المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناصر الشريعة
بلى هو دليل على وجود الله تعالى إن لاحظنا ديمومة نصر الله تعالى للمؤمنين الموحدين مهما قل عددهم، ونصرهم على أعدائهم مهما كثرت أعدادهم وعظمت قوتهم.
فإن قال قائل: ما ردكم إذن على هزيمة المسلمين في بعض معاركهم؟
فيقال له: تلك الهزيمة لا تخرج عن أحد أمرين وقد تشملهما:
الأول: أن تكون هزيمة في معركة لا حرب، ومعلوم أن الحرب معارك، فيكون النصر في الحرب للمسلمين وإن وقعت في بعض المعارك هزائم.
الثاني: أن الهزيمة راجعة إلى خلل ديني في جيش المسلمين، إما خلل عام وهو عدم الانتهاض للقتال بروح الإسلام وشرعه، كما هو حال الجيوش العربية في حربها مع اليهود، أو خلل خاص في بعض الجيش بمخالفة أمر الله ورسوله، كما حصل في نهاية معركة أحد، وبداية معركة حنين.
فيكون في هزيمة الجيوش المنتسبة للإسلام عند مخالفتها شرع الله دلالة أخرى على وجود الله تعالى، إذ لو كان النصر حليفا للعرب أو المسلمين دائما حتى في حال معصيتهم لله لعزي النصر إلى جنسهم أو روحهم القتالية فحسب ولم يكن للنصر حينئذ صلة واضحة بتأييد الله تعالى لأوليائه. أما إذا كانت معصية الله سببا في هزيمتهم فإنه يكون من أعظم الأدلة الحسية أيضا على ربوبية الله تعالى وألوهيته.
فسبحان الذي جعل في هزيمة من عصاه ولو من أهل الإسلام دليلا على وجوده وربوبيته وألوهيته.
فإن قال قائل: فما الفرق بين انتصار بعض ملل الكفر على بعضهم رغم قلة عددهم، كما حصل للفيتناميين مع الأمريكان، مع انتصار بعض المسلمين على أضعافهم من أعدائهم؟
فيقال: الفرق هنا أن حجتنا تقوم على ديمومة النصر في حال تمسك الطائفة المسلمة بالإسلام، وهذا الدليل يمتد على مدى خمسة عشر قرنا من الزمان منذ أول الإسلام إلى الآن، فكيف يعترض على ذلك بحادثة واحدة وقعت مرة واحدة لشعب واحد مختلف الأهواء والأديان ولم يسبقه نصر لهم ولم يعقبه نصر اشتهر كاشتهار انتصارات المسلمين الموحدين، ثم أنهم كانوا معانين من قبل غيرهم من البشر ممن لا يجمعهم معهم دين ولا إيمان، ولو وكلوا إلى أنفسهم دون مساعدات خارجية ممن لا يشاركهم في معتقد لطال بهم الأمر جدا، ولربما تغير بهم الحال، لا سيما أن أرضهم كثيرة الأدغال لا يبقى فيها عدوهم إلا على خوف وترقب يزلزل هيمنته ويضعف نفسية جنوده.
وهكذا يقال في كل ملة كافرة حالفها النصر يوما وفارقها بقية الدهر، ثم هناك أمر آخر مهم وهو:
أن ملل الكفر تهزم وهي أعظم ما تكون في كفرها، بينما أهل الإسلام لا يهزمون إلا عندما يضعف تمسكهم بدينهم، وهذا فرق عجيب، يدل على أن أديان الباطل هزيمة فكرية لأهلها، وأن الدين الإسلامي الحق نصر فكري لأهله ويؤدي إلى النصر العسكري والتمكين في الأرض.
ثم أن هناك فرقا أكبر وهو:
أن ملل الكفر يدعون أربابهم الباطلة فيهزمون، وأهل الإسلام المجاهدين المتمسكين بالدين الحق يدعون ربهم فينصرون.
ولهذا تنظر إلى المجاهدين المسلمين في كل مكان فتجدهم ينصرون على عدوهم في معاركهم حتى لو كان عدوهم أقوى جيوش البشر في هذا العصر من الأمريكان والروس واليهود، وإن في استمرار جهاد المجاهدين لمعنى من أعظم معاني النصر والقوة، رغم كل ما يعتصم به أهل الكفر من عتاد أرضي وجوي، وصناعة بلغت الفضاء، ثم إذا بالمجاهدين ينكلون بهم كل يوم، ويفعلون بهم الأفاعيل على مرأى العالم ومسمع.
فسبحان من أقام من دلائل وحدانيته ما يشهد به أهل الفكر والاعتبار في مخلوقاته، فلك الحمد ربنا والشكر على ما أنعمت به على أوليائك، ونسألك المزيد من فضلك ونصرك، ونعوذ بك من سيئاتنا ومعاصينا التي سلطت علينا شياطين الإنس والجن.
Bookmarks