته بأن لا يسجد) فإرادة الله على نوعين يدبر الله الخلق من خلالها على وجهين:
    الوجه الأول: إرادة كونية قدرية ، وهى المشيئة الشاملة لجميع الموجودات ، ما يحبه وما لا يحبه ، وبها يصدر الأمر التقديري الجبري الحتمي يتحقق في جميع المخلوقات من الأرض إلى السماوات ، يتحقق في الجن والإنس والملائكة ، وكل ما في الكون على سبيل الخلق والإيجاد والإمداد والمتابعة ، وهذا الأمر نافذ لا محالة ، فلا يمكن صده أو رده ، وهو شاهد لمعنى الربوبية .
    الوجه الثاني: إرادة شرعية إلهية يصدر بها أمر ابتلائي خاص للإنسان والجان ، قد يلتزمان به وقد يمتنعان ، وهذه الإرادة هي المتضمنة للمحبة والعبادة ، من استجاب لها أحبه الله وقربه ، وأكرمه ونعمه ، ومن امتنع عن تنفيذها أبغضه الله وأبعده وعذبه .
    وكل أمر ، أمر به الله عباده أراده بأمره الشرعي ، ليكونوا مكلفين متعبدين ، ولم يرده ممن لم يستجب ولم يمتثل بتدبيره الكوني ، لأنه سبحانه وتعالى قال: (إِنَّمَا قَوْلُنَا لشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُول لهُ كُنْ فَيَكُونُ) (النحل:40) ، فأخبر أنه إذا أراد شيئا كونه ، فالأمر الشرعي يستلزم الإرادة الدينية ، ولا يستلزم الإرادة الكونية ، فإنه لا يأمر إلا بما يريده شرعا ودينا ، وقد يأمر بما لا يريده كونا وقدرا ، كإيمان من أمره ، ولم يوفقه للإيمان ، فالأمر مراد له دينا لا كونا ، وكذلك أمر خليله بذبح ولده ، ولم يرده كونا وقدرا ، وأمر رسوله بخمسين صلاة ، ولم يرد ذلك كونا وقدرا ، وكل ذلك لإظهار فضلهم ، وتكليفهم وابتلائهم ، فهذا أصل الابتلاء ، يأمر الله تعالى بالشيء ويريد كون ضده وقد أراد الأمر به وحسب ، وينهى عن الشيء ويريد كونه ، وقد أراد النهى عنه فقط .
    والله في خلقه له الحجة البالغة لو شاء لهدي الناس أجمعين (وَلوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُل نَفْسٍ هُدَاهَا وَلكِنْ حَقَّ القَوْلُ مِنِّي لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) (السجدة:13) (وَلوْ شَاءَ رَبُّكَ لجَعَل النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلفِينَ إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلذَلكَ خَلقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) (هود:119) .

    السؤال المهم جدا: ماذا لو فرضنا أن إبليس أراد أن يسجد فهل سيسجد أم لا ؟ والجواب أنه لن يسجد ولكن يصبح من المستجيبين الخاضعين العابدين ، فالحساب على الإرادة والنية ، روي البخاري من حديث عمر بنَ الخَطّابِ رضي اللّهُ عنه أنه قال: سَمعْتُ رَسول اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَقولُ: (إِنَّما الأعْمَالُ بالنِّيات ، وإِنَّمَا لكُل امْرِىءٍ ما نَوَى: فَمَنْ كانتْ هِجْرَتُه إِلى دُنْيَا يُصِيبُها ، أَوْ إِلى امْرَأَةٍ يَنْكِحُها ، فَهِجْرَتُه إِلى ما هاجَرَ إِليه) ، وروي البخاري من حديث أنسِ بن مالك رضيَ الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رجعَ من غزوةِ تبوكَ فدَنا من المدينة فقال: إنَّ بالمدينةِ أقواماً ما سرتم مَسِيراً ولا قطعتم وادياً إلا كانوا مَعَكم ، قالوا: يا رسول الله ، وهم بالمدينة ؟ قال: وهم بالمدينة ، حَبَسَهمُ العُذر .
    فالله لا يحاسبنا عن فعله بنا ولكن يحاسبنا عن فعلنا تجاه شرعه وفعله ، فالقدرة بيده وهو الذي أقدرنا ، فلو أعجزنا عجزنا وأعذرنا ، (لا يُكَلفُ اللهُ نَفْساً إِلا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً) (الطلاق:7) (لا يُكَلفُ اللهُ نَفْساً إِلا وُسْعَهَا لهَا مَا كَسَبَتْ وَعَليْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِل عَليْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلتَهُ عَلى الذِينَ مِنْ قَبْلنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلنَا مَا لا طَاقَةَ لنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلى القَوْمِ الكَافِرِينَ) (البقرة:286) .
    فالله أمرنا أن نحافظ على شرعة ونلتزم بتدبيره الشرعي على قدر استطاعتنا ووسعنا ، وهو سيحفظنا بقضائه وقدره علي قدر نيتنا وطاعتنا ، يقول تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَل لهُ مَخْرَجاً) (الطلاق:2) (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَل لهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً) (الطلاق:4) (يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) (محمد:7) (إِنَّمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا لعِبٌ وَلهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلا يَسْأَلكُمْ أَمْوَالكُم هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لتُنْفِقُوا فِي سَبِيل اللهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَل فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللهُ الغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلوْا يَسْتَبْدِل قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالكُمْ) (محمد:38) (مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالأِيمَانِ وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالكُفْرِ صَدْراً فَعَليْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ وَلهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (النحل:106) .
    روي البخاري من حديث أنس عن معاذ بن جبل قال: (كنت رديفُ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا معاذ ، قلت: لبيكَ وسَعدَيك ـ ثم قال مثله ثلاثاً ـ هل تَدري ماحقُّ الله على العباد ؟ قلت: لا . قال: حق اللّهِ على العباد أن يَعبدوهُ ولا يشركوا به شيئاً . ثم سار ساعةً فقال: يا معاذ ، قلتُ: لبيكَ وسَعدَيك . قال: هل تدري ماحقُّ العباد على الله إذا فعلوا ذلك ؟ أن لا يعذبهم) .
    وروي الترمذي وقال حديثٌ حسنٌ صحيحٌ أن ابن عَبَّاسٍ رضي الله عنه ، قال: (كُنْتُ خَلفَ النبيِّ يَوْماً ، فَقَال: يَا غُلاَمُ ، إِنِّي أُعَلمُكَ كِلمَاتٍ: احفظ الله يَحْفَظْكَ ، احفظ الله تجِدْهُ تجَاهَكَ ، إِذَا سَأَلتَ فَاسْأَل الله ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بالله ، وَاعْلمْ أَنَّ الأُمَّةَ لوِ اجْتَمَعَتْ عَلى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ الله لكَ ، وَإنِ اجْتَمَعُوا عَلى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ الله عَليْكَ ، رُفِعَتِ الأَفْلاَمُ وَجَفَّتِ الصُّحُف) .
    الفرق بين الإرادة والمشيئة
    ولا بد هنا أن نفرق بين الإرادة والمشيئة ، فالإرادة كما تقدم كونية وشرعية ، أما المشيئة فهي كونية فقط ولا تأتي أبدا بالمعني الشرعي ، المشيئة لا يمكن أن تتخلف ، وقد أجمعت الرسل من أولهم إلى آخرهم وجميع الكتب المنزلة من عند الله ، على أنه ليس في الوجود أمر إلا بمشيئة الله وحده ، فما شاء كان ، وما لم يشأ لم يكن ، والمسلمون من أولهم إلى آخرهم مجمعون على أنه ما شاء الله كان ، وما لم يشأ لم يكن .
    ولذلك فإن العبد يعلق أفعاله على المشيئة وليس على الإرادة ، فالتوحيد الحق أن يعلق العبد أفعاله علي مشيئة الله عز وجل في جميع الأوقات ، سواء في الماضي أو الحاضر أو المستقبل ، فكل يجري بتقديره ومشيئته ، ومشيئته تنفذ ، لا مشيئة للعباد إلا ما شاء لهم ، فما شاء لهم كان ، وما لم يشأ لم يكن يهدي من يشاء ، ويعصم ويعافي فضلاً ، ويضل من يشاء ويخذل ويبتلي عدلاً ، وكلهم يتقلبون في مشيئته بين فضله وعدله ، فالمسلم يقول فيما وقع من الأحداث ومضى انتهى: قدر الله وما شاء فعل ، ولا يقول: قدر الله وما أراد فعل ، روى مسلم من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، أن رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قال: (المُؤْمِنُ القَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلى اللّهِ مِنَ المُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِي كُل خَيْرٌ ، احْرِصْ عَلى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللّهِ وَلاَ تَعْجِزْ ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلاَ تَقُل: لوْ أَنِّي فَعَلتُ كان كذا وكذا ، لم يُصبني كذا ، وَلكِنْ قُل: قَدَرُ اللّهِ وَمَا شَاءَ فَعَل ، فَإِنَّ لوْ تَفْتَحُ عَمَل الشَّيْطَانِ) .
    أما رد الأمر إلي المشيئة في الحاضر فهو كقول الله تعالي: (وَلوْلا إِذْ دَخَلتَ جَنَّتَكَ قُلتَ مَا شَاءَ اللهُ لا قُوَّةَ إِلا بِاللهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَل مِنْكَ مَالاً وَوَلداً) (الكهف:39) وهنا ينسب الموحد النعمة إلي المنعم ويرد الأمر فيها إلى مشيئة الله ، فالعبد الصادق الموحد مؤمن بأن الله قائم بالقسط والتدبير ، ومنفرد بالمشيئة والتقدير ، يتولى تدبير شئون العالمين ، وهو أحكم الحاكمين ، وخير الرازقين ، لا يطمع في سواه ، ولا يرجو إلا إياه ، ولا يشهد في العطاء إلا مشيئته ، ولا يرى في المنع إلا حكمته ، ولا يعاين في القبض والبسط إلا قدرته ، أما رد الأمر إلي المشيئة في المستقبل: فهو كقول الله تعالى: (وَلا تَقُولنَّ لشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلكَ غَداً إِلا أَنْ يَشَاءَ اللهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُل عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدا ً) (الكهف:24) .
    ووقف أعرابي على حلقة فيها عمرو بن عبيد فقال يا هؤلاء إن ناقتي سرقت فادعوا الله أن يردها علي فقال عمرو بن عبيد اللهم إنك لم ترد أن تسرق ناقته فسرقت فارددها عليه فقال الأعرابي لا حاجة لي في دعائك قال ولم قال أخاف كما أراد أن لا تسرق فسرقت أن يريد ردها فلا ترد .
    وروى عمرو بن الهيثم قال خرجنا في سفينة وصحبنا فيها قدري ومجوسي فقال القدري للمجوسي أسلم قال المجوسي حتى يريد الله ، فقال القدري: إن الله يريد ولكن الشيطان لا يريد ، قال المجوسي أراد الله وأراد الشيطان فكان ما أراد الشيطان هذا شيطان قوي ، وفي رواية أنه قال فأنا مع الأقوى .
    فالمشيئة كونية فقط ولذلك كل شيء بمشيئة الله ، (وَتِلكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَليمٌ) (الأنعام:83) (أَوَلمْ يَهْدِ للذِينَ يَرِثُونَ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلهَا أَنْ لوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ) (الأعراف:100) (فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْل وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ كَذَلكَ كِدْنَا ليُوسُفَ مَا كَانَ ليَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ المَلكِ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُل ذِي عِلمٍ عَليمٌ) (يوسف:76) (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ القَوْمِ المُجْرِمِينَ) (يوسف:110) (مَنْ كَانَ يُرِيدُ العَاجِلةَ عَجَّلنَا لهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلنَا لهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَدْحُوراً) (الإسراء:18) (ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الوَعْدَ فَأَنْجَيْنَاهُمْ وَمَنْ نَشَاءُ وَأَهْلكْنَا المُسْرِفِينَ) (الأنبياء:9) (وَلوْ نَشَاءُ لطَمَسْنَا عَلى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ وَلوْ نَشَاءُ لمَسَخْنَاهُمْ عَلى مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيّاً وَلا يَرْجِعُونَ) (يّس:67) (وَكَذَلكَ أَوْحَيْنَا إِليْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الكِتَابُ وَلا الأِيمَانُ وَلكِنْ جَعَلنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لتَهْدِي إِلى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (الشورى:52) (وَلوْ نَشَاءُ لجَعَلنَا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الأَرْضِ يَخْلُفُونَ) (الزخرف:60) (وَلوْ نَشَاءُ لأَرَيْنَاكَهُمْ فَلعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لحْنِ القَوْل وَاللهُ يَعْلمُ أَعْمَالكُمْ) (محمد:30)
    فالله عز وجل لا يجري في ملكه من خير أو شر ، أو نفع أو ضر ، أو حلو أو مر ، أو غنى أو فقر ، أو سر أو جهر أو وفاء أو غدر ، أو نصح أو مكر ، أو حركة أو سكون ، أو قيام أو قعود ، أو حياة أو موت ، أو قبض أو بسط ، أو إيمان أو كفر إلا بمشيئته ، وعلمه وقدرته ، فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن .
    (لوْ نَشَاءُ لجَعَلنَاهُ حُطَاماً فَظَلتُمْ تَفَكَّهُونَ) (الواقعة:65) (لوْ نَشَاءُ جَعَلنَاهُ أُجَاجاً فَلوْلا تَشْكُرُونَ) (الواقعة:70) (يُؤْتِي الحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُولُو الأَلبَابِ) (البقرة:269) (ليْسَ عَليْكَ هُدَاهُمْ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلأَنْفُسِكُمْ) (البقرة:272) (هُوَ الذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لا إِلهَ إِلا هُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ) (آل عمران:6) (قَال رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لي غُلامٌ وَقَدْ بَلغَنِيَ الكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَال كَذَلكَ اللهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ) (آل عمران:40) (قَالتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لي وَلدٌ وَلمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَال كَذَلكِ اللهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لهُ كُنْ فَيَكُونُ) (آل عمران:47) (وَللهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ يَغْفِرُ لمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (آل عمران:129) (لهُ مَقَاليدُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُل شَيْءٍ عَليمٌ) (الشورى:12) .

    عدم التفريق بين الإرادة والمشيئة كان سببا في ضلال المعتزلة والمتكلمين
    دخل القاضي عبد الجبار المعتزلي على أبي إسحاق الإسفراييني السلفي ، فقال سبحان من تنزه عن الفحشاء .
    فقال أبو إسحاق: سبحان من لا يقع في ملكه إلا ما يشاء ، فقال القاضي عبد الجبار المعتزلي: أيشاء ربنا أن يعصى ؟ فقال أبو إسحاق: أيعصى ربنا قهرا ، فقال القاضي عبد الجبار المعتزلي: أرأيت إن منعني الهدى وقضى علي بالردى أحسن إلي أم أساء ؟ فقال أبو إسحاق: إن منعك ما هو لك فقد أساء ، وإن منعك ما هو له فالله يختص برحمته من يشاء ، فانقطع وبهت ولم يجد جوابا .
    الهداية في كتاب الله كونية وشرعية
    مثال الهداية الكونية : (ذَلكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلوْ أَشْرَكُوا لحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (الأنعام:88) (ليْسَ عَليْكَ هُدَاهُمْ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِليْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلمُونَ) (البقرة:272) (إِنْ تَحْرِصْ عَلى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَمَا لهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ) (النحل:37) (اللهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ المِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلوْ لمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللهُ الأَمْثَال للنَّاسِ وَاللهُ بِكُل شَيْءٍ عَليمٌ) (النور:35)
    مثال الهداية الشرعية : (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا العَمَى عَلى الهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ العَذَابِ الهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) (فصلت:17) (قُلنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلا خَوْفٌ عَليْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (البقرة:38) .(يَا أَهْل الكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُل السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (المائدة:16) (إِنَّ هَذَا القُرْآنَ يَهْدِي للتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ المُؤْمِنِينَ الذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالحَاتِ أَنَّ لهُمْ أَجْراً كَبِيراً) (الإسراء:9) (سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلاهُمْ عَنْ قِبْلتِهِمُ التِي كَانُوا عَليْهَا قُل للهِ المَشْرِقُ وَالمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (البقرة:142) (قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنْزِل مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقاً لمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلى الحَقِّ وَإِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ) (الأحقاف:30) (يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَليم ٍوَمَنْ لا يُجِبْ دَاعِيَ اللهِ فَليْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الأَرْضِ وَليْسَ لهُ مِنْ دُونِهِ أَوْليَاءُ أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (الأحقاف:32) . (وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلى عَليْكُمْ آيَاتُ اللهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (آل عمران:101)
    من لا يفرق بين نوعي الهداية سيقع في الضلال .
    بلغ بعض هؤلاء الجبرية أن عليا لما أمر بقتل الخوارج يوم النهروان قال للقتلى: بؤسا لكم لقد ضركم من غركم ، فقيل له: من غرهم ؟ ، فقال: الشيطان والنفس الأمارة بالسوء والأماني ، فقال هذا القائل الجبري: كان علي قدريا وإلا فالله غرهم وفعل بهم ما فعل وأوردهم تلك الموارد .
    واجتمع جماعة من هؤلاء يوما فتذاكروا القدر فجرى ذكر الهدهد وقوله وزين لهم الشيطان أعمالهم (وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ للشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللهِ وَزَيَّنَ لهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيل فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ أَلا يَسْجُدُوا للهِ الذِي يُخْرِجُ الخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَيَعْلمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلنُونَ) (النمل:25) ، فقال كان الهدهد قدريا أضاف العمل إليهم والتزيين إلى الشيطان وجميع ذلك فعل الله .
    يقول أحد الجبرية الذين لا يفرقون بين التدبير الكوني والشرعي ، ويقولون هو تدبير كوني فقط: ما حيلة العبد والأقدار جارية عليه في كل حال أيها الرائي - ألقاه في اليم مكتوفا وقال له إياك ، إياك أن تبتل بالماء .
    ويذكر ابن القيم أن بعضهم قد ذكر له ما يخاف من إفساده فقال لي خمس بنات لا أخاف على إفسادهن غيره ، وصعد رجل يوما على سطح دار له فأشرف على غلام له يفجر بجاريته فنزل وأخذهما ليعاقبهما فقال الغلام إن القضاء والقدر لم يدعانا حتى فعلنا ذلك فقال لعلمك بالقضاء والقدر أحب إلي من كل شيء أنت حر لوجه الله .
    ورأى آخر يفجر بامرأته فبادر ليأخذه فهرب فأقبل يضرب المرأة وهي تقول القضاء والقدر فقال يا عدوة الله أتزنين وتعتذرين بمثل هذا ؟ فقالت: أو تركت السنة وأخذت بمذهب ابن عباس ، فتنبه ورمى بالسوط من يده واعتذر إليها وقال لولاك لضللت .
    ورأى آخر رجلا يفجر بامرأته فقال ما هذا فقالت هذا قضاء الله وقدره فقال الخيرة فيما قضى الله فلقب بالخيرة فيما قضى الله وكان إذا دعي به غضب .
    وجرى عند بعض هؤلاء ذكر إبليس وإبائه وامتناعه من السجود لآدم فأخذ الجماعة يلعنونه ويذمونه فقال إلى متى هذا اللوم ولو خلي لسجد ولكن منع وأخذ يقيم عذره فقال بعض الحاضرين تبا لك سائر اليوم أتذب عن الشيطان وتلوم الرحمن .
    اختبار لرواد المنتدى : بين نوع الهداية فيما يأتي ؟
    (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلمُ بِالمُهْتَدِينَ) (القصص:56) (وَكَذَلكَ أَوْحَيْنَا إِليْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الكِتَابُ وَلا الأِيمَانُ وَلكِنْ جَعَلنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لتَهْدِي إِلى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (الشورى:52) (قَال اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى) (طـه:123) (وَمَنْ يُضْلل اللهُ فَمَالهُ مِنْ هَادٍ) (الزمر:23) (مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ المُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلل فَأُولئِكَ هُمُ الخَاسِرُونَ) (لأعراف:178) .
    الكتابة كونية وشرعية:
    من الكتابة الكونية :
    (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الغَيْبِ لا يَعْلمُهَا إِلا هُوَ وَيَعْلمُ مَا فِي البَرِّ وَالبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلا يَعْلمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) (الأنعام:59) (قُل لنْ يُصِيبَنَا إِلا مَا كَتَبَ اللهُ لنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلى اللهِ فَليَتَوَكَّل المُؤْمِنُونَ) (التوبة:51) (كَتَبَ اللهُ لأَغْلبَنَّ أَنَا وَرُسُلي إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) (المجادلة:21) (لوْلا كِتَابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ لمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (لأنفال:68) (وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلا كُنَّا عَليْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَال ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلكَ وَلا أَكْبَرَ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) (يونس:61) (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلا عَلى اللهِ رِزْقُهَا وَيَعْلمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) (هود:6)
    من الكتابة الشرعية :
    (يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَليْكُمُ القِصَاصُ فِي القَتْلى الحُرُّ بِالحُرِّ وَالعَبْدُ بِالعَبْدِ وَالأُنْثَى بِالأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِليْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلكَ فَلهُ عَذَابٌ أَليمٌ) (البقرة:178) (كُتِبَ عَليْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الوَصِيَّةُ للوَالدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالمَعْرُوفِ حَقّاً عَلى المُتَّقِينَ) (البقرة:180) (يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَليْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلى الذِينَ مِنْ قَبْلكُمْ لعَلكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة:183) .
    اختبار لرواد المنتدى : بين نوع الكتابة فيما يأتي ؟
    (ثُمَّ أَنْزَل عَليْكُمْ مِنْ بَعْدِ الغَمِّ أَمَنَةً نُعَاساً يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللهِ غَيْرَ الحَقِّ ظَنَّ الجَاهِليَّةِ يَقُولُونَ هَل لنَا مِنَ الأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُل إِنَّ الأَمْرَ كُلهُ للهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لا يُبْدُونَ لكَ يَقُولُونَ لوْ كَانَ لنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلنَا هَاهُنَا قُل لوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لبَرَزَ الذِينَ كُتِبَ عَليْهِمُ القَتْلُ إِلى مَضَاجِعِهِمْ وَليَبْتَليَ اللهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَليُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللهُ عَليمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) (آل عمران:154) (كُتِبَ عَليْكُمُ القِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لكُمْ وَاللهُ يَعْلمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلمُونَ) (البقرة:216) (أَلمْ تَرَ إِلى المَلأِ مِنْ بَنِي إِسْرائيل مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لنَبِيٍّ لهُمُ ابْعَثْ لنَا مَلكاً نُقَاتِل فِي سَبِيل اللهِ قَال هَل عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَليْكُمُ القِتَالُ أَلا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لنَا أَلا نُقَاتِل فِي سَبِيل اللهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلمَّا كُتِبَ عَليْهِمُ القِتَالُ تَوَلوْا إِلا قَليلاً مِنْهُمْ وَاللهُ عَليمٌ بِالظَّالمِينَ) (البقرة:246) (وَإِذَا جَاءَكَ الذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنَا فَقُل سَلامٌ عَليْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِل مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهَالةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (الأنعام:54) (وَلمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُصَدِّقٌ لمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلى الذِينَ كَفَرُوا فَلمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلعْنَةُ اللهِ عَلى الكَافِرِينَ) (البقرة:89) (أَلمْ تَرَ إِلى الذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلى كِتَابِ اللهِ ليَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ) (آل عمران:23)

    ملخص لنوعي التدبير
    النوع الأول من نوعي التدبير : التدبير كوني وهو قضاء الله وقدره ، وفعله في خلقه ، هذا التدبير تدبير قدري حتمي الوقوع ، جبري واقع على كل مصنوع ، لا يمكن لأحد في العالم رده ، ولا يمكن للإنسان صده ، ما شاء الله فيه كان ، وما لم يشأ لم يكن ، تدبير متعلق بربوبية الله لخلقه ، وهو كما أخبر سبحانه وتعالى عن نفسه له الخلق والأمر ، فالخلق قضاؤه وقدره ، وفعله وأمر ، وحكمه الجاري في ملكه ، لا خروج لأحد عن تدبيره الكوني ، ولا غالب لأمره القدري ، من الذي يقوي أن ينازع الله في مشيئته ، مهما بلغ في قوته وقدرته .
    والنوع الثاني تدبير شرعي ديني ، تدبير تكليفي اختياري ، تدبير خاص بشريعة وهداية وبيان ، تدبير من الله لصالح الجن والإنسان ، تدبير يظهر من خلاله معاني الكفر والإيمان ، ويتميز من خلاله أهل العصيان وأهل الإيمان ، ويترتب عليه الثواب والعقاب ، والعرض والحساب ، والنعيم والعذاب ، هذا التدبير الإنسان مخير فيه ، يمكن أن يطيع الله فيه أو يعصيه ، ومخالفته لله فيه ، لا يعني أن العبد يخرج عن التدبير الكوني أو أن مشيئة العبد غلبت مشيئة الرب ، سبحانه لا يفني ولا يبيد ولا يكون في ملكه إلا ما يريد .

    اختبار لرواد المنتدى : ما هو التحريم الكوني والتحريم الشرعي فيما يأتي ؟
    (حُرِّمَتْ عَليْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لمْ تَكُونُوا دَخَلتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَليْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلا مَا قَدْ سَلفَ إِنَّ اللهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً) (النساء:23) .
    (قَال فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَليْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلى القَوْمِ الفَاسِقِينَ) (المائدة:26) .
    (وَإِذْ قَال مُوسَى لقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَليْكُمْ إِذْ جَعَل فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلكُمْ مُلُوكاً وَآتَاكُمْ مَا لمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ العَالمِينَ يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ التِي كَتَبَ اللهُ لكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلبُوا خَاسِرِينَ قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لنْ نَدْخُلهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ قَال رَجُلانِ مِنَ الذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللهُ عَليهِمَا ادْخُلُوا عَليْهِمُ البَابَ فَإِذَا دَخَلتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالبُونَ وَعَلى اللهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لنْ نَدْخُلهَا أَبَداً مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ قَال رَبِّ إِنِّي لا أَمْلكُ إِلا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ القَوْمِ الفَاسِقِينَ قَال فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَليْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلى القَوْمِ الفَاسِقِينَ) (المائدة:25) .
    (حُرِّمَتْ عَليْكُمُ المَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلحْمُ الخِنْزِيرِ وَمَا أُهِل لغَيْرِ اللهِ بِهِ وَالمُنْخَنِقَةُ وَالمَوْقُوذَةُ وَالمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَل السَّبُعُ إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأَزْلامِ ذَلكُمْ فِسْقٌ) (المائدة:3) .
    (فَبِظُلمٍ مِنَ الذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَليْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلتْ لهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيل اللهِ كَثِيراً) (النساء:160) .
    (وَعَلى الذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُل ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ البَقَرِ وَالغَنَمِ حَرَّمْنَا عَليْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلا مَا حَمَلتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلطَ بِعَظْمٍ ذَلكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لصَادِقُونَ) (الأنعام:146) .
    (لقَدْ كَفَرَ الذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَال المَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرائيل اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَليْهِ الجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا للظَّالمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ) (المائدة:72) .
    (وَمَا لكُمْ أَلا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَليْهِ وَقَدْ فَصَّل لكُمْ مَا حَرَّمَ عَليْكُمْ إِلا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِليْهِ وَإِنَّ كَثِيراً ليُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلمُ بِالمُعْتَدِينَ) (الأنعام:119) .
    (ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ المَعْزِ اثْنَيْنِ قُل آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلتْ عَليْهِ أَرْحَامُ الأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (الأنعام:143) .
    (وَمِنَ الإبل اثْنَيْنِ وَمِنَ البَقَرِ اثْنَيْنِ قُل آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلتْ عَليْهِ أَرْحَامُ الأُنْثَيَيْنِ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللهُ بِهَذَا فَمَنْ أَظْلمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلى اللهِ كَذِباً ليُضِل النَّاسَ بِغَيْرِ عِلمٍ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي القَوْمَ الظَّالمِينَ) (الأنعام:144) .
    (قُل تَعَالوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَليْكُمْ أَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالوَالدَيْنِ إِحْسَاناً وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ التِي حَرَّمَ اللهُ إِلا بِالحَقِّ ذَلكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لعَلكُمْ تَعْقِلُونَ) (الأنعام:151) .
    (وَحَرَّمْنَا عَليْهِ المَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقَالتْ هَل أَدُلُّكُمْ عَلى أَهْل بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لكُمْ وَهُمْ لهُ نَاصِحُونَ) (القصص:12) .
    الإجابة عن هذا السؤال مهمة لتقدير مدى فهم الموضوع ؟ (وَحَرَّمْنَا عَليْهِ المَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقَالتْ هَل أَدُلُّكُمْ عَلى أَهْل بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لكُمْ وَهُمْ لهُ نَاصِحُونَ فَرَدَدْنَاهُ إِلى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ وَلتَعْلمَ أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلمُونَ ) .
    (قُل إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالبَغْيَ بِغَيْرِ الحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ مَا لمْ يُنَزِّل بِهِ سُلطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلى اللهِ مَا لا تَعْلمُونَ) (لأعراف:33) .
    (قَاتِلُوا الذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِاليَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الحَقِّ مِنَ الذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ) (التوبة:29) .
    (الذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ المَسِّ ذَلكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا البَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَل اللهُ البَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلهُ مَا سَلفَ وَأَمْرُهُ إِلى اللهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالدُونَ) (البقرة:275) .
    (سَيَقُولُ الذِينَ أَشْرَكُوا لوْ شَاءَ اللهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلكَ كَذَّبَ الذِينَ مِنْ قَبْلهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُل هَل عِنْدَكُمْ مِنْ عِلمٍ فَتُخْرِجُوهُ لنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلا تَخْرُصُونَ) (الأنعام:148) .
    (وَقَال الذِينَ أَشْرَكُوا لوْ شَاءَ اللهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلكَ فَعَل الذِينَ مِنْ قَبْلهِمْ فَهَل عَلى الرُّسُل إِلا البَلاغُ المُبِينُ) (النحل:35) .
    ما هو الإذن الكوني والشرعي فيما يأتي ؟
    (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلى مُلكِ سُليْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُليْمَانُ وَلكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِل عَلى المَلكَيْنِ بِبَابِل هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ المَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ اللهِ وَيَتَعَلمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَلقَدْ عَلمُوا لمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لوْ كَانُوا يَعْلمُونَ) (البقرة:102) .
    (قُل أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَل اللهُ لكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلتُمْ مِنْهُ حَرَاماً وَحَلالاً قُل آللهُ أَذِنَ لكُمْ أَمْ عَلى اللهِ تَفْتَرُونَ) (يونس:59) .
    (قَال الذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو اللهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَليلةٍ غَلبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) (البقرة:249) .
    (أُذِنَ للذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لقَدِيرٌ) (الحج:39) (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لهُ فِيهَا بِالغُدُوِّ وَالآصَال) (النور:36) .
    (وَرَسُولاً إِلى بَنِي إِسْرائيل أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللهِ وَأُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ وَأُحْيِي المَوْتَى بِإِذْنِ اللهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلكَ لآيَةً لكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (آل عمران:49) .
    (وَمَا كَانَ لنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلا بِإِذْنِ اللهِ كِتَاباً مُؤَجَّلاً وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ) (آل عمران:145) .
    (أَمْ لهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لمْ يَأْذَنْ بِهِ اللهُ وَلوْلا كَلمَةُ الفَصْل لقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالمِينَ لهُمْ عَذَابٌ أَليمٌ) (الشورى:21) .
    (وَالبَلدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلا نَكِداً كَذَلكَ نُصَرِّفُ الآياتِ لقَوْمٍ يَشْكُرُونَ) (الأعراف:58) .
    (تُؤْتِي أُكُلهَا كُل حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللهُ الأَمْثَال للنَّاسِ لعَلهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) (إبراهيم:25) .
    (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلا بِإِذْنِ اللهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ يَهْدِ قَلبَهُ وَاللهُ بِكُل شَيْءٍ عَليمٌ) (التغابن:11) .
    (تَنَزَّلُ المَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُل أَمْرٍ) (القدر:4) .
    الجعل الكوني والشرعي
    جعل إذا أضيفت إلي الله فهي على معنيين: المعني الأول هو المعني الكوني معني الخلق والتقدير والتكوين والتدبير ، الذي يقع لا محالة ، كقوله تعالى: (أَلمْ نَجْعَل الأَرْضَ مِهَادًا وَالجِبَال أَوْتَادًا وَخَلقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا وَجَعَلنَا الليْل لبَاسًا وَجَعَلنَا النَّهَارَ مَعَاشًا وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا وَجَعَلنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا) (النبأ:6:13) (وَجَعَل الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ) (الأنعام: 1) ، وقوله تعالى: (وَجَعَلنَا مِن َالمَاءِ كُل شيء حَي أَفَلا يُؤْمِنُونَ) (الأنبياء:30) ، (وَجَعلنَا في الأَرْضِ رَوَاسِي أَن تَمِيدَ بِهَمْ وَجَعَلنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلا لعَلهُمْ يَهْتَدُونَ) (الأنبياء: 31) ، وقوله: (وَجَعَلنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا) (الأنبياء:32) .
    المعني الثاني لجعل إذا أضيفت إلي الله ، هو المعني الشرعي الديني الذي يحتوي على منهج المكلفين وشريعة المسلمين ويبين طريق عبادتهم وصلاح دنيتهم ، وهذا قد يقع وقد لا يقع كقوله تعالى: (فَمَا جَعَل اللهُ لكُمْ عَليْهِمْ سَبِيلا) أي لم يجعل لكما حكما شرعيا في قتالهم لأن الآيات تقول : (وَدُّوا لوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْليَاءَ حتى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيل اللهِ فَإِنْ تَوَلوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَليًّا وَلا نَصِيرًا ، إِلا الذِينَ يَصِلُونَ إلي قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلوْ شَاءَ اللهُ لسَلطَهُمْ عَليْكُمْ فَلقَاتَلُوكُمْ فَإِنْ اعْتَزَلُوكُمْ فَلمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلقَوْا إِليْكُمْ السَّلمَ فَمَا جَعَل اللهُ لكُمْ عَليْهِمْ سَبِيلا ، سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُل مَا رُدُّوا إلي الفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا فَإِنْ لمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلقُوا إِليْكُمْ السَّلمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُوْلئِكُمْ جَعَلنَا لكُمْ عَليْهِمْ سُلطَانًا مُبِينًا) (النساء:91) .
    وكقوله تعالى: (لكُلٍّ جَعَلنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلوْ شَاءَ اللهُ لجَعَلكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلكِنْ ليَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إلي اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلفُونَ) .
    وكقوله: (مَا جَعَل اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سَائِبَةٍ وَلا وَصِيلةٍ وَلا حَامٍ وَلكِنَّ الذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ على اللهِ الكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُون) وكقوله: (وَآتَيْنَا مُوسَي الكِتَابَ وَجَعَلنَاهُ هُدًي لبَنِي إِسْرَائِيل أَلا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلا) .
    (الحَمْدُ للهِ الذِي أَنزَل على عَبْدِهِ الكِتَابَ وَلمْ يَجْعَل لهُ عِوَجَا) (إِنَّ الذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيل اللهِ وَالمَسْجِدِ الحَرَامِ الذِي جَعَلنَاهُ للنَّاسِ سَوَاءً العَاكِفُ فِيهِ وَالبَادِي وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلحَادٍ بِظُلمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَليمٍ) .
    (وَلكُل أُمَّةٍ جَعَلنَا مَنْسَكًا ليَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ على مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ) (وَالبُدْنَ جَعَلنَاهَا لكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ لكُمْ فِيهَا خَيْرٌ) (لكُل أُمَّةٍ جَعَلنَا مَنسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ فَلا يُنَازِعُنَّكَ فِي الأَمْرِ) (ثُمَّ جَعَلنَاكَ على شَرِيعَةٍ مِنْ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الذِينَ لا يَعْلمُونَ) .
    ومن هذا الباب قوله تعالى: (إِنَّا جَعَلنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لعَلكُمْ تَعْقِلُونَ) أي أنزل كلامه وشريعته بلغة العرب ، وقد بين الله السبب فقال: (وَلوْ جَعَلنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لقَالُوا لوْلا فُصِّلتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُل هُوَ للذِينَ آمَنُوا هُدًي وَشِفَاءٌ وَالذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَليْهِمْ عَمًي) وقال: (وَكَذَلكَ أَوْحَيْنَا إِليْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الكِتَابُ وَلا الإيمان وَلكِنْ جَعَلنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لتَهْدِي إلي صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) .
    وقد من جهل الخليفة المأمون وأتباعه من المعتزلة أنه لبس الأمور وخلط الجعل فجعل الكوني بالمعني الشرعي والشرعي بالمعني الكوني ، اسمع ماذا يقول في رسالته: (وقد قال الله عز وجل في محكم كتابه ، الذي جعله لما في الصدور شفاء ، وللمؤمنين رحمة وهدي: (إِنَّا جَعَلنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً) ، فكل ما جعله الله فقد خلقه ، وقال: (الحَمْدُ للهِ الذِي خَلقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَل الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ) (الأنعام:1) ، فجعل الأولي بمعني شرع والثانية بمعني خلق فأراد أن يسوى بينهما .
    أما جعل إذا أضيفت لمخلوق فلا تكون بمعني خلق وليست بالمعني الكوني ولا بالمعني الشرعي ، كقوله تعالى: (أَجَعَلتُمْ سِقَايَةَ الحَاجِّ وَعِمَارَةَ المَسْجِدِ الحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيل اللهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللهِ وَاللهُ لا يَهْدِي القَوْمَ الظَّالمِينَ): (وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللهُ سَمِيعٌ عَليم) (أَوْ كَصَيِّبٍ مِنْ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنْ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ المَوْتِ وَاللهُ مُحِيطٌ بِالكَافِرِين) فجعل هنا لا يمكن أن تكون بمعني خلق أبدا ، وليس كل ما جعله الله فقد خلقه كما زعم المأمون .
    اختبار لرواد المنتدى : ما هو البعث الكوني والشرعي فيما يأتي ؟
    (مَا خَلقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) (لقمان:28) (لقَدْ مَنَّ اللهُ عَلى المُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَليْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلمُهُمُ الكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (آل عمران:164) (وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلا هُزُواً أَهَذَا الذِي بَعَثَ اللهُ رَسُولاً) (الفرقان:41) ، (وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي القُبُورِ) (الحج:7) (وَقَال لهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ لكُمْ طَالُوتَ مَلكاً قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لهُ المُلكُ عَليْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالمُلكِ مِنْهُ وَلمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ المَال قَال إِنَّ اللهَ اصْطَفَاهُ عَليْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي العِلمِ وَالجِسْمِ وَاللهُ يُؤْتِي مُلكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَليمٌ) (البقرة:247) (وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلكَ القُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولاً يَتْلُو عَليْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلكِي القُرَى إِلا وَأَهْلُهَا ظَالمُونَ) (القصص:59) (قُل هُوَ القَادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَليْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلكُمْ أَوْ يَلبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآياتِ لعَلهُمْ يَفْقَهُونَ) (الأنعام:65) .
    اختبار لرواد المنتدى : ما هو الإرسال الكوني والشرعي فيما يأتي ؟
    (وَهُوَ الذِي أَرْسَل الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً) (الفرقان:48) (هُوَ الذِي أَرْسَل رَسُولهُ بِالهُدَى وَدِينِ الحَقِّ ليُظْهِرَهُ عَلى الدِّينِ كُلهِ وَلوْ كَرِهَ المُشْرِكُونَ) (التوبة:33) (كَمَا أَرْسَلنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتْلُو عَليْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلمُكُمُ الكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَيُعَلمُكُمْ مَا لمْ تَكُونُوا تَعْلمُونَ) (البقرة:151) (أَلمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلنَا الشَّيَاطِينَ عَلى الكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزّاً) (مريم:83) (وَلئِنْ أَرْسَلنَا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرّاً لظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ) (الروم:51) (وَمَا أَرْسَلنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلا قَال مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلتُمْ بِهِ كَافِرُونَ) (سـبأ:34) (إِذْ أَرْسَلنَا إِليْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِليْكُمْ مُرْسَلُونَ) (يّـس:14) (وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلنَا عَليْهِمُ الرِّيحَ العَقِيمَ) (الذاريات:41) (إِنَّا أَرْسَلنَا عَليْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ) (القمر:19) (إِنَّا أَرْسَلنَا عَليْهِمْ حَاصِباً إِلا آل لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ) (القمر:34) (وَلقَدْ أَرْسَلنَا نُوحاً وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالكِتَابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ) (الحديد:26) (إِنَّا أَرْسَلنَا عَليْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ المُحْتَظِرِ) (القمر:31
    (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَليْهِ وَسَلمُوا تَسْليماً) (الأحزاب:56) .

صفحة 3 من 4 الأولىالأولى 1234 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. طلب فتح موضوع للنقاش حول مرض الوسواس القهري
    بواسطة محمد إسماعيل في المنتدى قسم الحوار عن الإسلام
    مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 05-03-2020, 12:12 AM
  2. موضوع للنقاش: حول كتابات عبد الوهاب المسيري.
    بواسطة أمَة الرحمن في المنتدى قسم الحوار العام
    مشاركات: 38
    آخر مشاركة: 10-23-2010, 09:41 PM
  3. الحرية والعلمانية موضوع للنقاش
    بواسطة سيف الكلمة في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 11-10-2009, 10:11 PM
  4. الظــاهر والبــاطن ! موضوع للنقاش
    بواسطة ISLAMIC SERVICE في المنتدى قسم الحوار العام
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 11-22-2008, 07:05 PM
  5. امعتزلة المعاصرة موضوع للنقاش الجاد
    بواسطة أمين نايف ذياب في المنتدى قسم العقيدة والتوحيد
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 04-13-2005, 03:45 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء