النتائج 1 إلى 15 من 15

الموضوع: اضطرار العقل إلى الإقرار بحكمة الله في خلقه وشرعه ، وكشف مغالطة منكري حكمة الشريعة

  1. #1

    افتراضي اضطرار العقل إلى الإقرار بحكمة الله في خلقه وشرعه ، وكشف مغالطة منكري حكمة الشريعة

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله حق حمده ، والصلاة والسلام على خاتم أنبيائه ورسله ، وعلى آله وصحبه والمقتفين أثره من بعده .

    هذا جواب على استشكال معرفة الحكمة في بعض أحكام الشريعة الإسلامية ، وقصور بعض العقول عن درك ذلك ،

    وبيان :

    أن العقل موجب للإقرار بوجود الله وحكمته .

    وأن حكمة الله ثابتة في خلقه وفي شرعه .

    وأن ما لا يدرك من حكمة الله في خلقه وشرعه ليس نفيا لوجود الحكمة وإنما هو نفي لبعض شروط معرفتها ألا وهو عدم قصور العقل ونقص إدراكه .

    وأن العقل لا يحيط بحكمة الله تعالى لا في خلقه ولا في شرعه ، لكمال حكمة الله تعالى ، ولنقص قدرة المخلوق في عقله كبقية قدراته غير الكاملة .

    وأن المعترضين على حكمة التشريع يعمدون إلى مغالطة خبيثة قائمة على تشويه الحقيقة وعزلها عن علاقاتها الضرورية ببقية أحكام الشريعة الكاملة .

    وأن الواجب في رد هذه المغالطة مقابلتها بالضد ، ببيان حقيقة المسألة ، وعرضها في إطارها العام المترابط مع بقية الأحكام الشرعية ، وتطبيق ذلك على مثال من مسائل الشريعة الإسلامية التي يشغب عليها الجاهلون بربهم وشرعه.

    فحق فيهم وصف الله تعالى لأسلافهم من المكذبين بالحق جهلا بعد أن شهدوا آيات الله تعالى : {وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآَنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ * أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ } .





    اضطرار العقل إلى الإيمان بخالقه :


    إن ما يجده الإنسان في تأمله لنفسه وللكون من حوله من اضطرار عقله إلى الإيمان بالله عز وجل لهو الحق الذي لا محيص عنه ، فإنه لا يسلم العقل بحقيقة كونية أو نفسية إلا كان استلزامه التسليم بوجود الله وكماله أعظم وأولى ، وإذا أنكر وجود الله وقع في تناقضات عقلية تضحك الثكالى ، كجعل المادة الناقصة غير الحية ولا العاقلة ولا المريدة مصدرا للحياة والعقل والوجود والكمال ، أو جعل العدم الذي ليس بشيء مصدرا لكل وجود وفاعلا لكل المفعولات الكونية ! وهذه كلها مصادمة لأحكام العقل البدهية الضرورية المبنية على استلزام الإحداث والفعل والإيجاد إلى محدث فاعل موجد أكمل من محدثاته وموجوداته ، وامتناع إحالة ذلك إلى ما لا يصح منه إيجاد الكائنات لعدمه أو لنقصه ذاتا وصفاتا ، ومخالفة هذه الضروريات العقلية ما هي إلا وسوسة وجحد للحقائق ، وهذا مرض يصيب الموسوسين في عقولهم ، وهو غير مستغرب منهم ، فكما يصاب العقل بالجنون فإنه يصاب بالفساد عندما يجعل الأوهام والخيالات والوساوس أساسا يحاكم العقل وبدهياته من خلاله .







    حكمة الله في خلقه للكون والإنسان تقتضي حكمته في بعث الأنبياء بالحق :

    وإذا أقر الإنسان بوجود الله الذي أتقن كل شيء ، وبحكمته التي شملت خلقه ، وعنايته الظاهرة في مخلوقاته ، فقد وجب أن يؤمن بأن حكمة الله كما شملت خلقه فإنها تشمل شرعه ودينه ، فإن الرب الخالق المالك المدبر هو المستحق أن نشكره على نعمه ونعبده وحده دون غيره ، وهذه العبادة يجب أن لا تكون قولا على الله بغير علم ، وكذبا مفترى ،وإنما يجب أن تكون حقا يرضاه الله ويقره ، وهذا ما لا يعرف إلا بخبر منه جل وعلا لعدم استقلالنا بمعرفة ذلك بمداركنا الناقصة ، ولهذا بعث الله الرسل وأنزل الكتب حتى نعبده وحده ونطيع أمره .






    إعجاز القرآن الكريم يشار إليه ولا يحاط به ولا تحصر أنواعه :

    وقد أيد الله عز وجل رسله وأنبيائه بالآيات والمعجزات التي عليها يؤمن الناس ، فكانت معجزة النبي صلى الله عليه وسلم الكبرى هذا القرآن الكريم الذي مهما اختلف الناس في وجوه إعجازه فإنهم متفقون على العجز عن الإتيان بمثله ، ومهما كثر القول في تبيين إعجازه وتفصيله إلا أن الحقيقة الكبرى أن الناس بعد كل هذا مجمعون على أن كل ما يعارض به القرآن الكريم باطل منقوض لا يصمد أمام سورة من سوره فضلا عن عشر سور منه ، فكيف بمثل جميع سوره ؟! وأن كل معارضة للقرآن تحمل بطلانها في نفسها وتعلن عجزها بأعلى صوتها ، وتخضع لإعجاز القرآن خضعانا يحير الألباب ويقطع الجدال ويُبهت الذي كفر .


    ومن إعجاز القرآن الكريم : أنه لا يمكن حصر وجوه إعجازه حصرا يوقف إعجازه عند حد محدود لنقص معارف الإنسان عن الإحاطة بجميعه ، وأن ما يذكر في إعجاز بعض ما تضمنته سوره من الإخبار بالمغيبات التاريخية والعلمية وحكمة التشريع ونحوها إنما هي غيض من فيض إعجاز تلك السور ، وأما جميع أوجه الإعجاز فلا يحيط بها إلا الله جلّ وعلا .



    ولهذا نجد في جانب الإعجاز اللغوي البياني البلاغي في القرآن الكريم أن فصحاء العرب وأئمة البلاغة واللغة في كل عصر ومصر غير مختلفين في عجزهم وعجز العرب قاطبة والإنس والجن من بعدهم عن الإتيان بمثل القرآن الكريم أو سورة منه ، ثم اختلافهم في سر هذا الإعجاز البياني مما يؤكد علو القرآن الكريم عن قدرة البشر على الإتيان بمثله .



    ثم هم في تفسير هذه الحقيقة التي يجدون شاهدها في أنفسهم وغيرهم لا يبلغون كنه إعجاز القرآن ولا يحيطون به ، وإنما يشيرون إليه إشارات من بعيد كما يشير الناظر إلى النجم في السماء لا ينكره ثم هو لا يحيط به خبرا ، فالقرآن أعظم من مخلوقات الله جميعا ، لأنه كلام الله غير مخلوق ولا ناقص ، وكلام الله المعجز لا يبلغ الإنسان منتهى إعجازه ولا فـَسْرحقيقته وإنما يخضع لإعجازه مقرا به مذعنا لعظمته وجلاله ، معلنا عجزه عن الإتيان بمثله دون أن يحيط بوجه من وجوه إعجازه فضلا عن جميعها .








    صدق النبي صلى الله عليه وسلم يوجب طاعته والتزام الشرع الحكيم :

    فمن ثمَّ وجب على الإنسان أن يعبد الله عز وجل وحده وفق ما أوحاه الله إلى نبيه صلى الله عليه وسلم المؤيد بالمعجزات الباهرة والآيات الظاهرة ، وأن لا ينكر مما في شرعه من الحكمة ما قد اعترف به في خلقه ، فمن أحكم خلقه لا يكون شرعه إلا محكما أيضا ، ولهذا قال الله تعالى : { أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ } ، فالخالق لهم هو العالم بحالهم اللطيف الذي لا يخفى عليه منهم شيء الخبير بجميع أمرهم ، فلا صلاح لهم إلا بطاعته والإيمان به ، {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ }.





    الحكمة في أحكام الشريعة الإسلامية إما تفصيلية أو إجمالية ، ودلالة حكمة الخلق على حكمة الشرع:

    إن أحكام الشريعة الإسلامية داخلة في إطار الاختبار والابتلاء للإنسان ضمن المجالات التي يختبر الله الإنسان فيها عقديا وفقهيا وسلوكيا ، وقد جعل الله أحكام الشريعة الإسلامية على نوعين :

    الأول : نوع يدرك العقل الحكمة منه والعلة في أحكام تفاصيله وجزئياته ، وذلك : كأحكام المعاملات المبنية على مصالح العباد ، والحدود الزاجرة عن الإضرار بالخلق ، والآداب والمكارم والأخلاق التي تسمو بالمجتمعات وتوثق روابط الاجتماع بين أفراده ، والعبادات التي توحد الأمة شعوريا وتسمو بها وتزكي الأنفس وتنمي الضمير الأخلاقي والوازع النفسي ، وأحكام الدولة التي تحفظ مصالح العباد وتمنع الاستبداد وتجعل الحاكم والمحكوم والغني والفقير والكبير والصغير جسدا واحدا في أمة واحدة متناصرة متكافلة يسعى بذمتهم أدناهم ، وينصح بعضهم بعضا فيُسمعُ للناصح ويُخضعُ للحق ، فلا صراع طبقي ولا اضطهاد بشري .


    الثاني : نوع يدرك العقل الحكمة منه إجمالا ، كالحكمة من مقادير بعض العبادات وكيفياتها كعدد الركعات في فرائض الصلاة ، فالحكمة الإجمالية منها التعبد بمحض الطاعة لله عز وجل بعد أن شهدت عقولنا وفطرنا حكمته في خلقه وشرعه ، وبعد أن أيقنا أنه حكيم في جميع أحكامه ، وأن طاعتنا له لأنه خالقنا ومالكنا ومدبر جميع أمورنا ، ولأنه الله الكامل في أسمائه وصفاته وأفعاله ، ومن كان كذلك كان العقل قاطعا بأن ما يأمرنا به فيه الخير لنا والصلاح لشأننا في الدنيا والآخرة ، وأن في ما أدركناه من حكمته في خلقه وما ظهر لنا من حكمته في شرعه لشاهدا بوجود الحكمة في سائر ما جهلنا من تفاصيل التعبدات المحضة التي لها حكمة إلا أننا لم نحصل شرط معرفتها لنقص عقولنا عن إدراك جميع حكمة الله تعالى في خلقه وشرعه .

    وكما أننا نشهد في مخلوقات الله ما لا نحيط به علما ولا إدراكا لأسراره فكذلك في شرع الله تعالى ما يجوز أن يغيب عنا وجه الحكمة فيه لنقصنا مع وجودها وتحققها ، وهذا يوجب علينا إيماننا بحكمة الله تعالى في جميع خلقه وأمره الشرعي والكوني .






    كشف المغالطة في إنكار حكمة الشريعة الإسلامية في أحكامها وتكامل منظومتها :


    ثم إذا نظرنا إلى أحكام الشريعة الإسلامية وجدناها على نظام متسق محكم يأخذ بعضه برقاب بعض ، وتتلائم أحكامه حتى تدفع عن جزئياتها كل نقص وذلك بما يجاورها من أحكام وضمانات تمنع وتقي من طروء الفساد على الشريعة الإسلامية .



    وبهذا يتبين لنا أن من يجادل في بعض جزئيات الشريعة الإسلامية متهما لها بالاتهامات الباطلة إنما يكمن معظم خلله وفساد رأيه - بعد جهله بحقيقة تلك الجزئية الشرعية - في عزله أحكام الشريعة بعضها عن بعض ، وضيق نظره عن إدراك موضع تلك الجزئية من المنظومة الكلية للشريعة الإسلامية ، ولو أبصر تلك الجزئية في ضوء هذا النظام المتكامل لعلم أن وجودها كمال في التشريع يبعث الإيمان والطمأنينة في نفس الإنسان وعقله وقلبه .



    ثم إذا جئنا بعد ذلك إلى بعض المسائل الفقهية التي يشغب بها الجاهلون بربهم حين يذكرونها على غير وجهها ، ويصرفون نظرهم معرضين عن موضعها من منظومة الأحكام الشرعية ، نجد أن تلك المسائل الفقهية شاهدة على كمال التشريع وسموه ، لا على ما ادعوه من الفساد والنقص العائد إلى فساد عقولهم ونقص إدراكهم ، فما علينا حينها إلا أن نذكر ذلك الحكم الشرعي كما هو في الشريعة الإسلامية مع ملاحظة ما يحيط به من أحكام كثيرة تضمن عدم طروء الضرر والفساد على أحكام الشريعة .




    وذلك كأن ننظر في موقف الإسلام من الرق ضمن ما يحيط به من الأحكام :

    فنلاحظ تحريم الإسلام جميع أسباب الرق في الجاهلية القائمة على استعباد الأحرار بالخطف والغصب والسرقة والمتاجرة فيهم ، وجعل السبب الوحيد المبيح للرق عائدا في الأصل إلى الإبقاء على حياة الأسرى الكفار المحاربين داخل المجتمع الإسلامي مع تحريم ظلمهم أو أذيتهم وإيجاب رزقهم وكسوتهم .



    وفي مرحلة الأسر يجب أن نلاحظ أحكام الأسير في الإسلام في تحريم الإضرار به أو أذيته أو العدوان عليه ووجوب احترام إنسانيته ، وإطعامه كما قال تعالى : {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّه مِسْكِينَاً وَيَتِيْمَاً وَأَسِيرَاً } وتوفيراللباس الساتر لعورته ، والمأوى الذي يحميه حر النهار وبرد الليل ، ودفع كل ضرر عنه ، ومعاملته بشرف وكرامة ، كما هي الأخلاق الإسلامية الحربية حتى مع ألد الأعداء المعتدين ، وعدم جواز تعذيبه إلا إذا علم أنه يخفي أسرارا حربية مهمة من خلال عمله دون انتهاك عرضه وإنما يكون بالتهديد ثم بالإيلام الذي لا يفسد بدنه أو أن يكون تعذيب أسرى الكفار بسبب تعذيب الكفار لأسرى المسلمين حتى ينزجروا عن ذلك ، وأما ابتداء ذلك فغير جائز في الإسلام .



    واسترقاق الأسرى الحربيين من الكفار إنما يكون عندما لا يمكن مفاداة الأسرى الكفار مع دولتهم بأسرى من المسلمين أو الاتفاق على المفاداة المالية ، أو عدم وجود المصلحة من المن عليهم بإطلاق سراحهم دون مقابل إذا كان في ذلك تشجيعا للعدو وجنده على الغدر بالمسلمين أو قتالهم دون رهبة من الأسر وزيادة في منعتهم وإضعافا للمسلمين ، وعدم إباحة الإسلام قتل الأسرى إلا الرجال البالغين منهم لضرورة توجب ذلك في بعض الأسرى وفي بعض الحالات الخاصة كقتل الأسير الذي اشتد ضرره وعدوانه على الإسلام والمسلمين ، أو قتل الكفار لأسرى المسلمين فيرد عليهم بمثله لينزجروا عن ذلك ، والأصل أنهم كانوا مقاتلين محاربين للمسلمين ولو قدروا على قتل المسلمين لقتلوهم.


    وحينها يكون الاسترقاق خيرا للأسير من قتله أو بقائه في الأسر بقية عمره، ويكون الرق بدمجه مع المجتمع الإسلامي تحت رعاية واحد منهم وطاعته في المعروف ، مع ما يكفله له الإسلام من حقوق وضمانات وحرية البقاء على عقيدته ودينه وممارسة عباداته في خاصة نفسه ومن على دينه ، وخضوعه لأحكام القانون الإسلامي والتزمه طاعتها مع طاعة سيده الذي لا يظلمه ولا يكلفه ما لا يطيقه . وهنا تكون الفرصة الكاملة له أن يتعرف على الإسلام في مجتمع إسلامي يحكم الشريعة ويلتزم بها ، بعد أن كانت الصورة المشوهة عن الإسلام سببا لقتاله المسلمين ومحاربتهم.



    فإذا اختار الإسلام وحسن إسلامه كان له الحق في عتق رقبته من خلال نظام المكاتبة الذي لا يمكن لسيده أن يرفضه ، ويلزمه أن يوافق عليه ولو بضغط القضاء الإسلامي ، واستحق المعونة من بيت المال من أموال الزكاة لينال العتق من سيده بالمكاتبة .


    وهناك منافذ أخرى كثيرة لعتق الرقاب غير نظام المكاتبة ، وذلك من خلال نظام الكفارات في الإسلام ، ومن خلال الصدقات حيث حض الإسلام على عتق الرقاب وفكها والنصوص في ذلك كثيرة جدا ، ومن خلال نظام الزكاة التي من مصارفها عتق الرقاب .



    فإذا اختار البقاء على الكفر ورفض الإسلام ، فإنه يبقى على الرق مع عدم الإضرار به أو أذيته أو احتقاره ، بل يجب الإحسان إليه وعدم تكليفه ما لا يطيق ولا يجوز ضربه ولا تعذيبه ، وعلى سيده أن يطعمه مما يطعم ويلبسه مما يلبس ، ويوفر له المسكن والمأوى ، ويسمح له بتكوين الأسرة إذا شاء ذلك ، وأن يعالجه إذا مرض ويداويه بما يصلحه ، وأن لا يفرق بينه وبين أسرته .



    وله حق الشكوى إلى القضاء إذا أضر به سيده في شيء من ذلك ، حتى أن سيده لو قذفه حق له أن يشكوه عند القضاء فيعزر سيده ويعاقب إلا أن يعفو هو عنه ، وإذا مثل به فإنه يعتق عليه ، كما يقتل الحر بالعبد كما هو القول الراجح الصحيح .


    وتخفف عن العبد الحدود كحد الخمر والزنى إلى النصف بخلاف الحر فإنه يعاقب عقابا كاملا غير منقوص .


    ويجب عليه أن يطيع سيده فيما لا يضره ولا يشق عليه مما أباحه الله تعالى ، فإذا كلفه بما يشق عليه وجب على سيده أن يعينه بنفسه أو بغيره حتى لا يشق عليه .



    وهناك أحكام كثيرة جدا متعلقة باسترقاق الأسير تجعل منزلته في الإسلام أعظم من منزلة أحرار الكفار فضلا عن عبيدهم ، بل قد يكون العبد في الإسلام أغنى من كثير من أحرار المسلمين وله وجاهة ومكانة في المجتمع إما لدينه وعلمه وتقواه ، وإما لصنعته أو منزلته من سيده .



    وقد تصل العلاقة بينه وبين سيده من المحبة والإخلاص والمودة والاعتزاز كما بين الأب وابنه والأخ وأخيه أو أشد ، حتى أن أحدهما يفدي الآخر بحياته ، ولا يطيق فراقه ، ويظل يحسن ذكره من بعده ويبكي ذكراه ، وقد يرغب سيده في المن عليه بإعتاقه وهو يأبى ذلك في حياته ، كالجندي مع قائده ، والابن مع والده ، إنما يعد سعادته وحياته ببقائه معه ، وموته بفراقه ، وهذا غريب جدا ، ولولا حدوثه في التاريخ وما حصل عند إلغاء نظام الرق في العالم وما بقي من حسن الذكرى عند كثير من هؤلاء مع أسيادهم لما أمكن تصور وقوعه حقيقة .





    جميع مغالطات منكري حكمة الشريعة الإسلامية قائمة على التشويه وتشتيت النظر :

    فهذا نموذج من نماذج المسائل الشرعية التي إذا جهلها المرء وغاب عنه موضعها من منظومة أحكام الشريعة الإسلامية لم يدرك سمو الإسلام فيها ، بل دعاه جهله إلى الاعتراض بها على حكمة التشريع وعدالته .


    ولو نظرنا في ما يشغب به الجاهلون على الإسلام من بعض جزئيات وفرعيات أحكام المرأة المسلمة ، وأحكام أهل الذمة ، وأحكام الحدود ، وأحكام المرتد ، وأحكام الجهاد ، لوجدنا اعتراضهم اعتراضا جزئيا على أحكام فرعية دون إدراك لحقيقتها ولا لما يحوطها من أحكام كثيرة تمنع طروء الفساد عليها أو حصول الضرر بها .


    فما علينا إلا أن نتأمل تلك الجزئية كما هي عليه حقا ، وأن ننظر في موقعها من أحكام الشريعة الإسلامية وسنجد كل ما يتوهم من الأضرار والمفاسد قد اختفى وانمحى ، وبقيت عدالة الإسلام وحكمته ورحمته ظاهرة في كل شيء .



    ويجب أن لا تنطلي علينا مغالطة الفصل بين الأحكام الشرعية المترابطة وعزل الأحكام بعضها عن بعض ، وكذلك مغالطة تشويه الحكم بتصويره بغير صورته الحقيقية ، ولا بد من التنبه لذلك ومقابلته بضده ، وإظهار تكامل أحكام الشريعة وعلاقاتها الوثيقة وحكمتها الكلية والجزئية .


    والحمد لله على نعمة الإسلام وهداية السنة .
    التعديل الأخير تم 07-27-2008 الساعة 07:18 PM

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2004
    المشاركات
    1,879
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    ما شاء الله .. لا قوة إلا بالله !
    لا تحرمنا من كتاباتك أخي الحبيب .


    ومما ينبغي تنبيه المؤمنين إليه في هذا المقام : مزلق خطير ..

    وذلك أن الخصم قد يعترض على حكم فقهي في الشريعة الإسلامية ، فيجيبه المسلم قائلاً : دعك من الفروع وهات الأصول .. دعك من الأحكام الفقهية وتعال نتكلم عن وجود الله ..

    فهذه الإجابة مبنية - غالبـًا - على مقدمة خاطئة ، وفيها نفس أشعري واضح يخالف قول أهل السنة في المسألة ..

    فإن أهل السنة يقولون بأن العقل بإمكانه إدراك محاسن أحكام الشريعة ، على التفصيل الذي بينه أخونا الحبيب "ناصر الشريعة" .
    ونازعهم في هذا بعض الفرق ، فقالوا بعدم حسن أو قبح الأشياء في ذاتها ، وإنما ما أمر به الشرع كان هو الحسن ، وما نهى عنه كان هو القبيح .

    واستدل أهل السنة على خطأ هؤلاء بأدلة كثيرة ، منها قوله تعالى عن علامة النبي الأمي (عليه الصلاة والسلام) : {ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث} ، فإنها على القول الباطل يصير معناها هكذا : ويحل لهم ما يحل لهم ، ويحرم عليهم ما يحرم عليهم ! .. والقرآن منزه عن مثل هذا .

    والمقصود أنهم - المخطئين - لما كانت الأحكام عندهم لا يُعلم حسنها إلا بناء على أن الشرع ورد بها ، اضطروا أمام اعتراض الخصم على بعض أحكام الإسلام أن يردوه إلى إثبات المصدر الإلهي للشرع أولاً .. فإذا أثبتوا أن هذا الشرع من عند الله ، لم يبق إلا التسليم بكل أحكامه دون الاضطرار إلى بيان حسنه في جزئياته .

    وأما أهل السنة ، فلا يحتاجون إلى هذا الرد على الخصم ، بل يبينون حسن الحكم الشرعي ، دون اشتراط إثبات وجود الله أولاً وإمكانية النبوة وما شابه .

    ومن أسباب الوقوع في هذا المزلق : عدم العلم بقول أهل السنة في المسألة ..

    ومنها : اشتباه هذا الموقف بقول العلماء للمسلم يلزمك طاعة الحكم الفقهي ولو لم تظهر لك الحكمة .
    والفرق واضح بين الموقفين . فهذا القول من العلماء للمسلم ، لأن ظهور وجه الحكمة ليس مناط الطاعة ، بل الطاعة منوطة بثبوت صدق الخبر عن الله . فإذا ثبت الخبر وجب الانقياد ، لا لأن الحكمة غير موجودة ، بل هي موجودة ، ولكنها ليست مناط الطاعة . والحكمة موجودة دومًا ، ولكنها قد تظهر للفرد وقد لا تظهر .
    وأما المعترض غير المسلم ، فإنما مقصوده إثبات قبح الحكم الشرعي ، لينفي صدوره عن الله ، فيلزم من هذا الطعن في النبوة .

    وخطورة هذا المزلق ، أو هذه الإجابة الخاطئة ، تتمثل في أن الخصم إذا تكرر اعتراضه على الأحكام الشرعية ، وفي كل اعتراض لا يجد جوابـًا إلا "تعال نثبت وجود الله أولاً" ، فينقدح في ذهنه أن الأحكام الشرعية قبيحة في ذاتها ، أو على الأقل لا محاسن لها ، وإنما يفعلها المؤمنون لأنها صادرة عن الله حسب إيمانهم .

    ونتج عن هذا المزلق أيضـًا تعطيل طريق مهم من دلائل النبوة .. وذلك أن من دلائل النبوة : محاسن الشريعة .. فالنبي - أي نبي - يدل على صدقه محاسن شريعته .. وهو طريق عظيم من دلائل النبوة .. وقد دخل في الإسلام كثيرون بسبب هذا الطريق ، كما كان بعض من أسلم يقول : ما أمر بشيء فقال العقل ليته نهى عنه ، ولا نهى عن شيء فقال العقل ليته أمر به . أو كما قال المقوقس : لا يأمر بمزهود فيه ، ولا ينهى عن مرغوب فيه . وهؤلاء جحافل الذين أسلموا في الغرب ، أكثرهم آمنوا من هذا الطريق ، فإنهم آمنوا لما رأوه من محاسن الشريعة ، إما معرفة واطلاعًا ، وإما معاشرة للمسلمين . وكم دخل في دين الله أناس لمجرد استحسانهم لصلاة المسلمين وصيامهم وعباداتهم وأخلاقهم ومعاملاتهم .
    فهذا الطريق يقيمه أهل السنة بفضل الله ، وهو موافق لأصلهم . وأما من جعلوا أصلهم حصر الحسن بورود الشرع فقط ، فهو ممتنع على أصلهم ، وإن فعلوه كانوا مخالفين لأصلهم ، وأكثرهم تركوه بالفعل ، فلا يبدءون به في الدعوة ، وأما إذا اعترض الخصم على بعض الأحكام حاولوا رده إلى إثبات المصدر الإلهي للشرع أولاً .

    فلينتبه العاقل إلى هذه المزلة . والمستعان الله .
    هذا دين رفيع .. لا يعرض عنه إلا مطموس .. ولا يعيبه إلا منكوس .. ولا يحاربه إلا موكوس ! .. سيد قطب

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    المشاركات
    5,513
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    نعم
    ولكن
    ( ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن )
    وقد يرغب النصراني في أكل لحم الخنزير كما يرغب الفلبيني في أكل لحم الكلب
    وقد ترغب مسلمة في الزواج من كتابي كافر ، وقد يرغب مسلم في وراثة زوجته الكتابية المتوفاة
    وهذه من المنهيات
    لذلك جاءت قواعد الفقه الكلية :
    الحسن ما حسنه الشرع والقبيح ما قبحه الشرع
    حيثما يكون الشرع تكون المصلحة
    وهذه القواعد لا تنفي وجود الحكمة في كل ما تشرّعه الشريعة الاسلامية ولو غاب ادراكها بعضها او كلها عن بعض العقول البشرية
    ولا تنفي حسن أو قبح الأشياء في ذاتها ولا تنفي ان العقل يستطيع ان يدرك المحاسن والقبائح ويدرك ما في العدل والصدق من حسن وما في الظلم والكذب من قبح ويميز النافع والضار إذا قيست هذه الاَحكام العقلية على الفطرة الاِنسانية , فيستحق المدح بفعلها والذم بتركها .
    وهذا الكلام جار في الحكمة ، بإدراك العقل ما من شأنه أن يعمل به وما من شأنه أن يترك, فانّ القضايا التي يحكم العقل بحسنها وقبحها ومدح الفاعل وذمّه وبإلزام العمل على وفقه أو الاجتناب عنه، متحقق بالضرورة والبداهة ، ومتحقق بالاكتساب بالنظر والتفكير , حيث انّ الاِنسان إذا عرض الموصوف على عقله وفطرته وجد ميلاً إليه أو تنفراً عنه من صميم ذاته ، فيدرك بهما الحسن والقبيح.
    ولكنها تقرر ان : ما أمر به الشرع هو الحسن وهو الذي فيه الحكمة وهو الذي يحقق المصلحة وهو الذي يجلب المنفعة وهو الذي يحفظ ويصون الضرورات الخمس ، وما نهى عنه هو القبيح وهو الذي يحقق المفسدة .

    فهل إذا استقل العقل بوجود المصلحة في الفعل أو المفسدة فيه يكشف ذلك عن كونه حلالا او حراماً؟ فكأنّ نفس الفعل هنا هو علة تامة لحكم العقل بالحسن أو القبح أو مقتضياً له .
    وهل نقول باستقلال العقل في ادراك حسن الاَفعال أو قبحها، أم نقول بحاجته إلى أمر خارج عنه كالشرع
    لا , صحيح ان كثيرا جدا من مسائل التحسين والتقبيح يدركها العقل ادراكا بديهيا ومسلّما فيها , لقبول عقول عموم الناس وخاصتهم بها , وبناء على أنّ فيها مصالح العامة ومفاسدها , ولكن هذا الادراك ليس شمولياً وتتداخل فيه مؤثرات النفس والاهواء البشرية , ولان بعض العقول تربط الحسن والقبح بالغرض الفردي , فلذلك لا نجعل التحسين والتقبيح العقليين حكماً شمولياً لجميع الاَفعال , فالانسان مهما بلغ عقله لا يبلغ المستوى الذي يؤهله للوقوف على كل ملاكات الحسن والقبح ولكن الشرع كامل ووقف على كل ملاكات الحسن والقبح وبلغ القمة رغم كثرة الجزيئيات والفرعيات.
    فالشريعة الإسلامية تقرر احكامها بربط مصالح الدنيا بالآخرة وبحسب الأكثر نفعا وبحسب ما يحقق المصلحة ويدرء المفسدة ويأخذ بالنافع ويأتي بالمنافع ويترك الضار وما يأتي بالضرر , ولا تقرر احكامها بحسب مصالح الدنيا ولا أهواء بعض النفوس ولا بحسب أفهام بعض العقول
    فالمرجع هو الشرع , وليست كل الامور في متناول الادراك العقلي ولذلك لا نعرفها ولا نعرف حقيقتها وحكمها وحكمتها الا بالشرع الحنيف ولذلك لا نقول كل ما حسنه العقل حسنه الشرع وكل ما قبحه العقل قبحه الشرع .. ولا نقول حيثما تكون المصلحة تكون الشريعة
    لا ..بل نقول كل ما حسنه الشرع حسنه العقل وكل ما قبحه الشرع قبحه العقل .. ونقول حيثما يكون الشرع تكون المصلحة
    ولذلك نجد أنه لا تعارض بين الشرع والمصلحة ولا تعارض بين ما يحسنه الشرع وما يحسنه العقل
    ولذلك نقرر أن التشريع هو من حق الله الخالق لانه هو الذي يحقق مصلحة الإنسان وصلاح البشر
    ولذلك نجد أن أحكام الشريعة الإسلامية تتوافق مع كل العقول وتناسب كل البشر على مدى العصور ومرور الأزمان ..
    لذلك نجد ان أحكام الشريعة الإسلامية بخصوص المرأة جعلت النساء الغربيات يسلمن , ونجد ان تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية وتحقيق مناط ومقاصد تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية جعلت كثيرا من المجتمعات البشرية تسلم
    التعديل الأخير تم 08-02-2008 الساعة 06:25 PM
    للحق وجه واحد
    ومذهبنا صواب لا يحتمل الخطأ ومذهب مخالفنا خطأ لا يحتمل الصواب
    "بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ"

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2004
    المشاركات
    1,879
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    معذرة أخي الحبيب ، فلم أفهم ثمرة كلامك جيدًا ، هل توافقني أم تخالفني ؟

    لكن أنبهك إلى أمرين :

    الأول :
    لا ينقض كلامنا "رغبة" هذا أو ذاك ، لأن العلماء إذا قالوا إن العقل يدرك حسن الأشياء ، فإنما يقصدون "العقل السليم" دون غيره .

    الثاني :
    أننا لا نرتب على إدراك العقل لحسن الأشياء أو قبحها ، أن يحكم لها بالوجوب أو التحريم . كلا . بل الذين رتبوا ذلك هم المعتزلة ، ولذلك رتبوا الثواب والعقاب على التحسين والتقبيح العقليين . فهم طرف ، وتطرف في الطرف الآخر : الأشاعرة ، فعارضوهم تمام المعارضة ، ونفوا ما معهم من حق وباطل ، حتى أنكروا إدراك العقل لحسن الأشياء أو قبحها .
    وأهل السنة وسط بين الطرفين ، كما هو شأنهم دومـًا بفضل الله .
    فهم بين الفرق كالإسلام بين الأديان .

    ويمكنك مراجعة كلام ابن القيم في "مفتاح دار السعادة" ، فقد فصل المسألة تفصيلاً .
    هذا دين رفيع .. لا يعرض عنه إلا مطموس .. ولا يعيبه إلا منكوس .. ولا يحاربه إلا موكوس ! .. سيد قطب

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    المشاركات
    5,513
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    ثمرة الكلام هي ان العقل السليم فعلا يدرك ما هو الحسن وما هو القبيح لان القبيح تنفر منه النفس السوية وتنفر منه الفطرة السليمة وينفر منه العقل السليم كذلك فهذه عوامل تتضافر لجعل الانسان يدرك القبيح من الحسن ادراكا تاما
    ولكن هذا بشكل عام
    وما يخفى على الانسان وعلى عقله لا حصر له
    فالعقل بتكوينه وبطبيعته قاصر ولا يستطيع بمفرده ادراك كل ما يمكن او كل ما يجب ادراكه
    والعقل بتكوينه وبطبيعته مقيد بعوامل معينة لا يستطيع بدون توفرها ادراك كل ما يمكن ادراكه
    فلا يوجد عقل مطلق مهما دعى صاحبه انه يملك العقل المنطلق ..فقد ينطلق الى ما يدهوره لو لم يتقيد بحقيقة طبيعة تكوينه وحقيقة قصوره وحقيقة اضطراره الى وجود عوامل مساعدة اخرى توصل العقل السليم الى الادراك السليم حتى يصير امرا مسلّما فيه

    هل توافقني أم تخالفني ؟
    اوافقك ولا اخالفك
    ولكن جاء نعقيبي من باب زيادة البيان والتوضيح حتى لا يظن اي اخ او غير اخ بان مقصود كلامك يعني ان نرتب على إدراك العقل لحسن الأشياء أو قبحها ، أن يحكم لها بالوجوب أو التحريم , بل يعني بالضبط ما ذكرته هنا :
    أننا لا نرتب على إدراك العقل لحسن الأشياء أو قبحها ، أن يحكم لها بالوجوب أو التحريم . كلا .
    وهذه هي الثمرة المقصودة من هذه التعقيبات
    ومهما طال الكلام او قصر في ذلك فانه يجب ان ينتهي الى ادراك هذه الحقائق والتاكيد عليها ومعرفة حدود العقل ومعرفة الحدود التي يقف عندها العقل حتى تظل النتائج العقلية التي يقول بها العقل او يتوصل اليها ضمن الفكر السليم للعقل السليم
    وبارك الله فيك على مداخلتك فقد حققت الفائدة المطلوبة كلها وحققت البيان الكامل لما يتعلق بها من مسائل اساسية ومسائل فرعية
    للحق وجه واحد
    ومذهبنا صواب لا يحتمل الخطأ ومذهب مخالفنا خطأ لا يحتمل الصواب
    "بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ"

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Nov 2004
    المشاركات
    1,879
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    جزاك الله خيرًا على تنبيهي إلى ما فاتني . وفقك الله ورعاك .
    هذا دين رفيع .. لا يعرض عنه إلا مطموس .. ولا يعيبه إلا منكوس .. ولا يحاربه إلا موكوس ! .. سيد قطب

  7. #7

    افتراضي

    جزاكما الله خيرا وبارك فيكما .

    نظرت أخي متعلم فيما كتبت فإذا هو للموضوع كالرأس للجسد ، والنور للعين ، واليد للسيف ، فما أجمل تتميمك للموضوع بما لا غنى له عنه ، وأخذك بزمام القول ومعاقد الحجة في تأصيل موقف العقل الراجح من حسن الشرع وقبح ضده . ورب تعقيب فاق المعقب عليه حسنا وجمالا وفائدة واكتمالا ، فجزاك الله خيرا ، وأعانك على مزيد النفع لإخوانك بما وفقك الله إليه من علم وبيان .

    وجزاك الله خيرا أخي ناصر التوحيد على ما نبهت إليه من عدم استقلال العقل بالحكم بالإيجاب والتحريم رغم ما قد يدركه من محاسن الشرع إجمالا وما يدركه من كثير من أحكامه وجزئياته .

    وخلاصة القول :

    أن دلالة الشرع على الحسن والقبح دلالة مفصلة مبينة ، تستلزم الأمر والنهي الشرعي ، والثواب والعقاب .

    وأما دلالة العقل على الحسن والقبح قبل ورود الشرع فممكنة في كثير من الأمور لا في جميعها ، دون إيجاب ولا تحريم ، ولا استلزام الثواب والعقاب . وهي دلالة إجمالية مع إمكان الدلالة على تفاصيل كثيرة جزئية .

    وأما بعد ورود الشرع فإن العقل يهتدي بنور الشرع إلى إدراك كثير مما خفي عليه من المحاسن والقبائح ، ويتمكن بدلالة الشرع من إدراك الحسن والقبح دلالة تفصيلية زيادة على الدلالة الإجمالية السابقة ، وتزيد معرفته بالحسن والقبح تفصيلا في أمور أكثر مما كان عليه قبل ورود الشرع .

    ولهذا فحيث كان الشرع كانت المصلحة والحسن كما يقوله أهل العلم ، وقد أكده أخي ناصر التوحيد جزاه الله خيرا في إضافته النافعة على الموضوع .

  8. افتراضي

    بارك الله في الإخوة جميعا وأريد أن أنبه على معتقد المعتزلة والأشاعرة في مسألة الإستحسان والإستقباح العقلي:
    فالمعتزلة يقولون أنه ليس ثمة استحسان إلا استحسان العقل, ولا يصح أن يخالفه حتى الشرع, فإن خالفه الشرع فالعقل مقدم و يؤول الشرع.
    وأما الأشاعرة فقالوا أنه لا حسن إلا ما استحسنه الشرع ,حتى لو كان استحسان العفل لما هو في الواقع حسنا فلا حجة إلا فيما استحسنه الشرع .

  9. #9

    افتراضي

    وفيك بارك الله .

    وأيضا من باطل قول الأشاعرة ولوازمهم التي أقروا بها ، أن الشرع لو أباح الفواحش لصارت محاسن ولم تعد قبائح ، ولو حرم الواجبات والمندوبات لصارت قبائح بعد أن كانت حسنة .

    بل قالوا إن الله لو كذب - تعالى الله عن قولهم - لكان ذلك حسنا ، ولو عذب الإنسان بما لم يعمله ، وأدخل الأنبياء النار ، وأدخل أعداء الأنبياء الجنة ، وكرم إبليس وأهان آدم ، لكان ذلك حسنا منه ، فجوزوا على الله الظلم والكذب وجميع القبائح ، زاعمين أن الظلم هو التصرف في ملك الغير ، بينما الحقيقة أن الظلم هو وضع الشيء في غير موضعه ، وقد يتصرف الإنسان في ملك نفسه بالظلم ، والله منزه عن الظلم مع قدرته على كل شيء .

    وبقولهم بتجويز الكذب على الله !!! وأنه منه حسن لو فعله أبطلوا من حيث لا يشعرون الثقة بمعجزات الأنبياء ، حيث يجوز عندهم أن يخذل الله الأنبياء ويؤيد الكذابين الدجالين بالمعجزات !!

    وإذا جمع قولهم الباطل في الحسن والقبح ، مع إنكارهم حكمة الله تعالى ، جاء مذهبا باطلا فاسدا يجوز على الله القبائح كلها ، وينفي عنه الحكمة والعدل ، ويبطل بقولهم هذا جميع الأديان والرسالات ، فلا عجب إذا كانوا في آخر عمرهم يخبرون عن حصيلة إيمانهم أنه الشك والتردد والحيرة !

    ولهذا كان المعتزلة في أمور خيرا من الأشاعرة ، وكان الأشاعرة في أمور أخرى خيرا من المعتزلة ، وكل طائفة قالت بأقوال من الضلال تعصبا لزبالة الأذهان ، ومعارضة لسنة النبي صلى الله عليه وسلم جهلا بها أو تحريفا لمعانيها .

    نعوذ بالله من فتنة الإعراض عن الوحي إلى كلام غير المعصومين من الجاهلين بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وتفسيره لكتاب الله تعالى قولا وعملا .

  10. افتراضي

    بارك الله فيك يا أخي ناصر الشريعة, وأرجو من الله أن يجعلك بحق (ناصراًللشريعة)

  11. #11

    افتراضي

    وفيك بارك الله أخي ، والشريعة منصورة بنصر الله لها ، والله غالب على أمره .

  12. افتراضي

    نفع الله بكم الأمة وبارك في الجميع

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,524
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    3

    افتراضي

    للرفع....رفع الله قدر الكاتب وقدر من عقّب عليه
    لا يحزنك تهافت الجماهير على الباطل كتهافت الفراش على النار ، فالطبيب الحق هو الذي يؤدي واجبه مهما كثر المرضى ، ولو هديت واحداً فحسب فقد أنقصت عدد الهالكين


    العجب منّا معاشر البشر.نفقد حكمته سبحانه فيما ساءنا وضرنا، وقد آمنا بحكمته فيما نفعنا وسرّنا، أفلا قسنا ما غاب عنا على ما حضر؟ وما جهلنا على ما علمنا؟ أم أن الإنسان كان ظلوماً جهولاً؟!


    جولة سياحية في جزيرة اللادينيين!!


    الرواية الرائعة التي ظلّت مفقودة زمنا طويلا : ((جبل التوبة))

  14. افتراضي

    الله تعالى نسأل أن يحفظ شيخنا الجليل وأن يبارك في علمه وعمله وأن يرده الينا سالمــًا بفضله تعالى
    فقد إشتقنا كثيرًا اليه
    " وَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ "
    -------


    ------

  15. افتراضي

    يُرفع .. رفع الله قدر الكاتب وقدر من عقّب عليه .
    قال الله سُبحانه وتعالى { بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ } الأنبياء:18


    تغيُّب

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. عندما ينظر النصارى إلى تطبيق الشريعة الإسلامية بعين العقل
    بواسطة هشام الرابط في المنتدى قسم الحوار العام
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 03-01-2011, 09:08 PM
  2. .. من آيات الله فى خلقه ..
    بواسطة السعيد شويل في المنتدى قسم العقيدة والتوحيد
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 10-20-2010, 09:03 PM
  3. إعلان: الرد على منكري السنة - القرآن مقابل الشريعة
    بواسطة أبو حب الله في المنتدى قسم السنة وعلومها
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 09-26-2010, 05:02 PM
  4. الإقرار بأن للمخلوقات خالق مبدع أمر فطري
    بواسطة حياتي كلها لله في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 07-05-2010, 03:55 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء