النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: كيف فهمت الماركسية التناقض؟

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المشاركات
    1,733
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي كيف فهمت الماركسية التناقض؟

    منقول
    .................................كيف فهمت الماركسية التناقض؟
    بعد ان درسنا مفهوم التناقض, ومحتوى المبدأ الاساسي للمنطق العام
    (مبدأ عدم التناقض), يجب ان نلقي ضوءا على فهم الماركسية لهذا المبدأ,
    والمبررات التي استندت اليها في الرد عليه.
    وليس من الصعب ان يدرك الانسان ان الماركسية لم تستطع, او لم تشأ
    ان تعي هذا المبدا بمفهومه الصحيح. فأنكرته تحقيقاً لماديتها. وحشدت عدداً
    من الامثلة التي لا تنسجم معه, في زعمها, وبالتالي وضعت التناقض
    والصراع بين النقائض والاضداد قاعدة لمنطقها الجديد. وملأت الدنيا ضجيجا
    بهذه القاعدة وتبجحا على المنطق البشري العام بابتكارها او اكتشافهما.
    ولأجل ان نتبين مدى الخطأ الذي وقعت فيه الماركسية, والذي دفعها الى
    رفض مبدأ عدم التناقض, وما يقوم عليه من مبادئ عامة للمنطق
    الميتافيزيقي, يجب ان نفرق بوضوح بين امرين: احدهما الصراع بين اضداد
    ونقائض خارجية, والآخر الصراع بين اضداد ونقائض مجتمعة في وحدة
    معينة. فالثاني هو الذي يتنافى مع مبدأ عدم التناقض. واما الاول فلا علاقة
    له بالتناقض مطلقاً, لأنه لا يعني اجتماع النقيضين او الضدين. بل مرده الى
    وجود كل منهما بصورة مستقلة, وقيام كفاح بينهما يؤدي الى نتيجة معينة.
    فشكل الشاطئ ـ مثلا ـ نتج عن فعل متبادل بين امواج الماء وتياراته, التي


    تصطدم بالارض فتقرض الضفة من ناحية. وصمود الارض في وجه التيار,
    ودفعها لتلك الامواج الى درجة معينة من ناحية اخرى. وشكل الاناء من
    الخزف نتج عن عملية قامت بين كتلة من الطين, ويد الخزاف.
    فاذا كانت المادية الديالكتيكية, تعني هذا اللون من الصراع بين الاضداد
    الخارجية, فهذا لا يتعارض مطلقا مع مبدأ عدم التناقض, ولا يدعو الى
    الايمان بالتناقض, الذي قام الفكر البشري منذ نشأ على رفضه, لأن الاضداد
    لم تجتمع في وحدة, وانما وجد كل منهما بوجود مستقل في مجاله الخاص,
    واشتركا في عمل متبادل, حصلا به على نتيجة معينة, وأيضا فهو لا يبرر
    الاكتفاء الذاتي, والاستغناء عن سبب خارجي. فشكل الشاطئ او شكل
    الاناء, لم يتحدد ولم يوجد بتطور, قائم على أساس التناقضات الداخلية, وانما
    حصل بعملية خارجية حققها ضدان مستقلان. وهذا النحو من الصراع بين
    الاضداد الخارجية, وعملياتها المشتركة, ليس من مستكشفات المادية او
    الديالكتيك, بل هو أمر واضح يقره كل منطق وكل فيلسوف ـ سواء كان ماديا
    أم كان الهياً ـ منذ أبعد عصور الفلسفة المادية والالهية, والى اليوم. ولناخذ
    مثلا على ذلك أرسطو, إمام المدرسة الميتافيزيقية في فلسفة اليونان, وانما نأخذه
    بالخصوص لا لأنه فيلسوف الهي فحسب, بل لأنه واضح قواعد المنطق
    العام ـ الذي يسميه الماركسيون بالمنطق الشكلي ـ ومبادئه وأسسه. فهو يؤمن
    بالصراع بين الاضداد الخارجية, مع إقامته للمنطق على مبدأ عدم التناقض,
    ولم يخطر على فكره ان شخصاً سينبغ بعد مئات السنين, فيعتبر ذلك الصراع
    دليلا على سقوط هذا المبدأ الضروري. وفيما يلي شيء من نصوص أرسطو,
    في شأن الصراع بين الاضداد الخارجية:
    [وعلى جملة من القول, ان شيئاً مجانساً يمكن ان يقبل
    فعلا من قبل الشيء المجانس. والسبب فيه ان جميع الاضداد
    هي في جنس واحد, وان الاضداد تفعل بعضها في بعض,
    وتقبل بعضها من قبل البعض الآخر]( ).

    [فبحسب الصورة قد انضم شيء ما لكل جزء كيف ما
    اتفق, ولكن لا بحسب المادة, ومع ذلك فان الكل صار
    أعظم, لأن شيئا جاء وانضم اليه. وهذا الشيء يسمى
    الغذاء, ويسمى أيضاً الضد, ولكن هذا الشيء لا يزيد من
    ان يتغير في النوع بعينه, كمثل ما يأتي الرطب ينضم الى
    اليابس, وبانضمامه اليه يتغير, بان يصير هو نفسه يابساً,
    وفي الواقع يمكن معاً ان الشبيه ينمو بالشبيه, وبجهة اخرى
    ان يكون ذلك باللاشبيه] ( ).
    وهكذا يتضح ان العمليات المشتركة للأضداد الخارجية, ليست كشفاً
    للديالكتيك, ولا نقضا للمنطق الميتافيزيقي, ولا شيئاً جديداً في الميدان
    الفلسفي وانما هي حقيقة مقررة بكل وضوح في مختلف الفلسفات, منذ فجر
    التاريخ الفلسفي, وليس فيها ما يحقق أغراض الماركسية الفلسفية, التي
    تستهدف تحقيقها على ضوء الديالكتيك.
    واما اذا كانت الماركسية تعني بالتناقض, مفهومه الحقيقي, الذي يجعل
    للحركة رصيداً داخلياً, ويرفضه المبدأ الاساسي في منطقنا. فهذا ما لا يمكن
    لفكر سليم قبوله, ولا تملك الماركسية شاهدا عليه من الطبيعة, وظواهر الوجود
    مطلقا. وكل ما تعرض لنا الماركسية من تناقضات الطبيعة المزعومة, فهو لا
    يمت الى الديالكتيك بصلة.
    ولنعرض عدة من تلك الشواهد, التي حاولت ان تبرهن بها على منطقها
    الديالكتيكي, لنتبين مدى عجز الماركسية وفشلها, في الاستدلال على منطقها
    الخاص:
    1ـ تناقضات الحركة, قال هنري لوفافر:
    [حين لا يجري شيء, فليست ثمة مناقضة. ومن ناحية
    مقابلة, حين لا يكون ثمة مناقضة لا يحدث شيء, ولا


    يوجد أي شيء ولا يلاحظ ظهور أي نشاط, ولا يظهر شيء
    جديد. وسواء أكان الامر يتعلق بحال من الركود, ام التوازن
    المؤقت, ام بلحظة من الازدهار, فان الكائن او الشيء غير
    المتناقض في ذاته, يكون في مرحلة ساكنة موقتاً]( ).
    وهذه النصوص توضح ان الماركسية تؤمن بوجود تعارض بين قانون
    التطور والتكامل, وقانون عدم التناقض. وتعتقد ان التطور والتكامل لا
    يتحقق, الا على أساس تناقض مستمر. وما دام التطور او الحركة محققين في
    دنيا الطبيعة, فيجب طرح فكرة عدم التناقض. والاخذ بالديالكتيك, ليفسر
    لنا الحركة بمختلف أشكالها وألوانها.
    وقد ألمعنا سابقا ـ عند درس حركة التطور ـ الى ان التطور والتكامل لا
    يتنافى مطلقاً مع مبدأ عدم التناقض, وان الفكرة القائلة بوجود التنافي بينهما,
    تقوم على أساس الخلط بين القوة والفعل. فالحركة هي في كل درجة اثبات
    بالفعل ونفي بالقوة. فالكائن الحي حينما تتطور جرثومته في البيض, حتى
    تصبح فرخا, ويصبح الفرخ دجاجة, لا يعني هذا التطور ان البيضة لم تكن
    في دورها الاول بيضة بالفعل, بل هي بيضة في الواقع, ودجاجة بالقوة, أي
    يمكن ان تصبح دجاجة. فقد اجتمع في صميم البيضة, إمكان الدجاجة
    وصفة البيضة. لا صفة البيضة وصفة الدجاجة معا. بل قد عرفنا اكثر من
    ذلك, عرفنا ان الحركة التطورية لا يمكن فهمها, الا على ضوء مبدأ عدم


    التناقض. فان المتناقضات لو كان من الممكن ان تجتمع حقاً في صميم
    الشيء, لما حصل تغير, ولما تبدل الشيء من حالة الى حالة, ولما وجد بالتالي
    تغير وتطور.
    واذا كانت الماركسية تريد ان تدلنا على تناقض في عملية الحركة, يتنافى
    مع مبدأ عدم التناقض حقا, فلتقدم مثالا للتطور توجد فيه حركة ولا توجد,
    أي يصح فيه النفي والاثبات على التطور معا. فهل يجوز في مفهومها بعد ان
    أسقطت مبدأ عدم التناقض, ان يتطور الشيء ولا يتطور في وقت معا؟! فإن
    كان هذا جائزاً فلتدلنا على شاهد له في الطبيعة والوجود, وان لم يجز فليس
    ذلك الا اعترافا بمبدأ عدم التناقض, وقواعد المنطق الميتافيزيقي.
    2ـ تناقضات الحياة, او الجسم الحي. قال هنري لوفافر:
    [ورغم ذلك أفليس من الواضح ان الحياة هي الولادة
    والنمو والتطور؟ غير ان الكائن الحي لا يمكن ان ينمو, دون
    ان يتغير ويتطور, يعني دون ان يكف عن كونه ما كان. وكي
    يصير رجلا عليه ان يترك الصبا ويفقده, وكل شيء يلازم
    السكون ينحط ويتأخر ... الى ان يقول: فكل كائن حي
    اذن يناضل الموت, لأنه يحمل موته في طوية ذاته]( ).
    وقال انجلز:
    [رأينا فيما سبق بأن قوام الحياة, هو ان الجسم الحي في
    كل لحظة هو هو نفسه, وفي عين تلك اللحظة هو ليس إياه,
    هو شيء آخر سواه. فالحياة اذن هي تناقض مستحكم, في
    الكائنات والعمليات ذاتها]( ).
    لا شك في ان الكائن الحي يحتوي على عمليتين ـ حياة
    وموت ـ متجددتين, وما دامت هاتان العمليتان تعملان عملهما فالحياة قائمة.


    ولكن ليس في ذلك شيء من التناقض, لأننا اذا حللنا هاتين العمليتين,
    اللتين نضيفهما بادئ الامر الى كائن حي واحد, ونعرف ان عملية الموت
    وعملية الحياة لا تتفقان في موضوع واحد. فالكائن الحي يستقبل في كل دور
    خلايا جديدة, ويودع خلايا بالية. فالموت والحياة يتقاسمان الخلايا,
    والخلية التي تفنى في لحظة, غير الخلية التي توجد وتحيا في تلك اللحظة. وهكذا
    يبقى الكائن الحي الكبير متماسكا, لأن عملية الحياة تعوضه عن الخلايا, التي
    ينسفها الموت بخلايا جديدة, فتستمر عملية الحياة تعوضه عن الخلايا, التي
    ينسفها الموت بخلايا جديدة, فتستمر الحياة حتى تنتهي امكاناته. وتنطفئ
    شعلة الحياة منه. وانما يوجد التناقض لو ان الموت والحياة استوعبا في لحظة
    خاصة, جميع خلايا الكائن الحي. وهذا ما لا نعرفه من طبيعة الحياة,
    والاحياء. فان الكائن الحي لا يحمل في طياته الا امكان الموت, وامكان الموت
    لا يناقض الحياة, وانما يناقضها الموت بالفعل.
    3ـ التناقض في مقدرة الانسان على المعرفة, قال أنجلز يعرض مبدأ
    التناقض في الديالكتيك:
    [كما رأينا بأن التناقض مثلا, بين مقدرة الانسان على
    المعرفة مقدرة متاصلة ولا محدودة. وبين تحقيق هذه المقدرة
    تحققا فعليا في البشر, الذين هم مقيدون بظروفهم الخارجية,
    وبقابلياتهم الذهنية, يجد حلوله في تعاقب الاجيال تعاقبا لا
    محدودا, في التقدم اللامتناهي, بالنسبة لنا على الاقل,
    وبحسب وجهة النظر العملية]( ).
    نجد في هذا مثالاً جديداً, لا على مبدأ التناقض, بل على عدم اجادة
    الماركسية فهم مبدأ عدم التناقض. فانه اذا كان من الصحيح ان البشرية قادرة
    على المعرفة الكاملة, وان كل بشر غير قادر على اكتساب تلك المعرفة بمفرده,
    فليس هذا مصداقا للديالكتيك, ولا ظاهرة شاذة عن المنطق الميتافيزيقي,
    ومبدئه الاساسي, بل هو نظير تأكيدنا على ان الجيش قادر على الدفاع عن


    البلد, وان كل فرد منهم لا يملك هذه القدرة. فهل هذا هو التناقض؟! وهل
    هذا هو الذي ارتكز المنطق الميتافيزيقي على رفضه؟! كلا. فان التناقض انما
    يقوم بين النفي والاثبات, فيما اذا تناولا موضوعاً واحداً. واما اذا تناول
    الاثبات البشرية بمجموعها, وتناول النفي كل فرد بصورة مستقلة ـ كما في
    المثال الذي عرضه أنجلز ـ فلا يوجد عندئذ تعارض بين النفي والاثبات.
    4ـ التناقض في الفيزياء, بين الكهربائية الموجبة والسالبة ( ).
    وهذا التناقض المزعوم, ينطوي على خطاين:
    الاول: اعتبار الشحنة الموجبة والسالبة, من قبيل النفي والاثبات,
    والسلب والايجاب, نظراً الى التعبير العلمي عن إحداهما بالموجبة, وعن
    الاخرى بالسالبة, مع انا جميعا نعلم ان هذا التعبير, مجرد اصطلاح فيزيائي,
    ولا يعني انهما نقيضان حقيقة, كما يتناقض النفي والاثبات, او السلب
    والايجاب. فالكهربائية الموجبة هي الممالثة للكهربائية المتولدة في القضيب
    الزجاجي, المدلوك بقطعة من الحرير. والكهربائية السالبة هي المماثلة
    للكهربائية المتولدة على الأيونين, المدلوك بجلد الهر. فكل من الكهربائيتين
    نوع خاص من الشحنات الكهربائية, وليست احداهما وجود الشيء,
    والاخرى عدماً لذلك الشيء.
    الثاني: اعتبار التجاذب لونا من الاجماع. وعلى هذا الاساس فسرت
    علاقة التجاذب القائمة بين الشحنة الموجبة, والشحنة السالبة بالتناقض,
    واعتبر هذا التناقض, مظهرا من مظاهر الديالكتيك, مع ان الواقع ان السلبية
    والايجابية الكهربائيتين, لم تجتمعا في شحنة واحدة, وانما هما شحنتان
    مستقلتان تتجاذبان, كما يتجاذب القطبان المغناطيسيان المختلفان, من دون ان
    يعني ذلك وجود شحنة واحدة موجبة وسالبة في وقت واحد, او وجود قطب
    مغناطيسي شمالي وجنوبي معا. فالتجاذب بين الشحنات المتخالفة, لون من
    ألوان التفاعل بين الاضداد الخارجية, المستقل بعضها في الوجود عن بعض.

    وقد عرفنا فيما سبق, ان التفاعل بين الاضداد الخارجية ليس من الديالكتيك
    بشيء, ولا يمت الى التناقض الذي يرفضه المنطق الميتافيزيقي بصلة, فالمسألة
    مسألة قوتين, تؤثر احداهما في الاخرى, لا مسألة قوة تتناقض في محتواها
    الداخلي, كما يزعم الديالكتيك.
    5ـ تناقض الفعل, ورد الفعل في الميكانيك ( ). فالقانون
    الميكانيكي ـ القائل ان لكل فعل رد فعل, يساويه في المقدار ويعاكسه في
    الاتجاه ـ مظهر من مظاهر التناقض الديالكتي, في زعم الماركسية. ومرة اخرى
    نجد انفسنا, مضطرين الى التاكيد, على ان قانون نيوتن هذا, لا يبرر
    التناقضات الديالكتيكية, بلون من الالوان, لأن الفعل ورد الفعل, قوتان
    قائمتان بجسمين, لا نقيضان مجتمعان في جسم واحد. فعجلتا السيارة
    الخلفيتان, تدفعان الارض بقوة, وهذا هو الفعل. والارض تدفع عجلتي
    السيارة بقوة اخرى, مساوية في المقدار ومعاكسة في الاتجاه للاولى, وهذا هو
    رد الفعل, وبسببه تتحرك السيارة. فلم يحتو الجسم الواحد على دفعين
    متناقضين, ولم يقم في محتواه الداخلي, صراع بين النفي والاثبات, بين
    النقيض والنقيض, بل السيارة تدفع الارض من ناحية, والارض تدفع السيارة
    من ناحية اخرى, والديالكتيك انما يحاول ان يشرح كيفية نمو الاشياء
    وحركتها, باحتوائها داخليا على قوتين متدافعتين, ونقيضين متخاصمين,
    يصارع كل منهما الاخر لينتصر عليه, ويبلور الشيء تبعاً له. واين هذا من
    قوتين خارجيتين, يتولد من احداهما فعل خاص, ومن الاخرى رد الفعل.
    ونحن نعرف جميعا ان الزخمين المتعاكسين, اللذين يولدهما الفعل ورد الفعل,
    يقومان في جسمين, ولا يمكن ان يكونا في جسم واحد, لأنهما متعاكسان
    ومتنافيان, وليس هذا الا لأجل مبدأ عدم التناقض.
    6ـ تناقضات الحرب, التي يعرضها ماوتسي تونغ في قوله:
    [والواقع ان الهجوم والدفاع في الحرب, والتقدم
    والتراجع, والنصر والهزيمة. كلها ظواهر متناقضة, ولا وجود


    للواحدة من دون الثانية. وهذان الطرفان يتصارعان, كما أنهما
    يتحدان بعضهما فيؤلفان مجموع الحرب ويفرضان تطورهما,
    ويحلان مشكلاتها]( ).
    وفي الواقع ان هذا النص اكثر النصوص السابقة غرابة, اذ يعتبر فيها
    ماوتسي تونغ الحرب, كائنا حقيقيا ينطوي على النقيضين, على النصر
    والهزيمة, مع ان هذا المفهوم عن الحرب, لا يصح الا في ذهنية بدائية,
    تعودت على اخذ الاشياء, في اطارها العام. فالحرب في التحليل الفلسفي؛
    عبارة عن كثرة من الحوادث, لم تتوحد الا في اسلوب التعبير. فالنصر غير
    الهزيمة, والجيش المنتصر غير الجيش المنهزم، والوسائل او نقاط القوة, التي
    مهدت للانتصار, غير الوسائل او نقاط الضعف, التي أدت الى الهزيمة.
    والنتائج الحاسمة, التي أدت إليها الحرب, لم تكن بسبب صراع ديالكتيكي,
    وتناقضات موحدة, بل بسبب الصراع بين قوتين خارجيتين, وغلبة احداهما
    على الاخرى.
    7ـ تناقضات الحكم, كما يتحدث عنها كيدروف قائلا:
    [ايام كانت بساطة حكم, ومهما بدا عاديا هذا الحكم,
    فهو يحتوي على بذور, او عناصر تناقضات ديالكتية, تتحرك
    وتنمو, داخل نطاق المعرفة البشرية كلها]( ).
    ويؤكد على ذلك لينين في قوله:
    [البدء بأية قضية كانت, بأبسط القضايا, واكثرها عادية
    وشيوعا ... الخ ... اوراق الشجر خضراء, إيفان هو
    رجل, (جوتشكا) هي كلبة الخ ... فحتى هنا ايضاً...
    ديالكتيك. فالخاص هو عام ... يعني ان الاضداد ـ والخاص
    هو ضد العام ـ هي متماثلة ... وحتى هنا أيضاً ثمة مبادئ
    اولية, ثمة مفاهيم ضرورية ثمة صلة موضوعية للطبيعة


    الخ ... فالعرضي والضروري, والظاهر, والجوهر موجودة
    هنا فأنا اذ اقول: ايفان هو رجل, وجوتشكا هي كلبة,
    وهذه ورقة شجر الخ ... انما أنبذ سلسلة من الرواميز,
    باعتبارها عرضية وافصل الجوهري عن السطحي, واثبت
    التعارض بينهما. وهكذا في كل قضية ـ كما في كل
    خلية ـ نستطيع ان نكشف بذور جميع عناصر الديالكتيك] ( ).
    ولكن من حقنا ان نسأل لينين, عن صفة العموم, التي اسبغها على
    مدلول كلمة رجل, فهل هي صفة للفكرة, التي نكونها في ذهننا عن كلمة
    رجل, او للواقع الموضوعي لهذه الكلمة؟ ولا يحتاج هذا السؤال الى مزيد من
    التامل, ليحصل على الاجابة الصحيحة. وهي ان العموم صفة الفكر لا صفة
    الواقع. ففكرتنا عن كلمة رجل تكون مفهوما عاما, يعبر عن مسميات جزئية
    كثيرة, فايفان رجل, وكيدروف رجل, ولينين رجل, بمعنى ان الفكرة التي
    نملكها عن لفظ الرجل, هي الحصيلة الذهنية المشتركة لتلك الافراد, واما
    الواقع الموضوعي للرجل فهو شيء معين محدود دائما. واذا اخذنا هذه
    الملاحظة بعين الاعتبار, استطعنا ان نعرف, ان التناقض في قولنا إيفان رجل,
    انما يوجد اذا اردنا ان نحكم على فكرتنا الخاصة عن إيفان, بأنها نفس الفكرة
    العامة, التي نملكها عن الرجل, فان هذا تناقض واضح, وهو لا يصح
    مطلقا, لأن الفكرة الخاصة عن ايفان, لا يمكن ان تكون هي نفس الفكرة
    العامة عن الرجل, والا لكان العام والخاص شيئا واحدا, كما حاوله لينين.
    فنحن اذن اذا اخذنا إيفان كفكرة خاصة, ورجل كفكرة عامة, فسوف
    نجد انفسنا في تناقض, حين نحاول ان نوحد بين الفكرتين, ولكن قولنا
    إيفان رجل, لا يعني في الواقع التوحيد بين الفكرتين, بل التوحيد بين الواقع
    الموضوعي, لكلمة ايفان, والواقع الموضوعي, لكلمة رجل, بمعنى ان اللفظين
    واقعاً موضوعياً واحداً, ومن الواضح ان واقع رجل لا يناقض الواقع الخارجي
    لإيفان, بل هو نفسه بالذات. فلا ينطوي التوحيد بينهما على تناقض, وهكذا
    يتضح ان التناقض ـ الذي زعمته الماركسية في قضية (إيفان رجل) ـ يقوم على أساس تفسير خاطئ للقضية, يعتبرها توحيدا بين فكرتين احداهما عامة
    والاخرى خاصة, لا بين واقعين موضوعيين.
    ومرة اخرى نسال عن هذا التناقض المزعوم, في قضية (إيفان رجل), ما
    هي حصيلته؟ وما هو الصراع الذي ينتج عن هذا التناقض؟ وما هو التطور
    المنبثق عنه؟ فان التناقضات الداخلية تشعل ـ في رأي الماركسية ـ الصراع,
    وتعتبر وقودا للتطور, فكيف تستطيع الماركسية ان تشرح لنا, كيف تتطور
    قضية (إيفان رجل), وهل تعود بسبب تناقضاتها على شكل آخر؟!.
    ونخلص من دراستنا للتناقضات الديالكتيكية المزعومة, الى نتيجة وهي ان كل ما
    عرضته الماركسية من تناقضات, في الحقل الفلسفي او العلمي, أوالمجالات الاعتيادية العامة, ليست من التناقض, الذي يرفضه المبدأ الاساسي للمنطق الميتافيزيقي.ولا
    يمكن ان تعتبر دليلا على تفنيد هذا المبدأ, بل لاتعدوأن تكون كمعارضات (أوبوليدس)
    الملطي قبل ألفي سنة, لمبدأ عدم تناقض. فقد كان يرد على هذا المبدأ قائلا: إذا تقدم
    ابوك اليك, وكان مقنعا فانك لا تعرفه. اذن انت تعرف اباك, ولا تعرفه في آن واحد.
    ومن البديهي ان هذه الالوان من المعارضة الساذجة, لا يمكن ان تحطم المبدأ الضروري العام, في التفكير البشري, مبدأ عدم التناقض.
    والحقيقة التي تبيناها في عدة من امثلة التناقض الديالكتيكي, هي الصراع
    والتفاعل بين الاضداد الخارجية. وقد عرفنا فيما سبق ان هذا اللون من
    التفاعل بين الاضداد, ليس من مميزات الديالكتيك, بل هو من مقررات
    الميتافيزيقية, كما عرفناها في نصوص أرسطو.
    ولو اردنا ان نقطع النظر, عن اخطاء الماركسية في فهم التناقض, وفشلها
    في محاولات الاستدلال, على قانون الديالكتيك, فسوف نجد مع ذلك ان
    التناقض الدياكتي لا يقدم لنا تفسيراً مقبولاً للعالم, ولا يمكن فيه التعليل
    الصحيح, كما سوف نتبين ذلك في الجزء الرابع من هذه المسالة (المادة والله).
    ومن الطريف ان نشير الى مثل للتناقض قدمه احد الكتاب المحدثين ( )
    لتزييف مبدأ عدم التناقض قائلاً ان مبدأ عدم التناقض يقرر ان كل كمية اما
    ان تكون متناهية او غير متناهية ولا يمكن ان تكون متناهية وغير متناهية في
    وقت واحد لاستحالة التناقض, فاذا كان الامر كذلك فان نصف كمية متناهية
    يجب ان تكون متناهية دائماً, أنها لا يمكن ان تكون لا متناهية, والا كان
    مجموع كميتين لا متناهيتين متناهيا وهذا خلف, ففي السلسلة المحتوية على
    الكميات.
    التي لكل واحدة منها نصف الكمية السابقة يجب ان يكون كل جزء منها
    متناهيا مهما امتدت السلسلة, فاذا استمرت الى غير نهاية كان لدينا تتابع
    لامتناه من كميات كل واحدة منها متناهية فمجموع اجزاء السلسلة هو الآن
    مجموع عدد لا متناه لكميات متناهية, وهكذا فلا بد ان يكون لا متناهيا,
    ولكن قليلا من علم الحساب يظهر لنا انه متناه اذ هو (2).
    وهكذا يريد الكاتب ان يستنتج ان التناقض بين المتناهي وغير المتناهي
    سمح للقطبين المتناقضين ان يجتمعا في كمية واحدة, ولكن فاته ان الكمية
    التي ليست متناهية في مثاله هي غير الكمية المتناهية فلا تناقض الا ان الكمية
    واحدة هي متناهية وغير متناهية بالرغم من مبدأ عدم التناقض, كما يحاول ان
    يستنتج.
    وذلك ان هذه الكميات التي افترضها في السلسلة وكان لكل واحدة منها
    نصف الكمية السابقة, يمكننا ان ناخذها بما هي وحدات لنعدها كما نعد
    وحدات الجوز او كما نعد حلقات سلسلة حديدية طويلة. وفي هذه الحالة
    سوف نواجه عددا لا يتناهى من الوحدات, فالعدد الصحيح (1) هو الوحدة
    الاولى والكسر هو الوحدة الثانية والكسر هو الوحدة الثالثة. وهكذا
    يزيد المجموع واحدا بعد واحد الى غير نهاية فليس أمامنا ونحن نجمع تلك
    الاعداد كوحدات (2) وانما نواجه عددا هائلا لا ينتهي, واما اذا اردنا ان
    نجمع الكميات التي ترمز اليها تلك الاعداد فسوف نحصل على (2) فقط لان
    المجموع الرياضي لتلك الكميات المتناقصة هو ذلك, فغير المتناهي اذن هو
    كمية نفس الاعداد المتعاطفة بما هي وحدات نجمع بعضها الى بعض كما
    نجمع قلما الى قلم او جوزة الى جوزة, والمتناهي ليس هو كمية الاعداد
    المتعاطفة بوصفها وحدات واشياء يمكن جمعها بل الكميات التي ترمز اليها تلك
    الاعداد, وبكلمة اخرى هناك كميتان احداهما كمية نفس الاعداد بما هي
    وحدات, والاخرى كمية مدلولاتها الرياضية باعتبار ان كل عدد في السلسلة
    يرمز الى كمية معينة, والاولى غير متناهية ومن المستحيل ان تتناهى والثانية
    متناهية ومن المستحيل ان تكون غير متناهية.
    الله هو الواجب فلا موجود احق منه تعالى ان يكون موجودا فهو احق بالوجود من مثبتيه ونفاته ومن كل ما يتثبه المثبتون.وليس في الدنيا احمق واضل من نفاته او الشاكين في وجوده اذ يمكن كل شيء الا يكون موجودا او يشك في وجوده لانه ممكن يقبل الوجود والعدم ليس وجوده اذا اكان موجودا ,ضروريا ولا عدمه اذا كان معدوما ,,ولا يمكن الا يكون الله موجودا ,ولو فرض عدمه كان هذا فرض عدم من يجب وجوده ,وهو تناقض محال.(الشيخ مصطفى صبري).يقول حجة الإسلام الغزالي ( إن رد المذهب قبل فهمه و الاطلاع على كنهه هو رمي في عماية )

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المشاركات
    1,733
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    للرفع
    الله هو الواجب فلا موجود احق منه تعالى ان يكون موجودا فهو احق بالوجود من مثبتيه ونفاته ومن كل ما يتثبه المثبتون.وليس في الدنيا احمق واضل من نفاته او الشاكين في وجوده اذ يمكن كل شيء الا يكون موجودا او يشك في وجوده لانه ممكن يقبل الوجود والعدم ليس وجوده اذا اكان موجودا ,ضروريا ولا عدمه اذا كان معدوما ,,ولا يمكن الا يكون الله موجودا ,ولو فرض عدمه كان هذا فرض عدم من يجب وجوده ,وهو تناقض محال.(الشيخ مصطفى صبري).يقول حجة الإسلام الغزالي ( إن رد المذهب قبل فهمه و الاطلاع على كنهه هو رمي في عماية )

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. (فأنت ملحد نفساني).
    بواسطة زيد الجزائري الجزائر في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 01-24-2014, 05:13 PM
  2. إذا خطفتك الشبهات فأنت السبب
    بواسطة مجدي في المنتدى قسم الحوار عن الإسلام
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 12-03-2012, 02:02 AM
  3. ما هي الآيات التي لو فهمت من غير سنة سيكون الفهم كارثيا
    بواسطة كمال عزالدين في المنتدى قسم السنة وعلومها
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 05-03-2006, 05:22 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء