بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،
إخواني وأخواتي ،،
يذكر د/ أيمن عبده - في مجلة الأسرة العدد81، ذو الحجة 1420هـ - موقفـًـا مؤثرًا جدًا مر عليه، تأثرت به شخصيًا ، أحببته أن أنقله لكم هنا في منتدى التوحيد لحوار الملحدين ، لكنــي في الواقع أهديـــه إلى:
كل إنســــــان ... له قــــــــلـــــــب
إلى:
كل إنســــان له روح ..
إلى:
كل إنســـان جاء هنــا بمحض إرادته وإختيــاره... ودخل هذه الصفحة... وهو يقرأ الآن هذه الكلمات..
نعـــــــــم إليـــك أنــــت ،،،
~~~....***....~~~
يحكي الدكتور أيمن هذه اللحظات العصيبة فيقول:
كنت أقوم بالمرور على المرضى في غرفة العناية المركزة في ذلك المستشفى الكندي الذي كنت أتابع فيه الدراسة الطبية العليا، لفت انتباهي اسم المريض في السرير رقم [3]، إنه ... مُحــمَـد ،،
نظرت إليه مليًا أتفحص ملامحه وأتفرس قسمات وجهه الذي كاد يتوارى تحت أنقاض الأنابيب وأجهزة الإنعــاش..
إنه شـــاب في الخامسة والعشرين من العمر..
مُصــاب بمرض نقص المناعة المكتسبة " الإيدز" ، أُدخل المستشفى قبل يومين بالتهاب حاد في الرئة وحالتــه خطــره جدًا.. وشبــه ميــؤوس منــها ، لم يكــن هذا أول مريض مســلم في بــلاد الغرب أعــألجه ...
ولكــني أحــس نحوه بشعـــور خـــاص لا أعرف سببــه !!
بعد انتهاء المرور الصباحي اختلست لحظــات واقتربت من هذا الشاب، حاولت أن أكلــمه برفق، إنه يســـــمعـنــي ، ولكنه لا يستطيـــع أن يجـــيب إلا بكلمات غير مفهومة ..
اتصــلت ببيته ، ردت عليَّ أمـــه..
يبدو أنهم من أصول عربية لبنانية، أبوه تاجر كبير في المدينة يمتلك محلات حلويات..
شرحت للأم حالة ابنها..
وأثنــاء حديثي معها بدأت أجراس الإنذار تتعالى بشكل مخيف من الأجهــزة الموصــلة بذلك الفتــى مؤشرة على هبــوط حــاد في الدورة الدموية..
ارتبكت في حديثي مع الأم .. وقلت لها : لابد أن تحضري الآن.
قالت: أنا مشغولة في عملي وسوف أحضر بعد انتهــاء الدوام!
قلت لها: ربما يكون الوقت متأخرًا عندها!
وأغلقت السماعة.
بعد نصف ساعة طلبت مني الممرضة أن أحضر للقاء والدة المريض..
امرأة في متوسط العمر..
لاتبدو عليها مظاهر الإسلام..
بدت مضطربة، شرحت لها الوضع الحرج لابنها..
إنهــارت بـاكـية..
حاولت تهدئتهــا، وقلت لهــا:
اسألي الله له الشفــاء
نظرت إليَّ بدهشـة ، ماذا قلت ؟
قلت: تعلقـي بالله واسألــي له الشفــاء
قالت: أنت مسلم ؟
قلت: الحمد لله
قالت: نحن مسلمون كذلك
قلت: ما شاء الله ، لماذا لا تذهبين عند رأسه وتقرئين عليه شيئـًا من القرآن !
لعل الله أن يخـفـف عنه..
انتفضت بارتباك وقد انخرطت في بكـاء مريـر ، قالت: لا أعـرف
قلت: كيف تصلين؟
قالت: نحن لا نصلي إلا في العيد ، منذ أن أتينا إلى هذا البلد ، ولكني أذهب لزيارة أضرحة أجدادي في لبنان كل عامين ، وأدعوا لهم دون علم زوجي ..
أنا امرأة متدينة..
سألتها عن حال ابنها، قالت: كان طـيب القـلب يحــب الحـياة..
ولكنه انحرف قليلا ً في السنة الماضيـة مع تلك الفتــاة التي استولت عليه..
وكان حــاله على أحسن ما يرام!!
قلت: هل كان يصلي ؟
قالت: لا
ولكنه كان ينوي أن يحج في آخر عمره..
~~~
اقتربت من الفتى المسكين وهو يعالج سكــرات الموت..
أجهزة المنبه تتعالى..
وأمه تبكي بصوت مسموع.. والممرضات ينظرن بدهشة..
جاهدًا حاولت أن ألقــنه الشهــادتين ..
لكنه لا يستجــيب!
عاودت المحـاولة مرات عديدة ..
بدأ يفيـق شيئـًا ما ..
قل (( لا إله إلا الله )) ...
إنه يحـــاول بكل جوارحه .....
الدمــوع ... تفتــر ... من .. أطراف .. عينه.....
وجهه يتغير لونه إلى الســواد!..
قل
(( لا إله إلا الله ))
لقد بدأ يتكلم بصوت .. خافت .. مرتجف.....
( آه .. آه .. ألم ..... شديد........ أريد مسكنـا للألـم )
قل
(( لا إله إلا الله ))
يحــاول .. وشفتاه ترتجفـان..
يا إلهي سينطقها الآن..
( I cant I cant )
أريد صديقتي ، لا أستطيع
النبض يتناقص والتنفس يتلاشى ، لم أتـمالك نفسي..
أخذت أبكي بحرقة ، وأعاود المحاولة..
أرجــوك قلهــا
لا أستطيع
توقف النبض
وأنا ممسك بيده في ذهول تام..
ارتمت أمه على صدره تصرخ ووجه الفتى غطاه سواد كالح ، لم أتمالك نفسي نسيت كل الأعراف الطبية وذهلت من حساسية الموقف ..
انفجرت صارخًا في الأم التي أخذت تبكي في ذهول:
أنتِ المسؤولة ، أنتِ وأبوه ، ضيعتم الأمانة ، ضيعكم الله ..
~~~
(( إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ (45)
وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنثِ الْعَظِيمِ (46)
وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (47)
أَوَ آبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ (48)
قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ (49)
لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ (50)))
الواقعة.
~~~
(( فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59)
إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا (60)
جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا (61)
لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (62)
تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيًّا (63)))
~~~
(( وَيَقُولُ الْإِنسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا (66)
أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا (67)
فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا (68)
ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا (69)
ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا (70)))
مريم.
~~~
Bookmarks