النتائج 1 إلى 15 من 15

الموضوع: الإيمان بالله أصل البديهيات

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Sep 2004
    المشاركات
    4,556
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي الإيمان بالله أصل البديهيات

    عندما يبدأ ديكارت بناءه اليقينى من مقدمة ضرورية هى علمه بوجود ذاته " أنا أفكر، إذن أنا موجود cogito ergo sum ، ثم يترقى معها حتى يصل إلى أبعد النتائج اليقينية وأكثرها تعقيدا لا يمكن أن نقول إنه بدأ بالشك ؛ فالشك عدم محض واليقين أمر وجودى، ولا ينتج الوجودى من العدمى كما لا تنتج الحياة من الموت؛ فالذى يعتمد عليه أصحاب تلك الفكرة ليس شكا منهجيا حقيقيا وإنما هو شك فى المقدمات الأكثر تعقيدا لأن الشك المحض لا يمكن أن يؤدى إلى أى يقين .
    ثم إنه يستحيل أن ينتج عن مقدمة واحدة مقدمات أخرى حتى فى الاستدلال المباشر فإنه يقوم على مقدمات أخرى يسير بها دون ذكرهها، وبالتالى فالشك المنهجى لا يستبعد اليقين منذ البداية بل يقوم على اليقين ببعض المقدمات والتى وصفها بالوضوح والتميز .(1)
    ثم الخلاف بعد ذلك حول تلك المقدمات التى بها نبدأ، فكلما تعمق الإنسان وتجرد حتى يصل إلى التشكيك فى الواضحات كلما أبعد فى الطريق وأصبحت الأمور بالنسبة لديه تزداد صعوبة حيث المضايق التى يتلاشى فيها العقل ويصبح تعليق اليقين بتجشمها ضرب من تأنيب النفس وإذلالها ومحقها .
    المشكلة ليست فى فكرة الترقى من البسيط إلى المعقد فحسب، ولا فى التعرف على هذا البسيط، بل فى أداة الإدراك ذاتها سواء قلنا بالمذهب العقلى أو الفطرى أو بأى مذهب آخر ، يقول الغزالي مخاطبا نفسه على لسان المحسوسات ( بم تأمن أن تكون ثقتك بالعقليات كثقتك بالمحسوسات وقد كنت واثقا بي، فجاء حاكم العقل فكذبني، ولولا حاكم العقل لكنت تستمر على تصديقي، فلعل وراء إدراك العقل حاكما آخر، إذا تجلى كذب العقل في حكمه، كما تجلى حاكم العقل فكذب الحس في حكمه، وعدم تجلي ذلك الإدراك لا يدل على استحالة وجوده ))(2).
    ما الذى يدلنا على أن هذا العقل قد وجد على نحو يمكنه من إدراك الحقائق على ما هى عليه دائما؟ لماذا لا يكون شأنه شأن الحواس التى تنقل فقط ما ينطبع فيها ثم تتدخل قوة أعلى منها لتثبت انها كانت على الخطأ، أو أنها قاصرة عن درك الحقائق كما هى دائما وأنها خدعتنا؟
    إن الأمر ليس أمر تثبت وتأكد، ولكن أمر صياغة الأداة التي تتأكد وتتثبت ؛ فنحن أمام مشكلة فى منتهى التعقيد :
    نقول بالشك والتثبت.. ثم لا نجد بدا من مخالفة تلك القاعدة التى ألزمنا أنفسنا بها فنجد أننا يجب أن نبدأ من مقدمات لا شك فيها .
    ثم يتعذر علينا معرفة تلك المقدمات وحدها وحصرها فنلجأ إما للتحكم أو لاختراع قواعد هى فى حد ذاتها مقدمات يجب أن نوقن بها بغير دليل .
    ثم نجد أننا نعتمد فى بحثنا على أداة لا ندرى هل هى صالحة للإدراك أم لا .
    إن نظرية الشك المنهجى، بل كل نظريات المعرفة، لا يمكن أن تقوم لها قائمة إلا مع الإقرار بحقيقة كبرى أعظم من العقل هى التى تعطى له مشروعية وجوده واستقراره، وبدونها يصبح العقل ذاته مجرد افتراض، وهو ما يعنى أنه لا شىء أجلى ولا أوضح من وجود الله تعالى الذى وهبنا ذلك العقل الساعى لمعرفته، حتى تلك الحقائق التى يمكن أن نعتبرها من ضرورات العقل كعلم الإنسان بوجوده فعلمنا بوجود الله تعالى وصفات كماله أجلى وأوضح منها .
    إن تلك الحقيقة لم تكن خافية على من تعمق فى المنطق وأصول اليقين، وكذلك من بحث فى نظرية المعرفة لا بد وأن يصل إلى نفس النتيجة(3 ) وإلى ضرورة الارتباط بين اليقين ووجود الله تعالى مع خلاف يرجع إلى أمور اعتقادية ؛ فلا يتصور عادة من شخص وثنى أن يقر بوجود الله تعالى الواحد الأحد لمجرد أنه تأمل وظيفة العقل وبحث فى أصول اليقين العقلى، لكنه دائما يشير إلى جهة ما وراء الطبيعة يفسرها أو يعبر عنها بحسب اعتقاده .
    يقول ابن ر رشد شارحا لكلام أرسطو عن وظيفة العقل الفعال وعلاقته بالعقل المنفعل
    ((وهذا العقل حاله من المعقولات حال الضوء من الالوان بجهة، وذلك أنه كما أن الضوء هو الذى يصير الألوان ألوانا بالفعل بعد أن كانت بالقوة، وهو الذى يعطى الحدقة المعنى الذى به تقبل الألوان، وهو الإشفاف.. كذلك هذا العقل هو الفاعل للمعقولات المخلق لها وهو المعطى للعقل الهيوالانى المعنى الذى به يقبل المعقولات، أعنى أنه يعطى العقل الهيولانى شيئا يشبه الإشفاف من البصر))(4 )
    وقد اختلف الشراح فى تفسيرهم لحقيقة العقل الفعال فبينما ذهب ثاسطيوس إلى أنه هو نفسه العقل الذى نمتلكه يقول ابن رشد ((وينبغى أن تعلم أن ثاسطيوس وغالب المفسرين يرون ان العقل الذى فينا مركب من العقل الذى بالقوة والعقل الذى بالفعل، أعنى الفعال من جهة ما هو مركب لا يعقل ذاته ويعقل ما هاهنا إذا انضمت إليه المعانى الخيالية، وإن من قبل فساد هذه المعانى يعرض لمعقولاته أن تفسد ويعرض لها النسيان والخطأ، ويتأولان مثل هذا المعنى قول أرسطو))(5 ).
    وهو المعنى الذى يؤكد عليه ابن رشد على الرغم من كونه أزليا وأنه غير فان، ولذلك نراه يفسر قول أرسطو على هذا النحو فيقول: ((وهذا العقل الفعال الذى هو الصورة الأخيرة لنا ليس يعقل تارة ولا يعقل أخرى، ولا هو موجود فى زمان دون زمان، بل لم يزل ولا يزال، وهذا إذا فارق البدان فهو غير مائت ضرورة، وهو بعينه الذى يعقل المعقولات التى هاهنا عند انضمامه إلى العقل الهيولانى لكنه إذا فارق العقل الهيولانى لا يقدر أن يعقل شيئا مما هاهنا ))(6 ).
    لكن ما فهمه ابن رشد وحاول أن يوجه إليه كلام أرسطو ليس سوى وجه نظر ابن رشد الشخصية وليس هو بالضرورة معنى كلام أرسطو: (( ولا نستطيع أن نقول عن هذا العقل يعقل تارة ولا يعقل تارة أخرى ، وعندما يفارق يصبح مختلفا عما كان بالجوهر وعندئذ فقد يكون خالدا وأزليا وبدون العقل الفعال لا نعقل .))
    لكن الاسكندر الأفروديسى كان يرى أن المقصود بالعقل الفعال ليس جزءا من أنفسنا ولا قوة من قواها، ولكنه فاعل خارج العقول يخلع على المعقولات وعلى الصور تعقلها .
    وكما يقول تيرى Theryودوهيم Duhem فطالما أن الاسكندر ذهب إلى أن العقل الفعال هو خارج أنفسنا فالتفسير لمقبول أنه ييرى أن العقل الفعال هو الإله . ( 7)
    يقول روس Ross إن أرسطو كان يؤمن بهيراركية معينة تبدأ من: الوجود الأدنى الذى تغلب عليه المادية، إلى الوجود الإنسانى، إلى الأجسام السماوية، ومنها إلى عقولها ثم الإله ، فالعقل الفعال لدى الإنسان يصبح موجودا لديه باعتباره أسمى من غيره بين عناصر هذه الهيراركية إلا أنه يوجد ما هو أسمى منه وهو الإله، وفى اعتقاد روس أن هذا هو التفسير الصحيح لما ورد فى كتبا النفس والمتفق مع ما جاء فى كتاب الميتافيزيقا(8 ).
    والواقع أن ذلك ليس افتعالا افتعله أرسطو، ولا هو محاولة منه لإدخال العقل البشرى ضمن ميتافيزيقا شاملة يبحث للعقل عن دور فيها، وإنما هو ما يتطلبه ويفرضه الواقع، وإلا فإن نظريته فى العقل تصير موقوفه وغير متصلة إلى نهايتها؛ فكما أن الوجود المادى لا بد وأن يستند إلى علة، وكل شىء لا بد له من علة؛ فالعقل أيضا لا بد له من علة ومبدا يستند إليه؛ ولذلك ليس يصح أن نقول إن شراح أرسطو قد أساءوا فهم نظريته حينما حملوها معانى ميتافيزيقية غير معرفية وخاصة الاسكندر الأفروديسى، أو أن يقال إن الإسكندر قد فهم من كلام أرسطو (( ولا نستطيع أن نقول عن هذا العقل يعقل تارة ولا يعقل تارة أخرى ، وعندما يفارق يصبح مختلفا عما كان بالجوهر وعندئذ فقد يكون خالدا وأزليا وبدون العقل الفعال لا نعقل .)) إن المقصود بالعقل الفعال هو الإله على أساس أنه ورد فيه عبارة ((خالد وأزلى)) وأنها لا تنطبق إلى على الله تعالى وكأنه قد لبس عليه الأمر وانخدع بالألفاظ، أو أنه كان فى كتبه كلها التى ألفها عن العقل إنما يشرح فيها مذهب أرسطو وكان فى جميع الحالات منخدعا بتلك العبارة ..
    وحتى لو سلمنا بذلك فكيف نسلم بما ورد عن الفارابى وابن سينا فيما يخص العقل الفعال المفيض على العقول؟
    نعم هم لم يصرحوا بأنه هو الله تعالى ولكنهم جعلوه واسطة بين الله تعالى والعقل ربما محاولة لتحاشى التصدم بالعقيدة الإسلامية التى تأبى تسمية الله تعالى عقلا من جهة ،وتأثرا من جهة أخرى بأفلوطين الذى جعل العقل الفعال ثانيا بعد الواحد المطلق، وجعل فيه صور الموجودات، والتي منه، وبالفيض تنتقل إلى النفس الكلية.. ولولا ذلك لذهبوا إلى إنه الله تعالى كما فعل الاسكندر الأفروديسى.
    والمحصلة واحدة فيما يتعلق بما نحن بصددة وهى أن العقل لا بد وأن يستند إلى وجود أعظم منه هو الذى يعطيه ماهيته: سماه أرسطو عقلا فاعلا واضطرب فى ذلك هو ومن تبعه، وسواء وصل أرسطو وصرح أم استفيد ذلك من كلامه ضمنا أو كان لازم مذهبه المهم أن المحصلة واحدة .
    أما من أنكر ذلك فهو ينكره لا لإنكاره المبدأ، وإنما لكون التعبير عنه يشوبه القلق والاضطراب، ولتعلقه بمسائل الإلهيات التى لا تحتمل أدنى خطأ فى التعبير .
    إننا لا يمكن أن ننكر فساد قولهم فى الإلهيات، وأن نظرية العقول والفيض نظرية باطلة وتتعارض مع أصل العقيدة الإسلامية، وهى معتقدات لا تصح عقلا ولا شرعا (9).. هذا كله مسلم ولا جدال فيه، لكن المقصد من ذلك هو بيان حقيقة اقترب منها الفلاسفة وعلى رأسهم أرسطو وهى أن العقل لا بد وأن يستند إلى حقيقة أعظم منه، وأنهم لم يضعوا حدا بين العقل والميتافيزيقا كما يفترض الماديون.
    أما بالنسبة لنا كمسلمين فقد تقرر لنا ذلك وتحدد غاية ما يكون ،ونعلم جيدا أن دليل العقل ليس هو المرجع النهائى بل إن فوقه دليل الإيمان، واليقين العقلى إنما يستند إلى الإيمان بالله تعالى وليس العكس .
    ليس الأمر نظريا فحسب، وليس مجرد فرض يجب تحققه حتى نثبت العقل بل إن العلاقة بين اليقين ووجود الله تعالى و ثيقة وتمثل واقعا عمليا مشاهدا نشعر به ونحسه كشعورنا باللذة والألم، قد نعبر عنه تارة بالإشراق وتارة بالإلهام أو بواردات ترد على العقول كما فى عبارة الكورانى التى أعجبت ابن تيمية والمتكلمين ((قال الشيخ إسماعيل الكوراني لعز الدين بن عبد السلام لما جاء إليه يطلب علم المعرفة - وقد سلك الطريقة الكلامية - فقال : أنتم تقولون إن الله يعرف بالدليل ونحن نقول : عرفنا نفسه فعرفناه . وكما قال نجم الدين الكبرى لابن الخطيب ورفيقه المعتزلي وقد سألاه عن علم اليقين ؟ فقال : هو واردات ترد على النفوس تعجز النفوس عن ردها فأجابهما : بأن علم اليقين عندنا هو موجود بالضرورة لا بالنظر وهو جواب حسن)) (10 ) أو بالأنوار العقلية المجردة كما يسميها ديكارت (( لا أعنى بالبداهة الاعتقاد فى شهادة الحواس المتغيرة أو أحكام الخيال الخادعة.. ولكنى أعنى لها تصور النفس السليمة المنتبهة تصورا هو من السهولة والتميز بحيث لا يبقى أى شك فيما نفهمه ، أى التصور الذى يولد فى نفس سليمة منتبهة عن مجرد الأنوار العقلية ))(11 ).
    لكن التعبير الأكثر شيوعا والذى استعمل منذ أفلاطون وحتى الآن إنما هو ((الحدس))، يقول ابن سينا (فصل في طرق اكتساب النفس الناطقة للعلوم واعلم أن التعلم سواء حصل من غير المتعلم أو حصل من نفس المتعلم متفاوت فإن من المتعلمين من يكون أقرب إلى التصور ولأن استعداده الذي قبل الاستعداد الذي ذكرناه أقوى فإن كان ذلك الانسان مستعدا للاستكمال فيما بينه وبين نفسه سمي هذا الاستعداد القوي حدسا - وهذا الاستعداد قد يشتد في بعض الناس حتى لا يحتاج في أن يتصل بالعقل الفعال إلى كبير شيء وإلى تخريج وتعليم بل يكون شديد الاستعداد لذلك كأن الاستعداد الثاني حاصل له. بل كأنه يعرف كل شيء من نفسه - وهذه الدرجة أعلى درجات هذا الاستعداد. ويجب أن تسمى هذه الحال من العقل الهيولاني عقلا قدسيا)) (12 )
    والحدس لغة : الظن والتخمين يقال : هو يحدس بالكسر أي يقول شيئا برأيه وأصل الحدس : الرمي ومنه حدس الظن إنما هو رجم بالغيب ( 13)
    ولكن الحدس يتضمن معنى السرعة يقول الليث(( الحدس : السرعة في السير قال العجاج :
    حتى احتضرنا بعد سير حدس
    إمام رغس في نصاب رغس
    ملكه الله بغير نحس ))
    فاستعاره المناطقة ((لوقوع على الحد الأوسط ، أي التنبه له في زمان يسير مثال ذلك : أنه إذا رأى الإنسان أن ما يلي الشمس من القمر هو المضيء دائما ، فهم بسرعة السبب في إضاءته ،وهو أنه يستنير من الشمس . وكذلك إذا رأى المرء إنسانا يخاطب إنسانا ، وأحدهما غني والآخر فقير ، حدس أنه إنما يخاطبه ليستقرض منه شيئا ))(14)
    وقد تناول أفلاطون الحدس بمعنى ما يقع على الماهيات أو المبادئ الأولى أو عالم المثل، وابن سينا على أنه أنه فيض إلهى واتصال عقلى يكون بلا كسب البتة ( 15)
    ولا تعارض بين تعريفهم للحدس بسرعة الوقوف على الحد الأوسط وبين قولهم إنه اتصال عقلى مع الفيض الإلهى؛ فالحدس وسيلة لاكتساب العلم من الله تعالى مطلقا، فإن كان من غير الضروريات فيفسر بسرعة الانتقال إلى الأوسط وإن كان من الضروريات فهو سرعة الربط بين طرفيها وإدراك العلاقة بين الموضوع والمحمول.. وبالتالى يمكن تصور الحدس على أنه التوصل إلى اليقين أو سرعة انتقال الذهن بين المقدمات وصولا للقضية لليقين بنسبة موضوع لمحمول .
    لكن ما ذكر من اتفاق هنا لا يعنى مطلقا صحة اعتقاد الفلاسفة فى وجود الله تعالى، أو أنهم قد استدلوا على وجود الله تعالى وعلموا صفاته الواجبة عن طريق تأمل منهج تاسيس اليقين، أو عن طريق بحث طبيعة القوى الناطقة.. بل الواقع أن ذلك لم يؤثر كثيرا فى اعتقاداتهم الدينية وهذا شأن العقائد الدينية الباطلة قال تعالى (( وصدها ما كانت تعبد من دون الله إنها كانت من قوم فاسقين ))(16 ) .
    فلم يكن الفلاسفة على يقين وتثبت بل كانوا يحومون ولا يصرحون، ولذلك لما كان تصور الأمر بالنسبة لهم على قلق واضطراب وعدم وضوح لم يجزموا بنسبة الأحكام، فإن النفس متى جزمت بحقيقة الأمر وتثبتت منه استطاعت أن تطلق أحكامها بقوة وبثقة وإلا فإنما تقف دائما عند حقيقة ذلك الأمر ولا تتخطاها، هذا هو الفرق بين حال المتكلمين وحال الفلاسفة، فالفلاسفة علموا أنه لا بد وأن يكون شىء ما وراء العقل لكنهم اضطربوا فى حقيقة ذلك الشىء، بل وفى إثباته؛ فتارة يقولون إنه الله، وتارة يسمونه عقلا، وتارة يقولون إن هذا العقل متوسط بين العقل والإله.. ونجد الباحثين فى حيرة من أمرهم هل يقصد أرسطو الإله، أم العقل الإنسانى، أم شىء متوسط، أو لا يقصد لا هذا ولا ذاك، أم يقصد كل ذلك مجتمعا ؟ وهل حرفوا مذهب أرسطو؟ وهل الفلاسفة يسمون الله عقلا؟ أو هو جبريل؟ وتشيع فى الفلسفات والمعتقدات أشياء من قبيل : إن الله عقل مجرد، وهناك عقول متوسطة تتحكم فى الأفلاك، أو هى نفسها الأفلاك، ويربط بين ذلك وعبادة الكواكب ، ويرتبط الأمر بالصابئة الذين نقلوا منطق أرسطو وفلسفته..
    وتكاد الحقيقة تبرز وتختفى فى نفس الوقت كالسهل الممتنع، بين لحظات الإيمان والتنوير ومصارحة النفس والفطرة، وبين لحظات الغى والضلال والتأثر بمعتقدات البيئة المنحرفة عن الفطرة ((كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا ))( 17) حتى صارت من أعقد المسائل، وأكثرها اضطرابا، بحيث تتضارب فيها جميع الأقوال، ولا يكاد الباحث فيها يصل إلى شىء ،حتى إنه لا يستطيع أن ينسب فيها قولا لقائل، ويكفى للدلالة على ذلك ما فعله ابن رشد فى شرحه لكتاب النفس .
    ------
    (1) انظر رينيه ديكارت : مقال عن المنهج ، ترجمة محمود محمد الخضيرى ، تقديم الدكتور محمد مصطفى حلمى ،دار الكتاب العربى للطباعة والنشر القاهرة ، ط2 1968.ص131
    (2) أبو حامد الغزالى: المنقذ من الضلال ، تحقيق محمد أبو شادى ، دار القلم للتراث ، القاهرة ، ص 10
    (3)انظر مثلا إلى الفصل الذى عقده ابن سينا فى كتاب النجاه بعنوان فصل في الاستدلال بأحوال النفس الناطقة على وجود العقل الفعال .
    (4) ابن رشد : تلخيص كتاب النفس 129
    (5) السابق 130-131
    (6)السابق ص 130
    (7) الدكتور مصطفى النشار : نظرية المعرفة عند أرسطو ص 100
    (8) السابق ص 117
    (9)انظر الدكتور محمد السيد الجليند : منهج السلف بين العقل والتقليد ص 28-29
    (10) ابن تيمية : مجموع الفتاوى 2/76
    (11) ديكارت : مقال عن المنهج ص 93
    (12)ابن سينا : النجاة ص 138
    (13) تاج العروس مادة (ح د س )
    (14) ابن رشد : شرح البرهان ف 90 ص236
    (15)انظر الدكتور مصطفى النشار : نظرية المعرفة عند أرسطو ص 112
    (16)سورة النمل :43
    (17) سورة البقرة :20
    التعديل الأخير تم 09-03-2008 الساعة 03:47 AM
    قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    المشاركات
    1,636
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    بارك الله فيكم وشكرا جزيلا على هذا المقال أيها اللبيب .. قد أثرتم مسائل لم ينتبه إليها أذناب البقر من المتفلسفة الملاحدة المنتشرين هنا وهناك، فمن يقول بالشك يقع في مخالفة لمنهجه كما أسلفتم، كما أثرتم مسألة منهج الراسخين في المنطق وكيف أنهم اعترفوا بأن العقل لا بد وأن يستند إلى وجود أعظم منه ...وقد صدقتم فالإيمان بالله أصل البديهيات ..
    ومسألة الشك استغلت من طرف الماديين أبشع استغلال، وما أحوجنا إلى أمثالكم ممن ينفض الغبار عن هذه المناهج ليبين انحرافاتها وأخطاءها وكيف استغلت من طرف أصحاب الاستيهامات الفكرية .

    مقالات ذات صلة للقارئ :

    في نقد الشك المطلق والمذهبي

    في الشك المنهجي والمعرفي

    موقف القرآن من مذهب الشك
    {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ}

    وكيف يعرف فرق ما بين حق الذمام وثواب الكفاية من لا يعرف طبقات الحق في مراتبه، ولا يفصل بين طبقات الباطل في منازله‏. [ الجاحظ ]

  3. #3

    افتراضي شكرا لتوضيح رايك ولو انه ليس خافيا على احد

    تحية طيبة وبعد
    قد يكون المقال في اغلبه سرد لاراء فلاسفة سادوا ثم بادوا - لكن العرض كان ضروريا لتبيان وجهة المتدين الاسلامي من تلك الاعتقادات او لنقل البناءات الفكرية
    في البداية اود ان اثبت بان الكثير من البديهيات العقلية والمسلمات المنطقية ما كان لها ان تكون لولا المعرفة المتحصلة عن طريق التفاعل المستمر بين الذات المفكرة ووسطها الخارجي
    فلا تسليم او ايمان ولا بديهيات اومرتكزات تحلق في فراغ , فالانعكاس الحسي الناتج عن تكرار التفاعل البشري مع وسطه الخارجي هو الاساس الذي يقوم عليه البناء العقلي
    وعملية البناء فيها جمع وفيها تفريق , فيها اضافة كما فيها ازالة , وليس بالضرورة ان تكون الازالة والتفريق تكذيب للحس لصالح ذات تفكيري هو نتاج لحس تفاعلي اوسع !
    هنا نرى بان الفكرة في التسلسل باطلة وما يبنى عليها ليس الاارغام ناتج عن تعلق الذات بالتسليم !
    في ما يلي بعض الملاحظاتوالانتقادات
    فالذى يعتمد عليه أصحاب تلك الفكرة ليس شكا منهجيا حقيقيا وإنما هو شك فى المقدمات الأكثر تعقيدا لأن الشك المحض لا يمكن أن يؤدى إلى أى يقين
    الذي لونته هو الخطا – واللاحقه صحيحه
    الاستدلال المباشر فإنه يقوم على مقدمات أخرى يسير بها دون ذكرهها، وبالتالى فالشك المنهجى لا يستبعد اليقين منذ البداية بل يقوم على اليقين ببعض المقدمات والتى وصفها بالوضوح والتميز .(1)
    كلام صحيح

    بم تأمن أن تكون ثقتك بالعقليات كثقتك بالمحسوسات وقد كنت واثقا بي، فجاء حاكم العقل فكذبني، ولولا حاكم العقل لكنت تستمر على تصديقي، فلعل وراء إدراك العقل حاكما آخر، إذا تجلى كذب العقل في حكمه، كما تجلى حاكم العقل فكذب الحس في حكمه، وعدم تجلي ذلك الإدراك لا يدل على استحالة وجوده ))(2).
    كلمة لعل هي نوع من التدليس ويمكن الاسنمرار في ذلك الى ما لانهاية , بمعنى ان ياتي لاحق ويكذب السابق
    لذلك التدليس واضح وهو اقحام لايمان تسليمي لا لحكم تجريبي
    إن نظرية الشك المنهجى، بل كل نظريات المعرفة، لا يمكن أن تقوم لها قائمة إلا مع الإقرار بحقيقة كبرى أعظم من العقل هى التى تعطى له مشروعية وجوده واستقراره، وبدونها يصبح العقل ذاته مجرد افتراض، وهو ما يعنى أنه لا شىء أجلى ولا أوضح من وجود الله تعالى الذى وهبنا ذلك العقل الساعى لمعرفته، حتى تلك الحقائق التى يمكن أن نعتبرها من ضرورات العقل كعلم الإنسان بوجوده فعلمنا بوجود الله تعالى وصفات كماله أجلى وأوضح منها .
    مرة اخرى تدليس كمن يضع السم في العسل !
    فافتراض اله اصلا هو نوع من الاعتماد على معرفة , لذلك وضع مفهوم الاله وكانه مقدمة صحيحة ليست الا نوع من اللف والدوران بافتراض ما يريده المتدين دون وقائع تؤيده الا الرغبة الجامحه لنتتبع طرق علم الكلام البائدة بافتراض التسليم ثم البحث عن تاييد لهذا الافنراض لا اكثر!

    أما بالنسبة لنا كمسلمين فقد تقرر لنا ذلك وتحدد غاية ما يكون ،ونعلم جيدا أن دليل العقل ليس هو المرجع النهائى بل إن فوقه دليل الإيمان، واليقين العقلى إنما يستند إلى الإيمان بالله تعالى وليس العكس
    هذا ما نعرفه جيدا ونعارضه, وهو خلط الحابل بالنابل , ووضع النقل في مرتبة فوق العقل رغم ان ذلك النقل لم يكن الا بالعقل
    ما يعتقد انه الهي فرضا سواءا اعتقد انه فيض او( من خلال) لا ينتج الا بالعقل البشري وفي جميع الاحوال – مع وجود التسليم الخاطيء- ليس للفكرة من مخرج للتداول الا عن طريق الانساني الفردي او الجماعي
    وكذلك إذا رأى المرء إنسانا يخاطب إنسانا ، وأحدهما غني والآخر فقير ، حدس أنه إنما يخاطبه ليستقرض منه شيئا ))(14)
    بكل بساطة يمكن القول بان الحدس هو استنتاج تركيبي لمعرفة قبلية
    وقد تناول أفلاطون الحدس بمعنى ما يقع على الماهيات أو المبادئ الأولى أو عالم المثل، وابن سينا على أنه أنه فيض إلهى واتصال عقلى يكون بلا كسب البتة ( 15
    هؤلاء سادوا ثم بادوا- عندنا فلسفة العلم وهي اصدق من تكذيب العقل لانعكاسات حسية ناقصة في لحظة ما ,حجر الاساس في المقالة!!
    فاذا كذب العقل بعض نتائج الحس الفردي او الجمعي في لحظة ما او زمن معين فليس العيب في الحس وانما في افتقار الحس , والفرق بينهما واضح فالعقل عند التكذيب او التصديق يعتمد على تراكيب وتكرار الحس الجمعي وفي احيان خاطئه كثيرة على حس فردي !
    دمتم بخير
    انت انا و انا انت ولولا ال (انا) ما كنت انت...........

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Sep 2004
    المشاركات
    4,556
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    الأخ الدكتور فخر الدين المناظر:
    بالفعل يا أخى لقد استعغل الملاحدة وخاصة العرب الانترنتية تلك المسميات فى غير محلها فظنوا أن الشك المنهجى هو الشك فى كل شىء ثم جعلوا من الشك موقفا لهم فيما يتعلق فقط بقضايا الإيمان !!بارك الله فيك ونفعنا بعلمك .
    الزميل التخنين:
    شخصيات مثل سقراط وأفلاطون وأرسطو سادت ثم بادت لكن ليس معنى ذلك أن أفكارهم كنظرياتك أقصد ( الأنا أنت التى تضعها فى توقيعك ، ونظرية جاذبية الخواء ، ونظريتك التى تقول فيها إن الحقيقة تريد أن تتموضع.. !!) ونحن هنا نستدل بهم على أن الفلاسفة منذ قديم الأزل وحتى الآن وهم دعاة النظر العقلى المجرد قد أقروا بحقيقة أعظم من العقل وأنهم أشاروا بطريق مختلفة إلى أن تلك الحقيقة هى وجود الله تعالى .
    وقد كان الهدف من هذا المقال إثبات أن الإيمان الله تعالى ليس فقط أمرا بديهيا -فضلا عن أن يكون افتراضيا كما زعم أنت- بل هوأصل تلك البديهيات، وبدون الإيمان بوجود الله تعالى فإن بديهيات العقول التى يقوم عليها كل استدلال علمى تصبح مجرد افتراضات بل وكونها افتراضات هو أيضا مجرد افتراض وهكذا بمعنى أنه لا يقين ولا علم لمن لا إيمان له
    التعديل الأخير تم 09-06-2008 الساعة 03:45 PM
    قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    المشاركات
    5,513
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو مريم مشاهدة المشاركة
    وقد كان الهدف من هذا المقال إثبات أن الإيمان الله تعالى ليس فقط أمرا بديهيا -فضلا عن أن يكون افتراضيا كما تزعم أنت- بل هوأصل تلك البديهيات، وبدون الإيمان بوجود الله تعالى فإن بديهيات العقول التى يقوم عليها كل استدلال علمى تصبح مجرد افتراضات بل وكونها افتراضات هو أيضا مجرد افتراض وهكذا بمعنى أنه لا يقين ولا علم لمن لا إيمان له
    نعم
    لا يقين ولا علم لمن لا إيمان له
    ولا عقل لمن لا إيمان له
    يعني واحد تلاطمه امواج البحر وعنده سفينة يستطيع بها صون حياته والوصول بها الى شاطئ النجاة ولا يستعملها او حتى لا يستعملها بالشكل والاتجاه الصحيح - فيتغول في داخل البحر بدل التوجه الى الشاطئ - هو بلا عقل ولا شك في ذلك

    تخنين :
    فالذى يعتمد عليه أصحاب تلك الفكرة ليس شكا منهجيا حقيقيا وإنما هو شك فى المقدمات الأكثر تعقيدا لأن الشك المحض لا يمكن أن يؤدى إلى أى يقين
    الذي لونته هو الخطا – واللاحقه صحيحه
    ولا داعي عنده ليبين ما الخطا وما هو صوابه اذا فعلا فيه خطا !!

    تخنين :
    كلمة لعل هي نوع من التدليس
    نعم ف " لعل " تعني عنده التدليس لما يتبعها --- وربما لما يسبقها !! حسب الظروف والافهام المتاحة والمطلوبة علمانيا
    معروف عندنا - بالتجربة والمتابعة والاستقراء - هذا المرض العلماني الذي يتعامل بالاسقاط فيصف غيره بما فيه
    ومعروف عندنا - بالتجربة والمتابعة والاستقراء -
    ان اول ما يفعله العلماني كدفاع مستميت هو ان يستعمل قاعدتهم الاستراتيجية الفكرية والحوارية الهزيلة: رمتني بدائها وانسلت

    تدليس كمن يضع السم في العسل
    معروف عندنا - بالتجربة والمتابعة والاستقراء - ان التدليس ودس السم في العسل هو اسلوب العلمانيين
    ومعروف عندك - اذا كنت تعتبر وتستفيد وتفهم من التجربة والمتابعة والاستقراء - ان المسلمين يعملون على كشف وازالة السم الذي وضعه غير المسلمين ..هذا اذا وضع احدهم بعض العسل فيه .. فالمرارة التي عندهم يعكسونها على مقالاتهم .. فاين العسل عندهم حتى يضعوه في السم لاجل التدليس ..

    فافتراض اله اصلا هو نوع من الاعتماد على معرفة
    لا
    الافتراض الذي يقوم على بديهية عقلية ومقدمة منطقية وبناء على انه ليس هناك اي حجة عقلية او منطقية تخالفه فهو من قبيل المنطق الفلسفي وهو امر معروف ومتبع عند الفلاسفة والمفكرين والعقلاء
    وسيوصل الى ان الافتراض هذا يخرج عن احتمالية الفرضيات ليكون في عداد الحقائق

    هذا ما نعرفه جيدا ونعارضه, وهو خلط الحابل بالنابل , ووضع النقل في مرتبة فوق العقل
    وهذا عيب وقصور في عقل العلماني
    فكثير من الحقائق لا يمكن معرفتها ولا ادراكها الا بالنقل فقط
    فهي خارج نطاق العقل والمنهج العقلي وخارج مجال العلم والمنهج العلمي
    ولولا النقل المعتمد على الايمان اليقيني والعلمي السابق به وبحقيقته لما عرفنا حقائق كثيرة موجودة
    العلماني يُفقد نفسه من هذا العلم ويُخسر نفسه من هذا المصدر العلمي المهم

    ما يعتقد انه الهي فرضا سواءا اعتقد انه فيض او( من خلال) لا ينتج الا بالعقل البشري
    ما يعتقد بالعقل انه الهي حقا يؤخذ به على انه الهي .. وليس في الاسلام يمكن نسب اي قول بشري الا الاله والوحي الالهي الا بحجة ودليل وبرهان
    الامور ليست شوربة كما هي عند العلمانيين

    بكل بساطة يمكن القول بان الحدس هو استنتاج تركيبي لمعرفة قبلية
    هنا احد امراض العلمانية السقيمة
    يقولون كلاما لمجرد النفي او يقولون كلاما لا يفهمونه او يقولون كلاما لا يفهمونه
    فما دام - كما تقول - بكل بساطة يمكن القول بان الحدس هو استنتاج تركيبي لمعرفة قبلية , فمن اين اتت المعرفة القبلية للانسان الاول ؟؟؟؟؟؟
    نحن عندنا الجواب وهو ان الله علمه اياها ... لانها مهمة معرفتها مسبقا ليحكم كيف يفكر صح وكيف يتصرف صح


    عندنا فلسفة العلم
    لا عندكم علم ولا يقول عالم ولا عاقل ان العلم فلسفة
    عندكم تفلسف اذن بمعنى انكم تفلسفون العلم لغرض في نفوسكم المريضة ولانكم لا يوجد عندكم لا دليل علمي ولا عقلي على ترهاتكم وتخريصاتكم
    والعلم نظريات علمية او حقائق علمية جاءت على التجارب العلمية او افتراضات علمية عززتها التجارب العلمية وله منهجه العلمي غير المنهج العقلي وغير المنهج الفلسفي

    عندما يقول الفلاسفة والمفكرون بان الفيض الإلهى والاتصال العقلى يكون بلا كسب البتة , فهم يعنون به نقسيمهم الحقيق والطبيعي للعقل فهناك العقل الملهم غير الكسبي وهو المقصود هنا وهناك العلم المكتسب الناتج عن التجربة العقلية والمعراف السابقة
    وهذا العقل الالهامي هو غريزي بمعنى انه موجود ايضا عند الحيوانات والطيور والحشرات .. كما نرى في تصرفاتها في الحمل والولادة والسباحة منذ الولادة والرضاعة من الثدي والطيران من الشمال الى الجنوب وفي موسم معين ..واشياء كثيرة اخرى لا داعي لسردها فهي امور معروفة وملاحظة عند كل ذي بصر وملاحظة وادراك
    فعلا لا دواء للجهل العلماني

    فاذا كذب العقل بعض نتائج الحس الفردي او الجمعي في لحظة ما او زمن معين فليس العيب في الحس وانما في افتقار الحس
    واذا كذب العقل بعض نتائج الفكر السليم فليس العيب في العقل فقط بل العيب ايضا في صاحب هذا العقل الذي لا يعرف كيف يستعمله بالطريقة الصحيحة ليصل به الى النتيجة الصحيحة .. فالمعيب اكثر انه يحمل عقلا ولكنه يفتقر اليه حين يجب ان يجده ويستعمله ..
    للحق وجه واحد
    ومذهبنا صواب لا يحتمل الخطأ ومذهب مخالفنا خطأ لا يحتمل الصواب
    "بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ"

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    المشاركات
    1,636
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    أهلا يا زميل تخنين.
    مسألة الشك بأنواعه نوقشت في الروابط أعلاه، لكني أشم رائحة أسلوب الإلحاد الفلسفي عن بعد وأقرأ ما بين السطور ،، ومنهج أسلوب الإلحاد الفلسفي توضيحا للقراء، هو أسلوب مخاتل يقرر فكرة إلحادية لكن بشكل مستتر متخف ببعض المفاهيم.. ومثال ذلك ماجاء في مداخلتك :

    في البداية اود ان اثبت بان الكثير من البديهيات العقلية والمسلمات المنطقية ما كان لها ان تكون لولا المعرفة المتحصلة عن طريق التفاعل المستمر بين الذات المفكرة ووسطها الخارجي
    فبأسلوب آخر الزميل تخنين يقول بأن البديهيات العقلية والمسلمات( كالإيمان بالله ) هو نتيجة تأثير الوسط الخارجي بالمفكر .. وهنا تخنين يقرر أن البديهيات العقلية (كالإيمان بالله) تتغير وفق تغير الوسط الخارجي ... أي انها تختلف باختلاف العصور والأوساط والأمزجة والعادات التي لها تأثير على الاعتقادات فلا تكون البديهية يقينة كما أنها لا تكون عامة ومطلقة إذ تختلف باختلاف الأمزجة والمؤثرات، وهذا يتضمن مغالطة كبرى أساسها إنكار البديهيات العقلية وهو مذهب الشكاك.
    إذا أننا نقول -كما قرره الأخ الدكتور أبو مريم سابقا- أنه غير ممتنع اتفاق الناس على أمور أساسية وبديهيات معينة ومسلمات معقولة، مثل محبة الأخلاق الحميدة الخيرة ونبذ الأخلاق الذميمة الشريرة، وكذلك البديهية الكبرى وهي الإيمان بالله.
    ثم إن الشك المطلق نفسه يعتمد على بديهيات ومسلمات لا يشك فيها كمسألة وجود الذات المفكرة، ومسألة العقل الذي يحقق الكفاية لمعرفة الحقيقة...

    هنا نرى بان الفكرة في التسلسل باطلة وما يبنى عليها ليس الاارغام ناتج عن تعلق الذات بالتسليم !
    وقولك مردود لأنه ليس البرهان وحده من يولد اليقين فهناك قضايا أولية تُعلم بداهة تكون مطلقة وحاضرة في الذهن ولا تحتاج إلى برهان وعناء بحث، بل إن البرهان هو من ينتهي إليها، يقول الدكتور راجح الكردي:
    "هناك قضايا كلية بينة بذاتها تتضح النسبة فيها بين المحمول والموضوع حال تصورهما بدون واسطة البرهان. هذه القضايا البديهية أو الأولية حاضرة في الذهن ومطلقة، تنتهي إليها البراهين في الاستدلال، فمن ذا الذي لا يصدق أن الكل أكبر من الجزء؟ ومن الذي يطلب دليلا عليه؟
    كما أن ادعاء المصادرة أو الدور في استناد العقل على نفسه في إثبات قدرته على المعرفة ادعاء باطل ذلك لأنه "انما يلتمس البرهان على صدق العقل في التعقل نفسه كما يستوثق من صلاح آلة باستعمالها. فالعقل حين يزاول فعله الأساسي الذي هو الحكم سواء أكان الحكم بديهيا أم نتيجة استدلال يدرك مطابقته للموضوع المحكوم عليه، أي يحس ضمنا أنه يدرك أن الموضوع هو كما يحكم، عليه، وحين يعود على هذا الإدراك هذه المطابقة بالفعل يحس بالفعل أنه كفء لإدراك الحق. فليس البرهان ههنا قياسا حتى يتسلسل من مقدمة إلى أخرى ولكنه إقتناع بديهي في مزاولة التعقل، وبخاصة، أي بشكل ايسر وأوضح في التعقل البديهي للمبادىء العامة".

    فالذى يعتمد عليه أصحاب تلك الفكرة ليس شكا منهجيا حقيقيا وإنما هو شك فى المقدمات الأكثر تعقيدا لأن الشك المحض لا يمكن أن يؤدى إلى أى يقين
    الذي لونته هو الخطا – واللاحقه صحيحه
    هنا يعترض التخنين على الشطر الأول من فكرة الأخ الدكتور أبو مريم، دون أن يعطي براهين على رأيه... والواضح أن الزميل تخنين لا يعرف الفرق بين الشك المنهجي والشك المطلق هذا الأخير الذي يعتمد على الجينيالوجيا والطعن في المسلمات الأولى والبديهيات الكبرى ويتخذ من الشك غاية لا وسيلة، بخلاف الشك المنهجي المؤمن بوجود الحقيقة لكنه عوض الطعن في البديهيات الأولى يطعن في أصول الشك المطلق أي في نقط انطلاق المنهج (كمسألة خلخلة مفهوم العقل وقدرته عند العقليين والتجرية عند التجريبيين) إذ هو وسيلة لا غاية.

    كما أرى بأن تخنين يمجد فلسفة العلم (أو ما يطلق عليه الفلاسفة "انتحار الفلسفة")، وقد كشف عوارها وخطأ منهجها وسقطاتها غير واحد من الفلاسفة كالفيلسوف هوسرل فليرجع إليه إن أحب .
    التعديل الأخير تم 09-07-2008 الساعة 01:45 AM
    {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ}

    وكيف يعرف فرق ما بين حق الذمام وثواب الكفاية من لا يعرف طبقات الحق في مراتبه، ولا يفصل بين طبقات الباطل في منازله‏. [ الجاحظ ]

  7. #7

    افتراضي

    أستاذنا أبو مريم, بارك الله فيك على الموضوع القيم.
    الفلسفة الإنسانية أو علمنة الفلسفة و العلم وراء الكارثة الحديثة التي تسبب اللاوعي و الإحباط كنتيجة للصراع بين المتناقضات, فعلى سبيل المثال لا الحصر, تصور الحياة على أنها عبثية -أو نتيجة عملية عبثية- من جهة, و من جهة ثانية إبعاد صفة العبث عن هذا التصور و عن أي محاولة فلسفية فكرية متتالية في إثبات هذا التصور!!

  8. #8

    افتراضي

    الزميل تخينين

    سؤال:

    هل فهمت ما معنى "الله أصل البديهيات", يعني هل فهمت العنوان أولا بشكل صحيح أم أنك تكتب الرد هكذا الهوى ؟؟!!

    كون الشيء بديهي كالكل أكبر من الجزء, او اعطيك مثلا x > x:2 فهل يمكن أن نقول بأن هذه بديهية أم مسلمة أم حد لابد من الأخذ به بدون شك و لا تعريف حتى نستطيع ان نبني الباقي عليه, لأنه لو التجأنا الى البرهان في مثل هذه القضية فذلك قد يعني الرجوع القهقري بالبرهان (او البراهين) الى ما لا نهاية له, صحيح ؟؟ اذن فلابد من الوقوف عند حد كبديهية أو مسلمة, صح ؟ .. هلا وضحت لي لماذا و ما الفرق مشكورا ؟؟؟؟,
    التعديل الأخير تم 09-08-2008 الساعة 04:44 AM
    الفلسفة الإنسانية أو علمنة الفلسفة و العلم وراء الكارثة الحديثة التي تسبب اللاوعي و الإحباط كنتيجة للصراع بين المتناقضات, فعلى سبيل المثال لا الحصر, تصور الحياة على أنها عبثية -أو نتيجة عملية عبثية- من جهة, و من جهة ثانية إبعاد صفة العبث عن هذا التصور و عن أي محاولة فلسفية فكرية متتالية في إثبات هذا التصور!!

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Mar 2007
    الدولة
    تونس
    المشاركات
    71
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    للرفع .
    يقول حجة الإسلام الغزالي ( إن رد المذهب قبل فهمه و الاطلاع على كنهه هو رمي في عماية )
    ويقول أيضا ( انظر إلى قولي و لا تنظر إلى عملي ينفعك قولي و لا يضرك تقصيري )

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    الدولة
    المغرب ـ> مراكش
    المشاركات
    343
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    613
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    حقيقة اشتقنا للمواضيع القيمة للأخ الفاضل أبو مريم

    حبذا لو يعود للمنتدى لنستفيد منه.

    أليس كذلك أيها الإخوة؟

    يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيم

  12. افتراضي

    ويرفع مرة أخرى
    لا أكون متجاوزا إن قلت إن الجدال حول وجود الخالق بدعة لم تظهر فى الإنسانية إلا فى أحط عصورها أخلاقيا ، ولا يسفسط حولها إلا أراذل الناس وسفهاؤهم.
    (د. أبو مريم)

  13. #13

    افتراضي

    للرفع
    حتى إذا جاءوا قال أكذبتم بآياتي ولم تحيطوا بها علما أم ماذا كنتم تعملون

    http://hamzatzortzis.blogspot.com/

  14. افتراضي

    "إن نظرية الشك المنهجى، بل كل نظريات المعرفة، لا يمكن أن تقوم لها قائمة إلا مع الإقرار بحقيقة كبرى أعظم من العقل هى التى تعطى له مشروعية وجوده واستقراره، وبدونها يصبح العقل ذاته مجرد افتراض، وهو ما يعنى أنه لا شىء أجلى ولا أوضح من وجود الله تعالى الذى وهبنا ذلك العقل الساعى لمعرفته، حتى تلك الحقائق التى يمكن أن نعتبرها من ضرورات العقل كعلم الإنسان بوجوده فعلمنا بوجود الله تعالى وصفات كماله أجلى وأوضح منها .
    إن تلك الحقيقة لم تكن خافية على من تعمق فى المنطق وأصول اليقين، وكذلك من بحث فى نظرية المعرفة لا بد وأن يصل إلى نفس النتيجة(3 ) وإلى ضرورة الارتباط بين اليقين ووجود الله تعالى مع خلاف يرجع إلى أمور اعتقادية"

    إذن يجب الإعتقاد بأن الله موجود يقيناً و حتي إن لم تُجد الوسيلة للتيقن ، لنستطيع التثبت/التيقن من أي شيء أخر ؟ و لما أخترنا بالتيقن بوجود الله للتثبت/التيقن بالأشياء الأخري و لم نختر التيقن بحقيقة كبري أخري ؟

  15. افتراضي

    سبحان الله و بحمده سبحان الله العظيم

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. إعلان: الإيمان بالله أصل البديهيات | مُخطّط
    بواسطة عَرَبِيّة في المنتدى قسم الحوار عن الإسلام
    مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 11-08-2012, 06:19 AM
  2. الإيمان بالله في ضوء المذهب التجريبي
    بواسطة ontology في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 01-17-2012, 04:48 PM
  3. دعوة إلى الإيمان بالله ..
    بواسطة ATmaCA في المنتدى قسم الحوار عن الإسلام
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 03-21-2011, 10:37 PM
  4. الإيمان بالله تعالى ليس نظريا
    بواسطة أبو مريم في المنتدى قسم العقيدة والتوحيد
    مشاركات: 56
    آخر مشاركة: 04-17-2009, 12:39 AM
  5. الإيمان بالله أصل البديهيات
    بواسطة أبو مريم في المنتدى أبو مريم
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 09-03-2008, 03:40 AM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء