قال الإمام الأخضري رضي الله عنه ( صاحب السلم المرونق في المنطق و الجوهر المكنون في البلاغة و المختصر في فقه السادة المالكية ) ، عند شرحه لقوله في منظومته الشهيرة التي طارت بها الركبان " و النظري ما احتاج للتأمل #### و عكسه هو الضروري الجلي "
حيث قال : " أعني أن العلم الحادث قسمان : ضروري و نظري :
فالضروري : ما يدرك بديهة بلا تأمل ، كالعلم بأن الواحد نصف الاثنين و النار محرقة .
و النظري : ما يحصل بالنظر و الاستدلال ، كالعلم بأن الواحد عشر عشر المائة و بأن العالم حادث ..
و النظر ترتيب أمور معلومة على وجه يؤدي إلى استعلام ما ليس بمعلوم " اه .
و قال الإمام الأصولي المتكلم " ابن جزي الكلبي المالكي الغرناطي " ، في كتابه الماتع " تقريب الوصول إلى علم الأصول " ، في تعريف الضروري و النظري ، ما نصه :
" وأما العقلي: فينقسم قسمين: ضروري ونظري.
فالضروري: هو الذي لا يفتقر إلى نظر واستدلال، ويسمى أيضاً البديهي، كعلم الإنسان بوجود نفسه، وعلمه بأن الاثنين أكثر من الواحد، وعلمه بأن المصنوع لا بد له من صانع، وشبه ذلك من الأوليات.
والنَّظريّ بخلافه، وهو الذي يفتقر إلى نظر واستدلال " اه .
إلى هنا أكتفي من نقل التعاريف ، و أقول أن في ما أوردته كفاية و زيادة ، إذ رغم اختلاف التعابير ، فهم متفقون على أن الضروري ما لا يحتاج إلى نظر و استدلال ، بخلاف النظري .
و الآن ، أحبتي الكرام لاحظوا كيف أن دعوى الدكتور أبي مريم لا تصمد بعد هذه التعاريف ، فقوله أن الإيمان بوجوده سبحانه ليس نظريا كلام متناقض ، إذ الإيمان أصلا يستلزم دليلا ( و إن كان إجماليا ) ، و الاستدلال لا يكون إلا في القضايا النظرية ، و بالله تعالى التوفيق .
Bookmarks