صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 15 من 38

الموضوع: الديمقراطية والإسلام.. توأمان أم ضدان؟

  1. افتراضي الديمقراطية والإسلام.. توأمان أم ضدان؟

    الديمقراطية والإسلام.. توأمان أم ضدان؟

    بقلم: حسن الحسن
    لا بدّ من مناقشة فكرة الديمقراطية وأبعاد تجسيدها في العالم الإسلامي بمنتهى الهدوء والروية وحسن التبصر.
    قد يتصور البعض أنّ نقاش فكرة الديمقراطية وتحديد مدى علاقتها بالإسلام، إنما هو جدلٌُ سفسطائي لا طائل منه. والصحيح أنّ هذا الحكم هو في منتهى السطحية، ذلك أنّ مدار بحث الديمقراطية بات شأناً عالمياً، حيث يروج لها الغرب الذي تهيمن حضارته ونفوذه على العالم، على أنها النموذج الأوحد الذي يصلح للعيش البشري السويّ، ويدعو بالتالي إلى نشره وإرسائه، بل وقد يتدخل بالقوة لفرضه، لا سيّما في العالم الإسلامي. كما باتت معاييرُ سلامة الوضع الاجتماعي والثقافي والسياسي العام في أيٍ من دول العالم، تعتمد على مدى ترسيخها القيم الديمقراطية، ودلالات صحتها وعافيتها تقاس بمدى تحقق التحول الديمقراطي فيها.
    ويفترض الغربُ أنّ العالم الإسلامي سيبقى معرضاً للاهتزاز والاضطراب وانعدام الاستقرار طالما غابت الديمقراطية عنه، وطالما بقي الحكم الشمولي الدكتاتوري مستمراً فيه، مما يجعله في نظرهم بؤرة توترٍ ومصدر قلقٍ دائمٍ لباقي العالم، وأنّ انعتاق المسلمين من أتون الظلم والقهر والتخلف، هو رهنٌ بمدى التقدم الديمقراطي في بلادهم.
    ولقوة الدول التي تستند إليها الفكرة الديمقراطية، مضافاً إليها ذلك الوهج الذي حظيت به في العقود الأخيرة، باتت أغلب الفئات الناشطة في الميدان السياسي في العالم الإسلامي، تدّعي الديمقراطية وتدعو لها، بل وتزعم أنّها الهدف الأساسي لها، رغم مناقضتها لها عملياً أو عقائدياً أو كليهما في أغلب الأحيان.
    وبهذا تتضح مدى حساسية القضية، إذ أنها تتعلق بفرض رؤية ما ينبغي أن يكون عليه واقع ومستقبل الأمة الإسلامية. ولهذا كان لا بدّ من مناقشة فكرة الديمقراطية وأبعاد تجسيدها في العالم الإسلامي بمنتهى الهدوء والروية وحسن التبصر.
    وتبدو الحاجة أكثر إلحاحاً لفهم ماهية العلاقة بين الديمقراطية والإسلام، كونه يعتبر العامل الحاسم في تشكيل هوية الأمة التي تعتنقه وتعتبره وحده الصالح لإسباغ الشرعية على أية نظم أو قوانين أو أفكار تنظم شؤون حياتها، وفي حالة عدم شرعية تلك الأفكار والأحكام، فإنّه لن يكتب لها العيش في حضن هذه الأمة حتما، إلا غصبا.
    وُلدت الديمقراطية كفكرة زمن الإغريق، وقد تلى ولادتها بعد عدة مئات من السنين قدوم السيد المسيح عليه السلام، ولم تذكر في الإنجيل قطّ، كما قدم النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ليختم الرسالات السماوية بالإسلام، ولم يرد في القرآن الكريم الذي أوحي إليه، أو السنة النبوية التي رويت عنه، نصٌ ما، يحبذ أو يحظر لفظة الديمقراطية، وعلى الرغم من ترجمةِ كثيرٍ من كتب التاريخ والفلسفة بأنواعها العقائدية والحكمية، فإنّ فكرة الديمقراطية لم تستوقف علماء الإسلام البتة، مع أنهم وقفوا طويلاً أمام أفكار دونها أهمية بكثير، وردت جراء تفاعل الأمة مع غيرها من حضارات وفلسفات الروم والفرس واليونان والهند، وكانت ترجمات كتب وأفكار حكماء اليونان كسقراط وأفلاطون وأرسطو وغيرهم قد قتلت بحثاً، وقد ناقشها علماء الإسلام ليبدوا الموقف الشرعي منها.
    كما نرى فإن القرآن الكريم لم يأت فيه ذكر الديمقراطية في ٍأية آية من آياته لا تلميحا ولا تصريحا، كما أنها لم ترد في الكتب السماوية الأخرى كالإنجيل وغيره، كذلك فهي لم ترد في العقيدة أو الشريعة ولا حتى في أي من كتب فقهاء المذاهب باختلافها، كما أسقطتها الأمة كذلك طوال تاريخها السياسي والحضاري من أجندتها الثقافية والفكرية والسياسية، ولم تلق الديمقراطية بثقلها على العالم الإسلامي، فارضة نفسها بقوة فيه، إلا مع احتلال بلاد الإسلام من قبل الفرنسيين والإنكليز، وخضوعها للاستعمار العسكري المباشر ، فضلاً عن الهيمنة السياسية المطلقة، والغزو الفكري والثقافي، وانهيار دولة الخلافة الإسلامية.
    إذن فنحن أمام محاكمة لفكرة، ليست هي بهامشيةٍ ولا بجديدةٍ أو طارئةٍ على المسلمين، كما يتوهم بعض من ينتظر فتوى لمجتهدٍ يُعمل فيها نظره، ويطل عليها باجتهادٍ معاصر!
    فالديمقراطية وباتفاق، تعني حكم الشعب، الذي يضع قوانينه وينتخب حكامه على حدٍ سواء. وهذا هو تماماً ما كان معمولاً به في أثينا مصدر الفكرة قبل 500 سنة من ميلاد المسيح عليه السلام.
    وقد أخذت الديمقراطية شكلاً أكثر تنظيماً إبّان الثورة الفرنسية وحصول النهضة الحديثة في أوروبا في القرن الثامن عشر، حيث باتت تشكل وجهة نظر متكاملة في الحياة، تضع تصوراتٍ للمجتمع، وتُنظِّمُ علاقة الإنسان بالدين والدنيا على حدٍّ سواء، ونتيجة لاحتدام الصراع بين الفلاسفة والمفكرين من جهة، ورجال الدين سدنة السلطة الحقيقيين من جهة أخرى، أعادت الديمقراطية الإغريقية تجديد نفسها لتفرض فصل الدين عن الحياة كأساسٍ لها، ولتجعل الشعب هو الحاكم أمام فكرة حكم الله والبابوات الذين يدعون تمثيله، ولتحصر الدّين في أماكن خاصة بالعبادة، كما نتج مقتٌ للدين إثر ذلك الاستغلال البشع له في أوروبا من قبل الحكام، حيث كان يصر رجال الدين على الجمود إلى درجة ينفر منها العقل وتحدّ من التطور والتقدم الذي تفرضه العلوم الحديثة، ممّا شكل حالة تضاد بين الكنيسة ممثلة الدين في أوروبا والعلم الذي أنتجه المفكرون والفلاسفة والمبدعون، وكذلك بين إرادة من يمثل الله على الأرض بعقل معطل وبين حاجة المجتمع إلى عقلٍ مواكب للتطورات المادية والبشرية، مما اضطر المفكرين في تلك الأجواء إلى فرض الإقامة الجبرية على الدين ليمكث في الكنيسة، وجعل الدين يختص بالفسلفات الغيبية، ومعالجة الأمور النفسية والروحية الفردية منها فقط لا غير.
    والناظر للإسلام يرى أنّه قد جعل كافة المخلوقات ملكا لله تعالى يتصرف فيها كيفما شاء، قال تعالى ( ألا له الخلق والأمر)، وقد أخضع الخالق المادة لنظام قسري يسير بموجب قوانين وسنن كونية، قال تعالى (لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون) وأوجب على الإنسان اتباع الرسول والتزام رسالته، إلا أنه صنع له إرادة وعقلا يميزانه عن بقية الكائنات، وبهما كان لديه القدرة على الاختيار (إنّا هديناه السبيل إما شاكراً وإمّا كفورا)، وقد اعتبر الله تعالى الإسلام وحده الحق المقبول اتباعه في الحياة (ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه)، من ارتبط به نجا ومن تركه هلك (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا، ونحشره يوم القيامة أعمى)، وجعل منه منهج حياة ونظاما للحكم (إن الحكم إلا لله)، (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم)، (وإن اختلفتم في شيء فردّوه إلى الله والرسول).
    ومن حيث تنظيم المجتمع وطبيعة كيان الدولة، النظام السياسي فيه، فإنّ نظام الحكم في الإسلام يقوم على قواعد أربعة، على رأسها، قاعدة السيادة للشرع والسلطان للأمة، حيث يستمد الإسلام معالجات شؤون البشر التشريعية، في الاقتصاد والاجتماع والسياسة، من مصدرين وحيدين هما القرآن والسنة، إضافة لمجموعة من القواعد والأصول الشرعية المستمدة منهما. وبهذا يكون الإسلام قد ناقض جوهر الديمقراطية، حيث رفض حق الشعب كله أو أكثريته أو ممثليه بوضع قوانين يتوافقون عليها فيما بينهم دونما اعتبار لدين كالذي تقتضيه وتفرضه الديمقراطية حسب توصيف أهلها لها، ولا يقال هنا فما عيب الديموقراطية إذا حصل أن الناس اتفقوا على وضع تشريع متوافق مع الوحي!؟ الجواب: إن كان كذلك، فلا داعي لموافقتهم، لكون الشرع قد أصدر حكمه فيه وانتهى، وأما إن كان فيه مناقضة لواحدٍ من الأحكام الشرعية، فيردّ ذلك الرأي لا محالة، وإن صوتت عليه جماهير الناس بالغالبية الساحقة، يقول تعالى (أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون) ويقول أيضا (وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله(.
    ومن هنا يظهر مدى التباين بين الديمقراطية والإسلام من حيث أصل ما بنيتا عليه، وأن كل ما يجمع بين جوهر الفكرتين وأساسهما إنما هو علاقة تضاد واضحة.

  2. افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة muslimah
    ومن هنا يظهر مدى التباين بين الديمقراطية والإسلام من حيث أصل ما بنيتا عليه، وأن كل ما يجمع بين جوهر الفكرتين وأساسهما إنما هو علاقة تضاد واضحة.
    صدقت و الله.
    فالاسلام و الديمفراطية ضدان لا يجتمعان.
    اللهم فك أسر الشيخ المجاهد حامد العلي و اخوانه من العلماء المجاهدين الذين صدعوا بكلمة الحق عندما خرس الكثير
    موقع الشيخ حامد العلي
    http://h-alali.info/npage/index.php
    منبر التوحيد و الجهاد
    http://www.tawhed.ws/
    حمل موقع الشيخ علي الخضير فك الله اسره و أسر اخوته
    http://www.islammessage.com/books/ali_alkhudair/22.rar
    فلم وثائقي:براءة المجاهدين من تقصد سفك دماء المسلمين
    http://islammessage.com/vb//index.ph...=0&#entry41729

  3. افتراضي

    أكرمك الله أخانا الفاضل

    ينخدع كثير من الناس بالديموقراطية

    لأنهم يظنون أنها تقودهم إلى ما يريدون تحقيقه

    بينما هي في الواقع طريقة لتحكم الأغلبية بالأقلية ، فكما نرى فإن نتائج الانتخابات في الغرب وغيره تأتي بنتائج لصالح الأغلبية التي أدلت بأصواتها فيفوز مرشح فئة معينة من الناس على غيرهم

    ففي الولايات المتحدة على سبيل المثال تجري الانتخابات

    وعلى المنتخب أن يصوت لصالح إما المرشح الجمهوري أو الديموقراطي أو المستقل

    وبالطبع يفوز واحد فقط

    وبالتالي فإن ملايين المنتخبين ينهزمون ويترأسهم شخص لم يرشحوه ولا يؤيدوا سياسته في كثير من الأمور

    والحمد لله أنه لم يدعنا فريسة لأهواء أحد

    فديننا هو الوحيد على ظهر هذه الأرض الذي يستمد قوانينه من عند خالق الكون ومن فيه فهو العليم بما يصلح لعباده كما صانع الآلة عليم بها ولله المثل الأعلى

    {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ }الملك14

  4. افتراضي

    وهذا كتاب مهم يبحث هذه المسالة للشيخ المجاهد ابي محمد المقدسي فك الله اسره وهو من اروع ما قرات في هذا الموضوع:

    http://www.tawhed.ws/r?i=8
    اللهم فك أسر الشيخ المجاهد حامد العلي و اخوانه من العلماء المجاهدين الذين صدعوا بكلمة الحق عندما خرس الكثير
    موقع الشيخ حامد العلي
    http://h-alali.info/npage/index.php
    منبر التوحيد و الجهاد
    http://www.tawhed.ws/
    حمل موقع الشيخ علي الخضير فك الله اسره و أسر اخوته
    http://www.islammessage.com/books/ali_alkhudair/22.rar
    فلم وثائقي:براءة المجاهدين من تقصد سفك دماء المسلمين
    http://islammessage.com/vb//index.ph...=0&#entry41729

  5. افتراضي عن الشورى والديموقراطية: الديمقراطية والإسلام..توأمان أم ضدان؟

    بقلم: حسن الحسن

    من التجني اختصار الديمقراطية بالشورى أو العكس، فالديمقراطية وجهة نظر متكاملة في الحياة ولا قداسة لشيء البتة سوى رغبات الشعب.

    نتناول في هذا البحث علاقة الشورى بالديمقراطية؟ وهل هناك حقاً ثمة تطابق بينهما، تجعل الديمقراطية جزءا من الإسلام أو العكس؟

    إنّ واقع الديموقراطية هو حكم الشعب الذي يقابل حكم الله حتماً، وليس حكم الفرد كما يتصور البعض، إذ أنّ مصطلح الحكم يأخذ وجهين، الأول هو التشريع، وهو الذي يمنح من خلاله الناس حق الاستفتاء والتصويت على القوانين مباشرةً أو بإنابتهم عنهم من يقوم لهم بالتشريع لهم، والثاني هو التنفيذ وهو ما لا يتصور حصوله من قبل شعبٍ من الشعوب أصلاً، إذ أنّ الذي ينفذ الأحكام ويفصل بين الناس هو جهات مختصة، كالوزراء والقضاة وأجهزة الدولة المختلفة، وهذه الجهات تتأهل لذلك من خلال دراساتٍ أكاديمية ومعرفية وخبرات فنية، وبهذا كان حكم الشعب في الفلسفة الديموقراطية هو مقابل حكم الله، هذا هو واقعها وهذا هو ما يؤكده السياق التاريخي والإجرائي لها حتى يومنا هذا.

    واستناداً إلى ما سبق نجد أنّ الديمقراطية تتناقض مع جوهر الإسلام الذي يحصر التشريع بالله تعالى حيث يقول "إن الحُكمُ إلا لله" وبذلك لا يكون هناك داعي للاستطراد في بحث بقية الفروع، لأن تباين جذري العقيدتين، الديمقراطية والإسلام، وتضادهما يغنيان عن بحث التفاصيل.

    إلا أن إصرار البعض على دمقرطة الإسلام وإقحامها فيه، يضطرنا للتعرض لبعض أهم تلك الاعتراضات، بغية إزالة كل لبس يشوب حقيقة المسألة.

    وعليه، فقد التبس ارتباط الديمقراطية بالإسلام لدى البعض، من خلال وجود مفهوم الشورى، والذي يعتبر واحداً من الأحكام الشرعية التي تضبط علاقة الحاكم بالأمة. وبما أن الحكم على الشيء هو فرع عن تصوره، كان لزاماً توضيح واقع الشورى من الجانب الذي يشير إلى شبهة ذلك الارتباط، من غير الغرق في تفاصيل كثيرة ليست ذات صلة وثيقة بالبحث.

    فالشورى هي أخذ الرأي، وتكون ملزمة في حالات، وهو ما يهمنا هنا، لأن الديمقراطية تتحدث عن فكرة إخضاع الحاكم لرأي الأمة. ومن خلال قراءة متفق عليها بين كل من اطلع على الفكر الإسلامي يجد أنه لا شورى في الأحكام الشرعية الأربعة، أي في الواجب والمندوب والمكروه والحرام، ولذلك يبقى أخذ الرأي محصوراً في الدائرة الخامسة وهي المباح.

    كما يؤخذ الرأي من الجهة المتعلق بها، كأصحاب الاختصاص والخبرات فيما هو مرتبط بالأمور العلمية والتقنية والفنية وفي الإدارة والتصميم، وهذا ما فعله النبي الكريم في معركة بدر حيث نزل عند رأي الحباب بن المنذر في ترتيب وضع تمركز الجيش، وعند رأي سلمان الفارسي في حفر الخندق، وهما رجلان فقط، لكنهما من أهل الاختصاص، وقد اكتفى برأييهما دون إجراء مباحثات ومناقشات واسعة في ذلك مع جمهور الصحابة. كما يكون رأي عامة الناس في بعض القضايا المتعلقة بشأنهم كجماعة ملزما، كحال نزول النبي الكريم عن رأيه الذي يرجحه هو في غزوة أحد، إبان مشاورته لأهل المدينة بقتال قريش خارج المدينة أو داخلها. كما ترك الإسلام للحاكم تبني ما يراه مناسباً في قضايا كثيرة وألزم الأمة بطاعته، حتى تشكلت القاعدة الدستورية "رأي الإمام يرفع الخلاف" و"رأي الإمام نافذ" استناداً للنصوص الكثيرة المتضافرة، والتي عطفت طاعة ولي أمر المسلمين الشرعي، في طاعة الله، على طاعة الله ورسوله، كما في قوله تعالى "(يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)".

    ومن التجني اختصار الديمقراطية بالشورى أو العكس. فالديمقراطية هي وجهة نظر متكاملة في الحياة، وهي فكرةٌ أساسية عن الحياة، لا تترك شيئا من أمورها إلا وتمنح الإنسان حق إبداء رأيه فيه والتعليق عليه ونقده، فلا قداسة لشيء البتة سوى رغبات الشعب، وتلزم الأكثرية (ولو شكلياً) الحاكم، سواء من خلال استفتاء عام أو بأغلبية برلمانية (نسبية) في كافة القضايا. فيما تعتبر الشورى حكماً شرعياً فرعياً، لا يحلل ولا يحرم ولا دور لها البتتة خارج دائرة الإباحة، التي تحكمها تفاصيل سبق وتطرقنا لبعضٍ منها أعلاه.

    وخلاصة القول هي: إن الإسلام يخضع الإنسان لقاعدة "الحسن ما حسنه الشرع والقبيح ما قبحه الشرع" وأن بغض الإنسان أو حبه لأمر ما لا يعنيان الشيء الكثير، حيث يقول الله تعالى (وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) وأن إجماع الغالبية العظمى من الناس على أمرٍ ليس مبرراً لقبوله حيث يقول الله تعالى (وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ).

    أما بالنسبة لحق انتخاب الأمة لحاكم عام لها، ولممثلين ينوبون عنها يتولون شئون محاسبة الحاكم ونصحه وتقويمه وتسديد أداء الدولة وأجهزتها، إنمّا هو حكم شرعيٌ استمد من الشريعة نفسها وليس من رغبات الناس، يقول النبي الكريم (ومن بايع إماماً فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه) ويقول (لا يحل لثلاثة نفر يكونون بأرض فلاة إلا أمّروا عليهم أحدهم)، فقد أناط الشرع سلطة انتخاب الحاكم بالناس أي بالأمة. كما بين شرعية جواز النيابة وتمثيل الآخرين حيث طلب ذلك النبي الكريم صراحة من وفد المدينة، عندما سألهم أن يخرجوا له منهم اثني عشر نقيبا يكونون كفلاء له على قومهم. وأما المحاسبة والتقويم فتدخل ضمن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وضمن التعاون على البر والتقوى ... وهي عبارة عن أحكام شرعية منضبطة بأدلتها المستقاة من الكتاب والسنة ومحددة بكيفيات وترتيبات معينة.

    كما أن النصح والتسديد والتقويم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إنما هي أحكامٌ شرعية منفصلة عن حكم الشورى، وهدفها ضمان أمثل تنفيذ للإسلام وإحسان رعاية شؤون الأمة به، وليس النزول عند رغبة الأكثرية! يقول النبي الكريم "مثل القائم على حدود الله، والواقع فيها، كمثل قومٍ استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها، وأصاب بعضهم أسفلها، فكان الذين فى أسفلها إذا استقوا من الماء مَرُّوا على من فوقهم فآذوهم، فقالوا: لو أنا خَرَقْنا فى نصيبنا خرقاَ ولم نؤذِ مَنْ فوقَنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاًَ، وإن أخذوا على أيديهم نَجَوْا ونَجَوْا جميعاً".

    فمهمة الحاكم المبايع من قبل الأمة وكذلك الممثلين لها هو إبقاء كيان الدولة مسيساً بالشريعة منفذاً لها على اعتبارها تعلو ولا يعلى عليها وهي السيد في المجتمع، وأنّ أية رعاية لشؤون الناس ومصالحهم ينبغي ضبطها بما يرشد إليه الإسلام نفسه، ولذلك كانت بيعة الأمة لحاكمها مشروطة بالحكم بكتاب الله وسنة نبيه. أولا ينسف هذا مفهوم السيادة للأمة، أوليس هذا بالنقيض مما هو عليه النظام الديموقراطي!؟

    ولا ينبغي أن ينصرف ذهن القارئ إلى أن هذا يعني ترسيخاً للاستبداد وتكريساً للدكتاتوية في المجتمع الإسلامي، إذ أن الإسلام قد جعل الشرع السيادة للشرع لا للحاكم، وأوجب على الناس الاحتكام إليه، وهو فوق الحاكم والمحكوم وبينهما، وينبغي خضوعهما له سويةً، وكان الحاكم نائباً ووكيلاً عن الأمة في تنفيذ الشرع وليس سيدا وصيّا على المجتمع أو على الأمة، وكانت صلاحياته منضبطة بمدى ارتباطه بعقد البيعة الشرعي، وعلى هذا الأساس يفهم قول الخليفة أبو بكر الصديق (أيها الناس إني قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أطعت فأعينوني، وإن عصيت فقوموني... أطيعوني ما أطعت الله فيكم فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم). وكذلك تنص القاعدة الإسلامية المعروفة على أنه (لا طاعة لمخلوق في معصية الله).

    مما يلفت النظر إلى أن موضوع الحاكم الفرد المستبد لا مكان له في المجتمع الإسلامي من حيث نظام الحكم في الإسلام، اللهم إلا إذا حصل انحراف عن منهج الله، وعندها ينبغي تقويم الخلل بمعالجته وتصويبه، كما هو شأن أي نظام يقع فيه مثل ذلك. ومن هنا جاءت الأحكام الشرعية التي تتناول معالجة كفر الحاكم أو خروجه عن الشريعة ومتى يخلع من منصبه أو ينخلع، ومتى يعزل من منصبه أو يخرج عليه لعدم استمرار شروط صحة ولايته.

    ولذلك ينبغي اتخاذ الآليات المناسبة وتبني الأساليب والوسائل السليمة التي تحفظ العدل في الأمة، وتمنع الجور من الاستمرار، وتضمن استقرار الإسلام كسيد في المجتمع، وهذا مما يلزم الإبداع فيه، لأن انحراف الحاكم قد يجرف الأمة إلى الهاوية، إن استهانت بحقوقها واستهترت بواجباتها، ولم تتدارك التقصير من جانب الحاكم في رعاية شؤونها بحسب الإسلام، وعليه كان لا بد من الاستفادة من كل المعطيات الحديثة من وسائل وأساليب وتقنيات تضمن الأداء الحسن للحاكم والمحكوم، فيما ينطبق عليه قاعدة: "ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب".

    ولا يعني هذا إلغاء النظام الإسلامي واستبداله بنظام آخر بحجة الاستفادة مما توصلت إليه البشرية، فنظام الحكم في الإسلام عبارة عن أحكام شرعية ينبغي الانضباط بها وتجسيدها كما جاءت، والمطلوب هو اتخاذ الخطوات التي تؤدي إلى ذلك لا إلى نقيضه. كما أنه ينبغي إدراك أن أي نظام سياسي في الدنيا معرضٌ طالما أن منفذيه هم من البشر للتعرض لهزات أو لخللٍ ما، سواء لهشاشة محتواه أو لسوء تنفيذه أو لكليهما، بما في ذلك النظام الديمقراطي نفسه، وما أكثر وقوع ذلك فيه. وتكون معالجة ذلك برد الأمور لنصابها والاستفادة من الثغرات التي تقع لإيجاد ما يقلل من تعرض النظام السياسي لمثلها.

    وبذلك يتضح أن نظام الحكم في الإسلام هو تلاحم بين الحاكم والمحكوم لضمان إحسان تطبيق شرع الله ومنهجه. وكون أن الإسلام أجاز انتخاب الحاكم من قبل الأمة مباشرة أو من يمثلها من أهل الحل والعقد، كما هو حاصلٌ في النظام الديمقراطي الرأسمالي أو النظام الاشتراكي الشيوعي أو حتى في نظام دولة الفاتيكان حيث يجتمع الكرادلة من أنحاء مختلف العالم لاختيار البابا، فإن ذلك لا يلغي كل تلك الفوارق الشاسعة بين تلك المبادئ والإسلام، ولا يعقل دمجهم سوية بحال لتشابههم في جزئية، فيصبح أحدهما جوهر الآخر رغماً عن أنفه. كما لا يمكن جعل المبدأ كله يأخذ بحالٍ حكم واحدٍ من أحكامه الفرعية، إذ أن في ذلك تعسفاً في الفكر، وإخراجاً للأشياء عن حقيقة ما هي عليه.

    ومن هنا يظهر مدى التباين بين الديمقراطية والشورى من حيث أصل ما بنيتا عليه أو من حيث دلالاتهما ومعنى الالتزام بهما.

  6. #6

    افتراضي

    اليس حكم الاغلبية افضل من حكم شخص واحد او فئة واحدة للشعب كله

    ؟؟

    ثم ما الفرق اليوم بين بلادنا الاسلامية العربية التي لا تملك ديمقراطية ويتربع على عروشها الظلمة القتلة والتي شبعت يئسا وفقرا من حكم الدكتاتورية وبين دول الديمقراطية الغربية التي لم تعجبكم التي وصلت عنان السماء قوة ورقيا وتحضرا حيث يخدم المرء بلاده ومصلحته ولا يسمح للرئيس ان يتربع اكثر من سنين معدودات

    بالنسة للاسلام فالاسلام لا يوجد فيه ديمقراطية

    فالصحابة امسكوا بالخلافة تباعا وحسب ترتيب نظمه لهم الرسول ولم ينظمه الشعب

    وهذا بغض النظر عن كون بعضهم حكم بالعدل وبعضهم لم يحكم

    وهذا ما ادى الى تداعي الدولة الاسلامية نهاية حيث عم الفساد بين الحكام والجشع

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Oct 2004
    الدولة
    عمان - الاردن
    المشاركات
    1,461
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    بالطبع يا زميلي لا يتعلق الافضل بحكم الفرد او الاقلية او الاغلبية بل الاصلح للناس هو المطلوب .
    ففي الدمقراطية يمكن ان تصدر احكام متناقضة ومتضاربة في دول متشابهة الاحوال كمثل حكم جواز المثلين المباح بالعديد من الدول الاوربية مثل سويسرا والممنوع في دول اخرى كما هو الحال في الولايات المتحدة الامريكية .
    سؤال بسيط كيف يمكن ان يقال عن الدمقراطية انها تحكم بالاصلح وبلد مثل الولايات المتحدة يمكن ان يتغير فيه القانون بمجرد تغير الحزب الحاكم لاقرار الاباحة .
    ومن المعروف انه لا يمكن المنع بعد الاباحة لانه سيتعلق بالحريات العامة بعد اذ .
    هذا مثال بسيط هل يمكنك توضيح الامر فيه وكيف يمكن الاعتماد على هذه الدمقراطية؟
    اذا أبقت الدنيا على المرء دينه /////فما فاته منها فليس بضائر

  8. #8

    افتراضي الديموقراطية .. والخارجون عن القانون الإلهي !

    الموضوع رائع ..

    جزاك الله خيراً ..


    ولعل ما كتبه الكاتب تجده عمليا من خلال النظر إلى المجالس النيابيّة البرلمانيّة، فتجدهم أحيانا يعلنون التصويت على تطبيق الشريعة أو عدم تطبيقها ..!!! وأحياناً يصوتون على وجود الخمور.. هل يسمح بها أو لا يسمح ؟؟!!

    والأمثلة على ذلك كثـيرة، والنتيجة في التصويت للأغلبيّـة إذا كانت ضد الإسـلام، أمّا إذا كانت لصالح الإسلام فما أهون من أن يُحلّ المجلس فيسقط التصويت والمشروع الذي صوّت عليه .. والواقع يشهد بذلك.

    وهكذا تكون المشاورة والتصويت على أي أمر كان دون النظر إلى حكمه الشرعي أو كونه يُرضي الله عز وجل أو يُسخطه، بل وحتى لو كان الأمر كفريّا ينظر إلى ما يقوله الشعب ويُرجّحه !!!

    وهذا يصطدم صراحةً مع أصل أصيل في الإسلام، إذ أن الحـكم في الشريعة الإسـلاميّة لله وحده، حيث يعتبر الوحي بشقيه: الكتاب والسنّة، هما المصدر التشريعي الوحيد للأمّة الإسلاميّة.

    قال تعالى:" فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما" والحرج كما قال العلماء: هو أدنى ما يشعر به الإنسان من الضيق والكدر، وهو من أعمال القلوب التي تخرم بنقضها أصل الإيمان وتخرج صاحبها إلى الكفر الأكبر. وهذا يقال في من وجد في قلبه(حرج) من أحكام الله، فما ظنك بمن يكرهها، قال تعالى: " والذين كفروا فتعساً لهم وأضل أعمالهم ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم". فتأمل كيف كان كفرهم بسبب كرههم لما أنزل الله، ولا مناص من تفسير الكفر هنا إلا بالكفر الأكبر المخرج من الملة، لأنه كان سبباً في إحباط عملهم، والكفر الأصغر لا يحبط العمل كما هو معلوم.

    وقال أيضاً: "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون". على وفق التفصيل السلفي الأثري المعروف، والذي لخصه حبر الأمة وترجمان القرآن ابن عباس في قاعدة: "كفر دون كفر"، بحسب حال المتلبس في الفعل. (ولإسقاط الحكم الشرعي في هذه المسألة الحساسة على واقع الحكام في هذا الزمان ينظر إلى فتاوى العلماء الأكابر من أمثال الشيخ ابن باز والألباني وابن العثيمين).

    وقال سبحانه وتعالى: "إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه" حيث يدل الاستثناء في الآية الكريمة على إثبات حصر التحاكم لله وحده، ونفيها عن غيره، وأنها من تمام العبودية له سبحانه وتعالى، فهي تدخل بذلك في توحيد الألوهية، وتدخل في توحيد الربوبية باعتبار أن لا حاكم إلا الله، وتدخل أيضا في توحيد الأسماء والصفات، لأن من أسمائه سبحانه وتعالى: الحكم والحكيم.

    وكما بين الكاتب للأسف الشديد نجد أن كثيرا من المسلمين يعتقد أن الديموقراطيّة كالشورى في الإسلام، وهذا خطأ وخلط عجيب، لأن الشورى في الإسلام تقوم على مشاورة العلماء والحكماء وأهل الاختصاص، وهي أول نقطة افتراق بين الشورى والديموقراطية، حيث أن الأخيرة تقوم على مشاورة ممثلي الشعب الذين تفرزهم الدوائر الانتخابية والتي لا يخلو تقسيمها من مصلحة سياسية للحكومة، تلعب بها على الشعب المغفل، فدوائر القبليين تفرز قبليا، ودوائر النفعيين تفرز برجماتيا، ودوائر الطائفيين تفرز مذهبيا، ودوائر الرقاصين تفرز رقاصا!!! وهكذا بحسب ما يفرزه المجتمع والذي لا تؤدي إفرازاته بالضرورة إلى النتائج السليمة، فتصبح في النهاية أمام برلمان مسخ جمع الناس كدراً، وفرق الجهود والمصالح هدراً.

    ونقطة الافتراق الثانية: أن المشاورة في نظام الشورى تكون في شؤون الحكم والسياسة التي لا تتعارض مع الكتاب والسنّة كإعلان الحروب ومعاهدات السلام واختيار الولاة وتنظيم الشؤون الإدارية للدولة وغيرها من الأمور التي ترك فيها الشرع مجال للنظر والمشورة حسب ما يقتضيه واقع الحال وتغيرات الزمان.

    ومن خصائص الديموقراطيّة أنها تسمح بحريّة الإعتقاد: وهي أن للإنسان الحريّة فيما يعتقده، والله سبحانه وتعالى يقول: "ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يُقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين"، وله الحرية بأن يمارس عبادته سواء كان كافراً بوذيّاً أم مجوسيّاً أم نصرانيّاً أم يهوديّاً أو من أي ملّة كانت، بل وله الحريّة في إظهـار شعائره وطقوسه كما يريد، فلا تعجب إذا رأيت رجلا في الشـارع يسجد لصنم أو بقرة وإلا فأنت لست ديموقراطيّاً..!! وكأن الإسلام جاء ليحمي الكفار ويضمن لهم حريّة الكفر بالله..!!!

    فإن قلت: إن الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم: "وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر". قلنا لك: أكمل الآية: "إنا أعتدنا للظالمين ناراً أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا" فهل كان الله يخير أم يستهزئ بالكفار ويُمهلهم !!

    وإن قلت: فإن الله تبارك وتعالى يقول: " لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي" قلنا لك: إرجع أولاً إلى سبب النزول فيتبين لك مناسبة نزول الآية ومعناها ولا تحاول أن تتوسع أو تتعسف في إسقاط معناها على ظروف وملابسات مختلفة. ثانياً: إننا لا نكره أحدا على اعتناق الاسلام، بل ما نعتقده يقيناً أن أصل الإيمان في القلب، فلا فائدة إذن من إكراه الناس على دخول ديننا، ما دامت قلوبهم لم تأت بأصل الايمان، وما دام الأمر كذلك، فإكراهنا لهم على دخول الإسلام لا يفيدهم ولا يفيدنا، مثلاً: هل يستطيع أحد أن يرغمك على حب أحد، الجواب: لا، لأن الحب والكره من أعمال القلوب التي لا يستطيع أحد أن يرغم صاحبها على اعتناقها، وكذلك الإيمان بالله، وبمعرفة هذا تتهافت أمامك شبهة انتشار الإسلام بالسيف، إذ لا فائدة من إكراه الناس على أمر لا تعتنقه قلوبهم التي هي أصل ومدار التكليف.

    لكن هناك فرق دقيق بين مفهوم "عدم الإكراه" وبين مفهوم "حرية الإعتقاد" فالأول لا يقودنا بالضرورة إلى الثاني، إذ لا تلازم بينهما، فعدم إكراهي لك على الإسلام لا يلزم منه أنك حر في اعتقاد وفعل ما تريد، ولا يعني كذلك صواب الخيارات الأخرى المتاحة التي هي لازم الحرية بمفهومها الشرعي، ولا يعني بداهة توفير و تسهيل وتقنين هذه الخيارت. لأن الإسلام في الأصل يعطل هذه الخيارات ويحذر منها، فكيف يلتقيان إذن؟ أعني مفهوم "حرية الإختيار" مع التحذير منه؟ نضرب لذلك مثلاً: هب أن مدرساً يقول لطلابه: من أراد أن ينجح في الاختبار فعليه بهذا الكتاب، ففيه مادة الامتحان، فقال له أحد طلابه: فما رأيك بكتاب كذا وكذا: قال المدرس: ما أضمنه هو كتابي هذا فقط، لا أجبرك على أن تدرس منه، لكنه الوحيد الذي سيؤهلك لاجتياز الامتحان بجدارة وأما الكتب التي ذكرتها فهي غير وافية وفيها بعض الأخطاء فلا أنصح بها وسأحاول منعها والتحذير منها .. لكن الأمر في النهاية لك، فأنا لا أستطيع أن أجبرك على شئ! فهل تفهم من المدرس –حقيقة- أنه يخير طلابه؟؟!

    ومن خصائصها كذلك الحريّة الشخصيّة: وهي تعني أن للإنسان أن يمارس حقه الشخصي في فعل أي شئ من لزنـا ولواط وشرب الخمر دون التدخل في خصوصياته..!! لأن ذلك من حقه الشخصي الذي تعطيه إياه الديموقراطيّة، فانظر كيف تغيب القيم والأخلاق والمصالح العامة تحت ستار الحريات الشخصية، التي هي في الحقيقة أحط درجات العبودية والانقياد، لإنها عبودية للذات وانقياد للغرائز والشهوات.

    ولأن الدول التي تحكم بالديموقراطيّة مأمورة باحترام حقوق الأفراد وحريّاتهم وضمانها، لهذا أنشأت شواطئ العراة..!! وأصدرت قوانين تجيز زواج الرجل برجل آخر وغير ذلك من القرارات الشاذّة، وباسم الحرية فليزن الرجل بأمه أو أخته أو حتى نفسه!! ألم يصرح أحدهم بأن: نعم .. لا مانع .. المهم رضى الطرفين !!!! ولا تقل لي: لا .. لا يا سيدي .. هناك فرق ؟؟! سأقول لك حينها: وما الفرق؟ وما ضابط هذا الفرق؟؟ وما هو حده؟ وتحت أي شعار ستقدر قدره؟!! والناس مختلفون .. ذكورة وأنوثة .. حرارة وبرودة .. أمزجة وأهواء وطبائع .. عادات وتقاليد وأعراف .. ولو تركنا كل واحد يضع ناموسه لاتسع الخرق على الراقع، ولعمت الفوضى، فلا بد من تدخل عادل نزيه، يترفع عن الصفات البشرية، والمصالح الفردية، والمكاسب اللحظية.

    ومن الحريّات التي تكفلها الديموقراطيّة أيضـاً حريّة التعبير عن الرأي، فأنت تستطيع أن تتقدم إلى أي وسيلة من وسائل الإعلام وتقول ما شاء سواء كان الكلام كفراً، أم ردّة، أم إلحاداً، أم فجوراً، دون معاقبة لأن الدستور يكفل لك ذلك..!! ولا مانع من مداعبة الجمهور وإضحاكه بسرد النكت حتى لو كان بطلها هو: الله .. أو رسم كاريكتير ساخر لنبي مرسل، أو ملك مقرب !!!


    فالديموقراطية إذن هي فن التمرد على الأخلاق والقيم باسم الحرية ..

    هي فن التمرد على الحدود البشرية .. والخوض في مطلقات الطبائع الحيوانية ..

    هي فن إيلاف الفجور .. ووأد الحياء .. وقتل الغيرة والمروءة ..

    هي فن يحول الإنسان إلى بهيمة .. لا هم له إلا إشباع غرائزه .. فلا حدود ولا ضوابط ولا مبادئ ..

    ولا ضمان لحياة كريمة ..

    ما يهم أن تثبت أنك حي! ما دمت تقوم بكل الوظائف البيولوجية الطارئة ..

    بغض النظر عن المكان والزمان .. ومع أي شخص كان !!

    فلا يلبث المجتمع أن يتحول إلى مجتمع غابة ممسوخ ..

    البقاء فيه للأسفه .. للأوقح .. وليس للأقوى .. فضلاً عن الأصلح ..

    هي فن لا يتقنه إلا الخارجين عن القانون الإلهي ..

    فن العصابات والسماسرة .. وإن تغنى به الملوك والقياصرة ..!!

  9. افتراضي لديمقراطية والإسلام..توأمان أم ضدان (3) ... الإسلام والاستفادة من الديمقراطية

    وإياكـــم
    وجزاكم الله خير الجزاء على الإضافة القيمة

    ===================

    الديمقراطية والإسلام..توأمان أم ضدان (3) ... الإسلام والاستفادة من الديمقراطية


    بقلم: المهندس حسن الحسن

    قد يتساءل البعض، أولم يفتح الإسلام آفاق العلم والمعرفة أمام الإنسان، أولم يأخذ المسلمون الكثير من الاكتشافات والإنجازات المدنية عن الآخرين، فلِمَ ذلك الرفض للديمقراطية، أوليست مجرد آلية انتخاب ممكن الاستفادة منها؟


    والجواب على ذلك هو: بلى، إنّ الإسلام أطلق ملكات الإنسان ومواهبه لاستثمار خصائص الطبيعة واستغلال كافة المكونات التي يتميز بها هذا الكون الفسيح فيما يعينه على عمارة الأرض واستعمالها على النحو الأمثل، فيما يحقق له الرقي والرفاهية والطمأنينة أثناء إقامته فيها، وله أن يستفيد من تجارب الآخرين من غير أدنى شك، فالعلم عالمي والمعارف المجردة عن وجهة النظر في الحياة هي مادة يبنى عليها ولا يصح إلغاؤها أو إهمالها، بل إن هذا هو نفس ما فعله النبي الكريم عندما استفاد من خبرات الفرس بحفر الخندق حول المدينة، وكذلك ما استفاد منه الخلفاء الراشدون من تدوين الدواوين وما يتعلق بشؤون الإدارة، حيث التمسوها من عند غيرهم من الأمم.


    لكن كل ما سبق يندرج تحت عموم أدلة عمارة الأرض التي تترك أمور الدنيا ومنجزاتها المادية للبشر، فقد قال النبي الكريم (إن كان أمر دنياكم؛ فشأنكم، وإن كان أمر دينكم؛ فإليَّ(. وهذا على خلاف الأفكار والقوانين ذات الصبغة التشريعية التي تقدم معالجات شؤون الإنسان سواءً الخاصة به، أو تلك التي ترتب علاقته بربه أو بغيره، والتي تخضع لدائرة التشريع الإلهي وتنم عن وجهة نظر في الحياة حيث يقول الله تعالى"وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا" كما يقول " وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ "، ويقتصر فهم الحكم واستنباطه في ذلك على الوحي وما يستمد منه حصراً يقول الله تعالى "وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم" وقوله " مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ"، ويسخر الإنسان في هذا الجانب ملكاته وخبراته المعرفية لفهم مراد الله تعالى من خلال قراءة الإسلام، بما يفيد ويشرح تلك الرسالة من غير حشوٍ فيها ولا تجويفٍ لها ولا إفراغ لها من مضمونها، بل ينبغي التوقف عند دلالات النصوص بحسب ما تقتضيه المعارف اللغوية والشرعية اللازمة لذلك.


    ولا ينبغي أن يولّد هذا الفهم أن هناك تعارضاً أو هوةً بين العلم والإسلام، على العكس من ذلك، فإنّ في ذلك إشارة على صلاحية الإسلام لكل زمان ومكان، فهو يتعامل مع الإنسان بوصفه كائناً عاقلاً له حاجات عضوية وغرائز معينة مستقرة لا تتأثر بتغير الزمان والمكان. أمّا الأشكال المادية وما يوفره العلم من اختراعات وتطورات مشهودة فقد كانت دائمة العرضة للتغير، وهي من الوسائل التي يستعملها الإنسان ليكيف حياته مع ما يؤدي بها إلى الرقي المدني والرفاهية. وهذا ما أطلق فيه عقل الإنسان ويده حيث قال النبي الكريم ("أنتم أعلم بأمر دنياكم".)


    من هنا اعتبر العقل أداة الإيمان ومفتاح فهم سر الخلق، حيث يسلم تماماً بكل ما بني على ذلك الإيمان لجزمه ويقينه بأساس ما بني عليه. كما ينطلق نفس العقل مبحراً في العلم المتعلق بشؤون المادة وأشكال الحياة ليبدع في معرفة آلاء الله وعظيم خلقه وليستثمره على وجهه الأمثل.

    واستناداً لما سبق، فإنه ينظر في الفكرة المطروحة للنقاش، فإن كانت تحمل صبغة تشريعية تنظم وتعالج شؤون البشر وعلاقاتهم الإنسانية، كان ينبغي ضبطها بما أتى به نص أو وقع عليه اجتهاد مؤيد بالوحي يقول تعالى (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) كما يقول (قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ)، وأما إن كانت متعلقة بالإدارة والوسائل والأساليب فتؤخذ من غير أية غضاضة.

    والديمقراطية محل البحث ليست بطائرة أو ناقلة أو أداة اتصال وتواصل أو اختراع تقني أو آلة طبية أو وسيلة ترفيه، كما أنها ليست تنظيماً إدارياً لبعض مرافق الحياة، إنّما هي باتفاق الباحثين طريقة عيش ونظام حياة، تبلورت في صيغتها المشاهدة نتيجة صراعٍ مريرٍ في أوروبا بين الدين والعلم، أقرّ جراءه بسلطة الدين على أماكن العبادة مع عزله عن الحياة، حيث يتحكم بها البشر بما يرغبون به ويرونه مناسباً لهم، والمتطابقة مع تعريفها إثر نشوئها في أثينا (500 ق.م) بمعنى: حكم الشعب بالشعب، والذي ترجع كل أشكال الديمقراطية مهما اختلفت تسمياتها إليه حتماً.


    فكيف يلتقي فكرٌ قائمٌ على أساس تقديس الإنسان وجعله سيداً في الكون من غير قيدٍ له سوى رأيه وهواه وما يتصوره مصلحة له، مع الإسلام الذي يحذر من الإعراض عن شرع الله تعالى حيث يقول " أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ" بل يعتبر أن الإنسان قاصرٌ عن إدراك كنه الأشياء وتحديد مصلحته، يقول تعالى ( وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ، وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم . والله يعلم وأنتم لا تعلمون ).


    وقد يقال لماذا لا نأخذ إذن الديمقراطية على اعتبارها مجرد انتخابات، وهي آلية لتنصيب الحاكم ومبايعته؟ والجواب هو أن هذا الادعاء هو منتهى العبث، فدولة الفاتيكان التي تمثل النصرانية تعتمد نظام الانتخاب لتنصيب البابا فلمَ لا نقول أن الإسلام هو نصرانية، وكذلك الأمر فالشيوعية تبنى على الإلحاد المطلق وهي تعتمد آلية الانتخاب، فلمَ لا نقول عن الإسلام شيوعية!؟


    والحقيقة هي أن المبادئ تبنى على عقائد تستند إلى قواعد فكرية، وأما الآليات والوسائل والأساليب فمن الممكن اشتراك كافة المبادئ والمذاهب والأديان فيها من غير أي داع للخلط بينها. والديمقراطية قد تتم من خلال انتخاب ممثلين عن الشعب أو من خلال الاقتراع والاستفتاء المباشر أو من خلال العصيان المدني والتظاهر الخ وليست الانتخابات هي الحتمية الوحيدة لها، وهي حين تقوم بإنفاذ إحدى تلك الآليات إنما مقصودها هي جعل الشعب هو السيد والمرجع وهو الآمر الناهي، بينما تجد الإسلام يحدد مرجعيته بقوله تعالى (يا أيها الذين أمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم، فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر).


    وقد يقال لم لا نأخذ الانتخابات من الديمقراطية إذن طالما أنها مجرد آلية؟ والجواب هو طالما أن الانتخاب ليس حكراً على الديمقراطية، فلم لا تأخذها من حيث شئت، بل لم لا تؤخذ من الإسلام نفسه، فقد قال النبي الكريم للأنصار (أخرجوا إليّ منكم إثني عشر نقيبا)، أولم تنتخب جموع الصحابة أبا بكر الصديق حاكماً عليهم، أوليست الانتخابات متوفرة في الإسلام فلماذا التمسح بالديمقراطية إذن.


    وبهذا فإن انتخاب الأمة لمن ينوب عنها في تطبيق الإسلام عليها أو انتخاب من يمثل مجموعة ما في محاسبة الحاكم أو لمجلس الشورى أو كوكيلٍ في أي قضية ما هو أمرٌ ليس فيه أي غضاضة، ولم يكن هناك حاجة لتجريد الفلسفة الديمقراطية من جوهرها لتقزيمها ووضعها في الانتخابات كي تتواءم مع الإسلام.


    ولهذا ينبغي محاكمة حقيقة الديمقراطية كما هي، لا ما يحاول البعض أن يصوره على أنه ديمقراطية، والمشكلة الكبرى هي أن الذين يتحدثون عن تلخيص الديمقراطية بالانتخابات، فإنهم يتجاوزون ما هو أهم من ذلك بكثير، ففوق أن الديمقراطية كمصطلح هي مفهومٌ يُعنى بمقدس واحد في الحياة هو الإنسان لا شيء سواه، وهو حرٌ بتحقيق رغباته كما يشتهي ويهوى ويراه منفعة له، فإنّ لها أركاناً ينبغي الوقوف عليها ومحاكمتها قبل أن نصل إلى موضوع الانتخابات التي تشكل إحدى آليات تنفيذها وليست الحتمية الوحيدة.


    تعتبر الحريات العامة هي أركان الديمقراطية، والتي تتمثل بالحرية الشخصية، حيث يلبس المرء أو يتعرى ويتزوج أو يزني بمن يشاء وكيفما شاء. الحرية العقائدية، وتشمل حق اختيار عبادة الله أو الشيطان أو التناوب بينهما أو الإلحاد فيهما، حسبما يقضي به هواه. وحرية الرأي والفكر والتعبير حيث يعتبر المرء طليقاً من القيود حراً باختياره وبمناداته بالسلوك الفطري الطبيعي أو بالشذوذ بكل أشكاله الجنسية والفكرية والطعن بالعقائد ونقد الأنبياء وانتقاصهم، ولا مانع طبعاً من ادعاء الألوهية. وتطلق حرية التملك للمرء حيثما تمكَّنَ من التكسب، بغض النظر عن القيم الأخلاقية أو الدينية أو الإنسانية.


    ولو حاكمنا أركان الديمقرطية لوجدناها تتناقض مع الإسلام على نفس مستوى تناقض الفكرة الأساسية لعقيدة الإسلام، حيث الحكم لله لا للشعب. فالحرية الشخصية منضبطة بحسب أحكام الإسلام في الملبس والمأكل والمشرب بنمط معين لا يصح الخروج عنه ولا العدول إلى سواه، وحرية العقيدة فعلى الرغم أن الإسلام لا يجبر غير المسلمين على اعتناقه (لا إكراه في الدين) إلا أن من اعتنق الإسلام فإن حكمه الموت إن ارتدّ بعد إيمانه ولم يتب، يقول النبي الكريم (من بدل دينه فاقتلوه) وهذا مناقض لحرية العقيدة. وكذلك حرية الرأي والتعبير حيث يقول الله تعالى (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيبٌ عتيد) ويقول النبي الكريم (وهل يكب الناس على مناخرهم يوم القيامة إلا حصائد ألسنتهم)، بل إن هناك تعابير عقوبتها القتل كمن ينتقص الرسول عليه الصلاة والسلام. وأما التملك فإن الأصل في الإنسان بحسب أحكام الإسلام أن المال لله وأن الإنسان مجرد وكيل عن الله في التصرف فيه وأنه محاسب على كل ما امتلكه حيث يقول النبي الكريم (وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه).


    لذلك كله نجد أن الديمقراطية تتناقض مع الإسلام سواء من حيث العقيدة أو أركانها الأساسية. ولا يمكن بحال القول بالتوأمة بين الديمقراطية والإسلام. حيث تبنى الأولى على استقلال الإنسان عن الله وحريته المطلقة بينما يحدد الإسلام دور الإنسان وغايته ويضع له نظاماً خاصاً يفرض عليه نمطاً معيناً في العيش . ومن هنا نجد مدى اتساع الهوة والتضاد بين الإسلام والديموقراطية، حيث لا إمكانية لتزاوجهما أو دمجهما إلا بإلغاء أحدهما الآخر حكماً.

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Sep 2004
    المشاركات
    2,203
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    بسم الله الرحمن الرحيم
    وبه نستعين

    لا نرى حكما للشعب فى دولة من الدول إلا فى قضايا فاسدة مثل إباحة زواج المثل فى إحدة الولايات الأمريكية منذ حوالى عام
    أما حكم الشعب فالبديل المعمول به تحت ستار حكم الشعب هذا البديل هو حكم الصفوة
    وحكم الصفوة يأخذ مسميات عديدة مثل الحرس القديم وخلافه
    فإذا كانت الصفوة فاسدة فسد التشريع والحكم
    فالديموقراطية بمعنى حكم الشعب للشعب أى حكم كل الشعب لكل الشعب قضية غير منفذه فى جميع المجتمعات
    وتستر حكم الصفوة لفكر سياسى معين بكل من هذه المجتمعات فحكم الشعب أى الديموقراطية مستحيل
    وحكم الصفوة هو ما يحدث على أرض الواقع
    الإسلام لا يكذب
    فالشورى فى الإسلام هو حكم الصفوة المؤمنة
    والصفوة المؤمنة تحكم بحكم الله وحكم رسوله
    وتقدم من بينها أصلحا ليقود الجماعة المؤمنة
    فهو حكم واقعى لا كذب فيه يدل على فهم طبيعة الإنسان والمجتمع ولا يغرق المؤمنون أنفسهم فى أفكار غير قابلة للتطبيق كحكم الشعب أو الديموقراطية
    الدنيا ساعة اختبار *** فإما جنة وإما نار تحقق من حديث
    http://www.dorar.net/hadith.php

  11. #11

    افتراضي

    اذن الديمقراطية كفر !!!!

    الحمد لله على نعمة الكفر اذن

  12. افتراضي

    نعم يا جمال افندي
    فالدولة التي تجيز لنفسها حق الفيتو
    ثم تعتدي على غيرها بحكم الديمقراطيه فهو كفر
    ونحن نقول قوله عزوجل : (( وأمرهم شورى بينهم))
    فهنيئا لك نعمة الكفر إن كنت معجبا بها وهنيئا لنا نعمة الاسلام
    هداك الله
    قال تعالى: (( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء))



    وقال صلى الله عليه وسلم : (( من بدل دينه فاقتلوه)) بأبي وأمي أنت يارسول الله

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Oct 2004
    الدولة
    عمان - الاردن
    المشاركات
    1,461
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جمال
    اذن الديمقراطية كفر !!!!

    الحمد لله على نعمة الكفر اذن
    السيد جمال . الديمقراطية قد يقصد بها اكثر من قصد . ونحن نتكلم عن المخصوص منها الا وهو استبدال حكم الله بحكم الناس:
    وقد بين الله تعالى حكم من لم يحكم بما انزل الله في كتابه جليا .
    ان كنت مسلما (علمانيا)يمكن مناقشتك وفقا للاسلام واحكامه
    ان كنت ملحدا فيمكن ان نناقش كل حكم منفصل لنعرف ايهما افضل حكم الله ام حكم الناس
    اذا أبقت الدنيا على المرء دينه /////فما فاته منها فليس بضائر

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Sep 2004
    المشاركات
    2,203
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جمال
    اذن الديمقراطية كفر !!!!
    الحمد لله على نعمة الكفر اذن
    تحدثت عن صدق الإسلام فى الإعتراف بحكم الصفوة والشورى بينهم
    بالمقارنة بالكذب فى حكم الصفوة المتستر تحت غطاء حكم الشعوب
    فحولت القضية إلى قضية كفر وإيمان بدلا من قضية كذب وصدق
    الدنيا ساعة اختبار *** فإما جنة وإما نار تحقق من حديث
    http://www.dorar.net/hadith.php

  15. افتراضي ارتقاء المسلمين واستقرارهم في الإسلام لا في الديموقراطية

    ارتقاء المسلمين واستقرارهم في الإسلام لا في الديموقراطية


    بقلم: حسن الحسن

    الغرب الديمقراطي يعاني من التفكك الأسري والانحلال الأخلاقي وسيطرة الفردية الأنانية على سكانه الذين يجتمعون ويتفرقون على أساس فكرة المنفعة.

    ميدل ايست اونلاين
    يتساءل البعض أوليست الديمقراطية هي التي أمنت الرقي والاستقرار في الغرب!؟ أوليست تلك القيم هي غاية ما يسعى لتحقيقه البشر!؟ أوليس من الغباء أن نترك مجتمعاتنا طريحة التخلف والاضطراب يعبث بها حكامٌ فاسدون ومفتون منافقون، بينما نستطيع أن نسمو بها من خلال الديمقراطية!؟

    والجواب هو: لا شكّ بأن الغرب قد حقق تقدماً ملحوظاً في المجال السياسي والاقتصادي، وقد وضع أسساً تتسم بالاستقرار عموماً في هذين المجالين، كما أنّه متفوقٌ مادياً على العالم الإسلامي بشكلٍ واضحٍِ لا ينكره أحد. إلا أنّ المغالطة الكبرى الواقعة في البحث هي ربط تلك النهضة التي يحياها الغرب بتحقق الديمقراطية فيه، كما أنّ المغالطة الأكبر هي ربط الواقع المأساوي البشع الذي تحياه الأمة الإسلامية بالإسلام.

    فبإطلالةٍ سريعةٍ على تاريخ الغرب الديمقراطي يظهر النقيض من ذلك الادعاء، حيث غرقت أوروبا الديمقراطية في عدة صراعاتٍ دمويةٍ طاحنةٍ، وكانت الحربان العالميتان أشنع ما أنتجت تلك الديمقراطيات من حروب على مر التاريخ. ويتضح من خلال تتبع أحوال الغرب عموماً أن الخيار الديمقراطي لم يكن دوماً هو الأسلم أو الأكثر ضماناً للأمن والاستقرار، ويكفي التذكير بأنّ هتلر وموسوليني وبوش إنما أوصلهم النظام الديمقراطي إلى كرسي الحكم، مع أنّ برامج هؤلاء كانت تقوم على فكرة إبادة الخصوم وتحطيم الآخرين والحرب الوقائية، بغية تحقيق أهدافٍ نفعيةٍ أو عصبيةٍ عنصريةٍ وأخرى هشةٍ وتافهةٍ في مجملها.

    ومن الجدير ذكره أن تلك الحالات لم تكن نشازاً في الغرب الديمقراطي، إذ طالما نشأت صراعاتٌ داميةٌ بين القوى المختلفة فيه. أضف إلى ذلك أن دول الغرب الديمقراطية عموماً مارست ومازالت تمارس الاستعمار بأبشع أشكاله بحق الشعوب المغلوبة على أمرها، كما هو الحال الواقع في آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية، مما يضع علامات استفهامٍ حول ماهية معنى التغول الديمقراطي الذي يطلق العنان للإنسان للإطباق على أخيه الإنسان، ضمن قوانين يسنها ويتحكم بها الأقوى للسيطرة على الأضعف، مزيناً إياها بوضعها في خانة عولمة قيمه الخاصة تحت عنوان القيم الإنسانية المطلقة، مستعملاً إمكانياته الضخمة وآليات الاتصال الحديثة لتحقيقها، معتبراً أن قوته تمنحه الحق بفرض هيمنته وتصوراته على الآخرين، ليس لإنهاضهم وتحريرهم إنما من أجل استغلالهم واستعبادهم، وهذا مشاهدٌ على مدار قرون من الزمان،وما زال قائماً محسوساً في أيامنا هذه.

    وما حلّ بالعالم الإسلامي جراء تحكم الغرب الديمقراطي فيه إلا نماذج ساطعة على ذلك، فها هي مأساة أهل فلسطين ماثلة للعيان، وقد صنعتها لهم بريطانيا العظمى أهم وأقدم ديمقراطية موجودة في العالم الحالي، إضافة إلى جريمة تقسيم بلاد المسلمين التي دبرت بمكيدة فرنسية بريطانية صرفة، وبالسيطرة على ثروات الأمة الإسلامية ونهبها وتنصيب أتباعهم الخلص لهم عليها من حكامٍ تربأ وحوش الغاب أن تتشبه بهم، بل ودعمهم معنوياً ومادياً وسياسياً بكل ما يلزم لشل الأمة الإسلامية ولشد القيد على معصميها وإرغامها على التقوقع والانكفاء عن حركة النهضة والارتقاء. فهذه نماذج لا يمكن أن تخطئها العين أو تنساها الذاكرة مما أنتجته الديمقراطية الغربية في العالم ككل وفي العالم الإسلامي بشكلٍ خاص. ثم هذه إفريقيا تكاد لا تزال تعيش القرون البدائية بعد حوالي قرنين من الاستعمار والاستعباد. بينما نجد في المقابل أن الإسلام دخل الأندلس لينقلها في عقود معدودة الى مستويات تعدل مستوى بلاد الفاتحين أنفسهم ، بل تفوقه في بعض جوانب الحياة. فأين الثرى من الثريا؟

    وبوضع فكرة الديمقراطية ومقتضياتها في سياقها الطبيعي والمنطقي الذي يحكمها من خلال معطيات الفكرة نفسها، نجد أنّ فكرة تقديس الإنسان لنفسه ورغباته وجعله الحكم والحاكم على الأفعال والأشياء بالخير والشر والحق والباطل والمحظور والمسموح، إنما تعزز لا محالة عند صاحبها الناحية الفردية، فتسيطر عليه الأنانية وتجعله يرى العالم ويتعاطى معه من زاوية واحدة معينة هي مصلحته فقط، مما يعلي عنده القيمة المادية على غيرها من القيم الروحية والأخلاقية والإنسانية فتهيمن عليها تدريجياً إلى أن تسحقها، لأن الأصل لديه هو تحقيق أكبر قدرٍ من السعادة التي يتصورها لنفسه، بمعزلٍ عن تلك القيم، التي قد تستغل بدورها في تحقيق طموحه ورغباته، مما يطلق العنان للغريزة لإشباعها إلى حد التخمة، ويتحول العقل إلى مجرد أداة تستعمل في استثمار كل شيء لتحقيق أكبر قدرٍ من اللذة، حيث تساوي هذه لديه السعادة الوحيدة ذات المعنى المبرر عقلاً. ولا يغير من هذه النتيجة شيئاً أن يشرّع للناس مجموعة منتَخَبة من بينهم، لأن فكرة المنفعة القائمة على تحقيق القيمة المادية الخالصة هي المُشَكٍّلَة لمفاهيمهم والمسيطرة على إرادتهم.

    وانطلاقاً مما سبق فقد نتج في الغرب الديمقراطي عموماً التفكك الأسري والانحلال الأخلاقي وسيطرت الحياة الفردية الأنانية على سكانه، الذين يجتمعون ويتفرقون على أساس فكرة المنفعة، مما يلغي آدمية الإنسان ويحوله إلى بهيمة، ترى الإشباع المادي هو كل شيء. وبما أن إشباع الجوعات العضوية منها والغرائزية متناهيةٌ ومقصورةٌ على أعمالٍ طبيعية محددة، يندفع الكثيرون، خصوصاً المترفون منهم، إلى البحث عن أنماطٍ جديدةٍ غير مألوفةٍٍ للإشباع، وهو ما يعزز استباحة فكرة الشذوذ على أوسع مدىً ممكن. كما يؤدي ركون الإنسان إلى القيمة المادية بسد آفاق الناحية الآدمية لديه، فيوصله إلى الاكتئاب ويحفزه على الانتحار.

    ومن هنا كانت الديمقراطية تُعنَى بشكلٍ مباشرٍ ومتلازم بعزل الدين وأبحاثه ومتعلقاته وكل ما يتصور أن له قداسة ما عن التأثير بحياة الإنسان، لِيُترَك له هو وحده الخيار المطلق لتحديد معالم سيره في الحياة استناداً إلى حقائق نسبية وأخرى مطلقة نتاج قوانين طبيعية مزعومة، والتي تخلص إلى كف إرادة الخالق عن التدخل بشؤون الإنسان وتحريره من كل قيدٍ سوى ما يراه مناسباً لاستمرار تلك الحرية على أمثل وجه يراه في الحياة، مما لزم معه فرض العقد الاجتماعي ونموذج الدولة المدنية الحديثة لتأمين استمرارية إطلاق الفرد لحريته وضمان عدم المس بها (وهذا كله مقدوحٌ بصحته إذ يتحول معه الإنسان إلى مجرد عبدٍ أسيرٍ لقوانين أصحاب اللعبة من الأقوياء والمتنفذين وغالباً ما يعامل كالسلعة المجردة لا أكثر).

    من هنا نرى أن ما أنتجه الغرب من فلاسفة وباحثين ومن أنظمة حكمٍ بمختلف أشكالها واختراعاتٍ تقنيةٍ بمختلف إبداعاتها بإيجابياتها وسلبياتها ليس من لوازم فكرة الديمقراطية، كما أنها ليست أصلاً من أصولها ولا حتى فصلاً من فصولها، بما فيها أبرز ما في أنظمة الحكم القائمة في الغرب في أيامنا هذه من فصل السلطات الثلاث، إذ هي مما ارتآه المفكرون مناسباً لضمان استقرار المجتمعات بعيداً عن استئثار شريحةٍ منه أو فئةٍ ما دون غيرها بالملك والسلطة وتحويلها إلى مزرعة خاصة بها مملوءة بالعبيد تمتلكها تلك الفئة ويتوارثها الأقوياء!! بل إن وجود السلطة أصلاً هو مخالفٌ لحرية الإنسان لما تفرضه من قيودٍ وأنظمة، وتلك السلطات لم تكن موجودة قط في ديمقراطية أثينا، حيث كان الناس هم الحكام والمحكومين وكانوا يقترعون بشكلٍ مباشرٍ في المدينة على كل شيءٍ. والسلطة المجردة هي أمرٌ لا بد منه من باب الحاجة إليها لتنظيم شؤون الناس وليس لأنها واجبة، ولذلك لا يوجد عهدٌ أو عقدٌ ثابتٌ ملزمٌ حتميٌ لنظام الحكم، إنما يترك أمر اختياره وتطويره للناس أنفسهم.

    وبالتالي فقد يطرأ تغيرٌ على تلك النظرة لموضوع السلطات خاصة في ظل التحولات الهائلة في ثقافة الإنسان ومعارفه وسرعة الاتصال والتواصل، وصراع الحضارات وتنافس الأقوياء أو توافقهم في زمن العولمة، مما يفرض دراسات تعالج كيفية إدارة شؤونه في ظل عدم جدوى استمرار السلطات القطرية والوطنية وصغر حجم الكوكب نسبياً، حيث ينبغي أن يخضع الجميع لقانون الأقوى الذي يصدر القرار ويلزم الجميع بالتنفيذ على الصعيد العالمي، بل ويتدخل في كل صغيرة وكبيرة من شؤون البشر، مما يلغي الشأن الداخلي للدول، ويفرض نظاماً ذات صبغة عالمية، تحكمه قوانين نسبية مستمدة من ثقافة القوى المتحكمة. مما يعني أن فصل السلطات هو اقتضاء مرحلي يعالج أزمة حكم زمانية ومكانية معينة يمكن الانصراف عنها إلى ما يوائم الواقع أكثر حين تغيره من المنظور الديمقراطي وهو ما نشاهد حصول بعض منه على الصعيد العالمي الآن.

    لذلك فإن الرخاء والاستقرار الاقتصادي والسياسي الذي يحياه الغرب يرجع في مجمله إلى عوامل أخرى لا أثر للديمقراطية فيها إلا بقدر ما تؤمن تلك العوامل، وعلى رأسها انسجام شعوب الغرب مع أنظمة الحكم فيها، ووفرة الثروات الناتجة عن استعباد الآخرين والهيمنة على مقدراتهم، إضافة إلى التقدم التقني الكبير والقوة العسكرية الضخمة والهيمنة السياسية والاستئثار بمقدارت 80% من ثروات شعوب الأرض لصالح البقية القليلة.

    أما بالنسبة للأمة الإسلامية فقد عاشت ثلاثة عشر قرنا من الزمان تتنسم فيها معنى الوجود، حملت فيها رسالة الإسلام بسماحته الخالصة، لتخرج الناس من عبادة المادة إلى عبادة الله، وبنت فيها حضارة زاهرة في الأندلس وآسيا الوسطى وما بينهما من طنجا إلى جاكرتا مروراً بالقاهرة ودمشق وبغداد، واتسمت أحوالها بشكلٍ عام بالاستقرار والوحدة ورهبة الجانب والعزة والاعتزاز بما لديها، مع الاعتراف بوقوع كثيرٍ من العثرات والشكاوى والإساءات التي وقعت هنا وهناك بسبب التقصير في تطبيق الإسلام وبسبب طبيعة حياة البشر التي لا تخلو من كدرٍ وهمٍّ وتقصير وصراع، وهذه هي سنة الله في خلقه وهي ما يدفع بالعباد على الدوام إلى الإبداع والتغيير والتحسين، وهي ما يحفز الأمم عادة بالعمل على دوام الارتقاء.

    كانت الأمة تهيمن عليها حقيقة واحدة وهي: أن علاج مشاكلها إنما يكون بالثبات على الإسلام وأن تصحيح أوضاعها المعوجة إنما يكون بالتزام منهجه وتطبيق معالجاته وتجسيد أنظمته، إذ كانت معايير تمييز رقي الأمة من انحطاطها دوماً مرتبطةً بمدى ارتباطها بدينها. وبهذا الميزان كانت تسير الأمة حتى زمن إسقاط دولة الخلافة عام 1924 وإزاله نظام الحكم في الإسلام تماماً من واقع الوجود في العالم، حيث تحول المسلمون نهبة لغيرهم، ولقمة سائغة يلتهمها أعداؤهم، يحكمهم التخلف والتشرذم والضعف والجمود الذي رسم لهم بعناية فائقة. وبات المسلمون يلهثون وراء كل ناعقٍ يصيح لهم بالتنوير والتطور والتقدم والسير على درب الغزاة المستعمرين ممن حارب الأمة واحتل ديارها وشرذمها وأذلها وسامها سوء العذاب، وصار المسلمون يتأرجحون بين اشتراكية شيوعية ملحدة تغنوا بها ردحاً من الزمان، وليبرالية ساقطة ساقتهم من خذلانٍ إلى خذلان، وبين هذه وتلك سقطوا في فخ القطرية الضيقة والوطنية المقيتة والقومية المنتنة، وعندما ثاب المسلمون إلى رشدهم وبدأوا يعون حاجتهم إلى الارتباط بدينهم والالتزام بشرع ربهم وإعادة دولة الإسلام دولة الخلافة الراشدة من جديد، بدأت مرحلة جديدة من إلغاء الدين، حيث اكتفى البعض بالمطالبة بتطبيق مقاصده العليا بعد تفريغه من محتواه وحشوه بما ينقض غزله عروة عروة من ديمقراطية تشترط خضوع الإنسان لثقافة غربية غريبة عن الإسلام، لا يمكن أخذها من غير أخذ مفاهيمها عن الحياة والمناخات التي تشكلت فيها والتي تؤمر الأمة اليوم بأخذها جملة أو سحقها جملة.

    ونسي المطالبون بالارتماء في أحضان الغرب، المنادون بثقافته وديمقراطيته وقيمه، الداعون إلى مسايرته لتخليصهم مما ابتلاهم هو فيه، أن من لا يستطيع أن يحرر إرادته من براثن أزلام أعدائه، لهو أعجز من أن يتخلص من عدوه الحقيقي، ولهو أشد عجزاً من أن يأخذ ويطالب بالمزيد، لأنه عبدٌ مأمور وليس بسيدٍ مختارٍ.

    إن الأزمة الفكرية الحقيقية التي تكمن عند تبيان علاقة الإسلام بالديمقراطية، هو ما رسخ من مفاهيم عن علاقة الديمقراطية بالكنيسة وإسقاطها على الإسلام متناسين طبيعة الظروف التي نشأت فيها الديمقراطية والمناخات التي تحكمها، وغافلين عن طبيعة الإسلام في نفس الوقت، حيث أن فصل الدين عن الحياة في أوروبا ساهم بشكلٍ مباشر في إحداث نقلة نوعية في تاريخها، لخلوّ النصرانية التي حكمت أوروبا من التشريع أصلاً، مما كان يعني أن استمرار تطبيقها هو لتأمين مصالح فئة ضيقة منتفعة منها، وهو ما فرض قيود التخلف والظلام على تلك الشعوب عدة قرون.

    أما الإسلام فإنه لا يمكن مقارنته بحال مع تلك النصرانية، حيث كان سبباً واضحاً لاستقرار الأمة ورقيها وتقدمها، وما سحقُ الأمة الإسلامية لجبروت فارس والروم وتحرير البلاد والعباد من ظلمهما، وهيمنتها على الوضع الدولي قروناً طويلة، ودخول شعوب بأكملها فيه، إلا بعض دلائل ذلك النجاح الباهر ودلائل واضحة على عظم أثر الإسلام في الشعوب التي اعتنقته وجاهدت في سبيل نشره.

    ولذلك كانت عصور النهضة والرقي والإشراق في حياة الأمة هي زمن إحسان تطبيق الإسلام فيها. وأن المشكلة الحقيقية التي جابهت الأمة وجعلتها تتلكأ، هي ما لحق دولة الخلافة من ثغرات إثر التهاون بالتطبيق الكامل لأحكام الشرع، كغمط الأمة حقها في انتخاب حكامها، وتحول الدولة إلى ملك وراثي، وقلة المحاسبة وما شاكل. لذلك كان التقصير في تطبيق الإسلام، هو الذي أنتج تلك الإخفاقات. وهذا على خلاف الكنيسة التي كان وجودها في السلطة سبب إنهاك البلاد وإهلاك العباد، حيث تحولت إلى وسيلة يستثمرها الحكام وأصحاب النفوس الدنيئة في السيطرة وجمع الثروات واستعباد الآخرين. والحق يقال أن رجال تلك الكنيسة الظلامية المشؤومة في أوروبا في عصور نعتت بأنها القرون الوسطى وعصور الظلمة، تشبه أحوال حكام العرب والمسلمين في أيامنا هذه، حيث أنهم على أتم استعداد للتضحية بالأمة ومصالحها في سبيل نزواتهم واستتباب أمور الحكم لهم، ولو كان ذلك فوق جثث الناس الذين يطالبونهم بأبسط حقوقهم المشروعة.

    ولذلك فإن العودة إلى الإسلام تغني عن المناداة بالديمقراطية، تلك التي لم تشعر الأمة بعازة إليها ولا إلى غيرها من الثقافات طوال فترات تطبيقها دينها، بل كانت الأمم الأخرى عالة على المسلمين وعلى حضارتهم الرائعة، فأمة أعزها الله بالإسلام، أرقى من أن تتركه لاهثة وراء فضلات البشرية.

صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. أرجو من المشرف الموقر إضافة تعليقي هذا دبر موضوع صدام مرثية صدام حسين
    بواسطة أبو القـاسم في المنتدى الصوتيات والمرئيات
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 03-31-2011, 04:03 PM
  2. العربية والإسلام
    بواسطة مسلمة84 في المنتدى قسم الحوار عن الإسلام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 02-22-2009, 08:41 PM
  3. إنسانية الإنسان بين الديمقراطية والإسلام
    بواسطة محارب الروافض في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 03-14-2008, 07:33 PM
  4. كتاب البابا والإسلام
    بواسطة الحاتمي في المنتدى المكتبة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-28-2007, 02:15 AM
  5. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-15-2006, 12:37 PM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء