النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: صواريخ المقاومة الفلسطينية.. نظرةٌ عقلانية

  1. افتراضي صواريخ المقاومة الفلسطينية.. نظرةٌ عقلانية

    صواريخ المقاومة الفلسطينية.. نظرةٌ عقلانية
    السبت 13 محرم 1430 الموافق 10 يناير 2009

    صواريخ المقاومة الفلسطينية.. نظرةٌ عقلانية



    د. عادل بن أحمد باناعمة

    مدخل...

    (ومقابل ماذا يحشرون شعبهم المشلول في حبسٍ مأساويٍ، حبسٍ اسمه غزة، ويستمرون في إطلاق صواريخ لا تفعل أكثر من حفرٍ صغيرةٍ في أرصفة تل أبيب.. ثم يغضبون عندما تهرشهم إسرائيل القبيحة، بتلك البشاعة، وتجعل بيوت المدنيين ركاماً مختلطاً بعظامهم، بل يطلقون ألسنتهم بالسباب واتهام العرب والمسلمين جميعاً بالتواطؤ والخذلان والخيانات، ولا يتذكرون وسط كل هذا من إساءتهم لشعبهم ومقامرتهم به شيئاً)!!

    [عبد الله ثابت، جريدة الوطن، العدد: 3015، 3/1/1430هـ]

    (جرّب العرب الحروب فلم تزدهم إلاّ خبالاً وخساراً، وجرّبوا المقاومة المسلّحة فلم تزدهم إلاّ رهقاً وتشتتاً وضياعاً... "حماس" تنطلق من رؤية جماعة الإخوان المسلمين التي تريد الوصول إلى السلطة بأي ثمنٍ والمحافظة عليها بأي سعرٍ، حتى لو كان الثمن دماء الفلسطينيين ودمار غزّة، وأن يخربوا بيوت الفلسطينيين... إنّ جرح فلسطين الغائر لن يحلّه الغوغائيون، ولن ينقذه المتاجرون به، بل حلُّه يكمن في العقل والحكمة والسياسة الواعية المنضبطة، بعيداً عن الشعارات والهتافات الفارغة التي تضرّ أكثر مما تنفع).

    [عبد لله بن بجاد، صحيفة الاتحاد الإماراتية 1/1/1430هـ ]

    ( وذبيحة غزّة التي لم ينِ الجزّار الفاتك الإسرائيلي يعيث فيها تقتيلاً وتجريحاً وتدميراً هي ذبيحة لها جلاّب أوصلها لحتفها؛ فالجزّار الإسرائيلي لم يستيقظ ذات صباحٍ ليقول سأهاجم غزّة هذا الصباح، ولكنّ المتحرّشين به (بلا سببٍ!!) هم الذين جلبوها له على طبقٍ من دمٍ وشعاراتٍ وغوغائيةٍ، وهم الذين قالوا له بلسان الحال اذبحها لنمشي في جنازتها). [عبد الله بن بجاد، صحيفة الاتحاد الإماراتية، 8/1/1329هـ]

    (قليل من الألعاب النارية، التي قتلت من الغزّيين أكثر مما قتلت من الإسرائيليين، وتهجم إسرائيل، وينسى الجميع البرنامج النووي الإيراني، وهذا هو كل ما تريده إيران، كما «القاعدة» وكل المنظمات المتطرفة التي لم تحظ بدولة). [ تركي الحمد، الشرق الأوسط، 3/1/1430هـ]

    (واليوم، ونحن على صدى تبرعات جديدة لفلسطين، نفكر ونسأل، ويخرج السؤال من الحلق إلى الخلق بعد طول صمت: هل تجد السعودية التقدير الشعبي العام بعد ذلك كله؟) [فارس بن حزام، جريدة الرياض، العدد:14799، 2/1/1430هـ]

    هذه عباراتٌ طائفةٍ من الكتابِ والمثقفين تعليقاً على حربِ غزةَ الطاحنة التي ذهب ضحيتها حتى هذه اللحظة نحو ثمانمائة شهيد.

    عبارات – وإن حاولَتْ عبثاً أن تجعل بين يديها مقدمات تضامنية مع الشعب المحاصر – لا تنتهي إلاّ إلى خذلان غزةَ وأهلها، لتكون (قصفاً) آخر فوق القصفِ الذي تتعرضُ له! ولاسيما عند يقول أحدهم إن المقاومة تحرشت بإسرائيل بلا سبب!! بلا سبب!! هكذا!! لم تفعل إسرائيل شيئاً تستحق به أن يوقف في وجهها!!

    وفي حين نجدُ كتاباً غربيين بل يهود (روبرت فيسك، وماري فويس، وكاسيلرز مثالاً) يشنّون حملةً شعواء على إسرائيل ووحشيتها وهمجيتها، ويصرحون بأنَّ للمقاومة حقَّها المشروع، يشنّ إخواننا هؤلاء – غفر الله لهم – حرباً شرسةً على المقاومة الفلسطينية!

    لن ألتفت كثيراً للتوافق العجيب بين هذه المقالات وتصريحات بوش وأولمرت وساركوزي! ولن أدخل في سياقات تخوينٍ وعمالةٍ! فتلك أمورٌ يصعبُ الجزم بها من أجل موقفٍ فكريّ أو رأيٍ سياسيّ. وسأحاول – بصعوبة بالغةٍ – أن أتجرّدَ من العواطف الثائرة لأناقشَ هذه الأطروحاتِ بذات العقلانية التي تزعم أنها تتحلى بها.

    على هذا دار القُمْقُم...

    تتبنى هذه الأطروحات في مجملها ثلاث أفكارٍ رئيسةٍ:

    الفكرة الأولى: أنَّ صواريخ المقاومة و(ألاعيبها) القتالية هي السبب المباشر فيما حدث لغزّةَ، وبالتالي فهي شريكة (للجزار) في جريمة (الذبح)، بل هي التي وضعت الشاةَ بين يدي الجزار، وأمسكتها بعنف ليتسنى له الذبح كما يريد!

    الفكرة الثانية: أنّ المقاومة الفلسطينية الإسلامية إنّما تسعى إلى السلطة من جهة، وتحقيق أجندة خارجية من جهة أخرى، وكل ذلك على حساب الفلسطينيين المساكين، متاجِرةً بدمائهم، غير عابئة بأرواحهم!

    الفكرة الثالثة: أنَّ المقاومة الفلسطينية لا تشكر جميلاً، ولا تحفظُ معروفاً، وأنّها تستلم تبرعاتِ الدولِ بيد وترجمهم بحجارة التخوين باليد الأخرى!

    وجِماعُ هذه الأفكار الثلاثة أن المقاومة الفلسطينية المسلحة (غلطانة من ساسها لراسها) كما تقول العامة! أو هي غارقةٌ في الرَّطَأِ واللُّغابةِ والتَّهْتارِ والطَّرَطِ (كلها بمعنى الحماقةِ)، ورموزها أصحابُ هَذَرٍ وكَنْخَبةٍ (كلها بمعنى الخلط في الكلام) كما يقول العرب الأقحاح!

    بعبارةٍ أخرى تفضي هذه المقولات إلى فكرةٍ مركزية واحدةٍ هي أنَّ خيار المقاومة المسلحة خيار خاطئٌ من كل جهةٍ. وأن الحل ّ – كما قال أحدهم - يكمنُ " في العقل والحكمة والسياسة الواعية المنضبطة، بعيداً عن الشعارات والهتافات الفارغة التي تضرّ أكثر مما تنفع".

    وسأكون هنا معنياً بمناقشةِ الفكرةِ الأولى فحسب؛ لأنّه من العبثِ أن يصدق عاقل أن أولئك المقاتلين الذين حملوا أرواحهم على أكفّهم، واصطفوا في طوابير الشهادةِ منذ عشرات السنين هم طلاب سلطة! نحن نفهم أن يكون الفارُّون من المعتركِ، والذين يعيشون في الرفاهيةِ يجنون الملايين، والذين يكتفون بالتصريحات وهم آمنون، نفهم أن يكون أولئك طلاب سلطة.. لكنْ كيف يكون طالبَ سلطةٍ من يشرع صدره للموتِ، ويطلبُ الشهادة بابتسام؟ وكيف يكونُ طَلاّبَ سلطةٍ من لم تُغيِّر السلطةُ شيئاً من أحواله المادية والاجتماعية؟

    كيف للمقاومة أن تكون باحثةً عن سلطةٍ وكل قياداتها تقريباً نالت الشهادةَ أو تعرضت لمحاولة اغتيال؟

    ثم كيف تكون (متفرّسةً) ذات أجندة إيرانية (فارسية) وهي التي جاءت بطوعها إلى صلح مكةَ تلك الخطوة التي أغضبت إيران غضباً شديداً؛ لأنّها أعطت للسعودية شرف السبق؟

    وأمّا المنُّ على إخواننا بتبرعاتِنا، والغضب إذا اشتكوا من بعض تقصيرنا، فلا أجد لها مثلاً إلاّ طالباً كُلِّف بثلاثة واجباتٍ، فأنجز واحداً منها على وجهه وأغفل اثنين، فلما لامه أستاذُهُ على ترك الواجبين غضب وقال: ألا يكفيك أنني حللتُ الواجبَ الأول بإتقان!!

    حسناً.. لقد تبرعنا.. وأردنا بذلك وجه الله لا شكر الناس.. وقد شكرَنا إخواننا مع ذلك علناً ورحبوا بوقفتنا، لكنهم عتبوا علينا أننا تركناهم يموتون ويقتلون، وقد كان بوسعنا أن نفعل أشياء كثيرة.

    هل أخطؤوا؟!! لا أظنّ!!

    ولكن هكذا يظنُّ من يمنُّ على الناس بما أعطاهم..بل.. بل بما أعطاهم غيره!!

    ولو شئنا أن نجريَ على هذا النفسِ من ( المَنِّ ) فإنَّ المنة هي لإخواننا الفلسطينيين، فهم الذين أوقفوا طموحاتِ إسرائيل التي لو تركت لالتهمتنا ولكانت طائراتها اليوم فوق بيوتنا! وعليهِ فإنّنا كل ما أعطيناهم لا يساوي جزءاً يسيراً من فضلهم علينا بصدّهم هذا العدوان وإيقافِهِ عند حدوده.

    لكل ماسبق قلتُ: إنني سأقتصر على مناقشة الفكرة الأولى.. فكرة أن صواريخ المقاومة هي سبب المشكلة.

    مقارنةٌ تكشفُ الحقيقة...

    لنبدأ نقاشنا من هذه المقارنة التاريخية بين ما حدث قبل اثنتين وأربعين سنة وما يحدث الآن.

    في حرب حزيران 67 تمكّنت إسرائيلُ من تدمير كامل سلاح الجو الأردني، ومعظمِ السلاح الجويّ السوريّ، وعددٍ كبيرٍ من طائراتِ الجيش العراقي!! واستولت على منابع النفط في سيناء!! وسيطرت إسرائيل على منابع مياه الأردن!! وتحكمتْ في خليج العقبة!! واكتشف العربُ أنّهم خسروا – في خمسة أيام فقط - عشرة آلاف شهيد وجريح، وخمسة آلاف أسير، وأنّه قد شُرّد نحو 330 ألف فلسطيني!! وأنَّ إسرائيل قد احتلت أراضي من خمس دول عربية هي: مصر (شبه جزيرة سيناء وغزة)، وسوريا (هضبة الجولان)، ولبنان (مزارع شبعا)، والأردن (الضفة الغربية والغور)، والسعودية (جزيرتا تيران وصنافير على مدخل خليج العقبة).. واكتشفوا أيضاً أنّ ما احتلته إسرائيل في تلك الحرب ضاعف مساحتها ثلاث مراتٍ!! [انظر: فلسطين دراسات منهجية: 304] و[الإستراتيجيات العسكرية: 315].

    وأبشع من هذا كله.. ضاعت القدس!!

    لم تكن إسرائيل وقتها في مواجهةِ الفلسطينيين وحدهم بل واجهت العرب جميعاً..

    العرب الذين كانوا يمتلكون قرابة ألفين وثلاثمائة دبابة مقابل ألف دبابة إسرائيلية!

    العرب الذين كانوا يمتلكون قرابة ستمائة طائرة بإزاء مئة وسبعٍ وتسعين طائرةً إسرائيلية!

    العرب الذين كان تعداد مقاتليهم ثلاثمئة وثلاثين ألفاً بإزاء مئتين وخمسين ألفاً من الإسرائيليين!

    ومع تفوق ميزان القوى لصالح العرب كان ما كان.. وشهد الخامس من حزيران يونيو 1967م أقصر حرب في التاريخ.. حرب لم تدم أكثر من خمسةِ أيام ضاع فيها كل شيء!!

    انتهت المقاومة.. وانكسرت الجيوش.. واستسلم الجميع!! وبقيت الجولان وسيناء وشبعا محتلةً حتى الآن أو في حكم المحتلة!!

    واليوم..

    ها نحنُ في مطلع الأسبوع الثالث من أيام حرب غزةَ الغاشمة..

    الحربُ التي بدأت بغتةً بعد تطميناتٍ (عربية) للفلسطينيين بألاّ شبحَ حربٍ يلوح في الأفق!!

    الحرب التي اختارت إسرائيل لبدايتها توقيت الذروة (الحادية عشر والنصف صباحاً) ليزداد عدد الضحايا.

    الحرب التي ألقت وتلقي فيها إسرائيل بثقلها العسكري أطناناً من القذائف على بقعةٍ صغيرة لا تتجاوز مساحتها (300) كلم مربع.

    الحرب التي لم تتصد لها إلاّ المقاومة الفلسطينية دون أن يكون لها عون عسكريٌّ من أيِّ جهةٍ خارجية.

    الحربُ التي كانت فيها الأنظمة العربية عوناً على الفلسطينيين بإغلاق المعابر، وكبح المسيرات، والتباطؤ في عقد القمة، والتراخي في اتخاذ قرارات شجاعةٍ مؤثرةٍ.

    الحرب التي كان فيها بعض الفلسطينيين عوناً على إخوانهم، حتى إنهم لم يجدوا شيئاً يقولونه سوى التصريح بأنهم (جاهزون) لملء الفراغ السياسي الذي سيحصل في غزة بعد العدوان!!!

    الحرب التي لعبتْ فيها الآلة الإعلامية لعبتها القذرة؛ فجعلت الضحيةَ مجرماً، وشغلت الناس بصواريخ المقاومة عن أطنان قذائف الأباتشي!!

    ومع كل هذه الوقائع والحقائق.. إلاّ أنَّ صواريخ المقاومة مازالت تنطلق! بل إنها بلغت حيث لم تبلغ من قبل!! وأصابت أكبر قاعدةٍ جوية إسرائيلية!! وبدأ اليهود يختبئون في الملاجئ!!

    وما إن بدأ الاجتياح البريّ حتى حصدتْ المقاومةُ أرواح عشرات الجنود الإسرائيليين!!

    هل لاحظنا الفرق بين الموقفين؟

    إنَّ يهودياً واحداً داخل إسرائيل لم يصب بالفزع عقيب حرب سبعة وستين.. وها نحن نرى في حرب غزة مليون إسرائيلي في دائرة الخوف، يدخلون إلى الملاجئ، ويعطلون دراستهم، ويبكون!!

    إنّ مسؤولاً يهودياً واحداً لم يساوره القلق عشية حرب سبعة وستين، وفي حرب غزة يرى الملايين عبر شاشات التلفزة وزيراً يهودياً يغلبه الفزع، ويختبئ تحت سيارة ليبث من هناك تهديداته وتوعداته!!

    كانت ابتسامةُ ليفي أشكول وموشي دايان تتسعُ مع مرور كل يوم من أيام الحرب وما بعدها، وها نحن نرى ابتسامات أولمرت وباراك وليفني تتقلصُ مع مرور كل يوم!!

    ما الذي تغير؟

    ما الذي جعل دول العربِ مجتمعةً تنهزم في حرب الأيام الخمسة، بينما تصمدُ حركات مسلحةٌ في وجهِ حربٍ ضروس؟

    إنّ تبنّي فلسطين الداخل لخيار (المقاومة المسلحة) هو الذي أحدث هذا الفارق الجوهري!

    إنّ (حجر) المقاومة، و(مقلاع) المقاومة، (وبندقية) المقاومة، و(صاروخ) المقاومة.. هو ما أحدث هذا البون الشاسع.

    وهذا ما يجب أن نعيه جيداً.. قبل أن نزعم أن (صواريخ المقاومة) هي مشكلة فلسطين.

    باعتقادي أن الصواريخ هي (حل) وليست (مشكلة).. فقد كنّا نُضربُ ونصمتُ و(نبوس) كفَّ من ضربنا.. على الأقل الآن نُضرَبُ ونضرِبُ.

    تاريخٌ حافلٌ بالدمِ...

    وربما كان بالإمكان تصديقُ أن صواريخ المقاومة وحدها كانت سبباً لعدوان إسرائيل، لو لم تكن إسرائيل نفسها قد نفذت عشرات المجازر البشعة دون أن تستفزّها صواريخُ، ولا حتى حجارة!

    لقد ارتكبت إسرائيل نحو (70) مجزرة بحقِّ الفلسطينيين بهدف التهجير والتطهير العرقي، برزت منها (17) مجزرة بشعة، منها: دير ياسين، وقبية، واللد، وعيلوط، والطنطورة، والصفصاف، وصبارين وغيرها.

    وأكثر من هذا امتدت مجازر إسرائيل إلى خارج حدود فلسطين!!

    في الحادي عشر من فبراير 1967 نفّذ الجيش الإسرائيلي مجزرة أبو زعبل بمنطقة القاهرة وقتل (69) عاملاً مصرياً فيما جرح مائة آخرين.

    وفي الثامن من أبريل 1970 نفذت إسرائيل مذبحة مدرسة بحر البقر بمنطقة بور سعيد قتل خلالها (46) طالباً في الصف الأول وجرح (16) آخرون.

    وفي عام 1982 نفذت قوات الكتائب والقوات الإسرائيلية بقيادة وزير الدفاع وقتذاك أرييل شارون مجزرتي صبرا وشاتيلا اللتين قتل فيهما نحو (1600) شخص.

    وفي 18 أبريل عام 1996 استهدفت مجزرة "عناقيد الغضب" مدينة (قانا)، وقتل يومها (109) مدنيين لبنانيين، كثيرون منهم أطفال ونساء احتموا داخل مقر لقوات الأمم المتحدة, وأُصيب بالمجزرة (351) شخصاً آخرين.

    هذه نماذجُ فقط..

    فهل كانت صواريخ المقاومة التي لم توجد إذْ ذاك سبباً في هذه المجازر؟!

    إنَّ قراءة تاريخ كثير من هذه المجازر يبين بوضوح أنها كانت بمبادأة إسرائيلية! أي أنها لم تكن بسبب استفزازٍ ما! إلاّ إذا اعتبرنا أن بقاء الإنسانِ في أرضِهِ وعدم مغادرتِهِ لها استفزاز!!

    ولو تتبعنا التاريخ لوجدنا أن كل انتخابات إسرائيلية سبقتها مجزرة عاصفة، فشارون تصدر بعد مذبحتِهِ (جهنم المتدحرجة)، وبيريز صعدتْ به إلى رئاسة الوزراء (عناقيد الغضب)، وليس سراً أن ليفني تخوضُ عبر هذه الحرب معركةً انتخابيةً، ويكفينا أنّ وكالة الأنباء الفرنسية ذكرت في بداية الحرب أنَّ باراك وليفني سجلا تقدما في الاستطلاعات على نتنياهو جراء الحملة على غزة!

    وقد نشرتْ وكالة (فلسطين برس) للأنباء بتاريخ 13/11/2008م – أي قبل عدوان غزة بشهرٍ ونصفٍ، وقبل أن تعلن المقاومة انتهاء الهدنة ـ نشرت هذا التصريح: " حذّر الأمين العام المساعد للجامعة العربية لشؤون فلسطين السفير محمد صبيح من خطورة الفترة التي تدخل فيها إسرائيل انتخابات جديدة، والتي يزداد خلالها الهوس واستعمال العنف والقتل خارج نطاق القانون، المدان دوليًا لتحقيق أهداف سياسية".


    زد على ذلك أن جُلَّ الذين تولوا رئاسة وزراء إسرائيل كانوا أعضاء في منظماتٍ إرهابيةٍ لها تاريخ حافلٌ بالجرائم.

    فهل نظن بعد هذا أن المقاومة لو استسلمت لذَبْحِ الحِصار، ولم تحرك ساكناً لما أصاب غزة ما أصابها، ولما ذبحها (الجزار)؟

    ثم هل من العقلانية و الواقعية الغفلة عن عشرات التقارير التي ملأت صحف العالم والتي تتحدّث عن إعداد لهذه الحرب المدمرة منذ ستة أشهر؟ بل تحدثت عن تواطؤ دولي هنا وهناك؟ وأضواء خضراء تلقتها إسرائيل من قريبٍ وبعيد؟

    كيف تصبح صواريخ المقاومة سبباً بينما إسرائيل تعد للحرب وقت توقف هذه الصواريخ واشتغال الغزيين بمشكلة الحصار؟

    التزامٌ ووفاء...

    حماس لم تنهِ الهدنة.. الهدنةُ كانت تنتهي تلقائياً في 19/12/2008م، وما أعلنته حماس أنها لن تجدد الهدنة. وعدم تجديد الهدنة شيءٌ آخرُ يختلف تماماً عن خرقها.

    ولم يكن عدم تجديد الهدنة قرار حماس وحدها.. بل كان قرار جميع الفصائل الفلسطينية في غزة.. كان قراراً إجماعياً.. يمكنُ أن نتفهّمه جيداً عندما نتذكر شروط التهدئة الرئيسة: (وقف العدوان، رفع الحصار، فتح المعابر، نقل التهدئة إلى الضفة الغربية)، هذه هي شروط التهدئة فهل نفذت إسرائيل منها شيئاً؟

    وهل من العقل أن توافق غزةُ على تمديد الهدنة بينما إسرائيل تنتهك شروطها الرئيسة، فتحاصر غزة وتخنقها وتمنع عنها الماء والغذاء والوقود والكهرباء؟ هدنة مع حصار وتجويع؟ أهذه سياسة أم تياسة؟

    أم أن العقلانية والحكمة لا تكون إلاّ بالتسليم المطلق والخضوع التام للإملاءات الإسرائيلية؟

    لقد أدرك (أردوغان) - وهو سياسيٌّ ذهب في التعاون مع إسرائيل إلى مدى بعيد - هذه الحقيقة، وكان شجاعاً في إعلانها حين حمّل إسرائيل المسؤولية؛ لأنها هي التي لم تلتزم بالتهدئة، ورفضت عرضاً تركياً للوساطة بينها وبين حماس.

    خيارات الداخل...

    المتكلمون عن استفزاز صواريخ المقاومة يصورون للناس أن فلاناً وفلاناً من القادة يتاجرون بالشعارات وأن الشعب هو الضحية!!

    إن الجواب يأتي من الشعب نفسه..

    الشعب الفلسطيني الذي خرج قبل الحرب بأيامٍ قليلةٍ في حشودٍ ضخمةٍ مؤيداً لخيار المقاومة والجهاد.. ومصطفاً مع الحكومة التي اختارها، "ووفقاً لوكالات الإنباء فإن هذا الاحتشاد الشعبي كان الأضخم في التاريخ الفلسطيني المعاصر" [من مقالة للأستاذ مهنا الحبيل]

    صدقوني هذه الملايين لم تخرج من أجل سواد عيون فلان أو فلانٍ، أو تعلقاً باسم حركةٍ أو حزب، لقد خرجت تأييداً لخيار المقاومة الذي يمثله اليوم فلان، وقد يمثله غداً غيره.

    جرى ذلك في الوقت الذي عجز فيه (خيار المفاوضات) حتى عن عقد مؤتمره العام بسبب كثرة الانشقاقات والاختلافات التي كان حلها بفصل الكوادر المشاغبة كما قيل!!

    الشعبُ الذي قيل إن (المقاومة) حشرته في (صندوق) ضيق، وتاجرت بدمه، وجعلته عرضةً للعذاب.. هذا الشعبُ هو الذي يخرج هاتفاً للمقاومة مؤيداً لبرنامجها، وهو الذي اختارها ابتداءً لتحكمه، وقد كان على وعي ببرنامجها ومعرفةٍ بمنطقها المقاوم... وهو الذي نسمعُهُ – عبر الفضائيات والاتصالات الهاتفية الشعبية- في قلبِ الحربِ يشدُّ على يد المقاومين، ويطلب منهم الانتقام من اليهود.

    ثم نأتي نحن لنقول.. مسكين هذا الشعب!! قامر به أبطال حروب الحناجر!!

    السؤال المعاكس...

    وهناك جانب يجب الالتفات إليه..

    دائماً ما يتحدث هؤلاء المتهمون للمقاومة بمنطق: انظروا ماذا سبّبت المقاومة من دمار باستفزازها لإسرائيل..

    ولكن أحداً منهم لم يطرح السؤال بشكل معاكس: ماذا كانت ستفعل إسرائيل لو لم تكن هناك مقاومة؟!

    ألم تكن إسرائيل إذْ قامت تتحدث عن دولة عظمى من البحر إلى النهر؟ ألم تكن تتحدثُ عن إبادة كاملةٍ للفلسطينيين؟ هل نسينا تصريحات ليفي أشكول وجولدا مائير وموشي دايان وإسحاق رابين؟! ما الذي خفض سقف الطموحات الإسرائيلية، وقلل أحلامها؟

    أليست المقاومة المستمرة هي التي أجبرت إسرائيل على بعض التنازلات؟ أليست (السلطة الوطنية) التي يدعو أربابها اليوم إلى ترك خيار القتال؟! أليست هي وليدة المقاومة والقتال؟ أكان اليهود يسمحون بشيء كهذا على هزاله لولا ما وجدوه من مقاومة صلبةٍ؟

    الصواريخ والنموذج الإدراكي...

    لنطرح المسألة من زاوية أخرى.. هي الزاوية الفكرية الاجتماعية:

    يجب أن ندرك جيداً أنّ معظم المستوطنين الإسرائيليين الحاليين هم مجرد مرتزقة، فأكثرهم لم يأتِ به إلى فلسطين إلاّ الرخاء المادي الذي وفرته له الحكومة، وإذا كانت الأجيال الأولى من المستوطنين ذات بعدٍ دينيٍّ عقديٍّ في قدومها إلى فلسطين فإن الأجيال الحالية – ومع تزايد معدل العلمنة – تبحث عن العيش الرخيِّ الهانئ! ويدلك على هذا أن الإعلان عن المستوطنات الإسرائيلية في الصحف الغربية لم يعد يتحدث بمنطق العودة إلى أرض الأجداد!! وإنما بات يتحدث عن مزايا المستوطنة مادياً فقط!!

    إذنْ الخارطة الإدراكية للمستوطن اليهودي أنه سيأتي إلى أرض ينعم فيها بالرخاء المادي والنعيم والاستقرار.. إذا فهمنا ذلك جيداً أدركنا أنَّ (كل ما ينغص على المستوطنين حياتهم هو في النهاية إحباطٌ للمخطط الصهيوني)!

    المسألة إذن ليست مسألة صواريخ لا تزيد على أن تثقب حفراً في شوارع إسرائيل.

    المسألة أن هذه الصواريخ البسيطة تهز النموذج الإدراكي للمستوطنين من أساسه، وبالتالي تدفعهم للهرب، ومن ثم يفضي ذلك إلى زوال نموذج إسرائيل كدولة آمنة مستقرة. [انظر ما كتبه د.المسيري في تجربته الفكرية ص: 524 ـ 526].

    هل فهمنا الآن قيمة الصواريخ؟ بل حتى قيمة الحجر الذي يلقيه الطفل الفلسطيني على اليهود؟

    إنَّ تعطيل الدراسة في جنوب إسرائيل بسبب صواريخ المقاومة يعني شرخاً هائلاًُ في البنية الإدراكية التي صرفت إسرائيل مليارات الدولارات لتغرسها في نفوس مواطنيها.

    إنّ صاروخ المقاومة لا يثقب حفرة في أرض إسرائيل فقط.. بل يثقب الكيان الإسرائيلي بأكمله.

    الكيل بمكيالين...

    ومن عجيب هذه القضية أن كل دولةٍ عربيةٍ – ومعها مؤرخوها وكتابها - تصوِّر حروبها التأسيسية والتحررية على أنها حروب كرامةٍ ووطنية، ثم تُصَوَّرُ حرب المقاومة في فلسطين على أنها حرب عبثية بصواريخ ورقية؟!

    في عام 1233هـ قرر عبد الله بن سعود آخر أمراء الدولة السعودية الأولى مواجهة إبراهيم باشا والي مصر، على الرغم من الفارق الكبير في العدة والعدد بين دولةٍ ناشئةٍ ودولةٍ راسخةٍ مدعومةٍ من قبل الخلافة العثمانية. انتهت المعركة باستسلام عبد الله بن سعود، وسقوط الدولة السعودية الأولى، ولم نسمع أحداً يصف تحركاتِهِ بالتهوّر والحماقة!

    في عام 1319هـ سار الملك عبد العزيز آل سعود -رحمه الله- بأربعين رجلاً وثلاثين بندقية ومائتي ريال إلى الرياض لفتحها!! أربعون رجلاً فقط ببنادق قديمة يخوضون حرباً لفتحِ مدينةٍ واسترجاع مُلْك!!

    ومع الفارق الجنوني في العدة والعتاد.. لم نسمع أحداً من إخواننا الكتاب يصف هذه المواقف السعوديّة بالجنون والتهوّر واستفزاز الخصمِ القويّ!

    وفي قلبِ القاهرة ينتصبُ شامخاً ( نصب الجندي المجهول )، لقد أقيم هذا البناء (تكريماً) للشهداء الذين قضوا في حرب الاستنزاف!! لقد كانوا أبطالاً إذن ولم يكونوا حمقى ولا متهورين!! وأكثر من هذا أنك ترى التاريخ المصريّ يتغنّى ببطولات المصريين الذين واجهوا الاستعمار الفرنسي بأسلحةٍ بدائيةٍ بعضُها السيوف والسكاكين!! [اقرؤوا سيرة عمر مكرم ]، كانوا أبطالاً إذن ولم يكونوا مستفزّين لدولة عظمى!!

    التاريخ السوري يتغنى بمعارك الأبطال مع فرنسا، والتاريخ الجزائري يفخر بالمليون شهيد في الحرب مع الاستعمار، والتاريخ الليبي يكاد (يقدّس) عمر المختار الذي واجه جبروت إيطاليا بخيلٍ وبندقية!! وقس على هذا كل دول العالم العربي.. كل الأنظمة العربية اليوم تفخر بنضال شعوبها وتحتفل بيومها الوطني.. ألم يكن ذلك النضال غير متكافئ الأطراف؟ ألم يسقط فيه الضحايا؟ ألم تحصل بسببه الكوارث؟ فلماذا كان بطولةً في كل تلك الأماكن وكان حماقةً وتهوراً في فلسطين؟ هل يجيبني أحد أولئك الذين يتهمون صواريخ المقاومة؟

    القضية هنا...

    إن القضية ليست في ( صواريخ ) تطلقها المقاومة، بل المشكلة عند إسرائيل هي في المقاومة ذاتها، إنها لا تريد أن يوجد شخص واحدٌ يؤمن بخيار المقاومة ولو بعد مرحلةٍ من السياسةِ والمرونة، تريد الجميع أن يكونوا مستسلمين مدجّنين.. ولعلها بعد ذلك ألا ترضى أيضاً! لأنها في النهاية تريد دولة يهودية خالصةً!! ولعلنا نتذكر تصريح وزيرة الخارجية الإسرائيلية مؤخراً حول أحلامها بدولةٍ يهوديةٍ نقيةٍ!! مما يعني طرد عرب 48.. هؤلاء الذين ما حملوا سلاحاً ولا أطلقوا صاروخاً واحداً!!

    إنه من المحزن حقاً أن نجد كاتباً يهودياً يتفهم هذه الحقيقة، بينما يجهلها أو يتجاهلها بعضنا، يقول (كاسريلز) وزير المخابرات في جنوب إفريقية (وهو يهودي معاد للصهيونية): "ان هدف الصهيونية منذ البداية هو طرد المواطنين الأصليين حتى تصبح الدولة دولة يهودية خالصة. وعندما أدرك الفلسطينيون هذا بدؤوا بالمقاومة". إنه يفهم جيداً أن المقاومة حالة طبيعية تُجاه مستعمر يريد طرد السكان الأصليين. ثم يقول: "هذا هو السبب الرئيس للصراع، من وجهة نظر الكثيرين".



    هكذا يفهم هذا اليهوديّ أن علة الصراع هي العدوان الإسرائيلي ابتداءً، ويصرّ طائفةٌ من بني قومنا على أن المشكلة كلها هي في صواريخ المقاومة!!

    حكاية التوازن...

    وأحسبُ أنَّ الشعوب المستعمَرَةَ والمضطهَدَة لو أخذتْ بنصيحةِ هؤلاء (الواقعيين) القاضية بضرورة توازن القوى وعدم المقاومة إلاّ عند تكافؤ العَدد والعُدد لبقيت إلى اليوم مستعمرةً مستنزفةً خانعةً.

    أخبرني عن حالة تحررية واحدةٍ في العصر الحديث أو القديم كان فيها (المقاوِمُ) أقوى من المحتل أو حتى في مثل قوتِهِ!

    أين حصل مثل هذا؟ في فيتنام؟ في جنوب إفريقية؟ في الهند؟ في مجمل الدول العربية؟ في فرنسا إبان حربها مع النازيين؟ أين؟!

    كل تلك الحالات التحررية التي انتهت إلى استقلالٍ وردّ اعتبارٍ كانت كحالةِ فلسطين اليوم تماماً.. مقاومة أضعفُ عدداً وعدةً بكثير، لكنها تملك إيماناً وعدالة قضية لا يمتلكهما المحتل المدجج بالسلاح، "ولم تكن المقاومة في يوم من الأيام مماثلة أو قريبة في قوتها من عدوها، بل كانت أضعف منه وهي من يُقدّم الشُّهداء، ولكنها تنطلق من توازن الرعب الذي يُجرد المحتل من القدرة على استقراره ويفرض عليه برنامجاً مضطرباً من خلال الآلة المقاومة الأضعف هكذا حتى يهتز الاحتلال ويندحر". [محرقة غزة بغطاء عربي، مهنا الحبيل: http://www.aljazeera.net/NR/exeres/3...D207AB00C.htm].

    وبعد هذا كله.. فإنَّ المقاومة التي انتقلت من مرحلة الحجارة إلى مرحلة الصواريخ، والتي بدأت صواريخها ببضعةِ كيلومترات، ثم وصلت إلى أسدود وسديروت، هذه المقاومة قادرة بإذن الله على مزيد من التطوير وتقليل الفارق يوماً بعد يومٍ.

    ختاماً...

    إذا كانت العقلانية تعني أن يصبح الضحية مجرماً، والمظلوم ظالماً، فلا بارك الله فيها!!

    وإذا كانت العقلانية تعني التجرّد من المروءة والإنسانية، والولوغ في دماء القتلى والجرحى فلا مرحباً بها!!

    وحيهلاً بعقلانيةٍ تنصرُ المظلوم وتقول للظالم: كفى.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    دبي
    المشاركات
    470
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    دبي
    المشاركات
    470
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    9-محرم-1430هـ 5-يناير-2009



    صواريخ العزة وصواريخ العبث
    كتبه/ عبد المنعم الشحات

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،

    فيحلو لكثير من المحللين أن يصف صواريخ الفلسطينيين التي يطلقونها باتجاه العدو اليهودي بـ"الصواريخ العبثية"، وربما وصفوها بأنها "كرتونية"، أو غير ذلك من الأوصاف "الاستعلائية"، وبعد تخليص جد كلام هؤلاء من عبثه نجد أنهم يستندون في وصفهم ذلك إلى أمرين:

    الأول: أن هذه الصواريخ من النوع محدود الأثر، محدود المدى، لا يقارن بما يملكه "الرجل الأبيض" من صورايخ عابرة للقارات، ولا حتى بما تملكه الجيوش النظامية من صواريخ متطورة.

    الثاني: أن هذه الصواريخ تستفز العدو الإسرائيلي، وتدفعهم إلى شن غارات انتقامية -ربما خجلوا من وصفها بالدفاعية- يسقط من جرَّائها القتلى والجرحى.
    فأما الأمر الأول فالكلام عليه ضرب من العبث وذلك لما يلي:

    أولا: لأن القاصي والداني يعلم أن هذا هو غاية الممكن والمستطاع في حق المجاهدين؛ فأي عبث في هذا؟! أيمنع العطشان الذي يجد غرفة ماء من ري عطشه بها طالما أنه لم يجد ما يبلغه حد الارتواء؟! أو يمنع الجائع من إقامة صلبه بلقيمات حتى يجدَ ما يملأ به بطنه؟!

    ثانيا: لأن من يملك الأسباب الكبرى قد يرى أحيانا أن السبب الأخف أنسب لسبب أو لآخر، ويكون ذلك حينها نوع من الحكمة لا العبث، قال الإمام النووي -رحمه الله- في روضة الطالبين: "فإن أمكنه الرمي بالأحجار فهل تقوم مقام السلاح؟ وجهان. قلتُ: أصحهما تقوم. والله أعلم".
    فإذاً ينحصر الكلام مع هؤلاء المحللين في الأمر الثاني؛ وهو مسألة تهييج إسرائيل واستفزازها، وهو مأخذ وجيه من حيث المبدأ؛ فقد جاء الشرع بتقريره، ولكن هل هو موافق للواقع الإسرائيلي فيما يتعلق بالسلوك الإسرائيلي في فلسطين خاصة؟؟

    هل نسينا مدرسة بحر البقر؟!
    هل استفز تلاميذها إسرائيل؟
    أم أن الموساد رصد الصواريخ الورقية التي يقذف بها تلاميذ المدارس بعضهم بعضا فرأى توجيه ضربة وقائية لهذه المدرسة؟!


    إن خمسين عاما من الصراع العربي الإسرائيلي تشهد بحقيقة واحدة، وهي أن الصلف الإسرائيلي يتناسب عكسيا مع مقدار المقاومة أيا ما كانت، وأنه كلما استكان المسلمون كلما زاد الإسرائيليون في بطشهم وغيهم، والعكس بالعكس.
    نعم لو تصورنا أن اليهود عدو عاقل، لوجب حساب كل خطوة قبل الإقدام على استفزازهم، ولكنهم نوع من الشياطين في جثمان إنس، والشياطين يخافون من الإنس المؤمنين، ولكنهم متى رأوا أن الإنس يخافون منهم انتعشوا وعربدوا (وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا)(الجن:6)، وقد أخبرنا الله -عز وجل- عن جبنهم؛ فقال: (لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ)(الحشر:14).

    وخلال خمسة وعشرين عاما تمثل تقريبا نصف مدة الصراع مع إسرائيل لم يتحقق نصر على إسرائيل إلا بما يسميه البعض بـ"الأسلحة العبثية"، بل بدأ الأمر بسلاح عبثي بالفعل وهو "الحجارة"، والذي كان تحويله إلى سلاح حقيقي اختراعا فلسطينيا خالصا، وأمام هذا السلاح الذي كان عبثيا فرَّ جنود الاحتلال تاركين "غزة" للمسلمين، والحمد لله رب العالمين.
    فلما بَعُدَ العدو.. وصارت حجارة الأطفال لا تصله، هيأ الله للمجاهدين "صورايخ بدائية" لم يعبثوا بها، وإنما رموا بها عدوهم، وما زالت في تطور إلى أن ضربت صواريخ المجاهدين العمق الإسرائيلي، والحمد لله رب العالمين.
    أظن أن الذين وصفوا هذه الصواريخ بالعبثية يحتاجون إلى أن يراجعوا مواقفهم إن كانت بالفعل مبنية على الحرص على حساب الخُطى قبل الإقدام على جهاد الأعداء.
    ولو كانت هذه الصواريخ هي التي سببت هذا الرد الصهيوني، وليس أن حماس جماعة إسلامية ذات توجه "أصولي" كما يسمونه، وهذه هي الحقيقة التي لا مراء فيها؛ لأنهم وغيرَهم من أوليائهم لا يقبلون "إمارة إسلامية في غزة"، لو كانت هي السبب في هذا الرد فلا شك أنها مؤثرة، وتحدث فيهم نكاية، تجعلهم يفاوضون على التهدئة، ويجعلون ثمنها إيقاف إطلاقها فهل من تناقض أوضح من ذلك "أن توصف بأنها عبثية، وأنها هي السبب في هذا الرد"؟!
    بيد أن كثيرا ممن يحلو له أن يصف صورايخ المجاهدين بالعبثية مع أن مداها عشرات الكيلومترات، ومع أنها موجهة إلى الأعداء، فاتهم أن يحذروا الأمة من "الصواريخ العبثية الحقيقية"، وهي صواريخ "رأس السنة الميلادية" فهي عبثية بكل معاني الكلمة.
    فمن جهة المراد بها؛ لا نعلم لها غاية إلا اللهو واللعب، وهي عبثية؛ لأنها كثيرا ما أودت بحياة البعض عبثا، واستهتارا بدماء المسلمين، وإن كان قتيل المعركة عزاؤه أنه قتل بيد أعدائه، وأنه يرجو الشهادة، فماذا عن قتيل صورايخ رأس السنة؟
    وهي من جهة أخرى عبثية؛ لإفسادها لدين صاحبها الذي نهاه النبي -صلى الله عليه وسلم- عن اللهو واللعب -حتى المباح منه- في أعياد الجاهلية كما في الحديث؛ فعن أنس -رضي الله عنه- أنه قال: (قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما. فقال: ما هذان اليومان قالوا كنا نلعب فيهما في الجاهلية. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن الله قد أبدلكم بهما خيرا منهما يوم الأضحى ويوم الفطر) رواه أبو داود، وصححه الألباني.

    فكم كنا نتمنى من أصحاب النهي عن الصواريخ العبثية أن يوجهوا شيئا من سهام نقدهم إلى تلك الصواريخ العبثية شكلا وموضوعا، وإلا كان كلامهم ضربا فجا من ضروب العبث.


    http://www.salafvoice.com/article.php?a=2972

  4. افتراضي

    البعض اعتاد الخضوع والمذلة فأخذ يطعن في صواريخ الحركة الإسلامية ليغطي على نذالته وخيانته

    أقول: إذا كانت الصواريخ عبثية وكرتونية كما يزعم المرجفون فلماذا اضطر مليون خنزير يهودي للهرب؟

    ولماذا جُن جنون العسكر فاقتحموا يُقتلون ويذبحون ويهدمون كل ما وصلت إليه أسلحتهم؟

    =========================================

    أنصار الهزيمة في فلسطين
    د. فايز أبو شمالة
    ما انفك نفر من فلسطين غير مصدق لما جرى على الأرض، وما برح هذا النفر غير مقتنع بأنه قد تمت منازلة الجيش الإسرائيلي فعلاً، وأنه انسحب مذعوراً تلاحقه صواريخ المقاومة، وما زال هذا النفر لا يقر بأن صواريخ المقاومة قد منعت التجول على مليون إسرائيلي، وأنها أوقفت التعليم لمائتي ألف طالب لمدة ثلاثة وعشرين يوماً، وأن صواريخنا قد أوقفت كل أشكال العمل غير المحمي بثلاثة طوابق، وأن بعض الأسر اليهودية ظلت في الملاجئ لمدة ثلاثة أسابيع تشكو نقص الطعام، والغطاء، وأن إسرائيل اشتكت من نقص المختصين النفسيين طوال فترة الحرب.
    ينقسم هذا النفر الفلسطيني إلى مجموعتين؛ الأولى تجرعت تجارب عسكرية سابقة هزمت فيها الجيوش العربية، وهزم فيها جيش منظمة التحرير، فباتت مقتنعة بأن يد إسرائيل هي العليا دائماً، بالتالي لا يعترفون بانتصار غزة، لأن نصر غزة هزيمة لتجاربهم الشخصية، ولآرائهم، وتحليلاتهم، ومشوارهم التنظيمي، والحياتي، والنفسي، وهذه المجموعة أمرها بسيط، إذ يكفي أن تتكرر تجربة صمود غزة لتمسح عن وجدانهم غبار الهزيمة، وتثبت مفهوم النصر في عقولهم، وهؤلاء نسبتهم أقل من 10% وفق آخر استطلاع للرأي نفذته شركة الشرق الأدنى للاستشارات ـ ورغم ما لنا عليها من ملاحظات ـ فقد أشارت إلى نسبة10% فقط من أهل غزة الذين يرون بوقف إطلاق النار، والانسحاب الإسرائيلي انتصاراً لإسرائيل.
    المجموعة الثانية تدلل على إن وراء عدم الاعتراف بانتصار المقاومة فلسفة سياسية تقوم على: تسفيه المقاومة، وتحقير منهجها، والتقليل من شأنها، ومن قدرتها على إحداث متغيرات سياسية على الأرض، وفي مقابل ذلك ينتصرون للهزيمة بهدف تعظيم دور المفاوضات، والرفع من شأنها خياراً استراتيجياً، واحداً، وحيداً يتبناه وحيد زمانه المفاوض الفلسطيني، وهؤلاء أمرهم معقد، ولن يغيروا ما بهم، فقد ران أسلوب التفاوض على قلوبهم، ولن يروا غير ذلك سبيلاً.
    سألت المذيعة الإسرائيلية في [ريشت بيت] وزير الأمن الداخلي "أفي دختر": إذا كان النصر حليف إسرائيل في حربها على غزة كما تقولون، فلماذا تراجعت نسبة التأييد لحزب "كاديما" في هذا الأسبوع من 29 مقعداً في الكنيست إلى 25 مقعداً، لصالح أحزاب اليمين، وجميعنا يعرف أن من قاد هذه الحرب هو حزب "كاديما" بزعامة "تسفي لفني" ؟.
    تكرر السؤال أكثر من مرة وسط تلعثم الوزير، وعدم قدرته على إقناع محدثيه بنصر إسرائيل الزائف الذي كشف عنه رئيس الوزراء، وهو يصف وزير دفاعه بالقائد الفاشل، ليفضح نفسية قائدين إسرائيليين منهزمين يتبادلان التهم فيما بينهما.

  5. افتراضي

    لا نبالي؛ فقد بقيت حماس

    حمزة عمر


    حينما يرقى الشهداء بالمئات وتبقى حماس فإن هذا يعني أن الله تعالى قد أكرم شعبنا وأمتنا بكرامتين عظيمتين لا تقل إحداهما عن الأخرى عظمة وتأثيراً في مجرى الصراع بطرفيه: الشعب الفلسطيني والأمة الإسلامية من خلفه، والعدو الصهيوني وباطل الأرض كله من خلفه.

    الذين تحدثوا عن حجم الخسائر البشرية والمادية، وحجم المأساة الإنسانية التي خلفتها جريمة الاحتلال كثيرون، وبعضهم ينطلق من الشعور الإنساني العميق بالفاجعة حزناً وشفقة ورأفة بشعبنا، وحنقاً وغيظاً ودهشة من مستوى الانحطاط القيمي لدى العدو، وبعضهم ينطلق من حسابات مادية شديدة القصر إما لضعف في المخزون الإيماني أو لضعف في الإدراك البشري الواعي بفعل النظر والتأمل ودراسة التاريخ لقوانين الصراع والمؤثرات فيه، وإما انطلاقاً من عمالة صريحة ومكشوفة للاحتلال ترمي لترسيخ حتمية الهزيمة في وعي الشعب الفلسطيني والأمة كلها في مواجهة العدو.

    لكن قليلاً من هؤلاء من رأى في الشهادة والإثخان الشديد الواقع على شعبنا وجهاً آخر من وجوه الإرادة الربانية للجماعة المؤمنة في صراعها مع العدو، وما كان لله سبحانه أن يقدّر مصائر أهله من حملة دينه عبثاً، ولذا فإنه جل وعلا كثف هذه الحقيقة في ضمائر الجماعة المؤمنة قائلاً: (وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ﴿١٤٦﴾ وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَن قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴿١٤٧﴾ فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴿١٤٨﴾) [آل عمران].

    يَقْتُلونَ ويُقْتَلونَ

    فقوله تعالى: (وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ...) يقرأ على وجهين متغايرين كليهما متواتر ثابت النسبة إلى الله تعالى، هذا هو الوجه الأول وهو قراءة عاصم والكسائي وحمزة وعبد الله بن عامر وأبي جعفر وخلف، أما الوجه الآخر فقوله تعالى: (وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قُتِلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ...) وهو قراءة: نافع وابن كثير وأبي عمرو ويعقوب، ومما لا شك فيه أن أوجه القراءة تتغاير تنوعاً لا تضاداً، فكيف يتفق قوله: (قَاتَلَ) مع قوله: (قُتِلَ) وكل ذلك آية واحدة ثبت لها وجهان من القراءة بالتواتر إلى النبي صلى الله عليه وسلم؟ أفلا يتضاد القاتل مع المقتول؟ والحقيقة لا تضاد، وإنما تكامل بين الوجهين، فإن الصراع بين الحق والباطل إما أن يكون إثخاناً للحق أو إثخاناً للباطل وفي كليهما فإن الجماعة المؤمنة لا تحوز فقط على حسن ثواب الآخرة، وإنما على ثواب الدنيا أيضاً والذي هو النصر!

    وثمة ملاحظة هامة وهي أن القراءة الأولى ذكرت القتال: (قاتل)، والثانية ذكرت (يُقتل)، ولم يكن ثمة ذكر للقتل الإيجابي في هذه الآية في أي من القراءتين أي: (قّتّلّ)، ودلالة ذلك أن الأساس في الصراع هو الثبات، وأسمى أشكال الثبات: الثبات على القتال، وأن القتل حاصل في المسلمين على أية حال، وهو ما يستدعي امتحاناً عسيراً: هل يثبت المؤمنون، أم يتراجعون؟!

    ومن صور التلازم بين قتل المؤمنين للكفار وقتل الكفار للمؤمنين في كتاب الله تعالى قوله: (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ ۚ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ۚ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴿١١١﴾) [التوبة]، وهذه الآية كذلك تقرأ على وجهين متواترين كليهما قرآن منزل يتعبد بتلاوته وتجوز الصلاة به، أما الوجه الأول فهو هذا وهو قراءة عاصم ونافع وابن كثير وأبي جعفر وأبي عمرو ويعقوب وعبد الله بن عامر، أما الوجه الآخر فهو قوله تعالى: (فَيُقْتَلُونَ وَيَقْتُلُونَ) بتقديم قوله (يُقتلون) على قوله: (يَقتلون)، فالقتل في أية مواجهة متبادل وهذا ما يفيده الوجهان في كل حال، غير أن ما يفيده تكامل الوجهين بتقديم أحد اللفظين على الآخر أن غلبة القتل متبادلة أيضاً فقد تكون للمؤمنين مرة، وقد تكون للكافرين أخرى، وفي كليهما فإن ذلك هو الفوز العظيم.

    فإذا اتفقنا على أن الفوز العظيم في كليهما هو حسن ثواب الآخرة للشهداء والمؤمنين، فكيف يكون وقوع القتل في المؤمنين من ثواب الدنيا الذي هو النصر؟!

    الشهادة انتصار

    لو كانت المعركة بين الحق والباطل هي جولة واحدة فقط، لصح أن وقوع القتل الشديد على المؤمنين نصر لعدوهم، لكن أنى هذا ودين الله تعالى هو الخاتم، فلا ضيعة للدين بقتل عدد وافر من أهله، طالما بقي من خلفهم من ينتظر، ولذلك كانت الشهادة غاية في ذاتها، وهدفاً في ذاته من جوانب ثلاثة: الأول: تكريم من الله لصفوة من عباده يتخذهم اتخاذاً فهم له وأهله، والثاني: غاية يطلبها من يطلب الفوز العظيم والمقامات العالية عند الله مع النبيين والصديقين، والثالث: نصر تصنعه الشهادة بما تتركه من أثر عميق في مجرى الصراع، وقد بين الله ذلك حينما قال: (إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ ۚ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴿١٤٠﴾) [آل عمران]، فالله يديل الأيام بين الناس مرة للمؤمنين ومرة عليهم، مرة يمسهم القرح ومرة يمس عدوهم لغايتين: ليعلم الله الذين آمنوا، ويتخذ من المؤمنين الشهداء، وحينما تدول الأيام على المؤمنين ويمسهم القرح فإن الله لا يحب الظالمين، مما سيجعل من القرح والشهادة دافعاً إضافياً للجماعة المؤمنة لتحقيق النصر بمفهومه المادي الخالص حيث ينتقم الله من الظالمين على أيدي عباده المؤمنين المقروحين.

    الشهادة تربية

    فالله تعالى حينما يريد لفئة من المؤمنين شرفاً عظيماً من نوع تحرير بيت المقدس والنهوض بالأمة كلها، فإنه يربيها تهيئة لاستحقاق هذا الشرف ثم القيام به، والتربية الربانية لم تكن يوماً وعظاً بالقول فحسب مهما كان بليغاً، ولذلك فإنه يربيهم بالدرس العملي، فيوسف عليه السلام –مثلاً- تربى سنوات بالغربة والاسترقاق والأسر مع أنه من أكرم الخلق على الله وهو النبي ابن النبي، وموسى تربى من لحظة الميلاد بالخوف والقلق ثم بالغربة والتشريد، وقد ربى الله تعالى كذلك قومه بالقتل العظيم الذي أوقعه فرعون على أبنائهم، وقد ربى الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بالأذى والحصار وربى صحابته بدماء أمثال ياسر وسمية، ثم لم تزل دروس الله عليهم تنزل كما في أحد وحنين، كل ذلك والله يكشف عن معادن الإيمان وحقائق النفاق وجرائم الكفر ويهيئ عباده لما هو أعظم.

    الشهادة تركة ثقيلة

    فالشهادة تربية، والشهادة تركة ثقيلة باقية في الذين من خلف الشهداء تماماً على خلاف حسابات المنافقين والماديين، فإن موازين الله تحتم الحفاظ على ميراث الشهداء لا التفريط فيه حرصاً على بقية الأنفس من الإزهاق، وبقدر ما نتحدث عن أثر حالة الشهادة معنوياً في الجماعة المؤمنة بكون دماء الشهداء تركة غالية ونفيسة وثقيلة ومحرضة لبقية المؤمنين فإنها حقيقة واقعة وملموسة في عالم الشهادة وعالم الغيب، فأما كونها حقيقة في عالم الشهادة (عالمنا المحسوس) فقوله تعالى: (مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ﴿٢٣﴾) [الأحزاب]، فالذين من خلف الشهداء ينتظرون الشهادة والنصر، ولم يبدلوا تبديلاً، فهذا أثر التركة الثقيلة ألا يبدلوا تبديلاً على خلاف رؤية المنافقين وحساب الماديين، أما عن كونها حقيقة واقعة في عالم الغيب (العالم الذي لا نحسه ولا ندركه ونحن في الدنيا)، فقوله تعالى: (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ﴿١٦٩﴾ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴿١٧٠﴾) [آل عمران] فالشهداء يستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم، فالله تعالى لا يضيع دينه، والجماعة المؤمنة محفوظة من تضييع تركة الشهداء طالما كانت منطلقاتها تلك التي عرفها الشهداء لم تكن حمية إلا لله تعالى ولذلك فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون، فطالما استمروا على أثر الشهداء طالما أمنوا فلا خوف عليهم ولا حزن، وطالما كانوا في أمن ربهم كان نصيبهم النصر المؤزر بمعناه المادي المحسوس، فالشهادة نصر بما تصنعه من تربية، وتراكمه من نتائج، وتخلفه من تركة ثقيلة تحفظ الجماعة المؤمنة من الانحراف.

    الشهادة حافظة

    فالشهادة تحفظ الموازين، إذ وصلت الثقة –مثلاً- بابن مسعود رضي الله عنه درجة أن قال: "فلو حلفت يومئذ لرجوت أن أبر: أنه ليس أحد منا يريد الدنيا حتى أنزل الله:(مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الْآخِرَةَ ۚ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ)"، فحينما ينزل الرماة عن الجبل لجمع الغنائم تأتي الشهادة لتصحيح الموازين، وحينما يقول البعض: "لا قتال؛ قد وضعت الحرب أوزارها" تأتي الشهادة لحفظ الموازين، وفي فلسطين تأتي الشهادة لحفظ الرماة دائماً على الجبل، فلم تنته المعركة وما كان لها أن تنتهي، فلن تكون الوظائف ولا البرلمانات ولا الوزارات غنائم يهبط من أجلها الرماة، وإنما هي موضع آخر لرماة بمهمة أخرى من الرمي، ولذلك كان نصيب موظفي ونواب ووزراء حماس ما بين الفصل والسجن والقتل، فمن طلب ذلك لمغنم رجاه، أو لرؤية قاصرة هيمنت على عقله فقد أدرك وعورة الطريق ومشقتها، ومن طلب ذلك رغبة في موضع الرمي الجديد فقد وجد ما يحسب من الأذى والمشقة وله الأجر.

    سلسلة نتائج الشهادة

    والشهادة تكشف عن كل الموازين والحسابات والمعادن والقيم، فيمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين، ويعلم الله الذين جاهدوا ويعلم الصابرين، ويمايز الله بين من تمنى الموت صدقاً أو كذباً، ويكشف الله عمن ينقلب على عقبيه من بعد الشهداء ممن يثبت والله يجزي الشاكرين، ويرى الله من فقه حقيقة الموت ومن أراد الدنيا ممن أراد الآخرة، ومن وهن وضعف واستكان ومن لم يهن ويضعف ويستكين والله يحب الصابرين، ومن يتوكل على الله والله يزلزل به الأرض امتحاناً فيستشعر عبوديته ويتهم نفسه ويلجأ إلى ربه ويقول: (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) حينها بعد كل هذه النتائج التي تفضي إليها الشهادة يأتي نصر الله مؤزراً غير ملتبس في الدنيا: (فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴿١٤٨﴾).

    ما بين صعود الشهداء وبقاء حماس!

    فالشهادة عملية لازمة لا بد منها في المعركة لاستحقاق النصر، وهي بهذا المعنى نصر لا شك فيه، لكن يلزم لاكتمال النصر بقاء الذين من خلف الشهداء، وإلا لضاعت دماء الشهداء وضاع الدين وانتصر الباطل، وقد فقه هذا المعنى الدقيق امرأة مسلمة كما أخرج الأثر ابن أبي حاتم في تفسيره عن عكرمة قال: " لما أبطأ على النساء الخبر خرجن يستخبرن، فإذا رجلان مقتولان على دابة، أو على بعير، فقالت امرأة من الأنصار: من هذان؟ قالوا: فلان وفلان أخوها وزوجها، أو زوجها وابنها. فقالت: ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: حي. قالت: فلا أبالي، يتخذ الله من عباده الشهداء. ونزل القرآن على ما قالت:(وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ)".

    فهذه امرأة قتل أخوها وزوجها، أو زوجها وابنها، وهي من الأنصار حيث قتل منهم في أحد ست وستون من أصل سبعين من شهداء الصحابة، فلم يقتل من المهاجرين سوى أربعة هم حمزة بن عبد المطلب، ومصعب بن عمير، والشماس بن عثمان المخزومي، وعبد الله بن جحش الأسدي؛ فلا شك أن هذه المرأة قد حزنت لمقتل زوجها وابنها وبقية قومها من الأنصار ولشهداء المسلمين في المعركة كلهم، لكنها فضلاً عن إدراكها لمغزى تكريم الله لهم باتخاذهم شهداء، فإن دماءهم لن تضيع، والقضية التي قتلوا فيها لن تضيع، طالما بقي من خلفهم النبي صلى الله عليه وسلم.

    فالمسألة من شقين، الأول: حصول الشهادة، والثاني: بقاء من يستشعر تركة الشهداء واستبشارهم وهم عند ربهم ويحافظ على قضيتهم التي ذهبوا فيها، ومن هنا نفرح ببقاء حماس وصمودها وعدم انكسارها، ولا نبالي، فإن الله يتخذ من عباده الشهداء، ويبقى خلفهم من ينتظر مدركاً إنجازات عملية الشهادة، ثابتاً على طريق الشهداء إلى حين النصر المؤزر.

    عمى شيطاني ونور رباني

    إن بعضاً ممن لا يفقه سيؤوّل كلامنا مفترياً علينا قائلاً: أننا لا تهمنا جراح وآلام وعذابات الناس، وإن كل ما يهمنا بقاء حماس ولو فنيت الدنيا، وقد قرأت لبعض هؤلاء أقوالاً شديدة السقوط والشذوذ يتهكمون فيها على أقوال قيادات حماس حينما قالوا مراراً أثناء الحرب يطمئنون المسلمين:" أن المقاومة بخير"؛ فعلق بعض المرضى: "كل الذي يهمهم بقاء المقاومة، أما الدماء التي سفكت فلا يقيمون لها وزناً"، وهو قول ظاهر السقوط، وكأنه إضافة لما سفك من دم ينبغي أن تسفك دماء المقاومة! وفضلاً عن سقوط الفقه الذي أنتج هكذا قول، فإنه يكشف عن رغبة حقيقية في سقوط المقاومة لتتحقق أهداف العدو. وعلى خلاف هذا الفقه البائس، فإن دماء الشهداء لا تضيع طالما بقيت حماس (عمود المقاومة وعنوانها)، فلا نبالي، فقد بقيت حماس، وحفظ الله دماء الشهداء وقضيتهم ببقائها.


  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    دبي
    المشاركات
    470
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    فتشوا كل شي وهددوا المواطنين بالقتل
    هستيريا صواريخ المقاومة... تثير سخرية أهالي غزة

    مركز البيان الإعلام

    كشف مواطنون ممن تم اعتقالهم وإطلاق سراحهم خلال الحرب على غزة عن تصرفات جنونية وغريبة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال تحقيقهم معهم، كان أدناها توسلهم إلى المعتقلين بأن يبلغوهم عن أسماء ومعلومات حول المقاومين وأماكن الصواريخ التي تطلق من غزة.
    وتُظهر التحقيقات التي أجراها الجنود الإسرائيليين مع المعتقلين وكشفوا عنها في أحاديث للشبكة الإعلامية الفلسطينية عجز (إسرائيل) في الحصول على معلومات حول المقاومة الفلسطينية وعدم قدرته على تحديد المنصات التي تطلق منها الصواريخ أو أماكن الاشتباك رغم الطيران والاستطلاع المكثف.

    رجفة وتصرفات اعاقية


    المواطن محمد النجار الذي تم اعتقاله من قبل القوات الخاصة خلال العدوان على غزة، قال: إن القوات دخلت إلى بيته واقتادته "بارتجاف وخوف" برفقة مجموعة من المواطنين إلى مركبة لجنود الاحتلال واقتادتهم داخل أماكن التحقيق خارج الحدود مع غزة.
    وأضاف المواطن القاطن في بلدة خزاعة جنوب القطاع بدهشة: "تفاجئنا بهم يدخلون علينا بالأسلحة ويريدوننا أن نأتي معهم، لكننا صدمنا بأشكالهم فأيديهم وأجسادهم كانت ترتجف وهم يحملون السلاح، ولم يهدأ خوفهم إلا حينما اجتازونا خارج الحدود".

    ويروى المواطن سالم النجار الذي تم اعتقاله أيضاً خلال الحرب ما حدث داخل غرف التحقيق، قائلاً: "في بداية التحقيق كانوا يهددوننا أنهم سيقتلونا إذا كذبنا عليهم ولم نبلغهم عن أماكن المقاومين".
    ويضيف النجار: "ولما يئسوا منا تفاجئنا ببعضهم يتصرف كالمجانين ويقوم بحركات كالمعاقين وكأنهم أصيبوا بحالة نفسية، لم ندرى ماذا حدث لهم، لكن أعتقد أنهم انهاروا أو ملوا من الحرب أو خائفين منها أو ما شابه".
    ويتابع بلهجة مستهزئة بالجنود: "أحدهم أخذ يتوسل إلي لأبلغه بأسماء مقاومين من منطقتي ومن أين تطلق النار وأين يختبئون خلال الاشتباك".
    وكانت فصائل المقاومة الفلسطينية خاضت خلال الحرب على غزة اشتباكات ومعارك عنيفة "وصفت بالشرسة والطاحنة" ضد قوات الاحتلال الاسرائيلى التي حاولت اجتياح العديد من المناطق في القطاع، وأدت إلى مقتل وإصابة عدداً من جنود الاحتلال.
    وقالت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس على صفحتها الإلكترونية: إن مقاتليها الذين اشتبكوا مع الجيش رصدوا "عمليات قتل 49 جندياً بشكل مباشر وجرح المئات".

    "أمامهم ولم يروها!"


    المواطن حسن عبد الله الذي تم اعتقاله شمال القطاع أكد في حديث للشبكة الإعلامية الفلسطينية أن قوات الاحتلال خلال التحقيق كانت تحاول معرفة منصات الصواريخ التي تطلقها المقاومة بالرغم من ظهور بعض هذه الأماكن "للأعمى".
    وأشار المواطن عبد الله إلى صراخ الجنود وقهرهم أمام هدوء المواطنين الذين تم اعتقالهم واكتفاءهم بكلمة "لا أعرف شيء" والتي كانت تثير غضبهم بدرجة كبيرة.
    يقول: "تعاملوا معنا بأسلوب سافل وهمجي وألقونا بدون ملابس لعدة ساعات ليحاولوا أن يحبطونا ونعطيهم ما يريدون، ظلوا يسألون عن منصات الصواريخ ومن أين تطلقها المقاومة، ويتهموننا بأن بيوتنا أماكن لإطلاق الصواريخ".
    وتابع بدهشة ممزوجة بيقين أن الجنود كانوا مصابين بغبار أو بعمى خلال الاجتياح: "هناك أماكن للصواريخ والقذائف للمقاومة مكشوف من أين تطلق وأعتقد أنهم مروا من أمامها وطائراتهم كانت فوقها وكل هذا ويسألون عنها، تيقنا حينها بمعية الله وأنه أصابهم بعمى وأخفى المجاهدين عنهم".
    وعلى مدار الحرب التي كان هدفها الأول وضع حد للصواريخ التي تطلقها المقاومة الفلسطينية استمرت فصائل المقاومة في إطلاق الصواريخ والقذائف تجاه البلدات الإسرائيلية حتى بعد إعلان (إسرائيل) وقف إطلاق النار من جانب واحد.
    جنود الاحتلال هددوا المعتقلين بقتل أطفالهم ونساءهم إن لم يمدوهم بالمعلومات التي يريدونها، وبحسب روايات هؤلاء المواطنين فقد عرض جيش الاحتلال عليهم جهاز شبيه بـ"اللابتوب" ويظهر عليه بيوتهم وأطفالهم ونساءهم خلال تواجدهم حولها في محاولة للتهديد بقتلهم.

    صواريخ "في الوسائد"


    منزل المواطن رسمي النجار كان عرضة للقوات الخاصة التي دمرت ونهبت محتوياته، لكنه لم يخلو هو الأخر من "المجانين وأصحاب النفوس المريضة" من جنود الاحتلال.
    ويصف المواطن النجار (49 عاماً) جنود الاحتلال بأنهم كانوا مصابون بـ"هستيريا الصواريخ"، ويقول "كبلونا وأخذوا يفتشون في المنزل عن صواريخ، لكنهم كانوا مصابين بهستيريا الصواريخ حتى أنهم أخذوا يحطمون بلاط المنزل وزواياه للبحث عنها تحت المنزل".
    وقال: "أخذوا يصرخون علينا يريدون أن نبلغهم عن أنفاق تطلق منها الصواريخ، وعرضوا علينا جهاز بشاشة صغيرة ورأيت أطفالي وزوجتي مصورين فيه وكانوا يعرفون أنهم أبنائي وهددوني بقتلهم إن لم أبلغهم بأنفاق وصواريخ".
    وتابع النجار قائلاً: "في النهاية أخذوا يزيلون الأثواب وعن الوسائد والفرشات التي ننام عليها ويبحثون في قطنها وحشوها عن صواريخ وهذا ما جعل أبنائي يضحكون وهم خائفين ، وحينما غادروا المنزل عادوا ثانية لأنهم نسوا أغراض لهم من استعجالهم وخوفهم من المقاومين.

  7. افتراضي

    جزاكم الله على الإضافات القيمة


    ولو التفتنا إلى أمر لطيف

    سنجد ان سقوط صواريخ المقاومة يصيب اليهود في المستعمرات بالهلع وأحيانا حالات انهيار عصبي وإغماء =صواريخ كرتونية=

    ولم نسمع عن حالات الإنهيار العصبي عندما يرمي اليهود أطنانا من القنابل على رؤوس المسلمين

    فلله در أهل غزة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. التطور بل عقلانية
    بواسطة محمد ياسين في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 11-26-2012, 08:52 PM
  2. دراسة عقلانية لحديث الرضاع
    بواسطة عجوة السرداب المقدس في المنتدى قسم السنة وعلومها
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 10-08-2010, 05:24 PM
  3. مؤتمر الخريف . تهويد وتنازل . وهكذا يمضي لإنهاء المقاومة الفلسطينية
    بواسطة بنت خير الأديان في المنتدى قسم الحوار العام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 12-06-2007, 12:38 PM
  4. عقلانية الإلحاد
    بواسطة حاتــم في المنتدى حاتم3
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 08-28-2005, 10:32 PM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء